Skip to main content

Full text of "(2) pdf مكتبة الكتب بصيغة"

See other formats


الدكتور حسين موؤئس 


7 0 و 
1 فجحر الائل لس 
ى 
دراسة فى تاريخ الأند لس من الفتح الإسنلامى 
إلى قيّام الدّولة الأمويّة ١ ١(‏ - دمهلام) 


5618 


فَجْرَالأند نس 


الصطوان 
تلينون 


رقمالإيداع: 
جمع وطبع وغلاف : 
العشلوان: 


تليغقون 


الطبعة الثانية : 
الطبعة الثالثة : 


الطبعة الرابعة 


مراجعة وفهارس : 


م5٠١8ه1:‎ 


اللاشر :تار الرشاد 
١4 :‏ شارع جواد حسنى - القاهرة 
ل ا 


0 

977-364 - 017 -5 

عربية للطباعة والنشر 

٠١ /‏ ش السلام أرض اللواء المهندسين 


ل ري ل ا 


جميع حقوق الطبع والنشر محفوظة 
4م 

6 ه-198608ام 

7 ه 6١٠5م(‏ الأولى للدار ) 

( الثانية للدار ) 
عادل أبو المعاطى: 





موفه 


لفسا يسم 


بِسم الله الرّحمن الرحيم 


الحمد لله رب العالمين . والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين . 

وبعد . فإن الحاجة ماسة إلى تاريخ عام للأندلس منذ الفتح الإسلامى إلى نهاية 
تملكة غرناطة » مع دراسة لأحوال المسلمين الذين تخلفوا فيه بعد ذلك . وما كان 
للآندلس الإسلامى المجيد من اثار باقية بعيدة المدى فى تاريخ الحضارة الإنسانية . 

وقد بدأت هذا الكتاب ء الذى أقدمه اليوم للقراء »على نية أن أَسُدَّ به هذا الفراغ ؛ 
ولكنى لم أكد أمضى فى الدراسة حتى تبينت أن الإيجاز الذى تتطلبه التواريخ العامة 
يخفى معظم جوانب الجمال فى تاريخ هذا الفردوس الإسلامى المفقود , إذ إنه كان 
قطراً فريداً فى بابه فى دولة الإسلام : أهله مزاج من عناصر أوروبية وأخرى شرقية » 
وحضارته ثمرة تزاوج فكرى بين الشرق والغرب على نحو قَلّ أن نجد له مثالا فى بلد 
اخر من بلاد الإسلام » وتاريخه لهذا عميق عريض . تنفرد كل ناحية منه بخصائص 
ومميزات جديرة بالبحث والتأمل والإعجاب . 

وهذه الخصائص لا تستبين إلا بالدرس المستأنى الصبور الذى يتعرض للمشاكل 
ويحاول حلها . ويقف عند النواحى الغامضة ويجتهد فى أن يجليها . ولا يستطرد عن 
العسير إلى اليسير . ولا يقنع من التأريخ بالسرد والاسترسال . وهذا فقد نزعت عن 
التأريخ العام إلى الدراسة المفصلة لعصر واحد من عصور تاريخ الأندلس . هو عصر 
الولاة من قبيل الفتح العربى إلى قيام الدولة الأموية على يد عبدال رحمن بن معاوية 
الداخل . 

وربما بدا للقارىء أننى ذهبت مع التفصيل إلى مداه » حين] أنفقت قرابة السبعمائة 


/؟ 


صفحة فى دراسة تاريخ حمس وأربعين سنة . ولكنى أعتقد رغم ذلك أن هذه 
السنوات لا زالت فى حاجة إلى مزيد من التفصيل ٠»‏ وكل فصل من فصول هذا 
الكتاب حقيق بأن يُوقف عليه كتاب كامل » ولدينا المادة التاريخية لذلك . 

وقد تبينا من تجاربنا ّحراسة"تارعخنا الاسلامئ أن السبت الأكن فيا يشوية م 
غموض »ء وفيا يفضى بالكثير من تعرضوا للكتابة فيه إلى الزلل . هو إهمال دراسة 
العصور الأول » وهى عصور قيام الدولة والمجتمع الإسلاميين وتكوّن العناصر التى 
قامت عليها الدولة واستقرار الأسس التى استقام عليها المجتمع » سواء أكانت هذه 
العناصر بشرية أم تنظيمية » سياسية وإدارية أم فكرية تتصل بالإنتاج العقلى والفنى . 

وإذا لم تظفر هذه العصور بحقها من العناية » وإذا لم تُدرس على الأصول التى 
ينبغى أن تقوم عليها الدراسات . لم يُؤْمَن الزلل فيها يكتب بعد ذلك من تواريخ 
العصور التى تليها » وهذا ظاهر فيا بين أيدينا من كتب فى تاريخ الإسلام العام 
أو تاريخ أقطاره : معظمها سرد واسترسال مع السهل الميسور من تسجيل الحوادث » 
وسير مع تيار تاريخى لا يُعرف اتجاهه ولا مبتداه أو منتهاه . 

ولهذا ء فقد رأيت فيا يتصل بتاريخ الأندلس أن أبدأ من حيث ينبغى أن يكون 
البدء » وأن أنتفع بكل ما وصل إن من مادة تاريخية غزيرة » وأن أتعرض للمشاكل 
وأحاول حلها على قدر ما تعين عليه المراجع والأصول . ويرى القارىء ذلك بصورة 
خاصة فيما كتبته عن عناصر السكان وأصول التنظيم الإدارى والمالى » وقد اقتضانى 
ذلك أن أرجع بالأشياء إلى أصوها البعيدة الخافية فى ليل الزمان الطويل » ورب) 
تتبعتها فى تطورها عشرات السنين بعد العصر الذى يعنينى فى هذا الكتاب ؛ ولم يكن 
من ذلك مفر ء فإن ظواهر التاريخ لا تطفر من الأرض » بل تنبع من أصول وتمضى 
فى خطوط تحددها الظروف والأحداث.وقد وصلت فيا تعرضت له من مشاكل إلى 
حلول أرجو أن تعين العاملين على تاريخ الأندلس خاصة والإسلام عامة فيا يتولون 
من دراسات . 


/ 


وعلى أساس من النتائج التى انتهيت إليها فى هذا البحث ء أرجو أن أستطيع الوفاء 
بها وعدت به من كتابة تاريخ عام للأندلس الإسلامى المجيد . 

ولابد أن أوجه الشكر فى هذا التقديم اليسير إلى الصديقين الأستاذين : مصطفى 
عبد المجيد صالح . وحسن إيرانى ٠‏ فقد تفضل الأول بالإشراف على الطبع ٠‏ وشاء 
طموح الثانى - كناشر حريص على سمعة الكتاب العربى - أن يخرج الكتاب فى هذا 
الثوب الجميل . والله أسأل أن يوفقنا إلى ما فيه خير الإسلام والعرب والمسلمين. 


مدريد . مارس ١9469‏ 


حسين مؤنس 


بي عسي 
٠‏ 1 
٠‏ 
ل 
: 
٠‏ 1 
2 م 
٠‏ 
: 
د 


و 





للقوط الغربيون فى أواخر أيامهم ١‏ 


١-القسوط‏ فى أواخر القرن الرابع الميلادى » استطاع القوط الغربيون بقيادة ألاريك 
الفربيون فى أواخر أن يسيطروا على مصائر القسم الغربى من الدولة الرومانية » ذلك أن 
أيامهم الامبراطور تيودوسيوس كان قد وصل إلى عرش الامبراطورية معتمدا 

على تأييدهم وتأييد من انضم إليهم من طوائف المتبربرين من الآلان والهون وبقايا الوندال» 
فجعل يمالئهم على أهل البلاد الأصليين من الرومان » حتى إذا توفى تيودوسيوس سنة 746 
كان ألاريك قائد القوط الغربيين قد أصبح أقوى شخصية فى وسط أورويا وغريها جميعا . 

وكان اميراطور الجزء الغربى من الدولة الرومانية ٠‏ هونوريوس بن تيودوسيوس» قد 
عهد فى قيادة جيوشه إلى وندالى ماهر هو ستليخوء وكان ألاريك يحسده وينازعه ويود لو 
حل محله » وكان ستليخو يعرف أطاع ألاريك ومن معه من القوط الغربيين ويحاول أن 
يدفع عن الدولة شَرَّه وشرهم . ولكن هونوريوس تخلى عن قائده واتهمه بالخيانة وأعدمه فى 
سنة 4*4 »ء وبهذا أزال من وجه ألاريك القوة الوحيدة التى كانت قمينة أن تحول بينه ويين 
إيطاليا لو أراد غزوها » ولم يكذّب ألاريك أن جمع جنده وتحرك نحو الغرب . وخاف 
هونوريوس شره فغادر روما وتحصن ف رافنا فى شالى إيطاليا » وأخذ ألاريك باجم روما 
المرة بعد المرة وأهلها يدفعونه عن أنفسهم بالمال مرة وبالجند مرة أخرى . ولكنهم انتهوا آخر 
الأمر إلى الهزيمة . فاقتحم ألاريك ومن معه من القوط الغرييين المدينة الخالدة سنة 14٠١‏ » 
وأصبح غرب أوروبا جميعه تحت رحته , فأخذ يخرب شالى إيطاليا تخريبا سيئا » ولم ينقذ 
إيطاليا من مساءاته إلا موته بعد ذلك بقليل2©10. 

وخلفه فى قيادة القوط الغربيين ومن معهم من شراذم المتبربرين أطاوولف » فجرى على 
منواله وأنزل بإيطاليا بلاء شديداً » ثم اتجه بجموعه نحو غالة » وعبر إلى إسبانيا وأخذ ينازع 
من استقر فيها من القوط الشرقيين ومن معهم من السويف والوندال » واضطرت الدولة 
آخر الأمر إلى مهادنة أطاوولف وإقراره فى الجزء الجنوبى من غالة فى الإقليم المحيط بتولوز 
(طولوشة ) سنة 5١8-415‏ م. 


1927()١(‏ ,كلوط ) . عع ة-معلا220 ذال أناطغل غ1 اء عنونامة عل205 تنلل 115 هلا . 101 طلم لالزطهم] 
. 233-242 .مم 


١‏ القوط القربيون فى أواخر أيامهم 


وكانت جماعات القوط الشرقيين المستقرة فى إسبانيا فى ذلك الحين قليلة العدد . وكان 
مقامها فى الزاوية الشمالية الشرقية جنوبى جبال البرت ( التى تعرف خطأ بالبرانس ) » أما 
السويف والوندال فكانوا أكثر عددا » وكانوا قد استقروا فى الركن الشهالى الغربى فيا 
يعرف بجليقية وأشتورياس ( أو أشتريس ) » وكانت الدولة قد سمحت هم بالاستقرار فى 
هذه النواحى فى سنة 4١١‏ » واشترطت عليهم أن لا يغيروا على ما جاورهم من البلاد » 
ولكنهم لم يراعوا هذا الشرط وروّعوا بقية الجزيرة الأندلسية وجنوبى غالة بغاراتهم . وكان 
الوندال مسيطرين على شرق الجزيرة ووسطها » ولم يكونوا أحسن حالاً من السويف 
والآلان» فجعلوا هم الآخرون يغيرون على جنوبى غالة وحوض الرون » وما زالت هذه 
اجموع المتتربرة تشتد فى أعمال التخريب حتى كادت تقضى على كل أثر للاستقرار 
والحضارة فى الحزيرة الإيبيرية كلها . 

فلما أقرت الدولة أطاوولف وأصحابه القوط الغربيين جنوبى غالة سلطوهم على 
طوائف المتبربرين التى تسكن إسبانيا » فأعلنوا عليها حرباً شعواء » وارتد الآلان إلى 
مواقعهم الأول وانحصروا على الساحل الشهلى المطل على خليج بسكاية » وانحصر 
السويف فى الركن الشالى الغربى الأقصى من شبه الجزيرة واستقروا هناك وانقطع شرهم . 

وحاول الوندال المقاومة » ولكن القوط الغربيين تغلبوا عليهم وأزاحوهم نحو الجنوب » 
فأقاموا قليلاً فى الطرف الجنوبى لشبه الجزيرة العروف بولاية بيطى (بيتيكا) الإغريقية 
القديمة » وكانت لا تزال تحتفظ إلى ذلك الحين بآثار جليلة من الحضارة اليونانية المادية 
والفكزية ٠»‏ وكان الوتدال أجلافاً عناة فلم يلبكوا أن قصرا عل ممظم نما وجدوا من آثار 
العمزان والتحضر ف بيتيكاء واضطر زعيمهم جَيْسَرك - أمام ضغط القوط الغربيين المتصل 
- إلى العبور إلى إفريقية سنة 579 » بعد أن خرب أمهات مدائن بيتيكا العامرة مثل 
هسباليس ( سفيليا - إشبيلية) وكرتاجو نوفا ( قرطاجنة ) وجادس ( جوادٍكس - قادش ) 
ومُورجى ( مرسية حجورنا ا تكوديناة ره - كوردفا ) وغيرها » وخلّف هذا الإقليم 
العاسر وواءميباباً غل غادة الوتدال:. 

وقد بلغ من عمق الأثر الذى خلفه الوندال فى هذا الإقليم أن اختفى اسمه القديم 
«بيتيس >2 (الذى عرّبه العرب إلى « بيطى » ) وأصبح يسمى من ذلك الحين فاندالوسيا » 
إقليم الوندال » وعنه أخذ العرب لفظ ١‏ الأندلس » الذى أطلقوه فيا بعد على شبه الجزيرة 


دولة القوط فى إسبانيا 16 





كلها(" 

استقر القوط الغربيون فى شبه الجزيرة » وأخذوا يمتدون فى نواحيها شيئاً فشيئاً » وظهر 
فيهم بعد أطاوولف زعيم قادر هو ٠‏ واليا» (113/؟) استطاع أن يقرر سلطانهم فى نواحى 
الجزيرة كلها . ولم يكن جميع من تحت سلطانه من الجند قوطأً غربيين . وإنما كانت فيهم 
أشتات من المتبربرين من كل جنس .» ولكنهم كانوا يدينون له جميعا بالطاعة والولاء » 
وكانت علاقته بالامبراطورية علاقة التابع أو المَصَل » فلما طمع إدواكر المتبربر فى حكومة 
الجزء الغربى من الدولة الرومانية » وأقره الامبراطور البيزنطى زينون على حكومة إيطاليا فى 
الرابع من سبتمير سنة 477 » كان معنى ذلك زوال الدولة الرومانية الغربية من الوجود 
وتحلل جميع أتباعها من المتبربرين من الولاء لما » وبهذا استقل القوط الغربيون بإسبانيا 
وأعلنوا أنفسهم ملوكاً غير تابعين لأحد » وكان زعيمهم يوريك (0116ا85) قداتخذ لقب 
الملك فعلاً قبل ذلك بنحو تسع سنوات (سنة 471) » وهو يعد لذلك مؤسس دولة القوط 

الغربيين فى إسبانيا » وستكتفى بأن نسميهم القوط وحسب من الآن فصاعداً (). 
؟- دولة القوط وكان يوريك قد حرص منذ صارت إليه زعامة القوط على أن يمد 
فى إسبانيا سلطانه شيئاً فشيئاً حتى يبسطه على شبه الجزيرة الإيبيرية كله » ول يتنازل 
إلى جانب ذلك عما كان لأسلافه من الأقاليم شمال جبال اليرت » وكان 
الرومان يعتبرون جنوبى غالة وشمالى إسبانيا وجزءاً كبيراً من غربها إقليًا واحداً » فحرص 
يوريك أن تضم دولته هذا الإقليم الواسع إلى شبه الجزيرة الإيبيرية » ففتح إقليم لُشْدَانية 
(لوزيتانيا - البرتغال)وقرر فيه سلطانه » ومد حدود تملكته إلى الجنوب وأدخل فيها إقليم 
بيطى ( الذى يُعرف باسم بيتيكا ) وولاية قرطاجنة الرومانية القديمة وهى الركن الجنوبى 
الغربى لشبه الجزيرة » وتابع جهوده فى شمال جبال البرت » واستولى على أرل ومرسيليا » 
ومهذا أصبحت دولته تمتد من أقصى الهضبة الفرنسية الوسطى إلى طرف إسبانيا الجنوبى » 
وحكم شعبين كبيرين هما الغاليون الرومان (5050381 - 021(0)) شالى اليرت والإسبان 
الرومان ( 700321 - 320م1115 ) جنوبيها . وكانا شعبين متحضرين يشتغل معظمهما 
(1/.)1ا ,1801145 .18-39 .مم بعاءغا . عكا له عمفطةاناكناه عمعدمكع نا . الفعالاعلا0هم - الاطرا 
.130-144 .مم ( 1935 .صملهما ) مداكآ اه عمتطعدعه عط؟ . طامئعم 


(؟) سمعلامك/ا بل ععتماون 'ل معلساظ دعل (485 - 466) عطاوع اذا دعل أور .عمسظ . لأطلالا معن 
6-!! . مم (1896 .دصوط) لومهكل1 اعقطو0 ذخ دع كنل عل ععة 


١‏ دولة القوط فى إسبانيا 





بالزراعة » ويزيدان فى العدد على القوط مرات عديدة » وكان معظم أهلهما مسيحيين 
كاثوليك . يسيطر على نفوسهم قساوسة خاضعون لسلطان روما وأسقفها الكبير0). 
وكان القوط مسيحيين أريين » أى أنهم كانوا لا يعتقدون فى ألوهية المسيح » ولا يعترفون 
للقساوسة بحق الوساطة بين الله والناس » ولا يجعلون للعذراء مكانا ممتازا فى العقيدة » 
وكان لهم أسلوب خاص ف العبادة » فلم يلبث السكان الأصليون من غاليين وإيبيريين أن 
نفروا من حكمهم » واجتهد القساوسة فى تقوية شعور النفور هذا . لأن القوط كانوا 
يتكرون عليهم أى سلطان روحى على الناس . واشتد هذا النفور مع الأيام بسبب ما كان 
القوط يُنزلونه بالقساوسة من اضطهاد . وظل مركزهم بين رعاياهم مضطرباً مزعزعاً » فلا 
نمض كلوفيس زعيم الفرنجة وأخذ يمد سلطانه نحو الجنوب سارع القساوسة لتأييده لأنه 
كان كاثوليكياً » وانضم إليه الغال الرومانيون » فاستطاع أن يزيح القوط إلى الجدوب 
ويجليهم عن إقليم طولوشة ( تولوز) الذى ظلوا يحكمونه مدى طويلاً » ثم انتصر عليهم 
انتصاراً حاسياً فى فويبه (1116ه1/0) شهالى بواتييه سنة 001 وأجلاهم عن جل ما كان 
بيدهم من أراضى غالة » فلم يبق لهم إلا إقليم سبتانية المتاخم لجبال البرت من 
الشهال ويمتد حتى نهر الرون وعاصمته نربونة0"). 
بهذا اقتصر سلطان القوط الغربيين على إيبيريا » وأخذت علاقة شبه الجزيرة مع بقية 
العالم الأوروبى الواقع إلى الشمال تفتر ء ولما كان القوط قد وحدوا شبه الجزيرة كله تحت 
سلطاهم فقد أخذت ١‏ إسبانيا » تظهر كوحدة سياسية وجنسية واحدة للمرة الأولى فى 
التاريخ . وذلك أمر له خطره . لأن الإغريق لم يعرفوا منها إلا الغرب وبعض الجنوب ء 
ولأن الرومان كانوا يقسمونها ولايات مختلفة لا علاقة بين بعضها وبعض : هى بيتيكا فى 
الجنوب وهسبانيا تَرَاكُونِنِْس ( إسبانيا الطركونية ) وتشمل الوسط والشرق والشهال 
الغربى . ولوزيتانيا وهى غرب الجزيرة وناربونشيسٌ ( ولاية نربونة ) من حدود برشلونة إلى 
رب 17 32 ع0 ودنع أعل 0111م 2رماوئا . 1018885 انا للملا 
. 70596 . مرم ( 1940 لتملدكلة . 111[ مده ) لقلزظ جعل0معم 
ر( 1938, كتنة©) 0055( 8205 3 5عطأع 05 5ع عمعفوكظ "ل عرأماذال . مافظ84؟ , 25158105 ادق 
(؟) لتفدل! . امصدموة - معنانع أكالا ممعصس] أعل ممتد؟ لا ملندت . ر تعاطلحف العم .م) 0 
18583 , 


-5قظ ع0 111510112 له ممقوكظ ع1 5معنلمة عع 5ممك11 5دصا لآ 1072510265 كمآ . 1018185 81لا لماخ 
1-4 8.مم. 111 ممه . ملخصطاط تغط للع تعلخ للمالطخع عل دلدنتلء دمدم 


دولة القوط فى إسيانيا 1١7‏ 


جبال الألب » وكانت عاصمتها على أيامهم تراج ونا ( طَرّ كُونة ) جنوبى بركينو ( برسينونا 
- برشلونة)(2 , 
أما القوط فقد اعتبروا شبه الجزيرة كله بلدا واحداً , واتخذوا عاصمة هم بلدا متوسطاً 
يقع فى وسط شبه الجزيرة وهو« طليطلة » . 
ولطليطلة موقع جغراق سياسى هام تمتاز به عن طركونة عاصمة إسبانيا الرومانية 
وقرطبة عاصمة إسبانيا الإسلامية » فهى على هضبة مرتفعة فى وسط شبه الجزيرة تقريباً » 
يستطيع الحاكم منها مراقبة البلد كله والاتصال بأطرافه على سبيل أسهل مما يستطيعه الحاكم 
المقيم بقرطبة » وهى تقع على صخرة عند منحنى من منحنيات نهر تاجه » ولا يصل إليها 
العدو المهاجم إلا مجهدا بعد أن يعبر جبال قشتالة القاحلة فى الشمال وإقليمى الإسترامادورا 
والمنشا القاحلين الموحشين فى الجنوب . ثم إن مركزها المتوسط محفز الحاكم على تحقيق 
الوحدة ويبسرها له . لأنها موسطة البلاد وقليها . أما طركونة فبعيدة جداً عن الجنوب 
والغرب . وقرطبة بعيدة جداً عن أشتريس وجليقية ولوزيتانيا ‏ ومن ثم ليس بغريب أن 
نلاحظ أن المسلمين لم يُوفقوا إلى حكم البلاد كلها تماماً » وأن أشتريس وجليقية لم تخضعا 
هم أبداً . بل لم يدم سلطاهم على إقليم برشلونة ونواحى الغرب إلا خلال فترات قصيرة 
0101010101000 590 12! . مم اك .جه 101185 باعنا لافار 
. 66-67 . مم ( 1938 ,كصدط ) عمعممكط 'ل ععزم)كنطً! عااءعحسهكة . 1108 نالهك ,كما لاعنعما 


قسم الرومان إسبانيا أول الأمر إلى قسمين يفصل بينهها خط غير محدد بالضيط يمتد من الدويره إلى 
قسطلة 0انااكة0 ( 0821083 ) فى الأندلس . ثم قسمها أغسطس إلى ثلاث ولايات : 


إسبانيا الشرقية 5أكلاع00عةعة 1 
إسبانيا الجنوبية معناع8 
إسيانيا الغربية ]كنا 


ثم أضاف كراكالا إلى هذه الولايات الثلاث ولاية جديدة تضم الشمال الغربى وتسمى ( 3213الة©) » أى 
إسبانيا الجليقية, وعن هذا اللفظ أخذ العرب لفظ جليقية وسموا به الطرف الشالى الغربى المسمى فى الإسبانية -ل6) 
زهك1! . 
وما أعاد دفلديانوس تنظيم الدولة الرومانية وقمها إلى مديريات (686نااع6]ع )]3‏ وقسم هذه إلى دوائر -و01]) 
(5أوع© » وهذه بدورها إلى ولايات (0701/180186) ٠,‏ ضم إسيائيا إلى مديرية غاليا » وجعلها دائرة تضم سبع ولايات : 
اع ا , دعتتقعلد8 , جاع 2الة0 . قلاتمااكئلا , معااعظ , كأكلعهاع3013ن) . كأكلء00عهعية 1 
أى : أنه أضاف إليها جزائر البليار وجزءاً من إفريقية هو مرطانية الطنجية . وستظل مرطانية الطنجية مرتيطة 
بإسبانيا حتى الفتح الإسلامى . 
. 25-509 . مم , عمعفمكظ ' 115:01 . ملع مم8 ,8205 اكطللامه8 : 01 
وانظر عن ذلك كله الفصل الحادى عشر من هذا الكتاب . وهو خاص بالتنظيم الإدارى والمالى . 


184 دولة القوط فى إسبانيا 


د20 


ولعل أظهر أثر لاستقرار القوط فى طليطلة هو تحوٌّهم إلى ١‏ إسبان » فى وقت قصير , فى 
حين لم يصبح العرب إسباناً إلا بعد فترة طويلة » لأن المقيم فى طليطلة تنقطع الصلات بينه 
وبين ما يلى البرت وما يلى الزقاق » ويتأقلم ويصبح إيبيريا » أما المقيم فى قرطبة فتظل صلته 
بإفريقية وما يتصل بها من بلاد الشرق أوثق وأظهر من صلاته بجليقية وأشتريس ونواحى 
البرت » وكان ذلك من أسباب الضعف الرئيسية فى دول المسلمين فى الأندلس92). 

استطاع القوط من عاصمتهم طليطلة أن يفتحوا شبه الجزيرة كله » ولكن سلطانهم لم 
يستقر فى البلاد أول الأمر بسبب ما ثار بينهم وبين أهل البلاد الإيبيريين من منازعات دينية 
وبسبب ما شجر بين أمرائهم من خلافات » ولهذا ظلت البلاد طوال القرن السادس نبا 
للحروب الأهلية وما ينجم عنها من الفوضى وسوء ا حال . وقد لقى نفر من ملوك القوط 
مصارعهم فق هذه الحروب » وطمع ثيودوريك ملك القوط الشرقيين فى عرش إسبانيا 
فغزاها وأقام حفيداً له على عرشها » ولم يلبث أحد قواد القوط الغربيين الأقوياء أن ثار بهذا 
الدخيل وأعلن نفسه ملكا على إسبانيا بفضل معاوئة حربية أمده بها جستنيان امبراطور 
بيزنطة فى سنة 004 وانضم إليه أهل البلاد من الإيبيريين الرومان الكاثوليكيين » واحتل 
المنطقة الواقعة بين الوادى الكبير وجْكَرُ ( نهر شقر ) » وانفصل هذا الإقليم عن حكومة 

وكان آخر ملوك القوط الآريين هو ليوفيجيلد (10ئ18لانانآ) ( 654--085) وكان 
محارياً مقداماً ظل يحارب الكاثوليكيين طول حياته » وخلفه ابنه ريكاريدو (116021600) 
فاستبان أنه لا صلاح لدولة القوط فى هذه البلاد إلا إذا تخلى ملوكها عن الآرية » ففعل ذلك 
وأعلنه فى مجمع طليطلة الدينى سنة 08177 : اعتئق الكائوليكية هو وأهل بيته » وتبعه الأمراء 
وكبار أهل المملكة » وبهذا أصبحت الكاثوليكية هى الديانة الرسمية فى إسبانيا من ذلك 
الحين . وهذا حادث خطير سيظل مؤثراً فى التاريخ الإسبانى كله » فإن الكاثوليكية تأصلت 
فى أهل البلاد مع الزمان » وزادها قوة ميل الإسبان للتشدد فى الإيران والتعصب لكل ما 
يؤمنون به » فأصبحت إسبانيا معقلاً من أمنع معاقل الكاثوليكية » وكان هذا أثر بعيد جداً 


)١(‏ تناولنا هذه الناحية فى كتابئا : مقدمة جغرافية لتاريخ المسلمين فى الأندلس ٠‏ وهو يطبع الآن بمدريد. 
م 7 66 . وم .(1938 ,كلمة2) , عمعدمو8 '0 . ]5ز!] ع الع ولط . 128ناهاا , ملظا 


دولة القوط فى إسبانيا 14 


فى حياة الإسبان وفى مجرى تاريخهم كله230. 

وأعقب هذا التحول إلى الكاثوليكية اعتبار اللاتينية اللغة الرسمية فى | البلاد » وتو 
صلات إسبانيا بالبابوية » وقد تفانى خلفاء ريكاريدو فى الولاء للبابوية تفانياً شجع 
البابوات على بسط نفوذهم الدينى - بل السياسى - فى البلاد » وبدأ يفد على البلاد هذا 
العيمين المتصل من قساوسة الكاثوليك ورهبانهم » وأصبحت طليطلة أسقفية يقيم فيها 
أسقف كبير يمثل سلطان البابا ونفوذه . وأيده الشعب الرومانى الإيبيرى الذى لم يتخل عن 
الكائوليكية بعد ذلك . 

ومن هنا نفهم السر فى أن نفوذ أسقف طليطلة لم يقل فى فترة من فترات التاريخ الإسبانى 
المسيحى عن نفوذ الملوك . إن لم يزد عليه فى كثير من الأحيان . كان تحول القوط إلى 
الكاثوليكية الخطوة الفعالة الأولى لامتزاج الشعبين القوطى والإيبيرى الرومانى » فقد ظلا 
متباعدين ما اختلفت عقيدتاهما الدينيتان » فأما وقد اتفقا فى العقيدة فققد انفتح الباب أمام 
الامتزاج » ولكته لم يتم إلا على صورة مصغرة جداً » » لأن القوط حرصوا على أن يحتفظوا 
لأنفسهم بمركز الشعب الحاكم » تما كان له أثر بعيد سيىء على مصير دولة القوط فى إسبانيا. 

وكانت الملكية القوطية انتخابية » أى أن نفراً من كبار أهل المملكة والأمراء كانوا 
يجتمعون بعد وفاة الملك لاختيار ملك من بين أظهرهم » فكان هذا النظام مدعاة لإثارة 
المنافسات بين الأمراء وكبار القوط . ومن ثم لا غرابة فى أن يكون تاريخ القوط فى إسبانيا 
سلسلة من المؤامرات والخروب والاغتياللات . ومههما حاول مؤرخو الإسبان - القدامى 
ادر ا ا 0 الدفاع عن دولة القوط ‏ 
فإن الإنسان يستطيع أن ي- يتتبع سلسلتها فى سهولة ويُشْر . وأن يستبين أن العرب لو لم 
تحار وبي ١‏ تان حرق لحرو يقرا 20 2د المي القبطوب ليلع الغو 
بإسبانيا مبلغا من السوء لا يسهل تصوره”"). 

بيد أننا ينبغى أن نستثنى من سلسلة ملوك القوط نفراً أجمع المؤرخون على أنهم كانوا 
قادرين خيرين » وأنهم قدموا للبلاد خدمات حربية وعمرانية بعيدة الأثر » مثل ششبرت 





(0) عل هماد زلا دء موصدموظ عل دمعامفصمعع ومو ذه! لا دعموزكدلاها كما . 101185 ماعنا طهالا 
. ووذ 109 بطط ( 1940 ,510لدا1لة) [ألآمصه1 أخماع مناغ العلا ال0للمع عل ومدمدع 
0 37 ولاك .امه . ماغفعفع .805ع1كعط امت 


5 دولة القوط فى إسبانيا 





(0خزءط5151 751-717 ) الذى أتم فتح شبه الجزيرة كله وشنداسفنتو (1008510/1810) 
577-8) الذى ألغى التفرقة بين أجناس الشعب » وحكم البلاد بمقتضى قانون جديد 
مزج فيه القانون الرومانى القديم الذى كان قد سنّه الملك ألاريك الثانى والقانون القوطى 
الذى وضعه يوريك » ما قرر السلام بين أهل المملكة وجنَّها مصاعب وخلافات شتى7(١).‏ 


ولعل أكبر ملوك القوط هؤلاء وامبا ( 77/2808 1" - 78٠0‏ )ء فقد كان أميراً عظيم 
الحمة » استطاع أن يقرر سلطانه فيها بقى للقوط من الممتلكات شمالى جبال البرت : قضى 
على ثورة خطيرة دبرها هلدريك كونت نيمه ( نيم ) » وأخمد ثورة أخرى ديرها باؤس أمير 
سبتانية للانفصال بها » وحكم البلاد كلها حكماً رشيداً حازماً فأحبه الناس والتفوا حوله » 
وبلغ من تعلّق الناس به أن أصبح اسمه وعصره أسطورة لا تخلو من المعجزات والخوارق » 
ومن هذه الخوارق واحدة نسجلها لأن المؤرخين المغربيين يسجلون مثلها لعبد المؤمن بن 


زفق 37-39 .مأك .مه . للقلف2خظ ,1181905 ك8 امم 

وقد أخذت الصور العربية لهذه الأسياء القرطية ما وجدته فى المرا جع العربية » ولم تتحدث المراجع العربية عن 
ملوك القوط كثيراً » وم تذكر منهم إلا واحدا أو اثنين ؛ ولكنها ذكرت أشخاصاً لهم أسراء هؤلاء الملوك خلال فترة 
الفتح » فأخذتٌ عنها هذه الصور . وهذه المراجع العربية هى الأخبار المجموعة ؛ ونفح الطيب ( انظر فهارس الأعلام 
فيهها ) : ومرجعان عربيان : الأول مجهول المؤلف » لم نعثر إلا على فقرات منه مترجمة إلى اللاتينية والإسبانية » والثانى 
عثرنا على ترجمتين إسبائية وبرتغالية لجرء منه : 

أ - فتح الأندلس : لمؤلف مجهول » وقد نشره ,6011241:82 215 104801011 مع ترجمة إسبانية له تحت عنوان 
كعتلت كناد عل /ل تفصو عل 2أذأناوم» 12 عل ونزعهاء16 وقد استعمله سافدرا فى دراسته عن فتح الأندلس . 


ب - دذقة8 84070 061 068162 1-3 » وهو تاريخ الأندلس المشهور للرازى ؛ وقد ضاعت النسخة العربية لهذا 
الكتاب . ولم نجد إلا فقرتين صغيرتين منه باللغة الإسبانية » الفقرة الأولى تتناول جغرافية الأندلس » وقد نشرها وعلق 
عليها وأثبت صحتها بشكوال دى جايانجوس .» راجع : 

اع 202(تتنتامضع0 دعاص 2) 15 عل 1020 1لأمعانة 12 عنطه؟5 مرمتتاء 11 . 1005لخ 0410 1215 اهنا نكمم 
0 7111 0ه , 2م1115 12 ع0 متمسعمدوعه لدع 12 06 25 ممع ك5 ر واقة:1 181010 
وأما القطعة التاريخية منها فلاتينية » ولم تنشر إلا سنة 1847 » إذ ترجمها سافدرا إلى الإسبانية وألحقها بدراسته عن 

فتح المسلمين للأندلس . انظر : 
-)قتفمكظ نوع وعطوعة 105 ع0 1239251051 13 :50 متل نك ٠.‏ 84[دالامنكذ 0للل1مةلاط8 .نآ 
(020,1892 ص 85 ١‏ وما يليها . وقد كان جايانجوس قد تعرض لا وأثبت قيمتها التاريخية فى تعليقاته على ترجمته 
لكتاب 7100168101 المسمى : تاريخ الأدب الإسبانى (ج١اص )2١9‏ . وراجع كذلك تعليق سافدرا على الرازى 
وما بقى من كتابه فى كتاب سافدرا الآنف الذكر » ص ١‏ وما يليها . وقد عثر الأستاذ -0110 /1ئ1[ ]1 . 1 15نآآ 
784 البرتغالى على نص صحيح لترحمة القسم الجفرانى من تاريخ الرازى إلى البرتغالية ونشره » وترجمه ليفى 

بروفنسال إلى الفرنسية ؛ 

,كنالشط© الف دلة أعمع - له لقصطة عل عمودمد8 هآ عل وملام تجوعل هآ . 01/1811 1ط-آلاق. 02:1 
. 51-108.صم [عدد] .1953 


دولة القوط فى إسبانيا 5١‏ 


على مؤسس الدولة الموحدية بعد ذلك بنحو ستة قرون » وملخصها أن وامبا وقف بين يدى 
الأسقف فى الكنيسة لكى يلبس التاج » الا 0 
الدخان يتصاعد من رأسه تطير فيه نحلة من هب0(0). 


ل ا 00 
ودس له من سقاه جرعة مخدرة لم يلبث بعد أن شربها أن غاب فى سبات عميق » وحسبه 
الناس قد مات » وهيئوه ليواروه التراب » فبين) هم فى ذلك إذ عاد إلى رشده » وبدلاً من أن 
ينهض لتأديب من ائتمروا به على هذا النحو الغريب » ترك العرش للطامعين فيه » وترهب 
وقضى بقية حياته فى الدير . 

وعندما اعت غيطشة (0018/1]128') العرش فى نوفمير سنة ٠١‏ كانت الأمورقد 
اضطربت بسبب المؤامرات اللمتوالية التى كان كبار القوط يدبرونها » ولسنا نستطيع أن 
نتعرف حقيقة أمر هذا الملك الذى سيلعب أبناؤه دورأ عظيا فى التمهيد للفتح الإسلامى » 
لأن النصوص الباقية عنه تعطينا صوراً متناقضة عن شخصه وأسلوبه فى الحكم . مما حدا 
ببعض المؤرخين من أمثال ردريجو خيمنيث والأب ماريانا إلى جَعْله مسئولاً عن الفوضى 
التى أعقبت أيامه ويسّرت للعرب القضاء على دولة القوط . فى حين تصدى دوزى 
وفرناندث جرًّا 0106158 وتايلهان للدفاع عنه وتيرثته ما نسبته إليه بعض النصوص7) 


وتؤكد أن أعداءه ومنافسيه هم المسئولون عما أصاب البلاد فى أواخر عصره من فوضى 
واضطراب » وأنه حاول جهده أن يصلح الأمور فعفا عمن كان والده أخيكا(؟» قد أمناء 


(١)ذكر‏ الرازى الملك ‏ وامبا » فى صورة محرفة جداً هى 8626]6 وإذا تصورنا أن هذا اللفظ يكتب بالعربية بنيه 
أو فنبه عرفا كيف حدث هذا التصحيف . وقد امتدحه الرازى وقال إنه كان ملكاً حسناً جدا وعادلاً جدا ولم تسعد 
إسبانيا قبله أو بعده بملك مثله. لأنه لم يسىء إلى أحد . ولم تعرف إسبانيا أقوى منه ولا أكثر همة . 
راجع : . 146 .م ,ع6ن000ة3 نأك .مه .ىداع اهمد 

(1) هذه الصورة العربية لاسم وتّزا محرفة هى الأخرى تحريفاً ظاهرا . وقد رسمه الرازى هكذا :40512 أكوستا . وقد 
أتى التحريف من أن ويا تنطق بالإسبانية القديمة فِتَِّة أو فِطِنّة أو فيطشة . وهذء الصور تعطينا قُنْطّه وهى 
8 التى أوردها الرازى وغيطشة التى أوردها مؤرخو العرب . وقد امتدحه الرازى كذلك وذكر أنه حاول أن 
يزيل مساوىء أبيه » وأعطانا تفاصيل طيبة عن كفاحه مع كبار مملكته وشقائه بهم . 
راجع : 147.م عع نلمعمة . أكء .ره .خغاراط امد 

22 5 م اك .مه اط اهمد 

(4) رسم الرازى هذا الاسم 463:62 أباركا » ومرد هذا التحريف إلى خطأ فى الإملاء . لأن نسخة الرازى التى بين يدينا 
أمليت على رجل لا يعرف العربية ولا يحسن الكتابة بها ( راجع ملاحظات جايانجوس وسافدرا التى سبقت - 


5 دولة القوط فى إسبانيا 


إليهم » ومال إلى إنصاف الناس من استبداد نبلاء القرط » فكرهه هؤلاء وعوّلوا على القضاء 
عليه وعلى حكمه » فأخذوا يثورون عليه فى نواحى المملكة » واستمر يجار.هم ويحبط كل 
مناوراتهم » فلما علت به السن عجز عن أن ينهض لكل واثب به مدبر عليه » وتآمر عليه 
أهله » واستطاعت زوجه أن ترغمه على أن يعلن ابنه الصبى وقّله ( أخيلا 1أطءث ) وأقامه 
حاكراً على الولايتين الناربونية والطركونية تحت وصاية أخيه رخشندش -مزووطءء2©) 
(2000 , 

وكات هذا الاعلان خافرا للطامين ف العرشن من كبار القوط إل تفاع اللي ف 
التذين :عل غيطشة ‏ وغاولة القضاء ء عليه وعلى دولته ليخلو لهم العرش يفعلون به ما 
يشاءون . ويبدو أنه لم يأل جهداً من جانبه فى القضاء ء على كل محاولة يقومون بها ء لأن 


النصوص تحدثنا أنه عاقب تيودفريدو دوق قرطبة بِسَمْل عينيه » ونفى ثائرا آخر اسمه بلايّه 
من البلاط(). 


ويبدو كذلك أنه أساء الظن فى اليهود ؛ فاضطهدهم وأوقع بهم فى أواخر أيامه » ولم يكن 
ذلك الأقضطهاد بالجديد عليهم فى :ايام القوط » لأن الواقع - كما سئرى- أء نهم لاقوا منهم 
عسفاً بالغاً متصلاً » وأن الفتح العربى لو لم يكن قد أدركهم وأبقى على من أبقى عليه ظلم 
القوط منهم لما بقى هم فى شبه الجزيرة الإيبيرية أثر . اتبمهم غيطشة بالتدبير عليه وبالتامر 
مع من تسميهم النصوص الإسبانية « أهل ما وراء البحر 788511811805] 2105 » وهو 
تعبير غير واضح .ء لا يفهم إن كان المراد به أنهم راسلوا بربر إفريقية أو بهودها أو العرب » 
ولا يستقيم فرض من هذه الثلاثة » لأننا لا نملك دليلاً واحداً على علاقة ما بين مهود إسبانيا 
وبربر إفريقية قبل الفتح الإسلامى » وأما هود إفريقية فكانوا وقتئذ فى محنة » لأن الحرب بين 
حسان بن النعمان والكاهنة فى جبال الأوراس كانت إذ ذاك على أشدها ‏ وأما العرب فلا 
يعقل أن يكونوا قد راسلوا يبود إسبانيا وهم بعد ل يفتحوا المغرب الأوسط0”. 
- الإشارة إليها ) فكتب إِبقّه بدلا من إِجِقّه » وعندما ترجمها الإسبان إلى الإسبانية عدلوا أبقة إلى أبرقة وهو اسم 
إسبانى معروف . وعلى هذا الرسم وردت فى هذه النسخة الإسبانية من الرازى راجع :اك .م0 . خخالاط افد 
6 .م.ع2262016 . 
)١(‏ هذا الرسم عن ابن عذارى : البيان المغرب . ج7؟ص؛ ؛ وهو يثنى عليه . أما الرازى فيحمل عليه حملة 
عنيفة.146 .م 20166ءمة .أ .54417/81028480 أما أخيلا فيكتبه الرازى أبرقة » وقد سبق تعليل ذلك . 
(29.)6 .مأك .مه .114]دآا8 اذم وانظر المراجع المعطاة . 
(") هذه المسألة غير واضحة الوضوح الكافى لأن النصوص القديمة لا تتحدث عنها با فيه الكفاية » فيقول لوقا 
التودى 2ل11' 108 5ه )ناآ وهو من كتاب القرن الثانى عشر : )0601 3(ع116/ا22م 1111207 لالاتتدا 02115نا١‏ 
(ج١‏ فقرة ” من تاريخ العالم ) ويقول : ردريجو خيمينيث 1111800182 18001100 : ٍِ 


دولة القوط فى إسبانيا ايف 





ولسنا -على أى حال -بحاجة إلى البحث عن سبب لهذا الاضطهاد , لأن الإسبان كانوا 
طوال تاريخهم من أقسى الناس على مخالفيهم فى الدين» وعلى اليهود خاصة . وكل ما يهمنا 
هنا هو أن هؤلاء اشتد بهم الأمر خلال السنوات الأخيرة للفترة القوطية » حتى باتوا يرجون 
الخلاص عن أى سبيل . ويبدو أن غيطشة رجع عن سياسته تلك فى أخريات أيامه » فأحب 
أن يرفع السخط عن اليهود » وتحدث إلى كبار أهل الدولة في انتواه من العفو عنهم » فلم 
يكد رجال الكنيسة يسمعون بذلك حتى سخطوا عليه » وأخذوا يغرون الناس به » حتى 
اشتد عليه سخط الناس » وتحدث أهل البلاد من الرومان الإيبيريين فى الوثوب به أو معاونة 
أول ثائر عليه0©). 


فى هذا الظرف العصيب . والبلد منشق على نفسه مفرق بين رجال الدين والملك المسن 
والكبراء الطامعين » مات غيطشة ميتة طبيعية فى أواخر سنة 7١8‏ أو أوائل .,/٠4‏ وكانت 
هذه الأحزاب كلها تنتظر فرصة موته لينقض بعضها على بعض . وكان أفراد البيت المالك 
أنفسهم من أكثر الناس انقساماً وأشدهم ميلاً إلى الخلاف : ذلك أن غيطشة ترك من بعده 
زوجا أرملة طامعة فى العرش » وأخاً لا يقل عنها طمعاً هو أبّه (8م08) وكان أسقفاً 
لإشبيلية » وثلاثة بنين هم : أخيلا ( رُمُله عند المقرى وابن القوطية وصحته وَقِله ) 
وألمند ( 011011500) وأرطافازدس أو أردبست ( أرطباس . أرطبان ) » وتضيف بعض 
الزوايات تكها اخ يلعي ف تل جد الوادت دورا هاف عو يرت ( ققرت 
سبرى . سبسرة فى النصوص العربية ) وتزعم أنه كان أخاً لغيطشة أو ابنا له » ويذهب 
سافدرا إلى أنه لم يكن من العائلة » وإنها من المتصلين بها وحسب(). 


رمةء ,آآ] ,]) اتلاةتمصمط كتاعء1[ألاء6م كقادعاءع» 0351ل 115أها أ لاناكتطا 1225023 اء 5معهلا )(لمجع2200 ع 
زايةم 

ولا يُشْتَمُ من أى من هاتين الروايتين ما يفهم منه اتهام لليهود بالخيانة أو التعاون مع يهود إفريقية . وقد وردت 
عبارة التعاون مع « القوم الذين يسكنون فيها وراء البحر » فى نص الخطاب الذى آلقاه أخيلا فى المجمع الكنيسى السابع 
عشر . وهى عبارة لا تكفى . ولا نعرف المراجع التى استمد منها 115 1/1551 4 معلوماته التى يوردها عن هذا 
الملوضوع فى كتابه ©>00عناع نهآ عل 11156016 جداءص ١ - /5١‏ دلا. وعلى أى الأحوال فالثابت أن أخيلا اضطهد 
اليهود . 
00( . 30 .ماك .مه .خاناط /ا4مك 
(؟) 30-33 .مم اك .مه .1/588224 5844 وتقول الأخبار المجموعة إن أبناء غيطثة كانوا اثتين فقط ‏ 

ششبرت (515606160) وأبّه (82مم0) : ص 4 . 

رئص الراك مضطرب هنا امطريا عيذ جدا بعت نفل الاعتراداغله» 

ويكتب ابن القوطية رُمُلَّه بدلاً من أخيلا » وقد جعله بعضهم رومولوس . وذهب مأفدرا إلى أنه تحريف من وَقِلّه 
الذى هو أخيلا : 


1 دولة القوط فى إسبانيا 





ولم يرض نفر من كبار القوط بالخضوع لصبى مثل أخيلا » وتخوف كثير منهم من مطامع 
الوصى رخشندش واستبداده » فامتنع من أقام منهم فى طليطلة عن الطاعة » واستقل 
بالأطراف والتواحى متهم من كان مقيما فى النواحى والأطراف » ودارت رحى الحرب بين 
المتنافسين . وتعذر على الملكة وابنها المقام فى طليطلة ففرا متها . واستمرت هذه الفوضى 
نحو العام ونصف العام » واستطاع الوصى أن يجمع نفراً كبيراً من الأنصار » وتحبب إلى 
عامة أهل البلاد الرومان الإيبيريين من أهل المزارع والمدن » واستطاع أن يكسبهم إلى جانبه . 
وبدا لخصومه أنه مستطيع القضاء على الفتنة وإقرار الحق لذويه عما قريب » فاجتمع منهم 
نفر وائتلفوا » واعتبروا أنفسهم « مجلس شيوخ وكبراء » له الحق فى أن يقرر شئون دولة 
القوط كا يرى » ثم اختاروا واحداً منهم اسمه رودريكو - أو رودريك أو رودريجو 
(لذريق) - وانتخبوه ملكا خلفاً لغيطشة » واستعدوا لنصرته والقضاء على منافسيه بحدٌّ 
السيف . 

وتجمع النصوص كلها على أن هذه الجاعة التى بايعت لذريق كانت جماعة من كبار 
القوط وأعياهم . وأنهم أرادوا باجتاعهم هذا إنقاذ دولة القوط وتقويم ما وَمَى من بنيانها » 
فإذا أضفنا إلى ذلك ما سبقت الإشارة إليه من أن رخشندش أراد أن يستعين بالإيبيريين 
الرومان ليئبت أمر أخيلا » استطعنا أن نستج من غير حرج أن المسألة لم تكن مجرد خلاف 
على العرش بين زعماء القوط » بل كان فيها لون من ثورة أهل البلاد على القوط ورغبتهم فى 
التخلص من كبرائهم ونبلائهم . 

ولعل هذا الاستنتاج يتيح لنا أن نقرر ما تحاول الكثرة الغالبة من مؤرخى الإسبان - 
قدامى ومحدثين - نفيه وإنكاره » وهو أن دولة القوط لم تكن فى نظر أهل البلاد دولة قومية» 
بل ظلت فى نظر غالبيتهم دولة أجانب لقى الناس فى ظلهم كثيراً من الأذى » وحاولوا 
الخلاص منهم مراراً متكررة (7). 


0( .م .اك .م0 . 10135185 8114131181 ويشير سيمونيت إلى ذلك إشارة غير واضحة وغير دقيقة » فهو 
يقرر وجود حالة الثورة ورغبة الإيبيريين الرومان فى الخلاص من القوط , ولكنه - على عهده من الدفاع عن القوط 
لأ:هم كانوليكيون - يلقى التبعة كلها على الشعب وعدم تقديره لفضل ملوكه عليه . وهو يقرر بالطبع خيانة اليهود 
دون أن يحقق مراجع التهمة . انظر : 

-1897 ,1420210 ) ودتمتدووظ عل وعطوعة :ه54 105 عل 12نم)انز!1 . 5111011151 خا1للم[ 150ب الم خم 

.50 4.مم (1903 
والمراجع المعطاة . وراجع كذلك ص ٠١‏ وما يليها من نفس المرجع . 


لذريق 30> 





والخلاف شديد حول أصل لذريق هذا ء فمن قائل : إنه كان زعيراً قوطياً 


؟-لذريق كبيراً ذا علم بأمور الحرب والسلم » ومن قائل : إنه ينحدر من أصلاب 
ملكية » وأن جده املك شد اسفتتو » ومن قائل : إنه ابن تيود فريدو دوق 
قرطبة الذى كان غيطشة قد عاقبه عل لى ثورته عليه بِسَمل عينيه . ومههما يكن من أمر فإن 


المراجع الإسبانية اللاتينية القديمة تجمع على أنه كان رجلاً قادراً . وأنه كان قبل ادعائه 
العرش حاكا لولاية بيتيكا » وأن الذين بايعوه على العرش فعلوا ذلك فى قرطبة عاصمة 
ولايته230. 

ول يّسر لذريق إلى طليطلة مباشرة بعد إعلانه نفسه ملكا . بل تريث بعض الوقت ليتيسر 
له جمع أنصاره وملاقاة رخشند ش ورجاله فى موقعة حاسمة » وكان قد أعلن نفسه ملكا فى 
«ربيع سنة 7٠١١‏ » قبل الهزيمة المساة عادة بهزيمة جوادا ليتى ( وادى بكه ) بعام ٠‏ وكان 
ذلك فى السنة الخامسة من حكم الوليد فى دمشق » »كما يقول ٠‏ النص اللاتينى المجهول 
المؤلف *» . ويذهب راوية آخر إلى أنه ذهب إلى بطليوس . دون أن يذكر لنا السبب فى 
الذهاب إلى ذلك البلد البعيد . 

والثابت أنه سار إلى طليطلة بعد أشهر من إعلان نفسه ملكا على رأس جيش كبير فيه 
جل قواد القوط ونبلائهم . وهز م رَخشندش فى واقعة حاسمة فتّل فيها هذا الأخير وتفمرق 
أتباعه . وأما أبناء غيطشة فلم يجدوا مغرأ من مغادرة البلاد فراراً من الغاصب . ففروا إلى 
إفريقية وصادر لذريق أملاكهم معتبراً إياهم ثائرين على العرش: والقانون القوطى يقضى 
بمصادرة أملاك كل ثائر على العرشر”"). 

ويبدو أن لذريق ظل يخشى طيلة حكمه القصير عودة أبناء غيطشة إلى البلاد ومحاولتهم 
استعادة عرشهم بمساعدة أنصارهم الكثيرين . ومن ثم حرص على أن ينفر الناس منهم 
بالمبالغة فى تصوير أعمال أبيهم ومظالمه . وأعانه على ذلك القساوسة . لأن غيطشة كان 
لا يجيبهم إلى ما تصبو إليه نفوسهم من القضاء المبرم على اليهود . ومن ثم لا غرابة فى أن 
نجد عند معظم المؤرخين الإسبان اللاتين صوراً بغيضة جد هذا الملك وأولاده . وما كانوا 
يدبرون للبلد وأهله من سوء ء وزاد هؤلاء المؤرخين إصراراً على هذه الآراء اتضمام أولاد 
غيطشة للعرب ومعاونتهم فى فتح البلاد . 





للك 5 81 صم ... ملند© . خغ انان مغ ط لفمتلطععم 
)2 بود 34 .مغن م0) .خأاماع امد 


امنا 


لذريق 





وقد تصدى نفر من المؤرخين الإسبان المحدثين للدفاع عن غيطشة وأبنائه » وذهبوا فى 
الدفاع عنهم إلى حد إنكار دورهم المعروف الثابت الذى قاموا به أثناء الفتح العربى » ولسنا 
نستطيع تفسير هذه النزعة عند المحدثين إلا بها يُعرف عن الإسبان من مبالغة فى التسامى 
بوطنهم وأهله » وعداء بعضهم للفتح الإسلامى وكل ما يتصل به » ورغبتهم فى تنقية 
صفحات تاريخهم من كل ما يُشْدّ يُشْتَمٌّ منه راتحة التعاون مع المسلمين17). 


يبد أن هذا الدفاع عن غيطشة وأولاده » والإصرار على تبرئة لذريق من كل عيب 
وتصويره فى صورة بطل وطنى جاهد العرب عن بلاده » وبذل كل ما يملك لينجو يبلاده 
من خطرهم . كل هذا الجهد لا يمنعنا من تعرف شخص لذريق وأحوال عصره تعرقاً 
معقولاً هو أقرب ما يكون إلى الصواب . فإن الظاهر الذى لا تستطيع المناقشة إخفاءه أن 
الرجل كان يشعر باضطراب الأمر عليه » وأنه ظل حياته متخوفاً من وثبة تكون من أحد 
أعدائه الكثيرين » لأن هؤلاء الأعداء لم يكونوا أولاد غيطشة وحدهم ء بل كانوا فى واقع 
الأمر جلة الشعب الإيبيرى الرومانى واليهود » أى معظم أهل البلاد التى اقتحمها القوط 
عليهه”". 


(١).37.م‏ نأك .م0 لخاطظ كاممكر ويستئنى من ذلك بعض المؤرخين الإسبان المحدئين مثل : -841:11:5113 

.5 .م .2886م85 0 56زم)815 .105 وهو يورد هذه الحوادث فى إيجاز شديد جدًا . 
(37.05.م عاك .م0 لضطا©طظ8 اهمد وكلامه فى هذه النقطة غامض غير واضح . لأنه لا يستند إلى مراجع واضحة 

مفصلة . وأهم مراجعه فرناندث جرًا فى كتابه 4م لا 02102 ص 458 وما بعدها » وهو مرجع حديث . 

ويناهض هذا الرأى سيمونيت فى تارب يخ المستعربين » ص ١١‏ وما يليها . وسيمونيت إسبانى كاثوليكى متعصب 
جدا لوطه وديئه » وذلك هو عيب كتاباته الككيرة . 

والصورة التى يعطينا إياها عن الحال أيام لذريق جديرة بأن نعرضها ء ٠‏ لأا لا تخلر من نفع » فهو يقول : إن 
الشعب الإسبانى وجد نفسه تحت حكم غيطشة وخلال السترات الأخيرة من كمه عل الخنصر صر منق إن ويا 
كبيرين : حزب مناصر لملكية غيطشة القائمة » ومن ثم فهو مؤيد من اليهود منصرف عن مصالح البلاد المعنوية 
والدينية»؛ وحزب ثان مناهض لذلك مهتم بمصالح البلاد حريص عليها ؛ وكان هذا الحزب يميل يميل إلى طرد اليهود من 
البلاد جملة ومناصرة الكاثوليكية مناصرة تامة . فأما الحزب الأول فكان حزب الأرستقراطية القوطية » ولم يكن أفراده 
كاثوليكاً ولا أريين » وإنما كانوا متشككين ملاحدة ( كذا ! ) ومن كبار هذا الحزب أوباس ١‏ أَبَّهَ ) أخو الملك وأسقف 
إشبيلية » والنبلاء ششبرت ورخشندش ( وربما كانا أخوين للملك نفسه ) . وأما رجال الحزب الثانى فكانوا طائفة من 
كبار القوط المؤمنين يؤيدهم معظم أهل البلاد من الإسبان الرومان » وأهل الصلاح والدين من سكان الجزيرة كلها وفى 
مقدمتهم تيود فريدو دوق قرطبة » وخلفه فى زعامة الحزب ردريجو ( لذريق ) وكان معه بلايو ( بلايُّه ) الذى قدر له أن 
يعيد دولة القوط بعد ذلك 11-3 .مم , وعطهعدده]8 105 ع0 هترم 115 . 5115401081 

وليس لدينا دليل واحد على صحة ما يذكره من أن يلايو هذا هو نفس بلايو الذى سيفر أمام العرب ويتحصن فى 
جليقية ويعيد إنشاء دولة القوط . 

9 كك .م0 .خخاط8 تممه 


لذريق ”> 





ومصداق ذلك أن لذريق لم يكد الأمر يستقر له حتى مضى يرغم رجال الدين على 
إصدار قرارات يتهمون فيها غيطشة بكل شر » ويصورونه للناس فى صورة جبار ظالم أراد 
بالناس وبالكنيسة كل أذى . وأن لذريق لم ينهض إلا لإنقاذ الناس من شره وشر أولاده 
وكل من كان يلوذ بهم . وقد أجاب رجال الدين طلبه » فحفلت قرارات مجامعهم الدينية فى 
عصر لذريق بأسوأ الاتهامات لغيطشة وبتيه واليهود . 

ومصداق ذلك أيضاً أن لذريق قضى معظم أيام حكمه القصير يحارب الثائرين عليه فى 
كل ناحية ١‏ وأنه قام بحملات متتابعة على البشكنس فى الشمال . وطوائف من الثائرين فى 
الشرق والجنوب . ولسنا نعرف على وجه التحقيق من كان هؤلاء الثائرون عليه فى الجنوب » 
وإن كان من المعقول جداً أن نزعم أنهم كانوا أنصار أولاد غيطشة » وسنرى ف أثناء الفتح 
العربى ما يؤيدنا فى هذا الظن10). 

وربها كان من دلائل سوء الخال فى عهد لذريق أنه كان فى حاجة مستمرة مُلِحَّة لليال » 
ولو كان قد حكم البلاد حكاً عادلاً مننظما لما احتاج إلى إرهاق نفسه وإرهاق الناس . لأن 
إسبانيا بلد غنى لا يحتاج إلا إلى الإدارة المنظمة حتى يفيض بالخير على أهله وحاكميه » ولو 
كانت البلاد هادئة فى عصره لما اضطر إلى هذا الإرهاق . ولكن البلاد كانت مضطرية فى 
عصره لا يكاد يطيعه من نواحيها إلا إقليم صغير . 

والغالب أن حاجة لذريق إلى المال هى التى دفعته إلى السطو على الذخائر الغالية التى 
كان ملوك القوط قبله قد كدسوها فى كنيستى سان بدرو وسان بابلوء فقد جرت عادة كل 
ملك منهم أن يودع إحدى الكنيستين تاجه وبعض ذخائره » وكانت هذه الذخائر مكدسة فى 
حجرتين مغلقتين فى الكنيستين » فلم اشتدت حاجة لذريق للمال حدَّنته نفسه بأخذ بعض 
هذه الذخائر للانتفاع بها . وقد حذره القسس من أن يفعل ذلك » ولكنه لم يُضْعْ » ومضى 
ففتح مستودع الذخائر » ويبدو أنه ذهل من كثرة ما وجد من الذهب والجوهر . ويبدو 
كذلك أنه لم يجرؤ على أخذ شىء لأن رهبة المكان منعته من أن ينفذ ما أراد » وتحدث الناس 
فى ذلك وتناقلوه حتى أصبح أسطورة فى أفواه الناس . ورواها العرب على صورة لا تخلو 
من طرافة(). 


)00 47 ماك .م0 خعااظ/ 544 
500 .42 .مم مااء.م0 .51154010181 


(40-43.)59 .وم نك .م0 . 124 5481/58 وقد أورد معظم مؤرخى الملمين هذه الأسطورةء انظر نفح الطيب 
(طبعة الشيخ محيى الدين عبد الحميد ) جا ص 57١‏ وما بعدها. 





184 نظرة فى أحوال إسبانيا تحت حكم القوط 





وقد استطاع لذريق أن يقضى على كل أمل لأبناء غيطشة وأنصارهم بعد أن استمر يوالى 
غزوهم أشهرا متتابعة » فللا ضاقت عليهم البلاد فكروا فى ناحية يستنصرون بها على هذا 
الطاغية الذى غصبهم عرش أبيهم وشردهم فى غير جناية » وكان العرب قد فتحوا المغرب 
الأقصى ووصلوا إلى الزقاق » وانضم إليهم من البربر نفر كبير وأخذوا يتطلعون جميعاً إلى 
بلاد جديدة يفتحونها ويمدون رواق الإسلام إليها » وتسامع أولاد غيطشة بهم فبعثوا 
الرسل إليهم يدعونهم إلى القدوه(©. 


»-نظرةق 00 لم يغير القوط شيئاً كثيراً من أحوال المجتمع الإسبانى فى العصر الرومانى 
أحوال إسبانيا تحت ظلت الأرستقراطية الرومانية القديمة على عهدها من الغنى والسيطرة 
حكمالقوطا ١‏ على الناس » وظل الأحرار من أهل المدن والتجار وأصحاب المزارع 
الصغيرة يعيشون تحت رحمة الأقوياء فى حال هى وسط بين الحرية والرق » وظلت بقية أهل 
البلاد رقيقٌ أرض أو عبيداً يشقون فى سبيل الأقلية الخنية المسيطرة . 

وقد اتتلف الأغنياء مع القوط لكى يحتفظوا بأملاكهم » واستقر نفر كبير من هؤلاء فى 
المزارع واشتغلوا بالزراعة » وإن بقيت أغلبيتهم تقيم فى المان فى معسكرات تعيش من 
إتاوات وضرائب فرضوها على الزراع وضعاف أهل المدن . حتى ساء أمرهم كثيرا » ولم 
يكن القوط كثيرين » ولم يكن مهم ميل إلى المشاركة فى صناعة أو زراعة » فظلوا غرباء عن 
البلاد فى الغالب » ولم يخلفوا فيها من الآثار ما يمكن مقارنته | خلفه الفرنجة فى فرنسا 
غ00 , 

ولم تنعم البلاد فى حكم القوط بنصيب كبير من الطمأنينة والرخاء ‏ لأن العصر كله كان 
عصر اضطراب وفوضى فى أوروبا كلها » لا فى إسبانيا وحدهاء وانهارت فى نواحى غرب 
أوروبا قواعد المجتمع الرومانى الثابت القديم الذى كان يقوم على تقسيم الأرض بين 
الدولة وطائفة من كبار الأغنياء المقيمين فى الريف ». ثم تأجيرها بعد ذلك للفلاحين 
يزرعونها ويؤدون عنها مالآ » وكان معظم الأرض تابعاً للدولة » فكانت تزرعه بواسطة 





0 12-3 .مم .أك.م0 .513101081 
0 3 م لاك .م0 خخاطظ امد 

(1) درسنا هذه الناحية بتفصيل أوْفى فى الفصل الحادى عشر من هذ! الكتاب » وهو خاص بالادارة وشكون المال . 

2 500 253 .زم .[ .ع ممه مذظ 'ل كمقس تاكن لآ . /00271 


يجلس طليطلة 39> 





الفلاحين الأحرار أو العبيد » فلا طال الزمن واستمر كل فلاح يزرع نفس القطعة من 
الأرض عاماً بعد عاماً نشأت بينه وبينها صلة هى أقرب ما تكون إلى صلة الملكية . 

فلم| أقبل المتبربرون واستولوا على أراضى الدولة آلت إليهم أملاكها » وبهذا تعرض حق 
هؤلاء الزراع الأحرار فى أراضيهم للضياع » وغصب المتبربرون من الكثير منهم أرضه 
واستقروا فيها وأجبروه على زراعتها كأنه عبد أو قِنّ » ولجأ بعضهم إلى مالك غنى مجاور 
تنازلوا له عن أرضهم فى سبيل حمايتهم من الغاصبين المقبلين . وشاعت هذه الطريقة 
وعَمَّثْ » ونشأت عنها طبقة اجتماعية جديدة هى طبقة البوتشللارى (أقةااءءعناط) أى 
طبقة المحميين » وكان القانون يعتبرهم أحرارا» ولكن التزاماتهم حيال الأغنياء الذين كانوا 
يحمونهم جعلتهم فى الواقع فى مراتب التابعين والعبيد . 

أقام القوط فى إسبانيا حكومة عسكرية انتخابية » يؤيدها الأشراف ومُلّاك الأرض من 
القوط وأهل البلاد الأصليين على السواء ( 00118165 أو06066565) » واستمروا يديرون 
شئون البلاد بنفس النظام الرومانى القديم : ظلت البلاد مقسمة إلى أقاليم (ع1011218م) 
ومدن (011/163]65) » وكان يحكم كل إقليم دوق » وكل مدينة كونت(601765) » وكان كل 
من هؤلاء الحكام يستعين بطائفة صغيرة أو كبيرة من الموظفين (7]/201دان) أوذكةهعامءه) 
يقومون با تحتاج إليه حكومة الناحية فى النواحى المالية والقضائية والحربية » وكان هؤلاء 
ا موظفون طبقات تختلف بحسب العمل الذى يقوم به كل منهه(١"2.‏ 

وكان الملك يحكم مستبداً » أى منفرداً برأيه » يقضى فى شئون البلاد كما يشاء . وكان له 
مجلس من النبلاء يساعده فى كل شىء . ولكن الملوك استبدوا بالأمر حتى لم يعد لهذا 
المجلس ظل من السلطان » فكان الملوك يصدرون القوانين وينفذونها ويقضون فى الأحكام 
بها يريدون » وكان المفروض أن يتخب الملك من بين هؤلاء النبلاء . ولكن العادة جرت بأن 
يعتلى العرش أقواهم بحد السيف” . 

ولك الذؤلة القوعلية عفرت فى نظامها عنص أ طبيا كان له أثر سن فى 


© مجلس طليطلة 2 0 د ا رمه : م جك 3 
سير الاامور ف دولة القوط . ذلك هوه مجلس طنبطلة » الذى كان يجتمع 


)١(‏ 5علةاء50 .كهن27001مع دعمماء ناكما . ك0 لم8 0اعلعم أالللمع جر 7108285 را8 نا مار 
عل متكماذباك وع ]انالا وماعأار دما عاأمهعيل دعتمومدتاط داسحمتدءط دا عل كد١5‏ اهناك تستصملومع لق لامط بو 

9 . عع مم8 'ل عنأمائا . 15805 كط 1ءاذة . نوك 205 .2 19401 .لأبلجك5) 111 لوممموع 
0 39-40 بماك م0 كط اخط للم 8 


1 المجتمع الإسبانى أيام القوط 





بين الحين والحين للنظر فى أمور الدولة الكبرى ؛ وكان أصل هذا المجلس دينياً » كان مجلساً 
من كبار القساوسة الكاثوليكيين . يعقدونه للنظر فى أمور كنيستهم ورعاياها » فلما اعتنق 
الملوك الكاثوليكية فى عصر ريكاريدو أصبح هذا المجلس رسمياً يدعو الملك لعقده ويحضره 
كبار رجاله » وأصبح مع الزمن مجلساً سياسياً دينياً» يتناول المسائل جميعاً : دينية وغير دينية » 
ويصدر القوانين والأحكام فى شتى القضايا » ثم اتسع سلطانه وتناول القضاء » وأصبح 
بذلك محكمة علياء وانتهى الأمر بأن انضم مجلس النبلاء إلى المجلس الدينى وأصبحا مجلساً 
أعلى للدولة . 

وقد كان الملوك أول الساعين فى توحيد المجلسين » لأنهم أرادوا أن يزيدوا أحكامهم قوة 
ومهابة بالتصديق عليها من هذه الهيئة التى تضم كبار رجال الكنيسة الكاثوليكية وكبار أهل 
الدولة20. 

وقد كان لهذه المجالس تأثير أحسن » فقد سن أعضاؤها مع الزمن قانوناً شاملاً يضمن 
حريات الناس ويسوى بينهم حميعاً: قوطاً وإيبيريين » وهو المسمى (10280 مجعو) 0( 
وكان لتشريعاته الأخرى أثر طيب فى تهذيب نفوس القوط وتبيتتهم للعيش المستقر 
والائتلاف مع أهل البلاد » واستطاع رجاله كذلك الحيلولة بين الملوك وبين الاستبداد 
السيىء المطلق بشئون الرعية. 
دالجتمع20 والخلاف شديد بين المؤرخين حول أحوال المجتمع الإسبانى خلال هذا 
الإسبانى أيام | العصر القوطى . فمعظم الإسبان شديدو العصبية لهذا العصر يذهبون إلى 
القنوط أن الناس فيه كانوا يستمتعون برخاء ظاهر فى كل ناحية من نواحى الحياة » 
وأن الزراع والصناع كانوا فى رفاهية لا يكاد الحكام يعسفونهم فى شىء»؛ وأن موارد البلاد 
كانت فى ازدياد » وأن العصر على العموم كان عصر نهضة إسبانية مسيحية . وهم إنا 
يبالغون هذه المبالغة لكى يؤكدوا للقارىء أن النهضة التى حدثت فى ظلال الإسلام بعد 
0 0 .م مأك .م0 .841155118805 
(؟) عن اللاتينية 11016010121 121نا105 ( القانون القوطى ) أى مجموع القوانين القوطية » وقد تكوّن فى مدى قرن » وقد 

بدأه يوريك » ثم أضاف إليه خلفه ألاريك الثانى مجموعة من القوانين الرومانية تسمى 1351017/اع81 وهو عغتصر 

للقوانين التى كانت تطبق على الرومان » ويعزى إلى شنداسفتتو الفضل فى مزج المجموعتين معا وتكوين مجموع 

متناسق منهما يطبق على الناس أجمعين . وهو مجموعة قانونية شاملة طا قيمة تشريعية عظيمة » ولو طبقت على الناس 


لكانت سيرة القوط فى إسبانيا سيرة أخرى . 
. 73.500 .مم. عمعدمكط '0 ععتمائتاط مااع اهلاط ,818 رالا معطا 108 ]نا ماح 


المجتمع الإسبانى أيام القوط أ* 


ذلك لم تكن شيئاً جديداً على البلاد ‏ وأن فضلها لا يعود إلى المسلمين وحدهم , وإنما كانت 
البلاد سائرة فى طريقها على أى حال . ومن هؤلاء المؤرخين من يبالغ لكى يظهر للفرنسيين 
ومؤرخيهم أن إسبانيا كانت على وشك أن تصل إلى شأو الدولة الفرنجية فى عهد 
الكارولنجيين لو لم يفتح العرب بلادها ويحولوا بينها وبين إدراك هذه الغاية(١2‏ . 

أما حقيقة الحال فكانتت بعيدة جداً عا يذهب إليه هؤلاء المؤرخون » نعم إن الحال لم 
يبلغ من السوء هذا المبلغ المحزن الذى يصوره دوزى ف كتابه » ولكنه كان سيئاً على أى 
حال. ولا يقارن بحال بها وصلت إليه البلاد من الرفاهية والرقى فى عصور المسلمين . 
وذلك هو الرأى الذى يميل إليه المؤرخون المنصفون من الإسبان أنفسهم » بعد أن تجلت 
مظاهر الحضارة الإسلامية الإسبانية » وأصبحت أوضح من أن يارى فيها أحد أو يفضل 
عليها نظاماً اجتماعياً مضطرباً كنظام المجتمع القوطى الإسبانى قبيل الفتح العربى7). 

طبيعى ألا يستطيع القوط إنشاء مجتمع جديد خير من المجتمع الرومانى القديم » إذ لم 
يكن لهم هم أنفسهم نظام اجتماعى مقبول قبل أن يدخلوا الدولة الرومانية ويستقروا فى 
أرضها » ويستعيروا نظمها . ولكن ذلك لا يمنع أن يكونوا قد أنعشوا المجتمع الرومانى 
المضمحل » وأدخلوا عليه عناصر جديدة نشيطة توجهه توجيها جديدا . 

وينبغى أن نقول أيضاً : إن القوط كانوا أقل إنسانية ونظاماً من طوائف المتبربرين 
الأخرى التى استقرت فى شبه الجزيرة حتى الوندال أنفسهم . لأن الوندال كانوا لا يبهظون 
البلاد التى ينزلون فيها بتكاليف حكومة ضخمة تريد أن تستقصى كل شىء وتتشبه 
بالرومان : كانوا يزيلون النظام القديم بمحاسنه ومساوئه » أما القوط فقد احتفظوا 
بمساوىء هذا النظام » وأضافوا إليه مساوئهم » فعمٌّ ضررهم الجميع » من المزارع الصغير 
والقن الفقير إلى الغنى صاحب الضياع . ولم يتدخل الوندال أو السويف فى مسائل الناس 
الدينية » أما القوط فتدخلوا واضطهدوا مخالفيهم . كما رأيناء فعم بلاؤهم الناس أجمعين7". 

وقد ذهب الراهب الراوية باولوس أوروزيوس إلى أن القوط قسموا الأرض وأحسنوا 
إلى الناس » ولكن أوروزيوس كاتب كنسى . ورجال الكنيسة لا ييتمون إلا با يمس 
)١(‏ نفس المصدر السابق والصفحات عيئها . 


222 258-59 .م0 ,1 ,علعدمذط 'ل كمقصأنكنك58 .12021 
م .5 .م 1 . أك .م0 ./2021 


7 المجتمع الإسبانى أيام القوط 





مصالحهم » ول تكن لهم عناية بشئون الناس وصغارهم خاصة كالزراع وأهل المان . ومن 
هذا القبيل ما يؤكده راوية آخر من رواة هذا العصر هو سلفيان المرسيل 523117181105) 
(831581138105 من أن الناس كانوا يفضلون الفقر والحرية فى عهد القوط على ظلم 
الرومان » ولكن الغالب أن كلامه هنا مُنْصَب على حكم القوط الشرقيين » لأنه عاش فى 
كنفهم » وكان القوط الشرقيون فى واقع الأمر خيراً من القوط الغربيين بكثير . 

وينبغى أن نقرر هنا أن الرهبان كانوا راضين عن القوط بعد تحرّل هؤلاء إلى 
الكاثوليكية » وكانوا ساخطين على الناس لأنهم لم يكونوا يراعون أشراط الدين » بل بقى 
معظمهم غير مسيحيين . وتلك حقيقة لا ينبغى أن نهملها من الحساب » إذ الواقع أن 
الإسبان لم يكونوا جميعاً مسيحيين فى حكومة القوط . بل ظل الكثير منهم وثنيين » وقد 
وجدهم المسلمون كذلك . وكان هذا ما يسر عليهم أمر كسبهم إلى الإسلام » هذا على 
الرغم مما بذله نفر من قساوسة الكنيسة الكاثوليكية فى تحويل الناس إليها . 

فقد قضى القس ماسونا (84350113) القوطى حياته كلها يبشر بالمسيحية فى نواحى 
الغرب وإقليم ماردة على الخصوص . وهو الذى أوصل المسيحية إلى السويف وإلى نواحى 
جليقية » والراهب لياندرو (1687050) وكان مبشرا كاتبا مؤرخاء وإليهما يرجع الفضل ى 
ثبات المسيحية على التربة الإسبانية وما أدركته من تأصل فى بعض النواحى . حتى لم يستطع 
الإسلام إزالتها خلال قرون2"7. 

لم يعمل القساوسة شيئاً لتحسين حال الناس » إذا استثنينا ماسوناء فققد كان حَبْراً إنسانياً 
حقاً » بل لم يحاول واحد منهم أن يعترض على ما كان الأغنياء يسرفون فيه من الاستبداد 
بالضعفاء والاستكثار من العبيد » حتى إيزودور الإشبيل نفسه على الرغم من علمه الواسع 
ونزعته الإنسانية »لم ينكر الرق صراحة ؛ وإن كان قد قرر أن الناس كلهم متساوون 
أو يكادون أن يكونوا متساوين » هذا فى حين أننا نجد راهبا آخر هو إيزودور الشيباييدى 
(الصعيدى) يدهش من أن تصرانياً فى مصر يقتنى عبداً » وهذا فى ذانه شعور جميل جدير 
بالذكر ولكنه لم يقترن بأى جهد إيجابى من شأنه أن ينفع هؤلاء العبيد » وكان عددهم كبيراً 
جداً . كان الأغنياء يقتنونهم بالآلاف . ويعاملونهم معاملة جافية كأنهم بعض المتاع » وقد 
يئس هؤلاء المساكين من كل إنصاف من جانب الحاكمين أو من جانب رجال الدين » وباتوا 


2000 3 .م اك .م0 . طغادا لاطا ع1 ]ناذالا 


الحالة الثثافية 0 





يترقبون فرصة الخلاصر .)١1(‏ 
وم يكن أوساط الناس ممن يسمون كوريالس (0052165) من أهل المدن والصناع 
وأحرار الزراع أحسن حالاً . لأن ملوك القوط لم يلتفتوا إلى شىء يعود بامخير على عامة 
الناس » ولم يؤثر عنهم إنشاء قنطرة أو تعبيد طريق أو وضع قانون يخفف عن الناس مظالم 
الحكام أو يجعلهم فى مأمن من الظلم والعدوان » وقد كانوا هم أنفسهم أبعد الناس عن أى 
لون من هذا التفكير . 
ويضاف إلى هذه المساوىء الاضطهاد الدينى بألوانه : اضطهاد القوط للكاثوليك حينما 
كانوا آريين » ثم اضطهادهم لليهود على النحو الذى رأيناه فى أيام لذريق نما جعلهم يميلون 
إلى الخلاص من هذا الحكم البغيض . وقد اتهمهم القوط بالتامر على سلامة الدولة مع قوم 
خارج إسبانيا » لكى يبرروا عسفهم بهم » والغالب أن رجال الدين الكاثوليك كانوا هم 
المحرضين على هذا الاضطهاد لأننا رأينا أنه من غير المعقول أن يحاول بهود إسبانيا الاتصال 
بيهود إفريقية فى ذلك الحين . 
وحين| تقادم العهد بالقوط ف البلاد ٠‏ وتمتعوا بخيراتها الوفيرة مالت بهم نفوسهم إلى 
الدعة » وجعلوا يكلون أمور الحرب إلى عبيدهم . حتى زاد عدد العبيد على عدد الأحرار فى 
الجيش . ويبدو أن الحروب المتعددة بين ملوك القوط ونبلائهم هى التى حفزت هؤلاء 
الملوك إلى الاستكثار من هؤلاء العبيد فى الجيش » لأن أعداد محاربى القوط القليلة توزعت 
بين الملوك والثائرين » وكانت كثرة العبيد فى الجيش من أسباب ضعفه . لأنهم كاتوا 
ساخطين على الدولة ينتتظرون الفرصة للتخلى عنها وتركها لمصيرها(). 
ولابد من إشارة قصيرة إلى حال الثقافة بألوانها فى البلاد قبل الفتح 
٠‏ الحالة التقافية الإسلامى » فهذه هى الناحية الوحيدة التى سيجد المسلمون فيها أساسا 
3< طيباً يزيدون عليه . وقد كانت إسبانيا منذ فبجر التاريخ بلد ثقاقة ومؤطن 
علم وفن » وضع الفينيقيون أساس ذلك كله وزاد عليه اليونان والرومان ٠‏ ثم أقبلت 
المسيحية فأنعشته وسارت به خطوات إلى الأمام » ولعل فى هذا بعض ما يفسر لنا سرا من 
أسرار الازدهار الفكرى السريع الذى حققه المسلمون فى إسبانيا . على قلة اتصاهم بمنابع 
الثقافة القديمة والوسيطة فى العالمين الإسلامى والمسيحى . 


للق . 265 .1 ع وعممكط "ل كمدم أندناح .120717 
زفف 9 .مم .! .عمعممكت 'ل دممصاندناا . 2023 


32> الحالة الثقافية 


تأصلت المسيحية فى إسبانيا بأسرع مما تأصلت ف غالة مثلاً » وَل يكد القرن السادس يهل 
حتى كانت اليلاد تفيض بالديور يقيم فيها الرهباك يدرسون ويتفاكرونء والكنائس يقوم 
بأمرها قسس معتيون بالدرس مشغوفون بالكتابة والتأليف . وقد أشرنا إلى القس القوطى 
ماسونا (توق ستة ١/اوم)‏ ونزعاته الإنسانية واجتهاده فى تهذيب المتريرين ونشر مبادىء 
الأخلاق المسيحية قيهم . ومن هذا الطراز القديس لياندرو المتوى 157م » فقد كان داوسا 
مجتهدا » وقد ترك لنا اثارا فكريئة طيبة : ومن اثاره رسالة مسيحية صوفية قريبة الشبه 
بكتابات القديس أوغسطين فيها زهد فى الدنيا وترغيب ف الكيال » ومادتها مقتبسة من 
الإنجيل ولكنها طيبة جداً إذا عرقنا أنها كتبت فى القرن السادس » وأنه كتبها وهو منفرد 
بنفسه فى نواحى ماودة » وكانت إِةَ ذاك قفرا لا يسكته إلا القليل9©. 

وأكبر شخصيات هذا العصر مكاناً وأبقاها أثراً فى مستقيل البلاد الثقافى هو القديس 
إيزودور الإشبيل ( 4.آ.آ58571 2158 1512080 ) ولم يكن قوطياً وإنا من الإيبيريين 
الرومان » ولم يكن كاتباً دينياً فحسب بل كان مصنفاً موسوعياً حاول أن يجمع ‏ كتبه كل ما 
انتهى إليه من علوم اليونان والرومان معدلة تعديلاً مسيحيا » وهو يعد من هذه الناحية من 
كبار الكتاب والمفكرين المسيحيين بل من آباء الكنيسة » وكتاباته تسلكه مع كتابات القديس 
أوغسطين فى سلك واحد ء وأعظم كتبه وأبقاها كتاب أصول الكلمات 5106 11لام أ 2 0) 


. 26912010 8[2111121( 


وربما وجدنا فيم| يورده من أصول الكلمات أشياء أسطورية دينية لا يقبلها العقل » ولكن 
الكتاب موسوعة أخلاقية تضم ثروة عظيمة من الأفكار اليونانية وفلسفة المسيحية الأولى » 
وهو يعالج فى الأجزاء الثلاثة الأولى الفنون السبعة : النحو والبلاغة والمنطق والحساب 
والهندسة والموسيقى والفلك » ثم يخص الطب بالجزء الرابع » ويختص بالقانون والتاريخ 
الجزء الخامس . ويجعل الجزء السادس للإنجيل وغيره من الكتب الدينية » وهكذا يختص 
كل لون من المعارف الإنسانية بجزء » حتى الفنون اليدوية كالنجارة والهندسة والموازين 
والمكاييل والألعاب » مما يجعل كتابه موسوعة غنية بكل غريب طريف » تدل على أن جميع 
ألوان المعارف الإنسانية التى كانت معروفة فى ذلك الحين كانت موجودة متدارسة فى 
إسبانياء وأن العرب حين) دخلوا البلاد وجدوا فيها تراثاً ثقافياً طيباً 2. 


لف الرعمم لم85 'ل غسللط ملاع ادها .8/118 نظا .ا 
(؟) أراد إيزودور أن ينشىء موسوعة تضم معارف عصره كلها وجعلها فى ٠١‏ جزءاً. التة الأولى منها مقدمة 2 - 


الحالة الثقافية عق 


ونستطيع أن نذكر إلى جانب القديس إيزودور عدداً عظيراً من القساوسة والرهبان الذين 
تركوا مؤلفات شتى » منهم باولوس أوروزيوس قس لوزيتانية » ولم يكن إسبانى الأصل 
وإنما كان صقلياً » وهو من تلاميذ القديس أوغسطين أسقف بونه ؛ أخذ عنه العلم وتشبع 
بارائه وهو لهذا يكتب على غراره : باجم الوثنية ويدعو إلى الله» وقد حاول تقليد سنت 
أوغسطين فى كتابه ١‏ مدينة الله» (1<61 01111216) , ونلاحظ هذا التشابه فى التاريخ العالمى 
الذى كتبه تحت اسم (0383005 602152 أثلا طنط تلم ةمه)115]) الذى يفسر فيه 
التاريخ تفسيراً دينياً مسيحياً ٠‏ ويصور العناية الإلهية توجه أعمال البشر والرسل يقودون 


أما ما عدا الآداب من الفنون . فإن القوط لم يخلفوا إلا ثروة معمارية فقيرة جداً » ومن 
أمثلة هذا الطراز بازيليكية سان خوان دبانيوس التى بنيت فى عصر رخشندش وجزء من 
كنيسة سان بدرو 3تارّاسا وبعض عمد بافية فى كنيسة سان بايلو دل كامبو فى برشلونة » 
وينسب بعض مؤرخى الفنون العقد المخمس إل القوط”7). 
وخلاصة القول أن إسبانيا القوطية لم تكن شراً كلها كما يذهب بعض المؤرخين 
الفرنسيين والعرب , ولم تكن خيراً كلها ى) يزعم الإسبان . وإنها كانت جوانبها الاجتماعية 
ضعيفة جدا 2 بل تعل امتداداً للعصر الرومانى المضمحل . وذلك معقول 2 لأن القوط 
أنفسهم كانوا قبائل متبدية لا تملك من الأسس الاجتماعية ما يعينها على تنظيم بلد واسع 
كإسبانيا ومجتمع منشعب مختلف كمجتمعها الذى ضم أخلاطاً من كل صنف ء وقد حاولوا 
أن يتخذوا مظاهر النظام السياسى الرومانى فلم يوفقوا ء لأنهم كانوا أبعد من أن يفهموه 
أو يستطيعوا البناء عليه » ولم يُصِب الناس من وراء ذلك إلا شر بالغ . 
وأما الناحية الفكرية فكانت خيراً خالصاً , لأن الذين قاموا بها كانوا هم الإسبان 
ح- والباقية تتناول أصناف العلوم والفنون المعروفة فى عصره وله مؤلفات تاريخية كثيرة » منها كتاب عظياء الرجال 
( كناطأعاكنا!!! عكرأيا عل بعطائآ) والمدوتة زرمء أومعط6) وتاريخ ملوك القوط -ا00) كناطاعع8 عل 212ماذذلأ) 
(0110111 وتاريخ ملوك الوندال والسويف (010101/ا02ا3 اء تنه أهلكة/ا كناطاعء: عل نهذ 1]) 
انظر : 
1]] 0100 بقسدموع عل قءه)؟1] دع ملمعنوأن دعممء 15 ده كدعاءا كما 8881نا 88 هعم 510زال 
. وو5 401 .مم ,(1940 ,لملة8! ) ملمع ناذالا دمدموط 


. 75 نفس المصدر ص‎ )١( 
م 41.م اك .م0 .6805 اكظلنامه8‎ 


75 الحالة الثقافية 


الأصليين بعد أن دخلوا المسيحية وتأثروا بأفكارها وفلسفتها » فلا عجب أن ظهر فى هذا 
القطر النائى رجال من طراز إيزودور الإشبيى وباولوس أوروزيوس ولياندروء لأن البلد 
كان قبل ذلك موطن حضارة فكرية وفلسفة باقية الآثر فى عهود الرومان . 

لقد سبقت إسبانيا المسيحية أوروبا الغربية كلها فى هذه الناحية » كما ستسبق إسبانيا 
الإسلامية بقية العالم الإسلامى فى نواح شتى من نواحى التفكير الإسلامى . ولعل مرد هذا 
إلى أثر هذا القطر البديع فيمن يقيم فيه » وليس من وحى المصادفة أن يتواتر السبق والنبوغ 
فى أهله من أقدم العصور إلى يومنا هذا » ولعل إيزودور الإشبيى قد أحس فضل الوطن 
الإسبانى على ما وصل إليه من ذكاء وعلم واقتدار فعبّر عن شكره لبلده فى أسطر تفيض رقة 
وحناناء» يقول فيها مناجيا إسبانيا : 

« أى إسبانيا ! إنم) أنت أجمل الأرضين التى تمتد من أقصى الغرب حتى الحند ... إنك 
لأرض مباركة سعيدة بأمرائك ! إنك أم لشعوب عديدة . وأنت ملكة الولايات أجمعين ... 
منك يقبس الغرب والشرق النور . وعلى أرضك يزدهر خصب الشعب القوطى 
المجيد..070), 


د كد 


)010 م اك لم0 ١‏ ته لالظ عع لطنا هار 





فتح المغرب 39 


لم يدخل الشمال الإفريقى فى حوزة الإسلام بحرب واحدة » بل بسلسلة 
+-فتحالغرب 0١‏ من الحروب استمرت حوالى سبعين سنة متوالية » بدأت ببعث 
استطلاعى قام به عقبة بن نافع فى ذى القعدة سنة ١‏ اه (سبتمبر 157) 
وانتهت بحملة موسى بن نصير الأخيرة الموفقة التى أخضع فيها المغرب الأقصى سنة ٠ه‏ 
( سنة 8٠/ام‏ ) . وقد لقى فيها العرب من الجهد والنسائر مالم يلقوا مثله فى فتح إقليم اخرء 
حتى شهال اهند نفسه(١).‏ 
بيد أننا لو قارنا هذا الجهد الذى بذله العرب بسعة البلاد التى تم فتحها ووعورة 
أراضيها واختلاف أجناسها . لتبينا أن العرب فتحوا هذه الأقطار المترامية بأيسر مما فتحها 
الرومان ء وأنهم وُفُمَوا إلى إخضاعها توفيقاً لا يكاد يقارن به توفيق الرومان فى العصر القديم 
أو توفيق الفرنسيين فى العصر الحديث . وأن خسائر العرب كانت أقل بكثير جدا من خسائر 
هؤلاء وأولئك ». هذا فى حين كانت النتيجة التى وصل إليها العرب رائعة على غير مثال . 
وقد علق جوتبيه على ذلك بقوله : « لا زالت النتائج التى وصل إليها العرب ( فى فتحهم 
الشهال الإفريقى ) تدهشنا إلى الآن . لقد عَرّبٍ المغرب إلى حد كبير . وتحول إلى الإسلام 
قو تان مهنا حؤهةه شح دمر إل الأعهات )ا و ذلك كيلك عار عرفق [لنقل هلاه 
التتيجة حركة استعمارية ( كذا) أخرى قامت على وجه الأرض »ء ولنكرر القول أن هذا الفتح 
أحدث ؛ خلال القرن السابع » ثورة كبرى : لقد انهار الحاجز المغلق إغلاقا محكما من كل 
ناحية . الذى كان يفصل الشرق عن الغرب . ولو أننا قارنا هذه القفزة الواسعة نحو 
المجهول كوراتتات الفرسية أو الرودية قلا لدت تاعانان الأعرتان صشرين داه 
فإذا دفعنا تطلعنا إلى فهم الأسلوب الذى تمت به هذه الثورة الكبرى وإلى الإحاطة 
بتفاصيلها استبنًا أن الفتح العربى كان طويلاً جداً وعنيفاً جداً . إذ قاومتهم البلاد مقاومة 


(1) أوجرزت ف الصفحات التالية فتح إفريقية اعتراداً على بحثى فى هذا الموضوحخ ه فتح العرب للمغرب ؛ - القاهرة 
/ا 1١42‏ » والبحث الذى نشره ليفى بروقنسال « نص جديد عن فتح العرب للمغرب ؛ فى صحيفة المعهد المصرى 
للدراسات الإسلامية فى مدريد - يجلد ؟ سنة ١424‏ ء وتعليقنا على كلام بروفتال وئص عبيد الله . 


5 فتتح المغرب 


عندة» (20, 


هذه الملاحظة تعطينا فكرة واضحة عن طبيعة الفتح العربى للمغرب وعن ضخامة 
العمل الذى قام العرب به ومدوا خلاله رواق الإسلام بضعة آلاف من الكيلومترات » من 
حدود مصر إلى المحيط الأطلسى . والثئابت تماماً أن العرب لم يتصوروا اتساع المغرب 
الشاسع واختلاف شعوبه حينم) أقبلوا على فتحه » وأنهم فتحوه جزءا جزءاً : كل إقليم يؤدى 

بهم إلى الذى يليه حتى وصلوا إلى النهاية » أما ما نجده عند بعض المؤرخين والجغرافيين من 
تصور صحيح للمغرب وأهله فقد جيب بعد تمام الفتح وإسلام لمغرب بقرون9©. 


مر فتح العرب للمغرب فى ستة أدوار9 : 


)220 .248 - 247 .مم .070ل بال عداو خآ عل عدكدم عآ 151 آلا04 ."لط 
وبقية عبارة جوتيبه فى هذا الصدد لا تقل عن هذه الفقرة أهمية ولا عمقاً» فهو يقول مثلاً بعد استعراض سريع 
لخطرات الفتح العربى: : ١‏ كان الفتح الفرنسى للجزائر طويلاً مؤلاًء وكانت قبادته سيئة » وليس لنا الحق فى أن نفخر به 
كثيراً . ولكن لتقارنه بالفتح العربى » ولنفرض أنه بين سنتى 400 طرد الفرنسيون من البلاد طرداً تاماً ثلاث 
مرات . وأنهم ل يحنفظوا فى أحسن هذه المرات إلا بالجزائر وضواحيها - مدينة الجزائر تقابل عندنا القيروان عند العرب 
 -‏ إذا استطعنا تصور ذلك أخذنا فكرة عا حدث أثناء الفتح العربى ل 
ثم يورد بعد ذلك نصوصاً لمؤرخى العرب وجغراقييهم تصور صعوبة هذه البلاد وعتو أهلهاء وقد أوردت معظم 
هذه النصوص فى صلب البحث ( نفس المصدر ص 759 وما يليها ) . 
(؟) مئل هذه القالة نسبها ابن عبد الحكم إلى عمرو بن العاص رواية عن عبد الخلك بن مسلمة عن ابن لهيعة عن ابن 
هبيرة عن أى ميم الميشانى » قال : إن عمرو بن العاص بعث يستأذن عمر بن الخطاب فى فتح إفريقية » فكتب إليه 
عمر : إنها ليست بإفريقية » ولكنها المفرقة ؛ غادرة مخردود بي ؛ لايغزوها أحد ما بقيت ...4 . 
ا 10 مير مير المؤمنين عبد الملك يخيره بذلك ‏ وأن أمم المغرب 
ليس هاغاية ؛ ولايقف أحد منها على نهاية كلما بادت أمة خلفتها أمم .وهم من الحفل والكثرة كسائمة النعم... 1 
ابن عبد الحكم : فتوح »صن ”1379/7 . 
ابن عذارى : ايان . ج ١‏ ص "١‏ , 
(؟) اعتمدت فى كتابة هذا الموجز لفتتح العرب للمغرب عل بحثى الخاص بهذا الموضوع ( القاهرة 14117) . وإليك 
أهم المراجع والصفحات التى اعتمدت عليها : 
ابن عبد الحكم : فتوح مصر والمغرب والأندلس ( حققه شارل س . تورى سنة )١471‏ ابتداء من ص 11٠١‏ . 
والبلاذرى : فتو-م البلدان من ص 521 . 
والبكرى : وصف إفريقية ص ١‏ > ” وفى مواضع متفرقة أخرى ء لأنه يذكر ما يعرفه عن قت المسلمين لكل بلد 
عند ما يذكره ‏ 
ورياض النفوس للمالكى ( القاهرة 1421 ) جا ء من ص ١‏ وما بعدها. 
واب الأثير : ج " » ابتداء من ص ٠١‏ . 





وابن خلدون ج ١‏ 4 من ص 1144 

والنويرى : نجاية الأرب » ( مخطوط بدار الكتب ) من ص ”7 . 

وأبو المحاسن : النجوم الزاهرة » ج١‏ من ض 9١‏ . 

والدباغ : معام الإيان » جا من ص 1١‏ . 

وكل من هذه المراجع لا يخصصص للفتح إلا بضع صفحات , وسأكتفى بهذه الإشارة عن ذكر المراجع بعد كل فقرة. 


فتح المغرب ١‏ 





() الدور الأول : من أوائل الفتح فى ذى القعدة سنة ١‏ 7ه ( سبتمبر 147) إلى نهاية 
ولاية معاوية بن حديج فى أوائل سنة 44 ه ( سنة 558 م) : 

وى خلالها غزا عمرو بن العاص برقة » وكسب قبيلة لواتة الكبيرة إلى جانب المسلمين » 
بل أدخل بعض أهلها فى الإسلام » فكان هذا أول كسب للإسلام فيما يلى حدود مصر غرباً » 
واستفاد عمرو فى أثناء ذلك بجهود عقبة بن نافع الفهرى . وكان إذ ذاك قائداً صغيراً فى 
جيشه » فبعثه إلى زويلة وفزان ووَّدَان . وقد أقام عقبة فى هذه النواحى الصحراوية المنعزلة 
نحو عشرين سنة يدعو للإسلام ويضرب لأهلها مثلاً جميلاً للمسلم الصحيح المتفانى فى 
دينه » واستطاع أن يكسب إلى صفه قلوب الكثيرين من أهلها ومعظمهم من نفوسة ولواتة 
ونفزاوة ( أى من البترء أى البربر الظواعن ) » فأما من أسلم منهم فسينضم إلى المسلمين 
منذ الساعة وسيكون له أثره فى نجاح فتوحهم وتقدمهاء وأما من لم يسلم فقد أصبح صديقاً 
للمسلمين يواليهم بالعَؤن ويؤيدهم على الروم والبرانس ( البربر المستقرين المتحضرين 
بالحضارة اللاتينية ) . 

وفى خلال هذا الدور وُفْق المسلمون إلى الانتصار الحاسم العظيم على الروم عند سبيطلة 
فى أوائل سنة 74ه (514148م) . وقد كانت لهذا الانتصار العظيم نتيجة واحدة: هو أنه كسر 
سلطان البيزنطيين كسرة لن يعود بعدها إلى ما كان عليه فى البلاد قبل الفتح الإسلامى » 
وسيحاول البيزنطيون العودة إلى البلاد والاتحاد مع البرير ومغالبة العرب ٠.‏ ولكن كل 
محاولاتهم لن تزيد عن أن تكون محاولات قليلة الخطر عديمة التتائج . ولو أن عبد الله بن 
أبى سرح أقام فى البلاد أو ترك فيها حامية لكان لانتصار سبيطلة نتائج بعيدة حاسمة » 
ولكنه عجّل بالعودة لأسباب غير ظاهرة » مكتفياً بهال عظيم جمعه من أهل البلاد » فكان 
على من أتى بعده أن يبدأ من جديد . لأن انسحابه عفى على معظم التتائج التى كان 
المسلمون قد وصلوا إليها فى البلاد . 

(ب) الدور الثانى: ويمتد من سنة 5414ه ( 51/0-779م) إلى 757 ه (541م) ويشمل 

لم يقم المسلمون بشىء حاسم ف إفريقية بين سنتى 8و 40 هجرية » ذلك أن فتنة عثمان 
وما تلاها من الأحداث أوقفت نشاط التوسع الإسلامى فى كل وجه » نعم إن عثمان لم يُقتل 
إلا سنة 8ه ( 104م) ولكن السنوات الأخيرة من حكمه كانت سنوات اضطراب 


الح تتح ا مغرب 


وشغب عليه » وكان والى مصر وقائد الفتوح فى إفريقية هو عبد الله بن سعد بن أبى سرح 
أحد المغضوب عليهم من الناس فى ذلك الحين » فكان طبيعياً أن ينصرف فكره عن إفريقية 
ومواصلة الفتوح فيها منذ عودته من غزواته التى ذكرناها فى سنة 574ه (1517م) . 

فللا انتهت الفتنة واستقر الأمر لمعاوية عاد عمرو بن العاص إلى مصر سنة 748 ها 
(144م ) واتجه ذهنه من أول الأمر إلى معاودة الغزو فى إفريقية » لأنها كانت » فى حسابه » 
باباً مفتوحاً للكسب والمغانم . ولا نزاع فى أن معاوية لم يكن راضياً عن هذه الحرية التى 
أباحها عمرو لنفسه » لأن حملة عبد الله بن سعد وما عادت به من المغنم الوفير فتحت عينه 
على أهميتها » وجعلته يفكر فى فصلها عن مصر وإفرادها بوالٍ خاص . فلا توق عمرو سنة 
4ه( 516م) سنحت له الفرصة ليحدث هذا التغيير اهام الذى يعين لنا تطوراً خطيراً فى 
علاقة المغرب بالخلافة الإسلامية » فمن ذلك الحين أصبح المغرب ولاية مستقلة تابعة 
للخلافة رأساً» وكان أول وال إسلامى عي على إفريقية معاوية بن حديج أحد كبار أنصار 
معاوية . 


عجل معاوية بن حديج بالسير إلى مصر فى سنة 545ه (155م) فلم يكد يصل برقة 
حتى بلغه أن البيزنطيين عادوا فأرسلوا جيشاً إلى البلاد » وأن قائد هذا الجيش قد طالب أهل 
إفريقية بأن يؤدوا له من المال بقدر ما أدوا للعرب ء فثار به الأهلون » فعاد إلى بلاده ليعود 
بجيش قوى وف نيته إرغام الأهلين على أن يؤدوا له ما طلب » فوصل إلى قرطاجنة قبيل 
الوقت الذى عبر فيه معاوية بن حديج حدودها ومعه عشرة الاف من العرب فيهم نفر كبير 
من الصحابة والتابعين » من أمثال عبد الله بن عمر بن الخطاب . وعبد الله بن الزبير بن 
العوام » وعبد الملك بن مروان وعدة من أشراف قريش» ونفر كبير من جند مصر . 

وم يكد الجيش يحط رحاله فى إقليم قمُونية جنوبى قرطاجنة حتى تسامع بنزول الروم » 
فتقدم نحوهم وعسكر فى مكان يسمى القَرْن » ومن هناك أرسل عبد الله بن الزبير ليستطلع 
أحوال جيش الروم » فلم يكد هذا الأخير يشعر باقتراب العرب حتى تراجع إلى سوسة » 
وأدركه عبد الله بن الزبير فيها وناوشه مناوشة خفيفة» أقلع بعدها إلى صقلية » واستولى 
المسلمون على سوسة . وأرسل معاوية سرية أخرى إلى جلولاء ( 00101010115 الرومية ) 
استولت عليها وغنمت غنيمة متواضعة » ثم سار بنفسه إلى بنزرت فاستولى عليها . 
ولا صحة لما يذكره بعض المؤرخين من أن معاوية بن حديج بعث سرية إلى صقلية . ولسنا 


اختطاط القيروان و 


نستطيع اعتبار أعمال معاوية بن حديج فتوحاً » وإنما كانت سرايا قليلة الأهمية لم تترك فى 
البلاد أثراً يُذكر . 

(ج) الدور الشالث : ولاية عقبة الأولى واختطاط القيروان ( 5-48ده / 
1100-4م): 


00 وأما نشاط الفتح الصحيح فيعود من جديد بتولى عقبة بن نافع قيادة 
القيروان الفتوح فى المغرب سنة 4 5ه (70-779م) وقد كان عقبة أقدم المسلمين 
عهداً بإفريقية وأعرفهم بأحوالها » وكان فى نفسه رجلاً شديد الإيان تيل نفسه نحو نشر 
الدين لا إلى جرد النتوح والانتصارات وما وراء هذه من مكاسب . ويبدو أنه كان قد وضع 
فى نفسه خطة طويلة للفتح . وهذا لم تكد ولاية إفريقية تؤول إليه حتى سارع بإنشاء مدينة 
للمسلمين . اختطها فى إقليم قَمُونية جنوبى قرطاجنة » ويغلب أنه ل يُرِد إنشاء مدينة بالمعنى 
الذروف وان ممتكرا + قمد تقال لاوارى الكم باسدر المتلون أن مهدر مبااملينة 
نجعل فيها عسكرا ء وتكون عزا للوسلام إلى اخر الدهر » . 

وقد قضى عقبة فى إنشائها نحو أربع سنوات (57-59ه/572-773م) فلم تكد 
المدينة تقوم حتى بدأت «ولاية إفريقية» الإسلامية تظهر . ولم يعد العرب مجرد غزاة يخرجون 
من مصر للغزو ثم يعودون إليها . بل أصبحت العاصمة الجديدة مركزاً تخرج منه الغزوات 
وتنظم منه شئون البلاد . وهذا فى ذاته تطور له معناه . 

واشتغل عقبة أثناء بناء المدينة فى إرسال السرايا فى كل وجه » فكانت نتيجة ذلك أن 
القبائل البربرية المقيمة فى سهل تونس وف الهضاب المجاورة بدأت تشعر بقوة المسلمين » 
واجتذبتهم المديئة الجديدة » وأثرت فيهم شخصية عقبة القوية » فأخذوا يقتربون من 
المسلمين وأسلم منهم نفر عظيم » وبهذا نشأت فى سهل تونس جماعة إسلامية بربرية . 
وكانت تلك خطوة حاسمة فى تحويل المغرب إلى الإسلام » وزادها أهمية أن الكثيرين من 
هؤلاء البربرالذين أسلموا أخذوا ينتظمون فى جيوش المسلمين ويسيرون معهم لإتمام فتح 
البلاد. 

فلا أتم عقبة تأسيس ١‏ نقطة الارتكاز» وفيها هو يشرع يتخذ الأهبة للخروج للغزو 
الواسع النطاق » إذا معاوية ين أبى سفيان يفاجئه بالعزل سنة 5ه (575م) نتيجة 
لسعايات والى مصر مسلمة بن مخلد » الذى كان يغار من عقبة ويحسده . 


: اختطاط القيروان 


وأقام مسلمة على إفريقية أحد مواليه دينار أبا الباعر ينه مقا 1001 وكان مسلا 
حسناً وجندياً نشيطاً » وكان أول قائد مسلم يُقمّر له أن يخرج من سهل تونس ليتوقّل 
هضاب المغرب الأوسط ويهاجم القبائل البربرية فى مواطنها الحصينة . وكانت أول كتلة 
بربرية قوية اصطدم بها هى كتلة أَؤْرَبة أقوى قبائل البرانس فى ذلك الحين » وكانت النصرانية 
قد انتشرت بين أفرادها » وكان رئيسها كسِيلة بن لَمرّم الأوربى » وكان رئيساً ذكياً قادراً » 
وقد استطاع أبو المهاجر أن يغزو مواقع أوربة فى جبال الأوراس وأن يجتذب كسيلة إلى 
الإسلام » فأسلم وتبعه نفر كبير من قومه فى غزوة طويلة وصل فيها إلى تلمسان » ثم هاجم 
قرطاجنة هجوماً قوياً سئة 54ه . ولم يرجع عنها إلا بعد أن تنازل الروم له عن شبه جزيرة 
شريك الواقعة جنوبى إقليم قرطاجنة » فاحتلها المسلمون وضيّقوا الخناق على عاصمة 
إنريقية البيزنطية . 

(د) الدور الرابع : حملة عقبة الكبرى ( 557 54ه/ 544-187م): 


واتتهت ولاية أ بى المهاجر سنة ٠“هء‏ إذ عزله يزيد بن معاوية ورد عقبة إليها بعد أن 
طال غيابه عنها وطالت شكواه من حرمانه منهاء ثم عجل بالخروج فى غزوته الكبرى التى 
وصل فيها إلى المحيط » ومن الغريب أن هذا الرجل القادر لم يحسن استغلال هذه الفرصة 
العظيمة التى أتيحت له » فقد كان الروم فى حالة من الضعف لا تأذن لهم بمقاومة المسلمين» 
وكانت أوْرَبة كلها إلى جاتب العرب يقودها رئيسها كسيلة . بدأ عقبة فأساء معاملة كسيلة 
ونفره وقومّه من المسلمين » ثم مضى فى مغامرة طويلة المدى قليلة الأثر السياسى » تذهب 
المراجع إلى أنه انتهى فيها إلى ساحل المحيط عند ١‏ إيغيران يطوف » ء ثم عاد ليلقى مصرعه 
عند تهودة على يد البرير ونفر من أحلافهم من الروم سنة 4ه (145 -586م) » وقد 
استشهد مع عقبة فى هذه الوقعة نفر كبير من رؤساء المسلمين فيهم أبو المهاجر دينار نفسهء 
فإذا تم ذلك لكسيلة فقد سار بمن معه من البربر فاحتل القيروان » وتراجع مَنْ بقى من 
السلمين إلى برقة يقودهم زهير بن قيس البلوى'(2. 

هذا خرجت إفريقية من أيدى المسلمين » وتراجعوا إلى برقة التى كان عمرو بن العاص 
قد فتحها منذ نحو أربعين سنة » وكان على خليفة عقبة أن يبدأ العمل من جديد . ولكن 
الواقع أن هذه الهزيمة لم تكن قاضية على كل أثر للمسلمين ف البلاد » إذ إن إفريقية كانت 


(1) انظر : حسين مؤنس : فشح العرب للمغرب (القاهرة 1947) وليفى بروفنسال : نص جديد عن فتح العرب 
للمغرب » نشر فى صحيفة المعهد المصرى للدراسات الإسلامية بمدريد » المجلد الثانى ١54‏ ص ١587”‏ ومايليها. 


اختطاط القيروان 66 


تضم إذ ذاك جماعات إسلامية قوية فى القيروان وحولها وفى بعض نواحى الأوراس » وقد 
خضعت هذه الجماعات لكسيلة ولكنها ظلت تترقب فرصة عودة المسلمين » ويبدو أن نزاعاً 
وقع بينه وبينهم » لآن المراجع تصور لنا إفريقية خلال الفترة التى انقضت بين انسحاب 


المسلمين وعودتهم فى حالة مضطرية . 
146-84م) : 


عاد المسلمون إلى إفريقية بعد هذه الهزيمة بأربع سنوات - أى سنة 794ه/ 8م - 
يقودهم زهير بن قيس البلوى الذى ظل هذه السنوات يتتظر الماد فى برقة » وقد أبدى زهير 
مقدرة عظيمة خلال السنوات الثلاث التى قاد فيها جيوش المسلمين فى إفريقية : يدأ بحملة 
عنيفة على الروم قضت على كل أمل هم فى معاودة الوقوف فى وجه المسلمين أو التحالف مع 
البربر » ثم أسرع إلى كسيلة الذى كان متحصناً فى تمْس» فهزمه وقتله فى معركة حامية 
«كسرت شوكة البرانس وقضت على مقاومتهم » وقضت على ما كان معقوداً بينهم وبين 
الروم من تحالف على العرب وتعاون على طردهم » . وبهذا قضى هذا القائد الماهر خلال 
هذه الفترة القصيرة على عنصرين من أشد عناصر المقاومة » وهما الروم والبرير البرانس أى 
المستقرين فى السهل الساحل المتأئرين بالحضارة البيزنطية والمسيحية » وبقيت ضربة أخرى 
توجه إلى القبائل المتبدية (البّرية) لكى يمكن القول بأن المسلمين قد قضوا على كل عناصر 
المقاومة الجدية فى المغرب . 

قاد جيوش الإسلام المظفرة فى هذا الدور الخطير من أدوار الفتح رجل لا يقل قدرة ولا 
أهمية عن عقبة بن نافع أو زهير بن قيس » وهو حسان بن النعمان . وكان زهير قد استشهد 
عند برقة » تربص له الروم على طريق العودة بعد هزيمتهم وهزيمة أحلافهم » وكأن قتلهم 
زهيرا قد أنعش فى نفوسهم الآمال فى عودة إفريقية إليهم » وأرسل الامبراطور ليونتيوس 
مدداً صغيراً إلى قرطاجنة قويت به نفوس من بها من الروم » فكان على حسان خليفة زهير 


أن يبدأ العمل من جديد ىا بدأه زهير . 
(و) الدور السادس : القضاء على مقاومة البتر وإتمام فح المغرب (5/!ا-480ه/ 
0-6 'لام): 


فطن عبد الملك بن مروان إلى أن إفريقية لن تُمتح فتحاً كاملاً ثابتاً إلا إذا سار إليها جيش 


كك اختطاط القيروان 


كبير حسن الإعداد » وواتته الظروف على إرسال هذا الجيش » إذ كانت ثورة ابن الزبير قد 
قضى عليها » ولحذا وضع تحت تصرف حسان جيشاً كبيراً حسن العدة يبلغ عدد جنوده 
أربعين ألفا وسار حسان إل إفريية بعد أن رسم لفسه خلة وافحة : كاذ يعرف أن 
بينهم وبين أن يقوموا بعمل حاسم يقضى على مقاومة البربر أو الروم . : 

جعل حسان الروم وجهته الأول » وكان يعرف أن ما بقى لهم من القوة فى قرطاجنة 
شىء صغير لا يستطيع مواجهة العرب . ولكنه كان يستطيع مضايقتهم وشل حركتهم 
وإحباط مساعيهم فعَوّل على مهاجمتهم فى قرطاجنة والقضاء عليهم القضاء الأخير ؛ وقد 
ألح فى حربه لقرطاجنة ومن فيها وثابر على ذلك حتى استبان لمن فيها من الروم أن لا نجاة 
إلا با مرب وترك البلاد جملة » « فركبوا مراكبهم » وسار بعضهم إلى صقلية وبعضهم إلى 
الأندلس » ودخلها حسان بالسيف فسبى ونبب »2. 

وهذا قضى حسان على عَش المقاومة هذا بعد أن ظل شجى فى حلق المسلمين نحو 
ثلاثين سنة » ولو قد أرادوا القضاء عليه سنة 71ه لفعلوا » ولكن الأمر كان يحتاج إلى رجل 
فى قدرة حسان وبعْد نظره » ثم مضى حسان باجم الروم فيما عسى أن يعرفه من مراكزهم 
الباقية » وأبدى فى ذلك نشاطا مشكورا . 

ثم عاد ليتوجه بكل قواه نحو مركز المقاومة الآخر وهو البربر البتر » وكانوا قد تجمعوا 
حول امرأة لقبها العرب بالكاهنة » ويغلب أن اسمها كان ١‏ داهية بنت ماتية بن تيغان » ملكة 
جبل أوراس » وكانت على جانب عظيم من المهارة والقدرة » فجمعت حول رايتها نفراً 
غفيراً من البربر الرحل ١‏ فيهم بنو يفرن » ومن كان بإفريقية من قبائل زتاتة وسائر البتر» 
وكانت هى تنتسب إلى قبيلة جرواة ء» ويذهب المؤرخون إل أن هذه القبيلة كانت بهودية » 


4 1 


وهذا أمر لا يستبعد وإن كان يفتقر إلى ما يثبته . 

ولم تكن الكاهنة ثائرة على العرب من أول الأمر ا يفهم من النصوص » وإتما كانت 
مطمئئة بمقامها فى جبل أوراس ترقب الحوادث » قلما رأت حسان يقضى على الروم ويتقدم 
نحو بلادها سارعت فجمعت من استطاعت جمعه من رجافاء وانتظرت ف ١‏ باغاية » على 
مدخل اججبال » فلا اقترب حسان منها تراجعت حتنى ثبتت عند نهر نينى على مقربة من 
موضع قسنطينة الحالية . وثبتت ثبتت الكاهنة ومن معها للعرب ثباتاً عظيياً » » بل شدت عليهم 


اختطاط تونس ع 


حتى هزمتهم بعد أن قتلت منهم عدداً كبيراً » وتقهقروا أمامها فتتبعتهم حتى أخرجتهم من 
إفريقية جملة » وبهذا خرجت هذه البلاد عن يد العرب مرة أخرى بعد ما تكبدوه من جهد 
وتضحية » وأرادت الكاهنة أن تقطع أمل العرب من هذه البلاد » فأمرت رجاها فخربوا ما 
استطاعوا تخريبه من مظاهر العمران . 

أضر هذا العمل بالكاهنة وقضيتها ضرراً بالغاً »لأنه غير عليها تفوس الناس » وجعلهم 
يرون أن العرب خير من هذه الرئيسة على كل حال » فهم لا يخربون ما يدخلونه من البلاد 
هذا التخريب الذريع . وانتهز الروم الفرصة فعادوا فى سفن ودخلوا قرطاجنة » وطردوا من 
كان بها من المسلمين . وأقام حسان فى برقة حمس سنين حتى أرسل له عبد الملك بن مروان 
المدد» فتحرك إلى إفريقية من جديد سنة ١41ه(1٠/ام).‏ 

م يكد حسان يطل على سهل تونس حتى تسارع نفر عظيم من البربر والأفارقة فانضم 
إليه » فعظم جمعه وسار للقاء الكاهنة » ويبدو أنها أحست ضعف أمرها وقرب نهاية شأنها » 
فأخذت تتراجع متوغلة فى جبال أوراس ٠‏ وبعثت ولديها ليستأمنا حسان ء فأمّنهما وولى كلاً 
منهم| على ستة آلاف ممن استأمن من البربر والأفارقة » ثم لقيت العرب عند « بئر الكاهنة » 
وانبزمت . وهكذا قضى العرب على آخر حركة قام بها أهالى البلاد لردهم » إذ كانت 
الكاهنة هى الحصن الأخير الذى احتمى وراءه أهل البلاد» فللا سقطت انتهت كل مقاومة ‏ 
ولم يبق أمام العرب بعد ذلك إلا « غبار قبائل» كما يقول جوتييه » ثم سار حسان نحو 
قرطاجنة وطرد الحامية التى كانت قد استقرت فيها بقيادة البطريق يوحنا . 


* خ* 


٠‏ اختطاط 8 017 سام 

تون لا يمنع الروم من العودة إلى أى مكان آخر من الساحل ٠»‏ فعَوّل على إنشاء 
ميناء إسلامى جديد على مقربة من قرطاجنة » ليشرف منه على البحر ويحول 

به بعض المساجد والمبانى » ولكن إنشاءها سيتم على يد عبيد الله بن الحبحاب بعد ذلك 

بثلائين سنة » فتصبح ثغر إفريقية الكبير » ويتكون فيها أسطول عظيم يغزو المسلمون به 

صقلية وجنوبى إيطاليا بل جنوبى فرنسا » ويمهدون به السبيل للسيطرة على غرب البحر 

الأبيض المتوسط . 


14 تنظيم ولاية إفريقية - موسى بن نصير ينولى أمور المغرب 





م يكد الفتح يتم حتى عجل حسان بتنظيم أمور الولاية الجديدة» ١‏ فَدَوّن 

١‏ تنظيم ولاية الدواوين وصالح على الخراج » وكتبه على عجم إفريقية وعلى من أقام 
افريقية معهم على دين النصرانية » » وقسم البلاد خططاً : لكل قبيلة خطة » 
وفرض على القبائل أن يقدموا للمسلمين عدداً من الجنود يحاربون معهم . ويبدو أن البربر 
أقبلوا على الإسلام فى حماس » فعمرت بهم جيوش المسلمين فى المغرب من ذلك الحين » 
وكان حسان بعيد النظر فسوى بين العرب والبربر فى قسم الفىء » ثم أقام العمال على نواحى 
الإدارة من خراج وزكاة وجند » وأرسل الخليفة قاضياً للقيروان أسوة بغيرها من العواصم 
الإسلامية الكبرى» وببهذا تم فتح المغرب وتنظيمه . 

ونستطيع القول أن حسان صاحب الفضل الأول فى ذلك كله » فقد دخل البلاد سنة 
١ه‏ فوجدها مضطربة ثائرة » ووجد أمر الإسلام فيها مشفياً على الزوال » وغادرها سنة 
7ه (7١/م)‏ ولاية إسلامية هادئة منظمة » بل تركها وأهلها مقبلون على الإسلام إقبالاً 
عظيرا » ويكفى أن نلاحظ أن معظم الجيش الإسلامى فى إفريقية كان من البربر حتى تتضح 
لنا هذه الناحية . 

ولو امتدت ولاية حسان تَحَنى المغرب على يديه كثيراً من الخير» لأنه كان كما رأينا رجلاً 
مخلصاً نشيطاً بعيد النظر » ويبدو أن صفاته تلك أوقعته فى خلاف مع عبد العزيز بن مروان 
عامل مصر للوليد بن عبد الملك . وكان عبد العزيز يرى نفسه صنو الخليفة ويطلق يده فى 
الأمور كما يشاء دون نظر صادق لصالح الرعية » وكانت نفسه معلقة منذ زمن بإفريقية » فلم 
يزل يضايق حسان ويلاحيه حتى أخافه وجعل استمراره فى العمل غير ميسور , فاعتزل هذا 
الرجل القدير العمل فى أوائل سنة 85/ه(5 ٠‏ لام) والمغرب فى أشد الحاجة إليه . 
٠-موسىبن <١‏ وسارع عبد العزيز فأقام على إفريقية وليّه وأقرب رجاله إليه موسى بن 
نصير يتولى نصير » وكان من أقدر رجال الدولة الأموية وأذكاهم » وإن كنا لا نستطيع 
أمور المغرب!١)‏ مقارنته بحسان بن النعمان من حيث النزاهة والإخلاص والعناية بصالح 


)١(‏ اعتمدت ف كتابة هذا الجزء على المراجع السابق ذكرها, ولم أجد حرجاً فى الاعتماد على التفاصيل الهامة التى وردت 
فى كتاب ١‏ الإمامة والسياسة ؛ لأبى حنيفة الدينورى ( طبعة القاهرة ؛ ج7 ص 45 وما يليها ). 
وواضح جداً أن الكلام الخاص بموسى بن نصير وأعراله فى ذلك الكتاب مستقى من مراجع صحيحة : فالتشابه 
بينه وبين ابن عذارى ظاهر جدا يصل إلى الحرفية فى بعض الأحيان ؛ ولا معنى للاستغناء ء عن معلومات هامة كهذه 
لمجرد أن دوزى شك فى صحة الكتاب كله . ِ 


موسى بن نصير يتولى أمور المغرب .6 





الدولة والرعية : فبينما كان حسان ينظر إلى صالح الأهلين ويسعى فى تمكين سلطان الدولة 
والإسلام على نفوسهم بالعدل والخير » كان موسى يحسب أن المسألة حروب وغنائم 
وكفى. فكان همه منذ تولى منصرفاً إلى القيام بغزوات يعود منها بالمغنم الوفير والسبى الكثير 
ولا يبتم بعد ذلك بها كانت تثيره هذه الضربات من الحفيظة وسوء الظن فى نفوس أهل 
البلاد . 

وسكا كا فيا اول امو شكون الغرت ق مياق :هذا الحت أن كا كيرا من صو 
الظن بالعرب قد انغرس فى قلوب البرير نتيجة لسياسة موسى بن نصير ومن بعده حتى 
أصبح من العسير اقتلاعه » وأن سوء الظن هذا ظل يستشرى مع الزمن حتى فصل بين 
العرب والبربر جملة ٠‏ وانتهى ا سنرى بانفصال المغرب عن مركز الخلافة » وانحراف 
الكثيرين من أهله إلى مذاهب ثورية انقلابية تسمى صفرية تارة وخارجية تارة أخرى » وما 
هى فى الواقع إلا خوف وكراهية تأضَّلا فى نفوس البربر يسبب إسراف موسى ومن جاء 
بعده من ولاة بنى أمية فى غزو البربر . 

ويبدو أن إسراف موسى فى غزو القبائل البربرية دون سبب أو مبرر ظاهر هو شعوره 
بأن عبد الملك بن مروان يسىء الظن به ويتوقع أن ينهب أموال الولاية الجديدة كما نهب 
أموال البصرة . وكان عبد العزيز يشد أزره » ويود لو أثبت أنه خير من حسان بن النعان 
وغيره من رجال عبد الملك » فمضى يذرع البلاد من شرقها إلى غريها ويرمى نواحيها 
وقبائلها بأبنائه عبد الله وعبد العزيز ومروان وكبار رجاله من أمئال عياش بن أخيّل وموسى 
ابن عياض بن عقبة والمغيرة بن أبى بُردة وزرعة بن أبى مدرك . ولم يكن أهل المغرب بحاجة 
إلى هذه الغزوات حتى يطيعوا ويقبلوا على الإسلام » فقد كان معظم القبائل قد ركن إلى 
المدوء فى ظل الفاتحين الجدد . وأقبل الكثيرون من البربر ينضمون للمسلمين ويشتركون 
معهم فى حروبهم عن طواعية ورضى . 

وم يكن موسى ليتوخى النواحى المضطربة أو القبائل الثائرة ليغازيها » بل كان يتوخى 
المطمئنين فينزل بهم على غرّة » والظاهر أن عيوتاً له كانت تهوس النواحى ويُنهون إليه أخبار 
1 ان در رانك الال سارو قار الاب الاب و لعو ال برع 


مكى فى مقال نشره فى المجلد الخامس من صحيفة المعهد المصرى للدراسات الإسلامية بمدريد . وقد ذهب فق هذا 
المقال إلى أن هذا الجزء من كتاب أبى حنيفة الدينورى مأخوذ من كتاب ضاع لمعارك النصيرى . 


موسى بن نصير يتولى أمور المغرب 


القبائل ومن يمكن أخذه على غرة منها . فنحن نقرأ فى أخباره : «أن الجواسيس أتوا موسى 
فقالوا له : إن صنهاجة بغرة منهم وغفلة » وأن إبلهم تنتج ولا يستطيعون براحاً » فأغار 
عليهم موسى بأربعة ألاف من أهل الديوان وألفين من المطوعة ومن قبائل البربر وخلف 
عياشاً على أثقال المسلمين ... فسار موسى حتى غشى صنهاجة ومن كان معها من قبائل 
البربر وهم لا يشعرون فقتلهم قتل الفناء » فبلغ سبيهم يومئذ مائة ألف رأس ( كذا) ومن 
الإبل والبقر والغئم والخيل والحرث والثياب ما لا يحصى ء ثم انصرف قافلاً إلى القيروان » 
وهذا كله فى سنة ثانين (كذا)». 

ولسنا نفهم سبباً آخر لمثل هذه الغزوة غير الطمع ف المغائم » بل حدث أن غزا كتامة 
واشتد فى أذاها » فسارع رجالمها يؤكدون له طاعتهم وحسن ولائهم » فأصر على أن يسىء 
الظن بهم » ومضى يواتر الغزو عليهم وأصر على قتل رهائنهم » حتى انتكشفت له براءتهم 
على نحو لا يقبل الشك » فانصرف عنهم بمغنم وافر . 

هذاء نحن لا نسمى أعمال موسى بن نصير فى المغرب فتوحاً , لأن الفتح تم على يد 
حسان . وكان موسى قديراً على الاستيثاق منْ طاععة من بقى خمارج الطاعة من القبائل » 
أو من بَعْد مكانه منها كأهل السوس الأدنى » بوسائل أخرى غير هذا الغزو العنيف . بيد أن 
هذه الغزوات لم تكن شراً خخالصاً ٠‏ بل هى أحدثت فى الغرب رجة كبرى أفاقت بسببها 
القبائل وتنبهت إلى هذا العصر الجديد الذى بدأ فى حياة بلدهم . وملك الروع معظمهم 
فتسارعوا إلى المسلمين يدخلون فى الطاعة ويعتنقون الإسلام » ورأى الكثيرون منهم ما يجنيه 
مواطنوهم الذين يسلمون وينضمون إلى جيوش المسلمين من الخير والعُنّْم » فأقبل الكثيرون 
منهم ينضمون إلى جيوش المسلمين آلافاً » ولا يكاد الواحد منهم يسلم حتى يسير مع 
الجيش الفاتح يغزو معه ويغنم معه . 

ووافق ذلك مزاج القبائل البربرية المتبدية » وجمعتها مع العرب صفات البداوة والفطرة 
والنشاط وحب القتال » فازدادت جيوش المسلمين فى إفريقية زيادة سريعة مطردة لا نكاد 
نجد لها شبيهاً فى أية ناحية أخرى من نواحى الدولة الإسلامية إذ ذاك » وكان لا بد لابن 
نصير أن يجد لهذه الآلاف مجالاً للغزو والنشاط وإلا صعب عليه ضبطها » فمضى هذا 
الرجل الموفق يقود الجيوش وتقوده الجيوش » مضى يفتح ويسترسل فى الغزو حتى أدرك 
من ذلك غاية لم تكتب إلا للقلائل جداً من قادة المسلمين . 


موسى بن نصير يتولى أمور ا مغرب ان 





توجه موسى بضرباته فى كل ناحية . وبدأ بتوجيه حملة نحو سجوما ‏ ويبدو أن طوائف 
البربر التى اشتركت فى حرب عقبة بن نافع سنة /41ه (7١/م)‏ وقتله عند تهودة كانت 
تسكن على مقربة من هذه المدينة المربرية » وقد قاد هذه الحملة عياض وعثان وأبو عبدة من 
أبناء عقبة بن نافع » فانتقموا لمقتل أبيهم من أهل البلد ومن حوله انتقاماً شديداً » ثم أعقب 
ذلك بسلسلة من الحملات على هوارة وزناتة وكتامة » وقضى على ما عسى أن يكون قد 
اختلج فى نفوسها من تفكير فى الثورة والاستخفاف بالحكام كا كان الحال أيام البيزنطيين . 

ولما كان موسى بهتم اهتاماً عظيياً بمسألة الأسرى والمغائم » فقد كان أهل البلاد 
يسارعون بالإسلام افتداء لأنفسهم من الأسرء وببذا جعلت أعداد عظيمة من أهل هذه 
القبائل تسلم وتقبل على القيروان طلباً للاشتراك فى الفتوح والغزوات . ومن هنا لا غرابة فى 
أن نسمع أن موسى أرسل بعد ذلك بقليل جيشا عظيما عدته ١7٠٠٠١‏ من العرب و 1١٠٠١‏ 
من البربر لفتح السوس الأقصى ء وأن هذا الجيش وصل إلى نهر درعة وعاد بطاعة أهله . 

وكانت تلك هى أول مرة فى التاريخ يصل فيها فاتح أجنبى إلى هذه النواحى الداخلية 
النائية من بلاد إفريقية » ومن هتاك اتجه بهذا الجمع نحو طنجة فافتتحها وترك عندها حامية 
عظيمة يقودها مولاه طارق بن زياد » وعهد إليه بالعمل على نشر الإسلام فى] جاور طنجة 
من بربر غمارة وبرغواطة . وعسكر طارق بمن معه من المسلمين على سواحل بحر الزقاق » 
وبدأت أنظارهم تتجه نحو إسبانيا فى العدوة الأخرى . 

ويبدو أن ميدان إفريقية ضاق بنشاط موسى وقواده وجنودهء لأن ابن عذارى يحدثنا- 
رواية عن اين القطان ‏ عن حملة إلى صقلية ء غزا المسلمون فيها سرقوسة وعادوا موقرين 
بالغنائم - 

وعاد موسى إلى القيروان مخلفا طارق ين زياد ومن معه يموضعهم هذاء وعلم طارق أن 
ميناء سبتة على مقربة منه » فيدأ يتحرك نحوها وهناك وجد شخصية غريبة غامضة يتحدث 
عنها المؤرخون كثيراً » ولا تزيدها كثرة الحديث إلا إمعاناً فى الغموض » تلك هى شخصية 
يليان . 





مقدمات الفتح - يليان 66 


أقام طارق ومن معه من جند العرب والبربر على الساحل المغربى عند 


؟١.‏ مقدمات 0 9 2 
طنجة وما حوهفا 2 واخدت أعدادهم تزداد مع الزمن » وبدات انظار 
الفتح 


طارق تتطلع إلى ميدان جديد يشغل فيه هذه القوى العظيمة التى كانت 
تحت يده . وقد كان موسى بن نصير يشغل قواه قبل ذلك فى مغازاة القبائل البربرية 
واجتياح أرضها والعُنْم منها » ولكن طارقاً م يكن ليستطيع أن يفعل ذلك » لأنه بربرى 
الأصل من جهة . ولأنه كان عميق الإيهان لا يرضى أن يضع السيف فى قوم لم يعرض 
عليهم الإسلام بالحستى . 

ويبدو أن من معه من الجند بدأوا يلفتون نظره نحو الأندلس وما هى عليه من ضعف 
وما تضمه من عيون الثروة » ولا نزاع كذلك فى أن أنظاره بدأت تتجه نحو حصن سبتة 
الذى عجز المسلمون عن الاستيلاء عليه مرتين : فى المرة الأولى كان يقودهم عقبة بن نافع » 
وف المرة الثانية موسى بن نصير » وظل هذا الحصن كالصخرة البارزة تقوم فى وجه العرب 
فى منتصف الطريق(03). 
هنا تجمع الروايات العربية كلها على قيام شخصية غريبة بأمور سبتة فى 
ذلك الحين : تلك هى شخصية يُليان . واختلفت المراجع حول يليان هذا 
اختلافاً عظيياً » فبعضها يزعم أنه قوطى » وبعضها يزعم أنه رؤمى ٠‏ وبعضها الأخير يزعم 
أنه بربرى من غهارة » ولكنها جميعا تتفق على أنه كان صاحب سبتة وما حواليها » وأن 
سلطانه كان عظيراً على من كان يجاوره من البربر ‏ من غيارة وبرغواطة على الخصوص - وأن 
صلات من الود والولاء كانت تربطه بلذريق ملك الأندلس0). 


4 يليان 


. 45 راجع عن هاتين المحاولتين : ابن الأثير : أسد الغابة . ج 4 ص‎ )١( 
.ابال٠ والنويرى : نبهاية الأرب ورقة‎ 
. ١86 وابن خلدون : العبرء ج ؛ ص‎ 
. والأخبار المجموعة . ص ؟‎ 
. 7١6 وابن عبد الحكم : فتوح .ص‎ 
٠ يتحفظ ابن عبد الحكم فى تحديد علاقة يليان بلذريق فيقول إنه « كان يؤدى الطاعة إلى لذريق صاحب الأتدلس‎ )7( 
- ولايقول شيئا عن أصله أو جنسه . وكذلك الأخبار المجموعة تكتفى من صفته بأنه « علج » وأنه كان يحكم‎ 


61 يليان 


وقد حقق دوزى وكوديرا وسافدرا شخصية يُلْيَانَ . فأثبت دوزى وجوده فعلاً بعد أن 
كان بعض العلباء قد ذهبوا إلى أنه شخصية أسطورية خلقها خيال العرب217. وأكمل 
سافدرا عمل دوزى وزادنا علي بشخصية يُليان وأصله والدور الذى قام به هو وأولاده 60 


وتستطيع أن نقرر ‏ اعتاداً على أبحاث دوزى وسافدرا ‏ أن الإقليم الذى كان يحكمه 
يليان » وهو مرطانية الطنجية ( 11928]212 31131116]81218 ) كان فى ذلك الحين تابعا 
للدولة البيزنطية لا لإسبانيا القوطية » وأن يليان كان يقوم حاكياً عاماً ( 587605 ) لهذه 
الناحية من قبل الامبراطور البيزنطى » وأنه بدأ ولايته فى سن صغيرة . وأقام فى هذه الناحية 
زماناً طويلاً » ولما كانت مرطانية الطنجية بعيدة كل البعد عن بيزنطة » ولما كانت أمور الدولة 
البيزنطية فى ذلك الحين مضطربة اضطراباً لا يمكنها من الإشراف على ولاياتها القريبة فضلاً 
عن البعيدة » فقد تحرر يليان من سلطان الدولة وأصبح كالحاكم المستقل فى هذه الناحية » 
وإذ انقطعت عنه الإمدادات من الدولة فقد بدأ يوثق علاقاته بمن جاوره من قبائل البربر 
حتى كسب وُدّها وأصبح كالزعيم لحاء حتى اختلط الأمر على الناس وحسبوه بربرياً . 

عرف العرب يليان أول مرة عند وصول موسى بن نصير إلى إقليم طنجة سنة 4/ه 


- ١مداين‏ على شط البحر فيهاععال صاحب الأندلس قد غلبوا عليها وعل ما حوطها. وكان رأس تلك المدينة مدينة 
يقال لها سبتة » وكان عليها وعلى من حوها من المداين علج يسمى يليان » » مما يفهم منه أن يليان كان عاملاً من عمال 
لذريق . ويصغه ابن خلدون بأنه رومى » ويذهب ابن عذارى إلى أنه قوطى . ولقبه ابن الأثير بالبطريق » أى أنه يقرر 
أنه كان رومياً . 

أبن عبد الحكم : فتوح » ج ١‏ ص 5١4‏ . 
ابن الأثير : الكامل » ج 4 ص 84 . 
أخبار جموعة » ص4 . 
ابن خلدون : العبر. ج 4 .ص 7886 . 
ابن عذارى : البيان» ج ١‏ ص 7١١‏ . 
(١)انظر:‏ . 594 57 .مم 1 ( .ل6 3 ) وعطء معطعع5 . 10021 
وراجع عنده عبارة إيزودور الباجى التى تذكر يليان ووظيفته ذكراً حرفاً يصعب منها استكشاف حقيقة أمره. 

(0) .509 48 .مم ,مللنااكظ .54487/58101848 وقد ذهب سائفدرا إلى أنه فارسى الأصل وأنه من الأزارقة » وقد 
استتتج ذلك من أن يليان خلف ولداً اسمه بَسلكايش أسلم بعد الفتح العربى وحسن إسلامه . وبلكايش اسم من 
أسماء الفرس الأزارقةء بل ذهب إلى أنه من كونابور كبرى مدائن أديابين (8013566) » وتقع كونيابور بين 
تكريت وأربلاس ء وإليك سلالة يليان بعد الفتح بحسب ما تذكره الروايات الإسلامية : 

يلياشه بلكايش_ي عبدالله هم الحكم هم سلييان به أيوب ( توق سنة 7”757) هم سليان ( توفى سنة 
4) ه أحمد ( توق سنة 784) . 

وقد اشتهر الثلاثة الأخيرون بصدق الإسلام وسعة العلم . 

ويلاحظ القارىء أن آراء سافدرا فيا يتصل بأصل يليان فيها تكلف كثير . 


يان /اه0 


)4 ٠لم)‏ على وجه التحقيق , أما ما يذهب إليه ابن الأثير من أن عقبة لقى يليان سنة 7ه 
(585 م ) وأنه نزل على حكم عقبة فأمر مشكوك فيه ولا تؤيده أية رواية أخرى . وكان 
ملك إسبانيا فى ذلك الحين غيطشة » وكان الود معقوداً بينه وبين يليان » ولهذا حرص هنا 
الأخير على صرف عقبة عن إسبانيا وتوجيهه نحو البربر» فلما انصرف موسى إلى القيروان 
وخلف طارقاً على طنجة وما جاورها » أحس يليان خطر المسلمين وضغطهم عليه ويدأ 
يصانعهم . وعمل على كسب ود طارق بن زياد أمير طنجة واتصلت بينهما الأسباب . ولسنا 
نعلم شيئاً عن الأساس الذى قام السلام عليه بين الجانيين » وكل ما نعرفه هو أن طارقاً 
حاول الاستيلاء على سبتة فلم يستطع فاكتفى بمودة صاحبها . وكان طارق ‏ كما سترى - 
رجلاً سياسياً بعيد النظر » فلعله صادق يليان ليستعين به على إخضاع مَنْ تحت سلطانه من 
البربر وهم كثيرون 17" . 
وفى هذه الأثناء كان لذريق قد قام بثورته وعزل غيطشة وقتله وتولى مكانه » ولما كان 
يليان حليفاً لغيطشة فقد حاول أن ينزل الأندلس أثناء القتال بين الجانبين معيناً لحليفه . 
ولكن أنصار لذريق ردوه إلى بلاده منهزماً فعاد يليان إلى بلده سبتة وتحصن فيه ولبث يرقب 
الحوادث. 
فل) قتل غيطشة وتفرق أتباعه فر بنوه نجاة بأنفسهم . والخلاف شديد بين المؤرخين 
حول الوجهة التى اتخذوها بعد تفرق دولتهم » فبذهب نفر إلى أنهم عبروا إلى إفريقية وأقبلوا 
يستعينون بالعرب على إدراك ثأرهم من قاتل أبيهم' '» ولكن المراجع العربية - فيها عدا ابن 
1) راجع بحثى دوزى وسافدر السابق الإشارةإليهياء وص ى الأخبار المجموعة يؤيد ما يذهبان إليه . 
ويقهم من قول ابن عبد الحكم : ١‏ فراسل طارق يليان ولاطفه حتى تباديا » أن طار نآ تفط- ن إلى مقدار الخير 
الذى يستطيع أن يجنيه من صداقة رجل قادر مثل يليان فاجتهد فى كسب ودهء ولا يعقل أن يكون طارق قد لاطف 
يليان ليتقى شره » بل ليفيد منه فيم] هو أهم من سبتة . وربها جاز لنا أن نتحج من ذلك أن أنظار طاوق كانت 
متجهة نحو الأندلس » وأنه اجتهد فى كسب ود يليان ليفيد منه فى تحقيق أميحه هذه . 
ابن عبد الحكم : فتوح .ص 5١8‏ . 
)١١‏ يتفرد المؤرخ سباستيان بالقول بأن أولاد غيطشة عبروا إلى أفريقية وذهبوا يستعدون العرب على الأندلس ويزينونت 
هم فتحهاء وهذا نص روايته : 
م ناعنك 10101013 ا تمقع )للا ماع [زأل .ملع2: 131 النائع لك كنطاه00) 2 كنت ع1 ,مأءلناعل مددع 1لا 
لفان انث 20 1415505 .كعالتمااهمك ع10ألنن, 32660721 0110195 كلهم لاانالوعع؟ كنك لعلسن 18 لمنن 
1 انق لويد ذ!؟ عمك“206 كبوط1 229 عناوك0ت . أمناعم لوداذأ نكائلة ذا كملءع5342 
ولو أيد مؤرخو العرب هذا الرأى لقبلناه » ولكن سباستيان ينفرد به ولا يذكر ما يؤيده. 


51 
١ 22.685-60.‏ رلعة) عماء لع .12021 


مه يان 





القوطية ‏ لا تذكر شيئاً من ذلك » بل تذهب إلى أنهم كانوا صغاراً حينم| وقع لأبيهم ما وقع » 
وأنهم تفرقوا فى البلاد حيناً ثم صا حوا لذريق واستقروا فى أمانه وقد انطوت قلوبهم على 
كراهية الغاصب » وأن العرب لم يكادوا ينزلون الأندلس ويسيرون لحرب لذريق حتى 
سارع أولاد غيطشة وأتباعهم فتركوا صفوف القوط وانضموا للعرب أثناء الموقعة » وأن 
فعلتهم هذه كانت قاصمة الظهر لجيش القوط . 

ويغلب أن فى هذه الرواية بعض المبالغة » لأن تصرف العرب مع أولاد غيطشة بعد تمام 
الفتح لا يدل على أن العرب كانوا مدينين لهم بفضل كبير كهذا » وكل ما حدث هو أن أبناء 
غيطشة هؤلاء تقدموا إلى المسلمين بعد انتصارهم يطالبون بشىء من ضياع أبيهم » فأعطاهم 
المسلمون جزءاً كبيراً منها كسباً لودهم . وقد أحسن المسلمون بذلك إحساناً عظيراً » لأن 
أبناء غيطشة أصبحوا من ذلك الحين من أخلص الأنصار لهم » بل لم يلبث بعضهم أن أسلم 
وحسن إسلامه . 

وعلى هذا تستطيع أن نقرر من غير حرج أن أولاد غيطشة لم يحرضوا العرب على غزو 
البلاد» بل انتظروا حتى تم انتصارهم فانضموا إليهم وجعلوا أنفسهم أدلة للمسلمين على 
عورات الأندلس » والغالب أنهم حسبوا أنهم مستطيعون الاستعانة بالعرب على إدراك 
تأرهم من قاتل أبيهم » لأنهم كانوا يظنون أن العرب إذا أقبلوا إلى الأندلس لم يلبثئوا أن 
ينصرفوا عنها لأهم لا يطلبون من فتوحهم غير الغنيمة . ولكن العرب خيّوا ظنونهم 
وهبطوا البلاد بقوة كبيرة » ولم يكد العرب يلقون القوط حتى قضوا على قوتهم القضاء 
المبرم » وظهر أنهم ماضون فى فتح البلاد بنية إدخالها فى حوزة الدولة الإسلامية » فلما استبان 
أبناء غيطشة ذلك تقدموا إلى العرب يطلبون الأمان مع من تقدم » وأكرمهم العرب وردوا 
عليهم شيئاً من أملاك أبيهم . 

فإذا لم يكن أبناء غيطشة هم الذين استدعوا العرب إلى الأندلس . فيا الذى حدا بهؤلاء 
إلى العبور ومحاولة فتحها فى وقت لم تكن أقدامهم فيه قد ثبتت فى المغرب الأقصى ؟ ما الذى 
شجع طارق بن زياد وموسى بن نصير على الخروج فى هذه المغامرة الكبرى التى كان من 
الممكن أن تجر على المسلمين شراً كبيراً ؟ ما الذى شجعهم على الخروج إلى شبه الجزيرة 
الإيبيرية الواسع فى قوة قليلة لا تزيد على السبعة آلاف » وهم يعرفون أن المغرب - وهو 
أضعف من إسبانيا بكثير - لم يتم فتحه إلا ببضعة جيوش يبلغ أقلها أضعاف هذه الالاف 
الح الى مناز يها ظازق ؟ 


فتح الأندلس 23 


0 هنا تذهب أغلبية المؤرخين إلى أن العرب ل يفكروا فى قتح الأندلس فتحاً 
8 كاملاً والاستقرار فيه من أول الأمر وأنهم ما كانوا يطلبون إلا بعض الغنيمة 
ثم يعودون إلى إفريقية » وأن غزوتهم للبلاد أخذت طابعا اخر بعد انتصار 
طارق هذا الانتصار الحاسم الذى لم يكن منتظراً عند وادى لكة » ويعتمد هذا النفر من 
المؤرخين على ما ورد فى المراجع العربية من أن موسى غضب على طارق وعاقبه على 
الاسترسال فى الفتح خلافاً لما كان قد أمره به » وقد روى ذلك ابن عذارى عن ابن 
القطان(0). 
القليل لا يدل على أنه كان ينوى غزو البلد وفتحها فتحاً كاملاً . وإنما هو جرد الاستطلاع . 
ولكننا لو ذكرنا الأسلوب الذى جرى عليه العرب فى فتح مصر والمغرب مثلاً للاحظنا أن 
التقديم للفتوح بقوة صغيرة تعقبها الإمدادات كان أسلوب العرب ف الفتح : يرسلون عدداً 
صغيراً ويكونون على الأهبة لإتباعه بالإمدادات إذا لزم الأمر ؛ وقد حدث هذا فى الأندلس 
بالفعل . إذ أسرع موسى لِعَوْنَ طارق بخمسة الاف من الجند . وأما غضب موسى على 
طارق فسببه أن موسى خشى أن يكون طارق قد تهور وغامر بالمسلمين أكثر مما ينبغى » وربما 
يكون قد حسده على ما نال من التوفيق وما أدرك من المغانم » وكان موسى على ما نعرف 
غير جرد من الحسد أو الشره إلى المغانم . 

م يكن فتح الأندلس إذن محرد مغامرة صادفها التوفيق فكان ها ما بعدها » وإنما كانت 
من أول الأمر فتحاً مدبراً جرى فيه المسلمون على أسلوبهم الذى ذكرناه فى فتح البلاد » ومن 
أدلة ذلك ما ورد فى ١‏ الأخبار المجموعة » من أن موسى كتب إلى الوليد يخبره بدعوة يليان 
إياه لفتح الأندلس « فكتب إليه أن خُضها بالسرايا حتى تختبر [ها] ولا تغرر بالمسلمين فى 
بحر شديد الأهوال» . فكتب إليه أنه ليس ببحر وإنا هو خليج يصف صفة ما خلفه للناظر 
فكتب إليه : « وإن كان ! فاختبره بالسرايا » مما يدل على أن موسى كان قد قرر الفتح وعرف 
)١(‏ ابن عذارى : البيان » ( طبعة كولان وبروفتسال ؛ لايدن )١40١‏ ج1 ص1 . ومع الروايات العربية كلها على 

أن موسى خاطب طارقاً بيا يُفهم منه أنه كان قد أمره بمجرد غزو البلاد والغنم منها ثم العودة » وقد استعان 

المستشرقون - والإسبان منهم خاصة - ببذه العبارات ليحكموا على الغزو العربى بأنه كان يحرد مغامرة . 
راجع مثلاً : 


.0 لالا.مم كوعطورة دعا عدم عمع دمذظ '! عل عاغنومم ذا عند كعلنااع, ار . 360)كعطاعرععع. 1002.1 
[.ءمعدموط ل كقمص اندنل/آ . اأغطا8] 


1 فتح الأندلس 





من شأن الأندلس ما شجعه على المضى فيه » ولهذا كتب إلى الخليفة يستأذنه » ولو كان أراد 
جرد الغزو للغنيمة ثم العودة لما كتب يستأذن » ثم إن قول الخليفة له : اختيره بالسرايا » 
يُفهم منه أنه يوافق على الغزو وإنما يأمر موسى أن يستوثق لجند المسلمين قبل أن يبدأ 
العمل(2©2. 

ومن دلائل ذلك أن طارقاً وموسى سارا فى بلاد الأندلس منذ اللحظة الأولى سيرة من 
قدّر كل شىء قبل الشروع فى العمل : سار طارق قدماً من مدينة لمدينة حتى انتهى إلى 
طليطلة » ولو كان يرجو مجرد الغارة والغنيمة لعاد بعد أن وقعت فى يده مديئة أو مدينتان 
وامتلآت يداه وأيدى أصحابه من الغنيمة . 


وتجممع المراجع العربية كلها على أن يليان هو الذى دعا موسى لغزو الأندلس وكشف له 
عوراتها وهوّن عليه أمرها("2. وتجعل المراجع لذلك قصة ملخصها أن يليان كان قد أرسل 
ابنته إلى قصر لذريق لتتأدب وتنشأ فيه أسوة بغيرها من بنات سروات القوط فى ذلك الزمان» 
وأن لذريق بصر بالفتاة وطمع فيها ونال منها ء فكتبت إلى أبيها بخبرها » فأحفظه ذلك على 
لذريق » ودفعه إلى التفكير فى الانتقام منه » فاتصل بطارق وأخذ يزين له فتح الأندلس 
ويحرضه عليه حتى وُقَق لما أراد» ثم جعل نفسه وأتباعه أدلاء للعرب ف الأندلس يدلونهم 
على طرقها وبلادها ومواضع الضعف فيها”". 


(١)الأخبار‏ المجموعة » ص 0-/ا 

وابن عذارى : البيان» ج "اص" . 
(؟) انظر مثلاً : ابن عذارى » ج؟ ص 3 . وليس فى هذه الرواية أية إشارة إلى قصة ابئة يليان . 
() لا حاجة بنا إلى الإشارة إلى مواضع هذه القصة فى مراجعنا العربية , لأنها متواردة فيها جميعاً من غير استثناء . 

أما المراجع اللاتينية فلم تعرف هذه القصة إلا منذ سنة 1١٠١‏ ء إذ ورد ذكرها لأول مرة فى مرجع إسبانى لاتينى 
هوه تاريخ راهب سيلوس »؛ ذكرها مجملة على صورة قريبة الشبه بم| تذكره الروايات العربية . 

وليس إلى الشك سبيل فى أن العرب لم يخترعوا هذه القصة اختراعاً » ولكتنا لا نستطيع مع الأسف الوقوف 
على أصلها . وقد ذهب سافدرا إلى أنه من الممكن أن يكون يليان قد أرسل نفراً من أهله إلى طليطلة ليأمنوا فيها حيئا بدأ 
العرب حصار سبتة وتهديدها » وأن ذلك قد يكون أصل القصة ء وأيد رأيه هذا بأن ابن خلدون وسان بدرو بسكوال 
يذهبان إلى أن الذى اعتدى على ابنة يليان كان غيطشة لا لذريق» لأن غيطشة كان صديقه ى| قدمنا أما لذريق فلم يكن » 
ومن غير المعقول أن يكون يليان قد أرسل ابنته لتتأدب فى قصر ملك بينه وبينه عداوة . وقد ذهب الأستاذ سافدرا إلى أننا 
حتى لو قبلنا هذه القصة فإننا لا نستطيع أن نجعلها سبب عبور العرب إلى الأندلس » لأن مثل هذا الاعتداء لم يكن ينظر 
إليه إذ ذاك بالاشمتزاز الذى ننظر به إلى مثله الآن . 

ولم يذكر مؤرخ عربى واحد لابنة يليان اسماً » وتذكرها المراجع اللاتينية بين سنتى ١111و 770١‏ من غير اسم 
كذلك حتى اخترع لطا 0011481 :2151 28080 اسباً حوالى سنة 1٠١‏ . ولسنا نعرف من أين أتى بدرو بهذا 
الاسم » وإن كان المظنون أنه ابتكره جرياً على عادته فى اتمتراع أساء لمن لا يجد له اسياً من شخوصه التاريخية » - 


فتح الأندلس 5١‏ 





ولسنا نريد أن نقف طويلاً عند هذه القصة » فقد تكون صحيحة وقد تكون من اختراع 
القصاص » ولسنا نحتاج إليها لكى نعلل دخول العرب الأندلس تعليلاً معقولاً » فتقد كان 
ذلك الدخول هو الأمر الوحيد المنتظر فى الظروف التى سادت المغرب خلال السنوات التى 
سبقت الفتح . فققد رأينا طارقاً يقيم على الزقاق ومعه عدد عظيم من الجند العربى والبريرى 
يتطلع معظمهم إلى الفتح والجهاد » وكان يليان إلى جوارهم يوجس خيفة منهم » فد كان 
المسلمون قد حاولوا فتح معقله سبتة » وكان موسى بن نصير درت دار لمن 
«عنده عُدَّة وقوة ونجدة ليست تشبه ما قبلها فلم يطقهم » فرجع عنهم إلى طنجة » وجعل 


وهذا الاسم هوه لا كافا * (3102) هآ) . وكافا اسم مدينة إيطالية على ممَربة من سالرئو فى مملكة نابل » ولما كان 
ألفونسو الخامس ملك إسبائيا قد غرا نابل وزار بعض جنوده مدينة كافا ‏ فقد عاد الجند يحملون هذا الاسم وتسمى به 
نفر من الإسبانيات فى ذلك العهد . 
بيد أن عالماً إسبانياً هو 84 الاءا 1ه 28 1 نا 2410 خرج عل الناس فى سنة 1544 بتفسير عربى هذا اللفظ . 
فذهب إلى أنه مأخوذ عن اللفظ العربى «قحبة» . وذكر أن قصاص الأندلسين كانوا يمون ابتة يليان به فى العصور 
الإسلامية. ولزمها الاسم بعد ذلك . واحتج لذلك بأن لوقا التودى ذكر الفتاة هنا الاسم فى « تاريخ الدتيا » -0081)) 
(لل نلا ترم . وحقيقة يوجد الاسم فى بعض النخ ء ولكنه لا يوجد فى النخ المقطوع بصحتهاء مما يؤيد القول بأن 
النساخين أضافوا هذا الاسم من عندهم في] بعد . 
أما قصاص الإسبان وواضعو الأغانى الشعبية فقد سموا هذه الفتاة فلورنده 11051802 ولزمتها هذه التسمية فى 
كتب الأقاصيص والأشعار جميعاً» وذهب البعض إلى أن هذا الاسم صحيح وأنه تخفف من الاسم القوطى فلوريسندا 
(هلمدتوعءه1!ط) . 
ومهما يكن من الأمر فقصة ابنة يليان قليلة الأثر فى التاريخ وإن كانت عظيمة الأثر فى الفن والأدب . وهى بهذا 
أحسن حظاأً من صاحبتيها ه ابنة المقوقس » وه ابنة جرجير » والاثنتان من اختراع قصاص العرب .ء ولا يبعد أن تكون 
قصة ابنة يليان من اختراع قصاص العرب كذلك . 
15 ال . عدمء زد ممعنهم0 
. 58-59 مم .... ومألناادط. 1214 5448/1/2 
22101 .ته ه0016 01082 . 1[4100خ]! خخارا/1 544 
. 6ع15006 ومودا بإع1] أعل معنومم) . 001141 باغ كراعم 
مع 8005 بوعر اعل وععءلمهملرع/ا وترماذلل] . ىالتاءا عاذ ظآططا ءاغانا)للة 
ويْظّن أن هذا الكتاب الأخير مترجم عن كتاب عربى يسمى مؤلفه أيا القاسم طريف بن طارق -0108ا48) 
( 14810 العاظه 14181 1301© عن شهدرا الفتح (كذا) لأن هوامش النسخة الإسبانية تحمل عبارات وألفاظاً 
عربية» ولكن البحث التاريخى يشكك فى أن أبا القاسم هذا من شهدوا الفتح أو حتى من القدماء . لأن بعض ألفاظه 
مثل ه زن * حديث لم يستعمله أهل المغرب إلا فى زمن متأخر . وقد اعتمد على هذا الكتاب الأخبر شاعران كبيران 
هما: 
تممكط عل م0000) عرعاكو2 لق ]نا عا عنما 
لنهم5 أك5ع0ا00) عط كه كلوععع ا . 111/130 5013101010م لا 
وقد نسب بدرو دل كورال هذه الأسطورة إلى أحمد بن محمد الرازى المؤرخ . 
وانظر عن لفظ فلورندا : 
. 256.!. الع 1تممك5 وه عاداء تاعوع) . ع كل8 لاطا 


7 فتح الأندلس 





يدث ما حوهم بالمغاورة فلم يطقهم)(' . مما يفهم منه أن المسلمين لم يدعوا يليان هادثاً 
مطمئناً فى بلاده » ومن الطبيعى أن يلجأ يليان فى مثل هذه الظروف إلى صرفهم عن نفسه » 
وكان طارق كى) رأينا قد صافاه بعد ذلك وصادقه”'2. وكان جند طارق من البربر يعلمون 
عن الأندلس شيئاً كثيراً » ولابد أن نفوسهم كانت تنازعهم إلى خيراته ومغانمه . ومن 
الطبيعى فى مثل هذا الظرف أن تولد فكرة فتح الأندلس . 

ويذهب سافدرا إلى أن يليان ذهب للقاء موسى تنفيذاً لمؤامرة دبرها مع أبناء غيطشة 
وأنصاره . ولسنا نعرف كيف ذكر سافدرا ذلك فى صيغة التأكيد . مع أن المراجع جميعا 
تختلف حوله اختلافاً شديداً » ولا يتضح وجه الحق فى هذه المسألة إلا إذا درسنا من جديد 
العبارات القليلة التى بين أيدينا عن الأحوال فى طليطلة خلال الأشهر التى سبقت هذه 
الأحداث التى نرويها(". 

يشير إيزودور الباجى فى حوادث سنة 7٠١‏ إلى « حادث محزن ( 5ع120ء 21268:منا5) 
وقع بطليطلة » واضطر كثيراً من نبلاء القوط إلى المجرة من إسبانيا فتشردوا فى كل 
ناحية»7؟2. ولم يذكر لنا إيزودور ما هو هذا الحادث المحزن » وذهب دوزى إلى أن إيزودور 


(١)الأخبار‏ المجموعة » ص 05-4 0 

(؟) يقول ابن عبد الحكم فى هذا : ١‏ وكان يليان يؤدى الطاعة إلى لذريق صاحب الأندلس . وكان لذريق يسكن 
طليطلة » فراسل طارق يليان ولاطفه حتى تباديا ... ؛) 

انظر : فتوح ... ص 3١9‏ . 

(9) . 55- 54 .مم .اك .م0 .544177/51084 وسياق رواية سافدرا قصصى فى هذا الجزء من تاريخه القيم » فهو 
يذكر كيف أن يليان كان رجلاً ماهراً أريباً» اجتمع فيه عقل البيزنطى وشجاعة الإيرانى وثبات الإفريقى , وأنه رأى 
أن يبعث إلى طارق وفداً يرأسه رجل من كبراء أتباعه يسمى أخيلا بسطوا لطارق مظلمتهم وصوروا له سوء حالهم 
بعد الذى أصابهم من لذريق وغدره » وأن نفس طارق تأثرت ببذا الكلام فبعث الرسل إلى موسى فى القيروان » وأن 
هذا قدر خطورة المسألة » فأرسل الرسل إلى دمشق ليبسطوا المسألة للخليفة على وجهها ويقنعوه بضرورة الإذن 
لموسى فى فتح الأندلس . وأنهم عادوا من دمشق بالإذن المطلوب » فسارع موسى ف تنفيذه » وأحب أن يستوثق من 
صدق نية هؤلاء القوم فطلب إليهم أن يسلموه رهائن من لدنهم يكونون عنده . 

وهذا كله كلام يحتاج إلى إثبات » أما أخيلا هذا فقد ورد ذكره فى ابن عذارى » ويذهب سافدرا إلى أن شخصا 
يسمى بهذا الاسم قد وجد فى هذا الظرف فعلاً » وأنه كان حاكم طنجة أو كونتها » وقد ذكره رودريجو خيمينث ونسب 

إليه نفس الدور الذى تنسبه الروايات الإسلامية إلى يليان نفسه . 

-التقمقاطا قناطعر 06 32مؤ5ئل] . ( 701510 218 82081520خ) خمطخع قاط 11/180182[ 0ملططمع 

. 18,20 .ضقع رالا رأ بعع 

(4) هذا نص عبارة إيزودور : 

-218:من5 100002122116 218 أ أنان ز أقاععء: 021161 2156م 13101 م1أأمعزع06 7/1122 دلاطة هملع كناتنل] 

ذكنلقء ع0 113و ,التقائع ةلا 2[12110م ع 1310هم 1115 زعم ,اتنا تالكا كعالرعطع1 زمه 5أل12ء عدا د 


قتح الأندلس ان 





يشير بذلك إلى قتل لذريق لغيطشة معتمداً فى ذلك على عبارة صريحة لابن عذارى تذكر أن 
لذريق ثار بغيطشة وقتله . وعلل عدم ذكر إيزودور لذلك بأن نصه الذى بين أيدينا 
مضطرب ». سقطت - أو حذفت- منه عبارات » وغيرت مواضع عبارات أخرى . ويؤيد 
رأيه هذا بأن إيزودور يقول فى موضع آخر : إن لذريق فجأ المملكة المضطربة وحاول أن 
سعد جلي العيوح 07 

ومن هنا يكون من الجائز أن نقول إن هذا الحادث المحزن الذى يشير إليه إيزودور إنما 
هو قتل لذريق لغيطشة . لأن هذا الحادث روع أنصار غيطشة وفرّقهم فى البلاد بين قتيل 
وهارب يطلب النجدة حيث استطاع » بل ذهب دوزى إلى أن ١‏ نبلاء القوط» الذين أشار 
إليهم إيزودور إنما هم أبناء غيطشة وإخوته » وأن إيزودور لم يذكره صراحة لأنه كان أمراً 
مشكوكاً فيه أيام الفتح . وأنه لم يتضح على وجه الصحة والتحقيق إلا فيها بعد0). 

ويقول سباستيان السلمنقى : « فلما انهزم غيطشة ء أقام القوط لذريق ملكاً . فملا الحسد 
- فى الحقيقة - أولاد غيطشة من أن يغصبهم لذريق مملكة أبيهم » فدبروا أمرهم بمهارة . 
وأرسلوا رسلاً إلى إفريقية يرجون العرب المساعدة . وقدموا لهم سفناً عيروا عليها إلى 
إسبانيا»("2. وهذه عبارة تكمل رواية إيزودور وتفسر غامضها تفسيراً معقولاً » فلو جمعتا 
الروايتين معاً لجاز لنا أن نقرر أن الذى حدث هو أن لذريق بعد أن قتل غيطشة تتبع آله 
وأنصاره بالأذى ففروا يطلبون النجاة » وكان أبناء غيطشة فى مقدمة الفارين » وسواء أكان 
هؤلاء الأبناء قد عبروا إلى إفريقية بأنفسهم ليطلبوا عون العرب أم اختفوا فى بعض نواحى 
جنوبى إسبانيا وأرسلوا من لدنهم رسلاً يسسطون للعرب أحوال إسبانيا ويدعوتهم لغزوها 
ومهونون عليهم أمر هذا الغزوء فإن الحققيقة التى تخلص لنا من هذا كله هى أن أولاد غيطشة 
وأقرباءه اتصلوا بالمسلمين فى إفريقية ودعوهم إلى غزو البلاد » ووضعوا أنفسهم - بطبيعة 
الأمر - تحت تصرفهم لتسهيل هذا الغزو وتهوينه . 


-017 عنالاتة .131م20ع)2؟ لتناعع1 2005 ععم 1218]05م ناك 102 أذكتامع,10! ,عكلهم حندز مؤوععع06 200016 ع 





نا أقاع2! علا لعدلة .هاء2؟ وللاتن وتلتتدع بقتمدم؟ئ!! علط 

: نص عبارة إيزودور‎ )١( 
للا لاأشمع؟ عالمدارم! التناطعع 05لا أنالكننا كناء أمعلن8]‎ 
12021. زفق . ووذ 65 .ظ2 . 1 (.ل6 30) .وعطاعءعداءع]1‎ 
تاعبيل 16لقلاصا رتممعل للا عع أتللط .ممعع؟ صا مسااعلأء كنطاه0 3 دنع فمعلن؟] .واأعمناعل ممدع نازلا‎ )7( 
عالط تعلق 20 5هؤذ5تل1ا .ذعامقائاعم عل1ال2 بادجزعوءء26 تتيممء 2155م ااالاااععء1 كنع رعلن؟]آ لمنن م0ء‎ 
لما ) اماما للاتمتمدم !]1 5ماء2016 كناطأل121] 2050106 .1إنااءم 111لا أ اناك 15 5322617105 ,اانا‎ 

وفى الفقرة الأخيرة مخالقة لما تتفق عليه الرواية الإسلامية من أن السفن التى عير عليها الملمون كانت ليليان . 


53 فتح الأندلس 





وتؤيدنا المراجع العربية فى هذا الرأى » فهى تذهب إلى أن آل غيطشة مالأوا العرب من 
أول الأمرء وأنهم دبروا الغدر بلذريق واتفقوا على أن يتخونوه يوم المعركة الفاصلة مع 
العرب7١‏ - وهو ما حدث فعلاً - وبهذا أدركوا ثأرهم منه واستعادوا بعض ما ضاع منهم » 
لأن العرب » وإن كانوا لم يعيدوا الأمر إلى بيت غيطشة ء إلا أنهم « أمضوا لأبناء غيطشة 
ضياع أبيهم » وكانت شيئاً كثيراً » وأقاموا نفراً آخر من آل بيت غيطشة فى وظائف كبرى كما 
سترى . 

فإذا كان آل غيطشة هم الذين اتصلوا بالعرب ودعوهم إلى غزو البلاد فها هو الدور 
الذى قام به يليان ؟ يبدو أنه كان رسول آل غيطشة لدى المسلمين ‏ لأنه كما رأينا ‏ كان من 
أنصار غيطشة وأصحابه » وقد ساءثه ولاية لذريق وتخوف أن يصيبه منها شر . وكان من 
صالحه أن يعمل على إزالة ملكه والتخلص منه . وكان المسلمون جبرانه » وليس إلى الشك 
سبيل فى أنه فكر فى أن توجيه نظرهم نحو الأندلس 227 يصرفهم عنه ويؤمنه من ناحية 
جندهم الكثير الذى كان يتجمع عند طارق بن زياد فى طنجة » ولا يستبعد أن يكون أخيلا - 
حاكم طنجة الذى سبقت الإشارة إليه ‏ كان من مؤيدى يليان فى هذا التفكير » ولا يستبعد 
أن يكون هو الذى تفاهم معهمء لأنه كان قد أسلم بلده للمسلمين ودخل فى ذمتهم » 
. وكانوا يعتبرونه تابعاً من أتباعهم . 


عي جد جد 


(1) يجمع المؤرخون المسلمون على ذلك » انظر على الخصوص : 
ابن القوطية : افتاح الأندلس ص ”7 . 
الأخبار المجموعة » ص 4 . 
فتح الأندلس : ص 5-/7. 

(9) يُفهم من هذا أن ابن عذارى وصاحب الأخبار المجموعة أصرح من غيرهما فى هذا الصدد . فهما يذهبان إلى أن 
يليان سعى إلى المسلمين بنفسه وحرص على تحريضهم على غَرْو الأندلس » بل يذهب الأخير إلى أن يليان ٠‏ عقد 
لنفسه ولأصحابه عهداً رضيه واطمآن إليه » ثم وصف له الأندلس ودعاه إليها 8 . وهذه رواية يفهم منها - على 
إيجازها - ثلاثة أمور : 

. أن قصة ابنة يليان لم تكن السبب المباشر لدعوة يليان المسلمين لغزو الأندلس‎ - ١ 

- أن يليان سعى لصحبة العرب حتى عقد معهم عهداً اطمأن إليه . 

فإذا تم له ذلك دعاهم لفتح الأندلس . 

الأخبار المجموعة .ص ١‏ . 

ابن عذاوى : البياتء ج ؟ » ص 5 4 . هذا والتفاصيل التى يوردها ابن عذارى عن يليان كثيرة ذات قيمة » وقد 
درسها دوزى فى الفصل الذى عقده ئيليان فى بحثه عن مراجع العرب للأندلس ء انظر « الأبحاث 14 ج ١‏ . 


بدء الفتح 56 


وتذكر الروايات العربية أن يُليان لم يكتف بمخاطبة طارق فى الأمرء بل 
تكلف مشقة الذهاب للقاء موسى ف القيروان ٠‏ لإقناعه بسهولة فتح إسبانيا 
والتحدث إليه فى الخير الذى يعود عليه , إذا سارع وعبر إلى الأندلس واغتنم فرصة غياب 
لذريق مع خيرة جنده فى حملة حربية نحو بنبلونة أقصى شالى شبه الجزيرة . ويبدو أن 
خروج لذريق فى هذه الحملة هو الذى دعا يليان إلى الذهاب إلى موسى على عجل وإظهاره 
على الفرصة السانحة » وربهما جاز أن نستنتج من تعجيل يُلِيان بالذهاب إلى موسى أن فكرة 
الاستنجاد بالمسلمين كانت قد اختمرت فى ذهنه وعوّل على إنفاذها رغبة منه فى التخلص 
من لذريق خصمه وخصم صديقه غيطِشة . ويذهب سافدرا إلى أن يُليان ذهب تنفيذاً 
لمؤامرة دبرها مع أبناء غيطشة وأنصاره » وليس لدينا دليل على صحة هذا الفرض إلا عبارة 
سباستيان السلمنقى التى ذكرناها » وهى عبارة لا تجد ما يؤيدها إلا فى كلام ابن القوطية(١).‏ 

رحب موسى بيليان وما عرضه عليه » لأنه كان بطبعه ميالاً للفتوح والغزوات . وكان 
من الطبيعى أن يتشكك فى صحة المعلومات التى أدلى بها يليان إليه » فطلب إليه أن يقوم 
بسرية فى جنوبى الأندلس .ء وإنما أراد موسى بذلك أن يتأكد من أن يُليان عدو للذريق 
لا يخشى الإغارة على بلاده » ويرى بعينيه رد الفعل الذى يحدثه مثل ذلك العمل0"» وقد قام 
يليان فعلاً بغارة سريعة عاد بعدها محملاً بالغنائم والسبى » فتشجع موسى وقرر العمل . 

ولم يكن موسى ليستطيع الشروع فى عمل خطير كهذا دون أن يستأذن فيه الخليفة الوليد 
ابن عبد الملك ء فكتب إليه يستأذنه » فتردد عبد الملك وخاف على المسلمين مغية تخاطرة 
كهذه فى أرض مجهولة » فكتب إلى موسى يأمره أن يختير يلاد الأندلس بسرية صغيرة قبل أن 
يغامر يجيش كبير27 فانتدب واحداً من كبار أتباعه هو أبو زرعة طريف بن ملوك . ويغلب 
أنه عربى . ويبدو أنه كان رجلاً قادراً حازماً . لأنه سيقوم فيا يعد بدور خطير فى تاريخ 
المغرس9©). 


7 بدء الفتح 


. ” آنظر : ابن القوطية : اقتتاح »ص‎ )١( 
5 فتح الأندلس ء ص‎ 

- فبعث إليه باهنتيه‎ ٠ فقال طارق ( ليليان ) : لا أطمئن إليك حتى تبحث إل برهينة‎ ... ٠ : ويقول لبن عبد الحكم‎ )1١( 
ولم يكن له ولد غيرسما - فأقرءما طارق بتلمسينء واستوثق منهياء ثم خرج طارق إلى يليان. وهو بسبتة على‎ 
. 5١6 المجاز... » - قتوح ص‎ 

(") ابن عشطارى : البيانء ج؟ ص0 . 

فتيح الأتدلس . ص © 
(4) يذهب بعض المراجع إل أن طرياً كان من أهل اليمن ء وتختلف بعد ذلك ١‏ فيزعم بعضها أنه كان من النخم ٠‏ > 


11 أبو زرعة طريف يقود ب بعثاً استطلاعياً - حملة طارق بن زياد 


«٠.أبوزرعة‏ 0 عبر طريف إلى الأندلس فى قوة صغيرة من أربعمائة راجل ومائة فارس » 
طريف يقودبعئة 2 وقد قدم لهم يليان أربعا من السفن عبروا بها » ونزل المسلمون فى جزيرة 

استطلاعية ‏ صغيرة تسمى بالوماس (23101085) على مقربة من الموضع الذى ستقوم 

فيه بلدة ستحمل اسم طريف ( جزيرة طريف 121112 ) من ذلك الحين» 

حت قوة من أنصار يليان وأبناء غيطشة لعوتهم » وقامت بحراسة ا معبر حتى ثم نزوهم 
على الأرض الإيبيرية » وكان ذلك فى رمضان سنة 4١‏ ( يوليو سنة ١٠/1م)‏ . 

ومن ذلك الموضع قام طريف وأصحابه بسلسلة من الغارات السريعة على الساحل 
غنموا فيها مغانم كثيرة وسبياً عديداً » وعاد طريف بمن معه وبعث إلى موسى ف القيروان 
الحرّة 600 
00 2 ندب موسى هذا العمل الجليل رجلاً من خيرة جنده » هو طارق بن زياد . 
ولسنا نعلم شيئا موثوقا فيه عن طارق قبل قيامه بقيادة جيش المسلمين فى 
فتح الأندلس(20©. 

ولكن الغالب أنه بربرى من نفزة » ويبدو أن أباه زياداً قد أسلم أيام عقبة وحَسُنَّ 
إسلامه » وخلفه ابنه هذا فدخل فى خدمة ولاة المسلمين . ويبدو أنه كان صغير السن حينما 


طارق بن زياد 


- ويذهب البعض الآخر إلى أنه من مَعَافِره وم نعد نسمع عن طريف هذا بعد هذه السرية الموفقة التي قام بها مستطلعاً 
أحوال الأندلس للمسلمين » ولكنه يظهر مرة أخرى على مسرح الحوادث فى المغرب ٠‏ ويلعب دوراً خطيرا فى الثورة 
التى قام بها ميسرة البربرى البرغواطى فى المغرب الأقصى » والتى كانت أول حركة خارجية قام بها المغرب على 
المسلمين . ويقول ابن عذارى ( ؟/ 6) : إنه بربرى ٠‏ 

200 .4 .رم .اك .م0 .814 /اذذد 
(1) يسميه ابن خلدون : طارق بن زياد الليئى (٠‏ انظر المقرى » ج١‏ ص 147 ) وتذهب بعض المراجع إلى أن طارقاً 
ربها كان فارسى الأصل » اعتهاداً على ما يقوله الرازى سي امول ل لان عل لل لل طاو ين 
زياد بن عبد الله فارسياً همذانياً » وقيل إنه ليس بمولى موسى » وإتما هو رجل من صَدِف وقيل مول لهم » وقد كان 
عَتِبُهِ بالأندلس ينكرون ولاء موسى إنكاراً شديداً . وقيل : إنه بربرى من نفزة ...4 - تقله المقرى : النفح » ج١‏ ص 
68 

انظر : ابن عذارى : البيان» جاص" . 

الأخبار المجموعة » ص5 . 

والترجمة الإسبائية للأخبار المجموعة قام مها إميليو لافْونْتِ إى ألكانترا ص 5 » وهو يترجم هذه العبارة : 65م 2ل 

كك 

.14 ,560.(1 1) , عتقصاناكدا! عصعدمدظ '[ عل عتامأئتاا .سله ج81 8017م-1لكظا ع0 


حملة طارق بن زياد 5 


عهد إليه موسى بهذه المهمة الكبرى ء لأننا لم نسمع به قبل ذلك فى أى فتح من فتوح موسى 
على كثرتها وتواترها » ولو كان قديم عهد بالقيادة لسمعنا عنه قبل ذلك . والغالب أنه كان 
من المقربين المخلصين لموسى لأنه تخطى غيره من كبار العرب الذين كانوا يقودون الجند فى 
أيامه مثل : زُْعة بن أبى مُدرك » وعياش بن أخيّل » وطريف بن ملوك , والمغيرة بن أبى 
بردة » وغيرهم كثيرون » وعهد إليه فى قيادة أخطر عمل حربى قام به إلى الساعة . ويبدو أن 
موسى كان عظيم الثقة فى أمانته » لأنه وكل إليه أمر هذه الحملة مع ما كانت تعد به من 
المغانم » فأحب موسى أن يعهد فيها إلى رجل ثقة مأمون عنده لا يطمع فيها ولا يتحدث 
بأمرها على الحقيقة عند العرب والخلفاء . 

وعد غريت الآمر أن الشض الذى ارسله موسي كان تريزنا ضرفا أو 'يكاد ) وهذه عي 
أول مرة نسمع فيها أن قائداً إسلامياً عهد فى عمل حربى خطير كهذا إلى قائد غير عربى 
وجند غير عرب فى الغالب . ولكن موسى مع ذلك احترز للأمر فأرسل مع طارق عدداً من 
كبار الجند من العرب وموالى الأموييئ » مثل عبد الملك بن أبى عامر المعافرى ومغيث 
الرومى مولى الوليد بن عبد الملك وعلقمة اللخمى وهو عربى صرف . وكان فى الحيش عدد 
هن كبار تحاربى البربر تمن سنسمع عنهم كثيراً فيها يلى » مثل مونوسة البربرى » ويبدو أن 
موسى تعمد أن يختارهم من خيرة جنده ؛ لأننا ستراهم يقومون بها عهد إليهم فيه فى دقة 
وقدرة تبعثان على الإعجاب . 

وكان الاتفاق قد تم بين موسى ويليان على أن يكون هذا الأخير وأصحابه أدلاء 
للمسلمين ومعينين لهم فى أعمال الحملة » وتعهد يليان كذلك بأن ينقل المسلمين إلى الأندلس 
على سفن من عنده » وكانت سفن يليان التى تصلح لمثل هذا العمل قليلة لا تزيد على أربع» 
فلم يكن بد من نقل المسلمين عبر المضيق على دفعات » وأن يقيم من يعير منهم ساكناً ى 
خفية عن أهل الشاطىء حتى يتم جواز الجيش كله . 

تم عبور المسلمين فى ربيع سنة ١١لام‏ » وتذهب المراجع الإسلامية إلى أن العبور كان فى 
رجب من سنة 47هء ولكننا لا نعرف الشهر الذى عبروا فيه على وجه التحقيق(2)2 و تجمع 
63 تمع الراجع المرية كلها- نا فيها الطرا - على أن عبور المسلمين ن كان فى ربيع الثانى سنة 4ه ١(‏ الام) ٠‏ ولو 

أخذنا با يقوله الرازى ( فى ابن عذارى ) من أن طارقاً نقفه وصل الأندلس فى آخر فوج من أفواج العبور فى الخامس 


من رجب مله ة 47ه لكان فى إمكاتنا أن تستنتج أن المسلمين بذعو وا العبور فى آخر ربيع الثانى ( ابن عذارى : الييان » 


جكاءا ص 17 ). - 


14 حملة طارق بن زياد 





المسلمون عند الجبل الذى سيعرف من ذلك التاريخ بجبل طارق » واجتهد طارق فى أن 
يحضّن هذا الموضع تحصيئاً طيباً ليتخذ منه حصنا يحتمى به المسلمون إذا حدث مالم يكن 

مننظراً 27 » ولم يكد يفرغ من ذلك حتى بعث عبد املك , بن أبى عامر فى فرقة ممتارة من 

الحند سارت بحذاء الساحل الا بغرب فاستولت على قرطاية ع0 ع105 -هةلإعانة 0 
08 6,6 ثم انحدرت نحو الجنوب واستولت على بلدة الجزيرة الخضراء فى مقايل 
جبل طارق » وبذلك أصبح مضيق جبل طارق كله فى يد المسلمين » وعهد طارق إلى يليان 
ومن معه من الجند حراسة هذا الموضع وحمايته من كل هجوم منتظر . وأمن المسلمون أن 
يعبر أحد إلى مركزهم الأول عند جبل طارق فيهدد مراكزهم وطريق مواصلاتهم مع 


إفريقية20 1 


ولم يكد المسلمون يطمئنون فى مركزهم هذا حتى هاجمتهم جماعة من أنصار لذريق 
6" وتسميه المراجع الإسبانية بَنْشُو وبَنيُ » فقضوا 
عليها من غير كبير مشقة . ولم ينج من جندها إلا واحد يسمبه الرازى بلْيَاسِنْ ( -1/11!16آ 
(ذوة أا51000-8 ) أسرع إلى معسكر لذريق فى أقصى الشمال عند بتبلونة وأنبأه بخبر نزول 
العرب البلاد » فسارع لذريق نحو الجنوب واحتل قرطبة وأخذ يستعد للسير نحو الجدوب 
للقاء العرب 4) . 


يقودها قائد يسميه ابن عذارى « بنج 





- ويقول ابن حيان فى المقتبس» (ج١‏ ص 0 ١5‏ ) أن العبور كان لسبع خلون من ربيع الأول سنة 4 
ويؤيد مؤرخى العرب ف ذلك الملك ألفونو الكاستو ( الطاهر ) فى تاريخه . فيجعل العبور سنة 184 ببحسابه » 
وهى تعادل سنة ١١‏ بالحساب الجريجررى (312 .1061/11 ب204رعة5 ههدم85) . 
ويجعله إيزودور الباجى فى السنة السادسة من خلافة الوليد. وهى سئة 47 ه. 
)١(‏ يميل المؤرخون المحدثون إلى القول بأن طارقاً عمد إلى السفن التى عبر عليها فأحرقها لكى يقطع كل أمل لجنوده 
فى العودة إلى إفريقية وليدفعهم إلى الاستبسال ف القتال . ولم يذكر تلك الواقعة من القدماء إلا الإدريسى وهو من 
رجال القرن الثانى عشر الميلادى ( كتنب جغرافيته سنة 5 ١١5‏ )و وهذا نشك فى صبحة عنذا الخير ؛ ثم إن طارقا لم يكن 
يستطيع إحراق السفن لأنها لم تكن ملكه بل كانت ليليان . 
00( .65 .م ... ونلساكتا رهشا8 اهمد 
(*) كتب ابن عذارى هذا الاسم ١‏ بنج ؛ من غير شكل »ء ونقله الأسقفف رهريجو « ينسح ؛ (معموط) وجعله ساقدرا 
بَنْيُ ؛( هطعهه8 ), وورد فى تاريخ إسبانيا العام ههدمة عل لمتعرعع 0 فى صورة ِنْمِجُو 
(مععم1) وف الترجمة الإسبانية للرازى شَْسْحٌ ( 52000 ) ..وقد ختلط ابن قتيبة بينه وبين تدمير ٠‏ أما بلياسن فلم 
يرد ذكره « إلا عند الرازى وعنه أخذه سافدرا وجعله ©1006اى1112/لا . 
ابن عذارى : الييان ء ج71 ص ٠١‏ . 
49] .مراك م0 معامع لاف ةك . لنامة ,كتكة! موك (عل يعتمت :61 
وفهرس الأسماء فى تاريخ إسبانيا العام . 
(:) كان لذريق قد توجه إلى الشمال فى أوائل ربيع ١١‏ لصد هجوم قام به نفر من الفرنجة على بعض نواحى نبره ١‏ - 


حملة طارق بن زياد 539 





ويبدو أن نية طارق كانت السير مباشرة إلى قرطبة عاصمة إقليم بيطى ( بيتس ) . لأنه 
سار بحذاء الساحل حتى أدرك جزيرة طريف » ومن ثم اتجه إلى الشهال فى سهل قليل 
الارتفاع » ومر بين جبلى سيليا دل بابا وسييرا دل رتين واقترب من بحيرة الخندق ( لاخاندا) 
الواسعة التى تحصر بينها وبين سييرا دل رتين سهلاً متسعاً بعض الاتساع حصيئاً . لأن 
البحيرة تجميه من ناحية والجبل من ناحية أخرى » واستمر حتى أدرك خهير البرباط الذى 
يخترق بحيرة لاخاندا » وكانت بهذا الموضع فى هذه الأيام بليدة صغيرة زالت الآن ويسميها 
العرب بكنّه » ولهذا سموا هذا النهر وادى بكه » وحرّفه بعضهم إلى لكنّه أو وادى لكنّهِ , 
وقد أساء الراوية الإسبانى رودريجو درادا نقل هذا اللفظ فنقله ليمتّه ووادى ليته » ومن هنا 


نشأت هذه التسمية الخاطئة التى سيقع فيها كل المؤرخين الإسبان بعده » فسموا هذا الموضع 
الذى دارت عنده المعركة الحاسمة بين العرب والإسبان جواداليت ( 01020216146 ) (1) , 


> (نفار) ؛ وقد ذهب سافدرا إلى أن هجوم هؤلاء الفرنجة إنا كان بتحريض من يليان وحزب غيطشة » وقد أرادوا 
يذلك إشغال لذريق فى ناحية نائية تيسيراً للأمر على العرب ١‏ وقد اعتمد سافدرا فى ذلك على عبارة للوقا دى توى » 
يقول فيها : 

““... 3لا101اعاك لتمتصدمة !11 الع مممع ناماع انا تمعصصقط الكمغاعم!ا عل1الدء كناصضة ]نال “ 

0 مم .11 سآ ,لقنا مفعاصمن .ناآ كما كمع لاا .ك6 

65 .مأك .و0 .خفخاناط 'ل'مذد 

وقال المقرى : إن الذى أنبأ لذريق نبأ العرب هو تدمير ء وكان يليان قد استخلفه على الأندلى » وليس لدينا ما 

بقث :ذلك . 

انظر : التقح » جد ١‏ ص ١59‏ . 

)١(‏ هذا هو رأى سافدرا فى أصل هذا اللفظ وصوره المختلفة التى ورد بها فى النصوص »ء وقد ذكر جايانجوس فى 
تعليقاته على ترجمة نفح الطيب أن هذا النهر كان يسمى عند القدماء 1111505© . وأورد كذلك صيغاً أخرى لاسم 
هذا النهير هى : 

وادى لد ء وادى لكه : عند ابن الخطيب . 

عند كوند 6201021606 عل20212/الا , عكاكء1للة/ا ,201156 عند لذريق الطليطل (كناطة ]1016 15اعارّءع1]00) 
©كاعا فى الصورة الإسبانية للرازى . 

ثم أتبع ذلك برأى طريف ٠‏ وهو أنه وجد عند فلوريث فى الجزء التاسع من 8 550039 ص 055 تفسيراً 
للفظ جُوَادالِيت ملخصه أن العرب سموا نبير كريسوس بهذا الاسم ومعناه « وادى السرور » بسبب ما أصابوا من 
السرور والراحة عنده , ثم استتتجج من ذلك أن العرب لا بد قد سموا هذا النهر وادى اللذة أو وادى لذة » فكان هذا هو 

أصل هذه الصور كلها . 

.524 م:! ممتدصرذ مز . طلادا. طوكطا عطا أه أكن8 عط1 . 40005 لم0 :01 
.68-69 .م أك .م0 .لخ خ1[ظ لاددد 
وقد قرأ بروفنسال الاسم وادى لَكّه وقال : إن هذا اللفظ تحريف للفظ 5ناء3ط-1.280 أى : البحيرة . والمقصود 

هنا بحيرة الخندق (1.2(8009) . وهذا التفسير هو أقرب التفاسير إلى الصحة . 


7/6 حملة طارق بن زياد 


وهنا عرف طارق عن سبيل عيونه أن لذريق سائر إليه فى جنده » وأنه وصل إلى قرطبة 
واستقر مها قليلاً ؛ ثم تقدم جنوبيها وضرب معسكره عند شذونة (083/601285100218) 
واستعد للموقعة فى سهل البرباط على مقربة من قرية (16[25؟ 02535)) الحالية . وتقدر 
المراجع جيشه بائة ألف » وربم| كان فى هذا التقدير مبالغة » ولكن الذى لا شك فيه أن عدة 
جيشه كانت تزيد على عدة جيش المسلمين أضعافاً كثيرة » وأن عدد الفرسان فيه كان عظيما . 

ورأى طارق أن العدد الذى معه لا يكاد يكفى للقاء جيش ضخم كجيش لذريق » 
فبعث يطلب المدد من موسى » فعجل موسى بإرسال خمسة الاف من خيرة جنده يقودهم 
طريف بن ملوك وفيهم عدد عظيم من العرب » فأدركوا طارقا قبيل اللحظة الحاسمة » 
وقويت بهم نفسه ونفوس من معه . والغالب أن جزءا عظيما من هذا المدد كان من الفرسان » 
لأن المراجع تحدثنا أن قوة طارق الأولى كانت كلها من الرّجَّالة » فى حين أننا سنرى 
للمسلمين قوة يسيرة من الخيل ف المعركة الحاسمة(2©2. 

ويبدو أن سير المسلمين الموفق فى البلاد إلى هذه اللحظة قد أنعش الآمال فى أنفس أعداء 
لذريق » فانضم منهم إلى المسلمين نفر عظيم أعانوهم بالقوة والرأى7©. وتسامع بذلك نفر 
من جند لذريق الغاضبين عليه فبدأت نفوسهم تحدثهم بتخوّنه وتركه لمصيره إذا اشتبك مع 
المسلمين فى القتال » ويقال إن ششبرت وأيّه أخوى غيطشة كانا على رأس هذا الفريق الذى 
عول على الخيانة » وأنها انتظرا اللحظة المواتية ليتخليا عن لذريق » ويتركاه يلقى جزاءه على 
ما فعل بغيطشة20©. 


(1) يذهب سافدرا - اعتماداً على المراجع النصرانية - أن عدّة جيش طارق بلغت قبل المعركة 55 ألفاً بسبب من انضم 
إليهم من النصارى من أنصار غيطشة وأعداء لذريق ومن أهل البلاد . فإذا كانت عدة من مع طارق من المسلمين 
اثنى عشر ألفاًء فإن عدة من انضم إليهم من النصارى كانت ثلاثة عشر ألفاً» أى : أكثر من الجيش نفسه » وهذا أمر 
مستبعد » بيد أن هذا لا يمنعنا من القول بأن بضعة آلاف من النصارى من القوط وأهل البلاد انضموا إلى اليش 
الإسلامى . 

6 .20 رع25ع511 صنع نمم :001 
(20., 1ن .) ملع أ0] عل ومعتطممرخ 852 لللق لذلا 101100 
(0) ابن عذارى : البيان» جاص١١‏ . 
الرازى فى المقرى : نفح الطيب »جا ص77١‏ . 00 
ويُفهم من رواية المقرى أن الذى دبر الخيانة لم يكن أبناء غيطشة وأخويه فقط ء وإن) نفرأ كبيرا من القوط كانوا 
غضابا على لذريى . 
(5) انظر : ابن القوطية : افتتاح الأندلس » ص 7 . 
ابن عذارى : البيان» ج؟. ص8 . 
الأخبار المجموعة »ص " . 


معركة وادى البرباط الا 


ويبدو أن لذريق كان يشعر ب) يدور حوله » وكان يدرك أن نفراً من جنده يدبر الخيانة » 
فأحب - قبل أن يلقى المسلمين - أن يتعرف ما لديهم من القوة . فبعث طليعة من فرسانه 
لتناوشهم » فلم يكد المسلمون يرونها حتى انقضُوا عليها انقضاضاً فولّت هاربة » وأنبأت 
لذريق بحال العرب وما هم عليه من الحمية والتشوق للقتال. فكاد يسقط فى يديه217. 


4 معركة وبدأ اللقاء بين الجانبين يوم الأحد الثامن والعشرين من رمضان سنة 
وادى البرباط:15 2 9417ه(2) ( التاسع عشر من يوليو سنة )7١١‏ على وادى برباط على مقربة 
يوليوسنة"" - من شذونة » واستمرت المعركة طول ذلك اليوم وحمى وطيسها فى اليوم 
التالى » وأظهر البربرالذين أتى بهم يليان قدرة عظيمة على القتال » فقد كان انتقاهم من خيار 
غمارة وأحسن تدريبهم على الأسلوب البيزنطى . وكان طارق قد قدم نفراً من السودان بين 
يدى جيشه » ليتلقوا بها عرف عنهم من الصبر والثبات دفعة الجيش القوطى الأولى(. 

وأظهر فرسان القوط قدرة عظيمة فى أوائل المعركة » وثبتوا لضغط العرب واليربر 
والسودان » وكان قواد الفرسان من أعداء لذريق الغاضبين عليه » ويبدو أن يليان ورجاله 
كانوا نشيطين طوال المعركة » يدلو الناس عن لذريق ويصرفونهم عنه . مؤكدين لهم أن 
العرب لم يقبلوا إلى هذه البلاد للفتح والاستقرار » بل للقضاء على لذريق والظفر بالغنيمة » 
وأنهم إن خذلوا لذريق ى اليوم صفت م الأندلس بعد ذلك . وم يلبث أثر هذا الكلام أن 
ظهر بين جنود لذريق - وكان كثير منهم كارهاً له ناقياً عليه -فلم يلبث فرسانه - وهم خيرة 
جنده - أن خرجوا من المعركة وتركوه لمصيره”؟2. وكان ذلك كافياً ليوقع الفوضى فى جيش 
لذريق » فاضطرب نظامه ولاذ من بقى منه بالفرار وأسياف المسلمين فى أقفيتهم . 


. الرازى : برواية المقرى - نفح الطيب . جاء ص777‎ )١( 

(5) الرازى : برواية المقرى - نفح الطيب . جا ص 1١77‏ . 

(5) لم يذكر هؤلاء السود من المؤرخين المحدئين إلا سافدراء مع أنهم قاموا بدور خطير جداً فى الفتح . وسيكون حم 
دور حاسم فيما وقع بين العرب بعد ذلك من الحروب ف الأندلس . وستبه إلى ذلك فى حينه . 

71 ماك م0 .خهمع اممو ع2 

(5) تجمع المراجع العربية على ذلك . وتؤكد أن خيانة لذريق وسط المعركة إنها وقعت بئاء على تدبير سابق محكم بين ال 
غيطشة والعرب . وقد ناقش سافدرا هذا الموضوع . وانتهى إلى أ» ن الذى قام بترتيب المؤامرة كانا أخوى غيطشة وهما 
أبه . وششيرت .ء وكان أحدهما على خيل لذريق فى هذه المعركة . وقد تعجب سافدر أامء ن أن لذريق يعهد فى أمر هام 
كهذا لواحد من أعدائه » ولكن فاته أن بعض المراجع العربية تذكر أن دري يق سعى فى الصلح مع آل غيطشة قبل 
المعركة الحاسمة . وهذا واضح من قول ابن القوطية : ٠‏ فلم دخل طارى بن زياد الأتدتم أامالوليد بن عبد املك 
كتب لذريق إلى أولاد الملك غيطشة - وقد ترعرعوا وركبوا الخيل - يدعوهم إلى مناصرته وأن تكون أيديهم واحدة 
على عدوهم 
ابن القوطية : افتتاح » ص 5-75. 


>“ معركة وادى البرباط 





وقد فتل من القوط فى ذلك اليوم عدد عظيم . ولم يعثر للذريق على أثر . وتذهب المراجع 
العربية إلى أنه أراد أن يعبر البرباط على عجل فغرق فيه » ولم يعثر المسلمون إلا على شحمه('). 
ولكنه لم يمت فى هذه المعركة كها سنرى . وسيقوم بدور خخطير فيها بعد . وقتل فيها أيضاً 
شقنوت: وكاناعن عل عن لدريق طيهها ل القدية والاكية اوافتات امون م هده 
الواقعة غنائم لا تكاد تخصى تحصى » ولعل أكثر مما يبمنا منها ععى الفيل ٠‏ فقد غنم المسلمون خيلا 
كثيرة حتى لم يبق منهم راجل . وقد فقتل من المسلمين ثلاثة الاف . وبقى منهم تسعة آلاف 
زادهم النصر حماسة . فأسرع بهم طارق نحو قرطبة تتقدمهم هذه الشرذمة الباسلة من السود 
التى أبلت فى هذه المصركة بلاء طيب](؟2. 


ولم يكد خبر هذا الانتصار يصل إفريقية « حتى أقبلوا نحوه من كل وجه . وخرقوا 
البحر على كل ما قدروا عليه من مركب وقشر ء فلحقوا بطارق ؛ ففاض سيل البربر على 
الأندلس . وأخذوا يستقرون فى النواحى المفتوحة . وتضخم عيش المسلمين إلى حد يصعب 
ضع هدي ره بعد هذه الزاقعة» وأشلم لازاه هو ات اعرل إن مت النملبين بعكو فضي 
عظيياً » ورأى طارق أنه لن يستطيع السير بهذا الجحفضل اللجب دفعة واحدة » فهال إلى 
تفريقهم فى بعوث صغيرة يبعثها إلى النواحى 

وأعقتٍ هذا الانتصار اضطراب فى شئون الأندلس كلها » ١‏ وارتمع أهل الأندلس عند 
ذلك إلى الحصون والقلاع ٠‏ وتهاربوا من السهل ولحقوا بالجبال » كا يقول الرازى(” . 
وحسب حزب غيطشة أن الفرصة قد سنحت لإعلان واحد منهم ملكا مكان الطاغية 
المهزوم(؟)ء وفعلاً بذل وَقِلهِ ( أخيلا) جهداً لكى يستصدر من محلس طليطلة قرارا باعتباره 
:10 لايقطع ابن طتارى يعو انرق يكن بقوله : ؛ ولم يعرف للفريق موضم ء ولا وجدت له جثة ء وإنها وجد 


له خف مفضضى ء فقالوا إنه رق . وقالوا إنه قتل . والته أعلم ». 
ابن عذارى : البيان ء» ج 7ء ص ٠١‏ 
)١(‏ فتح الأندلسء ص 7. 
الرازى ٠‏ بروابة المقرى - نفح الطبب . جاص"17 . وهو يقول : إن طارقا قسم الغنائم على 4٠٠٠‏ من 
المسلمينء أى : أن هؤلاء هم الذين سلموا وقتل الباقون . 
(") روا المقرى : نفح الطيب» ج١‏ وص*١١‏ 
(4) يقول ردريجو الطليطلى : 
-0001 0ع أع. 0000 ع5 اعنم لمعم ,أعرعقن 31197لالع)30 , 5لا أتتقائع538 أعذكوع لالناء, كنك لمع ناك ع1 ]6 ... 
... 0101م 0113 ل70عم لانلقع6) ؤلء أعؤدكمم.0ن] 
اك 02 املاع /المخ5 © 20 هق 1١1]ا‏ طذا ,عدتمومذتء وبطع! ع6 .كلاللم 101.61 5050211105 
- 6م 


مع ركة وادى ابر باط وف 





ملكاً » ولكن الأمر لم يستقر له لأن الشائعات كانت تملا الجو بأن لذريق لم يقتل » وعمل 
هؤلاء الغيطشيون من جهة أخرى عل تشجيع طارق على الاستمرار فى الفتح حتى يتم لهم 
الانتصار المحقق ء وأما يليان فقد ثبت بقواته فى ناحية الجزيرة الخضراء(!2. 

ولو عمل طارق بأمر موسى لكان من الواجب أن يعود إلى إفريقية بعد هذا النصر كيا 
عاد عبد الله بن أبى سرح إلى مصر بعد نصر سبيطلة » ولكن طارقاً كان أبعد نظراً من عبد 
الله بن أبى سرح ء ووجد أن الأبواب قد فتحت أمامه فلا معنى لتركها والعودة إلى إفريقية » 
فمضى مسرعاً نحو استجة ليعبر شنيل من مخاضتها فى طريقه إلى قرطبة » ويبدو أن عدداً 
عظيياً من بقايا جيش لذريق كان قد تحصن فيها لأن طارقا لقى فيها مقاومة عنيفة » واحتاج 
إلى عون يليان الذى خف إليه مسرعاً . ويبدو أنه استبان كثرة مَنْ مع طارق وصعوبة 
الاستفادة منهم جميعاً فى حملة واحدة » فنصحه بأن يفرق جنده فى بعوث جانبية » فقال له : 
«قد فتحت الأندلس ء فخذ من أصحابى أدلاء ففرّق معهم جيوشك وسِرْ معهم إلى مدينة 


طليطلة » . ففّق جيوشه من استجة(؟). 


وم يلبث حاكم البلد أن أسلمه صلحاً ودخل فى طاعة المسلمين!»» وانفتح أمامهم 
طريق قرطبة وطليطلة . ولو قائد غير طارق لاتجه نحو قرطبة وأنفق وقتاً طويلاً فى 
الاستيلاء عليها » ولكنه كان قد علم بعض ما كان يدور إذ ذاك فى طليطلة » وعرف أن 
الظروف لا تسمح بإنفاق الوقت فى الحصول عل مدائن جنوبى الجزيرة كقرطبة وغرناطة 
ومالقة » فعجل بإرسال مغيث الرومى فى قوة كبيرة إلى قرطبة ليشغل من فيها عن قطع 
طريق عودته » ثم مضى بمعظم جيشه مسرعاً نحو طليطلة ليصل إليها قبل أن يحم أنصار 
لذريق الدفاع عنهاء وقبل أن يدبر أنصار غيطشة أمراً لا يكون فى صالح المسلمين . 





- وللرازى إشارة هامة تؤيد هذا الرأى .قال إن يليان قال لطارق : ه قد فضضت جيوش القوم ورعيوا ء فاصمد 
لبيضتهم . وهؤلاء أدلاء من أصحابى مهرة ء ففرق جيوشك معهم فى جهات البلاد » واعمد أنت إل طليطلة حيث 
معظمهم , فاشغل القوم عن النظر فى أمرهم والاجتماع إلى أولى رأ نهم 4 مما يدل عل أن كبار القوط كانوا يدبرون شيئاً فى 
عاصمتهم » وأن يليان نصح طارقاً بالإسراع إلى طليطلة رأسا لبتدارك الأمر . 

انظر : المقرى - نفح الطيب عجداءص 3١14‏ . 
)١(‏ ابن عذارى : البيان ؛ جلا ؛ صى ١٠١‏ . 
(؟) ابن عذارى : البيان » ج؟ » ص ١٠١‏ . 

7م اعم فاط / ا 5 

(1) فتح الأتدلس » ص + . 


:7 حملة طليطلة 





ويذهب بعض المؤرخين إلى أن طارقا أرسل فى هذا الوقت حملة فتحت جنوب شرقى 
الأندلس وكبار مدائنه مثل مالقة وغرناطة وأوريولة » ولكن ذلك غير صحيح » لأن 
المسلمين لن يفتحوا هذه النواحى إلا فى ولاية عبد العزيز بن موسى » ولا يستبعد أن يكون 
قد بعث سرايا صغيرة إلى هذه النواحى وغيرها لمجرد الاستطلاع لا للفتح . وكان الجند 
عنده قد كثروا ففرّق أعداداً منهم مع جماعات من رجال يليان يدلونهم على الطريق » وربها 
كان يليان صاحب هذه الفكرة(22. 

وكان جيش المسلمين يزداد عدة فى الطريق بمن كان ينضم إليه من الغاضبين على لذريق 
وعهده » وانضم إليه كذلك عدد من اليهود الذين استقبلوا أخبار انتصار المسلمين على 
القوط استقبال الظيآن للماء('2: فقد كان حاهم معهم كا رأينا سيئاً جداً » ولا نزاع فى أن 
طارقا أفاد فائدة كبيرة من هذه الجماعات من الإيبيريين واليهود التى انضمت إليه » فقّد وجد 
فيهم الأدلاء الذين يقودونه فى هذه الأباطح الفسيحة التى لم يكن المسلمون يعرفون عنها 
شيئاً» وهكذا أسعد المسلمون بأكثر مما كانوا ينتتظرون . وسار هذا القائد المجدود طارق 
يقود هذه الجماعات من العرب والبربر والموالى والسود والإيبيريين واليهود قاصداً طليطلة 
عاصمة القوط . 
:».احتلال عبر طارق الوادى الكبير عند مَنجبار (7ةط1زمة31) وسار فى الطريق القديم 
طليطلة 2 الذى كان يعرف فى عهود الرومان باسم طريق هانيبال7؟؟ » ودخل طليطلة من 
غير مقاومة تُذكر » واستولى على الكنوز الزاخرة التى وجدها فى قصور القوط وف كنيسة 
طليطلة الكبيرة بوجه خاص . ولم يسهب المؤرخون المسلمون فى شىء مما وقع للمسلمين فى 
فتوحهم كلها مثل) أسهبوا فى صفة المذبح المحلى بالجوهر الذى اغتنمه المسلمون فى هذه 
الكئيسة الجامعة » فقد سموه مائدة سليهان بن داود » وذهبوا إلى أن هذه المائدة كانت من 
زبرجد خالص » ومن المحقق أن هذا المذبح كان درة من درر الفن » محلى بأثمن ما لدى 
)١(‏ ابن عذارى : البيان المغرب » ج7ء ص ٠١‏ . 

المقرى : نفح الطيب » ج؟ .عص54١.‏ 
م( ٠‏ .9 .مأك .م0 .شطع اهمد 
() يذكر المقرى أن طارقاً سار إلى طليطلة فى الطريق المار بجيّان » وهذا يأذن لنا فى القول بأنه اتبع طريق هانيبال 

الرومانى » لأنه كان طريقاً معموراً إذ ذاك » وفيه تمر الآن سكة حديد الأندلس . 


المقرى : نفح الطيب » ج١ء‏ ص717١‏ . 
79 اك .م0 لخطمع اممد غ28 


حمله طليطلة 376 





القوط من الذهب والجواهرء وأن وقوعه فى يد المسلمين أثار بينهم دهشة كبرى200). 

وقد وجد المسلمون المدينة شيه خالية لأن أهلها انتثروا عنها طالبين اغرب حينم علموا 
بمقدمهم ٠‏ حتى أسقف البلد سِنْدْردْ وكبار قساوسة المجمع الطليطل فضَّلوا ترك البلد 
ينعى من بناه وتوجهوا إلى روما . ولم يشتغل طارق بالغنائم والذخائر وإنما مضى قُدماً حنى 
أدرك وادى الحجارة . واستمر صاعداً حتى أدرك بليدة تسميها المراجع العربية ‏ المائدة » 
على مقربة من قلعة هنارس7(" . وكان الصيف قد انقضى وأقبل أكتوبر ومعه برد الخريف . 
ففضل طارق وأصحابه العودة لكى يقضوا الشتاء فى طليطلة . وكانت الغنائم قد أثقلت 
العسكر إلى حد عظيم . 


ويستبعد أن يكون طارق قد سار إلى أمايا (2/إ4102) واشترقة (4540188) فى ذلك 


)١(‏ يذهب معظم المؤرخين المسلمين إلى أن طارقا غنم هذه التحفة الثمينة فى « مدينة المائدة » . وهذه المدينة هى فى 
الغالب قلعة هنار س(5ع11602 عل 3انع4) . وهى بالطبع ليست مائدة سليان بن داود عليه السلام ( إن كانت 
لسليمان مائدة ) » وهى ليست كذلك برائدة أصلاً . إذ لا يعقل أن مهتم القوط بصناعة ؛ مائدة» بهذه الفخامة » ولكن 
الغالب أنها مذبح الكنيسة الجامعة فى طليطلة ٠‏ إذ لم تكن فى قلعة هنارس إذ ذاك كنيسة كبيرة يحتمل وجود هذا 
المذبح الفخم بها . ويفهم ذلك من عبارة صريحة لابن حيان يقول فيها  :‏ وهذه المائدة المنوه عنها المنسوبة إلى سليهان 
النبى عليه السلام لم تكن له فيما يزعم رواة العجم . وإنها أصلها أن العجم فى أيام ملكهم كان أهل الحسبة منهم إذا 
مات أحدهم أوصى بال للكنانس. فإذا اجتمع عندهم ذلك المال ء صاغوا منه الآلات الضخمة من الموائد 
والكراسى وأشباهها من الذهب والفضة . تحمل الشامسة والقسوس فوقها مصاحف الأتاجيل إذا أبرزت فى أيام 
المناسك . ويصفونها على المذابح فى الأعياد للمباهاة بزينتها » قكانت تلك المائدة بطليطلة ما صيغ فى هذه السبيل» ... 
وبقية العبارة تدل صراحة على أن تلك المائدة إنما كانت لمذبح كنيسة طليطلة . 

ولسنا نعلم كيف وجده المسلمون فى قلعة هنارس »ء اللهم إلا إذا افترضنا أن قساوسة طليطلة حاولوا الفرار به 
لفخامته ولقداسته , ول يستطيعوا التقدم به أكثر من ذلك الموضع » وذلك فرض يؤيده أن المؤرخين لا يحدئوننا بغنيمة 
كبيرة من قصور ملوك القوط فى طليطلة » مما يفهم منه أن رجال القصور قد حملوا معهم أحسن طرفها حين)| أخلوها 

لاقتراب المسلمين . 

ووصف هذه المائدة لا يمكثنا على أى حال من تصور هيثتها تصوراً صحيحاً . إذ أن ابن عبد الحكم وصاحب 7 
الأخبار المجموعة وابن عذارى والمقرى وصاحب فتح الأندلس يتفقون فى وصفها اتفاقاً حرفياً . فهى عندهم ؛ كانت 
من زبرجدة خضراء . حافاتها وأرجلها منها ؟ . والغالب أنهم يريدون أنها كانت حلاة بالزيرجد الأخضر . أما عن 
حجمها فإن صاحب الأخبار المجموعة يوقعنا فى حيرة شديدة ء لأنه يقول تارة : « وها ثلثائة رجل وخسة وسبعون 

رجلاً » ! ويقول تارة أخرى : 8 ... وعمل ها سفط من خوص فأدخلها فيه » . 

انظر : ابن عبد الحكم . فتوح ص 5*7 . 

الأخبار المجموعة .ص 1١94201‏ . 

ابن عذارى : البيان.» ص ١5‏ . 

ابن حيان برواية المقرى : نفح الطيب » جا . ص ١375‏ . 

وقتح الأندلس : .ص 4 . 


02 .79-0 .مم اك .م0 لم8 لامع 


ك“ | فتح قرطبة 


الحين كما يزعم بعض المؤرخين(!2.لأن الشتاء كان قد #قترب . وكان الإجهاد قد نال من 
المسلمين وثقلوا بالغنائم » والأرجح أنه قام بحملاته نحو هذين البلدين القاصيين بعد ذلك 
بزمن ليس بالقصير . 


وأما مغيث الرومى ومن مغه من الرجال - ولم يكن عددهم ليزيد على 
سبعماثة فارس - فقد أخذوا يقتربون من قرطبة ختى أدركوا الضفة 
اليسرى من الوادى الكبير مقابيل قرطبة » وكانت القنظرة التى تصل الشاطئين مهدمة فى 
ذلك الحين ؛ فاضظر المسلمون إلى الانتظار حتى تسنخ الغرصة المناسبة للغبور . ولبغوا حيناً 
مترصدين متبئين فى غابة بين قريتى شقندة (5610008) وطرسيل2(" على الضفة اليسرى 
للوادى الكبير » وأخذوا من مخبئهم هذا يستطلعون أخبار البلد قبل أن يعبروا النهر إليه 
ومها موه . 
وكان أهل قرطبة كارهين لأمر القوط عامة وللذريق خاصة لأن القوط كانوا ختصين 
أنفسهم بالجزء الغربى من البلد » وتركوا جزءه الشرقى للأغلين , كيا كان الرومان قبلهم 
يفعلون7" » وأقاموا سور بينهم وبين الأهلين حتى لا يقرب هؤلاء مساكنهم كأنهم 
متداعياً فى بعض أجزائه لأن العرب سينفذون من ثغرات فيه . 
وكان من حسن حظ العرب أن الجزء الذى كان يقابل القنطرة هو الجزء الذى كان 
الأهلون من الإيبيريين الروهان يسكنونه » وفيه الككنيسة الجامعة ( الككاتدرائية) التى ستصبح 
جامع قرطبة الكبير فيما بعد » ولم يصعب على المسلمين الأتصال بنفر من الأهلين واستطلاع 
أخبار البلد منهم » وبمعونة هؤلاء استطاعوا عبور الوادى الكبير فى ليلة غزيرة المطر من 
ليالى أغسطسر(؟): عبروا فى مواجهة باب القنطرة أو باب الصورة » نسبة إلى تمثال أسد كان 
قائاً على مقربة من السور » وظل قائياً أيام المسلمين» وجعل مغيث وأصحابه يدورون حول 
السور يلتمسون ثغرة فيه يدخخلون منها . 
)١(‏ انظر : ابن حيان عند المقرى : نفح الطيب » جداءص .١517/‏ 
(؟) يسمى هذا الموضع اليوم 4قفعع/! ها ع4 0م:6ة" 81 . أما عن طرسيل فانظر تعليق سافدرا فى كتابه المذكور آنفاً» 
ص8١‏ » هامش ؟ . 
4 82 .مأك .م0 .خطا]طظ لاموة 
(]) يقول الرازى : «وأقبل المسلمون رويداً حتى عبروا نهر قرطبة ليلاً ؛ وقد أغفل حرس المديتة احتراس السورء فلم 
يظهر وا عليه ضيقاً بالذى :امهم من المطر والبرد » فترجل القوم حتى عبروا النهرء وليس بين التهر والسور إلا مقدار 
ثلاثين ذراعاً ... 1 . 
المقرى : نفح الطيب » ج١»‏ ص4١١‏ . 


قنح قرطبة 





فنح قرطبة 0 





ولم يكن من العسير على المسلمين أن ينفذوا إلى داخل البلدة من هذه الناحية » إما من 
ثغرة دهم عليها واحد من أهل البلد أو بتسلق السور . ولم يكد نفر من المسلمين يجتمع 
داخل البلد حتى اندقعوا إلى الباب ففتحوه ليدخل بقية إخواهه!١)‏ . وحدثت ف البلد هيعة 
أفاقت على أثرها حامية البلد من القوط ولم يكن عددها يزيد على +٠١‏ فارس » وكانت 
مقيمة مع الحاكم فى الجزء الغربى الذى سيعرف أيام المسلمين بالمدينة أو القصبة ( يسمى 
اليوم لافيليا ‏ المدينة ) » وكان الحاكم مقياً وحده فى قصر منيف من الضاحية التى ستعرف 
أيام المسلمين بربض الوراقين » فأسرع إلى حاميته » ولم يمهله العرب أن فاجأوه » ففر يجنده 
إلى كنيسة قريبة تسمى كنيسة القديس أئيسكلو (615010م مد5 ا" وتحصن فيها » وأقام 
المسلمون حوفا محاصرين إياها . 


واستمر الحصار قرابة الثلائة أشهر . حتى استطاع المسلمون قطع الماء عن المحصورين » 
وكان يجرى إلى الكنيسة فى حرى تحت الأرض » فلم يفطن إليه المسلمون » حتى اكتشفه 
رجل من السود ممن كانوا مع المسلمين”» . وقد صبر هؤلاء المحصورون صبراً طويلاً رغم 
قطع الماء عنهم » وم يستسلموا إلا بعد أن جهدوا جهدا عظياً» ويذنهب الرازى ل أن مفئً 
أوقد النيران فى الكنيسة حتى ماتوا حرقاً . ونحن نستبعد ذلك . لأن الكنيسة ظلت بعد ذلك 
فى أيام المسلمين زماناً طويلاً وليس فيها للنار أثر 0400 . وأراد قائد المحصورين اهرب » فخرج 
يشتد على جواده » فتبعه مغيث وحده » وخرج الرجل من البلد وأفضى إلى ضاحية قُطِلبرة 
وكاد ينجو لولا أن عثر به جواده » فجلس على ترسه مستأسراً حتى أدركه مغيث وأسره» 
وكان هو القائد الوحيد الذى أخذ أسيراً من كبار قواد القوط ء وقد سلمه مغيث لطارق » 
واحتفظ به هذا ليذهب به إلى الخليفة ونازعه فيه موسى بن نصير في] بعدء فل| اشتد التزاع 
بينها عليه أخرج مغيث سيفه وقتله . 


. ١14 الرازى يرواية القرى : نفح الطيب ء. جء ص‎ )١( 
يسمى صاحب الأخبار المجموعة هذه الكنيسة شنت أجلح ء وقد ورد فى تفويم قرطبة لعريب الذى نشره دوزى‎ )١( 
. أن هذه الكتيسة هى سان أثيسكلو بالعجمية‎ 
من ص 76 من الترجمة الإسبانية.‎ ١ وهامش‎ ١7 انظر : الأخبار المجموعة . ص‎ 
. ١ وانظر كذلك : سافدراء المصدر المشار إليهء ص 46 ء هامش‎ 
(؟) راجع أخبار ما وقع لهذا الأسود على يد الإسبان والقوط . فقد وقع فى يدعم وحسبوه مصبوغاً فحاولوا إزالة لونه‎ 
بالغسل والحك حتى أعنتوه ! ثم تركوه يمضى غير مقدرين أنه عين عليهم » فليا مضى إلى المسلمين أظهرهم على‎ 
تجرى الماء . ولسنا نعرف إن كنا نقبل هذه القصة أو لا نقبلها » لأننا لا نكاد تصدق أن الإسبان لم يكونوا قد رأوا‎ 
. أسود حتى الساعة‎ 
. 3١9 الرازى - فى المقرى : نفح الطيب » جد(3ء ص‎ 
. ))الرازى ء نفس المصدر والصفحة‎ ( 


57 تح ترط 





أما بقية الحامية فقد فتلت عن آخرها عند باب الكنيسة التى اعتصمت فيها » فسميت 
هذه الكنيسة من ذلك الحين كنيسة الأسرى . واحتل مغيث قصر الحاكم القوطى(١؟‏ , الذى 
سيصبح فيا بعد مقام الأمراء والخلفاء » بعد أن يعدل وتضاف إليه أجزاء كثيرة . وقد ترك 
المسلمون كنيسة الأسرى لنصارى قرطبة فظلت أكبر كنائسهم فى عاصمة الأندلس 
الإسلامية طالما بقيت المدينة فى حوزة الإسلام » ثم عمد إلى اليهود فجعلهم بعض حرس 
المدينة  »‏ استنامة إليهم دون النصارى للعداوة بينهم » » ى) يقول الرازى7). 

وقد لاحظنا أن المشليين كانوا لا يفتحون: ق الأنذلين بلدا إلااجعلوا يعض حرسةه 
وحاميته من يبوده » ولا يعلل هذا إلا بآن اليهود قد وقفوا إلى جانب المسلمين وأعانوهم من 
أول الفتح فى كل مرحلة من مراحله . وهذا أمر طبيعى » لأن اليهود كانوا يقاسون على يد 
القوط بلاء شديدا » فلم يكادوا يرون المسلمين مقبلين حتى اتضموا إليهم وازروهم . 
فجزاهم المسلمون بذلك . وللرازى فى هذا عبارة تستحق التسجيل لا لأهميتها للفتح 
وحدهء بل للتاريخ الأندلسى عامة : « وصار ذلك لهم سنة متبعة فى كل بلد يفتحونه : أن 
يضموا بهوده إلى القصبة مع قطعة من المسلمين لحفظها » ويمضى معظم الناس لغيرها » وإذا 
م يجدوا يهوداً وفروا عدد المسلمين المخلفين لحفظ ما فتم/0©. 


وهنا» وبعد أن فتح المسلمون عاصمة البلاد وكسروا قوات لذريق وقضوا على كل أمل 
له أو لأنصاره فى العودة إلى الحكم » تقدم أبناء غيطشة إلى طارق يطلبون إليه الوفاء با 
وعدهم من الكرامة وحسن الجزاء . ويبدو أنهم كانوا يؤملون أن ينسحب طارق وجند 
المسلمين معه من البلاد مكتفين با أصابوا من الغنيمة » فيعود آل غيطشة إلى ما كانوا فيه من 
الملك والسلطان » فلما خيب طارق رجاءهم وأظهر أنه أقبل إلى البلاد للفتح الثابت ونشر 
الإسلام سقط فى أيدييم » ووجدوا أن لا مندوحة لهم عن القناعة بم يمنحهم المسلمون إياه. 
ووجد طارق أنهم لا يستحقون أكثر من ضياع أبيهم » وهى كثيرة فأمضاها لهم ويبدو أنهم 
استقلوها وطمعوا فى المزيد ولم يستطع طارق إجابتهم إلى ما سألوا » فاستأذنوه فى المسير إلى 
موسى بن نصير فى إفريقية وسألوه الكتابة إليه يشأتهم معه» وما أعطاهم من عهد ففعل . 
ب 
(1) فى هذا يقول صاحب الأخبار المجموعة : 8 ودخل مغيث بلاط قرطبة فاختطه » . 

والبلاط هو القصر » عن 22131015 اللاتينية ]ا هو معروفه. 

انظر : الأخبار المجموعة» ص ١١‏ . 
(7) الرازىء فى المقرى : نفح الطيب » جا » ص .١196‏ 
(*) الرازى » عند المقرى : نفح الطيب »جا . ص 1116 . 


عبور موسى إلى الأندلس فى 


فلم) بلغوا موسى أقر طارقاً على ما فعل » بعد أن قرأ كتاهم واستوثق من صدق 
معاونتهم للمسلمين . ويبدو أنهم ألحوا على موسى ف الزيادة » لأنه - على قول الرازى - 
أحالهم على الخليقة نفسه7(١)‏ فأقر عهد موسى وطارق . وليس لدينا ما يؤيد ذهابهم إلى 
دمشق » ونحن أميل إلى القول بأن موسى بعث إلى الوليد بالمسألة كلها . فلم يفعل أكثر من 
أن أقر عهد أميريه » وعاد الأمراء آخر الأمر إلى الأندلس قانعين بها أصابوا ء ولم يكن شيئا 
قليلاً » إذ أعطاهم المسلمون ثلاثة ألاف ضيعة - هى بعض ما كان لأبيهم الملك غيطشة - 
فأصاب كل منهم ألفاً : أخذ ألمند ألف ضيعة فى الغرب واستقر فى إشبيلية » وأخذ أرطباس 
ألفاً فى وسط الأندلس واستقر فى قرطبة » وأصاب أخيلا ( وقله ) ألفاً فى شرق الأندلس 
وفضّل الإقامة فى طليطلة فى ظلال المسلمين » وبهذا كان الفتح الإسلامى خيراً عظيياً عليهم 
وعلى بيتهم المهضوم . 
م وتذهب الرواية الإسلامية إلى أن موسى بن نصير لم يكد يسمع بأخبار ما 
موسى إلى الأندلس وفق إليه مولاه طارق من الفتح حتى أكل قلبه الحسد . وقرر أن يذهب 

إلى الأندلس بنفسه ليعاقبه وليفتح بنفسه قتوحاً أعظم من فتوحه . وعى 

الرغم من أن موسى لم يكن بعيدا عن الغرور والحسد والطمع » فإننا نستبعد أن يكون هذا 
الشعور أو ما يماثله هو الذى دنعه إلى العبور إلى الأندلس . ثم إن طارقاً كان بطبعه رجلاً 
متواضعاً قنوعاً . وكان قد فتح هذه الفتوح كلها باسم مولاه وأميره ٠‏ وكان يوقفه على 
الأخبار أولاً بأول . فقد كان المسلمون قد استوثقوا لأنفسهم من ميناءى جبل طارق 
والجزيرة الخضراء » وكانت السفن رائحة غادية . 

ولا يعقل أن يكون موسى قد ظل جاهلاً بها يفعله طارق حتى وصل هذا إلى طليطلة وما 
وراءها . وقد رأينا طارقاً يبعث أبناء غيطشة إلى موسى يستشيره فى أمرهم » وإنها المعقول أن 
يكون موسى قد شعر بأن المسلمين قد استرسلوا أكثر ما ينبغى .» وأن خطوط مواصلاتهم فى 
شبه الجزيرة الواسعة فى خطر » فقد بقيت مدائن الشرق والغرب جميعاً لم تفتح » وكان لا بد 
من فتحها وإلا تعرض المسلمون للخطر إذا شاء القوط فى أوريولة أو إشبيلية مثلاً السير إلى 
استجة أو شذونة وفصل الجيش الإسلامى فى الشهال عن الحامية الصغيرة التى كانت فى 
قرطبة ه وقطع الجيش وال حامية معاً عن موانى الاتصال بإفريقية . 


(١)الرازىء‏ برواية المقرى : نفح الطيب » ج١ا‏ ص 114-150 


4 عبور موسى إلى الأندلس 


ولو قرأ الإنسان روايات هؤلاء المؤرخين فى شىء من الروية لاستبان أن بعض عباراتها 
يدل على تناقضهم » فيذهب ابن حيان مثلاً إلى أن موسى « تتكب الجبل الذى حله طارق » 
ونزل على الموضع المنسوب إليه المعروف الآن بجبل موسى ء فلا احتل الجزيرة الخضراء 
قال: ما كنت لأسلك فى طريق طارق ولا أقفو أثره » فقال له العلوج الأدلاء أصحاب 
يليان: نحن نسلك بك طريقاً هو أشرف من طريقه » وندلّك على مداين هى أعظم خطراً 
وأوسع عَْماً من مداينه » لم تفتح بعد ء يفتحها الله عليك إن شاء الله تعالى . فَمُلىء سروراً ». 

وهذه عبارة إن دلت على شىء فعلى بعد نظر موسى من ناحية » وعلى شرهه إلى الغنائم 
من ناحية أخرى » ولكنها لا تدل على الحسد بحال . فأما بعد النظر فلأنه وقد أقبل مع هذا 
الجيش الكبير من المسلمين » لم يكن من الحكمة فى شىء السير به فى بلاد ومدائن قد فتحت 
فعلاً » إنها الحكمة فى استخدامه فى فتح بلاد لم تفتح بعد . وأما الشره إلى المغانم فظاهر » لأن 
موسى قد سره أن يسير به الأدلاء إلى مدن أغنى من مدن طارق وأكثر منها مالا » وليس 
للحسد فى مثل هذا الموضغ مكان ٠»‏ لأن طارقاً » مهما كان الخال » مولاه وتابعه » وباسمه 
تحبا تعن 00 

لم يذهب موسى للقاء طارق وتأديبه » وإنما انصرف إلى قتح كبار البلاد الجنوبية والغربية 
التى خلفها طارق دون فتح . فلا تم له ذلك سار إليه ولقيه فى طلبيرة على مقربة من 
طليطلة. وقد أطنب بعض المؤرخين فى وصف ما وقع بين الرجلين عند هذا اللقاء » فيذكر 
ابن عبد الحكم أن موسى شد وثاق طارق : وحبسه وهم بقتله ؟ لولا تدخل مغيث الرومى. 
وكان طارق قد كتب إليه من محبسه يرجوه أن يسرع بخبر ما وقع له إلى الخليفة الوليد » 
فذهب مغيث إلى موسى وحذره أن يسىء إلى طارق » ثم ذهب مغيث - كما سنرى - إلى 
دمشق وأبلغ الوليد الأمرء فكتب هذ! هدد موسى ويدعوه للمئول بين يديه » فخاف موسى 
وأطلق طارقاً» ثم لم يلبث أن عاد ليؤدى عند الخليقة حساياً عسيراً على ما فعل (9). 

ولا نرى إلا تفسيراً واحداً لانفراد ابن عبد الحكم من بين المراجع الموثوق فيها بهذه 
الرواية : هو أبا كانت معروفة فى المشرق مجهولة عند أهل الأندلس . وأما وجودها فى 
المشرق فمرجعه على أغلب الظن إلى مغيث الرومى » فقد كان تحنقاً على موسى مولعاً بالكيد 
4١(‏ اين حيان عند المقرى » ج ١‏ .ص 197/٠‏ . 
(5)ابن عبد الحكم : فتوح .ص 51١١‏ 


عبور موسى إلى الأندلس ام 





له » لأنه كان يرى أنه مولى الوليد وأنه أولى بولاية الأندلس كها سنرى »ء فانتهز فرصة ذهابه 
إلى المشرق لإبلاغ الوليد أخبار انتصارات المسلمين » وأخذ يبالغ فى مساءات موسى ويختلق 
عليه » حتى لقد أنكر عليه كل فضل ف الفتح كا يرى من رواية ابن عبد الحكم الآنفة الذكرء 
وانتشرت قالاته بين أهل قصر الخليفة وبين أهل المشرق » وسجلها المؤرخون المشرقيون 
الذين يمثلهم ابن عبد الحكم فى هذه الناحية . 

وأما الأندلسيون » وهم أحرى بأن يعرفوا مثل هذا الخبر على صحته لأن أخبارهم 
أخذت عن ناس حضروا بأنفسهم هذه المواقف » فلا يعرفون إلا أن موسى « وضع السوط 
على رأس طارق وونبه » ىا يقول صاحب الأخبار المجموعة » وقد كان مستطيعاً أن يقول : 
إن موسى ضرب طارقاً بالسوط بدلا من قوله : « وضع السوط على رأسه » فقط . 

ثم إن الرجلين ل يلبئا أن تعاوناء فترك موسى طارقاً على قيادة جيشه وسار كل منههما فى 
اتجاه » متعاونين متساعدين » ولو كان ما ذكره ابن عبد الحكم صحيحاً » لما حدث ما ستراه 
من اشتراك الرجلين الكامل فى العمل . وهذا واضح من قول ابن حيان : «قالوا : ثم إن 
موسى اصطلح مع طارق » وأظهر الرضى عنه وأقره على مقدمته » وأمره بالتقدم أمامه فى 
أصحايه؛ وسار موسى خلفه فى جيوشه © (230 , 

وعندنا أن ابن حيان أصح من ابن عبد الحكم فى هذا الموضع » وهو لم يذكر شيئاً عن 
ضرب موسى لطارق أو سجنه » وكل ما يذكره هو أن موسى ويّخ طارقاً على مخالفته أمره » 
ثم لم يلبث الود أن عاد بينهما » وظل طارق أوثق رجال موسى وصاحب مقدمته » ولو كان 
موسى ‏ مغيظاً » على طارق إلى هذا الحد الذى يزعمه ابن عبد الحكم » فكيف لم يستدعه إليه 
إلا بعد أن أتم فتح ماردة » مع أنه - أى موسى - أقام على هذا الفتح بضعة أشهر ؟ ثم كيف 
طلب إليه أن يخرج للقائه فى طلبيرة فقط. وقد كان مستطيعاً استدعاءه إلى أبعد من ذلك ؟ 

الواقع أن موسى كان يعمل مع طارق من أول نزوله الأندلس » وأن خروج طارق للقاء 
موسى عند طلبيرة لم يكن لمجرد اللقاء بل لغرض اخر حربى سنعرفه . وقد أتم الرجلان 
الفتح معاً على أحسن ما يكون الرجال تعاوناً » وعادا إلى المشرق فلم نسمع أن ضارقاً وقف 
يشكو موسى بين يدى الخليفة . ولو كانت بينهها هذه الخصومة لسمعنا ها صدى - ولو 
خافتاً - فى المشرق بعد أن عادا معاً . 


. 1١17/5 ص٠‎ ١ ابن حيان عند المقرى : نفح الطيب » ج‎ )١( 


م عبور موسى إلى الأندلس 





وللمقرى رواية تؤيدنا فى هذا المأهب . إذ يقول : ١‏ ... ولما سمع موسى بن نصير با 
حصل من النصرة لطارق عبر إلى الجزيرة بمن معه ولحق بمولاه طارق فقال له : يا طارق » 
لن يجازيك الوليد بن عبد الملك على بلائك بأكثر من أن يبيحك الأندلس » فاستبحه هنياً 
مرياً » فقال له طارق : أيها الأمير » والله لا أرجع عن قصدى هذا مالم أنته إلى البحر 
المحيط...23(0 , 

كل ذلك يحملنا على الظن بأن الرواية التى تصور القائدين المسلمين العظيمين متعاديين 
إنما مرجعها إلى مغيث الرومى » وللمقرى عبارة تؤيدنا فى هذا أيضاً » فهو يقول من غير 
سند ظاهر : ١‏ ولما قفل موسى بن نصير إلى المشرق وأصحابه » سأل مغيثاً أن يسلم إليه 
العلج صاحب قرطبة الذى كان فى أسره . فامتنع عليه وقال : لا يؤديه للخليفة سواى ‏ 
وكان يدل بولائه من الوليد » وهجم عليه موسى فانتزعه منه فقيل له : إن سرت به حيا 
ادعاه مغيث » والعلج لا ينكر قوله » ولكن اضرب عنقه ففعل . فاضطغئها عليه مغيث » 
وصار إلبامع طارق الساعى عليه » . تما يفهم منه أن الخلاف كان واقعاً بين موسى ومغيث» 
وأن مغيئاً كان يضطغن على موسى ويتربص به الدوائرء وأنه كان يدل بولائه من الخليفة » 
يظن أن هذا يجعله فى موضع ممتاز . 

ولا كان موسى بطبعه رجلاً فخوراً مزهواً بنفسه وبمكانه من عبد العزيز بن مروان ومن 
يزيد بن المهلب » فإنه من الطبيعى ألا يرضى عن مغيث وأن تقع الجفوة بينهما . ولم يحدثنا 
المؤرخون بها قال مغيث للخليفة فى زيارته الأول » ولكنهم يقولون إنه حين! عاد مع طارق 
وموسى بعد الفراغ من الفتح « سبق إليه - أى إلى سلييان بن عبد الملك - طارق ومغيث 
بالشكية منه ورمياه بالخيانة » وأخبراه بها صنع بها من خبر المائدة والعلج صاحب قرطبة » 
وقالا له إنه قد غل جوهراً عظيم القدر أصابه لم تحو الملوك من بعد فتح فارس مثله. فلم 
وافى سليهان وجده ضغيناً عليه ....06©. 

ومما يؤيدنا فى ذلك الرأى أيضاً أن مغيثاً هذا - الذى يزعم أنه ذهب منتصفاً لطارق - لم 
يكد يسمع أن الخليفة يريد تعيين طارق عاملاً على الأندلس بعد موسى حتى مضى يخوفه 


واقرأعبارة ابن حيان » نفس المصدر. ج ١ص 39/٠0‏ . 
() المقرى : نفح الطيب » ج١‏ »ص لالا١‏ 0 


عبور موسى إلى الأندلس سم 


منه ويصده عن إنفاذ هذا الغرض » لأنه كان يطمع لنفسه فى ذلك ف الغالب . ويبدو كذلك " 
أن الخليفة استبان كذب حديثه فلم يعطه الولاية التى رجا فعاد إلى الأندلس كما خرج منها . 
بل ترك سليمان بن عبد الملك الأندلس فى يد عبد العزيز بن موسى(2»2. 

ولاشك ف أن يليان كان على اتصال دائم بموسى » وأنه تلقاه فى الأندلس وسار معه ىا 
سار مع طارق » ولا نزاع كذلك فى أن يليان هو صاحب الفضل فيا يبدو من تكامل فتوح 
طارق وموسى » فإن الإنسان إذا نظر إلى فتوح هذا وفتوح ذاك حسب أنها دبرت جميعا 
بإحكام من أول الأمر . والحقيقة أن يليان وأصحابه تولوا إرشاد موسى إلى خير الطرق التى 
يستطيع بها إكال ما بدأ به مولاه » وبهذا تكامل العملان وتم بها إخضاع شبه الجزيرة 
الإيبيرية على أحسن وجه. 

ويبدو كذلك أن موسى إنما عبر إلى الأندلس بناء على استغاثة وجهها إليه طارق» ولا 
ينبئنا عن هذه الاستغاثة إلا صاحب ١‏ الإمامة والسياسة »(25 .ولكتنا نقبلها لأنها تفسر لنا 
السبب فى عبور موسى فى ذلك الوقت بالذات . ولو كان موسى قد عبر مع عدد قليل من 
الجند لقلنا إنه عبر من تلقاء نفسه لكى يرى نتيجة ما وصل إليه قائده طارق » ولكنه عبر فى 
جيش تزيد عدته على جيش طارق بكثير » وتخير الأجناد الذين صاحبوه تخير المقبل على 

والواقع أن الظروف كلها كانت تحتم إسراعه وتجعلنا أميل إلى قبول رواية ابن قتيبة فى 
استغائة طارى بموسى » فقّد كان المسلمون قد ساروا فى البلاد شوطاً بعيداً دون أن 
يستوئقرا من سلامة خطوط مواصلاعم بالفريرة الخضراء:وإفريقه .وم يكن ببدهع من 
المعاقل الكبيرة إلا قرطبة » وكانت طوائف من القوط مفرّقة فى البلاد تستطيع أن تنقض على 
جماعات العرب القليلة المفرقة على طول الخط الطويل من جبل طارق إلى طليطلة وما يليها . 





. 5١١ انظر : ابن عبد الحكم . ص‎ )١( 

الأخبار المجموعة .ص 19 . 

ابن عذارى ص 18 . 

وهو يروى قصة موسى أول الأمر برواية يتفق فيها مع غيره من الأندلسيين ثم يقول : وقيل إنه ضربه أسواطاً 
كثيرة .. الخ : ممايدل على أنه يسك فى هذه الرواية . 
(9) قال : وكتب طارق إلى مولاه موسى : إن الأمم قد تداعت علينا من كل ناحية ء فالغوث الغوث !© . 

ابن قتيبة : الإمامة والسياسة . جد7ء ص ١١8‏ . 


4م عبور موسى إلى الأندلس 





وكان يليان يقيم معظم الوقت بالجزيرة الخضراء يُؤْمّن ظهور المسلمين » وكان قد فرّق 
كثيراً من جنوده مع المسلمين فى كل ناحية » وأحس ف مقامه هذا أن القوط يتجمعون 
ويدبرون شيئاً » وشعر بحاجته وحاجة المسلمين إلى عون جديد وإلا ساءت العاقبة92©. 
ويبدو أنه أفضى إلى طارق بشىء من هذاء لأن الرازى يذكر أن طارقاً رجاه أن يكتب إلى 
موسى ليعجل العبور”). ويؤيدنا فى ذلك الظن ما يذكره الرازى من أن طارقاً أقام - بعد 
عودته من سيره إلى مديئة المائدة - فى طليطلة لا يكاد يصنع شيئاً 7" ولو قد وجد عند نفسه 
من القوة ما يعينه على فعل شىء لفعل » ولكن من معه من الجند كانوا قد أجهدوا إجهاداً 
عظياً » وكانت المقاومة فى تواحى البلاد قد بدأت ترفع رأسها ء ففضل المقام حيث هو, 
وكتب إلى موسى يستغيث به . 

وحين| وطئت قدم موسى الأندلس حََفتّ يليان للقاته خفوف المنتظر المترقب . وعقد 
معه محلساً للتشاور فى الأمر(؟. فلو لم تكن الأحوال مضطربة مخوفة لما كانت هناك حاجة إلى 
المجلس والمشاورة » ولسار موسى إلى طليطلة قدماً ليلقى طارقاً وليحاسبه على ما فعل . كا 
تذهب المراجع . ويدلنا خط سير موسى واتجاهه إلى إشبيلية على أن يليان قد نبهه إلى خطورة 
ترك هذا المعقل الخطر فى أظهر المسلمين دون فتح . 

عبر موسى إلى الأندلس فى رمضان سنة 41ه - يونيو ام واستصحب معه ثانية 
عشر ألفاًمن خيرة جنده » جُلّهِم من العرب وفيهم عدد عظيم من القيسية واليمنية ومعهم 
أتباعهم ومواليهم وكان فيهم كذلك عدد طيب من التابعين وكبار العرب جعلهم موسى 
فى فرقة واحدة عليها محمد بن أوس*2؟. وكان هؤلاء العرب الذين ذهيوا مع موسى هم 





)0( 92 .مأك .م0 لخالطا8 امد 
(؟)يقول الرازى فى النسخة الإسبانية التى بين أيدينا : 
”... ءزومصم عوعتل عط عنب ممدتلتط ووذ عدعمء 3 مععبط كنطو )ع “ 
. 7 هر ذتكق1آ 140:0 أعل دعنون) 12 . 005 اله لذن : 01 
(*) يقول الرازى : 
”... 6م26 هعانق وطة زمطهعا عو جرمم عبن أء ملع اه ؟' دع وطدع 101 عشن وأععق 6لا ... “ 
8 اك .م0 . 05 نال ادن : 01 
()الإدريسى : نزهة المشتاق » ص 7١7‏ من ترجمة دوزى . 
(6)انظر : الضبى : بغية الملتمس ص 68١‏ . 
المقرى : نفح الطيب » ج ١‏ .ص 175-//ا1 . 
وقد تحدث الرازى عن هؤلاء التابعين فى شىء من الإفاضة » وذكر أنه دخلها صحابى واحد هو المنيذر الإفريقى » 
سمى الإفريقى لأنه سكن إفريقية . - 


عبور موسى إلى الأندلس 016 


الجماعة الكبيرة الأولى من مهاجرى العرب إلى الأندلس يُعرفون عند المؤرخين بطالعة 
موسى » وستكون لهم الصدارة بين مسلمى الأندلس زمناً طويلاً » وسيكون لهم أثر عظيم 
خاسم فى سير الأمور . 

ولم تصل هذه الآلاف الكثيرة إلى الأندلس دفعة واحدة » بل كان موسى قد قسمهم فرقاً 
بحسب قبائلهم وأصوهم ومراتبهم » وكان لكل جماعة راية . فل) عبر انتظرهم فى مكان على 
مقربة من الجزيرة الخضراء ابتنى فيه مسجداً » وأخذت الرايات تفد عليه فى ذلك الموضع » 
فغرف الموضع والمسجد بمسجد الرايات » وظلا عامرين قرونا طويلة . 


نزك موسى فى الحزيرة الخضراء عند موضع قريب من جبل طارق سمى مرسى موسى ٠‏ 
ثم عجل بالسير إلى شذونة (51001518 8160102) ومنها سار إلى قرمونة ورعواق 12816م) 
2١20020 8148(‏ فاستولى عليهما » وبهذا أمنت خطوط مواصلات المسلمين من الحزيرة 
الخضراء إلى قرطبة » إذ أصبيحت سلسلة مدائن الجزيرة وشذونة ورعواق وقرمونة واستجة 
وقرطبة فى يد المسلمين » وأصبح فى إمكان موسى أن يتجه نحو الغرب ليفتتح إشبيلية كبيرة 
مدائن شبه الجزيرة بعد طليطلة إذ ذَاك . 


- أما التابعون فهم : موسى بن نصير » وعلى بن رباح التميمى » وحيوة بن رجاء التميمى . وقيل : إن رابعهم هو 
حنش بن عبد الله الصنعائى ( صنعاء الشام ) . 

وقد قفل هؤلاء من الأندلس بقفول موسى . إلا أن أهل سرقسطة يزعمون أن حنشاً مات عندهم ولم يقفل إلى 
المشرق » وقبره لديهم مشهور يتبركون به . ويضيف إليهم بعضهم خامساً هو : عبد ال رمن الخُبّل واسمه عبد الله بن 
يزيد » وسادساً : هو حيان بن أبى جبلة مول بنى عبد الدار » وكان فى ديوات مصر فبعئه عمر بن عبد العزيز إلى إفريقية 

فى جماعة من الفقهاء ليفقهوا أهلهاء وغزا مع موسى حين افتتعم الأندلس » ويل ذلك تفصيل طيب عن هؤلاء التابعين. 

الرازى عند المقرى ج١)‏ ص 795 . 
وانظر عن هذا الموضوع أيضاً أقوال ابن بشكوال وابن سعيد وابن حبيب والحجارى ف : المقرى : نفح الطيب » 

جا ص 148-189 

)١(‏ ورد اسم هذه المديئة فى المراجم العربية بصيغ مختلفة : رعوان زعواق ورعواق » وقد أثبت لافونت ألكانترا أن 
الرسم الصحيح هذه التسمية العربية هو رعواق » وأنها هى قلعة جوادايرا (12نههةنا6 06 812214) . انظر : 
6 .5608121160,0 1801 , فنامكطعة]! عدزة . شكاة 1 الف عاخن 8[الالكلها وم يرد ذكر فتح 
قرمونة قبل إشبيلية إلا فى نفح الطيب رواية عن ابن حيان وفى الأخبار المجموعة , وقد كادت تستعصى علل موسى 
لولا أنه لجأ إلى حيلة نصحه بها من معه من الأدلاء من أتصار يليان » إذ تسربوا إلى داخل البلد فى هيئة المستأمنين » ثم 
غافلوا أهل البلد وفتحوا أبوابه للمسلمين . 

انظر : ابن -حيان عند المقرى » جداء ص ١9‏ . 
الأخبار المجموعة. ص١١‏ . 


اه فتح إشبيلية - فتح ماردة 





سقطت إشبيلية فى يد المسلمين بعد بضعة أشهر من الحصار والقتال» 
ويبدو أن أهل البلد ومن فيها من اليهود سارعوا بفتح الأبواب حينما طال 
القتال واشتد » وأما الحامية القوطية فانسحبت إلى لَبْلَةَ على مصب وادى آنة ومنها إلى 
أكشونبة (0550208 - هته عل 212113 .562) ثم إلى باجة » وهناك راحت تنتظر 
الحوادث . وترك موسى فى البلدة حامية قليلة معظمها من البربر واليهود » ثم سار قاصدا 
ماردة متتبعاً طريقاً رومانياً قديياً كان يصل البلدتين » واستولى فى الطريق على بلد يسمى 
لقنت ١7‏ سلم له أهله دون مقاومة فسموا لذلك ١‏ موالى موسى 00 . 


؟". فتح إشبيلية 


2 فلا أدرك موسى ماردة وجدها أحصن وأقوى مما ظنها» فقد كان أنصار 

لذريق والهاربون من فلول القوط قد تجمعوا فيها لآنها بلد بعيد صعب 
المنال وعر المسالك » فأقام موسى محاصراً البلد بقية الصيف والشتاء التالى » ولم يسلم البلد 
إلا فى الثلاثين من يونيو 17لام 1١(‏ شوال سنة 44ه) بعد قدال طويل هلك فيه نفر كبير 
من حامية البلدة بسبب كائن أخفاها موسى فى مقاطع الصخر أمام مخارج البلد . وقد هلك 
أثناء محاولات نقب السور نفر من المسلمين سقطت عليهم دبابة كانوا قد اختفوا تحتها 
لينقبوا طبقة من السور مبنية من شىء يشبه الأسمنت الصلب كان يسمى -48188702) 
(758" . ولم يسلم أهل البلد إلا بعد أن عاهدهم موسى على « أن جميع أموال القتلى يوم 
الكمين وأموال الهاربين إلى جليقية للمسلمين » وأموال الكنائس وحليها لها ؛ . وهى شروط 
سيكون لا أثر فى تحديد العلاقة بين المسلمين والأهالى فيها بعد 29 . 





- ©» ثم قصد من إشبيلية إلى لقنت إلى الموضع المعروف بفج موسى فى أول لقنت إلى ماردة‎  : قال ابن القوطية‎ )١( 
. 4 افتتاح الأندلس » ص‎ 
ولا يعقل أن تكون لقنت هذه هى لقنت المعروفة فى جنوب الشاطىء ء الغربى لشبه الجزيرة . وقد قرأها سافدرا‎ 

لَقَنْتْ أو لاكانتوس وقرر أنها عين كاتتوس ( 2705© 06 61116لا) . 

2عامداء 94 .غك .م0 .خام8 /الحدهذ : 01 

)١(‏ فتح الأندلس : ص ١١‏ » وانظر تعليق 0018141-82 21 10401010 بخصوص هذه العبارة ؛ ص 47 من 
الترحمة . 

(©) أورد اين حيان هذا اللفظ بنصه محرفاً فكتبه « الاشة ماشة» . 
ابن حيان » عند المقرى : نفح الطيب ج ١‏ ص 17١‏ . 

(4) وردت هذه العبارة الحامة عن ذلك الاتفاق فى الأخبار المجموعة ونح الطيب للمقرى » وقد أورد هذان الكتابان 
تفاصيل هامة عما فعله المسلمون حتى استطاعوا الاستيلاء ء على هذا الحصن الام » ومن ذلك قصة المسلمين الذين 
استشهدوا تحت الدبابة التى كانوا يختبئون تحتها لنقب سور البلد » وذكرا أن هذا الموضع يسمى إلى وقتهما « برج 
الشهداء » لهذا السبب » وهى ملاحظة هامة . ويذكران كذلك حيلة موسى مع أهل ماردة وتلويئه شعره من أبييض 
إلى أحمر إلى أسود إرهاباً لم » وهى قصة مستبعدة الحدوث . - 


فتح ماردة /الم 


يذهب سافدرا إلى أن فتح المسلمين لإسبانيا دخل فى دور جديد أثناء فتح موسى لماردة 
«لأن حراسة الحصون لم يعد يعهد فيها إلى اليهود » ولم يعد أهل البلاد ينتحونها من الداخل 
للمسلمين » ولم يعد المسلمون يبغتون البلاد ويأخذونها من حكامها فجأة » وتلك كلها 
دلائل على أن لوناً من القطيعة قد وقع بين الأهالى والمشارقة . أما سبب هذا التغير» فهو أن 
موسى - فى مسيره من الجزيرة الخضراء إلى ماردة ‏ رأى بعينه سوء حال الشعب ( الإسبانى ) 
ورأى كذلك أن" الملك لم يكن قادراً على جمع جيش محترم . وأن مجلس الشيوخ لم يكن 
ليستطيع الاجتماع للتشاور فى الأمر » وأن أنصار غيطشة لم يكن يؤيدهم إلا نفر لا يملكون 
عدة للحرب أو قدرة على إدارة الحكومة . هنا بدأت فكرة « ضم » الأندلس تدور فى رأسه. 
بدأ يفكر فى تملك ما فتحه»(3) . 

أى : أن المسلمين قد قاموا بها قاموا به فى الأندلس حتى الساعة وهم يشعرون أنهم 
يقومون بغارة يعودون إلى بلادهم بعدها » حتى إذا استبان موسى ذلك كله فى مسيره من 
الجزيرة إلى ماردة تغير رأيه » وأخذ يعمل على الفتح الثابت الدائم » أى على ضم الأندلس 
إلى دولة الخلافة » وأن هذا التفكير غيّر نفوس أهل البلاد ‏ الذين كانوا يؤازرون المسلمين 
إلى هذه الساعة على اعتبار أنهم مغيرون يطلبون المغانم لا غير » أو حلفاء يريدون القضاء 
على دولة الطاغية لذريق ورد الأمر لأهله ‏ قلم يعودوا يؤازرونهم » ولم يعودوا يفتحون لهم 
أبواب المدن ويدلونهم على ثغرات أسوارها وينقضون معهم على حكام القوط . بل بدأوا 
يعادوهم ويقفون منهم موقفهم من أى فاتح معتد يريد ببلادهم سوءاً . 

وليس فى سياق الحوادث ما يؤيد سافدرا فى هذا الزعم » لأن الواقع الذى لا شك فيه هو 
أن المسلمين نزلوا الأندلس من أول الأمر على نية الفتح الثابت الدائم » وأن طارقاً كان يسير 
فى البلاد ليدخلها فى حوزة الإسلام » لا ليغنم منها ثم يعود» ولا ليعين فريقاً من أهلها على 
فريق . ولا يستبعد أن يكون نفر من الإسبان وأنصار غيطشة ممن ساعدوا المسلمين من أول 
الأمر قد انتبهوا بعد فوات الوقت كا رأينا إلى أن المسلمين يفتحون البلاد لضمّها إلى دولة 
الخلافة » لا لاقتسام غنائم الفتح معهم » فأخذوا يأسفون بعد فوات الفرصة على ما كان 
منهم » لأن إيزودور الباجى يقول فى هذه المناسبة : 


ابن حيان » فى نفح الطيب للمقرى »ج ١‏ ص ١37١‏ . 
000( 6 .مراك .م0 .فأاالاعلاممد 


حر فتح ماردة 





1011112 للاععدم ... (864. بار8.36) كموععءطانقء1197ل عاهرمط هع تلللة1 2266 ... 
ناأكة مل لاعل1؟ز1 اء 511206700 2010 , لها تلق ة]0]م عماعهمه 1218 ... 215 الا 
211141 مسدلمنان 


ويؤيد سافدرا رأيه هذا بي حدث بعد فتح ماردة من أن 9 عجم أهل إشبيلية تحيلوا على 
من ببا من المسلمين وجاءوا من مدينة يقال ها لبلة ومدينة يقال لا باجة » فقتلوا من مها من 
المسلمين » قتل فيها ثانون رجلاً » فقدم فَلْهُم على موسى بن نصير بماردة » فلا فتح ماردة 
بعث ابنه عبد العزيز على جيش إلى إشبيلية فافتتحها ورجع2(" . حقيقة أن هذا هو أول 
انقلاب من أهل البلاد على المسلمين » ولكن من أين استدل سافدرا على أن الذين قاموا بهذا 
العمل كانوا من الإسبان ول يكونوا من فلول القوط ال منهزمة التى كانت تتجمع فى نواحى 
الغرب » وأن هؤلاء إنها جرؤوا على الانقضاض على من بإشبيلية من المسلمين حينما 
استبانت لهم قلة عددهم وابتعاد إخوانهم المسلمين عنهم؟ 

نظن أن هذا الفرض الأخير أقرب إلى الصحة » لأن عبارة ابن حيان وصاحب الأخبار 
المجموعة تدل على أن الذين غدروا بالمسلمين لم يكونوا من أهل إشبيلية أو لبلة أو باجة» 
فلو أن هذا هو الذى حدث لذكر المؤرخان أن أهل لبلة وباجة ثاروا أيضاً . إذ لا يعقل أن 
يسيروا إلى إشبيلية للاشتراك فى ثورتها وهم أنفسهم خاضعونء ثم إن عبد العزيز بن موسى 
لم يعاقب أهل البلد بعد أن أخد الثورة » وتركهم على حالهم وأقام معهم فيها » ولو كان هم 
ضلع فى الحادث لرأينا لذلك أثراً فى معاملته همء ولا يستقيم الأمر إلا إذا فرضنا أن الذين 
فعلوا ذلك هم نفر من القوط . من حاميات البلاد التى فرت منها عند اقتراب المسلمين 
وعادت إليها بعد ذهاب الجيش الإسلامى عنها » تحاول استعادتها أو الانتقام من المسلمين . 

فليا فرغ عبد العزيز من أمر الثائرين فى إشبيلية سار إلى لبلة وباجة'" » وربها إلى 
أكشونبة » ليطرد منها من عسى أن يكون قد تجمع بها من القوط ء ثم ترك فى هذه البلاد جميعاً 
)١(‏ اقننتتطعدكة تقطزة ,فلم ]اشع لم 15 للط نا خرا لباق 36 ,لف اوم . 058 ممع 15012080 

.147-14 .مم عمنتلنرعصه 

وقد أيد سافدرا رأيه هذا بفقرتين : الأولى من ١‏ مدونة البلدة » (56عل[ع طالخ 76081608©) يقول فيها : « ثم ثارت 
بين القوط والعرب بصورة مستمرة حروب استمرت سبع سنوات * (نفس المصدر ص )١17”‏ والثانية عن تاريخ راهب 
سيلوس (5116256 07010013)) فقرة /11 . 
(؟)الأخبار المجموعة ص ١18‏ . 
(9) ابن عذارى : البيان » ج ؟ . ص 37 . 


فتح ماردة 44 





حاميات إسلاميه لتؤمنها من أى تدبير يقوم به القوط . ويدلنا نص من المقرى على أن حامية 
باجة كانت قوية . وأن قائدها كان قائداً عربياً معروفاً » هو عبد الجبار قائد ميسرة موسى 


وجد بنى زهرة أحد بيوت إشبيلية التى سيكون لها شأن07). 


وأقام موسى شهراً فى ماردة يرتب أمورها ويريح جنده بعد هذا العناء الذى تكلفوه فى 
فتح هذا البلد . ومن الواضم أنه أحس أن عناصر المقاومة فى هذه الناحية كانت أقوى ما 
لقى المسلمون فى بلاد الأندلس إلى الآن ١‏ وأنه عرف أن فلول القوط - وأنصار لذريق 
خاصة - كانوا يتجمعون فى هذه النواحى الجبلية الوعرة ظناً منهم أن المسلمين لن يصلوا 
إليها » واستعداداً للهرب إلى نواحى قشتالة واسترامادورة إذا ما وطئت أقدام المسلمين هذه 
النواحى من غرب الأندلس . لآن سير الفتح الإسلامى سيبطؤ وسيصطدم بعقبات فى هذه 
الناحية بعد أن كنان يسير سميرا ذَلو لا دون عقبة ظاهرة . 

وقد رأينا القوط فى إشبيلية ولبلة وباجة كيف « تجالّب فَلهُم » من هذه النواحى كما يقول 
ابن محذارى . ولاحظنا أن فتح ماردة كلف موصى من أمره مسرا » وأنه لم يفتححها إلا بحيلة» 
وأن المسلمين خمسروا فيا نحسائر لم يخسروها فى قرطبة أو إشبيلية أو ححتى طليطلة » وعلة 
ذلك أن فلول القوط كانت تتعجمع فى هذه النواحى الوعرة من كل جانب. 

فإذا صح ذلك . كان مسير طارق للقاء موسى بعد فراغ هذا الأخير من فتعم ماردة أمراً 
معقولاً » لأن الإنسان يتساءل : ما الذى أخر طارقاً عن الخروج للقاء موسى ختى هذه 
اللحظة » مع أن موسى كان فى أشد الحاجة إلى العون أثناء حتصار ساردة وكفاحه أهلها ؟ 

ولا يُفسّر هذا إلا بأن موسى رأى أن مقام طارق بطليطلة يؤمنه من عسل يقوم به قوطهاء 
فلما فرغ ممن أمر ماردة وأراد السير نحو طليطلة أحس أن الطريئ طويل حفوف بالمخاوف , 
لأن فلول القوط كانت ١‏ تتجالب » وتتجمع فى هذه النواحى . قلما وعجدت موسى يأخذ فى 
الطريق رأت الغرصة سانحة لاعتراضه ومنازلته فى معركة غفطيرة الشأن كما سنرى . وهذا 
نهو السبب الذى حفز طارقا إلى المسير للقائه . ولا يعلل سكوت طارق عن الذهاب إلى 
هولاه طيلة أشهر الشتاء رغم وجوده على مقربة منه » إلا بأن موسى نفسه لم يطلب إليه 
المجىء إلا فى هذه اللحظة , حينه| أحس ببعض ما كان يدير حوله فى هذه النواحى الفسيحة 
ا مجهولة للمسلمين . 


(١)المقرى‏ : تقح الطيب » ترجمة جايانيجوس . ج؟. ص ١١‏ 3 


946 فتح ماردة 





والواقع أن حركة كبيرة كانت تدور حول جيوش المسلمين الغازية بين وادى آنة وهر 
التاجة فى ذلك الحين » فقد كان لذريق قد تراجع بمن بقى له من فلوله وتحصن بهم فى 
شعاب الحضبة » مما يلل وادى أنة إلى الشمال فى جبال سْيرًا دفرانثيا على أبواب قشتالة الجديدة 
واسترامادورا فى السهل الفسيح الذى يحيط بسلمئقة » ولبثوا هناك يتحينئون الفرصة 
للانقضاض على جيوش المسلمين . ولم يكن موسى ليستطيع السير من ماردة إلى طليطلة 
وهؤلاء فى ظهره ٠‏ بل كان لابد له من القضاء عليهم » ولهذا استدعى طارقا ليلقاه فى 
منتصف الطريق بين ماردة وطليطلة » فسار طارق نحو مائة وخمسين ميلاً وانتظر مولاه فى 
وادى الأرّوكامبو (41:0631220) فى مكان يسمى المعرض (411731582) بين التاجة وخهر 
التيتار 210 


وأما موسى فقد سار فى طريق رومانى قديم يصل ماردة وسلمئقة بحذاء نهير سيحمل 
من ذلك الحين اسمه » وهو فالموثا (1/310028) أى نهر موسى222. وظن لذريق وأصحابه 
أن الفرصة قد سنحت ف المسلمين لتوسطهم هذا الطريق الطويل وبُعْدهم عن أى مركز 
يستطيعون طلب المعونة منه » وانقضوا على جيش موسى ف ناحية يسميها بعض مؤرخى 


)١(‏ يقول بهذا الرأى سافدرا وتؤيده فيه أقوال كثيرة لمؤرخين إسبان ونفر قليل من مؤرخى المسلمين » وهو فى الواقع 
أقرب الآراء إلى الصحة فى صدد نهاية لذريق . فإن المسلمين لم يقتلوه فى واقعة وادى لكه » وتكتفى المراجع بالقول 
بأنه اختفى أو غرق . وسيرى القارىء فى سياق الحديث أن هذا الرأى يصحح الوقائع أكثر ما يصححها القول بموته 
أو اختفائه من ميدان التاريخ عقب لقائه المسلمين أول مرة . 

5060 98 .مم .كك .م0 .دراط /اممد 
(؟) وتعيين اتجاه موسى على هذا النحو يعيننا على تحديد المكان الذى التقى فيه بطارق على وجه التقريب » والمراجع 
العربية مختلفة حول هذه النقطة أشد الاختلاف » فابن عذارى مثلاً يقول : « اتفق الأكثرون على أن التقاءهما كان على 
طليطلة » وذكر الطبرى أنه كان على قرطبة » وذكر الرازى أن طارقاً خرج من طليطلة لما بلغه مسير موسى إليه » 
فلقيه بمقربة من طلبيرة ...4 وإشارة الرازى تدل على أن اللقاء تم على مقربة من هذا البلد الأخير . وقد ذكر صاحب 
الأخبار المجموعة أن اللقاء وقع فى ناحية يرسمها ؛ بائد» من غير نقط » ويمكن قراءتها تايد أو تايتر اعتماداً على 
عبارة أوردها ردريجو أسقف رادا فى تارععه :لال لل عمااء1 أنان انالا 2]لاناا . 
ولما كانت بعض المراجع الإفرنجية تقول بأن اللقاء وقع عند ناحية تسمى41108582 - وهو لفظ عربى 
الأصل يرجح أن أصله ٠‏ المعرض » » وهو مكان على مقربة من طلبيرة على نر التيتار - فإننا نستطيع القول بأن اللقاء 
بين القائدين المسلمين الكبيرين وقع هناك . 
ابن عذارى : البيان ج؟ . ص ١7‏ . 
الأخبار المجموعة ص ١8‏ . 
17 .مق ,11آ] ,آ ,عقتصدم؟ذظا] كناطع: ع2 . 5ناللة 10111 202158110105 
98 .ماك و0 لخطط8 مم5 : 08 


المسلمين ١‏ السواقى » وهى ( 00506[05) 105 06 3اعلالإ5680) على مقربة من تمامس 
(2065م2'7)12 » فانقض عليهم المسلمون وثبتوا لهم حتى أفنوهم عن آخرهم . وقتل 
لذريق نفسه » قتله مروان بن موسى بن نصير » فشهدت هذه البقعة مصرع آخر ملوك 
القوط » وقد حمل أتباعه رفاته بعد ذلك ودفنوها فى فيزيو » وظل قبره هناك معروفاً حتى 
زمان ألفونسو الكبير . فقد ورد فى حوليات هذا الملك أنه رأى قبر لذريق وقرأ عليه لوحة 
تقَوّخ-: هنا يرقد لذريق ملك القوط . 


( االتمطامع عع؟ كناعمرع0؟آ أأعدع الاوع؟ 112[) 


ومن الغريب أن هذه الواقعة التى أهملها المؤرخون إعمالاً شبه تام كانت الأساس الذى 
دارت حوله الملاحم الإسبانية التى نشأت في] بعد حول لذريق آخر ملوك القوط ودفاعه 
عن بلاده . 


ويبدو أن اشتباك المسلمين مع القوط فى هذه الواقعة الحاسمة الأخيرة قد شجع نفراً من 
بقَايا القوط وأنصارهم فى طليطلة على نقض طاعة المسلمين » فانتهزوا فرصة خروج طارق 
وجنده منها ووثبوا بها » فاضطر موسى إلى فتحها من جديد ودخوها دخول الظافر9» 
ويذهب المؤرخ الإسبانى مودستو لافونتى إلى أن أفراد حزب غيطشة كائوا يؤملون - بعد 
مقتل لذريق - أن يقيمهم المسلمون ملوكاً على البلاد » ولكن موسى خيّبٍ ظنونهم حينم 


/)١(‏ يذكر هذه الوقعة من المؤرخين المسلمين إلا الرازى ( فى الترجمة الإسبانية ) وفتح الأندلس المجهول المؤلف » وقد 
ذكر هذا المرجع الأخير أن الموضع الذى وقع فيه اللقاء الأخير يسمى « السوانى » فى نسخة و السواقى» فى نسخة 
أخرى ء وأما الرازى فيسمى هذه الوقعة علالإناع52 ع0 242/13 ها . وهو لفظ قريب جداً من لفظ السواقى . أما 
مقتل لذريق على يد مروان بن موسى فلم يذكره إلا اين قتيبة فى الإمامة والسياسة . انظر : 
اك .م0 خفأارزعلاهغ5 لنمد .ذاكفة 21010 اعل منمهصهدا! معتدةى دا عل كماتئلغدا كماأمعمسعوط 
.500 145 ععتلوعءمة 
فتح الأندلس ص 4 . 
ابن قتيبة : الإمامة والسياسة . ج7اء ص 78 . 
ولاش كف أن تسمية الرازى هذا المرضع ب علالاناع52 كانت الأصل الذى أخذ عنه المؤرخون الإسبان 
وقصاصهم اسم هذا الملوضع » فقد كتبه « فرناندو جنذالذ » فى قصيدته الطويلة عن لذريق ١533807612‏ وكتبه 
«ردريجر كارو » سانجوبيلا . 
9 دامه© .ولهن0 نوع دستنانا اا مطل 0052 0راتلى لطع 0 
.)ع 122 بهالتع5 عل ملمماعماءم نز دعل 2لعناع نامث .0810 801100 
. 50 100 .مم ناك .م0 .ذأاراط امود 


. ١7 فتح الأندلس »ص‎ )١( 


45 أول عملة إسلامية فى الأندلس 





أعلن بعد دخوله مباشرة أن البلاد كلها للخليفة المسلمين فى دمشق » ولم يجد أبناء غيطشة بُداً 
من الرضوخ للأمر الواقع » فسكنوا قانعين بها منحهم موسى من أملاك أبيهم وما شرفهم به 
من عظيم المكانة210. فاستقر أخيلا ( وَقِلَ ) فى طليطلة وعاش آمناً فى ظلال المسلمين » 
وخلفه ابنه ألْبَرُو ( ألفارو ) ثم حفيده حفص الذى أصبح فيما بعد قاضياً للنصارى . وأما 
أرطباس فقد استقر فى قرطبة مكرماً معززاً وأصبح له بين المسلمين مكان مرعى » واحتفظ 
ع ع عديثمنو ع 

بلقب ١‏ قومس »© وورثه عنه ابنه أبو سعيد . وأما ألمندٌ فقد اختار المقام فى إشبيلية وأنجب ابنة 
هى سارة » عاشت كريمة حتى أيام عبد ال رحمن الداخل وابنه هشام » وابنين هاجر أحدهما 
إلى الشهال وبقى أحدهما فى بلاد المسلمين ليحظى بمكان رفيع وليصبح أسقف المستعربين 
جميعاً فيا بعد . وكافأ موسى أبه (08025) أخا غيطشة -الذى طالما ساعد المسلمين وأعانهم 
- بتعبينه أسقفاً لطليطلة » والظاهر أن جمهور النصارى لم يرض عن هذا التعيين لأن إسبانياً 
آخر هو ؛ أوربانو » لم يلبث أن خلفه فى هذا المنصب الكبير سنة 1/19م(9). 


وم يكد موسى يستقر فى طليطلة حتى سارع بضرب عملة ذهبية ليدفع 


0" أول عملة 

إسلاميةقى منها رواتب الحند الذين كانوا معه » ولسنا نعلل ضرب موسى هذه 
5 العملة الذهبية - التى كانت فى ذلك الحين من حق الخليفة وحده - إلا 
الأندلس 


بأن الخليفة كان قد خوله هذا الحق فى إفريقية فأباحه لنفسه فى الأندلس» 
لأنها كانت معتبرة فى نظره أرضاً مفتوحة تابعة لإفريقية » وكان المسلمون يتعاملون خلال 
هذه الفتزة القصيرة ف [سبانيا بالعملة الإفريقية التى ضرا موينى قبل ذلك ستة «واه.: 
وقد رسمت هذه الدنائير الذهبية الجديدة على هيئة العملة الإفريقية : كانت لاتيئية غربية » 
ففى ناحية منها كتب « محمد رسول الله » يحيط به النص التالى باللاتينية على هيئة دائرة : 


-51121 0ع0آ 1012 .53216985 50105 . ذناء0آ 2151 ذ5ناء0آ 17011 ,11لطده00آ عمتسرمم صل 


اناف ذ ذا 
وف الناحية الثانية نجمة ذات ثان أذرع كتب حوها باللاتينية : 
000( . 479 .11 .قصدموط عل لميعمعع 12نمكظ1ط .81115 ناذا 1408510 


. 0-4 ابن القوطية : افتتاح ؛ ص‎ )١( 
100211 . 9م ,1 , وعطعءتعطععظ‎ 
يعذمع [زأك قوع لهم بآ‎ 2. 0 
.مم نأك .م0 .فتا٠©اع مم5‎ 104 - 105 . 


السير نجو الشهال 417 





04 1[ قلطااء1 كلال5011 


ويل ذلك تاريخ 7 شكها وهو منة /ا9ه(0). 
وضرب موبى كذلك عملة برونزية صغيرة لاتينية الكتابة . 


ثم بعث موسى برسولين إلى الخليفة الوليد يُنْهِيان إليه أخبار هذا الفتح العظيم » ووقع 
اختياره على التابعى على بن رباح » وكان رجلاً صا حاً فى نحو الثانين من عمره » ومغيث 
الرومى فاتح قرطبة . ويبدو أن مغيئاً كان حانقاً على موسى لشىء فى نفسه , أو لأنه ساءه أن 
ينسب فضل الفتح كله إلى نفسه مغفلاً بيان ما قام به هو وما قام به طارق » فلم يأل جهدا فى 
تنقص موسى وتشويه سمعته » فكان لكلامه أسوأ الأثر على مصير موسى فيهم| بعد!'). 
.سير نجي فلها اطمأن موسى إلى هدوء ما بيده من البلاد أخذ يستعد للسير نحو الشمال 
لإكال فتح شبه الجزيرة » ويذهب المؤرخون إلى أن نيته انعقدت إذ ذاك على 
التصعيد واختراق جبال البرت وغالة وأوروبا كلها ليصل إلى القسطنطينية 
من الخرق22 +وليين لدينا دلي واحد نستطيع أن نؤيد به هذه الأقوال» ونستبعد أن يكون 
موسى قد فكر فى أمر خيالى عسير التحقيق كهذا. وكل الذى نعرفه أن موسى جمع أجناده 
حين) انقضى الشتاء وسار بهم فى اتجاه الشمال الشرقى ليفتح .حوض الابرو وما فيه من 


الشمال 


200 . 106-107 .مم اك .م0 لشخاجاع لا ممم 
20-21 .مم .كتتالا .مك اع2آ .أكزا؟ ملفكوللع /01اط-الاطيز 
والمراجع المذكورة هناك . 
(5) المقرى : تفح الطيب . جا ص 158-1554 . 
ويسهب ابن عبد الحكم - على غير عادته - فى تفصيل ما فعل موسى بطارق » وما فعله مغيث من عون 
طارق والإسراع إلى الخليفة لإنقاذه . ولسنا نهم سبباً لهذا الإسهاب إلا أن تكون أخبار كهذه قد شاعت وتداوها 
الناس ف المشرق + ولما كان مغيث هو الوحيد الذى أنيح له الحديث إلى الخليفة » فلا يستبعد أن يكون صاحب هذه 
الشائعات . ورواية المقرى تؤيدنا فى هذا . 
(”) يذكر المقرى أن موسى حينم أدرك هذا الموضع القاصى من شال الأندلس وأشرف جنده على البحر الأخضر 
(المحيط الأطلسى ) وجبال البرت » فكر فى اختراقها والاستمرار فى الفتوح , وأنه ‏ كان يؤمل أن يخترق ما بقى عليه 
من بلد إفرنجة » ويقتحم الأرض الكبيرة حتى يصل بالناس إلى الشام مؤملاً أن يتخذ غترقه بتلك الأرضى طريقاً 
يسلكه أهل الأندلس فى مسيرهم وححيئهم من الشرق وإليه على البر لا يركبون بحراً» . ولسنا نستطيع تحقيق قالة 
كهذه ‏ وكل ما نستطيع استنتاجه منها هو أن الوليد لو ل يكن قد استدعاه وألح فى استدعائه لأتم فتح جليقية - ىا 
يذكر المقرى - أو لاخترق جبال البرت وأفضى إلى غالة . أما ما يزعمه المقرى من وصوله إلى نهر الرون ( ردونه - 
من كنااة200 ) فأمر غير صحيج » وسنرى فيما بعد أن المؤرخين وضعوا كثيراً من أعمال الفاتحين المسلمين تمن أتى 
بعد موسى فى حملته تلك ونسيوها إليه . 
المقرى : نفح الطيب» ج١‏ .ص 173-١78‏ . 


4 السير نحو الشهال 





مدائن . وكان معه طارق وجماعة من كبار جنده » وتقدم الجيش محمد بن إلياس المغيل أحد 
قادة البربر مع طائفة قليلة استولت على وادى الحجارة دون كبير جهد(١".‏ 


ويبدو أن ما لقيه المسلمون من الشدة عند ماردة والسواقى . وما دهمهم من ثورة أهل 
طليطلة مال بهم إلى الشدة » فنراهم فى غزوتهم هذه أميل إلى العنف مما كانوا قبل ذلك » فبين| 
كان طارق يحتل المواقع احتلالاً سلمياً فيُؤمّن أهلها ولا يكاد يستبيح لنفسه إلا ما كان من 
أملاك القوط أو أملاك الكنيسة » نسمع من الآن فصاعداً عن نهب البلاد وإحراقها ورعب 
أهلها وخروجهم منها على وجوههم . ويبدو كذلك أن هذا كان نتيجة لسياسة موسى » 
وقد عرفناه شديداً قاسياً عظيم اميل إلى المغانم والأسرى والسبايا » وقد بلغ من إسرافه فى 
هذا الوجه أن العرب أنفسهم - وعلى رأسهم الخليفة - أنكروا عليه هذا المسلك » فلم يلبث 
الخليفة أن استدعاه ليناقشه الحساب فيا يفعل . 

ولم تكد طلائع المسلمين تشرف على سرقسطة حتى رعب أسقفها بنسيو (010م86) 
ومن معه من الرهبان . فجمعوا كتبهم المقدسة وذخائرهم الموروثة وقرروا المهجرة من البلد 
والفرار هذه الذخائر . فلم يلبث موسى أن أرسل إليهم رسولاً يُوْمّنهِم ويعطيهم عهده. 
فسكنت مخاوفهم واستقروا ودخل المسلمون البلد بعد قتال لا يُذْكَر("©. ولم يكد المسلمون 
يستقرون فى البلد حتى قام التابعى حنش بن عبد الله السبأى الصنعانى بإنشاء مسجد 
للمديئة » وقد قُدّر هذا المسجد أن يتسع حتى أصبح مسجداً جامعاً وظل قروناً متوالية مناراً 
للإسلام وأهله فى هذه النواحى7" . 

ثم أعقب موسى ذلك باحتلال سرقسطة ووشقة ولاردة وطركونة » وأحب أن يتابع 
سيره نحو البرت » ولكن جنده روعوا لما شاهدوه من قفر هذه النواحى وقلة عمرانها . ثم 
إن أهلها كانوا يتكلمون اللغة البسكية فوقعت من العرب موقعاً غريباً . وظنوا أنهم 
لا يتكلمون (؛) . واستوحش الجند من هذه الناحية وأبدوا رغبتهم فى العودة » وانضم إليهم 


. 0177 شهاب الدين الفاسى برواية المقرى : نفح الطيب ترجمة جايانجوس » جا ص‎ )١( 
1501001 505ك6/ .7.36 بلقو 1م 8 كل ع0 خط‎ 8571-3 20 
. 1١١ (؟) ابن الفرضى : تاريخ علماء الأندلس » ص‎ 
. 352037 الضبى : بغية الملتمس . ص‎ 
. المقرى : نفح الطيب ج23 ص4‎ 
. وفتح بلاد البشكنس وأوغل فى بلادهم حتى أتى قومآ كالبهائم » وغزا بلاد الإفرنج ...؟‎ ...١)5( 
. 18 ابن عذارى : البيان» ج7 » ص‎ 


أقصى ما وصلت إليه فتوح المسلمين فى إسبانيا 046 





التابعى حنش الصنعانى » وأخذ موسى يحاول إقناعهم بضرورة الاستمرار؟ . 


وف ذلك الحين وصل مغيث الرومى عائداً من دمشق ومعه أمر لموسى وطارق بأن 
يشخصا إلى دمشق » وأحس موسى بها وراء هذه الدعوة : وعرف أن مغيئاً مولى عبد الملك 
ابن مروان لا بد أن يكون قد تقوّل عليه شيئاً » ولكن لكن ذلك لم يصرفه عن المضى فى إتمام هذه 
الغزوة التى صاحبها التوفيق إلى هذه الساعة » وأحب أن يسترضى مغيئاً حتى يدعه يمضى 
فى إكمال فتح البلاد » فعرض عليه أن يمنحه نصف ما يغنم من البلاد التى سيفتحها فى هذه 
المهلة » ومنحه القصر الذى كان يسكنه حاكم قرطبة فى الجزء الشرقى منها » فقبل مغيث 
وظل هذا القصر يُعرف فيا بعد ببلاط مغيث(؟) . فإذا اطمأن موسى إلى ذلك فقد تابع سيره 
فى قشتالة القديمة (2[ع1/ا 13 002501118) ليتم فتحها وليُوّمْن طليطلة من غدر أى عدو 
للمسلمين يكون فيها(". واستقر رأيه على أن يقسم جيش المسلمين قسمين : قسم] يسير به 
هوء وقسراً يسير به طارق . 

عهد موسى إلى طارق فى السير نحو جبال كَتَبرِيَة » فبدأ طارق بمهاجمة البشكنس غربى 
الإبرو فلم يجد صاحب الناحية ‏ فُرْيُون ‏ (ؤنانهنااءهع) بدأ من الدخول فى طاعة المسلمين 
بل اعتنق الإسلام » ومنه تسلسل ٠‏ بنو قسى أصحاب الثغر الأعلى الذين سنلقاهم كثيراً 
على طول تاريخ المسلمين فى الأندلس”؟) ثم تابع طارق سيره » واستولى على أمايا واشترقة 


وليون00). 

55207 وسار موسى نفسه على الضفة ااخرية للإيرو فى إقليم 0 ا 
22000 معظم من مر بهم من رؤساء هذه الناحية . وقد لقى بعض المقاومة عند 
05600 قرية تسميها المراجع بارو - أو بازو - فى مقاطعة فاليادوليد (بلد الوليد) 
المسلمين فى إسبانيا 


الحالية 22 » ولم يلبث أن تغلب عليها وسار متابعاً فتوحه . وبدلاً من أ 


, 1707 ابن قتيبة : الإمامة والسيامة . ج؟ . ص‎ )١( 

(5) المقرى : نفح الطيب » جد( ء ص ١74‏ . 

م 113-14 .مم ناك .م0 .684 /ا4 م5 

() ابن القوطية : افتتاح » ص 87 . 

(6) الأخبار المجموعة ٠ص‏ 58 . وقد جعل هذا المرجع فتح هذه الخصون الثلائة فى سنة 1/11» وهو خطأ واضح ء 
وقد بيناه ق حينه . 

)١(‏ كتبها المقرى بارو وبازو . وقد ظن بعضهم أن المراد بذلك فيزيو (19©0/ا) ولكن نظرة على الخريطة تدل على أنه من 
العسير أن يصل موسى إلى فيزيو من هذه الناحية فى هذا الوقت القصير . وقد حفق موقعها سافدرا وقرر أن المراد بها 
فلياباروز (2ناكة1112/]) ويبذا تكون صحة الاسم الذى أورده المشرى باروز ‏ 

نفح الطيب » جاء ص ١15‏ . 
117.م اك .م0 .17814 ممد 


45 أتصى ما وصلت إليه فتوح المسلمين فى إسبانيا 


يعرج على اشترقة ليلتقى فيها بجيش طارق . انحرف إلى الشهال واخترق باب تارنا -1817) 
(582 وسار متابعا مجرى نغهير النالون (1/32162) ثم حط رحاله عند قلعة يسميها المقرى لك 
(15ناكنا]كث كناعناءآ الرومانية و 60ناءآ 06 813112 اليوم ) غير بعيد من أَبِيْطٍ (011600)» 
وما زال بها حتى سوّاها بالتراب وفرّ من كان بها إلى مكان قاص من الشاطىء يسمى 
الصخرة (15115008 عل 1005) . ثم سار بنفسه حتى يلغ خيخون (61[60) وأقر فيها 
حامية » وجعلها حصنا لما فتحه من البلاد فى هذه النواحى البعيدة » ثم بعث سرية من 
فرسانه أدركت البحر عند صخرة بلاى ( 0/إةاعم عل هوءع210)2 . 


فإذا أدركت خيل موسى البحر من الشمال أحس أنه فتح شبه الجزيرة كله ولم يعد هناك 
معنى للاسترسال فى السير » وكان موسى يترك فى كل قلعة يفتحها حامية من المسلمين » 
فتفرق جنده وطال السير بمن بقى معه منهم » ونال منهم الجهد فمالت نفوسهم إلى العودة » 
فاكتفى موسى بوصوله إلى نخحيخون ٠‏ وأزمع العودة غير عالم أن نفراً كبيراً من القوط قد 
تراجعوا أمامه واحتموا فى نواحى أشتريس وجليقية . وكان المسلمون يحسبون أنهم قضوا 
على القوط حتى لم يبق منهم إلا ثلانون رجلة92). 

والواقع أن من بقى من القوط إذ ذاك كان قليلاً » ولو لم يشتغل العرب بعد ذلك 
بحروب ومنازعات قبلية فيها بين أنفسهم لاستطاعوا الالتفات إلى هذه البقية الباقية من 
الأرض والناس » ولكنهم شغلوا بأمور أنفسهم ىا سترى» فاستطاعت هذه الحفنة القوطية 
أن تطمئن فى هذه النواحى القاصية القاحلة » وأن تنمو لتنتهز فى المسلمين كل فرصة تسنح . 
وكانت معظم الحاميات التى خلفها المسلمون من البربر » وكان أكبرها حامية استقرت فى 
خيخون عل الغالب يقودها زعيم بربرى سيكون له شأن » هو ١‏ مونوسة » . 





)١(‏ هكذا وصل المسلمون إلى أقضى نقطة من أشتريس أدركوها فى أيام موسى فى دفعة الفتعح الأول » وإليك عبارة 
المقرى بهذا الصدد نوردها لأعميتها : ... ومشى معه ( أى مع مغيث ) سمتى بالغ المغازة فافتتيح حصن بازو و حصن 
لُكْ . فأقام هنالك وبعث السرايا حتى بلغوا صخرة بلاى على البحر الأخضر » فلم تبق كنيسة إلا هدمت ولا 

ناموس إلا كسر . وطاعت الأعاجم فلاذوا بالسلم وبذل الجزية وسكنت العرب المفاوز ... » . 
المقرى : نفح الطيب » جا صى 715-١1١5‏ : 

١17‏ نمكاء :م0 .مفع /لاممد 


(؟) عيسى بن أحمد الرازى برواية المقرى : نفح الطيب ء ج37 ص (/31/5-51 , 


عودة موسى وطارق إلى المشرق /437 


فإذا انتهى موسى فى فتوحه إلى هذا الحد القصى فقد كان لابد أن يعود ء لا إلى طليطلة 
أو قرطبة فقط . بل إلى دمشق رأساً . فقد كان مغيث رسول الخليفة يتعجله » وكان الوليد 
معجلاً عليه لا يريد أن يتمهل » حتى لتذهب الروايات إلى أنه بعث إليه رسولاً آخر اسمه 
أبو نصر لقيه فى ١‏ لَّكْ » فأخذ بعتان فرسه وأمره بالعودة » وذلك أمر مستبعد » لأن مغيثاً 
وصل وموسى فى سرقسطة فى أوائل الربيع » ولما تنتقض على وصوله ثلاثة أشهر ء ولا يتفق 
أن يكون الخليفة قد استطال هذه المدة القصيرة فأرسل يتعجل ء وربما كان أبو نصر » هذا 
كنية لمغيث كما يظن جايانجوس2327). 

أخذ موسى فى طريق العودة فى أواخر سنة 4ه( منتصف صيف ١5‏ /ام) وكان مغيث 
قد خف للقائه » فالتقيا بنواحى ليون ء وهناك أدركهها طارق عائداً من اشتّرقة» وساروا 
جبيعاً فاخترقوا فج موسى (1/21501022) فى طريقهم إلى طليطلة . ولم يْقَم موسى فى طليطلة 
شيئاً وإنما مضى مجداً حتى دخل قرطبة ولقى فيها نفراً من كبار جنده . ثم مضى إلى إشبيلية 
حيث ركب البحر ومعه طارق ومغيث وكبار الجند فى ذى الحجة سنة 165هء وكان معهم 
يليان . وتذهب المراجع إلى أنه اصطحب معه ثلاثين ألف رأس من الأسرى ء وهذا أمر 
لا يصدق »ء نظراً لما يحتاجه مثل هذا العدد العظيم من العدة حتى يمكن نقله هذه المسافة 
الطويلة من الأندلس إلى دمشق » والغالب أن عدداً قليلاً جدآً من هؤلاء رافق موسى فى 
رحلته ء وأما الباقى فقد ترك ف المزارع يزرعها . ونكاد نتفق مع ابن قتيبة الذى يذكر أن 
موسى دخل دمشق ومعه ثلاثون من خيرة أسرى القوط , أليسهم أفخر الثياب وسار بهم فى 
موكبه ليدل على عظم الفتح الذى قام به » وكان موسى ميالاً إلى مثل هذه اللظاهر(7). 
بارح موسى الأندلس فى ذى القعدة سنة 4ه (سبتمير 1/14) ووصل 
مصر فى اللسابع من ديسميرء ويلغ دمشق فى السادس عشر من يناير سنه 
6م أى قبل وقاة الوليد بأربعين يوما ٠‏ وكان سليان بن عبد الملك قد 
أحس باقتراب منية أخيه فكتب إلى موسى يأمره بأن يتريث حتى يصل بعد 


4" عودة 
موسى وطارق لل 
المشرق 


(١)المقرى‏ : نفح الطيب. جا .ص 777-١17‏ . 

. 7” الأخبار المجموعة .عس‎ )١( 
. 1917 القرى : نفح الطيب. جا وص‎ 
05 الرازى : ( فى الجرء الإسبانى الذى نشره جايانجوس ) رقم‎ 
. ١4 فتح الأندلس. ص‎ 


ابن قتيية : الإمامة والسياسة . ج75 . عن4ة١.‏ 


14 عودة موسى وطارق إلى المشرق 
موت عبد الملك » فتؤول الذخائر التى كان يحملها معه إلى سليهان . ولكن موسى لم يشأ أن 
يتريث » ووجد الحجى فى أن يسير سيره العادى . فإن وصل والوليد حى كانت الغنائم لهء 
وإلافهى لمن يخلفه بالحق والعدل . 

وكان ركب موسى فى عودته ركب قائد مظفر أوسع الله عليه فى الخير والمغانم » فكان 
لا يلقى أحداً إلا أعطاه شيئاً » ولسنا نعلم على وجه التحقيق من أى مال كان يعطى » ولكن 
الذى نعلمه أن أحداً من الفاتحين المسلمين لم يبلغ هذا المبلغ من السخاء وكثرة الحيات17). 

وصل موسى دمشق قبل وفاة الوليد بأربعين يوماًء فأذهل الناس با أتى به من الخيرات 

ع و . 7 ماع م 367 
والمغانم » بل يجمع المؤرخون على أن أحدا من الفاتحين المسلمين لم يعد بغنائم تشبه - بعد 
فتح فارس(- غنائم موسى . ولكن الظاهر أن قلب الوليد كان متغيرا على موسى تغيرا 
لا سبيل إلى إصلاحه » فلم يحسن لقاءه » ثم لم يلبث أن لقى ربه » وخلفه أخوه سليمان وهو 
أشد من أخيه غضباً على موسى لما كان منه معه » ولهذا كان طبيعياً أن لا ينتظر موسى خيراً 
كثيراً » وأن يدرك أن أيام مجده وعزه قد مضت مع أمس الدابر . 

بيد أننا نستبعد صحة ما يبالغ فيه المؤرخون من أفاعيل سليهان بموسى » نعم إن مغيثاً 
الرومى لم يدخر وسعاً فى تشويه سمعة الفاتح العظيم » وصحيح أن قالاته لقيت قبولاً من 
آذان أولى الأمر فى عاصمة الخلافة » ولكن الإنسان يستبعد ما يقال من أن سلييان كان 
يقيم موسى فى الشمس حتى يكاد يغمى عليه من شدة التعب والجهد . أو أنه ألزمه أن 
يطوف بالقبائل محروساً يستجديها ما لا يفتدى به نفسه » حتى لقد كان يستجدى الدرهم 
والدرهمين « فيفرح بذلك ليدفعه إلى الموكلين به قيخففون عنه من العذاب 200 لأن سليمان 
لو كان قد أنزل بموسى هذه المساءات لما ترك ولديه واليين على إفريقية ية والأندلس » ولأن 
موسى كان أثيراً على نفس يزيد د بن المهلب وزير سلييان بن عبد الملك وصاحب الأمر فى 
دولته . 

وكل ما نستطيع قبوله هو أن سليهان أهمل موسى وتركه فى زوايا النسيان » وما نظن أن 
رجلاً كهذا كان يمكن عقابه بأقسى من ذلك » فقد فتح الفتوح ومضّر الأمصار وكان حقيقاً 
)١(‏ ابن قتيبة : الإمامة والسياسة . ج7 » ص8 ١5‏ وما بعدها. 


(0) المقرى : جا ء صرلالا . 
(9) المقرى : نفح الطيب » جا . ص ١8٠١‏ . 


عودة مومى وطارق إلى المشرق 464 


بأن يعود إلى ما فتح لينظمه أو ليزيد فيه . ولا نزاع فى أن موسى كان على نية مواصلة الفتح 
إذا عاد » فحُرم مسلمو الأندلس من هذه القوة الدافعة التى وصلت إلى شاطىء خليج 
بسكاية فى عام وبعض عام » وأصاب بقايا القوط الفرصة التى كانوا فى أشد الحاجة إليها 
ليستريحوا بعد طول جهد . وليستعدوا للصراع الطويل مع المسلمين من جديد7١).‏ 

خرج موسى من الميدان وعاش بقية حياته فى ظلال النسيان لا نكاد نسمع من أخباره 
شيئا » ولا تحدثنا المراجع بشىء عنه بعد ذلك حتى موته بعد ذلك بقليل سنة سبع وتسعين 
أو تسع وتسعين وهو فى طريقه إلى الحج فى رفقة سليمان("2 » وإذا عرفنا أن سنه كانت قد 
جاوزت الثهانين عند وفاته لتبينا أن الرجل كان قد قارب الثهانين حين عاد من الأندلس » فلا 
ييتشعك أن يكوق سلتان قن لاحظ سه العالية فاستحسن أن ليه من العمل :وآن نبقى ابننه 
مكانه فى إفريقية والأندلس » فبقى الفاتح العظيم فى صحبة الخليفة حتى مات فى ركابه كها 
رأينا . 

ومهما يكن الجزاء الذى لقيه موسى على يد سليهمان فإن الإنسان لا يسعه إلا أن يقرر أن 
الخلافة لم تعرف فضله ولم تجزه الجزاء الذى كان يستحقه » فقد فتح للإسلام فتوحاً تضعه فى 
الضف الأول من رجال الإسلام الأول » وكانت له سياسة وقدرة تذفم الإنسان إلى أن يقرر 
فى غير تردد أن هذا الرجل هو واضع أساس ما أدركه المسلمون من سلطان وحضارة فى 
غرب البحر الأبيض المتوسط ء لأن فتح الأندلس كان أمرا لابد منه حتى يطمئن المسلمون 
على فتوحهم فى الشمال الإفريقى . ولو ل يُفتح الأندلس لاستمر المغرب الإسلامى مهدداً 
بجموع النصرانية . هذا إلى ما كان لهذا الفتح الأندلسى ف ذاته من القيمة والأثر ما يغنى عن 
كل حديث . 

قال المقرى : « ... فقد كان له من الآثر ما يوجب أن يترحم عليه . وإن فعل سليمان به 
وبولده » وكونه طرح رأس ابنه عبد العزيز الذى تركه نائباً عنه بالأندلس ‏ وقد جىء به من 
أقصى المغرب - بين يديه » من وصاته التى تعد عليه طول الدهرء لا جرم أن لم يمتعه الله 
بعده بملكه أو بشبابه » 9 , 


. انظر تفاصيل ذلك فى نفح الطيب » جاء ص 17/4 وما بعدها‎ )١( 
وتختلف الروايات حول ذلك الموضوع » فيذهب الحجارى وابن بشكوال أن موسى توف بوادى القرى فى أسوأ‎ )١( 
. حال‎ 
. 185-187 انظر المقرى : نفح الطيب جا ء ص‎ 
.. ١81 (6)المقرى : تفح الطب + جا ء ص‎ 


٠و1‏ استكمال الفتح 





وتصمت الرواية الإسلامية كذلك عن طارق صمتاً كاملاً » ولسنا نفهم لهذا سبباً إلا ما 
يقال من أن مغيئاً وشى به هو الآخر وخوّف الخليفة منه » وكان هذا يريد أن يوليه الأندلس 
بعد موسى . والحق أن مغيثاً الرومى أساء إلى قائديه إساءة كبرى » وربم| كان دافعه إلى ما 
افتراه على طارق هو طمعه فى ولاية الأندلس » ولكنه على كل حال لم يفز من ذلك بشىء ؛ 
لأنه عاد إلى الأندلس فيا بعد ليعيش فى «بلاطه © وأملاكه . ولكى يجب بنين سيكون 
لأحفادهم شأن عظيم فى تاريخ الأندلس الإسلامى 27 . 
وإذا كنا لا نأسف كثيراً على حرمان موسى من ثمرات فتوحهء لأنه فى الواقع قد استمتع 
من هذه الثمرات با فوق الكفاية , فإن المؤرخ لا يسعه إلا أن ينظر بعين الأسف إلى هذه 
الحجب الكثيفة التى أسدلت على بقية حياة طارق » هذا المسلم الإفريقى المجيد الذى 
لا تسجل الرواية الإسلامية عنه إلا خيراً . ولكن إهمال المؤرخين أمره لم يحرمه من نصيبه من 
الخلودء فقد أرادت المقادير أن تحمل اسمه أول بقعة من الأندلس وطنتها قدماه » وأن تنتقل 
هذه التسمية بصيغتها العربية محرفة تحريفاً بسيطاً إلى اللغات الأوروبية جميعاً » وتريد المقادير 
كذلك أن تكون هذه البقعة بالذات من المواضع التى سيشغل ذكرها الناس على مر العصورء 
لأسباب وعلى صورة لم تكن تدخل فى حساب طارق » فلا يزال الناس من ذلك الحين 
يتحدئون عن جبل طارق أو جبر التارء ويدفعهم هذا الذكر إلى البحث عن طارق وأخباره. 
.سعمر الم توقف عودة موسي وطارق نشاط المسلمين فى الأندلس » فقد بقى فيه نفر 
انفبع 2 من الأجناد استمروا يواصلون العمل لإكال ما بدأوا به » فتذكر الأخبار 
المجموعة أن سنة 44 ه شهدت فتح كثير من بلاد الأندلس على يد المسلمين 
دون أن تذكر هذه البلاد » ويذكر ابن الفرضى أن نعمان بن عبد الله الحضرى عاد إلى 
الأندلس بعد مرافقته موسى إلى دمشق » واشترك فى الجهاد ومات فى سبيل اللّه » واستمر 
التابعيان على بن رباح وحنش الصنعانى فى سيرهما بجند المسلمين نحو الشهال حتى فتح اللّه 
عليها بنبلونة فى أواخر سنة 30ه (5١7م)‏ . ويذكر ابن خلدون أن المسلمين افتتحوا 
برشلونة بعد ذلك بقليل , دون أن يستطيع التأكد من صحة أخبار هذه الفتوحات (") , 


. ١3786 المقرى : نفح الطيب » ج١ .ص‎ )١( 
. 5944 جايانجوس : ترجمة نفح الطيب ج37 ؛. ص‎ 

(؟) ابن الفرضى : تاريخ علاء الأندلس . ج؟ ص79 وجا ص .75501١9‏ 
المترى : نفح الطيب » ترجمة جايالجوس . ج؟ ص 731١‏ . 


١٠١ تذمير‎ 


وكان ينبغى أن نقف بقصة الفتح عند هذا الحد » لأن ولاية عبد العزيز بن موسى تبدأ 
عصر الولاة الذى ستتناوله فى الفصل التالى » ولكن بقيت من الأندلئس نواح واسعة فى 
الشرق لا بد من استقصاء أخبار فتحها أو دخوها فى طاعة المسلمين حتى نستطيع القول بأننا 
قد فرغنا من أخبار فتح المسلمين للأندلس تماما . 

كان عبد العزيز بن موسى فاتحاً نشيطاً » فقد كانت له يد طولى فى فتوح إفريقية » وقد 
رأيناه ملازماً أباه مشاركاً إياه فى كل عمل قام به فى الأندلس » ثم رأيناه بعد ذلك يقود 
جيشاً سار إلى إشبيلية ليخمد ثورتها التى قام بها أهلها على المسلمين فى سنة 17 لام » وأقام 
عبد العزيز بعد ذلك فى هذه الناحية مواصلاً الفتوح فى نواحى الغرب » ففتح يابرة وشنترين 
_ ا 0 


ولم يكد عبد العزيز يستقر فى ولاية الأندلس حتى نشط لإخضاع جنوب شرقى شبه 
الجزيرة الذى لم يصل إليه أحد من المسلمين حتى ذلك الحين » وكان عبد العزيز قد استقر 
برجال حكومته فى إشبيلية » فظل هذا البلد عاصمة للأندلس الإسلامى طوال حكمه (1). 


بدأ عبد العزيز بفتح مالقة(") التى أسلمها حاكمها إلى المسلمين دون كبير 
"م عناء . ثم قصد غرناطة » ويقال : إن حاميتها كانت من اليهود ففتحوا 
للمسلمين أبوابها دون مقاومة 7" . ثم اتجه عبد العزيز إلى إقليم مرسية حيث كان يحكم قائد 
قوطى يسمى تدمير ( 760001150 ) ويذهب سافدرا إلى أنه ابن ( 87806800 )240 أحد 


)١(‏ ذكر المقرى فى نفح الطيب سبب استقرار عبد العزيز فى إشبيلية واتخاذها عاصمة له » وهو رغبته فى أن يظل على 
اتصال مستمر بإفريقية » وكانت إشبيلية ميناء كبيرا يسع السفن الكبيرة » ولم يكن جبل طارق كذلك . 
(؟) يذهب المقرى أن مالقة فتحت أيام موسى ء وأنه أرسل ابنه عبد الأعلى فى بعث حاصرها وكادت تستعصى عليه 
لولا أن حاكمها وقع فى يد المسلمين نتيجة لعدم حرصه فلم تلبث المدينة أن سلمت . وهذه تفاصيل طريفة » غير أننا 
نستبعد أن تكون مالقة قد فتحت فى أيام موسى وعلى يد ابنه هذا , لأننا نعرف أن هذه الحملة قادها عبد العزيز بن 
موسى بنفسه عقب رحيل أبيه . 
المقرى : نفح الطيب » جداءص 1114 
(5) أحمد الرازى : روى ذلك ابن الخطيب . انظر: 
. 105 .م ]1 ,دععطاه :اطزظ .[أكهك 
(4) قال الضبى فى بغية الملتمس : إن اسم تدمير كان تدمير بن غبدوش . ويؤيد أحمد بن أنس العذرى ذلك فى « نظم 
المرجان » » ويقول سافدرا بأنه لابد أن يقرأ غوبادوش أو جوبادوش 0008005 , وأن هذا الاسم هو 878062005 
وكان من أسماء القوط المشهورة المتداولة . 
الضبى : بغية الملتمس ص 779 و70 و00٠41.‏ 
87 .ماك .م0 .حقا٠طظ‏ امد 


0 تيضف 


كان قواة غبطشة :موزل أن تديير هذا كان رجلا نسراناً خسن العقيدة ونه كان منتناً 
استطاع بفضله وعلمه أن يكسب احترام المسلمين بل احترام الخليفة نفسه حين] سار إليه فيا 
بعد لبشكو إليه غبداً أضابم من عامل الأندلين (40. 

ويذهب الرازى إلى أن تدمير دخل فى طاعة المسلمين من أول الأمرء دون أن يسلم » 
وأنه قاد جماعة من المسلمين سارت لفتح استجة 7 » ولكن الغالب أن الرازى أخطأ فى 
ذلك ؛ لأنه يذكر أن المسلمين ساروا بعد ذلك لفتح أوريولة ( 12عناط061 ) التى كانت إذ 
ذاك عاصمة إقليم مرسية وكان فيها مقام تدمير » والغالب عندنا كذلك أن تدمير لم يفعل 
شيكاً لقاومة المسلمين » مثله فى ذلك مثل غيره من أنصار غيطشة » ويقى مكانه يرقب 
الحوادث حتى سار إليه المسلمون بقيادة عبد العزيز فى أول ولايته سنة 44ه على ما 
و 


فلما اقترب عبد العزيز وجنوده من بلاده تخوف وفكر فى أن يحتمى منهم » وتذهب 
المراجع النصرانية إلى أنه استطاع رد جيوش المسلمين مهزومة مرتين7؟2» أما المراجع 
العربية فتكتفى بقصة ‏ موضوعة فى الغالب ‏ تدل على ذكاء تدمير وفطنته » فتذكر أنه احتال 
على المسلمين ليحصل منهم على شروط حسنة » ١‏ فأمر النساء فنشرن شعورهن وأعطاهن 
القصب وأوقفهن على سور المدينة » وأوقف معهن بقية من بقى من الرجال فى وجه الجيش 
حتى عقد على نفسه » ثم هبط بنفسه كهيئة الرسول » فاستأمن فأمُن » فلم يزل يراوض أمير 
ذلك الجيش حتى عقد على نفسه الصلح وعلى أهل بلده » فصارت تدمير صلحاً كلها ليس 
منها عنوة قليل ولا كثير » وعاملهم على ترك أمواله فى يديه » فلما فرغ أبرز لهم اسمه 
وأدخلهم المدينة » فلم يروا فيها أحدا عنده مدفع » فندم المسلمون ومضوا على ما 
أعطوه...200) , 

ولسنا نستطيع أن نقبل هذه القصة على علاتها » ولسنا نستطيع كذلك أن نقر المراجع 


. 74 إيزودور الباجى » رقم‎ )١( 
. الرازى » طبعة جايانجوس » ص ؛‎ )5( 
(؟) وانظر أيضاً : .88-9 .مم أك .م0 الخمطا٠طع تا 4مك‎ 
127.م نأك .م09 لخط٠طع لاممك5‎ . 2) 
. ١7 الأخبار المجموعة» ص‎ )5( 

ابن عذارى : البيانء ص ١7‏ . 


١٠١7 امم‎ 


اللاتينية على ما تذهب إليه من هزيمة تدمير للمسلمين مرتين متواليتين 27» وليس من 
المعقول كذلك أن تدمير سلم دون مقاومة أصلاً . لأنه لو كان فعل ذلك لما حرص المسلمون 
على إعطائه شروطاً خاصة . وكل ما نستطيع قوله هو أن تدمير كان صديقاً للمسلمين من 
أول الأمرء لأنه كان من أنصار غيطشة الكارهين للذريق وأمره20» وربها حسب أن 
المسلمين تاركوه وشأنه » وربم| يكون قد تفاهم مع موسى أو طارق على شىء من ذلك » فلم 
وجد عبد العزيز يسير إليه ويقترب من بلاده أبدى من المقاومة ما أشعر المسلمين أن بلاده 
لن تُفتح من غير عناء » وكان المسلمون مجهدين بعد هذه الحروب المتصلة » وكانوا يودون لو 
فرغوا من هذا الكفاح المتصل حتى تتاح هم الفرصة لتنظيم شؤون البلاد» فانتهز الفرصة 
وأقبل يفاوض المسلمين فى شروط التسليم » واستطاع أن يحصل على ما ضمن له بقاء شىء 
من السلطان فى بلاده » وإن كانت الشروط نفسها لا تختلف فى كثير عن معاهدات الصلح 
الكثيرة التى عمّدها المسلمون فى ذلك العصر . 

وقد احتفظت لنا المراجع بنص هذا الصلح على خلاف ما فعلت بالكثير من أمثاله: أورد 
الضبى نصه العربى وأورد الرازى صورة إسبانية منه وترجمه ميخائيل الغزيرى إلى اللاتينية » 
وأثبته فى فهرسه المعروف للممخطوطات العربية فى الإسكوريال» وهذه هى الوثيقة نقلاً عن 
الضبى : 

« نسخة كتاب الصلح الذى كتبه عبد العزيز بن موسى لتدمير بن غبدوش : 

بسم الله الرحمن الرحيم 

من عبد العزيز إلى تدمير 

أنه نزل على الصلح ٠‏ وأنه له عهد الله وذمته أن لا ينزع عنه ملكه . ولا أحداً من 
النصارى عن أملاكه » وأنهم لا يقتلون ولا يُسبونء أولادهم ولا نساؤهم . ولا يُكرهون 
على دينهم » ولا تحترق كنائهم ما تَعَبّد (كذا » وصحتها تقيد ) وما نَّصّح . وأن الذى 
اشبّرط عليه أنه صالح على سبع مدائن : أوريولة وبَلَبلّة ولقنت ومولة وبقسّرة وأنة 
ولورقة”" ٠‏ وأنه لا يأوى لنا عدواً . ولا يخون لنا أمناً . ولا يكتم خبراً علمه » وأنه عليه 


. 91/7 -91/١ انظر مثلاً : إيزودور الباجى ء فقرة 78 أسطر‎ )١( 
. (؟) يُفهم هذا من قول بعض المؤرخين إن طارقا بعث تدمير فى جيش ففتح استجه‎ 
: (؟) هذه المدن السبع التى عاهد عليها تدمير هى‎ 


١٠١‏ تلنمير 





وعلى أصحابه دينار كل سنة » وأربعة أمداد قمح » وأربعة أمداد شعيرء وأربعة أقساط طلاء 
وأربعة أقساط خل » وقسط عسل » وقسط زيت » وعلى العبد نصف ذلك . كُتب فى رجب 
من سنة أربع وتسعين من الحجرة . 

شهد على ذلك عثان بن أبى عبدة القرشى » وحبيب بن عبيدة الفهرى» وعبد الله بن 
ميسرة الفهمى » وأبوقائم الحذلى276). 

لو أعذنا بظاهر نص هذه الوثيقة لقلنا إن عبد العزيز اعترف لتدمير بالاستقلال فى 
نواحيه » وأن موقف هذا الأخير من المسلمين كان موقف المعاهد الذى يدفع الجزية » فلم 
يكن للمسلمين حق دخول بلاده ولا التدخل فى شؤون إدارتها . ولم تكن المنطقة التى عاهد 
عليها الرجل بالصغيرة ولا القليلة الأهمية » لأن المدائن السبع التى عاهد عليها ترسم صليباً 
يضم فى محيطه كل جنوب شرقى شبه الجزيرة » فكيف يتفق أن يسلم المسلمون فى هذا الجزء 
الام من البلاد دون حرب ء ولمجرد أن تدمير ضمن لهم الجزية وعاهدهم على الصدق 
والنصح معهم ء مع أنهم كانوا مستطيعين أن يأخذوا الإقليم كله كا أخذوا بقية شبه 
الخزيرة؟ 

لا نستطيع أن نفهم ذلك الصلح إلا على تفسير واحد . وهو أن الأمان انصب على 
المدائن السبع وحدها دون الإقليم » ولم تكن هذه المدائن كبيرة إذ ذاك بل كانت حصوناً » 
فأقر المسلمون تدمير على ملكيتها على أن يؤدى عن أهلها الجزية('. ودليلنا على ذلك أن 





د أوريولة وهى 2أعتط0 

بلنعلة » وقد وردث فى الرازى 1/2/5612 وهو خطأ . وأوردها الغزيرى 1/2/6401 » وقد أثبت ساقدرا أن قرية 
قديمة سبذا الاسم كانت توجد على متربة من بليدة 9[أثقةاهة 412 الحالية على غهسة كيلو مترات من مرسية » وأن النهير 
الذى ببذه البل.دة الأخيرة كان يسمى ف القديم وادى فالنتيلية وقد تحول مع الزمن إلى 8ناها21لهنا0 . 

لقدثء وعى 6اتتهعزالل 

مولة. وهى 141012 

بقسرةء وهى 0لأكهع©8 بليدة عل مقربة من ماع60 

أنه » وهى 43 عل مقربة من دير 31565) 537 القديم المتهدم فى إقليم مرسية . 

لورقة » عى 1805068 

راجع الملاحظات القيمة التى أوردها ساقدراء ص 58 ! والطوامش . 
)١(‏ انظر: الضبى : بغية الملتمس »٠ص‏ 5868, 

الرازى : الترجمة الإسبائية . فقرة ١‏ . 
(؟) اختلف سافدرا ويروفتسال حول المراد بعبارة : 8 وأن لذى اشتّرط ملء أنه صالح على سبع مدائن ... » الواردة فى 

ذلك العهدء فترجها سافدرا : 3 


٠١٠.١ تدميير‎ 





العرب سيتوغلون فى جنوب شرقى الجزيرة وسيستقرون فى بعضها دون حرج » ثم إن العهد 
لم ينص على أن هذه الشروط تسرى على أولاد تدمير من ب.دهء أى أنها كانت له وحده طول 
حياته » فكأن عبد العزيز أقر هذا الرجل المصادق للمسئمين على بعض بلاده التى كان 
يملكها تأكيداً لوده وتسكيناً لخواطر من كان يعيش فيها من النصارى . 

ولا حل إذن لما يزعمه بعض مؤرخى الإسبان من أن تدمير تصدى للعرب وأوقفهم 
خارج حدود إقليمه كله » وأنه أقام هناك كالأمير المحالف محالفة الند للند . ولم يخسر 
المسلمون بهذا شيئاً » لأن جنوب شرقى الأندلس لم يظل خارجاً عن سلطانهم بل دخل فى 
طاعتهم أسوة بغيره من نواحى شبه الجزيرة » ولأن تدمير كان فى ٠‏ ذمة» المسلمين شأنه فى 
ذلك شأن غيره من النصارى الذين دخلوا فى طاعة المسلمين إذ ذاك . وكان موقفه منهم 
موقف مالك إقطاعى من صاحب اليلاد كلها : له سلطان شبه مطلق على النواحى التى 
يشملها إقطاعه » ويظل فى هذا الإقطاع ما ظل على الطاعة والصدق وما أدى الواجبات 
الإقطاعية من مال ومساعدة وقت الحرب وغير ذلك(3©. 

بقيت ملاحظة صغيرة عن تاريخ هذه المعاهدة الوارد فى نصها . فقد جعل بعض 
المؤرخين ذلك فى سنة ١ه‏ وذهبوا إلى أنها تمت فى عهد طارق بن زياد » وجعلها بعضهم 
سنة 7ه . وهذان فرضان غير معقولين » فإن الوثيقة صريحة بأنها عقدت على يد عبد 
العزيز » وأنه عقدها بصفته عامل الأندلس » ولو كان عقدها فى حكومة أبيه لأشير إلى ذلك 





“ .. عل كعلعلست عاعله كدا دن عدانا علميب ل ... > 
أى : أن المسلمين تعهدوا له بأن يتركوه حرا فى هذه المدائن السبع . 
وأما بروفنسال فقد ترجمها هكذا : 

1 كعلصة اتناك كعلاالا بامع؟ كعل عذتلهع؟ 13 اممموع رمت عكلممم2 على ننا ي«نهم 12 
والترجمتان فيه نرى غير دقيقتين : فإن المراد من أن الرجل صالح على هذه المدائن السبع هو أنه سلم بأتها دخلت فى 
طاعة المسلمين دون حرب . ولكنهم لم يحتلوها بل اكتفوا بالعهد الذى أخذوه على صاحبها . وبأ تعهد به من سداد ما 
على أهلها من الجزية » فهم لم يتركوه حراً كما يقول سافدرا ولم يتسلموا البلاد منه كما يقول بروفنسال . وإنها اعترف 
الرجل بأن البلاد للمسلمين وأقام كالنائب عنهم فيها يحكمها باسمهم . 

. 129 .مأك .و0 احالاطع ا همك :01 
8 .م ,آ] رعقتقص أنعناكة عمعموكة .1 عل مامد خ1؟! 01/820 هص إباع ا 
وترجمة سافدرا لهذه الوثيقة مليئة بالأخطاء . وفيها زيادات . 
)1١(‏ هذا واضح من قول إيزودور الباجى : 
كتلقالهةيء نئل ء كععمم دوع لنمنا نطدرمخ كمعتلمم ومم كبداتائهم عمتهدم1115 دذ تناو بععص تنعط 
.0.358 :00 . تعلو ءطهط ادجعلع1"0 كز تصنت سعموم 
وقد ورد النص ف الضمائم التى ألحقها لافويحى ألكانترا بترجمته للأخبار المجموعة .ص ١44‏ . 


١١5‏ تدمير 





فى صلبها .فإذا صح ذلك كان من الميسور أن نشك ف التاريخ الذى تورده الوثيقة فى نصها . 
فهى تذكر رجباً سنة 94هء ورجب هذا يقع فى أبريل سنة "17/ام» فلو ذكرنا أن عبد العزيز 
فتح فى هذه الغزوة - وقبل وصوله إلى بلاد تدمير - حصنين كبيرين هما غرناطة ومالقة » 
ولا بد كذلك أن شيئا من الوقت قد ضاع ف المحادثات مع تدمير حتى تم الاتفاق معه » إذا 
حسبنا لذلك كله ثلاثة أشهر كان من الضرورى أن يكون عبد العزيز قد خرج بهذه الغزوة 
فى يناير أو أوائل فبراير على أكثر تقدير » وهذا وقت لم تجر العادة بالخروج للغزو فيه فى تلك 
العصور . 

وأسلم الآراء فى هذا الموضوع هو أن نضع تسليم تدمير - وهو آخر حلقة من حلقات 
فتح المسلمين للأندلس - فى أوائل سنة 9ه (5١/ام)‏ لأن موسى لم يبرح البلاد إلا فى ذى 
قعلة سنة 460ه . 


عله الله ع 
د غ3 


هكذا تم فتح الأندلس بعد حرب عنيفة وجهد متصل داما أربع سنوات إلا أشهراً : بدأ 
الفتح فى رجب سنة 97ه وانتهى فى أوائل سنة 45 هجرية » وقد فتح المسلمون خلال تلك 
السنوات القلائل هذه الجزيرة الضخمة من أقصى الجنوب إلى جبال البرت وشاطىء البحر 
فى الشهال » ومن مالقة وطركونة فى الشرق إلى قلمرية وأشبونة فى الغرب » واستولوا فيها 
على سهول الجنوب وعلى مرتفعات قشتالة ونواحى الجوف ( استرامادوره ) القاحلة » ولم 
يغادروا بلداً عظيياً أو حصنا هاماً إلا رفعوا عليه راية الإسلام وأدخلوه فى حوزة الدولة 
الإسلامية الكبرى . ولو لم تكن البراهين ثابتة على تمام الفتح فى هذه المدة القصيرة لما صدّقه 
أحد » لأن شبه الجزيرة الأندلسية قطر عسير فسيح لا يسهل على أحد فتحه أو إخضاعه » 
وقد وفق العرب إلى ذلك فى نظام وسياسة ينبغى أن نسجلها لمن قاموا به . 

ومههما بلغ المؤرخ من الثناء على طارق فإنه لا يستطيع وفاءه حقه » ولو فكر الإنسان فى 
الأمر لحظة لاستخرج من حياة طارق وأعماله سراً من أسرار قوة الإسلام وناحية من نواحى 
امتيازه . فطارق هذا رجل مغربى بربرى لم يكن ليصبح - بغير الإسلام - إلا قائداً خاملاً 
لجماعة من البربر منسيين فى ركن من أركان الأطلسى » فجاء الإسلام فجعل منه قائداً فاتحاً 
وسياسياً محنكاً يقود الجيوش ويفتح الأمصار ويوقع المعاهدات فى قدرة وكياسة جديرتين 


تدمير /ا ١١‏ 





بالإعجاب . فلو لم يكن للإسلام من أثر إلا تكوين أمثال هذا الرجل واستنهاض قومه 
للعمل الجليل نلكفاهء فكيف وقد بث الإسلام هذه الروح فى كل مكان أظلته رايته » وكيف 
وقد فعل هذا فى أقصر وقت وحققه على أتم وجه ! 

الحق أن فتح المسلمين للأندلس معجزة فى ذاته » إذ لا يصدق المرء وهو يتتبع أخبار هذا 
الفتح أن الذين كانوا يقومون به مهذا النظام وبهذا النظر البعيد إنما كانوا بربرأ لم يسبق لهم 
عهد بالنظام ولا ايوش ولا المعاهدات » الحق أن الإسلام قد خطا بمعتنقيه خلال القرن 
الأول بضعة قرون للأمام » وهذا تاريخ الرومان فى إفريقية : لم يُوفقوا إلى تحضيرها على نحو 
يقارب ما فعله الإسلام - ولو من بعيد - بعد بضعة قرون . فما بالك وقد فعل الإسلام 
ذلك فى نحو نصف قرن ؟ 

ولو ذكر الإنسان أن موسى أكمل عمل طارق » وأن عبد العزيز أكمل عمل الاثنين » 
لكان أن الطرات ساروا فى فم هذه اللراد طق خيطة كم ال يكن من البسرر :وتم 
أحسن منها : فقد قُضِى على المقاومة واحتُّلّت العاصمة فى أول وثبة » ثم اتجهت الممة إلى 
إخضاع كبريات مدن الغرب . ثم احتل المسلمون إفليم سرقسطة وتتبعوا فلول المقاومة فى 
معاقلها فى الشمال والشمال الغربى ثم فتحوا أقصى الغرب . وختم العمل بفتح الحنوب 
الشرقى . ولو أن يجلساً للحرب من كبار العسكرين اجتمع ليضع خطة لفتح البلاد لما وُفق 
إلى خير من ذلك . وتلك ناحية ينبغى أن لا تغيب عن ذهن الإنسان وهو يدرس هذا الفتح . 
لأنها فى الواقع تدل على نبوغ حربى عند هؤلاء المسلمين الأولين . 


د ا ا 





م تتكلف الخلافة جهداً خاصاً فى سبيل فتح الأندلس ١1١‏ 


5000 فتح المسلمون خلال امود المجرى الأول بلاد العرب كلها والعراق 
للدي وفارس والشام وجزء!ا من اسيا الصغرى ومصر والشمال الافريقى وشبه 
الجزيرة الإيبيرية » ولكنهم لم يتكلفوا فى فتح قطر من هذه الأقطار مؤونة 
هى أيسر مما تكلفوه فى فتح هذا القطر الأخير . فقد سيرت الخلافة 
الجيوش نحو كل قطر من هذه الأقطار وألقت فى ميادينها بالاف العرب 
وأمدتهم بالمؤن والأعطيات ». ولم يتم الفتح فى معظم هذه النواحى من غير معارك دامية 
هلك فيها آلاف العرب وانكسرت فيها جيوشهم مراراً عديدة » ولقى فيها نفر من كبار 
القواد حتوفهم كما رأينا فى فتح المغرب . فأما الأندلس فقد احتمل البربر صدمته الأولى » 
وهلك منهم فى واقعة وادى البرباط وحدها ثلاثة آلاف » و أقبل العرب بعد ذلك مع موسى 
يسيرون فى البلاد الحوينى لا يكادون يلقون عندما يعترضهم من البلاد من المقاومة ما 
ل ا ل ل ا 
ويستوطنوها دون حاجة إلى حاميات أو إقامة حصون . وما زالوا حتى انتشروا فى شيه 
الجزيرة كله » واستقرت جماعات منهم فى نواحى الشمال على مقربة من خليج بسكاية ‏ 
وجماعات أخرى فى أقصى الشمال شرقاً وغربال» » بل طمحت بهم الآمال إلى ما وراء 
إسبانيا من بلاد غالة فانساحوا فى بطائحها يفتحون ويستقرون . 

ولعلنا لاحظنا أن الخلافة لم تتكلف فى سبيل ذلك جهداً خاصاً : لم يجيش الأمويون 
جيشاً واحداً لفتح الأندلس . ولم يُخْرجوا من خزائنهم درهماً لإعداد حملاته » إنها فتح 
الأندلسّ البربرٌ وجندٌ إفريقية وجندٌ مصر”") 


خاصاًفى سبيل 
فتح الأندلئس 


» وكانت الأعطيات تدفع من مال إفريقية» 


(١)الأخبار‏ المجموعة » ص 7”8. 
(1) لم يشر مرجع واحد إلى أن الوليد بن عبد الملك بعث إلى موسى بجيش أو بمدد . ويذكر الرازى - عن الواقدى عن 
موسى بن رياح عن أبيه - أن موسى خرج ‏ فى عشرة آلاف من إفريقية ‏ ؛ ويقول صاحب فتح الأندلس أن موسى 
« دخل الأندلس ومعه ثمانية عشر ألفاً من قريش والعرب ووجوه الناس » . 
انظر ابن عذارى : البيان المغرب » ج ” . ص 38 . 
فتح الأندلس » ص ٠١‏ . 


؟ 1١١‏ ل تغتم الخلافة منه شيئاً مادياً 





وهذه ظاهرة ينفرد بها الفتح الأندلسى بين غيره من فتوح المسلمين : لقد وقع للخلافة 
كالغنيمة الباردة من غير جهد أو مئونة أصلاً . 


. متفنم )بيد أننا ينبغى أن نقرر أن الخلافة نفسها لم تغنم شيئاً مادياً من هذا الفتح » 
الخلاقة منه شينا ‏ نا غنمه الذين قاموا بفتحه وحدهم : ففى حين أننا نجد الخلافة عهتم - إذا 
ما تم فتح بلد - بإرسال عامل يقوم ب بشؤون الإدارة » وعامل آخر يشرف 
عل لاك لك لامرك والسهر على حقوق الدولة المركزية » وترسل قاضياً ينظم 
القضاء. ويقيم العدل باسم الخلفاء » وبينما نرى سيل الأموال ينثال على خزائن الخلفاء فى 
دمشق من كل ناحية فتحها المسلمون : من فارس إلى حدود الثوبة وسواحل المحيط 
الأطلسى ٠‏ وبينما يحرص المؤرخون أشد الحرص على أن يذكروا لنا مقادير الجبايات ونظمها 
فى كل ناحية , إذا بنا نجد الخلافة لا تكاد تولى هذا القطر العظيم ولو جانباً يسيراً من العناية 
التى يستحقها : فهى ل ترسل إليه من أول الأمر والياً خاصاً به بل تركته نحو تسع سنين 
تحت تصرّف عامل إفريقية يتصرف فى شؤونه ىا يريد 207 وهى لم ترسل إليه عاملاً على 
المال محصى تواحيه وأهله ويخمس التواحى ويقرر مقادير الخراج والجزية والجباية » ويقرر 
ما ينبغى أن ينفق فى البلاد وما يد ينبغى أن يجحمل إلى دار الخلافة » وهى لم تُعْنَ كذلك بتنظيم 
القضاء فى الأندلس الات لست ديه شؤون الولاة » يعينون القضاة 
أو لا يعينونهم كما يشتهو "؟. وإنه لمن الغريب حقاً أن نلاحظ أن المراجع لا تذكر - ولو 
ل ل 


(1) ترك موسى بن نصير ابنه عبد العزيز بن موسى والياً على الأندلس حينا عاد إلى المشرق فى صفر سنة 4ه (أكتوبر 
- نوفمبر 1م ) وخلقه أيوب بن حبيب اللخمى » وقد أقامه جند الأندلس على أنفسهم . ثم الحر بن عبد الرحمن 
الثقفى وقد عيّنه محمد بن يزيد عامل إفريقية لسليهان بن عبد الملك . وكان أول وال أقامته الخلافة هو السمح بن 
مالك الخولانى ٠‏ أقامه عمر بن عبد العزيز فى رمضان سنة ٠‏ مارس - أبريل سنة ١9‏ لام) ولم تزد ولايته عن 
عامين وبضعة أشهر » إذ خلفه عبد الر حمن بن عبد الله الغاققى فى ذى الحجة سنة ٠١5‏ ه. 

(5)لم يعين خلفاء بنى أمية على الأندلس إلا قاضياً واحداً هو يجى بن زيد التجيبى ٠»‏ عينه عمر بن عبد العزيز . أما غير 
يحبى من قضاة الأندلس قبلى قيام الدولة الأموية الأندلسية فكان يعينهم ولاة الأندلس فى الغالب وولاة إفريقية فى 
النادر » وكانوا يسمون قضاة الجند . 
انظر الخشتى : قضاة »ص 77 . 
النباهى : المرقية العلياء ص 147- 47 . 
ومقدمة الترجمة الإسبانية لقضاة قرطية للخشنى . 

(2 يفكر ابن قتيبة فى ١‏ الإمامة والسياسة ؛ أن سلييان قرر على مومى ١, ٠*, ٠٠٠‏ 8 دينار دعبا غرامة » ولسنا نعلم 
إن كان هذا المبلغ هو ما استحقى للخلافة من خراج الأندلس ف الفترة التى تولاها موسى » أو هو خراج الأندلس - 


م تغنم الخلافة منه شيئاً ماديا 1١‏ 





بحثنا إلا بنتيجة واحدة ينبغى أن نقررها حتى يتكشف لنا ما ينقضها : وهى أن الأندلس لم 
يبعث إلى مركز الخلافة شيئاً من ماله أو من جبايته أصلاً . 

وذلك ف ذاته وضع غريب » ويزيد فى غرابته أن الأندلس كان بلداً غنياً عظيم الجباية » 
وأن الخلفاء كانوا يعلمون مقدار غناه بسبب ما يحمله إليهم غزاته من غنائمه وطرقه » 
ولست أشك فى أننا ستظل زماناً طويلاً لا نفهم السر الذى جعل الخلافة تمضى على هذا 
النحو من التهاون فى شؤون الأندلس » ولسنا نستطيع أن نرد ذلك إلى بُعغده عن مركز 
الخلافة , لأن الخلافة لم تحاول ولا مرة واحدة بسط سلطانها الموكد عليه » ولم تطالب مرة - 
ولو فى شىء من اللين - بنصيبها من أمواله وجباياته التى تحق لها وفقا للنظم المالية والإدارية 
التى كانت تطبق فى دقة فى كل ناحية من نواحى الدولة الإسلامية الواسعة إِذ ذاك . 

ولسنا نستطيع كذلك أن نرد هذه الظاهرة إلى أن جند الأندلس كانوا يستتفدون أمواله 
كلها . أو أن خراجه كان ينفق على الفتوح فيما وراءه من البلاد ء لأن الواقع أن جانباً عظيا 
من عرب الأندلس لم يكونوا جنداً نظامياً تابعاً لديوان الجند فى دمشق . وأن عدد هؤلاء 
العرب لم يبلغ المبلغ الذى يستنفد أموال هذا القطر العظيم الغنى. وأما الحروب فيا 
وراء البرت فقد كان معظم القائمين بها من المتطوعة الذين لا تُفرض هم أعطيات » وكان 
ما يقع بين أيديهم من الغنائم من الوفرة بحيث لم يفكروا فى مطالبة الدولة بأعطيات7). 

كل ذلك يلقى ضوءاً كاشفاً على حقيقة وضع القطر الأندلسى خلال الفترة التى تقع بين 
تمام الفتح وبين قيام الدولة الأموية على يد عبد الرحمن بن معاوية المعروف بالداخل سنة 
8 هجرية ( سنة 07/م) » فهو لم يكن ولاية تابعة تمام التبعية للخلافة المركزية كمصر 
أو كالشمال الإفريقى مثلاً » ولم يكن كذلك قطراً مستقلاً تمام الاستقلال » وإنها كان له وضع 
خاص بين بين : كان يكوّن جزءاً من الدولة الإسلامية مكملاً لإفريقية داخلاً فى طاعة 





- وإفريقية معاً» أو هو نصيب الخلافة فى مغانم موسى من الأموال . وهذه الإشارة - على اضطرابها وقلة جدواها 
- هى الوحيدة التى تتحدث عن مطالبة الخلفاء لأحد من ولاة الأندلس بال . 
ابن قتيبة : الإمامة والسياسة ( طبعة القاهرة سنة 5 )١4٠0‏ ج37 ص 147-1847 . 

(1) يذهب بعض المؤرخين إلى أن جند المسلمين الذين كانوا يمخرجون للحملات فنا وراء جبال البرت بلغوا ثيانين 
ع يي ال صر ا ا ار اك اام اكع 
فى هذه المناسبات عن ستين أو سبعين ألفاً أكثر من ثلانة أرباعهم من البربر . والريع - أى بين خسة عشر وعشرين 
ألفاً - كاتوا من العرب . هذا وقد كان العرب وحدهم هم أصحاب الحى فى فروض الديوان ء أما البرير فلم يكن 
يفرض حم رزق ء وسنرى أن ذلك سيكون من أسباب ثورة البرير على العرب . 


١1‏ هجرة العرب إلى الأندلس 





الخلفاء » يخطب لهم على منابره » ولم يزد سلطان الخلفاء فيه على هذا اللون الضعيف من 
ألوان التبعية إلا قليلاً ىما سئرى » وسنحاول فيا يل من هذا الفصل أن نزيد هذا الأمر 
وضوحاً. 
مجسرة وظاهرة أخرى لا تقل غرابة ولا أهمية عن هذه : هى هجرة العرب إلى 
الأندلس وسكتاهم نواحيه » ولسنا نقصد بذلك جماعات العرب الفاتحة , 
وإنما جماعات المهاجرين المسالمين الذين أقبلوا إلى الأندلس بعد الفتح 
واستقروا فى نواحيه دون أن تحدثنا المراجع عنهم بشىء ينقع الغلة » فقد رأينا أن عدد 
العرب الذين أقبلوا مع موسى لم يزد على ثانية عشر ألفاً» وسنلاحظ أن بضعة آلاف أخرى 
ستقبل خلال العشرين سنة التالية شيئاً فشيئاً » وسنرى أن موجة أخرى لا يزيد عددها على 
عشرة الاف ستقبل مع بلج بن بشر » فإذ أخرجنا من ذلك أعداد من لقى مصارعه فى فتح 
البلاد وما وراءها من نواحى غالة » وأعداد من عاد إلى المشرق أو إلى إفريقية بعد الفتح » لم 
نستطع أن نقدر من استقر فى الأندلس من العرب بأكثر من خمسة وعشرين ألفا . 

ولكننا لا نكاد نمضى فى استقصاء أخبار الأندلس حتى نجده يموج بالعرب موجاً : 
نجد جماعات عربية ضخمة ف نواحى قرطبة وإشبيلية والجزيرة الخضراء وتدمير وسرقسطة» 
غير جاليات أخرى صغيرة فى كل ناحية تقريباً » وقد استعرض ابن غالب فى ١‏ فرحة 
الأنفس» بعض هذه الجماعات العربية استعراضاً سريعاً مقتضباً يُفهم منه أن عددهم كان 
يبلغ على الأقل أضعاف هذه الآلاف التى ذكرها المؤرخحون2"17. 

فمن أين أتى هؤلاء العرب ؟ وكيف بلغ من كثرتهم أنهم احتلوا معظم سهول البلاد 
حتى ل يبق للبربر غير القليل منها » وسهول الأندلس واسعة لا يملؤها إلا مئات الآلاف » 
فكيف أقبل إلى البلاد هؤلاء العرب الذين فاضت بهم الأندلس من أقصاها إلى أقصاها ؟ 

لسنا نستطيع تفسير ذلك إلا إذا افترضنا أن تياراً من مهاجرى العرب كان يتجه نحو 
الأندلس من أول الأمرء ويؤيد ذلك قول الرازى بعد وصف معركة وادى لكة : 
«وتسامع الناس من أهل بر العدوة بالفتح على طارق بالأندلس وسعة المغائم فيها » فأقبلوا 
نحوه من كل وجه » وخرقوا البحر على كل ما قدروا عليه من مركب وقشر فلحقوا بطارق » 


) 1454 فرحة الأنفس »؛ لابن غالب : تفح الطيب ( القاهرة سئة‎ ١ راجع البيانات التى يقدمها المقرى نقلاً عن‎ )١( 
ومايليها.‎ ”0١ جاءص‎ 


العرب إلى الأندلس 


هجرة العرب إلى الأندلس 1١16‏ 





وارتفع أهل الأندلس عند ذلك إلى الحصون والقلاع » وتهاربوا من السهل ولحقوا 
بالجبال»(1). 

وهى عبارة هامة تدل على أن اندفاع الناس نحو الأندلس كان عظيراً لا يكاد يعدله 
اندفاعهم نحو أى بلد آخر مما فتح الله على المسلمين فى ذلك الحين . 

ولم يفسر لنا الرازى عبارته تلك حتى نعرف نسبة العرب إلى البرير فى هذه الجماعات 
المهاجرة » ولكتنا نستطيع أن نقرر أن نسبة العرب وإن كانت قليلة إلا أن عددهم كان كثيراً » 
وأن جانبا عظيما من هؤلاء استقر فى الأرياف من أول الأمر على صورة جماعات قليلة فى 
كل ناحية » وقد وضعت هذه الجماعات يدها على ما استطاعت من الأرض وأخذت تعمل 
على عمارته واستحيائه مستعينة بالزراع من الأهلين على نظام المزارعة الذى سنشرحه . 

وكانت الأحوال السياسية فى المشرق سبباً من أسباب هجرة العرب إلى الأندلس : فقد 
هاجر الكثيرون جدا من أهل الحجاز من بلادهم إلى العراق وخراسان والشمال الإفريقى 
والأندلس عقب هزيمة عبد الله بن الزبير » وهاجر كثير من الكلبيين بعد اتتصار مروان بن 
الحكم واعتلائه عرش الخلافة » وهاجر عدد عظيم من مصر إلى الأندلس بسبب ما تلا ذلك 
من أحداث20©. 
التواريخ الحديثة إلى أن العرب استأثروا دونهم بخير النواحى ول يتركوا لهم غير الهضاب 





. 175 ه صى‎ ١ الرازى برواية المقرى : نفح الطيب » ج‎ )١( 
ويبدو أن هنه العيارة تنصب ق الغالب عل البرير ه ولكن الذى لا شك فيه أن جماعات كثيرة من العرب اليمنية‎ 
: الكلبية ومن أهل المدينة كانت قد هاجرت بعد كربلاء والحرة إلى إفريقية والأندلس . راجع الإشارات عن ذلك عنف‎ 
. 5354-7371 اليعقوبى : كتاب البلدان » ص‎ 
. وما بعدها‎ 5١ ابن خلدون : كتاب العبر » ج”؟. ص‎ 
. وما يليها‎ 7١54 السيوطى : تاريخ الخلفاء .ص‎ 
. 8 ابن الأثير : الكامل . ج 3 »ص‎ 
. وما يعدها‎ ٠٠١ المسعودى : مروج الذهب » ج 6 .ص‎ 
. 594- 47 ابن الأبار : الحلة »ص‎ 
وود 114 .وم بآ -1زآلا , عمط مدلا عل ندائلت عا .3450/5 الها قلاط‎ . 
.معاتلم عل عل نطعوع0 مااع للا‎ 1١ فو 326 .م‎ ٠ 
10021, .عمودمكع 'ل عممسانعنكا!‎ 1١, .جم‎ !١ 19 .ووه‎ 
. وهذه المسألة رغم ذلك لا تزال غامضة جداً لقلة وضوح المراجع‎ 
. (؟)انظر الحامثى السابق‎ 


١15‏ ولاية عبد العزيز بن موسى 





القاحلة فى الشهال7١)‏ » وهذا غير صحيح على إطلاقه » لأن اليربر انتشروا واستقروا من أول 
الأمر فى كل ناحية » وكانت غالبية هذه الأفواج الأولى من البربر المهاجرين من زناتة » لأن 
الزناتيين كانوا أول البربر إسلاماً وانضماماً للعرب . وكان طارق بن زياد منههم”". 
أخذت هذه الجماعات المسلمة - عربية ويربرية - تستقر فى نواحى البلاد خلال فترة 
الولاة كلها » وسنرى أثر ذلك فى تطور الحوادث وفى تحول الأندلس إلى بلد إسلامى عربى 
* © * 


كك ولاية أصبح عبد العزيز بن موسى بن نصير والياً على الأندلس منذ مبارحة أبيه 
عبد معزيزين هوسى البلد فى صفر سنة 4ه ١‏ أكتوبر - نوفمبر سنة “17لم) » ولستا نعلم 
مومى20 إن كان الخليفة سلييان بن عبد الملك قد بعث إليه كتاباً يثبته فى هذه الولاية » 
وإن كنا نعلم فى شىء من الثقة أنه أقره فى ولايته سياسة منه أو رضئ عنه . وكان الأندلس 
فى ذلك الحين تابعاً لإفريقية » وكانت ولاية إفريقية ييدى مروان وعبد الله أبنى موسى 
وأخوى عبد العزيز» فليس إلى الشك سبيل فى أخهها أيّداه على هذه الولاية . 


ولا تكاد المراجع تذكر لعبد العزيز عملاً خلا ما ذكرناه من فتحه الجزء الجنوبى الشرقى 
من شبه الجزيرة » ويبدو أن نفسه كانت طول الوقت مروعة يتتابها الخوف على مصير أبيه 
ومصير أسرته ء فيال إلى السكون والاتتظار والترقبء ومهذا وحده نعلل سكوته عن العمل 
وقد عرفناء إلى ذلك الحين رجلاً نشيطاً مقداماً . 





)11 المسثول عن إذاعة هذه الفكرة دوزى » وقد اعتمد على عبارة قصيرة جداً وموجزة لإيزودور الباجى ( غقرة‎ )١( 
ولكننا سنرى أن الحوادث لا تؤيد هذا الرأى  صحيح أن العرب أساءوا معاملة البربر وآذوهم كثيراً ولكنهم لم‎ 
» يختصوا أنفسهم بأحسن الأرضين » لأن أرض الأندلس كانت من الوفرة بحيث كانت تكفي جميع العرب عن سعة‎ 
. ويبقى للبربر بعد ذلك من الأرض ما فيه الكفاية فى كل ناحية‎ 

(7) كان معظم البربر الذين أسلموا أول الأمر من زنانة . راجع : 
ابن عبد الحكم : فتوح ص 5٠١‏ -781. 
البلاذرى : فتوح البلدان» ص 5614 . 
ابن الأثير : أسد الغابة » ج 7 ص ١84‏ . 
ابن خلدون : كتاب العبرء ج 5 ء ص ٠١8‏ . 

وفتح العرب للمغرب لصاحب هذا الكتاب » ص 787 ومايعدها. 


مقتل عبد العزيز بن موسى 1١137‏ 





84 مقتل وييدو أن حاله مع الجند لم يكن على ما يرجى » لا لأنهم كانوا ساخطين عليه 
عبد اعزيزبن بل لأن نفرأ من بينهم كان شديد التطلع والطموح . تذكر المراجع منهم 

موسي حبيب بن أبى عبيدة بن عقبة بن نافع الفهرى حفيد عقبة بن نافع - وقد كان 
شخصية قلقة لا تكف عن السعى والتدبير كما سئرى - وزياد بن عذرة البلوى » وزياد بن 
نابغة التميمى » وكانوا جميعاً من الظاهرين من جند موسى وكبار رجاله . وكان حبيب بن 
ومعيناً»7١)‏ كما يقول ابن عذارى . ويبدو أن الخلاف بين هؤلاء القادة وعبد العزيز كان 
مستمراً «لأشياء نقموها عليه("42: كما يقول الرازى . 

فأما هذه الأشياء التى ؛ نقموها عليه ' فهى علاقته بزوجه النصرانية « أجيلونا » التى 
تسميها المراجع العربية أيلّه (- أيلونا ) أو أم عاصم . وكانت أيلونا قبل ذلك زوجاً للذريق 
فيا تذهب المراجم ٠‏ ه وكانت قد صالحت على نفسها فى وقت الفتح وباءت بالحزية » 
فأقامت على دينها فحظيت عنده وغليت على نفسه0("» فتزوجها وأقام معها فى ناحية من 
كنيسة رُفِيئة فى إشبيلية » وكانتت قد حولت إلى مسجد . فكانت داره على هذا قريبة من 
موضع اجتاع المسلمين ومكان صلاتهم . ولو قد كان عبد العزيز ضعيفاً مترفاً كا يفهم من 
مراجعنا لاستطاع أن يسكن أحد قصور إشبيلية الحسان » ولكنه كان فى واقع الأمر رجلا 
جاداً حريصاً على أن يكون على مقربة من رجاله . 

ويبدو أن أيلونا كانت على جانب عظيم من القوة والذكاء » لأنما لم تليث أن ملكت 
زمام زوجها فتابعها فى كثير ما أرادت . وتذهب المراجع إلى أنها عملت له تاجاً من الذهعب 
والجوهر وحملته على أن يلبسه . لأن « الملوك إذا لم يتوجوا فلا ملك هم ؛ كما قالت» وما 
زالت به حتى قبل أن يلبسه إذا خلا إليها » فبينما هو ذات يوم جالس معها والتاج على رأصه 
دخلت عليه امرأة كانت قد تزوجها زياد بن نابغة التميمى من بنات ملوكهم » فعاينته 
والتاج على رأسه » فقالت لزياد : ألا أعمل لك تاجاً ؟ فقال لها : ليس فى ديننا استحلال 
لبسه . فقالت : ودين المسيح إنه لعلى رأس ملككم وإمامكم » فأعلم بذلك زيادٌ حبيب بن 
أبى عبيدة » ثم تحدثا بذلك حتى علمه خيار الجند » فلم يكن لهم هم إلا كشف ذلك . حتى 





. ابن عذارى : الييان» ج ” » ص؟؟‎ )١( 
, 7397 نفس المصدرء ج اص‎ )١( 
.5١ (؟) فتح الأندلس »ص‎ 


١18‏ مقتل عبد العزيرز بن موسى 


رأوه عياناً» فقالوا : قد تنضَّر ! ثم هجموا عليه فقتلوه»0). 

ولسنا نعلم كيف فسر الجند لبسه التاج بأنه قد تنصر ء هذا إذا كان قد لبسه أصلاً. ولا 
كيف قال عبد العزيز إن لبس التاج ليس من الدين » مع أن أشراط الدين ليس فيها ما يُفهم 
منه ذلك » ثم إن الرجل يلبسه كشارة من شارات الملك » بل لبسه فى خلواته مع أهل بيته . 
ولسنا نفهم كذلك كيف ثار الجند هذه الثورة لمثل هذا الأمر وهم لم يكونوا يثورون على من 
يعب الخمر ويقترف المحرمات منهم » وقد كان جند الأندلس من أكثر الناس إسرافا فى هذه 
الأمور . ثم لماذا تكون زوجة زياد بن النابغة التميمى بالذات هى التى تكشف هذا الأمر ؟ 

إن سياق هذه القصة يدل على أنها ملفقة تلفيقاً » وأنها وُْضِعت لكى تستر الدوافع 
الحقيقية التى حفزت جند عبد العزيز على قتله . 

وأما القول بأن الخليفة سليمان هو الذى أوعز بقتله فقول لا يجد ما يؤيده » لأن الخليفة لم 
يكن عاجزاً عن عزله إن أراد » ولم يكن ليخشى ثورته بالجند لأن الجند كان مختلقاً عليه » 
وليس بمعقول أن يكون حقد سليمان على عبد العزيز أشد من حقده على أبيه موسى . 

ومصداق ذلك ما يذكره صاحب الأخبار المجموعة من أن سليمان بن عبد الملك لا بلغه 
« مقتل عبد العزيز بن موسى شق ذلك عليه ء فولى إفريقية عبيد الله بن يزيد القريشى » 
لا أدرى لمن من قريش ( يريد محمد بن يزيد مولى قريش والى إفريقية ) » وإلى إفريقية كان أمر 
الأندلس وطنجة وكل ما وراء إفريقية . وأمره سليهان فيا فعله حبيب بن أبى عبيدة وزياد 
ابن النابغة من قتل عبد العزيز » بأن يتشدد فى ذلك » وأن يقفلهما إليه ومن شركها في قتله 
من وجوه الناس . ثم مات سليهان » فسرح عبيد الله بن يزيد والى إفريقية على الأندلس ال حر 
ابن عبد الله الثقفى » وأمره بالنظر فى شأن قتل عبد العزيز »('2. مما يفهم منه صراحة أن 
الأمر ذُبر بغير علم الخليفة , وأن له أسباباً أخرى لا تفصح المراجع عنها . وتؤيدنا رواية 
الأخبار المجموعة تلك فيا ذهبنا إليه آنفاً من أن الأمر دبره حبيب بئ أبى عبيدة ونفر من 
كان معه من الجند » وسترى أن حبيباً هذا سيظل طول حياته سبباً للمتاعب والقلاقل » وأن 
مصيره لن يكون خيراً من مصير عبد العزيز . 


وأقرب التفاسير إلى الصحة هو القول بأن المسألة كانت نتيجة لتدبيرمحكم بين محمد بن 





(١)ابن‏ عذارى : البيانء ج 5 )اص 55 . 
(١؟)‏ الأخبار المجموعة .ص 75-17١‏ . 


أيوب بن حبيب اللخمى 1_1 





يزيد عامل إفريقية لسليران وبين حبيب بن أبى عبيدة » ونفر من الجند » وأن هؤلاء قرروا 
قتله دون الرجوع إلى سليمان فى الأمر . ومصداق ذلك ما يقوله صاحب فتح الأندلس: ٠‏ ثم 
اجتمعوا على أيوب بن حبيب اللخمى الذى قتل عبد العزيز بمشورته ؛ ما يدل بوضوح على 
أن الأمر تم فى الأندلس بعد أن اسْمَوّر فيه الجند . 


وكان سليمان قد أوصى يزيد بأن « يأخذ آل موسى بن نصير وكل من انتسبوا إليه حتى 
يقوموا با بقى عليه وهو ثلاثائة ألف دينار ولا يرفع عنهم العذاب . فقبض على عبد الله 
والى القيروان فحبسه فى السجن . ثم وصل البريد من قبّل سليمان يأمره بضرب عنقه .. 
وحكى الواقدى » قال : لما بلغ عبد العزيز بن موسى ما نزل بأبيه وأحيه وأهل بيته خلع 
الطاعة وخالف ٠»‏ فأرسل إليه سليمان رسولاً » فلم يرجع » فكتب سليمان إلى حبيب بن أبى 
عبيدة بن عقبة بن نافع ووجوه العرب سراً بقتله » فلم خرج عبد العزيز إلى صلاة الصبح قرأ 
فاتحة الكتاب » ثم قرأ سورة الواقعة » فقال له حبيب : ه حقت عليك يا ابن الفاعلة !» 
ولك اسفن ليت 0 

فمن المعقول جداً أن يكون عبد العزيز قد تحدث بشىء من السخط على بنى أمية بسبب 
ما أنزله سليمان بأبيه وأخيه وأله » دون أن يصل به هذا السخط إلى حد الثورة وخلع الطاعة » 
لأنه لو كان فعل هذا لأبعد حبيب بن أبى عبيدة عن معسكره ولاحتاط منه على الأقل » فلم 
يكد خبر هذا الحديث يصل إلى محمد بن يزيد حتى أوعز إلى حبيب هذا ومن معه يغريهم به 
فغدروه على النحو الذى تصوره رواية الواقدى وتؤيده كل الروايات الأخرى فيه . 

وتجمع المراجع على الثناء على عبد العزيز » فهو عند أكثرهم من خيار الولاة » ويؤكد 
الرازى أنه « ضبط سلطانها وسد ثغورها وافتتح مداين كثيرة » إلا أن مدته لم تطل .. » وإذا 
جاز أن نستتتج شيئاً من قصته مع أيلونا فهو أنه كان رجلاً تقياً لطيفاً حسن العشرة ٠‏ وأنه 
كان قادراً على تذوق الحياة . 
يقول صاحب ١‏ فتح الأندلس » أن جند الأندلس اجتمعوا بعد قتل عبد 
العزيز 2 على أيوب بن حبيب اللخمى ابن أخت موسى الذى قتل عبد العزيز 
بمشورته » » وهى عبارة هامة تكشف لنا عن بعض أسباب مقتل عبد العزيز » 


(١)اتظر‏ : ابن عذارى : البيان المغرب » ج75 ص 584-57 . 
وفتح الأندلس » ص 37 . 


1" أيوب بن 


1١6‏ نقل العاصمة من إشبيلية إلى قر طبة 





ولو أضفناها إلى رواية ١‏ الأخبار المجموعة » - التى ذكرناها آنفاً والتى تؤكد أن سليران 
استاء حين بلغه خير مقتل عبد العزيز وبعث يطلب إلى والى إفريقية فحص المسألة وإرسال 
من اشتركوا فيها إليه - تبينا أن القول بأن سليهان هو الذى حرض على مقتل عبد العزيز غير 
صحيح » وأن الحادث كان من تدبير نفر من رجال العرب ف الأندلس . فقد كان كبار الجند 
- وعلى رأسهم أيوب بن حبيب اللخمى هذا وحبيب بن أبى عبيدة وزياد بن عذرة البلوى 
وزياد بن نابغة التميمى - ناقمين على عبد العزيز » فقتلوه ليتولى الأمر واحد منهم وهو 
أيوب . ويبدو أنهم كانوا يحسبون أن سليمان سيرضى عن فعلتهم هذه ويقرهم على ما فعلوا» 
ولكن سليهمان لم يلبث أن أرسل يطلب عقابهم » وم يلبث أن عزل واليهم هذا وأقام غيره . 
ل م تزد ولاية أيوب عن ستة أشهر لم يفعل فيها شيثاً يذكر إلا نقله العاصمة 
من إشبيلية إلى قرطبة » ولا نزاع فى أن قرطبة كانت أوفق من إشبيلية 
لحكم الأندنس » لأن موقعها أوسط وأقرب إلى منازل جماعات العرب فى 
الشرق والجنوب الشرقى والجنوب . ولو أنهم انتقلوا إلى طليطلة لكان 
أحسن » لأنها فى وسط شبه الجزيرة تماماً ٠‏ وهى على أبواب الهضاب الشهالية والشمالية 
الغربية » وصاحبها لا يجد صعوبة فى إخضاع هذه النواحى ٠‏ أما قرطبة فبعيدة عنها جداً » 
ولا تستطيع الحملات الصادرة منها الوصول إلى نواحى قشتالة وأشتريس إلا بعد سير 
طويل مجهد . وقد ظلت إشبيلية عاصمة الأندلس الإسلامى أربع سنوات إلا قليلاً » ويبدو 
أن النية لم تنجه إلى الانتقال إلى قرطبة إلا فى أواخر أيام عبد العزيز . وكانت جماعات كبيرة 
من العرب قد استقرت فى إقليمها » وظلت مقيمة فيه بعد انتقال العاصمة إلى قرطبة » وكان 
معظم هؤلاء العرب الذين استقروا فى إقليم إشبيلية وكبار مدنه مثل وادى آش وشريش 
وسَلْطِش من هوازن وأسد وبكر بن وائل وإياد بن نزار ومراد وخولان » وتكونت منهم 
مع الزمن جالية عربية قوية اختلطت بأهل البلاد » وقامت لهم مع الزمن عصبية خطرة كان 
ها فيها بعد مع أمراء قرطبة المروانيين تاريخ طويل حافل بالحروب والمنازعات . 

وكان قد سكن قرطبة وإقليمها عدد عظيم من العرب . بل كان ما يحيط بها من 
الأرباض أحفل أقاليم الأندلس بالعرب من أول الأمرء وكان هؤلاء العرب المستقرون 
هناك من أصول شتى لا يكاد السلام يستقر فيما بينهم » فكان انتقال الحكومة إليها سبباً فى 
تورط العمال فيا عساه أن يشجر بين هذه القبائل من خلافات . 


العاصمة من 


إشبيلية إلى قرطبة 


عامل إفريقية يولى الخر بن عبد الرحمن الثقفى على الأندنلس ١‏ 





وكنا قد أشرنا إلى أن موسى بن تصير كان قد وهب مغيئاً الرومى القصر الذى كان 
حاكم قرطبة القوطى يعيش فيه فى غرب المدينة » قلما عاد موسى من فتوحه فى الشمال ومر 
بقرطبة ورأى القصر استكثره على مغيث ». ورأى أنه أوفق ما يكون لعامل البلاد»ء فصرف 
مغيثاً عنه وعوضه عنه داراً أخرى على مقربة من باب القنطرة مقابل الثلمة التى دخل منها 
أصحابه حين افتتح قرطبة » وكانت دارا شريفة ذات سقى وزيتون وثيار » ويقال لها 
ألْيْسَائَة» كانت للملك الذى أسره وكان له فيها بلاط منيف » فهى تسمى بالأتدلس ١‏ بلاط 
مغيث »© وقد أخلى مغيث هذه الدار لتصبح قصر عمال قرطبة وأمرائها » ويبدو أن أيوب 
حينا دخل البلد لم يسكنه . 
عامل وكانت ولاية الأندلس فى ذلك الحين إلى عامل إفريقية » وكان عاملها ىا 
إفريقية يولى الحر ذكرنا محمد بن يزيد ( ذو الحجة سنة /81ه/ أغسطس سنة الام - 
ابنعبد الرحمن- رمضان سنة /٠٠١‏ مارس سنة 4١لام)‏ فلم يقر الجندّ على ما فعلوا من 
تثقفى على 0-١‏ تولية أيوب بن حبيب وسارع فبعث الحرّ بن عبد الر حمن الثقفى والياً فى ذى 
الأندلس الحجة سنة 8417ه/ ١7‏ 7م . ويبدو أن سليمان بن عبد الملك هو الذى حفزه 
على ذلك » رغبة منه فى عقاب من شاركوا فى قتل عبد العزيز بن موسى ء ويبدو أن الحر كان 
قد توقع مقاومة من أيوب وأصحابه من المؤتمرين فاصطحب معه قوة صغيرة من أربعماثة 
عربى من وجوه عرب إفريقية » وييدو أنهم كانوا نخبة مختارة » فلم يستطع جند الأندلس 
لهم مقاومة » وأسلموا لحم الأمر . وأصيح ا حر والياًعلى البلاد . 

أقام الحر حاكياً للأندلس ستنين وثانية أشهر . ولا تذكر المراجع له شيئاً غير سكناه قصر 
قرطبة الكبير واختطاطه إياه مقاماً للعمال من ذلك الحين . 

وتو سليمان بن عبد الملك فى العاشر من صفر سنة 44ه / 77 سبتمير سنة 7 لام » 
وخلفه عمر بن عبد العزيزء فيدأ الأندلس فى خلافته عهداً جديداً . شأنه ىق ذلك شأن 
إفريقية وبعض الولايات الإسلامية الأخرى » بسبب ما امتاز به من الإخلاص فى أمور 
المسلمين والعناية بشؤون دولته والحرص على تخير العبال الصالحين القادرين على النهورض 
لمسئوليات . 


7 ولاية السمح بن مالك الخولانى - عمر بن عبد العزيز يفكر فى إخلاء الأندلس من العرب 





1 ولاية وقع اختيار عمر على رجل من أفاضل عرب إفريقية ليل شؤون الأندلس 
السمح بن مالك وهو السمح بن مالك الخولانى » وكان قد ظهر قبل ذلك فى مناسبة لا تخلو 
الخولانى من معنى » يذكرها معظم رواتناء فيقولون إن عادة خلفاء بنى أمية كانت قد 


جرت بأن لا يدخلوا خزائنهم شيئاً ما يرسله الولاة من خراج ولاياتهم إلا إذا شهد عشرة 
من عدول الجند في الولاية بأن هذا المال هو المستصفى الحلال لبيت المال » بعد دفع أعطيات 
الولاية والإنفاق على مصا حها وشؤونها . فلا أقبلت أموال إفريقية فى أحد أعوام خلافة 
سليوان » أقبل معها عشرة من العدول تخيرهم الوالى » وفيهم إسماعيل بن عبيد الله والسمح 
ابن مالك » فحلف الثانية الآخرون على صحة هذا المال وحلاله » وأما السمح وإسماعيل 
ابن عبيد الله فأبيا أن يحلفا . وكان عمر بن عبد العزيز حاضراً إذ ذاك » فأعجبه عمل الرجلين 
وضمها إلى نفسه وادخرهما إلى وقت يحتاج إليهما فيه . وهى رواية تدل على صحة ما كان 
يتهم به ولاة إفريقية للأمويين من سوء التصرف ف أموال البلاد» وإرهاقهم أهلها بالمغارم 
والحبايات . والمبالغة فى مقادير ما يرسلونه إلى دمشق من الأموال والألطاف20©. 

فلا صارت الخلافة لعمر بن عبد العزيز فى العاشر من صفر سنة 1464ه/ ١١‏ سبتمير 
سنة 117 م لم يقدم شيئاً على إصلاح ما أفسده من سبقه من الأمويين . واشتغل بذلك عن 
أمور الأندلس عاماً وثمانية أشهر » فلم تتح له الفرصة للنظر فى شؤون المغرب والأندلس إلا 
فى رمضان سنة ١٠٠ه‏ ( أبريل - مايو سنة 14/م )» فأقام إسماعيل بن عبيد الله على إفريقية 
والسمح بن مالك على الأندلس . 
».عمربن 0< تذهب المراجع إلى أن عمر بن عبد العزيز كان يفكر فى إقفال المسلمين من 
عبد العزيزيفكر الأندلس وإخلائها منهم » إذ « خشى تغلب العدو عليهم » كا يقول ابن 
فى إخلاء الأندلس > القوطية229 أو « لانقطاعهم من وراء البحر عن المسلمين » كا يقول 
منالعرب | صاحب فتح الأندلس وصاحب الأخبار المجموعة(©. ولسنا نجد تفسيراً 
معقولاً لهذه النزعة من خليفة عرف بالحرص على نشر الإسلام وتوسيع رقعته لآن حال 


(١)الأخبار‏ المجموعة .ص "73 . 
فتح الأندلس »ص 730-174 . 

(؟) ابن القوطية : افتتاح » ص ١١‏ . 

() الأخبار المجموعة » ص 77 . 
فتح الأندلس »ص 54 . 


ضبط المال وتنظيم البلاد ١0‏ 


المسلمين فى الأندلس كان فى إقبال إلى ذلك الحين » ولم يكن الأعداء قد نبضوا لهم على الوجه 
الخطر الذى سنراه فيا بعد . ولم تكن فتن العصبية قد عصفت بهم وفرّقتهم وأضعفتهم . 
وربها جاز تعليله بأن عمر لم يكن يعلم شيئاً عن عظمة الأندلس واتساع مداها وما كسبه 
المسلمون من فتحها وما يعود على الدولة الإسلامية من أسباب الخير والقوة من بقائها فى 
أيديهم » وهذا تذكر المراجع أنه لما ولى السمح بن مالك طلب إليه « أن يكتب إليه بصفة 
الأندلس وأنبارها وبحرها » . ولا يستبعد أن يكون أباح له إقفال المسلمين منها إذا وجد 
أنها لا تستحق عناء حكمها والمحافظة عليها » فكتب إليه السمح «يعرفه بقوة الإسلام 
وكثرة مداينهم » وشرف معاقلهم»(١2.‏ فل| استوثق عمر من أهمية الأندلس وئبات أقدام 
المسلمين فيه أولاه من عنايته ما هو أهل له . 

خراجه » وهو أمر لم يَعْنَ به واحد من سبقه من الخلفاء » فانتدب مولى من 
ثقاته يسمى جابراً وبعثه فى هذه المهمة”"2. ولسنا نعلم الأساس الذى سار 
عليه جابر هذا فى أداء مهمته تلك . لأن النصوص تذكر أنه اهتم بتمييز أرض الصلح من 
أرض العنوة وباستخراج حمس العنوة لكى يضمه إلى أرض الدولة » فلم يخرج فى الخمس 
إلا ربضاً من أرباض قرطبة جعله مقبرة للمسلمين وأقر القرى بيد غُنَامها . وهذه عبارة 
لا تفر إلا بأن جابرأً اعتبر قرطبة هى الناحية الوحيدة التى فتحت عنوة » فأخذ خمسها 
للدولة , وأما بقية الأندلس فاعتيره قد تتح صلحاً . ولا كنا نعلم أن معظم الأندلس قد فتح 
عنوة : الجنوب وأقاليم قرطبة وإشبيلية وماردة على الأقل » فكيف لم يزد خس ذلك كله على 
ربض من أرباض قرطبة ؟ ثم ما معنى قوهم إنه أقر القرى فى أيدى غنامها ؟ على أى أساس 
تركها فى أيديهم ؟ إن لفظ «غنامها » هنا يسمح لنا بأن نفترض أن الحكومة المركزية اعتبيرت 
ما فتح من بلاد الأندلس غنيمة لمن فتحوه » فتركت كل ناحية بأيدى من فتحوها واستقروا 
فيها . إننا نفترض ذلك مجرد افتراض .ء ولا يمكننا إيراده على صورة مؤكدة . لأن عبارات 
المراجع قليلة مبتسرة غامضة . ولا تعيننا بأية صورة على تبين النظام الذى وضعه المسلمون 
للأندلس . 

. 75-15 ابن القوطية : افتتاح . ص‎ )١( 


الأخبار المجموعة » ص 77 . 
)١(‏ ابن القوطية : افتتاح .» ص ١7١‏ . 


1 ضبط 


المال وتنظيم البلاد 


١»‏ ضبط المال وننظيم البلاد 





وإذا كان عمر بن عبد العزيز قد تخير السمح بن مالك لفضله وأمره أن « يحمل الناس 
علي طريق الحق ولا يعدل بهم عن منهج الرفق » وأن يخمس ما غلب عليه من أرضها 
وعقارها » ويكتب إليه بصفة الأندلس وأنبهارها .. "217 فكيف لْ يدون للبلاد ديواناً ؟ لقد 
رأينا حسان بن النعمان يسارع بذلك عقب تمام انتصاره على الكاهنة » فيكف تنقضى إلى الآن 
أربع سدوات على تمام الفتح دون أن ينشأ للبلد ديوان ثابت يحصى كل شىء وينظم كل 
شىء ؟ الحق أن الأندلس ينفرد بهذا الوضع الغريب من بين ولايات الدولة الإسلامية 
جميعاً : لا نعرف إن كان قد أنشىء له ديوان » ولا نعرف على أى أساس وزعت أرضه بين 
الفاتحين والدولة المركزية » بل إننا لا نملك ولو فكرة يسيرة عابرة عن مقادير الجزية 
أو الخراج التى كانت تجبى منه ولو لسنة واحدة . 

الأندلس هو البلد الإسلامى الوحيد الذى ظل تابعاً لركز الخلافة نيفاً وأربعين سنة دون 
أن يذكر المؤرخون ولو مرة واحدة مقدار جزية جبيت منه أو خراج أرسل منه فى إحدى 
السنوات » بل لم تسجل المراجع أن الأندلس أرسل إلى مركز الخلافة خراجاً ماء أو جانباً من 
الجباية » وهذا وضع غريب ف ذاته » وسنرى فيهما يلى أن عدم ذكر هذه الشؤون المالية ليس 
مرده إلى إغفال المؤرخين أو سهوهم . بل لأن وضع الأندلس فى ذاته من أول الأمر كان 
غريبا لا يشبهه فى ذلك بلد إسلامى اخر . 

ويبدو أن السمح كان ماضياً فى تنظيم البلد وإحصاء أمواله » ولكن الظروف لم تمهله . 
لأن خلافة عمر بن عبد العزيز لم تطل » وهو لم يول إلا بعد أن انقضى منها نحو العام » 
وكان عليه إلى جانب هذا العمل الإدارى أن ينشط للغزوات فى أحيانها » وكان عظيم الرغبة 
فى الجهاد » فلم يلبث أن استشهد فى طرسونة فى يوم عرفة من سنة ٠١7‏ هاء فلم تتح له 
فرصة استكمال العمل الإدارى الذى بدأه . 

ولعل هذا يأذن لنا فى أن نفترض أن ١‏ البطحاء المعروفة بالربض » . وهى التى خرجت 
فى الخمس . لا تعنى إلا خمس إقليم قرطبة(2, لأنه - ىا يقول ابن عذارى - لا يعقل أن 
يكون هذا الربض هو حمس الأندلس كله » وأن الرجل كان على نية استقصاء الأمر فى 
(١)ابن‏ عذارى : البيان. جل ص 730 . 


() انظر : فتح الأندلس ,ص 54 . 
ابن عذارى : البيان ج5؟ . ص 50 , 


ضبط المال وتنظيم البلاد 1 


الأندلس كلها لو لم تدركه منيته » وأنه إذا كان قد ترك القرى فى أيدى أربابها فإنها فعل ذلك 
إلى أن يحين وقت ضبطها على أساس ثابت » لأنه لا يعقل أن يكون قد تركها فى أيديهم هكذا 
طعمة لا يكادون يُحاسبون عنها . 

لم يكد السمح يمضى فى تنظيم شؤون البلاد من الناحية المالية حتى اجتمع له مبلغ كبير 
من المال » وكانت قنطرة قرطبة الرومانية التى كانت مقامة على الوادى الكبير للاتصال 
بنواحى جنوبى الأندلس قد تهدمت .» ولم يعد الناس يستطيعون العبور إلا فى السفن » وكان 
العرب فى أمسٌ الحاجة إلى قنطرة متينة يستطيعون العبور عليها من الجنوب إلى عاصمتهم 
الجديدة » فوجد السمح أن بناء هذه القنطرة هو أهم ما ينبغى أن ينفق فيه هذا امال المتجمع » 
فكتب إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز يستأذنه فى ذلك فأذن له » فقام السمح ٠‏ ببناتها » 
فصنعت على أتم وأعظم ما عقد عليه جسر فى معمور الأرض من حجارة سور المديئة » 
وكانت القنطرة القديمة موصولة الرقبة بباب المدينة القبى بها » وقد تصدعت هذه القنطرة 
فى أيام الإمام عبد الرحمن الداخل»7(١2‏ وسنرى للمسلمين عناية عظيمة ببذه القنطرة التى 
ستكون ذات أهمية كبرى فى تاريخ البلاد السياسى والفكرى » لأنها كانت تصل العاصمة 
بجنوب الأندلس وبلاد الشرق جميعاً » ولأنها كانت من الجمال والبهاء بحيث كانت متزه 
أهل قرطبة ومدار خيال شعراء الأندلس أجمعين . 

وفى ربيع سنة ؟١٠ه‏ (سنة ١‏ "الام ) خرج السمح بالصائفة ليغزو فيما وراء البرت 
فاستشهد فى طرسونة فى يوم عرفة من العام نفسه » وسنتحدث عن ذلك فى فصل خاص 
نجمل فيه أعمال المسلمين الحربية كلها فيه وراء اليرت . 

وفى أثناء السنوات القليلة التى ذكرناها كانت العلاقات بين البربر والعرب فى إفريقية 
والأندلس تتطور على نحو سيكون له أثر حاسم فى مجرى الأمور فى البلدين خلال هذه 
الغترة وما تلاهاء وجدير بنا أن ندرس هذه الناحية يشىء من التفصيل . 


#* # ة# 





(1) قتتح الأندلس »ص 1 


. 
91 


ب والبرير 





خلافات العصبية ١1‏ 


520 انقضت أيام الخليفة التقى العادل عمر بن عبد العزيز ووالييه المجتهدين 
سمي إسماعيل بن عبيد الله والسمح بن مالك الخولانى » وعاد الغرب الإسلامى إلى 
ما كان عليه أيام الخليفة سليمان ومن سبقه : عاد حكام إفريقية يستبدون 
بالأندلس ويولون عليه من الحكام من يشاءون ء وعاد هؤلاء يُصرٌّفون أموره على الوجه 
الذى يحبونه . ولقد رأى الأندلس ف الفترة بين سنتى 7١٠1و7١١‏ حكاماً لا نكاد نذكر لهم 
إلا اهتاما ظاهرا بالحروب فيما وراء البرت ٠‏ وانصرافا ظاهرا إلى المنازعات العصبية 
العنيفة17). 
كانت ولاية إفريقية خلال هذه الفترة كلها إلى رجلين من كبار رجال بنى أمية . هما يزيد 
ابن أبى مسلم مولى الحجاج وكاتبه ( 7١١-7١1ه/‏ 1-170 1لام ) وبشر بن صفوان 
الكلبى (7١١4-1١٠ه/‏ ١7لا-17لام).‏ وكانت خلافة المسلمين إلى اثنين من أشد 
الأمويين إغراقاً فى العصبية القبلية » هما يزيد بن عبد الملك (١١١-0١٠١ه/ 4-٠١‏ الام) 
وهشام بن عبد الملك (5١١-150١ه/‏ 47-174 لام )ء وفى عهدهما ظهر فى الييت الأموى 
الانقسام والتفرق اللذان انتهيا بإضعاف البيت كله وذهاب ريحه . 


فقد كان يزيد بن عبد الملك مضرى الميول : أغضب يزيد بن المهلب وحاربه حتى قتله» 


(1) هم عبد الرحمن بن عبد الله الغافقى ( من ذى الحجة سنة ٠١7‏ إلى صفر سنة /٠١7‏ من يوليه إلى لفسطس )088١‏ 
وعنبة بن سُحَيم الكليى ( من صفر سنة ٠١7‏ إلى شعبان منة /ا1١9/ 11-117١‏ ) . وعذرة بن عبد الله الفهرى 
(من شعبان سنة /ا١٠‏ إلى شوال سنة /9١«‏ من يناير إلى مارص 77ل ) . ويجحيى بن سلامة العامل ( من شوال سنة 
٠7‏ إلى ربيع الأول سنة /١١١‏ من عارس 77؟ إلى يوليه ١)774‏ وحفيفة بن الاحوص القيسى ( من ريع الأول 
سنة ٠١١‏ إلى شعبان سنة 1١١‏ / هن يوليه إل ديسمبر 774). وعثان بن أبى نسعة الختعمى ( من شعبان سنة ١١١‏ 
إلى المحرم سنة ١١١‏ / من نوفمير 4 ”.إلى أبريل 179 )0 وافيثم بن عبيد الكلبى ( من المحرم سسنة ١١١‏ إلى ذى 
القعدة منة ١١١‏ / من أبريل 19ل إلى فبراير 7٠‏ ). 
انظر اين عذارى : البيان. ج؟ ا ص 72-755 . 

والبحث الدى كتبه لافونتى إى ألكانترا وذيل به ترجمته للا خبار المجموعة وحقق فيه ولايات عمال الأندلس . 
عل !ال ععتلودعمة . بممموعط عل كعيولمدوعطمع كما عل متعواصهمم ) تحال [الم )اه لا 15 لط للها 
. 220-242 .هم مسطعو4ة موطزم 


كنل خلافات العصبية 





وتعقب اليمنية بألوان الأذى حتى نفروا منه ومالوا إلى أعدائه » وامتلأت نفوسهم بالثورة 
عليه » وعادت إليهم أحقاد مرج راهط وتحركت فى قلوبهم ثاراتها(2» وأقام على إفريقية 
يزيد بن أبى مسلم هذا . وكان من كبار القيسية » فلا قتل أقام مكانه بشر بن صفوان » وقوى 
جانب القيسية فى بلاد الدولة الإسلامية كلها » فل) أقبل أخوه هشام بدا له أن يخفف من 
غلواء القيسية المضرية بقبض يده عنهم » ومن ثم أقام نفراً من كبار اليمنية الكلبية من أمثال 
خالد بن عبد الله القسرى وأخيه أسد على الولايات » فأخذوا يضطهدون المضرية اضطهادا 
رضى عنه الخليفة وإن لم يفعل فعلها . ولهذا ترك بشر بن صفوان فى ولايته » لأن ميوله. 
كانت كلبية يمنية » وحين| توى بشر بن صفوان سنة 9 ١٠ه/5١لام‏ كانت ميول الخليفة قد 
انحرفت بعض الشىء عن الكلبية اليمنية ومالت نفسه إلى إضعاف أمرها ء ولهذا أخذ يولى 
بعض القيسية كبار المناصب » فولى يوسف بن عمر الثقفى العراق . ونصر بن سيار 
خراسان » وعبيدة بن عبد الرحمن السلمى إفريقية . وكانوا جميعاً من غلاة القيسية » فأخذوا 
يضطهدون اليمنية الكلبية » حتى ليذكر النويرى أن عبيدة بن عبد الرحمن السلمى لم يكد 
يصل إلى إفريقية حتى « أخذ عمال بشر بن صفوان فحبسهم وتحمل عليهم » وكان فيهم 
أبو الخطاب بن صفوان الكلبى»0©. 

هكذا أخذت عواصف العصبية تعصف بالدولة فى القلب وف الولايات . ولم يقتصر 
الأمر على العمال ورجال الدولة بل تعداه إلى عامة الناس » لأن الجاليات العربية التى كانت 
قد هاجرت إلى الولايات واستقرت فيها لم تخرج عن أن تكون قيسية مضرية أو كلبية يمنية » 
فإذا كان العامل قيسياً حابى القيسية واضطهد الكلبية اليمنية وآذاها » واشتبكت بينه وبينها 
الحروب » وإذا كان كلبياً عسف القيسية وأنزل بها من البلاء شيئاً كثيراً . ومن هنا قامت 
الحروب بين العرب فى الولايات » وتخضبت أراضى الدولة الإسلامية من خراسان إلى 
أقصى الأندلس بدماء العرب » وشغلتهم هذه الخلافات فى كل ناحية عما هو أهم منها وأولى 
بالعناية من الأأمور . 


)١(‏ الطبرى : تاريخ الرسل والملوك » جه » ص ١71‏ وما بعدها ء ابن الأثير الكامل , جه . ص 77 وما بعدهاء 
المسعودى : مروج الذهب » ج؟ »ص 7575-١176‏ . 
(1) ابن عبد الحكم : فتوح »ع صسص5١1-5١351.‏ 
النويرى : نباية الأرب » طبعة جسبار ريميرو» ص 77 . 
وراجع تعليق فورنيل على هذه التغيرات العصية فى الفترة الأموية : 
270-271 .هم .1 ,ركعتغطك8 دوعا . بآعآل ]50101 .11 


فترة سيادة الكلبيين فى المغرب والأندلس ١1١‏ 


ول يش بلد من بلاد المسلمين بهذه الخصومات كما شقى بها المغرب والأندلس » لا لأنها 
كانت فيهما أقسى وأعنف .ء بل لأن المغرب والأندلس كانا إلى ذلك الحين بمثابة الشغر الكبير 
لبلاد المسلمين عامة » وكان لابد لمن يقوم فيهما من العرب أن يكونوا كتلة واحدة يقظة » 
وإلا نمض طم العدو - الذى لم يُقصَ عليه القضاء المبرم - واستعاد قوته » وتحفز لقتالهم 
وهم فى شغل عنه . وهذا هو الذى حدث بالفعل : شغل العرب بتصفية ثاراتهم القبلية 
العصبية عن بقايا القوط فى الأندلس » وعن إتمام إخضاع البربر فى إفريقية » فأصاب هؤلاء 
وأولئك فرصة كانوا فى أشد الحاجة إليها » واستطاعوا أن يستعيدوا ثباتهم وأن يمكنوا 
أقدامهم فى نواحيهم النائية » ثم أخذوا يتقدمون على مهل متتهزين الفرصة فى هؤلاء العرب 
الذين شغلتهم قيس وكلب عن القوط والنصرانية والوثنية معا. 

وليس إلى الشك سبيل فى أن هذه المنازعات العصبية وحدها هى السبب فى نهضة فلول 
القوط وتقدمهم لمنازعة العرب هذه المنازعة الطويلة التى انتهت بخروج المسلمين من البلاد 
جملة » وأنها هى السبب فى ثورة بربر المغرب جميعه على العرب » لأنها أتت فى وقت حرج 
كان المسلمون أحق فيه بأن يبذلوا قصارى جهدهم ق إتمام فتح البلدين » فعاقتهم عن ذلك 
واضطرب الأمر عليهم فيهما جميعا . 
»-فترة سيد كانت ولاية يزيد بن أبى مسلم وبشر بن صفوان فى إفريقية كلبية يمنية 
اكلبيين اليمنيين صرفة ء» وقد عرف الكلبيون اليمنيون بإسرافهم فى العصبية على الموالل فى 
فى المغرب كل ناحية » وحسبنا من ذلك الإشارة إلى سياسة الحجاج وعسفه موالى 
والأندلس فارس . وكان يزيد بن أبى مسلم تلميذه وكاتيه2"7» فحسب أنه يستطيع أن 
يسير فى البربر بسيرة الحجاج فى أهل العراق وفارس'("2. وأخذ يعسف البربر ويشتد فى جمع 
أموالهم وسَبّى نسائهم . وكان شديد العناية بإلطاف الخلفاء وكسب قلويهم بالهدايا » فصار 
يتخير أحسن نساء البربر ليبعث بهن إلى الخليفة » وكان يأخذ المائة من الغنم ويذبحها ليأخذ 
فراءها العسلى الصافى ويرسلها إلى دمشق » فربها ذبح مائة شاة دون أن يستخلص منها جلدا 
واحداً سليراً » فتغيرت نفوس البربر » وبدأت قلوبهم تتحدث بالثورة عليه » لأن البربر 


أبو المحاسن : النجوم الزاهرة » ج١‏ » ص 377 . 
(؟) النويرى : نبهاية الأرب . ج١‏ ء ص .7١‏ 


بسن مسئولية الخلفاء عن أعيال عمالهم فى المغرب - توئر نفوس البثر - زنانة 


كالعرب قوم بدو لا يعرفون طاعة ولا ذلة17). 


وليس إلى الشك سبيل فى أن خلفاء بنى أمية لم يكونوا ليرضوا عن سياسة 


4 مسئولية َ 2 ا ل ا : : 
د يزيد بن أبى مسلم وبشر بن صفوان فى إفريقية » وأنهم لم يكونوا يعلمون 

شيئاً عر الوسانا , التى كانا يلجآن إليها فى عسف البرير والاستيداد مهم . 
طيناهق الرسائل الى كا ولجاد اجها ل عست الويز والابخدادميم 


ومن دلائل ذلك أن يزيد بن عبد الملك لم يغضب حين| علم بقتل البربر 

واليه يزيد بن أبى مسلم » وقال إنه لم يرض عن عمله » ثم أقر محمد بن أوس الأنصارى 
الذى أقامه أهل إفريقية على أنفسهه("). 

وربا تبادر إلى الذهن أن الخلفاء كانوا يكلفون العمال أن يكثروا من الحدايا والألطاف ء 
فكان العمال يضطرون هذا إلى الإسراف فى عسف الناس والاشتطاط معهم . ولكن رواية 
لابن عذارى تدل على أن العمال محملون أكبر جانب من المسئولية فى هذاء وذلك حيث 
يقول : « وكان الخلغاء بالمشرق يستحبون طرائف المغرب » ويبعثون فيها إلى عامل إفريقية » 
فيبعثون لهم البربريات المسبيات » فلم) أفضى الأمر إلى ابن الحبحاب منَّاهم بالكثير وتكلف 
هم - أو كلفوه - أكثر ما كان » فاضطر إلى التعسف وسوء السيرة 200 وهى رواية تدل على 
أن الخلفاء كانوا يستحبون طرائف إفريقية فقط . وأن العمال كانوا يتكلفون الإسراف فى 
عسف الناس طلباً فى المزيد من رضى الخلقاء . 

وكان الكلبيون بطبعهم على جانب قليل من السياسة والكياسة » فأسرفوا فى الأمر 
إسرافاً نفر البربر ودفعهم إلى الثورة » وشجعهم على المضى فى هذا العسف ما كان قائا إذ 
ذاك بين العرب أنفسهم من عداء . 
وكان وضع العرب ف بلاد المغرب يُعيّد الفتح وضعاً فريداً فى ذاته » فإن 
بربر المغرب - على ما نعرف - ينقسمون إلى بتر وبرانس ء أو إلى بدو 
وحضر . فأما البتر فقد تسارعوا إلى الانضمام للعرب من أول الأمر 
واشتركوا معهم فى فتح البلاد » ولولا مساعدة قبائل بترية مثل لواتة ونفوسة وهوارة 


0 تسوتر 


نفوس البتر- زناتة 





. ابن عبد الحكم : فتوح .ص 7١5؟ وما يليها‎ )١( 
. وما يليها‎ ”١ النويرى : نهاية الأرب » ص‎ 

(؟)ابن عبد الحكم : فتوح ,ص 717 . 

(©) ابن عذارى : البيان المغرب , جا ص 778-795 , 


توتر نفوس البتر - زناتة 1١1‏ 





وبرغُواطة270؛ لما استطاع العرب الوصول ف المغرب إلى هذه النتيجة الباهرة التى وصلوا 
إليها بعد جهد طويل متصل . فلا انتصر العرب واستقرت أقدامهم فى البلاد توقغ البتر أن 
يعتبروهم مساوين هم » وأن يميزوهم عن البرانس الذين قاوموهم مقاومة عنيفة ولم يلقوا 
بيد الطاعة إلا بعد أن يئسوا من كل عون من ناحية البيز نطيين . 

ولكن العرب لم يفطنوا إلى ذلك » ومضوا يعاملون البربر جميعاً معاملة واحدة » واشتدوا 
عليهم جميعاً » أصدقاء وغير أصدقاء » أحلافاً وغير أحلاف ٠‏ فتغيرت نفوس البتر - وزناتة 
منهم خاصة - وبدأوا يفكرون فى الثورة على العرب عامة . ثم إن البربر - والبتر منهم 
خاصة - حملوا معظم عبء ذ فتح الأندلس » وقتل منهم فى هذا السبيل آلاف . في حين لم يفقد 
العرب إلا بضع مئات . وكان نفر من قادة الفتح بربراً زناتيين مثل أبى زرعة طريف بن 
ملُوك وطارق بن زياد » فلم يحسن العرب جزاء هذين » بل أصاب موسى طارقاً بشرٌ كبير» 
ولم ينظر عرب الأندلس إلى بربرها نظر الند للند» فأنكر البربر ذلك وبدأت نفوسهم تتغير . 


وربما كان دافع عرب الأندلس إلى إساءة معاملة البربر هو خوفهم منهم » فقد كان البربر 
فى الأندلس أضعاف العرب عدداً » وكان العرب يشعرون أنهم أقلية » وكان شعورهم بهذا 
يدفعهم إلى التحرز من البربر وإبعادهم عن الحكومة والسلطان . فزاد ذلك فى سخط 
هؤلاء. وكان البتر هم حرس الولاة المقربين إليهم » وكان الولاة قبل يزيد بن أبى مسلم 
يميزونهم على البرانس ويتخذون منهم بطانتهم » فلما جاء يزيد بن أبى مسلم أغفل هذه 
الناحية وأساء معاملة البتر وأراد امتهائهم وإذلالهم » فنفرت نفوسهم منه . وفقد العرب من 
ذلك الحين ولاء هذا الفريق القوى من بربر إفريقية » وسيكون لذلك أثر كبير فى تطور 
اكراديه واب 


: راجع النصوص الخاصة بانضهام هذه القبائل إلى المسلمين من أول الأمر فى‎ )١( 
.737 84 البلاذرى : : فتوح ا ص‎ 
.75١1١-5٠١ ابن عبد الحكم : فتوحمءص‎ 
. 184 ابن الأثير : أسد الغابة. ج 7 ص‎ 
. ١١8 ابن خلدون : كتاب العبر. ج" .ص‎ 
0 وانظر‎ 
0 ويقال : بل كان حرس يزيد ب ام ا ف‎ ١ : لاحظ قول ابن عبد الحكم‎ )( 
: وكانوا هم حرس الولاة ق :3 ا ا ا أبى مسلم الناس فقال‎ 
: فأشم فى يد الرجل اليمنى اسمه وفى اليسرى‎ ١ إنى إن أصبحت صا حا وَسََمْثْ حرسى فى أيديهم ىا تصنع الر روم‎ 
. 3١54 حرمى ء فيُعرفون بذلك عن غيرهم , فأنفوا من ذلك . ودب بعضهم إلى بعض ف قتله » . فتوح ».ص‎ 


5 الأفارقة - دعاة الخارجية فى المغرب 


وكان فى إفريقية - إلى جانب البربر والروم - نفر كبير من الأفارقة » أى من 
الأجانب المستوطنين الذين طال مكثهم فى البلاد حتى أصبحوا إفريقيين » 
وكان معظم هؤلاء يسكنون المدن ومواقع الساحل .. وكانوا على علائق حسنة مع الروم 
متأثرين بحضارتهم ء وكان فيهم كثير من النصارى . ولا أقبل العرب وأنشأوا يحاربون 
الروم وقف هؤلاء الأخارقة على الحياد بل أقبل نفر منهم على الإسلام » وكانوا ينتظرون ألا 
يعتيرهم العرب روما وألا يعسفوهم » ولكن العرب وضعوهم والروم فى منزلة واحدة » 
فاعتبروا الأفارقة موالى » وغتموا أراضيهم وأمواهم » فانقلبوا أعداء لهم » واتصلوا بزناتة » 
وتفاهم الحيان على الثورة277. 
وزاد الحال حرجاً أن اشتداد بنى أمية مع العلويين والخوارج أرهبهم 
ونفرهم من الشام والعراق وجزيرة العرب » فمضوا يلتمسون الأمان 
حيث| وجدوه » وفر منهم نفر كبير إلى المغرب حيث وجدوا أهله حانقين 
على الأمويين مستعدين للثورة عليهم . فلم يكن أيسر على هؤلاء العلويين والخوارج من 
كسب هؤلاء البربر إلى صفوفهم ؛ ووجدت مذاهب الخارجية - الصفرية والإباضية خاصة 
- قبولاً طيباً من البربر » وهكذا مبيأت فى بلاد المغرب كلها الظروف لثورة عامة كبرى على 
ويجمع مؤرخو المغرب على أن معظم من أقبل إلى إفريقية من هؤلاء الدعاة كانوا من 
الصفرية والإباضية » ولسنا نعلم بالضبط لماذا كان معظم دعاة الثورة فى المغرب من هذين 
الفريقين من الخوارج » ولا السبب فى إقبال أهل المغرب عليهما خاصة . لأن مبادىء 
الفريقين ليست مما يجتذب البربر » فههما أكثر الخوارج ميلاً إلى المسالمة والتسامح مع 
المخالفين(؟2 , بل الإباضية لا تحل قتال غير الخوارج من المسلمين ولا تستحل من الغنائم 
غير السلاح والخيل » والصفرية تكاد تكون أكثر مذاهب الخارجية اعتدالاً » والبربر على ما 
)١(‏ يفهم من روايتين لأبى المحاسن والسلاوى أن زعامة برابر طنجة فى الثورة التى سنتحدث عنها كانت إلى ميسرة 
المطغرى وعبد الأعلى بن جريج الإفريقى » وكان مع كل منهما قومه ء ما يدل على أن الطائفتين اتفقتا على الوثوب 
بالعرب . 
انظر : أبو المحاسن : النجوم الزاهرة » ج١‏ .ص 78 . 
السلاوى : الاستقصاء .» ج- ١‏ ءص 58 . 


(7) الشهر ستانى : الملل والنحل » ص 1594-1١58‏ . 
البغدادى : الفرق بين الفرق » ص -51١‏ 57 


5 الأفارقة 


207 دعاة 


الخارجية فى المغرب 


دعاة الخارجية فى المغرب 6 


نعلم لا يميلون إلى الاعتدال فى العقائد » وسنرى من أحداث ثورتهم أنهم كانوا متطرفين 
لإ ترفوت وسطا + ؤرما كان" الأححى أن تعلق اسه هده اخركات إلى الضفرلة 
والإباضية خاصة . لأن أسباءها كانت سياسية قبل أن تكون دينية » ولسنا نجد على أى 
الأخوال فى أغبار هذه الغورة:الكيزة ولدلا واضَحأ عل صفرية القائمين بالمتركة 
أو إياضيتهم . والأسلم أن نسميهم خوارج فحسب . خوارج سياسيين لا دينيين . 

ولصاحب ١‏ الأخبار المجموعة » رواية يفهم منها أن البواعث البعيدة هذه الحركة كانت 
موضع خلاف بين المؤرخين القدماء أنفسهم » وذلك حيث يقول : « وقد يقول من يطعن 
على الأئمة أنهم إنها خرجوا ضيقاً من سير عمالهم » وأن الخليفة وولده كانوا يكتبون إلى عمال 
طنجة فى جلود الخرفان العسلية » فتذبح مائة شاة » فربما لم يوجد فيها إلا جلد واحد . وهو 
قول البغض للأئمة » فإن كانوا صدقوا ء فا بال التحكيم فشا فيهم ورفمٌ المصاحف وحلقٌ 
الرؤوس . اقتداء بالأزارقة وأهل النهروان » أصحاب عبد الملك بن وهب وزيد بن 
حصن؟...2300 , 

وظاهر أن صاحب هذا المجموع القيم من الأخبار يحاول الدفاع عن خلفاء بنى أمية 
لأنهم أجداد أموية الأندلس » وليس إلى الشك سبيل فى أن عبارته هذه موجهة إلى نفر من 
معاصريه الذين كانوا يرمون خلفاء بنى أمية بالظلم ويحملوهم مسئولية هذه الحركة 
المخطيرة. 


5 


ومهما يكن من الأمر فد اجتهد دعاة الخارجية هؤلاء اجتهاداً عظيياً فى إثارة البربر 
ودفعهم إلى الوثوب بالعرب. ومن دلائل ذلك قول المالكى : * وكانوا - أى أهل إفريقية - 
يقولون : لا تخالف الأئمة بها تجنى العمال » فقالوا - أى الدعاة الذين كانوا يحرضون البربر 
على الفتنة - لهم : إنم| يعمل هؤلاء بأمر أولئك » فقالوا : حتى نخبرهم!». 

١‏ فخرج ميسرة فى بضعة وعشرين رجلاً » فقدموا على هشام » فلم يؤذن لهمء فدخلوا 
على الأبرش فقالوا : أبلغ أمير المؤمنين أن أميرنا يغزو بنا وبجنده . فإذا غنمنا نفلهم ولم 
ينفلناء ويقول : هذا أخلص لجهادكم !.... فقلنا : لم نجد هذا فى كتاب ولا سنة . و: 
نفقاتهم » فكتبوا أسماءهم ودفعوها إلى وزرائه » وقالوا : إن سأل عنا أميرالمؤمنين فأخبروه » 


(١)الأخبار‏ المجموعة »ص 317-17١‏ . 


بحرن العصبية العربية فى الأندلس 





ثم رجعوا إلى إفريقية . وبلغ الخبر هشاماً فسأل عن النفر » فعرف أساءهم . فإذا هم الذين 
صنعوا ذلك23(6 مما يدل على أن أهل إفريقية أتكروا هذه المعاملة السيئة من عمال الأمويين » 
وجعل هؤلاء الدعاة يدفعونهم إلى الثورة ويؤكدون لهم أن ذلك الظلم الذى ينزل بم إنما 
مصدره الخلفاء أنفسهم » فأحب ميسرة - زعيم البربر - أن يتأكد من الأمر قبل أن يقدم على 
شىء » فمضى فى وفد من أهل بلده إلى دمشق ليبسط ظلامته أمام الخليفة هشام » فلم 
يستطيعوا مقابلته » فعادوا ولا مندوحة هم عن الثورة . 
وكان الأندلس تابعاً لإفريقية فى ذلك الحين . فلا غرابة أن تظهر فيه 
أصداء ذلك كله » ولا غرابة فى أن يكون ا جميعاً أسوأ الأثر على مصائر 
الإسلام فيه للأسباب التى ذكرتاها . 

أقام يزيدٌ بن أبى مسلم وبشرٌ بن صفوان الكلبيان اليمنيان على الأندلس عالاً يمنيين 
كلبيين هم : عنبسة بن سحيم الكلبى (صفر ٠١"‏ -شعبان )١٠١1/‏ وعذرة بن عبد الله الفهرى 
( شعبان -١١1/‏ شوال /ا١٠)‏ ويحبى بن سلامة العامل ( إلى ربيع الأول سئة »)٠١١‏ وقد 
حكم ثلاثتهم سبع ستوات ( شوال -1١1/‏ ربيع الأول )١١١‏ تعصبوا خلاها لليمنية الكلبية 
وأوغروا صدور القيسية . 

وكانت قيسية الأندلس مُوغَرة الصدر بطبعها لا تحتاج إلى من يحرك نيران أحقادهاء لأن 
الكثيرين من أفرادها كانوا من حضر حروب الزبيريين والمروانيين فى المشرق » بل كان منهم 
من حضر مرج راهط ورأى بعيئيه مصارع القيسية وأفول نجمها مهزيمة الزبيريين » وكانوا 
ينتظرون الفرصة ليسوو! حسابهم القديم مع اليمنيين الكلبيين . فلم يكد هؤلاء الولاة 
الثلائة يسيرون فى سياستهم اليمئية الكلبية حتى امتللأت قلوب القيسية ألا » وجاشت 
نفوسهم بالثورة » وغدوا لا ينتظرون إلا الفرصة المواتية(1). 

وكان هؤلاء الكلبيون كغيرهم من اليمنيين ذوى شره إلى الأموال وعسف فى جمعها ء 
وقد اشتد سحيم معهم شدة خاصة ء فألزم التصارى فى الأندلس يدفع جزية مضاعفة » 


- 


العرببية فى الأتدئس 





)١(‏ ئيس أدينا ما يؤيد ذهاب ميسرة إلى المشرق ٠‏ ولكننا نستطيم أن نستخلص من هذء الرواية أن زعياء البربر حاولو! 
بسط شكايتهم أمام الخلفاء قبل أن يلجأوا إلى الثورة . 
(1)أخبار مجسموعة. ص 4؟-76. 
599 ,15 جم .1 رعوعهموكظا 'ل عممساسدك] , /52021 


العصبية العربية فى الأندلس ١‏ 





فتغيرت نفوس أهل البلاد ويدأ القلق يسودها من كل وجه”١‏ 


)١(‏ إيزيدور الباجى ء ( فقرة رقم ؟5) . واسمه الكامل 2984601870515 151190120 وهو مؤلف وهمى يقال إنه كان 
أسقفاً لمدينة ذ!نا[ -ه2 أو ع6 وهى 8632 الحالية من مدن البرتغال ( باجه عند العرب ) ينسب إليه تاريخ هام 
الاسبانيا اسمه : 

عدأ أجدمع1:020) عدتمدجذناط! عداوند دعل قرعمعطام2 صناطدة. أعن لاانومتدعجدآا (عصمنؤاء) عدممامع 

ات 

وهو يشمل تاريخ إسبانيا من أواخر العصر القوطى . من نهاية حكم سسيرت إلى نياية حكم يوسف الفهرى آخخر 
عمال الأندلس للأمويين ٠‏ وهو يضم معلومات هامة عن الدولة البيزنطية والدولة الإسلامية فى المشرق خلال هذه 
الفترة . ولم يستطع البحث التاريخى الاهتداء إلى حقيقة إيزودور هذا أو إلى نسبة هذا الكتاب إليه » وهنا ينضل 

الكثيرون تسميته 0 بالتاريخ الطليطل المجهول المؤلف 80هل1016 وممنهوددة 281 » لأن مخطوطته وجدت فى طليطلة . 

والذى لا شك فيه هو أن مؤلف هذا المجموع الفريد من الأخبار كان واحداً من رجال الدين الإسبان ء ولكنه يمتاز عن 

م ا ل ل ل اي ل ل ل 

وروايته تزودنا بمعلومات قيمة جداً عن خلفاء الأمويين بالمشرق وأعيال عبال بنى أمية فى إفريقية والأندلس ٠‏ ويقهم 

من نص روايته » ومن كتب أخرى معاصرةء أنه كتب كتباً أخرى هى : 

. كأمأعسصهوم اتلعتمعع1 تتمجتء) 2 سنومطامع تكزلما سووع1 عدومااجة ١‏ | 
. «تنايمجتت 1" عدهمائجط-. 2 
( مختصر تاريخ العصور ) - وفيه يتحدث بالتفصيل عن الحروب التى جرت بين البرير وكلثوم بن عياض عامل 

هشام بن عبد الملك على إفريقية . 

عتصم اج -.3 
يقص فيه أخبار الحروب بين بلج بن بشر ومن معه من الشامية وبقية عرب الأندلس . 
. النععمد تمتنقعلل تسدصممات؟ معنا -.4 
وهو يكمل فيه ذكر الأحداث التى فاته ذكرها فى كتبه السابقة . وكتابه الأول هو أعمها من غير شك . وهو المشار 
إليه فى التواريخ الأندلسية » وهو الذى نقصده نحن فى هذا البحث . وظاهر أن مؤلفه أراد أن يجعل منه صلة لتاريخ 
ايزيدور الإشبيل شءط!/515:1 08 151120120 5410 تمد نصه الكامل عند : 
.141052,)526 020413) ,11 01331005 ,90010111 أككا 41700910 0410133 كناخ ,1401154512001 111501200 
1893 ,فسنلوع8 360 - 334 بم! ,1آ (للآلا ,آ/ا ,ارلا 
وق: 
. ومعتصمصك أوممكاجظ وتم وعمدط أكملندا ,283-307 بيجم بملمدع52 ممدمكظ 110182 
ونشر أجزاء منه 414 11ذلكاخ /ا 1803115]اكشما كملحق لترجمته الإسبانية للأخبار المجموعة » ص ١17‏ 
ومابعدها. 
وانظر عنه : 
معوعطاعتعاعععع دمعنه اعند! عثل وعتاعن صععه طعدمء8 عطعو 1 ,/201013/ 5011 2020118 
4 لعطمعة عتك طعيطة كمعنهدمك عمسعطوعة معلل عاط نطعع0) عند مع لاعن 
-1867 142080 ) بمتمفوكظ عل دعطددج1402 105 عل هتصجماكنة! ,515401011 2عالاة1 1500 المرم 
. 5909 ,234 .جوم (1903 
مسناممدنظ مأعوعن!1هآ 12 1 741 ع0 2لتأممدن8 - موأطوء ف معنومن) دإ ععطم؟ ,الا 8لا الوك 
.49 -283 .مم (1956 ,قلمموءء -5420110 2 . عكد) 21 .701 ,كنالملصة -اذ) معدعط] دلحكئتوعط ما ى 


118 العصبية العربية فى الأندلس 





فلم| تولى إفريقية عبيدة بن عبد الرحمن السّلمى 207 وكان قيسياً » انقلبت الآية وتوالت 
على الأندلس سنوات قيسية لقى الكلبيون اليمنيون خلالها بلاء شديداً , قام بالأمر خلاها 
حذيفة بن الأحوص القيسى وعشان بن أبى نسعة الخثعمى » والهيئم بن عبيد الله الكنانى» 
ومحمد بن عبد الله الأشجعى » واستمرت حتى سنة ١١١‏ ه وقد اشتد اليثم مع اليمنيين 
شدة أثارتهم ودفعتهم إلى العصيان علانية » وقد بلغ من شدته أن أنكر هشام عليه ذلك - 
رغم قيسيته - وعزله وعاقبه عقاباً صارماً("). 


ومن عهد الهيثم هذا تبدأ فى الأندلس خصومة القيسية واليمنية الصريحة الخطرة » التى 
سيكون لا أسوأ الأثر على مصير الإسلام فى الأندلس خاصة والمغرب عامة . 

بيد أننا ينبغى أن نذكر أن المسلمين كانوا معنيين خلال ذلك كله بالحروب فيها وراء 
البرتات » فقد استمرت جهودهم بعد مقتل السمح بن مالك الخولانى » ووصلت جيوش 
المسلمين فى أيامهم إلى قريب من أفينيون » وكانت أربوئة عاصمة الهيثم بن عبيد الكنانى 
يقيم فيها معظم وقته(). 

ولسنا نجد ما نسجله فى عهود هؤلاء الحكام القصيرة إلا ثورة بلايّه زعيم فلول القوط 
فى نواحى أشتريس ٠‏ وهى ثورة خطيرة تعين بدء المقاومة الإسبانية » وقد وقعت فى عصر 
عه 0 

وى صفر سنة 7١١ه/ ٠‏ ”لام أقام عبيد الله بن عبد الرحمن السلمى عبد الرحمن بن عبد 


)١(‏ أثار وصول عبيدة ين عبد الرحمن إلى إفريقية اضطراباً كبيراً » لأن الكلبيين كائوا قد اطمأنوا إلى السيادة فى عهد 
سلفه بشر بن صفوان ء وكان معظم عرب إفريقية والأندلس كلبيين يمنيين كما ذكرنا » وكان بشر قد ترك مكانه 
كلبيا فلم يكد يستقر فى الولاية حتى فأجاه هشام بعبيدة بن عبد الرحمن » ودخل عبيدة القيروان فجأة ٠‏ كأنها كان 
يتوقع معارضة ومقاومة» ولم يقدم شيئاً على عسف اليمنين عفأجاوز ا حد المألوف. 
انظر : ابن عذارى : البيان ج١‏ .» ص 5”” . 
ابن الأبار : الحلة السيراء » ص 481 - 14 . 
ابن الأثير : الكامل » ج 5 » ص 031١8‏ "1 . 

() إيزيدور : فقرة لا0 . 
ابن الأثير : الكامل » ج ة » ص 58 ١‏ 54/ . 

(*) ابن عذارى : البيان. ج ” . ص 74 . وانظر الفصل التالى . 
إيزودور : فقرة 25و لا . 

(5) المقرى : نقح الطيب. ج 5 .ص ٠١-4‏ . 

48 .م [١‏ ,عمقت أ ناكن1] عمعدمكظ '1 عل .اذل ,لهب اذ8 /2101 -1آ لاط ] 


العصبية العربية فى الأندلس 79> 





الله الغافقى أميراً على الأندلس . وكان عبد الرحمن من كبار رجال جند الأندلس. وقد قضى 
حياته حتى ذلك الحين يغازى الأعداء فيها يى البرتات » وكان الجند قد أقاموه والياً على 
الأندلس قبل ذلك مدة لم تزد على شهرين قبيل قدوم عنبسة بن سُحيم » وكان عبد الرحمن 
شخصية أندلسية قضى معظم أيامه فى نواحيها وفى الجهاد فيما يليها . فكان لولايته طابع 
خاص لا نلمحه عند أحد ممن سبقوهء فقد كان همؤلاء مشارقة يقبلون عل البلاد وهم 
لايكادون يعرفون من أمرها شيئاً . ولا يكادون يحملون إليها إلا عصبيتهم اليمنية أو القيسية 
ويزيدون الحال سوءاً . فأما عبد الرحمن فأندلسى لايكاد يلقى بالا إلى هذه الجاهلية العصبية» 
ولايكاد يلتفت إلا لإقرار الأمن فى البلاد وموالاة الفتح فيها يليها(1). 


تجمع الروايات الإسلامية على الثناء على عبد الرحمن . بل يذهب بعضها إلى القول بأنه 
أعظم ولاة الأندلس أجمعين وأكثرهم فضيلة وأشدهم إخلاصاً فى القيام بها تفرضه الأندلس 
على واليها من الواجبات » والواقع أن المراجع لم تبالغ فى ذلك كثيرا » فقد كان عبد الرحمن فى 
تت الأمر منظماً قادراً وجندياً باسلاً » وربما شاركه فى إحدى هاتين الصفتين بعض من 
سبقه من ولاة الأندلس مثل السمح بن مالك أو عنبسة بن سحيم » ولكنه يمتاز عن هذين 
وغيرهما بأنه كان سلييماً من نزعة العصبية التى أفسدت على معظم هؤلاء الحكام أعرالهم . 
وقد كان الرجل من غافق إحدى بطون كهلان اليمنية » ولسنا نعلل اختيار عبيدة بن عبد 
الرحمن السلمى القيسى المتشدد إياه إلا بأن شخصية عبد ال رحمن كانت من الظهور بحيث 
صرفت عبيدة عن التفكير فى قيسيته التى أفسدت عليه الأمور زماناً('2» ويبدو أن عبد 
الر حمن كان يت يتمتع بمركز عظيم بين عرب الأندلس » » لأن ولايته لقيت الرضى من طوائفهم 
كلها يمنية وقيسية. 


(١)عن‏ عبد ال رحمن الغافقى . انظر : ابن عبد الحكم : فتوح . ص 5١19-5١56‏ . 
ابن حيان برواية المقرى : نفح الطيب . ج5؟ . ص 54 . 
أخبار يجموعة ص 55 . 
ابن عذارى : البيان» ج 7 ص50 -758, 
ابن الأثير» جه .ص 44 . 
56-63 بعك المع لصو ماخلا علط 150120150 
)١(‏ وكان عبد الرحمن الغافقى فى خلاف دائم مع عبيدة بن عبد ال رحمن . ومصداق ذلك رواية لابن عبد الحكم يقول 
فيها بعد تفصيل أعمال عبد الرحمن فى إحدى غزواته فى بلاد الفرتجة : ١‏ وكان فيها أصاب رجل مفضضة بالدر 
والياقوت والزبرجد ء فأمر بها فكسرت » ثم أخرج الخمس . وقسم سائر ذلك قى المسلمين الذي ين كانوا معه » فبلغ 
ذلك عبيدة . فغفضب غضباً شديداً . فكتب إليه كتاباً يتوعده فيه . فكتب إليه عبد الرحمن : إن ن السهاوات والأرض لو 
كانتا رتقاً ؛الجعل ال رمن للمتقين منهها مخرجاً . ثم خرج إليهم أيضاً غازياً فاستشهد وعامة أصحابه ... » . 
ابن عبد الحكم : فتوح ص 51097 . 


١‏ مصاعب الحكم فى المغرب بعد موسى بن نصير 





ولم يوفق عبد الرحمن فى غزوته الكبرى التى أراد أن يفتح فيها غالة رغم ما حشد من 
عدة وما بذل من جهد . واستشهد هو ونفر عظيم تمن كانوا معه عند بلاط الشهداء عل 
مقربة من بواتييه فى رمضان سنة ١15‏ ه . ولا نزاع فى أن ابن حيان قد بالغ حينما زعم أن 
أحداً من جيش عبد الرمن لم ينج من هذه الموقعة » لأنه لا يعقل أن يُقتل من المسلمين 
سبعون ألفاً ثم لا تضطرب الأندلس كلها . والواة قع أن عدداً عظيراً من جنود عبد الرحمن 
٠ 0 0‏ فلما فاجأه العدو الْقَاه فى قلة 
فاستش هال وبعض من باتى ابعه + 
كان هذه الهزيمة وقم شديد فى نفس الخليفة هشام بن عبد الملك ١‏ فقد أقبلت إليه 
أخبارها بعد فشل أخيه مسلمة بن عبد الملك فى اقتحام أسوار القسطنطينية بأربع عشر 
سنة » فأحس هشام أن سيوف المسلمين قد عجزت عن اقتمحام معاقل المسيحية الكبرى فى 
الشرق والغرب » فساءه ذلك » وأخذ يفكر تفكيرا جادا فى علاج هذا الموقف » وفى تقوية 
جبهة الإسلام من ناحية الغرب ٠‏ ويبدو أنه تخوف خطر الفرنج على مسلمى الأندلس بعد إذ 
ستشعر قوتهم بعد هذه المعركة . 
بدأ هشام فعزل عبيدة بن عبد الرحمن عن إفريقية فى أواخر سنة ١١4‏ ه.لأنه كان قيسياً 
مسرفاً فى عصبيته حتى لقد أثار اليمنية وكاد يوقع المغرب الإسلامى كله فى فتنة عصبية 
كبرى » واستبدل به فيسياً آخر كان يحسب أنه أهدأ منه نفساً وأقل عصبية » ذلك هو عبيد 


الله بن الحبحاب . 
بدأ عبيد الله بن الحبحاب ولايته فى إفريقية بدءاً حسناً » وقد كان وُفّْق فى 
مصاعب 2 9 3 . 
50 مصر توفيقا طيبا كعامل خراجها(١2‏ ولكنه لم يستطع أن يدرك فى إفريقية 
1 ما أراد من الإصلاح وتهدئة النفوس . ذلك أن المغرب الإسلامى كان 


يجوز إذ ذاك أزمة سياسية واجتاعية حادة . ولا بد أن نعود بتاريخ 
المغرب سنوات إلى الوراء لتتتبع هذه الأزمة منذ مبادثها . 
ذلك أن حكومة موسى بن نصير وابنيه عبد الله وعبد الملك من بعده فى المغرب أضاعت 





(1) ابن الأبار : الحلة السيراء ( طبعة دوزى ) . ص 77 . 
ابن عذارى : البيان. ج ١‏ 2 ص 78775 . 
أبو المحاسن : النجوم الزاهرة . ج ١‏ «*ص .5١١‏ 


مصاعب الحكم ق المغرب بعد موسى بن نصير ١‏ 





على المسلمين ثمرات حكومة حسان بن النعان وإصلاحاته » فقد اشتد موسى وبنوه على 
البربر شدة تمّرتهم وبغضت العرب إليهم » وزاد الأمر سوءاً أن آل موسى احتضنوا بعض 
القبائل واعتبروا أفرادها موالل لحم وفضلوهم على غيرهم » فأثار ذلك نفوس بقية القبائل » 
وأخذ كثير من البربر يشعرون بأن الحكم العربى الجديد ليس خيراً فى كثير من الحكم 
البيزتطى المنقضى . 


ولو استمر الأمر على ذلك بصورة مضطردة لانفجرت ثورة البربر فى زمن مبكر جداً » 
ولكن الأحوال هدأت بعد انقضاء أمر آل موسى فترة دامت أربع سنوات من 1-941 ١ه‏ 
١-16 /‏ الام بسبب اعتدال محمد بن يزيد القرشى!!' وإسماعيل بن عبيد الله اللذين توليا 
حكومة المغرب بعد ال نصير على ما ذكرناه9؟) . 

وقد بلغ من توفيق إسماعيل فى إقرار السلام فى البلاد أنه لم يبق فى ولايته يومئذ من 
البربر أحد إلا أسلم »220 كما يقول ابن عبد الحكم » ولم يبالغ راويتنا الجليل كثيراً فى ذلك » 
فالواقع أن حسن سياسة إسماعيل وحرصه على نشر الإسلام قد كسبا للدين عدداً عظياً 
جداً من البربر » فلو قلنا إن ولايته ثبتت قدم الإسلام فى إفريقية ما بالغناء لأن المغرب 
أصبح بعد ولايته بلدا إسلامياً يغلب على أهله الإسلام0؟). 


وكان من سوء الحظ أن خليفته فى ولاية المغرب لم يكن يقاربه فى شىء من ذلك » بل كان 
رجلاً يمنياً جافياً شديد العصبية قليل الكياسة هو يزيد بن أبى مسلم كاتب الحجاج ؛ ولاه 
يزيد بن عبد الملك سنة ١١٠١ه/ ١0/٠١‏ ,الام على ما ذكرنا . ومن غريب الأمر أن يزيد بن 
عبد الملك أصحبه عبد الله بن موسى بن تصيرء وكان عبد الله قد عَزل عن المغرب وانتقل 


. 39-1320١ المفريزى : خطط ( طبعة فييت ) ج7” »صس‎ )١( 
: البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب . طبعة فستتفلد تحت عتوان‎ : « 
,نهلك علاعداطدعة وعالعلعد ناعع2اء معنو زعم وذ عقل معطاعن عمد ل لممططم ,2ل لعا لالع اخطناها‎ 
جم .1847 ,معجعصنناعم)‎ 39-40 . 
. » وهى ترجمة لكديب المقريزى 3 البيان والإعراب عما يأرض هصر من الأعراب‎ 
. 777 (؟) ابن عبد الحكم : فتوح ص‎ 
. 4 ابن خلدون ( طبعة نوبل دى فرجير ) ؛ ص‎ 
. نفس المصدر والصفحة‎ )5( 
1 ١902-1914 ص‎ . ١ ابن ناجى : معالم الأيهان » ج‎ )4( 
. 77-5717 .ص‎ ١ اين عذارى : البيان المغرب ء ج‎ 


١‏ مصاعب الحكم ف المغرب بعد موسى بن نصير 


إلى المشرق فى سنة 45ه/ 5١/1م(21»‏ ولسنا ندرى السبب فى ذلك التصرف من يزيد » وربم| 
أراد منه أن يكون عبد الله - با له من الخبرة بالبلاد والمعرفة بشئونها -عوناً ليزيد بن أبى 
مسلم فى شؤونه » ولكنه أخطأ التقدير » لأن عبد الله كان موغر الصدر من بنى أمية ينتظر 
الفرصة للاقتصاص منهم ب فعلوا بآ له وبه هو نفسه . 

يحسبون أيام عزهم قد عادت » فساور الخوف نفس يزيد بن أبى مسلم من هذه المكانة التى 
كانت لبنى نصير» وأدركته الغيرة مما رآه من منزلة عبد الله بن موسى فى نفوس أهل البلاد» 
فأحب أن يُبِّضه إلى نفوسهم » وأن يضعه فى مركز حرج . فطلب إليه أن يقوم بإعداد العطاء 
اللازم للجند ححس سنين من ماله » ثم أمره أن يلزم داره("2 » وأعقب يزيد ذلك بالشدة 
البالغة مع موالى بنى نصير من البربر » فوضع يده عليهم » واعتبرهم جزءا من الخمس يتبع 
لبيت المال ويؤول لعامل المغرب » وأحصى أموالهم وأولادهم » وجعل نفرأ من هؤلاء 
الموالى حرسه وبطانته » وأراد أن يقضى على كل أثر جاه بنى نصير فى إفريقية 

ومواليهم » بل توسع فيه حتى شمل به البربر أجمعين » وأراد أن يسير فى البربر بسيرة مولاه 
الحجاج فى أهل العراق » وفاته أن معظم من اشتد عليهم من البربر كانوا من البتر وزناتة » 
أى من البربر الذين انضموا للعرب من أول الأمر وقدموا إليهم أخلص العون . ثم حفزه 
سوء الرأى إلى أن يتخ قرا كان فيه حتقه : قور أن يَشِمٌ حرسه البربر فى أيديهم » فخطب 
الناس فقال : ١‏ نى إن أصبحت صا حاً وشمت حرسى ف أيديهم كما تصنع الروم » فأشم فى 
بد الرجل الى اسمه وق ايسرى 5 حرس * رفوا بذك م خي هم" إسراق مه ق 
الاستخفاف بالبربر وطلباً للون من الأببة لم يعرفه العرب قبل ذلك . فثارت تفوس اليربر 
لذلك ودبروا قتله » وكان عبد الله بن موسى بن نصير يؤلبهم عليه ويزيد تفوسهم ثورة 
واضطراباً » وبتحريضه قتل يزيد بن أبى مسلم ء اغتاله حرسه فى سنة 5١٠١ه‏ / 0/7١‏ 
اكلام. 

)١(‏ ابن عبد الحكم : فتوح . ص 7١7‏ ولا يؤيد ابن عبد الحكم فى القول بهذا مؤرخ آخبر ء ولكننا تقيل روايته لأنها أقدم 
مالدينا . ولم يتحدث أحد من المؤرخين المغربيين عن هذه الناحية بتفصيل يعيننا على تعرف الواقع . 

(؟) ابن عبد الحكم : فتوح » ص 515 ؛ ولا يبعد أن يكون ذلك بإيعاز من يزيد بن عبد الملك ٠‏ لأنه كان يعتقد - مثئل 
أخيه سليهان - أن بنى نصير اجتبوا أموالاً جسيمة وأخفوها عن الدولة حتى لا تتقاضاهم إياها . 


() ابن عبد الحكم : فتوح » ص 7١54‏ . وراجع تعليق فورنل على ذلك : 
. 8 عام ,271 .م .1آ روعمغطاعظ دعا , ماعلل 2018 : 0 


مصاعب الحكم فى ا مغرب بعد موسى بن نصير ١‏ 





وأقام أهل إفريقية قاضيهم المغيرة بن أبى بردة القرشى والياً حتى يأتيهم رأى خليفتهم 
يزيد بن عبد الملك( » فلم) بلغ يزيد نبأ مقتل يزيد بن أبى مسلم أمر عامله على مصر بشر بن 
صفوان أن ينهض إلى إفريقية ويخلّف مكانه أخاه حنظلة("2. فدخل بشر إفريقية فى نفس 
فقتله("» وتتبع أموال بنى نصير بالاستقصاء وأنصارهم بالتعذيب » وعزل عن الأندلس 
الحر بن عبد ال رحمن الثقفى وولى مكانه كلبياً يمنياً هو عنبسة بن سحيه!؟). 

وظل بشر عاملاً على إفريقية بقية خلافة يزيد وجزءاً من ولاية هشام حتى توف فى شوال 
سنة 4١٠١ه/‏ /71/ا-18الام واستطاع أن يبدىء أمورها بسبب ما أسرف فيه من استعهال 
القسوة البالغة *» ؛ ولم يسرف أحد من عمال بنى أمية الكلبيين فى العصبية لقومه ىا فعل 
بشرء فقد اشتد فى ذلك شدة ملأت نفوس القيسيين عليه حقداً » وغدوا يترقبون موته بنافد 
الصبر » وكان هو نفسه يشعر بذلك »ء ومن دلائل هذا ما يذكره المالكى من أن جارية من 
جوارى بشر قالت وهو يعانى سكرات الموت  :‏ يا شماتة الأعداء ! فقال لها : قولى للأعداء 
لايموت !4 حتى لا يستطيرهم الفرح . 


وكأن بشراً خشى أن يقيم هشام على البلد رجلاً قيسياً بعده » فترك عليها العباس بن 
باضعة الكلبى والياً ورجا أن يثبته هشام فى الولاية . ولكن هشام بن عبد الملك انتهز فرصة 
وفاته ليولى مكانه قيسياً هو عبيدة بن عبد الرحمن » وقد وقم دخوله إفريقية على نفوس 
الكلبية موقم الصاعقة » حتى أن رأسهم العباس بن باضعة خارت قواه ولم تحمله رجْلاه 
حين) بلغه النبأ» ( ١1١1١ه/‏ 9-18 الام) . 


(1) ول يستقر المغيرة فى الولاية إلا قليلاً » لأن ابنه خوفه من أن يظن الخليفة أنه شارك فى قتل يزيد ين مسلم إذا وجده 
واليآ مكانه . فاعتزل ١‏ وولى أهل إفريقية مكانه محمد بن أوس الأنصارى . وكان بتونس على غزو بحرها ء فأرسلوا 
إلبه فولوه أمرهم . ثم عزله يزيد ببشر بن صفوان . 

اين عبد الحكم : قتوح .ص 5١5‏ . 

() . 1875 مصعم ماع00 رز مع] نلعط ععل اتعل تمجمعام نزعط صمب ععالمطاتماك طاط .طاع ع لاع 1 كناللها بآ 

() ابن عذارى : البيان» ج ”؟ . ص32 . 

(5) تفس المصدر والصفحة . 

(6) ابن عذارى : البيان» ج١اء‏ ص ”3 . 
ابن الأبار : الحلة السيراء . ص 57 . 

(1) ابن عبد الحكم : فتوح »ص 3١01‏ . 


١‏ المغرب أثناء خلافة هشام بن عبد الملك - عبيد الله بن الحيحاب 


رن وم يكن عبيدة بن عبد الرحمن على اقتداره وحسن رأيه بأحسن معاملة 
نناء خلافة مم للبربر من سبقوه » فقد أسرف فى مغازأة من بعد من قبائلهم وسبى نسائهم 
ابن عبد الملك حتى ليقال إنه عندما بارح إفريقية يريدالمشرق سنة5١اه/‏ ؟"8لا- 
لفت ”الام « كان فيا خرج به من العبيد والإماء ومن الجوارى المتخيرة 
شيف جارية » وغير ذلك من النصيان والخيل والدواب والذهب والفضة 
والآنية © 297 مما يدل على عسفه للناس وشدته معههم7("؟ » وكان إلى ذلك شديد الوطأة على 
كل من انتمى إلى آل نصير من العرب اليمنية والبربر الزناتية » فآذى نفراً كبيراً منهم . وكاتوا 
من كبار أهل البلاد وأصحاب السلطان على نواحيهه”". 

بيد أن عبيدة كان يشعر أن الحال فى إفريقية لم يكن على ما يرام » وأن ريح الثورة كانت 
غيت غل الثلاه: بسب سوء سياسته وسياسة من سبقة من ولاة إفريقيةء وهذا سال هشاماً 
أن يعفيه من الإمارة لغير سبب ظاهر » فأعفاه » وبارح إفريقية إلى المشرق بعد أن غل من 
المغرب من المال شيئاً كثيراً » وبعد أن استبد بالبربر وباليمنية استبداداً بالغاً. 


«ه-عبيد ييه وأقام هشام عامله على خراج مصر عبيد الله بن الحبحاب الذى ذكرناه والياً 
ابن الحبحاب على إفريقية والأندلس فى ربيع الآخر سنة 7١١ه/‏ "لام وبهذا أصبح هذا 
الرجل يحكم غرب الدولة الإسلامية كله من حدود مصر إلى جبال البرت » وهى مساحة 
تزيد على نصف الدولة الإسلامية كلها . وكان بسط سلطان ابن الحبحاب على هذا النحو 
خطأ فادحاً . لأن الرجل كان رغم ثقافته الواسعة قيسياً مبالغاً فى قيسيته7؟ » ثم إنه كان إلى 
. ذلك بعيداً عن الكياسة وبُعْد النظر اللازمين لرجل تُوكل إليه أمور مثل هذا الملك الشاسع 
يفعل به ما يريد . 


(١)نفس‏ المصدرء ص 7١7‏ . 
)١(‏ ابن الأبار : الحلة السيراء ( طبعة دوزى )»ص 58 550 . 
(7) ابن عبد الحكم : فتوح . ص 7١7‏ . 
الأخبار المجموعة ص 737-7١‏ . 
ابن عذارى : اليان المغرب . ج ١‏ ٠ص‏ 79. 
النريرى : نهاية الأرب » ص ”7” . 
السيوطى : تاريخ الخلفاء ( طبعة القاهرة ) خلافة هشام بن عبد الملك : ص 18 - 594 . 
(4) النويرى : نهاية الأرب . ص ”77 . 
المفريزى : خحطط ( طبعة فيبت )» ج لاء ص 27-51١‏ . 


عبيد الله بن الحبحاب ه١1‏ 





كان أول ما قعله عبيد الله هو أن قسم ولايته على بنيه وأنصاره : جعل ابنه إسماعيل على 
السوس »ء وولى ابنه عبد الرحمن على مغازى السودان » وجعل على طنجة رجلا من أتباعه 
يسمى عمر بن عبد الله المرادى » وجعل على الأندلس عقبة بن الحجاج السلولى » واحتفظ 
لنفسه بإفريقية لكى يكون فى مكان قريب من المشرق يستطيع أن يدير منه ولاياته جميعاً('). 

وكان عبيد الله بن الحبحاب كغيره من القيسية شديد العصبية العربية لا يكاد يقيم لغير 
العرب وزنا » فجعل يعسف البرير لا يكاد يحفل لمشاعرهم » وجعل كذلك يتتبع من وجد 
من اليمنية لا يكاد يعفيهم من عذاب شديد » وامتد أذاه إلى أتباعهم ومواليهم وفيهم أنصار 
بنى تصير الغاضبون لما أصاب هذا البيت الكبير من الأذى على يد هؤلاء القيسيين » وكان 
من هؤلاء رجل يسمى عبد الأعلى بن جُريْح الإفريقى وكان أصله رومياً » وكان مولى لابن 
نصير » وكان قد كوّن لنفسه عصبية بربرية كبيرة فى نواحى طنجة0). 

فإذا بلغ عسف القيسية ورئيسها فى الغرب الإسلامى كله عبيد الله بن الحبحاب هذا 
المبلغ » فقد بدأت أنفس البربر تتطلع إلى الخلاص » ولو قد كان عبيد الله وعماله على شىء 
من بُعْد النظر لاستشعروا اضطراب النفوس ف المغرب جميعه » ولكنهم كانوا كا قلنا 
لا يكادون يحفلون لمشاعر هؤلاء البربر » حسباناً منهم أنهم لن يستطيعوا قَبَلّهم شيئاً » ويبدو 
أن قضاء ابن الحبحاب على ثورة أهل مصر قبل ذلك قد هوّن فى نظره شأن غيرهم من 
الشعوب التى كانت خاضعة لحكمه . 

وبلغ من استخفاف ابن الحبحاب بالبرير أن أراد اعتبارهم جميعاً فيئاً للمسلمين » من 
أسلم منهم ومن لم يسلم » وكان الولاة قبله يقصرون هذا اللون القاسى من المعاملة على من 
لم يسلم من البربر » من استأمن منهم ومن لم يستأمن ٠‏ فأبى عبيد الله إلا أن يزيد الأمر سوءاً 
بوضع مسلمى البربر موضع العبيد الذين يملك المسلمون رقابهم » ومضى ف تنفيذ ذلك » 
فكتب إلى رجاله بحص ر حمس العرير واعتيارهم رقيقً9) ٠‏ ولم يكن عبيد الله ليستطيع أن يُنقر 
البرير ويسىء إليهم بأكثر من هذا ء فهؤلاء قوم أسلموا ومنهم من اشترك فى جيوش 
المسلمين غازياً واندرج اسمه فى الديوان » فكيف يعتبر بعد ذلك عبدا رقيقا ؟ 
(1) ابن عبد الحكم : فتوح ءص 317 . 


(؟)ابن عبد الحكم : فتوح .ص 3١8‏ . 
(") النويرى : نهاية الأرب .ج١ا‏ »عن 784 


١‏ عبيد الله بن الحمبحاب 


ولو اقتصرت المعاملة السيئة على البربر ونصارى الأندلس وحدهم لكان من الميسور 
تلان الخطر إذا بقى العرب جميعاً يدا واحدة - وهم لم يكونوا قليلين فى إفريقية والأندلس - 
ولكن ابن الحبحاب كان مسرفا فى قيسيته لا يكاد يعفى اليمنيين من شر » فتغيرت نفوسهم 
عليه » ولما كان أكثر عرب البلاد يمنيين » فقد وقف القيسيون بسبب سياسة رئيسهم ابن 
الحبحاب من أهل البلاد جميعا - عربا وغيرعرب - موقف العدوء وغدا هؤلاء لا يتتظرون 
إلا الفرصة الملائمة لينقلبوا على ابن الحبحاب والقيسية » بل على العرب جملة . 

ولم يكن الدعاة الذين تحدثنا عنهم يتتظرون فرصة هى أعظم من هذه » فنفوس أهل 
البلاد تغلى والعرب منقسمون على أنفسهم . وليس أهون عليهم فى مثل هذا الظرف من 
توجيه البربر وإرشادهم إلى طريق العمل . وسنرى من حوادث الثورة التالية أنها كانت 
مرتبة مقدرة » وأن أيدى محركيها من خوارج العرب كانت ظاهرة لا تحتاج إلى طويل بحث » 
وأغلب الظن أن هؤلاء الخوارج وفقوا فى إقناع البربر بأن الله لم يقصر حق القيادة والإمامة 
على العرب وحدهم » بل جعله حقاً مطلقاً لكل مسلم صالح . وأن حكام العرب حادوا 
عن الطريق القويم » وأمهم - أى البربر - إذا وثبوا بالعرب لم يكونوا فى ذلك إلا منفذين 
لتعاليم الإسلام كا وردت ف القرآن » وسنرى ذلك بوضوح حين) يعلن رئيسهم ميسرة 
نفسه إماماً ويتسمى بالخلافة » وحينما يرفعون المصاحف على الأسنة )ا كان خوارج المشرق 
00 

ويبدو أن أعداد هؤلاء الدعاة من الخوارج كانت عظيمة فى المغرب . لأن الأمان عند 
قبائله وفى شعابه كان مضموناً لهم » ولأن البربر كانوا ساخطين تتأجج نفوسهم بالثورة على 
العرب . فكثر مجىء هؤلاء المخوارج إلى المغرب واختفاؤهم بين قبائل البربر » ولم يلبثوا أن 
قلبوا المغرب كله رأسا على عقب . 

ولما كان هؤلاء الدعاة لايستطيعون أن يقيموا فى إفريقية أو فى المغرب الأوسط لقرب 
هذه النواحى من مقام عامل بنى أمية فى القيروان » فقد تخيروا لمقامهم ولدعواتهم نواحى 
المغرب الأقصى البعيدة : إقليم طنجة ونواحى السوس الأقصى بوجه خاص » إذ كانت 
هذه النواحى موطن أكبر القبائل الزناتية » وأكثرها استعدادا للثورة وهى برغواطة ومكناسة 
وانضمت إليها كذلك أعداد قليلة من مصمودة . 


(١)الأخبار‏ المجموعة. ص 7” . 


ميسرة وبدء الثورة فى إقليم طنجة 1١1‏ 





؟ه-ميسرة 0 وكان فى القيروان إذ ذاك رجل من قبيلة مطغرة . يسمى مَيْسرة » وتتفق 
وبدء التورة ى معظم المراجع العربية على تسميته بالحقير أو بالحقور ء وتذهب إلى أنه كان 
إقليم طنجة 0 يبيع الماء فى مساجد القيروان(21 » وليس ذلك بصحيح . لأن ابن خلدون 
يؤكد أنه كان رئيس مطغرة 29 أو لعله كان ينتسب إلى بيت كبير من بيوت هذه القبيلة » 
ولأن ما سيل من الأحداث يدل على أنه كان رجلاً ذا عصبية لها خطرها ء والثابت أن 
ميسرة كان من رواد المجالس العلمية فى مساجد القيروان . وأنه كان ذكياً بعيد المطامع شديد 
الميل للمغامرة » فوجدت مبادىء الخارجية الصفرية سبيلها إلى نفسه فاعتنقها . ووقر فى 
نفسه أن ينشرها فى بلاده » واتجه بصره إلى مواطن مطغرة فى إقليم طنجة » فمضى إلى هذه 
الناحية واندسّ بين جماعات قومه مطغرة . وأخذ يكسب لنفسه الأنصار ويؤلبهم على 
العرب وحكامهم » فلم يلبث أن استه لهم إلى رأيه » فرفعوا راية العصيان . ولم تلبث الدعوة 
أن امتدت حتى شملت مكناسة » فأقبلت بجموعها وانضمت إلى ميسرة وقومه(0©. 

وم تلبث برغواطة أن أعلنت الخروج يقودها داعية خارجى لا نكاد نعرف عنه شيئاً 
وهو طريف بن شمعون بن يعقوب بن إسحاق ومعه ابن له غلام يسمى صالحاً9» . 
وانضمت القبائل الثائرة بعضها إلى بعض وجعلت تترقب الفرصة لإعلان الثورة والخروج 
على بنى أمية» وكان عامل طنجة لعبيد الله بن الحبحاب قيسيا شديد العصبية لقيس 
وللعرب هو عمر بن عبد الله المرادى » فمضى يعسف البرير لا يكاد يحسب لشعورهم 
حساباً » وكان ميسرة إذ ذاك نشيطاً فى دعوته » قأعاته جهل عمر بن عبد الله المرادى وسوء 
سياسته على كسب قلوب الناس . 

ثم سنحت الفرصة لميسرة وأصحايه للخروج على العرب علانية » ذلك أن عبيد الله بن 
الحبحاب أرسل قائده حبيب بن أبى عبيدة سنة 177ه/ #4لام (2) فى حملة إلى صقلية » 

البكرى : المسالك والمالك . ص ١74‏ . 

التويرى : تهاية » ج ١‏ ص 54 . 
(؟) اين تخلدون : العير ( طبعة دى سلين )» جا ١‏ ص ١5١‏ . 
(؟) ابن خلدون : العبر ( طبعة دى سلين ). ج ١‏ ص 15397. 
(؟) البكرى : المسالك والمالك » ص 176 . 


(5) ابن خلدون : العبر ( طبعة دى سلين ) . ج١‏ ص ١5١١‏ 9 
ابن عذارى : البيان المغرب » ج١‏ ص 738 . 


م4١‏ 03 هيسرةوبدء الثورةفى إقليم طنجة 





وأصحبه خيرة جنده » فعجل ميسرة وأصحابه ينتهزون فرصة ابتعاد جند عبيد الله بن 
الحبحاب فيها وراء البحر » فجمعوا أنصارهم » وتسارعوا نحو طنجة وواليها عمر بن 
عبدالله المرادى ٠»‏ واستولى ميسرة عليها وقتل المرادى » وانضم إليه عبدالأعلى بن جريج 
الإفريقى ومن معه من الأفارقة وموالى بنى نصير » فأقامه والياً على طنجة . ثم سار إلى 
نواحى السوس واستهولى عليها » وقتل واليها إساعيل بن عبيد الله بن الحبحاب ». وبهذا 
خرج المغرب الأقصى كله من يد الأمويين » وتحرج مركز عبيد الله بن الحبحاب فى إفريقية 
وساء مركز المسلمين فى الأندلس23(7). 

وجمع عبيد الله بن الحبحاب نفراً من خيرة جنده وقوّد عليهم رجلاً من كبار عرب 
إفريقية هو خالد بن حبيب الفهرى . وبعث إلى حبيب بن أبى عبيدة يتعجل عودته » فلم 
يكد يعودء حتى بعثه ومن معه من اند ليشدوا أزر خالد » والتفى العرب بقوات ميسرة 
على مقربة من طنجة » فانهزموا وقُتل منهم نفر عظيم » وعاد ميسرة إلى مركزه فى طنجة 
منصوراً » ثم ادعى الخلافة وتسمى بها وبويع عليها("). ويبدو أن النصر ذهب يصوابه » 
فأساء السيرة فى جماعته » فلم يلبثوا أن قتلوه وولوا مكانه واحداً من كبار رؤسائهم هو خالد 
ابن حميد الزناتى » وكان خيراً من ميسرة وأقدر1717()77١ه/ ١-14‏ ؛ لام). 


وتحرج مركز ابن الحبحاب فى إفريقية » فبعث إلى عقبة بن الحجاج السلولى عامل 
الأندلس يطلب إليه الإسراع لعونه بمن يستطيع من الجند » فأسرع الرجل وحاول مهاجمة 
مواقع البربر فى طنجة فلم يستطع » وعاد أدراجه9؟). 


7515-71١8 انظر عن ميسرة : ابن عبد الحكم : فتوح . ص‎ )١( 

ابن القرطية : اقتتاح »ص ١5-١4‏ 

ابن عذارى : البيان . ج١اء‏ ص 79 

ابن الأثير : الكامل . جة؛ ص ”1 ١‏ 

ابن خلدون : العبر (طبعة دى سلين ) . جاء عن لا١‏ و2181 
)١١(‏ النويرى : نباية الأرب »ص 8 "70-1 . 
(7) ابن عبد الحكم : فتوح » ص 7١4‏ 5 

هنا يحاول فورنيل الدفاع عن ميسرة » على عهده من امتداح كل ثائر على المسلمين » ويبدو فى هذه المناسبة افتعاله 
وتكلفه بصورة واضصة جدا : 

288-89 .مم . [ وعقغط8 دوعا 2010100181 [طلزط ام 4 

2 . 302 عرض 61 ردن .11آلا بدلدئعة5 ملفوكط بصم زصمعطت ,01810015 مهم 1]2011 15 


هزيمة الأشراف أوائل سنة 177ه(140/ 41لام) ١:4‏ 





؟»-هزيمة ١‏ وجيّش ابن الحبحاب جيشاً آخر احتفل فى تكوينه وجعل فيه نفراً عظيماً من 
لاشراف أواش ١‏ أشراف عرب إفريقية والظاهرين منهم » ورمى بهم قوات خالد بن حميد 
سسنة ؟؟اه الزناتى » فلم يكد هذا الجيش العربى - يقوده خالد بن حبيب الفهرى - 
للا /اكلام) يقارب طنجة ويلقى العرير ويشتد القتال بينه وبينهم حتى فجأه خالد بن 
حميد من خلف بعسكر عظيم » فانهزم بعض أصحاب خالد بن حبيب وكره هو أن ينهزم » 
فألقى بنفسه هو وأصحابه فى أوار المعركة » فقتل هو ومن كان معه ولم يسلم منهم أحد : 
«وقتل فى هذه الموقعة حماة العرب وفرساهها » فسميت وقعة الأشراف وانتقضت البلاد 
ومرج الناس . واختلفت الأمور على عبيد الله » فاجتمع الناس وعزلوه عن أنفسهم1(0) . 

وبلغ ذلك هشام بن عبد الملك فغضب غضبة ١‏ مضرية » لفظاً ومعنى » وقرر إرسال 
جيش عربى عظيم إلى إفريقية ليؤدب اليربر ويقضى على ثورتهم » وعزل عبيد الله بن 
الحبحاب فى جمادى الأولى سنة 177/ ./5٠‏ وقد أصاب بعزله إياه » لأن الرجل كان قد 
تمادى فى سوء التصرف بعد هذه الهزيمة ٠‏ وكان دافعه الأول إلى ذلك الرغبة فى الانتقام لمقتل 
ابنه إسماعيل9؟). 

ويبدو أن ابن الحبحاب شك ف أن لعرب إفريقية يدا فى هذه الزيمة » فاتهمٌ نفراً منهم 
بأنهم اتفقوا مع البربر والأفارقة على إيقاع ال مزيمة بجيشه » وكانت جماعة من هؤلاء العرب 
الإفريقيين تقيم فى تلمسان يرأسها موسى بن أبى خالد » أحد موالى معاوية بن حديج أحد 
كبار قادة العرب الذين ساهموا فى فتح إفريقية بنصيب كيير » وكان عامل تلمسان ٠‏ وقد 
اجتمع عليه من تمسك بالطاعة . فقبض عليه ابن الحبحاب وقطع رِجْله ويده 76" ثأراً لمقتل 
ابنه إسماعيل فأثار على نفسه بذلك العرب الإفريقيين أجمعين . ودفعهم إلى الخروج عليه 
صراحة » واضطربت أمور البلاد كلها . وكان هذا - فى الغالب - هو ما حدا بهشام بن عبد 
الملك إلى الإسراع فى عزل ابن الحبحاب واستبدال غيره يه(؟؟» وتم ذلك فى جمادى الأولى 
سنة *101737ه/ ١1لام.‏ 
)١(‏ النويرى : نهاية الأرب . ج١‏ ص 80”. 
١)1(‏ وبلغ ذلك هشام بن عبد الملك . فقال : أقتل هؤلاء الرجال الذين كانوا يقدمون علينا من الغرب ؟ قيل : نعم 1 
فقال : والله لأغضبن لهم غضبة عربية » - نفس المصدر والصفحة . 
(*) ابن عبد الحكم : فتوح .ص 3١8‏ . 


(4) نفس المصدر والصفحة . 
النويرى : نهاية الأرب: ص 58 . 


ه6١‏ كلثوم بن عياض القشيرى (117ه/ 4١‏ لام) - العرب الإفريقيون 





كلثوم بن استقر رأى هشام بن عبد الملك على أن يعهد فى ذلك إلى رجل من زعماء 
عياض القشيرى القيسية توسم فيه القدرة وبُعْد النظر وهو كلثوم بن عياض القشيرى » ولم 
(0اه/0»م) ١‏ يكن هشام بأحسن حظأً فى هذا الاختيار منه يوم عهد فى إفريقية والأندلس 
إلى ابن الحبحاب : كان كلثوم بن عياض قيسيا شديد الاعتداد بقيسيته » وكان فى نفسه إلى 
جانب ذلك غرور جعله يظن أن البربر قوم لا حيلة لهم فى الحرب ٠»‏ وأنهم إذا كانوا قد 
اتتصروا على عبيدة بن عبد الرحمن وعلى عبيد الله بن الحبحاب » فإنما يرجع ذلك إلى جهل 
هذين وقلة اقتدارهما . وكان الخليفة قد أوسع عليه فى النفقة » وأمر عمال مصر وطرابلس 
وإفريقية أن ينضموا إليه بكل ما يستطيعون من رجال وخيل وعدة » فزاده ذلك غرورا . 
خرج كلثوم بعدد عظيم من دمشق وم بمصرفاستصحب عدداً من خيرة جندها وكذلك 
فعل بطرابلس وإفريقية: فاجتمع له جيش عظيم )١(‏ جعل على مقدمته قائد خيله بلج بن 
بشر القشيرى(2 . 

وكان فارساً شهماً إلا أنه كان أشد غروراً وعصبية من كلثوم » وجعل على رجالته تعلبة 
ابن ثوابة الجذامى » وكان من غلاة القيسية كذلك. 

ويبدو أن كلثوماً عوّل على القتال حتى اموت » لأنه أوصى بأن يخلفه بلج فى القيادة إذا 
أصابه شىء » فإذا قتل بلج خلفه ثعلبة بن ثوابة . 
ده -العرب)- كان جند إفريقية إذ ذاك مواقفين للبربر بناحية طنجة فى انتظار المدد من 
الإفريقيون دمشق » وكانت نواة هؤلاء الجند جماعة من العرب.طال بهم المقام والعمل 
فى إفريقية حتى أصبحوا يعتبرون أنفسهم أفارقة لا يطمئنون إلى أحد من القادمين من 
المشرق » مثلهم فى ذلك مثل عرب الأندلس إذ ذاك : كانوا يعتبرون أنفسهم « أهل البلد » 
ويتسمون بالبلديين ؛ وقد تكونت جماعات العرب الأفارقة من جند العرب الأوّل الذين 
استقروا أثناء الفتح أو بعده في| راقهم من نواحى المغربه . 





. 7١8ص‎ . ابن عبد الحكم : فتوح‎ )١( 
”06 ص‎ + ١ (؟) ابن عبد الحكم : فتوح .ا ص 519 577 ويقال إن بلجاً كان ابن أخيه : النويرى ء نباية الأرب » ج‎ 


وراجع تعليق فورئل على هذا الجيش : 
. 292 يمآ : وعرغطنع8 وعدا ماطظ8نا 20 1[ 


ويقتصر ابن عذارى فى الجز ء الأول من تاريخه على ذكر عدد الشاميين فى هذا الجيش وهم ١١‏ ألفاً من الفرسانٍ 

كان يقودهم بلج بن بشر ( البيان» ج ١‏ » ص78 ) » شم يذكر فى الجزء ء الثانى أن عدة الجيش كله كانت + ألفاً 

اد لض ٠‏ ويؤيده فى ذلك ابن القوطية ( افتتاح الأندلس ص ١4‏ )؛ أما ابن حيان. فيجعل عدة الجيش 
(7١ ,‏ أورد تلك الرواية المقرى فى نفح الطيب . ج 5 . ص 475 


العرب الإفريقيون ١6١‏ 





وقد جرت عادة هؤلاء العرب أن يستقروا فى النواحى بمن انضم إليهم أو صار فى 
ولائهم من البربرء فاعتيروا مواليهم واندجوا فيهم مع الزمن » ومبهذا كثرت جموع هؤلاء 
العرب الإفريقيين البلديين وأصبحوا قوة سياسية لما خطرها . ولما كان هؤلاء العرب الأوّل 
هم الذين فتحوا البلاد » فقد أصبحوا يعتبرون أنفسهم أصحابها وملاك نواحيها ء لا يكاد 
يجرؤ غيرهم من غير قبائلهم على الاستقرار معهم فيها . ووفد إليهم من بلاد العرب طوائف 
من أبناء عصبيتهم وانضموا إليهم فاشتدت بهم سواعدهم ء ولما كان معظم من شارك فى 
فتح إفريقية من العرب يمنيين فقد كثر جمع اليمنيين فى إفريقية » كما كثروا فى الأندلس » 
وانضمت إليهم جماعات من البربر الزناتية » وأخذوا ينظرون للقيسيين خاصة نظرتهم إلى 
عدو دخيل . 

ومن هنا نفهم السر فى هذا التفور العنيف الذى أظهره عرب إفريقية البلديين عندما أخذ 
ولاة القيسيين يتعاقبون على إفريقية تصاحبهم جماعات قيسية قليلة تريد الاستقرار فى البلاد. 
ولنضف إلى ذلك أن عدداً عظيراً من فاتحى إفريقية أنشأوا فيها أسراً من أهلهم وذريتهم» 
فأصبحت هذه الأسر مع الزمن ذوات جام وسلطان بنضل من التف حوفا من العرب 
والموالى والأتباع » وأصبحت لحا رياسة على جماعات العرب والبربر فى النواحى التى 
استقرت فيها » ومن بيوت هذه الأسر بيت بنى عقبة بن نافع وكان أقواها وأعظمها . وبيت 
معاوية بن حديج » وبيت بنى نصير . وكان هذه البيوت الثلاثة النصيب الأوفى من السلطان 
فى إفريقية خلال العصر الأموى . بل صارت الأمور أخيرا إلى بيت عقبة بن نافع تمثلاً فى 
شخص عبد ال حمن بن حبيب بن عقبة(؟) , 

وكان هؤلاء العرب الأفارقة : البلديون » مقيمين جماعات » كل جماعة فى ناحية عليهم 
رئيس منهم يقوم بشئون الإقليم لحساب عامل إفريقية فى القيروان . وقد سجل المؤرخون 
لنا منهم جماعات قوية ى طرابلس وسَرّت وقايسس والقيروان » ومن شخصيات هؤلاء 
(١)راجع‏ تراجم : عقبة بن نافع » ورويفع بن ابت الأنصارى . ومعاوية بن حديج ١‏ وربيعة بن عباد الديى . وزياد بن 

الحارث الصدائى » وأبى عبد الرحمن بن بسر بن أرطأة . وأبى عبد الرحمن عبد الله بن زيد ( الإفريقى ) ومن بعدء 
من التابعين ى: 


الدباغ : معالم الإيران ء ج ١‏ ء ص 54 وما يليها . 


10 ثورة البربر على العرب فى طرابلس 





الغفارى » ومسلمة بن سوادة القرشى (القيروان ) » وصفوان بن أبى مالك ( طرابلس ) 
وسعيد بن بجرة الغسانى ( قابس) وحبيب بن أبى عبيدة بن عقبة بن نافع » ويبدو أنه كان 
رأس هؤلاء العرب الأفارقة جميعاً » وكان مقي إذ ذاك بيجموع من هؤلاء العرب عند طنجة 
مواقفاً لخالد بن حميد الزناتى زعيم البربر الثائرين وخليفة ميسرة27 . 

ولم تكن العلائق بين هؤلاء العرب الأفارقة النازلين مدائن إفريقية وأريافها وبين اليربر 
من أهل البلاد على ما يرام » لأن العرب جميعاً كانوا لا يطمئنون إلى البربر بعد هذه الحرب 
الطويلة التى كانت بين الجانبين أيام الفتح . ولأن العرب الأفارقة كانوا يعدون أنفسهم سادة 
البلاد وأهلها ء ولأنهم كانوا إلى ذلك عاد الحكام وولاتهم على النواحى » فكرههم البرير 
لذلك وحملوهم تبعات مظالم هؤلاء الحكام » وكان من هؤلاء العرب البلديين قدامى 
معظمهم من اليمنيين منذ أيام موسى بن نصير وبنيه وجُدَّد غالبيتهم من القيسية » وكان 
الفريقان متعاديين كما لاحظنا9؟؟. 

لهذا كان طبيعياً أن تكون ثورة البربر فى إقليم طنجة إيذاناً بثورة عامة جديدة من البربر 
جميعاً على من بين أظهرهم من العرب » سواء أكانوا من رجال الدولة وجندها أو عرباً 
مستقرين مسالمين . ومن هنا فإننا لا نستطيع القول بأن هذه الئورة كانت فى صميمها ثورة 
بربر على عرب » بل كانت فتنة عامة بين جماعات متنافرة » ولم يكن معظم المشتركين فيها 
يميلون إلى بنى أمية » وهذا فقد كانت الحركة فى جملتها فتنة إفريقية عامة وثورة على بنى 
أمية. 
7-ثورة البربر وصل كلثوم بن عياض إفريقية » ولم يشأ أن يريح بالقيروان » بل أراح ببليدة 


على العرب اق سَبيبة على مقربة منها ( شوال 77١ه/‏ أغسطس ١1لام‏ ) . ثم اتصرف 


(١)اين‏ عبد الحكم : فتوحمء ص 557-1519 . 

(؟) تذكر المراجم فى أخبار ولاية عبيد الله بن الحبحاب قصة تصور لنا هذا العداء بصورة واضحة » ملخصها أن عبيد 
الله لم يكد يلى إفريقية حتى قدم عليه عقبة بن الحجاج السلولى . وكان الحجاج - أبو عقية - قد أعتق الحارث جد 
عبيد الله » أى أن بنى الحارث - وهم بنو المبحاب وغيرهم - كانوا موالى الحجاج السلولى وبنى سلول » فقام اين 
الجبحاب لعقبة وشرفه » قأنكر أولاده ذلك » وخشوا أن يحط من قدرهم فى نظر عرب إفريقية » ولاموا أباهم فى 
ذلك. فاتتظر ابن الحبحاب حتى اليوم التالى » فلم| اجتمع الناس وعمر المجلس استقدم عقبة وأعلن إليه أمام الناس 
أنه وليه وخخاطب أولاده مؤنباً إياهم عل عقوقهم نحو الحجاج وبنيه » فخجل الأولاد من أنفسهم وهذا يدل على أن 
أولاد عبيد الله كانوا يعتبرون أنفسهم عرباً أفارقة » أى من أصحاب البلاد » فكرهوا أن يسودهم هذا المشرقى المقبل 
ويحط من قدرهم . وهم فى هذا يعبرون عن شعور العرب الأفارقة عامة نحو هن كان يقبل هن العرب » انظر : 
الأخبار المجموعة ‏ 951-/7ا؟ ‏ 


الخلاف بين العرب الأفارقة وكلثوم بن عياض ومن معه من القيية 1١‏ 


بجموعه إلى ناحية طنجة مخلفاً على إفريقية عبد الرحمن بن عقبة الغفارى ومسلمة بن سوادة 
القرشى . فلم يكد يبتعد عنها حتى نبض زعيم من زعماء زناتة يسمى عكاشة بن أيوب 
الفزارى - وكان من الخارجية الصفرية - فجمع جموعه بناحية قايس » وأرسل أخا له فى نفر 
من البربر ء فحصروا حبيب بن ميمون ومن معه من العرب فى سبرت » وأقام محاصراً لم 
حتى خف لنجدتهم صفوان بن مالك رأس عرب طرابلس ء فاتهزم البربر إلى قايس ٠»‏ وكان 
عرب القيروان قد علموا بالأمر وخموا مع أميرهم مسلمة بن سوادة إلى قابس لنجدة عرب 
هذه الناحية والقضاء على ثورة البربر ٠‏ والتقى الجمعان بأحواز قابس ٠»‏ فانهزم العرب 
وعادوا مفلولين إلى القيروان حيث أقيل البربر يحاص رونهم بها(1). 

بهذا زاد مركز عرب إفريقية حرجاً : انهزمت قواتهم عند قابس وحاصرهم البرير فى 
القيروان ء وانبزمت قواتهم عند طنجة قبل ذلك » وأقام خالد بن حميد الزناتى مواقفا لمن 
بقى منهم على نهر سبو ء وأخذ يُوْلِبٍ بقية البرير عليهم ويستعد لمعركة فاصلة جديدة بينه 
وبينهم . 

,هالجيدف 2 فى هذه الظروف العصيبة كان كلثوم بن عياض ومن معه يقتربون من طنجة 
نالعرب النادقة ليلقوا البربر . ولو قد كان كلنوم حسن السياسة لتودد إلى عرب إفريقية 
ومن معه من - وكسب قلوبهم حتى يقف العرب جميعا جبهة واحدة أمام الخطر الداهم » 
القيسية ولكنه لقى هؤلاء العرب بمعاملة نقّرتهم منه وصرقتهم عن عونه » وكان كيا 
قلنا قيسياً جافياً شديد الاعتزاز بنفسه: آنف أن ينزل القيروان وأراح فى سَييبة » ثم تقدم نحو 
طنجة وبعث يأمر حبيب ين أبى عبيدة رأس عرب إفريقية بأن يقيم مكانه لا يصنع شيئاً 
حتى يقدم عليه . وكان بلج بن يشر على مقدمة كلثوم كا قلنا ء وم يكن أقل عصبية 
ولا كبرياء من كلثوم ٠‏ فلم يكد يلقى عبيدة حتى أهانه وحقره ء وأعلن إليه أن الشامية قد 
عولت عل المقام فى إفريقية واتخاذها دارا » فحرّ هذا فى نفس الأفارقة وأخافهم على ما كان 
نهم من المكانة فى البلاد”"). وزادهم نفورا من بنى أميّة والشاميين عموماً . 

وبعث حبيب بن أبى عبيدة إلى كلثوم يشكو إليه ابن أخيه » فلم يلق عنده إنصافاً كافياً » 
فامتلات نفس أبى عبيدة بن عقبة بن نافع ونفوس من معه من العرب البلديين سخطاً على 





(١)ابن‏ عبد الحكم : فتوح ص 0_4 
(؟) ابن عذارى: البيانء جا ص١4‏ . 


١6‏ الخلاف بين العرب الأقارقة وكلثوم بن عياض ومن معه من الفيسية 





الشآمية وخوفاً منهم . ثم وصل كلثوم إلى نواحى طنجة ولقى حبيباً » فعامله نفس المعاملة 

التى عامله مها بلج قبل ذلك » وتقدم أبو عبيدة بن عقبة ( أبو حبيب ) يريد نصح كلثوم 

فرفض نصيحته وأهانه » وبهذا انقسم المعسكر العربى قبل المعركة إلى فريقين ينطوى أحدهما 
على اللدد نحو الآخر : فريق العرب الأفارقة على رأسهم أبو عبيدة بن عقبة وابنه حبيب بن 
أبى عبيدة وحفيده عبد الرحمن بن حبيب » وفريق الشآمية المقبلين وعلى رأسهم كلثوم بن 

عياض وبلج بن بشر » فكان لهذا الانقسام أسوأ الأثر فى مجرى الحوادث227. 
وكأنما أراد هشام بن عبد الملك أن يزيد الموقف تعقيداً » فأمر كلثوم أن يسير وفق 

التوجيهات التى يرسمها له هرون القرنى مولى معاوية بن هشام ومغيث الرومى مول 

الوليد » وقد أمره الخليفة بهذا بحجة أنه أعرف ببلاد إفريقية » ("2 وكان أولى به أن يأمره 
بالاتفاق مع العرب الأفارقة . لا بطاعة هذين الموليين اللذين سيزيدان الأمر تعقيداً 
وحرجاً. ويبدو أن هشاماً أراد أن يكونا رقيبين على كلثوم » لأن الجيش الذى كان معه كان 

عظيراً جداً . كانت عدته تبلغ السبعين ألفاً على بعض المؤرخين . 
وليس أدل على ما كان بين الحيين من النفور من أن العرب البلديين كانوا يغلقون أبواب 

مدنهم إذا سمعوا بمقدم الشآمية » ويبدو أن بلجا لم يدخر وسعاً فى زيادة نفورهم » فجعل 

يقول إنه إنما أتى ليستقر بمن معه فى إفريقية ى) ذكرنا . ولم يكن ليستطيع أن يثير نفوس 

الأفارقة بأكثر من هذاء لأن معظم من كان قد استقر فى إفريقية إلى الآن كانوا يمنية كلبية » 

وكان مجرد التفكير فى إقرار بضعة آلاف من القيسية الشامية معهم فى نواحيهم كافياً لإثارة 

نفوسهم وإذكاء نار العداوة فيها . هذا إلى أن القيسية كانت فيهم جفوة وقلة كياسة وشدة 
فى العصبية . فكانوا لا ينزلون بلدا إلا أثاروا أهله - عرباً أو غير عرب - هكذا فعلوا فى 

خراسان وفى شمال إفريقية وفى الأندلس . 

)١(‏ يقول ابن عبد الحكم فى وصف هذه الحالة النفسية التى سادت الجانبين : « وكان كلثوم حين خرج إلى البرير قد قدم 
بلج بن بشر القيسى على مقدمته فى الخيل » فلما قدم على حبيب رفضه وأهان منزلته . ثم قدم كلثوم فتلقاه حبيب 
فتهاون به أيضا ء ثم خطب كلثوم الناس على ديدبان له فطعن فى حبيب وشتمه وأهل بيته ... » - ابن عبد الحكم : 
فتوح .ص ١١4‏ - بل بلغ من اضطراب النفوس أن دار القتال بين الجانبين قبل أن يلقوا البربر » ولم يستطع كلثوم 
إقرار السلام إلا بعد جهد . وكان بلج بن بشر من أكثر الناس عصبية لقيسيته » وهو المسئول عن كثير مما تزل 
بالعرب فى إفريقية والأندلس من البلاء فى ذلك الحين . 


ابن عذارى : البيان » ج١‏ ٠ص‏ ١غ-‏ 15. 
(؟) الأخبار المجموعة . ص 7١‏ . 


هزيمة العرب عند بشدورة ١5‏ 
تا ات ل لي ييبيبيبيبحيحححيحيبيِِ 99 سس _ سس بيب بح 


«ه-هزيمة على هذه ا حال التقى الجيش العربى مع البربر يقودهم خالد بن حميد الزناتى 
العرب عند عند بليدة تسمى بقدورة أو نقدورة على مقربة من تاهرت قرب مصب نهر 
بقدورة مَلَوِيّه(21 . وقد رأى هرون القرنى ومغيث الرومى أن أعداد البربر عظيمة 
جداً. وخافا على العرب منها » فنصحا كلثوماً بأن يضرب حول معكسره خندقاً . ولكن 
الغرور ملا نفس بلج ء وظن أنه إذا جال بخيله لم يلبث البربر أن يتفرقوا . وغاب عنه أن 
البربر قوم ذوو جلد على الحرب وحيلة ف الميدان» فصنعوا أكياساً من الجلد ملأوها 
بالحجارة » وأخذوا يقذفونها على رؤوس الخيل » فنفرت وروعت . ولم يستطع الفرسان 
القتال عليها » فأمرهم كلثوم أن يترجلوا ء ولم يكن البربر يرجون خيراً من ذلك » فانقضوا 
على العرب وأحاطوا بهم » وأعملوا فيهم السيوف . وتبدت طلائع الهزيمة لكلثوم » 
فخاطب حب ون أى بده رع رظي عله قاذة لكيه وعالاسطنيب ١‏ تلاك رن تم 
اشتد القتال وأحاط البربر بالعرب حتى كادوا يأتون عليهم أجمعين . فلما رأى حبيب ذلك 
عزم على الاستشهاد وأوصى ابنه عبد الرحمن أن يلزم بلجا وقاتل حتى قتلء وهكذا أبدى 
هذا العربى الفهرى من الشهامة والبسالة ما يملك النفس » وراح ضحية شدة القيسيين 
و عصبيتهم . 
وكان بلج قد رفض أن ينزل عن جواده وبقى معه نحو عشرة آلاف , فحملوا على البربر 
فى عنف حتى اخترقوا صفوفهم ووصلوا خلفهم . ثم استدار لهم البربر وكاثروهم حتى 
اضطروهم إل القرارة فقروات يكدميع يلج بق اتجاه طنجة . وأما بقية العرب فقد أحاط 
بهم البربر واشتدوا فى قتلهم حتى قتل هرون ومغيث وحبيب بن أبى عبيدة وكلثوم نفسه . 
اعت المعركة بهزيمة كبرى للعرب » حتى ليؤكد المؤرخون أن ثلث هذا الجيش العربى 
الكبير قد قتل وأن ثلثه الآخر راح أسيرا » وأما الباقون فقد تفرقوا فلولاً مهزومة لا تكاد 
لكام رركي علات عون كان جه للق رمد عب اران ىقباو نعل و ملؤية رو اذاي 
خلدون: العبر. ج١1‏ .ص 16757 )ء ويذهب ابن عذارى وابن خلدون إلى أنها كانت على نهر سبو ( ابن عذارى : 
البيان » ج١‏ ص 47 ء وابن خخلدون : العبر . ج ١‏ ص 158 ) ؛ أما صاحب الأخبار المجموعة فيذهب إلى أن 
الموقعة كانت عند بليدة تسمى نقدورة أو بقدورة ( الأخبار . ص )7١‏ . وجعلها ابن القوطية بفدورة ( بالفاء ) - 
انظر الافتتاح »ء ص 15 ء ولم نجد بليدة بهذا الاسم فى هذه الناحية من إفريقية ٠‏ وربها كانت صحة الاسم بقدورة 
بالباء . فقد ذكر ابن خلدون بليدة بهذا الاسم دون أن يحدد موقعها . وقد رجحنا رأى الرازى واب بن خلدون راجع : 


العير (طبعة دى سلين ) . ج ١‏ »ص 7305 وانظر أيضا : 
29401 .مالا .دع غطع8 دع ]ا ماعلل انا0ط 


١65‏ جيوش الخلافة تتدخل 





تلوى على شىء بعد السلامة 2١!‏ (5 7١1١ه)‏ . 


ا زم بلج وأصحابه من الشآمية إلى الغرب « واتبعهم أبو يوسف الحوارى » وكان طاغية 
من طواغيت البربر » فأدركهم فقاتلهم » فقتل أبو يوسف وانهزم أصحابه »220 واستطاعوا 
آخر الأمر أن يدخلوا سبتة ويتحصنوا بها » وأقبل البربر يحاصروتهم وبهاجمونهم المرة بعد 
المرة ويحاولون الاستيلاء على هذا البلد منهم . فلم يستطيعوا » فل| يئسوا قطعوا الزروع 
حول الحصن . وأقاموا مشددين الحصار حوله حتى عدم بلج وأصحابه الأقوات وساءت 
حاهم كثيرا . 

وزادت ثورة البربر والخوارج فى إفريقية عنفاً » وقام من البربر فى كل ناحية زعيم يقود 
مواطنيه فى هذا الكفاح : قام أبو يوسف الهوارى يقود بربر إقليم طنجة ويقاتل بلجا ومن 
معه » وتجمعت جموع عظيمة منهم فى ناحية الزاب يقودها قائدان بربريان هما عكاشة بن 
أيوب الفزارى الصفرى الخاررجى » وعبد الواحد بن يزيد الهوارى » وأخذا يستعدان للسير 
نحو القيروان ء فلم أتما الغدة سار عكاشة على طريق مجانة واقترب من القيروان وعسكر عند 
١‏ القن وأما عبد الواحد فسار على طريق الجبال واقترب من القيروان وعسكر عند طَيّنة ‏ 
وكان على مقدمة جيشه أبو قرة المغيل7. وكان أبو قرة من كبار زعبماء الخوارج . وكان قد 
نادى بنفسه إماما . وكان بربريا مستعربا من قبيلة مغيلة . 
وكاتك هدنية #الأخراك » قوعت اما ومللات شه ونا من تالحية 
البربر» كا رأيناء ثم وقعت هذه الهزيمة عند بقدورة فكانت ضغثاً على ابالة» 
وأحس أن المسألة ليست باليسر الذى تصوره ء وأن الثورة إذا استمرت على 
هذا النحو فربا كانت نتيجتها خروج المغرب والأندلس جملة عن طاعة الخلافة » فعجل 


1 حجيوش 


الخلافة تتدخل 


. 550 ابن عبد الحكم : افتتاح » ص‎ )١( 
]5 10011 لمق ,ممع نم0 ,كان انع فط‎ 68-69 
الأخبار المجموعة  ص ؟7.‎ 
. ١9 ابن القوطية : افتتاح »ص‎ 
النويرى : نهاية الأرب . ج١. ص75.‎ 
. 7١4 أبو المحاسن : النجوم الزاهرة » ج١1 ص‎ 
. 711-550 ابن عبد الحكم : فتوح .ص‎ )5( 
. 315١ ابن عبد الحكم ! فتوح ص‎ )5( 
. 77/ النويرى : نهاية الأرب . ص‎ 


وراجع : 2 299 .مآ مكعغطعظ8 زعا باغ لل لامع 





بتخير نحو ثلاثين ألفاً من خخيرة جنده بعثها إلى حنظلة بن صفوان عامله على مصرء وأمره 
بالإسراع إلى إفريقية » فوصل حنظلة القيروان بجنوده فى ربيع الأول سنة 5 1١ه/‏ ١5لام»‏ 
وأخذ يرسم الخطة للقضاء على هذه الثورة الخطرة . وكان هشام - رغم مرضه - دائم 
الاتصال بحنظلة وجيشه لتوجيههم والاطمئنان على مصيرهم . وتحدثنا المراجع أنه هو 
الذى رسم لحنظلة خطة العمل » فنصحه بأن لا ينتظر حتى يجتمع الجيشان البربريان عليه » 
وأن يعجل بحرب كل منهما على حدة(١).‏ 

وقد فعل حنظلة ذلك : خرج للقاء عكاشة ومن معه عند القرن فالتقى بهم وانتصر 
عليهم انتصاراً حاساً » وقتلهم قتلاً ذريعاً . ويبدو أنه خسر عدداً عظيراً من جنده فى هذه 
الوقعة . لأنه عاد إلى القيروان بعدها ليستعد للسير إلى جمع البربر الثانى المعسكر على مقربة 
من طبّنة يقوده عبد الواحد بن يزيد المهوارى وأبو قرة المغيل . 

يذكر النويرى أن عبد الواحد كان فى ثلاثاثة ألف(" , وظاهر أن تقديره هذا مبالغ فيه » 
لأنه لو كان فى هذا العدد العظيم حقاً لما استطاع حنظلة الانتصار عليه بالعدد القليل الذى 
كان معه » ولكن الثابت أن حنظلة بذل أقصى جهده فى الاستعداد لهذه المعركة الخطيرة 
الحاسمة . وأنه تناسى قيسيته فى هذه اللحظة الحاسمة » وجمع العرب جميعاً . أفارقة وغير 
أفارقة . على لواء واحد للدفاع عن مصير العرب ومذهب السئة والجماعة فى إفريقية «فأخرج 
ما فى الخزائن من السلاح » ونادى فى الناس فكان يعطى لكل منهم درعاً وخمسين ديناراً » 
فلم يزل يفعل ذلك حتى كثر عليه الناس ٠‏ فرد العطاء إلى أربعين ثم إلى ثلاثين» ول يقدم إلا 
شاباً قويا . فعبأ الناس طول ليلته » والشمع حوله وبين يديه » فعبأ فى تلك الليلة خمسة آلاف 
دارع وخمسة آلاف نابل » وأصبح وقدم للقتال» وكسرت العرب جفون سيوفهاء والتقواء 
ولزم الرجال الأرض » وجئوا على الرّكبٍ ‏ وكان ذلك بمكان يسمى ١‏ الأصنام ؛ على وادى 
بر شلف جنوب غربى ملينة الجزائر الحالية » واشتد القتال وصبر العرب صير الفناء»9© . 





. الأخبار المجموعة . ص /ا”‎ )١( 

(؟) النويرى : نهاية الأرب » ج١‏ ص 9” . 

(؟) وبعث -حنظلة أبا الخطار والياً على الأندلس . وأمره أن يبعث إليه مدداً من جندها » ويبدو أنه لم يوفق إلى شىء ٠‏ 
لأن حال العرب فى الأندلس لم يكن حسناً كا سنرى . عن مع ركتى القرن والأصنام انظر : ابن عبد الحكم : فتوح » 
ص -17١‏ ابن القوطية : اقتتاح »ص 18١‏ - ابن عنذارى : البيان» ج١‏ . ص 4١‏ - الأخبار المجموعة .ص 
/7- النويرى : نهاية الأرب » جا .ص 7 ؛ والنص الوارد هنا عن النويرى . هذا والأصنام موضع كانت 
فيه أثار رومانية قديمة فى ذلك الحين . وقد اختلف المؤرخون فى تحديد مكانه » وأقرب آرائهم إلى الصحة هو ) - 


١8‏ ظهور أمر عبد الرحمن بن حييب 


وكان عكاشة قد أسر فى القرن » فأمر به حنظلة فقتل صبراً(١2‏ » وانتهت المعركة بانتصار 
العرب » وقتل فيها عبد الواحد وانقصم ظهر الثورة وأخذت البلاد تهبدأء وكان ذلك سنة 
6هم/ 47لام. 

ومات هشام قبل أن تصله أخبار هذا النصر » وخلفه الوليد بن يزيد » فأقر حنظلة على 
ولاية إفريقية » وساد السلام ربوعها أثناء خلافته القصيرة » لأن حنظلة كان معتدلاً فى 
عصبيته » فأخذ عرب البلاد يطمئنون إلى مصيرهم » ولزم البربر السكون بعد هذه الهزائم 
القاسية » وكان انتصار حنظلة انتصاراً لمذهب السنة والجماعة .» قمن ذلك الحين رجحت كفة 
السنة على الخارجية » وهذا يعتبر أهل السئّة من المغاربة هذه المعركة معادلة لمعركة بدر 
الكبرى . 

ولكن الأخبار لم تلبث أن وردت بمقتل الوليد بن يزيد فى السابع والعشرين من جمادى 
الآخرة سنة 77١ه/‏ أبريل 54 لام» وكان الوليد شديد العصبية للقيسيين دائم الانتصار 
لهم ء وكان مقتله إيذاناً بانتصار أعدائهم اليمنيين وعودتهم إلى السلطان . ولهذا ريع 
القيسيون فى إفريقية عندما بلغهم النبأ » وخافوا أن ينقلب عليهم اليمنيون والبربر الزناتيون 
يؤازرهم الخليفة الجديد وأنصاره » فخرج إلى الشام نفر من كبارهم وجندهم » وبقى حنظلة 
فى نفر قليل من القيسية2)97. 
ظهور ويبدو أن القيسيين كانوا على الحق في تخوفوا من انقلاب اليمنيين عليهم » 
أمر عبد الرحمن لأن رأس هؤلاء العرب الأفارقة البلديين » عبد الرحمن بن حبيب بن أبى 


ابن حبيب 


“007 عبيدة بن عقبة بن نافع لم يلبث أن بادر إلى العمل . 


كان عبد الرحمن مع بلج بن بشر فى الطائفة التى انهزمت إلى سبتة عقب هزيمة الأشراف» 
إذ كان أبوه حبيب بن أبى عبيدة قد أمره بأن يلزم بلجاً» فلم| انمزم بلج ولأ إلى سبتة » تركه 
عبد الرحمن ومضى إلى الأندلس ليلقى أميرها إذ ذاك عبد الملك بن قطن الفهرى - اليمنى 
مثله - وجعل يثيره على بلج وأصحابه ويخوفه منهم . فلا تسامع بموت الوليد وخروج 
- ما يذهب إلى أن الأصنام تقع على ثلاثة أميال شمال القيروان على مقربة من جلولاء . راجع : -8ل501 

300.4 .مآ .وعنغطرعظ راعلا . 


. 4١ ابن عذارى : البيانء ج١ »ص‎ )١( 
. 7279 (؟) ابن عبد الحكم : فتوح »جا ءص‎ 


عبد الررحمن بن حبيب يحتل القيروان - ختام النزاع بين القيسية واليمنية فى إفريقية ١84‏ 





معظم القيسية إلى الشام عاد إلى إفريقية معجلاً » وجمع أصحابه الأفارقة وعسكر بهم فى 
مكان يعرف بسبخة سَجُوم فى أوائل سنة /11١ه/‏ ه1/4ام20. وقرر أن ينتهز الفرصة 
ومخلص إفريقية من القيسية جملة » فكتب إلى حنظلة ومن معه يطلب إليهم ترك القيروان 
وإخلاء البلاد» وأمهلهم ثلاثة أيام . وشاء حنظلة أن يقاوم » ولكنه رأى قلة من معهء 
وبلغته أنباء اضطراب الأمر على الأموية فى الشرق » فقرر ترك إفريقية والعودة إلى المشرق . 
ويبدو أن حنظلة لم يقرر ذلك مختاراً بل مضطراً ٠‏ فققد بدا له من اختلاف عرب إفريقية 
عليه وتواطئهم مع عبد الرحمن بن حبيب ما أخافه وزهده فى المقام بهذه البلادء ققد حدث 
بعد انتصاره فى موقعتى القَرن والأصنام أن أمر قائده على طرابلس معاوية بن صفوان أن 
. . لام . و 
يخرج لحرب نفر من الصفرية من نفزاوة » فخرج إليهم وحاريهم وانتصر عليهم ولكنه قل 
فى المعركة » وأرسل بعد ذلك بقليل نفراً من وجوه العرب إلى عبد الرحمن ليصالحوه وليردوه 
إلى الطاعة » فاستالهم هذا بالأموال فانقلبوا على صاحبهم الذى أرسلهم'" . وضاقت 
الأمور بحنظلة » واستبان أن أمر بنى أمية كله إلى زوال » وطمع فيه عبد الرحمن بن حبيب » 
فجمع أصحابه ومضى بهم إلى القيروان. 
-عبدالرحمن واحتل عبد الرحمن بن حبيب القيروان واستقر بها أميراً . وصار الأمرى 
ابزحبيب يحتل المغرب بعد هذا الكفاح الطويل للعرب الأفارقة البلديين بعد نزاع طويل مع 
القيروان البربر حينا والعرب المشارقة القيسية حيناً آخر . وكان ذلك فى جمادى الآخرة 
سنة /11١1١ه/‏ أبريل هلام (©. 
75 ختام النزاع كان انتصار عبد الر حمن بن حبيب وسيادته على إفريقية ختاماً للتزاع بين 
بين القيسية واليعنية | القيسية واليمنية فى إفريقية » لا لأن الفريقين انتهيا إلى التفاهم والسلام 
فى إفريقية بعد هذه المنازعات الخطرة , بل لأن توالى الحروب مع البربر حيناً وبينهم 
)١(‏ النويرى : نهاية الأرب . جاء ص 34 . 
(؟)ابن عبد الحكم : فتوح .ص 5377 . 
(؟) ابن عبد الحكم : فتوح ٠ص 75١‏ . 
الأخبار المجموعة »ص 7؟50-1, 
ابن عذارى : البيان المغرب » ج١1‏ . ص 1١‏ - 15 , 


ابن الأثير : الكامل » جه »ص 13 8 
ابن الأبار : الحلة السيراء » ص 6١‏ . 


6 ختام النزاع بين القيسية واليمنية فى إفريقية 


وبين أنفسهم حيناً كان قد انتهى بإضعاف العرب جميعاً فى المغرب » فلم يعد لديهم من القوة 
ما يمكنهم من طلب السيادة على هذه البلاد الواسعة . ثم إن زمان سيادة العنصر العربى فى 
الدولة الإسلامية كان قد ولى بزوال الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية مكانها بعد ذلك 
بسنوات (117١ه/‏ 20-1/44/ام)» فلم يعد لعرب إفريقية - قيسية ويمنية - أى رجاء فى 
أن تقف الدولة إلى جانبهم وتؤيد هذا الفريق منهم أو ذاك على هذا النحو الذى جرى عليه 
خلفاء بنى أمية . 

ولم يكن انتصار عبد الرحمن بن حبيب انتصاراً للعنصر العربى فى الواقع » وإنما كان 
انتتصاراً لحذه الطائفة الإفريقية من العرب التى كانت زناتة تؤيدها وتشد أزرها وهى طائفة 
العرب البلديين » ولهذا نستطيع القول أن انتصاره كان اتتصاراً لزناتة من بعض الوجوه ء 
ومصداق ذلك أن الأمرلم يَضْففٌ لعبد الرحمن بن حبيب شهراً واحداً بعد ولايته تلك » فقد 
بايع لمروان بن محمد ء فلا قتل بايع لأبى جعفر المنصور دم اختلف معه وخلع طاعته » 
واستقل بأمره » ولم يلبث النزاع أن دب بينه وبين من كان معه من العرب »ء وانتهى الأمر 
بقتله على يد أخيه إلياس بن حبيب سنة 1178١ه/ ٠/50‏ - هلام » ولم يكن إلياس يأحسن 
حظاً من أخيه » لأن الحرب استعرت بينه وبين ابن أخيه حبيب » وقتل بعد ستة أشهرء 
وخلفه ابن أخيه حبيب بن عبد الرحمن الذى لأ إلى بربر ورفجومة وكانوا خوارج وسار 
زئيسهم عاصم بن جميل وهو ابن أخت طارق بن زياد ودخل القيروان وقضى على بقية بنى 
حبيب . ولم تدم ولايته أكثر من ثأنية عشر شهراً كلها حروب ومنازعات » وانتهى أمره 
وأمربيت حبيب كله فى المحرم سنة *٠15١ه/‏ لاه لام. 

وسنحت الفرصة لورفجومة إحدى قبائل البربر الزناتيين » بعد أن دخل رجاها القيروان 
وسيطروا على إفريقية فترة قتلوا من العرب خلاها نفراً كثيراً » ولم ينته أمرهم إلا بعد أن 
أرسل أبو جعفر المنصور واليه على مصر محمد بن الأشعث فى أربعين ألفاً : « ثلاثين ألفآ من 
أهل خراسان وعشرة آلاف من أهل الشام » كان فيهم الأغلب بن سالم بن عقال بن 
خفاجة التميمى الذى مارت إليه الأمور كلها فى المغرب ى حمادى الآخرة سنة 
4 ١اه/‏ 17-1/15لام بفضل من كان معه فى جيشه من الخرسانيين » وبفضل من انضم إليه 
من البرير(7). 





: انظر التفاصيل فى‎ )١( 
. 55 - +٠١ ص٠. النويرى : نباية الأربا. جا‎ 


البربر يتقلون بنواحيهم ١51١‏ 


بيد أننا ينبغى أن نر أن ما ذكرناه من انتصار محمد بن الأشعث ومن ازره من العرب 
الأفارقة والبربر لم يكن ختاما للفتنة الإفريقية والثورة على الشاميين . لأن حركات الخوارج 
الصفرية والإباضية استمرت بعد ذلك أشد ما تكون استعارًا وقوة ء ولكى نفهم هذا حق 
الفهم نعود إلى تفصيل ما أجملنا من تاريخ عبد الرحمن بن حبيب واآله فى إفريقية . 
5 البرير ذلك أن الأمر لم يكد يستقر فى القيروان حتى ظنت قبائل البربر أن أمر 
يستفلون بنواحيهم العرب قد ولى مع أمس الدابر جملة » وأنهم الآن فى حل من أن يستقلوا بها 
يسيطرون عليه من النواحى » فقام فى كل ناحية زعيم بربرى وأعلن نفسه أميرأ : قام عروة 
ابن الوليد الصدفى واستولى بجماعات من البربر على تونس ٠‏ وأعلن أبو العطاف الأزدى 
استقلاله بطبيناس » واقتطع ثابت الصنهاجى وقومه باجه لأنفسهم وانضم إليه عبد الله بن 
سقرديد ٠»‏ وقامت جماعات من إباضية هوارة يقودها عبد الحبار والخارث المواريان 
واستولت على ناحية طرابلس وقتلوا عاملها بكر بن عبس القيسى(٠2‏ ؛ وخاض عبد الرحمن 
ابن حبيب وأخوه إلياس من بعده مع هؤلاء الثائرين حروبا طويلة عنيفة استمرت سنوات . 

ثم وقع الخلاف بين أفراد بيت بنى حبيب أنفسهم . قتحارب بنو عبد الرحمن وبنو أخيه 
إلياس » وتعصب لكل نفر منهم فريق من العرب الإفريقيين حتى اضطربت أحوال البلاد 
واشتعلت نارا من جديد . وانتهى الأمر بأحدهم وهو عبد الوارث قائد جند إلياس وتمكن 
إلياس من قتل أخيه عبد الرحمن بن حبيب » فهرب ابنه حبيب إلى ورفجومة إحدى بطون 
نفزة والاستعانة بها على إدراك ثأر عم أبيه عبد الرحمن بن حبيب2'7. فنصرته ورفجومة 


١(‏ )ابن عذارى : البيان ج١‏ ٠ص‏ 88 ومايليها. 
ابن خلدون : العير » ج ١‏ .»ص ١74‏ 1 
النويرى : نهاية الأرب . ص4" ومايليها . 

(5) إليك شجرة بيت عقبة بن نافع فى إفريقية . 


عقبة بن نافع المهرى 
أبو عبيدة عبد الر حمق 
حيب نافع محمد موسى يوسف 
0 الأسود 
انا عبد الر حمن عمران 


بحو البربر يستقلون بنواحيهم 


وشيخها عاصم بن جميل ثم وضع الخلاف بين عاصم بن جميل وحبيب وانتهى الأمر بموت 
هذا الأخيرء وأصبحت هذه القبيلة الزناتية سيدة إقليم إفريقية . فعجل شيخها عاصم بن 
جميل » وكان خارجياً صفريًا بالمسير إلى القيروان » وخرج أبو كريب جميل بن كريب قاضيها 
للقاء ورفجومة يقودها عاصم وأخوه مكرّم » فثبت لها ثباتاً كريياً بظاهر القيروان » ثم انمزم 
وهلك هو ومن بقى معه. 

ودخلت ورفجومة القيروان فى ذى الحجة سنة 8١ه/‏ "هلام » وهكذا سقطت 
عاصمة المغرب الإسلامى فى يد البربر الخوارج الزناتيين » فكان هذا الحادث إيذانا بزوال 
سلطان العرب عن المغرب جملة » وبدا بوضوح أن دولة الخلافة لا بد متخلية عن هذا القطر 
الفسيح راضية أو كارهة فى القريب أو فى البعيد ‏ فقد اشتدت الخصومة السياسية بين أهل 
السنة والخوارج ولم يعد هناك سبيل لإصلاح النفوس ». واختلف العرب على أنفسهم 
فضعف أمرهم وهانوا فى نظر رعاياهم . 

وم يلعب بيت عربى فى هذا الدور من تاريخ المغرب الإسلامى دوراً يقرب من الدور 
الخطير الذى لعبه بيت عبد ال رحمن بن حبيب » فمّد كان طموح هذا العربى الفهرى وتعصبه 
للعرب الإفريقيين البلديين سبباً مشجعاً للخوارج على موالاة جهودهم » ولم يكن فى نفسه 
بالرجل الثابت ولا القدير » وكان فيه ميل إلى الظلم » فلم يلبث أن نفروا منه » ونبض له 
أخوه إلياس فقتله واستبد بالأمر كما قلناء فكان شراً من عبد الرحمن وأعتى » واختلط الأمر 
عليه ووثب به أبناء بيته » فلم يلبث أمر بنى حبيب كلهم أن تفرق وضاع » وضاع معه 
سلطان العرب البلديين على البلاد » ولو لم يتداركها الله بعد ذلك بسنوات قلائل بمحمد بن 
الأشعث ثم بالأغلب بن سالم بن عقال لما عاد السلام إليها . 


ثم إن دخول ورفجومة القيروان واستبدادها بشئون إفريقية لم يكونا إلا مظهراً لقوة 
الخوارج الصفرية وانتشار أمرهم انتشاراً هيأ لهم السيطرة على البلاد » وكانت سيادة هذه 
القبيلة شراً خالصاً على إفريقية وأهلها » لأن كراهتهم للعرب بلغت مبلغاً جعلهم 


- اتنظر: 
ابن عبد الحكم : فتوح » ص 7٠ 5- 5١7‏ 
ابن خلدون : العبرء ج١‏ ء ص ٠١4‏ ومايليها وص 1١١‏ ومايليها . 
ابن عذارى : البيان المغرب » ج ١‏ ء ص 5٠‏ وما يليها . 
النويرى : خباية الأرب » ج ١‏ عءعص 5١8‏ -"45, 


البرير يستقلون بنواحيهم 15 





يستبيحون كل محرم » وكانت دعوة الصفرية قد أتتهم ولما يتمكن الإسلام من نفوسهم 
بعد » فأضلتهم وأخرجتهم عن الإسلام جملة » ومن ثم لا غرابة فى أنهم حينما دخلوا 
القيروان قتلوا من مها من قريشس وسأموهم سوء العذاب 3 وربطوا دواهم ف المسجد 
٠١ه/لاه08-10/م(١2.‏ فأثار عملهم هذا إخواءهم بربر نفوسة ء وكانوا إياضية » فساروا 
يقودهم شيخهم أبو الخطاب . فأخرجوا ورفجومة من القيروان » وأنزلوا برجالها مذبحة 
مروعة وقضوا على سيطرتهم عل إفريقية . 

ومن طريف ما يلاحظ أن أبا الخطاب بدأ عمله بخلع طاعة العباسيين على القيروان » ولم 
يتخير عربيا ليقيمه فى الإمارة » وإنا تخير رجلاً من أصل فارسى هو عبد الرحمن بن رستم » 
وكان خارجياً إياضياً شديد العصبية لمبادىء الخارجية (141ه//454-768م) ولم يستطع 
محمد بن الأشعث قائد المنصور دخول القيروان وإعادة المغرب إلى طاعة المشرق إلا بعد 
حرب عنيفة وموقعة فاصلة مع نفوسة على مقربة من تورغة إحدى قرى طرابلس ( جمادى 
الأولى 55١ه/‏ يونيو ١7/7م2300»‏ وقد هرب على أثرها عبد الرحمن بن رستم إلى أقصى 
المغرب الاأوسط وتحصن بناحية جبل جزول عند تاهرت » وكانت هناك إذ ذاك بقايا حصن 
رومانى فعمرها واستقر فيها يؤيده البربر الإباضية . وأعلن نفسه إماماًء وأنشأ بيذلك الدولة 
الرستمية ‏ ولم يلبث أن سيطر على المغرب الأوسط كله(". 

وحذا حذوه بربرى خارجى آخر هو أبو قرة المغيل شيخ قبيلة بنى يفرن وكان صفرياً » 
فأعلن نفسه إماماً فى نواحى تلمسان . وهكذا استقلت كل جماعة من البربر فى ناحية » ولم 
يبق للعرب إلا سلطان ضئيل بقى لبعض المضرية فى ظواهر القيروان » وظل من السيطرة 
بقى لحالية عربية صغيرة أخرى كانت تقيم على الطاعة فى نواحى طبنة وهدنة » ولم يبدأ أمر 
البلاد إلا على يدى محمد بن الأشعث قائد العباسيين وبعد محمد بن الأشعث ولى أبو جعفر 
المنصور على إفريقية الأغلب بن سالم بن عقال . 

وعندما قل هذا فى حربه مع الخوارج تولى أمر إفريقية أبو حفص عمر بن قبيصة المهلبى» 
)١(‏ النويرى : نباية الأرب » ج١‏ »ص 414. 
() ابن عذارى : البيان. جا ١‏ ص 2١‏ . 

النويرى : نهاية الأرب » ج١‏ , ص 45-44 . 


(9) البيان المغرب . ج؟ . ص 8١‏ ومايليها . 
التويرى : نهاية الأرب . جا ص 45-415 . 


1١‏ دولة بتى مدرار فى سجلياسة 





وبدأ بذلك حكم المهالبة فى إفريقية . وقد استمر حكم المهالبة إلى سنة ٠8١ه‏ ثم تولاها 
هرثمة بن أعين ثم تولى أمر إفريقية إبراهيم بن الأغلب بن سالم بن عقال الذى أقام دولته 
بسواعد بعض رجال العرب المشارقة تؤيدهم فرق من الجند الخرّسانية وبعض القبائل 
الصنهاجية المنافسة للزناتية الخارجية سنة 84١ه‏ / ١0٠8م‏ وعلى يديه خرج المغرب عن 
طاعة الخلافة العياسية حملة . 

كانت ثورات اليربر على العرب إِدَن ختاماً لتبعية إفريقية المطلقة على المغرب »ء فإن دولة 
بنى الأغلب تعتير بداية لعصور استقلال إفريقية عن الخلافة » ووقفت حدود إفريقية 
الأغلبية السنية عند محرى نهر شلف »ء أما غربى هذا النهر فقد قامت فيه دولة الخوارج 
الإباضية الرستمية التى سادت المغرب الأوسط . 
4 دولة بنى وانتهزت جماعات من برابر مكناسة - إحدى بطون ضريسة - فرصة 
مدرارق سجلماسة ابتعادها عن القيروان وانشغال العرب بمتازعاتهم مع البربر ومع أنفسهم 
ليستقلوا بناحيتهم وليقيموا لأنفسهم دولة . كانت هذه البطون من نفوسة تسكن على متابع 
نهر ملوية عند الموقع الذى ستقوم فيه بلدة سجلاسة فيهم| بعد » وكانت هذه القبائل تسيطر 
على قريتى تازا وتسول ». وكانتا إذ ذاك من منازل الرعاة . فأقبل عليها فى مراعيها رجل 
بربرى ممن حج إلى بيت الله الحرام وأخذ أصول الدين على فقهاء المدينة » واسمه أبو القاسم 
سَمكو بن وسول بن مَسلان بن أبى ازول » ويبدو أنه كان قد مال إلى ناحية الخارجية » فدعا 
التفوسيين إلى مبدته فانضموا إليه وتعصبوا له » ولم يلبئوا أن نقضوا طاعة الخلافة فى سنة 
هم 9007- 08/م يقودهم شيخهم عيسى بن يزيد الأسودء ثم اتحذوا سجلاسة 
عاصمة طم فاتسعت وتّدنت » ومات عيسى فخلفه ابنه اليسع وخلف هذا ابنه مدرار . وق 
عهده قوى أمر هذه الدولة البربرية التى عرفت ف التاريخ بدولة بنى مدرار . وإنما فصَلت 
أمر نشوء هذه الدولة لأن ذلك يلقى ضوء؟ على التطور الياطنى الذى كان يجرى فى المغرب 
الإسلامى إذ ذاك » وواضح جداً أن دعاة الصفرية والخارجية أصحاب فضل كبير فى نشر 
الإسلام فى نواحى المغرب الأقصى والسوس ء كما رأينا فى حالة هذا الداعية أبى القاسم 
سمكو » وكا سيحدث فى حركات المرابطين والموحدين فيه| بعد""). 





: راجمع عن هذه الأسحداث‎ )١( 
. ابن عذارى : البيان » جا » ص70 وما يليها‎ 
. التويرى : نهاية الآرب » ص؛ 4 وما يليها‎ 
ومايليها.‎ ١1 اين خلدؤن : الغيرجدلء حزة‎ 


رأى جونييه فى ثورات اليربر 1١6‏ 





6-رى جوتييه وقد حاول ا.ف. جوتييه جغراقٌ المغرب ومفلسف تاريخه على مذهب 
فثودات ابد الفرنسيين أن يدرس هذه الحركات الثورية ويلتمس ها أصوها البعيدة فى 
تاريخ المغرب القديم وتكوينه الجنسى ء فانتهى إلى آراء لا بد من إيرادها فى ختام هذا 
البحث(١2.‏ يرى جوتبيه أن هذه الثورات هى أخطر حادث ف تاريخ المغرب الإسلامى قبل 
الحركة الفاطمية . فلنعرض آراءه فى تحليل أسباب هذه الحركات لأنها تكشف لنا فى الواقع 
عن خصائص هامة ينفرد بها هذا التاريخ المغربى » وتلقى على الثورات الخارجية البربرية 
نفسها ضوءاً كاشف”"). 

يرى جوتبيه أن هذه الثورة الخارجية فى المغرب إن هى ف الواقع إلا الدوناتية التى 
روعت أمن المغرب النصرانى من قبل . وتفصيل هذه الحركة الدوناتية فى إجمال هو أن 
«دونات » أسقف كازنوار إحدى بلاد المغرب الأوسط أبى أن يعترف بصقليان -8ذاق1ة©) 
(كناها بطريقاً لقرطاجنة . لأن من انتخبوه كانوا قسساً مشكوكاً فى صلاح عقيدتهم » فغضب 
عليه صقليان ٠‏ وثارت بينههما الخصومة . وتعصب لكل منههما فريق » واتقسم نصارى 
إفريقية شيعتين » شيعة صقليان . وشيعة الدوناتيين المنشقين أو الخارجين عليه . 

والخارجية المغربية فى نظر جوتييه ‏ ليست ف الواقع إلا شيئاً شبيهاً بالخارجية الدوناتية 
النصرانية » فالخوارج المسلمون لا يخالفون غيرهم من المسلمين فى أمر من أمور العقيدة - 
كا تخالف البروتستتتية الكاثوليكية مثلاً - وإنما يخالفونهم فى عدم الاعتراف بخلافة معاوية. 
ويقولون بأحقية على وأولاده فى الخلافة (كذا!) بالضبط كما كان الخلاف بين دونات 
وصقليان خلافاً حول شخص صقليان وحقه فى البطريقية . والحركات الدينية الخطيرة - 
)00 و50 260 .وم.لج0ا! نبل عنوت ة '! عل عوكوط ع[ ,1181 نا4ت .5.1 
(1) م يبحث أحد هذه الحركة بمثل ما بحثها به جوتيه من العمق والشمول . وقد انتهى من بحثه إلى نظرية خاصة فسر 

على أساسها تاريخ المغرب الإسلامى كله . وقد أخذها عنه جبيع مؤرخى المغرب الفرنسيين . وهذا رأيت أن أعرض 

ها فى شىء من الإسهاب . وإليك مراجعه النى استند إليها فى هذا البحث إتَاماً للفائدة وتسهيلاً للمراجعة : 

أبو زكريا : تاريخ أبى زكرياء ترجمه وعلق عليه ل8445000(841 8411.5 ( الجزائر 141/4 ).ص 27 وما 
يليها من المقدمة . 

ابن خلدون : العبر. ( ترجمة دى سلين ) ج١‏ . ص1١‏ و84١7‏ . ج 7 ص ١١50‏ ومابعدها. 

ابن عذارى : البيان.ء ج١‏ .ص 6١‏ ومايليها . 


ابن الأثير : حوادث المغرب التى جمعها فاتيان 3ن03ع52 وترج.ها إلى الفرنية فى كاب ا 5ع2ع 142 نل 5علقصمم 
عرمدووظ "1 عل ص 37373 . 


١11‏ الدوتاتية والخارجية 


سواء فى المغرب النصرانى أو فى المغرب الإسلامى - لم تنشأ عن آراء أو عقائد خاصة ٠‏ بل 
عن تعصب وانتصار لأشخاص ء لآن أهل المغرب - ىى) يقول - لا يكادون يحفلون للعقائد 
فى ذاتها » ومدار الأمر كله عندهم هم الأشخاص . 


وإيمان البربر فى رأى جوتييه يمتاز إلى ذلك يتطرف بالغ وتمسك بالظواهر يجعلهم 
يعلقون أمر العقيدة كلها على فرع من فروعها ء ويصرون على ذلك إصراراً لا يكاد يقبل 
تنازلاً . وهذه كلها أمور نلاحظها فى الدوناتية ى] نلمسها فى الخارجية : فقد كان الدوناتيون 
متعصبين مبادئهم تعصباً أعمى لا يكاد يصدَّق . وكانوا يتتحرون جماعات فى سهولة لا يكاد 
يتصورها العقل » أملاً فى أن يغتنموا الشهادة ويرقوا إلى السماء » بل بلغ بهم الأمر أن كان 
القلق يساورهم فى بعض الأحيان حين) يعلمون أن لهم الحق فى قتل أنفسهم واغتنام الشهادة 
على هذا السبيل ١‏ اين » » فكانوا يسألون أحد المارة أن يقتلهم بيده ! وويل له إذا أبى ! فأما 
عند خوارج المغرب المسلمين » فلم يصل الأمر الى حد اغتنام الشهادة بالانتحار » وإنم| هم 
كانوا يتهافتون على القتال فى سبيل العقيدة تهافت مَنْ لا يعنيه أمر حياته » نجد هذا واضحا 
عنيفاً عند غلاتهم كالصفريين ومعتدلاً بعض الشىء عند معتدليهم كالإباضيين . هذا مع 
العلم بأن تفانى هؤلاء الأخيرين فى العقيدة كان يذهب بهم إلى حد إلغاء شخص الإنسان 
إلغاء تام أمام الخالق . 
-الدوناتية ‏ ثم يقول : ولقد أحسن ماسكراى حين قال إن الخارجية هى الدوناتية نقلت 
والخادجية ١‏ من إطار مسيحى إلى إطار إسلامى » ولا يهمنا الإطار ولا الحادث الذى أثار 
الحركة فى المسيحية أو فى الإسلام بقدر ما تهمنا الظاهرة ومغزاها الذى يتلخص ف الحقيقة 
التالية : وهى أننا نجد عند المغاربة أنفسهم أسلوبا واحدا عميقا فى الإحساس بالله وقوته » 
وأننا نجد هذا الإحساس ظاهرا فى صور مختلفة متتابعة » فذلك غريزى عند هذا الجنس . 

وهو - أى جوتيبه - لا يبتم لذلك بالناحية الدينية للموضوع - فهى فى نظره حادث 
عارض- والمهم عنده هى الغايات والنزعات المادية التى تستتر دائياً خلف ستار العقيدة » 
ولقد طالما حاول الناس أن يصلوا إلى المعنى السياسى والاجتاعى للحركة الدوناتية » وقد 
ونقوا ولس بالعبين كذلك الومتول إل العاف التياسة وات هه الى ادك إل 
الثورة الخارجية . ُ 


أى فريق من البربر بض بعبء الحركة /11 1١‏ 





ثم يقول : إن ابن خلدون نفسه قد كشف عن هذه النزعات ببعد نظره وزكاتته » وذلك 
حيث قال : إن الخارجية انتشرت على عجل فى البلاد وأصبحت سلاحاً فى يد أهل الفتنة 
يحاربون به الدولة 2 وهو يتٌّصد بالدولة هنا دولة الخلفاء التى يمثلها العيال 2 فهؤلاء 
الخارجيون كانوا يلتمسون الأنصار بين الطبقات الدنيا من الربر . 

ويقول : ولم تكن الدوناتية فى الواقع إلا حركة بربرية سياسية اجتاعية أساسها 
ديموقراطى » إذ كانت فى الواقع ثورة شعبية قام بها فقراء الناس المستضعفون . وطبيعى أن 
الأحوال بتغير الأزمنة وإنما كان عماد الخركتين هؤلاء الناس الذين كان تصوفهم صورة 
نظرية لحرمانهم من الخيرات الدنيوية . وكان هذا التصوف يخفى خلفه - بطبيعة الخال - 
انفجاراً هائلاً لمطامع لم تسعفها الظروف بالتحقق . 

وكانت الخارجية كذلك ثورة من البربر أهل البلاد على السادة الأجانب ممثلين هذه المرة 
فى صورة الخلفاء المشارقة . 


-أىفريق ١‏ ثم يمضى جوتييه يحلل عناصر الحركة الخارجية » لأنه لا يريد أن يكتفى 
من البربر نهض > بتسميتهم بربراً وكفى . بل يريد أن يعرف أى فريق من البربر نمض بعبء 
بعبء اخدكة الحركة . ويقرر بوضوح أن الذين قاموا بالحركة كانوا فى الغالب بربراً 
زناتيين » فقد انفجرت الثورة أول الأمر فى طنجة خلف ظهور الجيوش الإسلامية الغازية فى 
أسبانيا » ثم لم يلبث لبها أن وصل إلى القيروان » وقد وقعت موقعة الأشراف على يحرى 
«شلف » . ووقعت المعركة الثانية التى هلك فيها كلثوم بن عياض على نهر # سبو » ووقعت 
الثالئة التى اتتصف فيها العرب لأنفسهم عند القرن على مقربة من القيروان سنة 47لا 
وأما الرابعة فقد كانت إلى الشرق مما يلى ذلك » وفيها استولى الخارجيون على طرابلس » 
ثم نشهد بعد ذلك رد فعل عربى عنيف يقوم به عبد الرحمن بن حبيب . أى أن الحوادث 
البارزة فى الحركة كلها دارت حول طرابلس وتونس وتلمسان ( بين سنتى 1/47- 1/617) 
وفيها بين سنتى 1/017-/0/ ينتقل مركز الحركة إلى القيروان » فيستولى عليها برابر ورفجومة 
الخارجيون ويعيثون فيها فساداً » ثم يطردهم عنها برابر آخرون » ويستولون عليها . 


١14‏ أى فريق من البربر نض بعبء الحركة 


صرت من نواحى طرابلس »ء ثم يسير إلى القيروان فيحتلها » ولكنه لا يوفق إلى النصر عند 
تلمسان التى ينتقل إليها مركز الحركة بفضل أبى قرة اليفرنى (سنة 070 » ثم يعود 
الخارجيون فيستولون على طرابلس » ويحاصرون القيروان . ويطيل المؤرخون الحديث عن 
حصار الخارجيين لطبنة فى إقليم هدنة » ويذكرون أن عاملها عمر بن حفص ظل زمناً طويلاً 
حاصراً ( سنة )/1١‏ حتى لقى حتفه على أسوار القيروان ( سنة »)11/١‏ ثم يستمر الأمر بين 
أخذ ورد بين العرب والخارجيين حتى ينتهى الأمر إلى يد بنى الأغلب فى سنة 4١١‏ »ء فتهدأ 
أحوال البلد ويسودها السلام قدراً من الزمان . فمراكز الثورة هى طنجة وواذى سبو 
وإقليم تلمسان ووادى شلف وهدنة وجنوبى تونس وطرابلس » أى أنها تقع جميعاً فى نطاق 
السهول والحضاب العالية » أى فى مواطن زناتة » لقد وقعت الثورة كلها فى أوطان زتاتة على 
وجه التقريب . 

ثم يمضى جوتييه مؤيداً رأيه » فيذكر أن ابن خلدون وابن عذارى يؤكدان أن عبء 
الحركة الأول حملته برغواطة ( ويشير إلى أن برغواطة هذه قد كفرت بالقرآن فيما بعد » وأقام 
رجالا فى إقليم الشاوية دينا جديدا يخالف الإسلام ) » ومغيلة وهوارة وبنى يفرن » ويناقكش 
النصوص مناقشة يخرج منها يأن قليلاً جداً من صنهاجة قد شاركوا فى هذه الحركة » وأنها 
لهذا ينبغى أن تعتبر حركة زناتية صرفة . 

ثم يستطرد جوتييه استطراداً بعيداً يحلل فيه الحركة من التاحية الاجتباعية » ولكتنا 
نكتفى ببذا القدر الذى أوردناه لأنه يلقى ضوءاً كاشفاً على بعض العناصر النفسية فى هذه 
الحركة البربرية الخخطيرة » ومهمنا من كلامه قوله إنها كانت حركة زناتية » وهذا معقول 
وطبيعى » فقد كانت زناتة قد أعانت المسلمين وانضمت إليهم من أول الأمر أملاً فى أن 
تنتصف بهم على الروم والنصارى والأفارقة وصنهاجة + وأن تستعيد فى ظلالهم بعض ما 
فاتها فى عهود هؤلاء » ففاجأ العرب رجاها بهذا العسف الذى رأيناه فجنحت تفوسهم إلى 
الثورة . ويبمنا كذلك قوله إن هذه الحركة طبيعة مركبة فى النفس البريرية : فهى طبيعة تفان 
وتصوف واستخفاف بالحياة . ويهمنا كذلك إشارته إلى ناحيتها القومية » فالواقع أن الذين 
قاموا بها كانوا ينكرون. على العرب هذا التصرف المطلق فى شئون البلد . ويهمنا أخيرا ربطه 
هذه الخركة بأمثاها فى عهود الروم وسيره بالحركة إلى مطالع العهد الأغلبى . 


الأحوال فى الأندلس - عبد الملك بن قطن الفهرى ١4‏ 





+-الأحوال- ونعود الآن إلى الأندلس . لم تكن الأحوال فى الأندلس إذ ذاك بأحسن مما 
فالانداس | كانت عليه فى المغرب . كانت هزيمة المسلمين فى بلاط الشهداء ومقتل عبد 
الرحمن الغافقى وخيرة رجاله فى رمضان سنة 4١١ه/‏ 7”الام قد أوقعت البلد فى أزمة 
كبرى » ذلك أن اليمنيين وأحلافهم من المدنيين انتهزوا فرصة موت الغافقى واشتغال عامل 
إفريقية عنهم فأقاموا كبيرهم عبد الملك بن قطن بن ثُفيلة بن عبد الله الفهرى فى أول شوال 
سنة 4١١هء‏ ويبدو أن عبيدة بن عبد الرحمن عامل إفريقية أقر عبد الملك فى ولايته لأن 
العلائق لم تكن طيبة بينه وبين أنصار عبد الرحمن الغافقى07). 


عبد الملك لا تمدنا المراجع العربية بمعلومات وافية عن أعمال عبد الملك فى ولايته 
ابن قطن الفهرىا الأولى . ولكن ايزيدور الباجى يذكر أنه أساء السيرة وأذى المسلمين 
والنصارى معاً » وأن من معه من اليمنية عاثوا فى البلاد فساداً وأكثروا من الشغب والثورة 
عليه » وأهم شرهوا إلى الأموال شرهاً اضطر معه عبد الملك إلى عسف الناس عسفاً أثار 
النفوس وأسخطها( . فلا تولى عبيد الله بن الحبحاب أمر إفريقية بعث على الأندلس 
مولاه عقبة بن الحجاج السلولى » وكان رجلاً قيسياً صا حاً محباً للجهاد » فوصلها وبدأ 
ولايته عليها فى شوال سنة 7١١ه/‏ 5 “/ام0). 


ويذكر ايزيدور الباجى أن عبد الملك بن قطن الفهرى ومن معه من المدنيين حاولوا أن 
يعارضوا عقبة ويحدثوا عليه الشغب ؛ فاضطر إلى القبض على عبد املك وإلقائه فى السجن؛ 
ثم نقل عدداً عظيياً من المدنيين إلى إفريقية لكى بهدأ البلد » ويستريح من نزوعهم الدائم إلى 
السلطان والفوضى#؟»). 

ويبدو أن الأحوال استقرت لعقبة فى الأندلس بعد ذلك فاستطاع أن يقوم بأمر البلاد 
«بأحسن سيرة وأجملها وأعظم طريقة وأعدلها»*2. واستطاع كذلك أن ينصرف إلى الفتوح 
فى صقلية وفيها وراء جبال البرت بقية أيام حكمه الذى طال سبع سنين09). 
)١(‏ انظر : أبن عبد الحكم : فتوح . أخر ص 5١6‏ وأول 517 . 
() إيزيدور. فقرة .5٠9‏ 
(*) الأخبار المجموعة .ص /ا78-1 . 
(4) إيزيدور ققرة 81 » ويراد بالمدنيين هنا جماعات من أهل المدينة المنورة من الأنصار هاجروا إلى الأندلس واستقروا 

فيهاء وأنشأوا لأنفسهم شيعة سياسية قويةء وكانوا يؤازرون اليمنين ويحتمون بهم - 
(0)ابن عذارى : البيانء ج” .» ص 59 . 
(1) الأخبار المجموعة »ص 78 . 


١‏ انتقال الثورة من إفريقية إلى الأندلس - مقدمات ثورة برير الأندلس 


فى ذلك الحين كانت ثورة البربر فى إفريقية على أشدها » وكان عبيد الله بن الحبحاب قد 
انصرف عنها وتولاها كلثوم بن عياض ٠‏ وشغل القيسية فى إفريقية عن أبناء عمومتهم فى 
الأندلس » فضعف أمر عقبة ومن معه ء وبدأ اليمنيون ومن معهم من المدنيين وفيهم بعض 
أبناء الأنصار يتطلعون إلى السلطان من جديد » وقد أمكنتهم الفرصة فى أوائل سنة 7ه 
إذ مرض عقبة وطال مرضه حتى أشفى على الموت » والغالب أن اليمنيين ضغطوا عليه 
وأرغموه على إقامة عبد الملك بن قطن خليفة له إذا توفاه الله ؛ وقد كان » وعاد السلطان إلى 


ابن قطن ومن معه من اليمنيين والمدنيين217. 

5000 والظاهر أن نفراً من دعاة الثورة البربرية الإفريقية خف إلى الأندلس ليثير 
الثورة من إفريقية 2 بربرها على عربها » ولم يكن البربر فى الجزيرة الأندلسية مطمئنين إلى 
إلى الأندلس العرب » لأن هؤلاء الأخيرين استبدوا دونهم بالسلطان » مع أن معظم 


فضل الفتح يعود إلى البربر . ويذهب نفر من المؤرخين كذلك إلى أن العرب اختصوا 
أننسهم بخير بقاع الأندلس » ولم يتركوا للبربر غير الفيافى والجبال القاحلة فى الشهال 
والشمال الغربى2" , 

وليس ذلك صحيحاً على إطلاقه » لأن جماعات بربرية كثيرة كانت مستقرة فى أخصب 
نواحى الأندلس ف الجنوب والشرق والغرب » بل كادت ناحية الجزيرة الخضراء أن تكون 
مقصورة عليهم لكثرة من نزلها من بطوغهم وعشائرهم ء ثم إن العرب لم يكونوا من الكثرة 
بحيث يستطيعون الانفراد بكل سهول بلد عظيم واسع كالأندلس ء ثم إن الكثيرين منهم 
(أى من العرب) كانوا أهل جهاد مقيمين دواما فى منطقة البُرت وما وراءها عند أربونة » 
فلم تكن بقية العرب لذلك من الكثرة بحيث تستطيع احتلال سهول الأندلس الواسعة فى 
الشرق والجنوب والوسط والغرب . 
-مقدمات ١‏ ثم إن المراجع تتحدث كذلك أن جماعات كبيرة منهم كانت قد استقرت فى 
ثورة بربر الأندلس- أقصى الشمال عند لاردة واسترقة و« المداين التى خلف الدروب » كما يقول 
)١(‏ إيزيدور الباجى ء فقرات 77-71 - ويذكر ابن عذارى أن عقبة استخلفه ( البيان» ج؟ » ص 754 ) . ويذهب ابن 
عبد الحكم إلى أن عبيدة بن عبد الرحمن هو الذى رد عبد الملك إلى ولاية الأندلس ( فتوح ء ص 5١7‏ ) . أما ابن 
القوطية فيؤكد أن عبد الملك ومن معه من اليمنية اجتمعوا على عقبة وخلعوه . فهو يتفق مع إيزيدور فى ذلك » وقد 
أخذنا بروايتهيا . 


0( 16س ,ا ملع دمكط "ل 5تتقن 1 نك 11 دعل 11156 , 10021 
118-119 .مما روعطعمعطععي. 


ثورة البربر فى الأندلس ١‏ 





صاحب الأخبار المجموعة('2أى فى نواحى الحضاب الشالية المجاورة لمواطن الإسبان 
النصارى فى الشهال » فتعليل ثورة البربر على العرب فى الأندلس بأن هؤلاء استبدوا دونهم 
بخيرات البلد وحرموهم منها جميعاً مبالغة لا تؤيدها المراجع . فأما غضب اليربر فسببه 
استبداد العرب بأمر الحكم واعتبارهم البربر شعباً حكوماً لا ينبغى أن يُترك له أى نصيب فى 
الحكم أو فى إدارة الأمور . 

ولم يكن البربر يعتبرون أنفسهم بأقل من العرب ديناً ولا كفاءة ولا فضلاً » فقد كانوا هم 
الذين حملوا معظم عبء الفتح . وكان منهم طريف وطارق وهما صاحبا الفضل الأول فيه 
كسب الإسلام فى الأندلس من نصر . ولم يقف الأمر عند مجرد الاستبداد بالأمر بل تعداه إنى 
سوء المعاملة والإهانة » فكان العرب يوقعون بهم أقسى العقوبات لأتفه الأسباب . فإذا 
جرؤوا على الشكوى كان عقاءهم أشد وأقسى7". 

ثم إن امجداد القيسية بالآمر كان خرياً أن ينث الترير » إذ كان الفيسيوق قوماً ذو 
عصبية شديدة » لا يكادون ينظرون لغيرهم نظرتهم إلى ناس مثلهم » وقد رأينا موقفهم من 
اليمنية ومن البربر فى إفريقية » وليس لدينا وثائق تدلنا على معاملتهم للبربر فى الأندلس ء 
ولكن الأدلة كلها تدل على أنهم أساءوا معاملتهم ونفروا نفوسهم . وكان اليمنيون أقرب إلى 
نفوس البربر منهم » لأنهم كانوا معظم الوقت مضطهدين مثلهم”؟. وهذا لا يمنعنا من أن 
نقرر أن هؤلاء اليمنيين كانوا إذا وصلوا إلى السلطان أفسدوا من أمره أشد مما كان القيسيون 
يفعلون » لأن عيب القيسيين كان كبرياء وصلفاً . فى حين كانت عيوب الكلبية اليمنية 
الظاهرة جشعاً إلى المال وميلاً إلى الفوضى وعجزاً عن التنظيم وحسن الإدارة . 
"ثورة البربر | طبيعى إذن أن يبادر بربر الأندلس إلى الثورة حين| تبلغهم أنباء ثورة أبناء 
فالأدس ١١‏ عمومتهم واشتباكهم مع اله ب فى الحرب فى إفريقية . فيقول صاحب 
الأخبار المجموعة - وروايته على قصرها أكثر ما بين أيدينا تفصيلاً - : « فقُضى أن بربر 


)١(‏ الأخبار المجموعة » ص 58 وراجع ذلك المفال القيم الذى كتبه سيزار دوبلر عن منازل البربر فى الجزيرة 


الأندلسية. 
لناج .2 .))قتطعلكعط دز رأعكصاطل12!؟ معطعئمعط! دعل أنه مععق نالع 1كرعطعء8 ععاعز) . لأطلاظنا2 لالركنان 
043 نونك 
(5)إيزيدوره فمرة 44 . 9 م .1 .وعطعرعطعءع ا .100217 


(©) يُقهم هذا من قول ابن القوطية مثلاً :« وبقى عرب الأتدلس وبربرها يحاربون الأمويين الشاميين ويتعصبون لعبد 
الملك بن قطن الفهرى ء ويقولون لأهل الشام : يلدنا يضيق بنا فاخرجوا عنا ! * - ابن القوطية ء اقفتتاح . ص ١7‏ 


تفن ثورة البربر فى الأندلس 





الأندلس لا بلغهم ظهور بربر العدوة على عربها وأهل الطاعة » وثبوا فى أقطار الأندلس » 
فأخرجوا عرب جليقية وقتلوهم » وأخرجوا عرب أستُرقة والمداين التى خلف الدروب » 
فلم يرع ابن قطن إلا فَلّهم قد قدم عليه » وانضم عرب الأطراف إلى وسط الأندلس إلا ما 
كان من عرب سرقسطة وثغرهم » فإنهم كانوا أكثر من البربر» فلم ميج عليهم البرير » 37©. 

ويزيدنا صاحب فتح الأندلس وضوحاً فيقول : ٠‏ وتطاولت البربر أيضاً بالأنذلس على 
العرب الساكنين بجليقية وأسترقة والمداين التى خلف الدروب » وقاتلوهم وطردوهم 
لكثرتهم هناك وقلة العرب»”© ولا يزيدنا إيزيدور على ذلك كثيراً » وإن كان يشير إلى أن 
العرب استبدوا بالبربر وأذوهم وعاملوهم معاملة قاسية » فأسخطهم ذلك ودفع بهم إلى 
الثورة29. 


ولككن دوزى يضيف يضيف من عنده كثيراً » فيزعم أن العرب اختصوا أنفسهم بأحسن 
الأرض» ول يتركوا لليربر غير.النواحى القاحلة فى الشيال : ويمضى ف المبالفة - على عهده 
- فيذكر أن بربر الأندلس تلقوا أخبار ثورة أبناء عمومتهم فى العدوة الإفريقية بقبول عظيمء 
وأن دعاة خارجيين ذهبوا إلى الأندلس ليحضوا البربر على القيام على العرب واستئصالهم 
جملة » فلم تلبث أن انفجرت ثورة دينية سياسية فى إقليم جليقية امندت إلى شهال الأندلس 
عع اا م 0 من أين استقى هذا كله » وليس بين أيدينا إلا ما 
أوردناه من النتصوص 


ومهما يكن من الأمر فقد ثار بربر شمال الأندلس على عربها المقيمين فى نواحى جليقية 
واسترقة والنواحى القاصية من أشتريس وبعض مناطق الغرب مثل ماردة وقورية وطلبيرة » 
فأما إقليم سرقسطة فلم يجرؤ البربر فيه على الوثوب بالعرب . لأن العرب هناك كانوا أكثر 
عدداً منهم . وأسرع من بقى من العرب فى هذه النواحى بالهروب إلى وسط الأندلس 2250 
فإذا انتصر البربر هذا النصر الأول فقد انتظمت قواهم فى ثلاثة جيوش كبيرة : وجهة الأول 
طليطلة » والثانى قرطبة » والثالث الجزيرة الخضراء ليتصل باليربر عبر المجاز . 
(1) فتح الأندلس ص 7١‏ . 
(5) إيزيدور » فقرة 17/1. 


2 161 مآ .كت ”ل.كسة,لا 202 
(8)الأخبار المجموعة »ص 78. 


بلج بن بشر ومن معه مخاصرون فى سيتة 1 


ومثل هلدا الترتيب لا يمكن أن يصدر إلا عن قيادة واحدة نظمت صفوف الثائرين 
ورسمت لهم وجهة واضحة معينة » لأن الاتجاه إلى الجزيرة الخضراء معناه محاولة قطع 
مواصلات العرب مع المشرق لحصرهم حصرا لا مخلص لم منه . وهذا أمر لا يصدر إلا 
عن رأس مفكر مدير » ويذهب دوزى إلى أن الثائرين اجتمعوا وانتخبوا من بينهم إماماً دون 
أن يذكر مرجعه فى هذا القول(21 . ولكننا وجدنا فى فتح الأندلس » إشارة موجزة إلى 
وجود زعيم بربرى يسمى «زقطرتق »© كان يرأس جماعة البربر التى كانت متوجهة إلى 
الجزيرة الخضراء والتى تجمعت فى شذونه » فلا يستبعد أن يكون هذا فى الواقع رسياً محرفاً 
لاسم هذا البربرى الذى قاد بربر الأندلس ف الثورة كا قاد ميسرة بربر إفريقية؟»). 
تحرج مركز عرب الأندلس إذن » ووجد عبد الملك ين قطن ومن معه من الكليية اليمنية 
أنهم لن يستطيعوا الثبات للبربر إلا إذا وصلتهم من المشرق إمدادات . ولم يكن ذلك ميسوراً 
لأن ثورة البربر فى إفريقية كانت على أشدها ء ثم إنهم كلبيون يمنيون وكان اليوم يوم القيسية 
المضرية . 
> بلج بن وكان بلج ومن معه من الشامية القيسية محصورين فى سبتة منذ عام » وقد 
بشرومن معه ١‏ أجهدهم الحصار حتى أكلوا الدواب والجلود وأشرفوا على الحلاك © 
معاصرون فى سبتة وكانوا لا يكفون عن الكتاية إلى عبد الملك يستصرخونه ويستغيئون يه » 
قلم يسمع إلى استغائتهم » لأنه كان يخشاهم على نفسه . فهم قيسية شامية متعصبون وهو 
ومن معه كلبيون يمنيون » فتركهم لكى مهلكوا حيث هه!؟) . 
وكان عبد ال رحمن بن حبيب - كبير عرب إفريقية الذى محدثنا عنه - قد نجا من معركة 
الأشراف - وانهزم مع بلج وأصحابه إلى سبتة » ومن هناك عبر إلى عبد الملك بن قطن 
الفهرى مثله » وجعل يحرضه على بلج وأصحابه ويخوفه منهم » فزاده ذلك إصراراً على 
تركهم لمصيره.*2. وبلغ من إسرافه فى ذلك أن عربياً أندلسياً من لخم يقال له عبد الرحمن 
)١(‏ يقول صاحب الأخبار المجموعة فى ص 8 : : وكانت قد رأست البرير بالأندلس على أنفسهم ابن هدين » ؛ ولم 
نستطع قراءة هذا الاسم ء وظاهر أن المؤلف يريد أن يقول إن البربر اختارته رئياً فقط لا إماماً . والقرىّ بين 
الأمرين ظاهر ء إذ أن نص ابن القوطية يفهم منه أن الحركة سياسية أما كلام دوزى قيفهم منه أن الثور ة كانت دينية 
أيضاً » وانظر أيضاً :ابن حيان . برواية المقرى » » نفح الطيب ء ج35 ء. .دض .1١١‏ 
(1) فتح الأندلس » ص 21١‏ وهذه هى قراءة ناشر الكتاب . ولم أستطع تحقيقها . 
(5) الأخبار المجموعة . ص /!” . 
(5) نفس المصدر والصفحة . وفتح الأتدلس » ص 3١‏ . 
(5) اين عيد الحكم : فتوح . ص 35١‏ ؟. 


١‏ طالعة بلج 


ابن زياد الأحرم أشفق عليهم من التلف . فبعث إليهم مركبين وشحنهما بالشعير والإدام » 
فبلغ ذلك عبد الملك فغضب عليه وعاقبه أشد عاب )١(‏ وساءت حال بلج وأصحابه . ولو 
لم يكن الربيع قد أقبل وأنبتت الأرض بعض الخضرة والبقل لهلكوا 7 , ولكنهم اقتاتوا 
بذلك واستعانوا به على البقاء حتى واتنهم الظروف بالفرج من حيث لم يحتسبوا . 

وزاد مركز عبد الملك بن قطن وعرب الأندلس حرجاً مع الأيام » ولم يجد لنفسه تحرجاً 
إلا أن يأذن هؤلاء القيسيين المحصورين فى سبتة فى العبور إلى الأندلس » فأجابهم إلى طلبهم 
بعد طول عناد » واشترط عليهم أن يبارحوا الأندلس بعد القضاء على ثورة البربر مباشرة » 
واشترطوا عليه بدورهم أن لا يفرقهم وأن يعيدهم إلى إفريقية جماعة واحدة » وينزلهم فى 
مكان يستطيعون منه العودة إلى المشرق . وتم الاتفاق على ذلك . وأرسل إليهم عبد الملك 
سفناً عبروا بها إلى الأندلس سنة 171١ه/‏ ١5لام‏ بعد أن أعطت كل فرقة منهم عشرة من 
رجالا رهائن احتفظ بهم عبد الملك فى جزيرة أم حكيم فى مدخل الوادى الكبير”" . 


عوى_020 هكذا عبر بلج بن بشر القيسى ومن معه من القيسية الشامية إلى الأندلس » وم 
ع0 يكن عددهم ليزيد على عشرة الاف ولكنهم كانوا من غير شك نخبة من خيرة 
فرسان الشآمية القيسية . لقد أساء رئيساهم كلثوم ويلج استع الهم حتى هذه 
اللحظة وسيرتكبون من الأخطاء فيها بعد شيئاً جسيماً » ولكنهم امتازوا بشجاعة عظيمة 
وذكاء بعيد » وسينتهى بهم الأمر بالاستقرار فى البلاد » وسيكون لهم فى تطور الأندلس 
الإسلامى أحسن الآثر حين| تستقر الأمور وتقوم الدولة الأموية . 
ترك بلج وأصحابه الأندلس فى حال من الجوع لا مزيد عليها » وكانت ملابسهم قد 
بليت حتى كانوا يستترون بالدروع » ونزلوا الجزيرة الخضراء » ” قوجدوا بها جلوداً مديوغة 
كثيرة » فقطعوا منها المدارع » ثم أقبلوا إلى قرطبة » قكسا اين قطن خيارهم وأعطاهم كلهم 
عطاء . فلم يكن فيه ما يغنيهم » واستقبلهم عرب يلد الأندلس وهم ملوك » فكسا كل رجل 
منهم من خيارهم خيار عشيرته » وأقضل عليهم التاس حتى ليسوا وشيعوا »22©9. وهكذا 
ابن خلدون عند المقرى : نفح الطيب » ج؟ » ص 11 


(؟) الأخبار المجموعة » ص 78 . 
(9) نفس المصدرء ص 794-758 


فتح الأندلس .ص 7١‏ . 
(:) الأخبار المجموعة » ص 79 . 


طالعة بلج تقضى عل ثورة البربر فى الأندلس ا 


آوى عرب الأندلس رجال هذه الطائفة القليلة من القيسية بعد أن تقاذفتهم البلاد والثوب 
منذ مبارحتهم مواطنهم الأولى فى الشام منذ قرابة العامين . ولا نزاع فى أن القيسية الأندلسية 
قد أحسنت استقبالهم وإكرامهم على النحو الذى يصفه صاحب الأخبار المجموعة طمعافى 
أن تقوى بهم قلوبها » ومن ثم ليس بغريب أن نرى قيسية الأندلس تنهض لنازلة الكلبية 
اليمنية من جديد . 
طالعة ببح 2 ولم يكد بلج وأصحابه يريحون بقرطبة حتى :هضوا للعمل الذى أتوا من 
تقضى على ثورة أجله وهو لقاء البربر والقضاء على ثورتهم . كان أول ما ينبغى عمله هو 
البربر ف الأنداس << القضاء على الجيش البربرى الذى كان متجها نحو الجزيرة الخضراء ليتصل 
بالثائرين فى ناحية طنجة وسبتة ويقطع كل أمل لعرب الأندلس فى أى عون يأتيهم من 
المشرق » ويبدو أن هذا الجيش البربرى كان أقوى جيوشهم الثلاثة وأكثرها نظاماء وكان قد 
وصل كا رأينا إذ ذاك إلى شذونة وعسكر عندها . 

نمض بلج وأصحابه للقاء هؤلاء » وانضم إليه نفر من عرب الأندلس البلديين ما بين 
قيسية ويمنية » والتقى الجمعان على مقربة من شذونة « فلم يكن للعرب فيهم إلا نهضة حتى 
أبادوهم وأصابوا أمتعتهم ودوابهم فاكتسى أصحاب بلج وانتعشوا وأصابوا المغائم»10©. 
ولا نزاع فى أن العرب كانوا مدفوعين فى هذه المعركة بالرغبة فى طلب الثأر من هؤلاء البربر 
الذين أذاقوهم الويل فى إفريقية والأندلس طوال الحقبة الماضية . ثم نمض بلج وعبد الملك 
ابن قطن ومن معهم| للقاء الجيش البربرى الذى كان متجهاً نحو قرطبة , ولم يجدوا عناء كبيراً 
فى هزيمته والقضاء عليه . 

فأما الكتلة البربرية الثالثة التى كانت تحاصر طليطلة فيبدو أن أمرها كان أخطر من 
الكتلتين الأخريين بسبب الأعداد العظيمة التى تجمعت فيها . كانت جماعات بربرية غفيرة 
من بربر جليقية وأسترقة وماردة وقورية وطلبيرة قد انجفلت من بلادها وانضمت إليها » 
وأقبلت فحاصرت طليطلة . وأقامت على الحصار أشهراً حتى اشتد الأمر بطليطلة وأهلهاء 
وكان بعض هذه الجماعات البريرية قد عبر التاجه وانحدر نحو الجنوب وحاول عبد الملك 
ابن قطن أن يناجزها الحرب فلم يفلح » فلا تم له القضاء على الجيشين البربريين الآخرين 
على يد الشامية جمع رجاله وسار مع الشاميين للقاء البربر على مقربة من طليطلة » فليا تسامع 


(١)ابن‏ عذارى : البيان. ج5؟ء ص 37١‏ . 


١/1‏ معركة وادى سليط - المجاعة وهجرة البربر إلى إفريقية 





هؤلاء بمسيره إليهم حلقوا رؤو سهم اقتداء بميسرة » ١‏ ولكى لا يخفى أمرهم وليضربوا 
ولا يختلطوا )210 » مما يدل على شدة حماستهم ورغبتهم فى النصر . 
١‏ معركة دارت المعركة الحاسمة بين الجانيين عند وادى سليط (31012221616)) وحمى 
وافنيط أوازها:«لأن :كلون"الخانن كانتت فشن يفطا .+ وأظير الشاميوة .قد 
الشجاعة والقدرة ما استطاعوا به القضاء على هذه الجموع البربرية والانتصار عليها» « فلم 
ينج منهم إلا الشريد » فركب أهل الشام ولبسوا السلاح » ثم فرقوا الجيش فى الأندلس 
فقتلوا البربر حتى أطفأوا جمرتهم»!' (أوائل 4 5١ه/‏ منتصف ١4/م).‏ 

ويقهم من هذه العبارة الأخيرة أن العرب بعد أن انتصروا على البرير هذا الانتصار 
الحاسم عند وادى سليط تعقبوهم فى نواحى الجزيرة واشتدوا فى ذلك شدة بالغة حتى ساء 
حاهم كثيرا . 

ع ع د 


»-امجاعة ١‏ شغل العرب والبربر بهذه الحروب عن عمارة الأندلس » وكانت جموع كثيرة 
وهجرة البربر إلى من هؤلاء البربر وأعداد قليلة من العرب قد اشتغلت بفلاحة الأرض 
إفريقية واستقرت فيها منذ سنوات الفتح الأولى » وكان نفر آخر من العرب قد 
استقروا فى عواصم الأرياف والقرى التى غنموها واشتغلوا بالإشراف على المزارعين من 
أهل البلاد » فكان إشرافهم هذا من العوامل التى أسرعت بعمار الأرض بعد انتهاء فترة 
الفتح ومادار خلالما من حروب . 

فلا اشتغل العرب بالحروب فيا بينهم » وغادروا مواقعهم » واشتيكت الحرب العنيفة 
بينهم وبين البربر وانتصروا عليهم واشتدوا فى الانتقام منهم » خاف من بقى من البربر 
واضطربوا فى مساكنهم » وبدأت الرغبة تساورهم فى ترك هذه البلاد » التى كانوا يقيمون 
فيها على الخطر » إلى بلادهم الأولى حيث يكونون أكثر اطمئناناً » فانصرف معظم هؤلاء 
البربر عن الزراعة وأخذوا هجرون الأرض » وكان العرب قد فعلوا ذلك قبلهم » وهكذا 
(1) الأخبار المجموعة اص ١.40‏ 
(؟) المرجع السابق ص 4٠‏ ؛ ووادى سليط نبير يصب ف التاجه من اليسار جنوبى طليطلة بقليل . وقد أشار الرازى فى 
قطعة باقية من الترحمة الإسبانية لتاريخه إلى هذه الموقعة بقوله : 


. مدعتلدن) من آء ععطمد ملعل10” عل ممتصصع! أء دع علق دلاعتدط ملو )م * 
انظر الفقرة 74 ص 88 فى نباية عمود ؟ من طبعة جاياتجوس . ولم يستطع الناشر تحقيق نبر كاليكان هذا . 


زحف تصارى الإسبان نحو الحنوب /لا/ا ١‏ 


أخذت المزارع والقرى تخلو من سكانها من العرب والبربر » وأخذ الخير يقل فى البلاد » 
وتوالى ذلك سنوات فازدادت الحال سوءا. 

وم يتنبه العرب إلى ذلك لاشتغالحم بحروبهم مع البربر ومنازعاتهم بين أنفسهم » فانتهى 
الأمر بعد سنوات قلائل إلى مجاعة كبيرة لقلة المحاصيل » وانضاف شر هذا البلاء الجديد إلى 
شر الحرب القائمة والفوضى السائدة وقلة الأمان » فانعدمت الزروع وندرت المحاصيل » 
ولاح شبح مجاعة خطرة ظهرت بشكل حاد بعد أن انهزم البربر هزيمتهم النهائية عند وادى 
سليط . فلم تكد عشرة أعوام تنقضى على ذلك حتى قحطت البلاد وانتابتها مجاعة عامة 
شديدة يتحدث عنها صاحب الأخبار المجموعة بقوله : ٠‏ حتى كانت فتنة أبى المخطار 
وثوابة » فل) كانت سنة مائة وثلاث وثلاثين ( 58 لام) هزمهم ( أى بلاى زعيم الإسبان ) 
وأخرج ( يريد أخرجهم أى العرب ) عن جليقية كلها » وتنصر كل مذبذب فى دينه وضعف 
عن الخراج » وقتل من قتل » وصار فَلّهم إلى خلف الجبل إلى استورقة . حتى استحكم الجوع 
فأخرجوا أيضا المسلمين على استورقة وغيرها ء» وانضم الناس إلى ما وراء الدرب الآخر وإلى 
قورية وماردة فى سنة ست وثلاثين » واشتد الجوع » فخرج أهل الأندلس إلى طنجة وأصيلا 
وريف البربر مجتازين ومرتحلين » وكانت إجازتهم من واد بكورة شذوئة يقال له وادى 
برباط » فتلك السنون تسمى ١‏ سنى برياط » » فخف سكان الأتدلس »ء وكاد أن يغلب 
عليهم العدوء إلا أن الجوع شملهم:0"). 

واشتدت المحنة وأصابت نواحى الأندلس كلها عدا إقليم سرقسطة الذى نجا منها 
بفضل مياهه وأنباره ويفضل الجاعة العربية الكبيرة التى استقرت فيه . ويبدو أن المحنة 
كانت شديدة جداً ء لأن الكثيرين من العرب انجفلوا - كما رأينا - إلى النواحى التى توقعوا 
أن يجدوا فيها خيراً » وكان البربر أسوأ حالاً » لأن الهزائم قَلَّتْ غَرِيهم » ولأن العرب 
تتبعوهم بالأذى فى كل ناحية حتى ضاقت البلاد يهم » وأحسوا العداوة والشر فى الأندلس 
فقأخذت جموع منهم تعود إلى إفريقية ليطمئنوا بين أهليهم وعشائرهم ٠‏ فهاجروا إلى إفريقية 
أرسالاً كثيرة . 
+ ذحفح لانزاع فى أن عدد من هاجر من البربر كان عظيياً جداً . لأن المؤرخين يحدثوننا 


نصارى الإسبان 


نحو الجنوب2 أن نواحى شمال الأندلس وغربه كادت تخلو من أهلها الملمين » فإذا أضفنا 


. 25 الأخبار المجموعة . ص‎ )١( 


0/0 العرب يخسرون ربع الجزيرة - الخصومة بين العرب والبربر 


إلى ذلك أعداد من هلك من السكان - عرباً وبربراً - بسبب المجاعة » ومن انجفل منهم إلى 
الجنوب وإلى الغرب وإلى إقليم سرقسطة » استطعنا أن نعرف السبب فيم) حدث من اتساع 
دولة النصارى الإسبان فى جليقية وأشتريس اتساعاً مفاجئاً بلغت به ضعف حجمها الأول 
بين سنتى ١‏ هلا و07 لام (115-115اه) . 


ذلك أن الإقليم الواسع الواقع بين نبرى المنهو والدويرو خلا من سكانه المسلمين فى 
ذلك الحين » فاستطاع النصارى أن يتقدموا ويحتلوا ما استطاعوا من هذه المساحة من غير 
جهدء وكان يقودهم ملكهم ألفونسو الأول فاسترجع النصارى افراغه وأبورتو وفزيو("), 
وبذلك سيطروا على شمال الأندلس حتى الدويرو» ثم تقدموا بعد ذلك فى حذر فاستولوا 
على أشترقة وليون وسمورة ولدسم) وسلمئقة وقورية . بل تذهب المراجع النصرانية إلى أنهم 
استرجعوا ماردة نفسها » وتوسعوا نحو الشرق فاحتلوا سلدانيا وسيمانقاس وشقوبية وأفيلة 
وأوكا وأوسما وميراندا على نبر ابره وسنيسيرو وأليسانكو على نهير ريوخه . وانحدرت 
حدود الأندلس الإسلامى إلى الخط الممتد من قلمرية على المنديجو إلى قورية وطلبيرة 
وطليطلة على التاجة إلى وادى الحجارة وتطيلة وبنبلونة فى الشهال الشرقى . 


العرب وبهذا خسر المسلمون نحو ربع ما فتحوه من الأندلس يسبب هذه الخصومات 
يخسرون ربع القبلية من ناحية ويسبب المنازعات بين العرب والبربر من ناحية أخرى » 
الجزيدة ١‏ وكان هذا أسوأالأثر على مستقبل الإسلام فى الأندلس27. 
+ -الختصومة ولم تقف نتائج هذه الثورة المشئومة عند ذلك الحد » بل إنها خلقت فى نفوس 
بينالعرب-< العرب والبربر من الكراهة للحكم الأموى فى دمشق ما سيظل قائ] قرونا 
والبربر متوالية لا تكاد الأيام تمحوه . كانت هذه الحرب الضروس حرب فناء بين 
الجانبين » فلما اخبزم الخوارج فى إفريقية والأندلس ظل بقايا خوارج البربر طوال القرون 
التالية يحسون الخوف من دولة الخلافة والكراهة لرجاها » وقد انتهى الأمر بعد قرابة ثلائة 
)١(‏ ظن بعض المؤرخين أن الصيغة العربية لفزيو نا56ؤ/ا هى بازو الواردة فى المقرى ولكن سافدرا أثبت خطأ ذلك 
(انظر المقرى : نفح الطيب » ج١.ءص .)١/:‏ 
. 182 .م (1882 ,5420210) ممدمكظ دع كعطوءخ دن1 عل ممتكة/للأ1 12 500 وتلبلاو , 14دا8 ص8 4د 


(؟) انظر : ملو5رع لالضلا 712مأقلط هآ هع هاتعمعناللم1 ناد لا دمدومو8 عل مولرماكل1؟ : 8105[ دطاامظ8 
116.مم ,[ ,كعاءتعطعع] ,/1002.1].وو؟ 325.مم,1ا 


الخصومة بين العرب واليربر 74> 


وأما فى الأندلس فلم يقهر أحد من الحانبين الآخر ء» لأن عودة المجرة البربرية إلى 
الأندلس بعد قيام الإمارة الأموية قوّى جانب البربر الخوارج من جديد وأعادهم إلى 
المقاومة » فتقوت مراكزهم وأخذوا يناوثون العرب والأندلسيين مرة أخرى . وسترى ذلك 
بصورة واضحة أثناء الأزمة الكبيرة الأول التى دامت طوال إمارات محمد والمنذر وعبد الله 
وسنرى أثر هذه الخصومة واضحاً بشكل خطر حاسم بعد سقوط الخلافة الأموية . 

يقول الرازى تعقيباً على هذه الحوادث التى ذكرناها : 8 ومن هذا وأشباهه قدمت 
العداوة بين بربر الوسط وعرب الأندلس » وتوارثها الأبناء إلى يوم البعث » فبالعرب غْروا 
فى بلادهم وببأسهم سبيت ذراريهم رعليت أمواللهم حتى أدخلوا فى الإسلام واضطروا إليه 
قهراً . قال : فلم) رجع العرب إلى بلادهم [فى] المشرق » واستقر منهم الأقل [فى] الأندلس 
عمن أراد الجهاد ورغب فيه » وكان المربر يومئذ أكثر منهم فيها لمجاورتهم بلادهم » لم تزل 
عداوة الأديان والغلية تتجدد ينهم » .)١(‏ وفى هذا الكلام مبالغة . 

د عد د 


هكنا أسدل الستار على هذه الغتنة الإفريقية الكبرى بعد حووب طويلة ودماء غزيرة . 
ولكن الأيام تكفلت بمحو اثار هذه العداوة » وبعد أن قامت الدولة الأموية الأندلسية 
بقليل لن نجد فى الأندلس إلا أندلسيين ولكن أسوأ آثارها أنها قللت من قوة المسلمين فى 
مواصلة الفتوح فى غالة وهى فرنسا . فقد كان من المسكن قيل هنه الثورة أن يستمر 
المسلمون فى مغازاة ما لم يغزوه بعد من أنحاء الأندلس حتى يستولوا على شيه الجزيوة كلها . 
بفضل جموع اليرير المهاجرة . 

أما الآن . وقد عادت هذه الجموع اليربرية إلى بلادها » ويعد أن هلك منها فى الفتنة من 
هلك » فلم يعد من الميسور تعمير شبه الجزيرة كله بالمسلمين ء وانقسح أمام الإسبات 
التصارى محال التمو وتجددت أمافم فى غَرْو بلاد المسلمين وليس يخفى على أحد أن 
الأندلس الإسلامى إنيا أَبَىَ من الشيال والغرب - حيث هاجو البربر - ولم يُدْتَ من الشمال 
الشرقى حيث ظلت جماعات العرب والبربر مقيمة فى إقليم سرقسطة. 


0 ك2 


. 55 روى ذلك صاحب فتح الأندلس . ص‎ )١( 





مؤرخو الأندلس والعداء بين القيسية واليمنية 7م١1‏ 





41 مؤرخو عندما نشر راينهارت بيتر - أن دوزى كتابه المشهور فى تاريخ الأندلس - 
الأندلس والعداء المعروف ب ١‏ تاريخ مسلمى إسبانيا» - أدار ثلثه الأول على الحروب 
بين القيسية واليمنية | القبلية التى وقعت بين عرب الأندلس خلال عصر الولاة » وبالغ فى 
تصوير هذه الحروب حتى جعل العرب الذين استقروا فى شبه الجزيرة شراذم من أهل 
العصبيات لا هَمَّ لما إلا الاقتتال فيها بين بعضها وبعضء كأنهم كانوا منقسمين إلى شعبين 
متعاديين لا تربط أحدهما بالآخر رايطة » هما شعب عدنان وشعب قحطان» لا يبالى أحدهما 
بشىء فى سبيل القضاء على الآخر » ومضى يصف فى إسهاب الوقائع والأيام التى دارت بين 
الفريقين فى نواحى الدولة الإسلامية عامة وفى الأندلس خاصة دون التفات إلى شىء آخر» 
كأن تاريخ العصر الأموى لم يكن إلا تاريخ الصراع بين عرب الشال وعرب الجنوب17). 

ومن هنا جاءت الصورة التى رسمها لعصر الولاة فى الأندلس صورة مشوهة لا تمثل 
الحقيقة التاريخية فى شىء . ولكن ذلك التشويه لا يخلو من دلالة ها قيمتها . فمقد كان دوزى 
أول من كتب تاريخاً للأندلس على منهج علمى صحيح . وكان أول مؤرخ محدث التمس 
هذا التاريخ فى مصادره الأولى واقتدر على قراءة هذه المصادر » فوفق فيها فشل فيه مؤرخون 
لم يتأهلوا هذا المطلب بأدواته اللازمة("2 » ووضع يده على الأصول التى ينبغى أن يؤخذ منها 
ذلك التاريخ » ففتح بذلك الباب لمن جاء بعده . 


)١(‏ حلنعما) عتعدموط'ل ك5ستصاندب55 دعل عنزماون ,100217 عأكلاظم الإع]اعط '[داكلم لا لماعم 
.(1861.مء 
وقد لقى الكتاب لأول ظهوره رواجاً عظيرا » فأعيد طبعه وترجم إلى الإنجليزية والفرنية والألمانية والإسبانية . 
ثم أشرف إيفاريست ليفى - بروفتسال على طبعه طبعة جديدة معدلة منقحة ظهرت ف ثلاثة يجلدات سنة 19175 . 
(0) مثال ذلك : . 1805 .لتمدقة ) . دمدمكع عل معناترن ورماذأل] .تاتاراكهاح 
وقد تحدث ف الجزء العشرين منه عن العرب فى الأندلس 
. 1820 .ل1ئلدالآ .دسدموظ عع دعطدعم 105 عل 2مماذزل] . 18 0011 101110لم 10518 
وانظر نقد دوزى هذين المؤلفين فى أبحائه: 
بلعلزعا .ل36.6) ععمة -معنانلل! ع! امدلمعم عمعدمءع '! عل عربطمء16ن! دل اء ععتماكتط '! عند دعطء بعرعع 8 
500 30 .مم .! .امن 1881 
وانظر نقد رامون منندذ بيدال لمعظم ما كتب فى أوروبا فى تاريخ إسبانيا الإسلامية فى : 
00 3 .مم.] عدده: (1929 ,8120210 .لع دع )١‏ 010 اعل قصدمدط ما . قط اط معا” اطع لاع اا العللم م 


١ 2 َ‏ مؤر خو الأندلس والعداء بن القّيسية والِمنية 





وقد نقض آراء دوزى مستشرقون لا يقلون عنه تبحراً » مثل يوليوس فلهاوزن واجناتس 
جولدتسيهر ء فأما الأول فلم يقره على ما ذهب إليه من المبالغة فى تصوير ما كان بين 
العدنانية والقحطانية(2 » وأما جولدتسيهر فتعمق الأمر وبحث موضوع العدنانية 
والقحطانية عامة » وانتهى إلى أن البحاثة الغربيين أسرفوا وأكثروا فى ذلك الموضوع دون 
سند كافٍ من الأصول ء فإن العرب فى الجاهلية وصدر الإسلام لم يقولوا إنهم ينقسمون إلى 
عرب شهال وعرب جنوب ء وإنما نشأ ذلك التقسيم البيّن للعرب إلى شعبين متعاديين خلال 
العصر الأموى ونتيجة لسياسة بنى أمية فى الاستعانة بجماعة من العرب على جماعة » 
وتقريب قوم دون قوم ء فإذا قرّب الخليفة الأموى قيسياً حظيت قبيلته وحاول أبناء 
عمومتها أن يفيدوا من ذلك » وإذا قرب الخليفة شيخ كلبياً ( أى يمتيا ) سخطت القيسية 
صاحبة الحظوة أولاً . 

وأخذ كل فريق يتعصب لأصحابه ويحمل على منافسيه » فظهر هذا الغداء بين العدنانية 
(أو المعدية ) والقحطانية . وهو عداء أخذ أسماء شتى » فهو فى الشام خصومة الشام واليمن» 
وى خراسان عداء مضر وأزد اليمن » وفى الأندلس صراع قيس وكلب. وفى أثناء ذلك 
الصراع مضى كل فريق يعتز على صاحبه بأعمال أجداده فى الجاهلية » ونسبوا هؤلاء الأجداد 
من الوقائع ما لم يكن » وهكذا رجع الناس بخصومة العدنانية والقحطانية إلى الوراء » 
وتصوروا أن هذه الخصومة قديمة قدم الجاهلية » وردد المؤرخون ذلك كأنه حقيقة 
نا 

ويعنينا الآن أن نقول إن ما يحكيه مؤرخو الأندلس عن عداء قيس ويمن فى الأندلس 
مبالغ فيه » أو على الأقل مبالغ فى تصويره بحيث يبدو وكأنه هو كل تاريخ الأندلس فى عصر 
الولاة . وهذا هو ما نخرج به من كتابّئ الأخبار المجموعة وافتتاح الأندلس مثلاً » وهما أكثر 
المراجع إسهابا فى الكلام على عصر الولاة . 

والحقيقة أنه كانت هناك بالفعل عداوة بين قيس ويمن فى الأندلس » وأصوها ترجع إلى 

. تماكتاث دزاء5 لضن طعاعظ علءواطوعم كد7آ ,الت ذناى اناغ /لا كلا انز 
بعنوان : تاريخ الدول العربية إلى نباية العصر الأموى » ترجمة الدكتور محمد عبد الحادى أبو ريدة » القاهرة /1961. 


)١(‏ انظر : تعليقنا على هذا الموضوع على هامش الطبعة الجديدة التى قمنا بها لكتاب جرجى زيدان : العرب قبل 
الإسلام , القاهرة سنة /1981 . 


القيسية تستبد بأمور الأندلس ه4١1‏ 


ما كان بين هذين الحيين من صراع على السلطان فى قلب الدولة الأموية » وكان أحدهما إذا 
انتصر فى مرحلة من مراحل النزاع اشتد على الآخر » فهاجرت جماعات منه إلى الولايات 
ونفوس أفراده تفيض بالحقد واللدد » وهناك تنضم إلى من تجده من أبناء عشيرتها » فتتعجمع 
كسَرٌ القبائل » وتتكون الجماعات القيسية والمضرية » ويتجدد النزاع القبلى بصورة أعنف مما 
كان فى قلب الدولة » حدث ذلك فى خراسان والمغرب والأندلس وغيرها من الولايات . 

ولكن العصبية م تكن وحدها سبب النزاع القبلى فى الأقاليم » فقد كان هناك التنازع على 
المغانم والسلطان فى الولايات » وكانت هناك مصالح جديدة تختلف من ولاية لولاية » ومن 
هنا كانت بعض القبائل تتناسى عصبيتها فى سبيل كسب مادى وتنضم إلى قبيل غير قبيلها» 
وكانت هناك قبائل محايدة » لا هى من قيس ولا هى من مضر » وكانت تنضم إلى هذا الفريق 
أو ذاك بحسب ما تمليه عليها مصالحها . ومن ثم فقد كانت الأحزاب التى اصطرعت فى 
الأندلس خليطاً من هذين الحيين فى أغلب الأحيان » ولكن كانت تغلب عليها صفة 
الأكثرية من جماعتها . 

وقد رأينا فيها مر من الكلام طلائع الصراع بين القيسية واليمنية فى الأندلس » وكيف بدأ 
الحيان يتنازعان على السلطان , ثم شغلتهم| عنه الثورة البربرية أو الفتنة المغربية . 

فلا انتهت هذه الثورة خلا الجو هما فعادا إلى النزاع . وأسرفا فيه إسرافاً جاوز كل حدء 
حتى ضعف أمر العرب والإسلام فى الأندنس » وكاد أمرهما يتلاشى فيه جملة » لو لم تتداركه 
العناية بعبد الر حمن الداخل . 

* »#*# * 

:ه-القيية 0 نخرج عبد الملك بن قطن ومن معه من اليمنية مظفرين من المعركة العنيفة 
تسستبد بأمور ١‏ مع البربر ء كما خرج منها عبد الر حمن بن حبيب ف إفريقية » ولكنه لم يطلمئن 
الأندلس على أمره مادام بلج وأصحابه إلى جانبه » وقد كان هؤلاء قيسية لا يقنعون 
بغير الصدارة والقيادة . ثم إن هذا النصر لم يتأت إلا بسيوفهم, فأتام عبد الملك خائفا منهم 
يترقب » ولم تكد الحرب تضع أوزارها حتى أسرع يطالب حلفاءه بمبارحة الأندلس وفاء 
بالعهد الذى قطعوء على أنفسهم . فتلكأ هؤلاء حيناً » فيا كاتوا ليتركوا هذا البلد الذى 
أقبلت عليهم النعمة فيه إلا إذا أخرجتهم منه قوة . 


الل بلج بن بشر يلى أمور الأندلس 





ثم إن عبد الملك لم يكن خالص النية نحوهم » إذ اعتذر عن إعادتهم إلى إفريقية جماعة 
واحدة » متعللاً بأنه لا يملك سفنا كافية لنقلهم وما جمعوا من خيرات وغنائم . وطلب بلج 
وأصحابه أن يبحروا من الجنوب الشرقى من ناحية تدمير (مرسية ) حتى يستطيعوا العبور 
إلى ناحية أخرى من إفريقية يستطيعون الذهاب منها إلى القيروان » ولكن عبد الملك أصر 
على أن يبحروا من الجزيرة الخضراء » وتعلل بأنه لا يستطيع نقل سفنه من هذه الناحية خوفاً 
من انتهاز البربر الفرصة والعبور إلى الأندلس10). 
45 بلج بن وليس إلى الشك سبيل فى أن عبد الملك لو وق لهم بعهده لبحثوا عن تعلة 
بشريى أمور أخرى للبقاء فى الأندلس » فقد أصابوا فيه من الخير ما لم يكونوا يحلمون به » 
الأندلس فأما وقد بدأهو بالعدوان - لسوء رأيه وقلة سياسته - فلم يعودوا يرون 
حرجا فى مناصبته العداء ومهاجمته . ووثبوا به فى أوائل ذى القعدة 7١ه‏ ( 7١‏ سبتمبر 
سنة ١4/ام‏ ) وخلعوه وأخرجوه من القصر وأقاموا أميرهم بلجاً والياً على الأندلس . وأقام 
عبد الملك شبه سجين فى دار له بقرطبة تسمى دار ابن أيوب . وأفلت ابناه قطن وأمية » 
فلحق أوهما بأربونتة حيث كان يقود جند المسلمين عبد ال رحمن بن علقمة اللخمى وكان من 
أنصار عبد الملك بن قطن . وجعلا ينظران معاً فيما عسى أن يصنعاه إزاء هؤلاء القيسيين 
الذين لم يطمئن لهم جنب حتى أنزلوا اليمنية عن الإمارة جملة . وأما أمية بن قطن فلحق 
بهاردة حيث اجتمع عليه نفر من عرب الأندلس وبربرها وأخذوا يتحفزون للأخذ بثأرهم 
من بلج وأصحابه (). 

أثار اتتصار الشآمية هذا ثائرة أهل البلد جميعاً : عرباً وبربراً وإسباناً» إذ اعتبرهم الجميع 
أجانب ينبغى إخراجهم على أية صورة. ولم يقف العرب منهم موقف عربى من عربى ٠‏ بل 
موقف صاحب البلد من غاز أجنبى » ولهذا نجد قدماء عرب الأندلس - يمنية وقيسية - 
يثورون على هؤلاء الشآمية يدا واحدة ويحاولون إخراجهم . وتلك هى الفترة التى ظهر فيها 
(١)الأخبار‏ المجموعة . ص 4١ - 8٠‏ . 

ابن عذارى : البيان المغرب » ج ” ص 3١‏ . 

ابن الأثير : الكامل » ج 2 . ص ١184‏ . 

المقرى : نفح الطيب » ج 5 ).ص 1١7‏ 
(؟) الأخبار المجموعة :ص "4 . 


ابن عذارى : البيان المغرب .» ص ؟” . 
المقرى : نفح الطيب » ج؟ » ص ١ ١7١‏ 


يلح بن بشر يلى أمور الأندلس /ام ١‏ 





التمييز بين ما يسمى بالبلديين والشاميين » فأما البلديون فهم عرب طالعة موسى ومن أتى 
بعدهم من أرسال العرب . وقد استقروا فى البلد ورسخت جذورهم فى نواحيها قرابة 
ثلاثين سنة ء» وتوشجت بينهم وبين أهلها الأواصر » وكان معظمهم يمنية » واليمنية ذات 
ميل إلى التعمير والاستقرار والهدوء » فقويت الصلات بينهم وبين الأرض وأهلها . 

وأما الشآميون فهم هذه الجاعة التى أقبلت مع بلج » ومعظمهم قيسية » وقد نظر أهل 
البلاد إليهم على أنهم أجانب كما قلناء واجتمعت كلمتهم على حربهه”(23»؛ ولو لم يكونوا على 
جانب عظيم من الشجاعة والمهارة الحربية لذهبت ريحهم أو لاندمجوا فى الآخرين . وكان 
من سوء حظ الأندلس أن يكونوا من خيرة العرب شجاعة وقدرة » فطال البلاء بهم 
واستمرت الحرب بينهم وبين البلديين سجالاً . 


ويبدو أن عبد الرحمن بن علقمة اللخمى لم يحزم أمره على السير الحرب بلج وأصحابه إلا 
حين| بلغه نبأ مقتل عبد الملك بن قطن الفهرى » فجاشت نفسه ونفس حليفه قطن بن عبد 
الملك ومن معهم| من البلديين ومن التف حوطما من البربر وأهل البلد لطلب الثأرء وساروا 
لحرب بلج ومن معه من القيسية . وأما مقتل عبد الملك فقد وقع بعد ولاية بلج بقليل : ذلك 
أن عامل عبد الملك على الجزيرة الخضراء أهمل فى أمر رهائن القيسية الشامية الذين كانوا فى 
جزيرة أم حكيم » وم يرسل إليهم الماء بانتظام » وكان الماء يحمل إلى هذه الجزيرة إذ لم يكن 
فيها ماء . فلما تولى بلج أسرع فأرسل من يفك أسر هؤلاء الرهائن » فوجدهم على أسوأ 
حال من الإجهاد والعطش . ووجد أن أحدهم - وهو غسانى من أهل دمشق - قد مات 
عطشاً . فنهض اليمنيون من أهل قرطبة يطاليون بلجا برأس عبد الملك فداء لابن عشيرتهم 
الغسانى . وتلكأ بلج إذ نفرت نفسه من قتل عبد الملك وهو شيخ قد عدا التسعين » ثم إن 
مسئوليته عن موت الغسانى لم تثبت » فشك اليمنيون فى نوايا بلج وظنوه لا يهتم لثأرهم 

وكادت الفتنة تقع بينهم وبينه » فلم| لم يجد من الأمر بدا أباح لهم دمه » فأخرجوه « وهو 
شيخ كأنه فرخ نعامة . وهو ابن تسعين سنة أو أكثر . حضر الحرة مع أهل المدينة » ومنها قل 
إلى إفريقية . فأخرجوه. وهم ينادونه : 7 يا فال! فللتَ من سيوفنا يوم الخرة ثم عرضتنا ( ل) 
أكل الكلاب والجلود طلباً يأر الحرة» ثم بعت جند أمير المؤمنين ! » . ثم قتلوه وصلبوا 


5 ١7 ابن القوطية : افتتاح » ص‎ )١( 


1١84‏ موقعة أقوة برطورة 


رفاته وعن يمينه خنزير وعن يساره كلب ء إمعاناً فى الزراية والنكاية »(7). 


قلما بلغ ذلك عبد الرحمن بن علقمة اللخمى وقطن بن عبد الملك ومن معههم| من العرب 
فى إقليم أربونة » ثارت فى نفوسهم الحمية لطلب الثأر» وساروا بجمعهم نحو قرطبة للقاء 
الشآميين وحربهم » ؤثارت العصبية مرة أخرى فى نواحى الأندلس كلها ء وتسارع اليمنيون 
للانضمام إلى عبد ال رحمن بن علقمة . وجمع بلج من استطاع جمعه من قيس ومن انضم إِلْي 
من مواليهم من البربر ومن أهل البلد الإسبان . وطبيعى أن يكون جمع اليمنية أضخم لأن 
معظم البلديين انضموا إليهم » فيقال إن عددهم بلغ أربعين ألفاً على قول » ومائة ألف على 
قول آخر»ء فى حين لم يزد من مع بلج عن اثنى عشر ألفاً . وعسكر بلج وأصحابه فى موضع 
يقال له أقوة بُرطورّة على بريدين من قرطبة ("). 
ولم يلبث عبد الرحمن ومن معه أن أقبلوا بجموعهم ووقع اللقاء بينهم وبين 
خصومهم . ولم يعرف عرب الأندلس وقعة بينهم وبين أنفسهم أعنف 
ولا أحمى ولا أبعد أثرا من هذه . لقد تفانى الجانبان فى القتال وتساقط 


4ه - موقعة أقوة 
برطورة 


الآلاف منهم جرحى . وحسب عبد الرحمن بن علقمة أنه يضع حداً لهذه المذبحة إذا قتل 
بلجاًء وكان عبد الرحمن أعظم مقاتلى الأندلس وأرماهم بالنبل » فسأل عن بلج فدلوه عليه 
ففوق نحوه سهامه ومضى نحوه على عجل وضربه بالسيف ضربتين أصابتا منه مقتلاً . 
ويبدو أن هجومه زعزع الشامية عن مواضعها حتى خشى رجاها الحزيمة » فتصدى له واحد 
منهم هو الحصين بن الدجن العقيلى قائد خيل جند قنسرين وثبت له وجعل يبعده ومن معه 
عن الميدان حتى انفرد به وشغله عن المعركة الدائرة » وانتهز البلجيون الفرصة فهجموا على 
بقية البلديين هجمة قصموا بها ظهورهم وألحقوا بهم مقتلة شديدة . 

واستمر القتال أياماً» ومات بلج بعد يومين متأثراً بجراحه » فتولى قيادة الشاميين ثعلبة 
ابن سلامة العام » ورجحت كفة البلديين حيئاً وائبزموا إلى ماردة حيث أقبلت جموع 
البلديين ومن معهم من البربر تحاصرهم » وخاف ثعلبة الهزيمة » فكتب إلى خليفته بقرطبة 





. 47 الأخبار المجموعة. ص‎ )١( 
. 78 ابن عذارى : البيان المغرب ء ج 7 ص‎ 
..15 ابن القوطية : افتتاح » ص‎ )5( 
. 47 الأخبار المجموعة . ص‎ 
. 787 وانظر عن أقوة برطورة : المعجم الجغرافى الملحق بترجمة لافوينتى ألكانترا للأخبار المجموعة ص‎ 


مجىء أبى الخطار بن السام الكليى ١1‏ 





أن يخرج لمناجزة أهل البلد . وطال القتال. وحضر عيد الأضحى . فشغل به البلديون عن 
قتال الشآميين » فانتهز هؤلاء غرّّتهم ودبضوا فيهم نهضة أزالتهم عن مواضعهم وأنزلت بهم 
مذبحة وهزيمة عظمى ». وبهذا انتهى هذا الصراع العنيف ببزيمة ساحقة لليمنية والبلديين . 
وقد كانت الهزيمة ساحقة إلى درجة فَلَّت غربهم وأضعفتهم وأخرجتهم من ميدان السياسة 
ومن القيادة » ومن ذلك الحين أخذ معظمهم يتفرقون فى نواحى البلاد » ويشتغلون بالزراعة 
والتجارة وما إليهما من أمور المعاش وشئون النشاط السلمى . ومن هنا أهمية هذه الموقعة فى 
تاريخ البلاد الاجتماعى(22. ولم يستطع من بقى منهم ف الميدان النهوض من جديد ء إلا 
حينا أقبل عبد ال رحمن الداخل على ما سيأتى ذكره . 

واقترب ثعلبة بن سلامة العامل بمن معه من قرطبة يجر فى ركابه من وقع فى قبضته من 
كبار اليمنية وذرارهم أسرى ٠‏ ونزل عند المصارة(") من ظواهر قرطبة وعقد سوقاً لبيع 
هؤلاء الأسرى » وقد أراد له لدد العداوة أن يبيعهم لمن ينقص لا لمن يزيد ! فجعل الناس 
ينقصون حتى بيع واحد من كبارهم بكلب وثانٍ بعود » واستمرت هذه المهزلة المبكية 
أيامً9”). 
0-مجىءأبى فبين| ثعلبة فى ذلك إذا ضجة تتعالى من بعيد » وإذا موكب يقترب ء ونظر 
الخطار بن الحسام الجمع فإذا وال جديد للأندلس يقبل ومعه وثيقة التعيين من حنظلة بن 
الكلبي صفوان عامل إفريقية » وهو أبو الخطار الحسام بن ضرار الكلبى » بعثته 
العناية فى هذه اللحظة لينقذ أسرى البلديين من هذا البلاء المهين الذى كان ثعلبة ومن معه 
من الشاميين يصرون على إنزاله بهم . وكان أبو الخطار ‏ رجلاً من خيار أهل الشام من أهل 
دمشق » فرضى به الشأميون والبلديون » وأطلق الأسرى والسبى » فسمى ذلك العسكر 


(١)الأخبار‏ المجموعة .ص 45 . 
ابن عذارى : البيان؛ ج 7 )اص 54-3#. 
وانظر عن تعلبه بن سلامة : 
الضبى : بغية الملتمس . ص 775-576 رقم 705 . 
المقرى : نفح الطيب » ج7ء ص ١8-17‏ . 
(1) تقع إلى شهالى قرطبة » ويذكر لافويتى ألكائترا فى قاموسه الجغرافى الذى ذيل به ترجمته للأخبار المجموعة أن 
موضعها كان موضع طاحونة زيت ١»‏ المصارة - المعصرة 61008252 بالإسبانية ) 
انظر الترحمة الإسبانية . ص 4 ؟ هامش. 
("؟) الأخبار المجموعة. ص 45 . 
ابن عذارى : البيان. ج 7 اص ”7” -4” . 


5 إخراج الشاميين من قرطبة إلى الكور 


«عسكر العافية » وأفلت ثعلبة بن سلامة وعثمان بن أبى نسعة وعشرة من قواد الشام » وأمّن 
ابنى عبد الملك بن قطنء فاستقامت حال الناس بالأندلس » وأنزل أهل الشام بالكور»10©. 

وبدأ أبو الخطار ولايته على الأندلس فى ذلك اليوم من رجب سنة 78١ه‏ (مايو سنة 
4 /ام) . وصادف بدء ولايته ميلاً عاماً من مسلمى الأندلس إلى المهادنة والسكينة بعد ما 
كان من شرور العصبية » وكانت الحروب قد أنمكتهم وكادت تفنيهم حتى خشوا على 
أنفسهم غائلة نصارى الشهال » وكانوا قد بعثوا إلى حنظلة وفداً منهم يبسط له سوء حال 
الأندلس ويرجوه أن يغيثها برجل فاضل يكف القتال ويقر السلام بين الجماعات المتعادية » 
فتخير لهم أبا الخطار هذا وبعثه فى اللحظة المناسبة على ما رأينا . وقد بدأ أبو الخطار ولايته 
بدءاً حسناً فأمن أمية وقطن ابنى عبد الملك بن قطن ومن معههما من اليمنيين والبلديين 
المروّعين بعد هزيمتهم » وأخرج من الأندلس نفرأ من المسرفين فى عصبيتهم من الشاميين 
وأعادهم إلى إفريقية وفيهم ثعلبة بن سلامة » وانتهى بعد تفكير إلى ضرورة إبعاد الشامية 
4-إخراج اقترح عليهم أبو الخطار أن ينتقلوا إلى الأرياف فى الكور » على أن يجعل 
الشآميين من قرطبة لمم ثلث ما يجبى من أهل الذمة فى النواحى التى يختارون الإقامة فيها . وم 
إلى الكور تفصل لنا المراجع هذا الاتفاق بأكثر من ذلك » فلسنا نعلم إن كان 
استقرارهم فى هذه النواحى معناه قيامهم بجباية أموالها واحتجاز الثلث لأنفسهم وإرسال 
(١)الأخبار‏ المجموعة » ص 45. 

الضبى : بغية الملتمس » ص 7١١‏ -777 رقم 2587 . 

وقد أمدنا ابن القوطية بملاحظات طيبة عن ولاية أبى الخطار » فقال : إن هشاماً حين) بلغه ما فيه عرب الأندلس 
من افتراق وحروب شاور ابن أخيه العباس بن الوليد ( يذكر ابن القوطية خطأ أنه أخوه ) فنصحه بأن يعدل عن عدائه 
لليمنية القحطانية لكى يجنذب قلوبهم » فاستمع لنصيحته وولى حنظلة بن صفوان الكلبى إفريقية وأمره بأن يولى ابن 
عمه أبا الخطار الأندلس فمضى أبو الخطار فى نحو ثلاثين رجلاً من الشاميين ( من عرب إفريقية ٠‏ ويسميهم ابن 
القوطية الطالعة الثانية من الشاميين ) . وأراد أن يفاجىء عرب الأندلس » فسار متستراً وأخفى لواء الولاية الذى 
أعطاه إياه حنظلة فى عيبة كانت معه » فلم| نزل بوادى شَوْش واقترب من المكان الذى كان الفريقان يتحاربان فيه بقبل 
قرطبة ٠‏ رفع اللواء وأعلن نفسه للفريقين . فتسارعا إليه كل يشكو من الآخر . فاشترط عليهم السمع والطاعة » 
فأجابوا . وذكر له اليمنيون أنهم لا يحتملون الشاميين ولا بد من إخراجهم عنهم . فطلب إليهم أن يمهلوه حتى يدخل 
قرطبة ويستريح . ثم يفصل فى أمرهم بالعدل , فأجابوا . وقد بدأ أمره بإخراج تعلبة بن سلامة العامل والوقاص بن 
عبد العزيز الكنانى وعثمان بن أبى نسعة الخثعمى من الأندلس إل طندجة بإفريقية » ثم ثنى بتفريق الشامبين فى نواحى 


الأندلس على ما سيأتى بيانه . 
انظر : افتتاح الأندلس . ص19 - 7١‏ . 


إخراج الشامين من قرطبة إلى الكور ١4١‏ 





الثلئين إلى قرطبة » أو أن عمال والى الأندلس كانوا يجبون الخراج على العادة ويعطون ثلثه 
هؤلاء العرب الشاميين . فإن كان النظام الأول فمعناه أن أبا الخطار أقطعهم هذه النواحى 
مقابل أن يؤدوا ثلثى خراجها دون أن تتدخل الإدارة المحلية فى شئونهم أو شئون الإقليم » 
وإن كان الثانى فمعناه أن هذا الثلث الذى كان يُعطى لهم كان معتيرا : عطاء » عن الخدمة 
العسكرية التى كانوا ملزمين بأدائها بصفتهم جنداً رسمياً مقيداً فى الديوان . ولكن الغالب 
أنهم استقروا فى هذه النواحى على النظام الأول» أى ١‏ مقطعين » , لأن شواهد الحوادث بعد 
ذلك ندل عليه صراحة ء ثم إنه كان - كما سنرى - النظام السائد المتبع فى الأندلس إلى ذلك 
0 


حرص أبو الخطار . وهو يقوم بذلك . على ألا يمس حقوق البلديين . وكان هؤلاء قد 
توزعوا فيهما بينهم بعض نواحى الأندلس الخصبة على مثل هذا النظام من المقاطعة : كان 
كثيرون منهم قد استقروا فى أقاليم سرقسطة وأربونة وباجة وإشبيلية » فلم يشأ أبو الخطار 
أن ينزِل هؤلاء الشاميين إلى جوارهم » وقد أشار عليه بذلك أرطباس بن غيطشة شيخ 
نصارى الذمة » وكان مقيراً إذ ذاك فى قرطبة متمتعاً بمقام كريم بين العرب وأهل جنسه 
وعند الولاة » ويبدو أنه كان مشيراً لمؤلاء » يسألونه الرأى فيها يحزبهم من شئون البلاد . 
وهو ها أعرف ». وقد أشار على أبى الخطار بذلك . وكان رأيا حسنا » قبله الشآميون » فبادر 
أبو الخطار إلى إنفاذه0") . 


أقر أبو الخطار كل جماعة من الشامية اتية من جند بلد واحد فى ناحية » وكان جند مصر 


(١)الأخبار‏ المجموعة .ص 15 . 
إيزيدور الباجىء الجزء المنشور ذيلاً للأخبار المجموعة , الفقرات من 14 إلى 717 . 
ابن عذارى : البيان المغرب » ج7 اللي 
المقرى : نفح الطيب» ج 7ص 14-1١١‏ . 
ابن الأثير : الكامل . ج 6 .ص 7١4‏ . 
ابن الخطيب : الإحاطة . ج١اءص .١9-١8‏ 
9 - 168 .مم .! ,عمعدمكت 'ل كمقددماناكن184 . 100217 
. 35 - 34 .مم .ا ,عضدص انكن14 عمعممعط '! عل عرأماكللا لقالاع /1ا0خ1اط-الاطنا .ع 
(؟) ابن الخطيب : الإحاطة ( طبعة محمد عبد الله عنان . القاهرة 1935 ) . جاء ص ٠١9‏ البيان المغرب ( طبعة 
كولان وبروفتسال» ليدن ١940١)ج7‏ ص 77 
79-0 .مم.1 ,كعطءعلاءء , 100217 
.08--111.197 .مم . ممدموط عل وعطدعة5402 كما عل دضمادناط . 1طال515101 
501 .35 .م ,7201 أنكلالا عمعتمءط '! عل .)كنا .اختلاع لا0هط-الاطا.ع 


١47‏ ظهور الصميل بن حاتم 





أكثرهم عدداً فأنزهم فى ثلاث نواح هى : أوكشونبة وباجة وتدمير ( مرسية ) » وأنزل جند 
حمص فى إشبيلية » وجند فلسطين فى شذونة » وجند الأردن فى ريه (ناحية مالقة ) » وجند 
دمشق فى البيرة » وجند قنسرين فى إقليم جَيّانَ » وبهذا تفرق هذا الجند المشاغب فى نواح 
شتى متباعدة فهدأ أمرهم إلى حين » وكان إنزاهم بعيداً عن مواقع البلديين الأول سبياً فى 
سكون هؤلاء واطمئنانهم لعدل أبى الخطار » فأقاموا اعلى ما بأيديهم من أمواهم لم يتعرض 
لهم فى شىء منها » . فلا وجد الشآميون أنفسهم فى بلاد « تشبه بلادهم » و [ى] توسعة » 
سكنوا واغتبطوا وتمولوا)(3). 

فاستقر الكثير منهم فى الأرض وأخذ يعمل فيها » وشغلوا بذلك عن منازعات السياسة 
والعصبية , ول يلبثوا أن كثرت أمواهم » وكان فى ذلك خير كثير للأندلس وأهله . 

ولو قد استمر أبو الخطار على هذه السياسة العادلة لصلحت الأحوال وانتهت هذه 
العصبية البغيضة التى مزقت عرب الأندلس إلى ذلك الحين شر ممزق » ولكنه لم يلبث أن 
انحرف عن الجادة ومال إلى عصبيته الكلبية اليمنية » وكان سبب ذلك مقتل صديق له عزيز 
عليه هو سعد بن جوّاس »ء فاتهم الشامية القيسية بقتله » وأخذ يتحيفهم ويُنزل بهم ما 
يستطيع من الأذى(21 » فاستعرت نيران عصبيتهم من جديد » وبدا بوضوح أن الأندلس 
مشتعل مرة أخرى بنيران هذه العصبية على صورة أشد مما رأى فى سابق الأيام . وحدث أن 
مَعْدياً كنانياً من الشامية اختلف مع كلبى فشكاه الكلبى إلى أبى الخطار » فجار هذا فى حكمه 
على المعدى ( العدنانى) » فذهب إلى شيخ من كبار الشآمية يسمى الصميل بن حاتم بن شمر 
- ويلقب بذى جوشن - يشكو له ما أصابه » فمضى هذا إلى أبى الخطار . وكان أبو الخطار 
يتخوف الصميل » لأن أمر القيسية كان قد انتهى إليه وفاقهم بالنجدة والسخاء » وتوجس 
منه أبو الخطار شرا . 
؛ه-ظهور- فلا أقبل الصميل إلى أبى الخطار فى شأن العدنانى انتهز أبو الخطار الفرصة 
الصميل بن حاتم وأحب أن يشفى بعض لدد نفسه منه » فلكزه وشتمه وأمر جنده أن يضربوه » 
فضربوه حتى مالت عرامته من على رأسه » فخرج وقلبه يتلظى بنيران التأر » وعاد إلى داره 
بقبق قرطبة فجمع كبار قومه وأخذ يشاورهم فى السبيل التى يستطيعون بها أن يغسلوا هذه 
(؟)الضبى : بغية المللمس »ص 50١‏ . 


ظهور الصميل بن حاتم 1١7‏ 





الإهانة ويدركوا ثأرهم من أبى الخطار واليمنية29 . 

وكان الصميل فى ذاته شخصية غريبة جداً » تكاد تعتبر فى ذاتها نموذجاً لهذا الطراز من 
العرب الذين دخلوا الإسلام بخيرهم وشرهم » وظلوا فيه على حاهم لم يكد الإيهان يمس 
قلوبهم أو يغير منها شيئاً ؛ وقد وصفه دوزى وصفاً لطيفاً لا بأس من إيراده لدقته : «لم يكن 
الصميل رجلاً عاديا لا فى الخير ولا فى الشر ء وكانت نفسه بطبيعتها خيرة كريمة ولكتها 
كانت خاضعة لقوتين متكافثتين من الخير والشرء متعالية جياشة عنيفة لا تنسى ثأرها . 
كانت نفسه مهيأة تهيئة قوية » ولكنها كانت جاهلة نشيطة خاضعة للغريزة يقودها الحظ 
كيف شاء » كانت خليطاً غريباً من الملكات المتعارضة أشد التعارض . كان يبدو نشطأ مثابراً 
إذا ما اسثيرت عواطفه ء فإذا هدأت ثورة نفسه بدا كسولاً قليل الاكتراث . وكانت هاتان 
النصلتان الأخيرتان أقرب إلى طبعه . 

وكان كريماً واسع العطاء » وكانت تلك صفة يقدرها أصحابها أكثر تما قدروا غيرهاء 
وقد بلغ من كرمه أن شاعره كان يحرص ألا يزوره إلا مرتين فى العام » مرة فى كل عيد » حتى 
لا يستنفد الصميل ماله » إذ كان أقسم أن هبه كل ما عنده مهما رأه . وكان لكل سيد عربى 
شاعره » كما كان الحال عند سادة العشائر الاسكتلندية . ولم يكن الصميل مع ذلك رجلاً 
متعلياً » إذ كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب(" » على الرغم من غرامه بالشعر » وبالشعر الذى 
يدور حول مديحه بوجه خاص . وعلى الرغم من أنه كان ينظم الأبيات منه بين الحين 
والحين» وكان أصحابه يرون أنه أتى بعد زمانه("). بيد أنه كان خبيراً بالحياة لا يكاذ يفوته 
من وجوهها شىء » حتى أن أعداءه أنفسهم كانوا يقررون أنه نموذج كامل للأدب . 
وشخصية الصميل كانت استمراراً لهذا الطراز من أشراف العرب القدماء المسرفين فى 
حبهم للحياة » والذين لم يكونوا مسلمين إلا بالاسم » فقد كانت أخلاقه منحلة » وكان 


. الأخبار المجموعة »ص88‎ )١( 
. 39 فتح الأندلس » ص‎ 
. 1١ ابن القوطية : افتتاج » صن‎ )1( 
. (؟) إشارة إلى قول أرطباس للصميل فى حديث له معه : يا أبا جوشن . إن أهل ديانتك ييروننا أن أديهم لم يأغيذك‎ 
أى : أن أدب الإسلام لم يؤثر فى نفسه ء. وظل جاهلى الطبع والخلق‎ ٠ ولو أخذك لم تنكر علنّ بِرّ من بررت ؛‎ 
والنزعات.‎ 
12021 . .م1 , (932اعللإها -ل6 عوغ2 ) علجفمصوط 'ل دمدوراندن1‎ 173-174 . 
. 1١ ابن القوطية : افتتاح . ص‎ 


١0‏ زيمة أبى الخطار وولاية ثوابة بن سلامة العا 
هزيمة أبى ثوابة بن مل 





لا يكاد يحفل لشىء من أشراط الدين : فكان يشرب الخمر على الرغم من نهى الدين عنها » 
فكان يسرف فى الشراب حتى لينام كل ليلة سكران 217 . 

فأما القرآن فقد كان لا يعرف منه شيئاً » ولم يكن ليهتم بتعرف هذا الكتاب » إذ إن 
مبادئه التى تدعو إلى المساواة كانت تمس كبرياءه . ولقد خطر يوماً بمؤدب يؤدب الصبيان 
وهو يقرأ « وتلك الأيام نداوها بين الناس » فقال الصميل : «نداوها بين العرب » فقال له 
المؤدب : « بين الناس » » فقال الصميل : « وهكذا نزلت الآية ؟ » قال له : « نعم ! » قال 
الصميل ٠:‏ والله إنى أرى هذا الأمر سيشركنا فيه العبيد والسفال والأراذل !00). ولا نزاع 
فى أن الكثيرين جداً من شارك فى فتح الأندلس وساهم فى هذه الحروب القبلية بضلع عظيم 
كان من هذا الطراز » وهذا ما يفسر إسرافهم فى حروبهم العصبية التى نحن بصددها . 
هزيمة أبى فلا انتهى الصميل إلى داره فى عقدة الزيتون قبلى قرطبة » جمع من لقى من 
الخطار وولاية ثوابة الشآمية ومضى يستشيرهم فيها هو فاعل . وكان يحس قلة الشآمية القيسية 
ابن سلامة العامان أمام الكثرة اليمنية الكلبية التى كان أبو الخطار يرأسها » فئاب له رأى فى 
التقرب إلى اللخميين والجذاميين من اليمنيين وعرض الرياسة عليهم مقابل معاونته فى حربه 
مع أبى .الخطار » وكان يوسف الفهرى شيخ اللخميين حانقاً على أبى الخطار متلهفاً على 
فرصة يشفى فيها لدد نفسه فاستصوب الشامية رأيه . ولم تكن القيسية إذ ذاك على اتفاق تام» 
إذ كانت غطفان منحرفة فى استجة » لأن شيخها أبا العطاء كان يحسد الصميل على رياسته 
للقيسية دونه » لهذا بادر الصميل بالتوجه إلى استجة واسترضى أبا العطاء وكسبه إلى جانبه » 
ثم مضى إلى مورور حيث كانت منازل جذام وشيخها ثوابة بن سلامة العامل . وبهذا جمع 
الصميل بنشاطه وذكائه عصبة قوية من قبس ولخم وجذام وغطفان » واجتمع رجال هذه 
القبائل فى شذونة وعولوا على السير إلى قرطبة وعزل أبى الخطار”". 

وعجل أبو الخطار بالخروج للقاء الشامية وهو لا يشك ف الظفرء ولم يكن يدرى بما دبره 





(١)الأخبار‏ المجموعة. ص الا . 
(؟) ابن القوطية : افتتاح » ص 5١‏ . 
م2 . 174 - 173 .مم .1 ,عمعفمكظ '0 كصقص أناكنل1 ,120217 
الأخبار الملجموعة» ص 5ه . 
ابن عذارى : البيان المغرب » ج5؟ » ص 36 . 
'المقرى : نفح الطيب » ج ؟ .ص ١7‏ . 
ابن الأثير : الكامل » جة » ص !70 . 


الصميل بن حاتم يمهد الطريق ليوسف الفهرى 4ك 





الصميل من استالة لخم وجذام وإضعاف جبهة اليمنية » وكان اللقاء عند وادى لكه الذى 
شهد إلى اليوم من حروب المسلمين شيئاً كثيراً . وقد تقاعس معظم الكلبية عن قتال بنى 
عمومتهم جذام ولخم » ثم تركوا أبا الخطار فى قلة وولوا مدبرين» فلبث بعض الوقت حتى 
اضطر إلى الفرار » فإذا هو جاد فى فراره يريد قرطبة وقع أسيراً فى يد أعدائه ١‏ فكبّلوه 
بالحديد » وتولى ثوابة بن سلامة العاملى أمر الأندلس بحسب ما تم بين الصميل رأس 
القيسية الشامية وأبى العطاء رأس غطفان . وثوابة هذا سيد خم وجذام ( رجب سنة 
/اااه/ أبريل سنة 8 5 لام)217. 


لم تدم ولاية ثوابة إلا عاماً وبعض عام . ول يحدث فيها من جليل الأمور إلا محاولة أبى 
الخطار استعادة الولاية وجمعه نفراً من اليمنية وسيره إلى قرطبة . وقد اندحر أبو الخطار 
وتبدد كل أمل له فى الولاية » واختفى من صفحات التاريخ الأندلسى بحيلة ماهرة دبرها 
هذا الرجل الماهر الصميل بن حاتم : حينما عسكر الجيشان وجهاً لوجه وأخذا يستعدان 
للحرب ء انتهز الصميل فرصة هبوط الليل وبعث رجلاً من معد وقف بمعكسر اليمنية 
وناداهم مؤكداً لهم أنه إنما يقول ما يقول حقناً للدماء لا خوفاً من القتال . وجعل يسفه 
أحلامهم فى السير لنصرة أبى الخطار وحرب بنى عمومتهم من لخم وجذام . ويُذكرهم بأن 
القيسية لو كانت تريد قتل أبى الخطار لقتلته وقد كان بيدها بالأمس أسيراً . وأنهم لا ينبغى 
أن يخشوا شيئاً من ثواية لأنه جذامى وجذام يمنية » ففعلت هذه الكلمات فعلها فى نفوس 
اليمنية الكلبية وانفض معكسرهم وعادوا إلى مواطنهم» وهكذا فسد أمر أبى الخطار وضاع 
أمره » واستطاع الصميل أن يكسب الموقف بذكائه وقدرته7). 

وصفا الأمر لثوابة حيناً » ولكن ولايته لم تدم طويلاً ك) ذكرنا» فقد عاجله الموت بعد 
عام من انتصاره الأخير على أبى الخطار . ولم يكد يختفى من الميدان حتى هب أبنه عمر 
يطالب يأن يخلفه فى السيادة . ونمض لنافسته يحيى بن حريث رأس جذام وأحد كبار العرب 
الذين كوَّنوا هذا الحلف . 
٠-الصميل‏ 2 وكان الصميل يستطيع أن ينادى بنفسه أميراً على الأندلس فى ذلك الحين » 
ابن حاتم يمهد لأنه كان بالفعل رأس العصبة القائمة بالأمر ومصرّف شتئون البلاد» ولكنه 
سهدي كان أذكى من أن يَُّ أحلافه من اليمنية بمثل هذا العمل . وكان لا يرضى 


. 097 الأخبار المجموعة . ص‎ )١( 
. 3908 (؟) ابن الأثير : الكامل . جده . ص‎ 


5و١‏ الصميل بن حاتم يمهد الطريق ليوسف الفهرى 





كذلك أن يترك الأمر لأحد من المتنافسين مخافة أن يستبد به وبجاعته » فمضى يبحث عن 
شخص يرضاه اليمنيون ويأمن جانبه القيسيون , ثم يكون إلى ذلك ضعيفاً سهل القياد حتى 
يملك زمامه . 

وهداه البحث إلى يوسف الفهرى سيد الفهريين فى الأندلس » وكان للفهريين مقام ممتاز 
عند العرب أجمعين إذ ذاك » لأنهم ذؤابة قريش وكانت قريش ف هذه المنازعات كلها حياداً 
لا تسرف فى لميل إلى فريق دون فريق » وقد عجل الصميل بتثبيت أمر يوسف حتى يفسد 
على يحيى بن حريث سيد جذام مطامعه فى الإمارة . وكان يحبى شديد الكراهية للشآمية » 
وكان يقول : ؛ لو أن دماء أهل الشام جمعت إلى فى قدح لشربتها » 2١7‏ » فكره الصميل - وهو 
شآمى قيسى - أن تصير الإمارة إليه فيصيب قومه منه شر ». فلم| تم أمر يوسف الفهرى 
سعى الصميل حتى أقام يحيى بن حريث عاملاً على ريه ترضية لنفسه ولقومه() . 

من ذلك اليوم أصبح أمر الأندلس فى واقع الأمر بيد الصميل بن حاتم » فقد كان 
يوسف الفهرى رجلاً سهل القياد عالى السن » فمضى الصميل يصرف الأمر كما يشاء» 
وكان كما لاحظنا رجلاً كيساً واسع الحيلة » فلم يعسر عليه قياد بقية الزعماء . وقد استطاع 
هذا الرجل أن يكسب ود من تحالف مع القيسية الشآمية من معد » فقوى أمره وأمر صاحبه 
الفهرى . 

فإذا استقر الأمر للصميل على هذا النحو فقد بدأ يفكر فى التخلص من يحيى بن حريث 
جملة ‏ وكان يحبى كما عرفنا شديد الكراهية للشآمية » وكان لا ينفك منازعاً للصميل مهدداً 
أمره . فبادر الصميل بعزله عن ولاية رِيّهِ قبل أن تنبت قدمه ويشتد ساعده فيها » فلم يكد 
العزل يبلغه حتى نفر وقومه للحرب . وسعى حتى وضع يده فى يد أيى الخطار سيد الكلبية 
اليمنية الذى كان يعيش فى قومه ببعض نواحى إشبيلية مهملاً ضعيفا بعد هزيمته9 2 
)١(‏ الأخبار المجموعة. ص 5١‏ . 

اين عذارى : البيان » ج؟ء ص /3”1 - 358 , 
(؟) يذكر صاحب الأخبار المجموعة أن النزاع على الولاية كان شديداً بين يوسف الفهرى ويحيى بن حريث وعمرو بن 
ثوابة ( يكتبه ثوابة بن عمرو خطأ) . 

الأخبار المجموعة » ص لا8 . 
(5) كانت قضاعة قبل إجماع عرب الأندلس على يوسف الفهرى ء قد تعصبت لأبى الخطار وقام شيخها عبد ال رحمن بن 

نعيم الكلبى فجمع مائتى رجل وأربعين فارساً وهاجم قرطبة واستنقذ أبا الخطار ومضى به إلى كلب وأقره فى ناحية 

الأخبار المجموعة » ص ثرة . 


موقعة شقندة سنة 1ه (/1/4107م) /1و ١‏ 


وهكذا اتفقت كلب كلها على محاربة الصميل ومن معه من قي قيس » وشعر الصميل بالخطر 
وعرف أن يحيى فاعل به وبقومه الأفاعيل إذا قُدّر له النصرء وهذا عجل فاستنفر المعدية 
القيسية كافة » فتسارعوا إليه . 

وكان من لطف المقادير أن الدعوة إلى الحرب لم تمس إلا عرب جنوب الأندلس وحدهم. 
فبقى أهل الشرق والشمال الشرقى والغربى فى مواطنهم ل تحرك الدعوة منهم ساكثاً » وهذا 
سينحصر الصراع المقبل فى حدود ضيقة » ولن يكون له من التائج السيئة ما كان لما سبقه من 


الحروب التى أتينا عليها . 

موقعة وكان القتال بين الجانبين هذه المرة فريدا فى بابه » يصفه صاحب الأخبار 
شقندةسنة :1ه | المجموعة بقوله237: «فلم) رأت قضاعة ما يدعو إليه ابن حريث أحبوا جمع 
(لم) كلمة اليمن كلها » فأجابوا ابن حريث وقدموه فأصفقت يمن الأندلس 


حميرها وكندتها ومذحجها وقضاعتها . واحتازت مضر وربيعة إلى يوسف » وربيعة 
بالأندلس قليل . فلحق خيار اليمن بابن حريث من كل جند » وتجرع أهل البلد بتجرع أهل 
الشام » ولحق خيار مضر بيوسف والصميل » لا يعرض أحد لأحد: يخرج الجوار فيودع 
بعضهم بعضاً حتى يلحق كل رجل بقومه (!) وهى أول حرب كانت فى الإسلام بهذه 
الدعوة .. فزحف ابن حريث وأبو الخطار إلى يوسف والصميل بقرطية » فأقبلا حتى نز لا 
على نهر قرطبة (الوادى الكبير ) بقبليها بقرية سَقَئْدة . 

فت ل حت 0 
تقابضوا بالأبدى والشعور 013ل يكن فى الإسلام صبر شل إلام يذكر ست مين ول بك 
القوم بكثير لا هؤلاء ولا هؤلاء » وإنما كانوا خياراً من الفريقين وكانوا متقاربين , إلا أن 
اليمن كانوا أكثر قليلاً . فلم) أعيى بعضهم بعضاً تواقفوا يضرب بعضهم وجوه بعض 
بالقسى والجعاب . ويحئى ( هكذا وصحتها يحئو) بعضهم التراب على بعض .. إذ قال 
)١(‏ وصف ابن القوطية هذه الوقعة وصفاً موجزاً . 


انظر : الافتاح . ص 5١‏ 
وذكرها ابن عذارى بيعض التفصيل : البيان » ج5 » ص 73207 


م١‏ مأساة أسرى شقندة 


اميل ابوس : ما وفقنا إذ خلفنا جنداً نحن عنهم فى غفلة ! قال : ومن هم ؟ قال : أهل 
السوق بقرطبة ! فرد إليهم يوسف مولاه خالد بن يزيد وصاحب [ ...] فأخرجا منهم نحواً 
من أربعمائة راجل معهم الخشب والعصى ومع قليل منهم السيف والمزراق ٠»‏ فخرج 
الجزارون بسكاكينهم » فجاءوا إلى قوم موتى » وقد مضت الظهر والعصر لم يصلوها 
الاملاة خف ولا أمن + ؤقدلوا وأشرو ا بكرا كثرا خياراء.واسروا أبا:الخطار وابى خرييك 
وكانا الأميرين. 

وكان ابن حريث لما رأى أهل سوق قرطبة يقتلون أصحابه تغيب ودخل تحت سرير 
الرحى التى بموضع بيع الخشب » فل) أسروا أبا الخطار وهموا بقتله قال : ليس عل قوت » 
ولكن عندهم ابن السوداء ابن حريث ! فدل عليه » فأخرج وقتلا جميعا » وكان ابن حريث 
يقول : لو أن دماء أهل الشام معت إلى فى قدح لشربتها! فلم| استخرج قال له أبو الخطار : 
يا ابن السوداء ! هل بقى فى قدحك شىء لم تشربه ؟2300. 

تلك كانت خاتة أبى الخطار الذى أتى ليصلح الأمور فزادها سوءاً » وأراد أن يستنقذ 
اليمنية من استبداد القيسية ففقد حياته وحياة من ساروا معه » ودفع اليمنية إلى وهدة من 
المزيمة لن تنهض منها إلا فى ظلال عبد الرحمن الداخل وإمارة قرطبة » وأصبحت الأندلس 
من تاريخ تلك الواقعة تحت سلطان يوسف الفهرى فى الظاهر وسلطان الصميل بن حاتم 
فى واقع الأمر . 
ا-مأساة- وأحب الصميل أن يشفى أحقاد نفسه » فسار بالأسرى مصفدين وقعدلهم 
أسرى شقندة على باب جامع قرطبة » وكان من قبل كنيسة القديس بجنت (فينتو - 
فنسنت) » وجعل يقضى فى أمرهم بالموت واحدا واحدا فى لذة ووحشية واستخفاف يثير 
النفس » فلما ضرب أوساط سبعين منهم ثارت نفس حليفه أبى العطاء شيخ جذام » فقام 
ينهاه » ولكن الرجل رده وقال له فى نشوة الانتقام : «اقعد أبا عطاء فهذا عزك وعز قومك ) 
ومضى فى هذه المذبحة البشعة حتى لم يطق أبو عطاء الصبر » وخشى أن يكون الصميل 
القيسى يسرف هذا الإسراف فى التشفى من اليمنية رغبة منه فى القضاء عليها » وتحركت فى 
أبى عطاء يمنيته » فقام إلى الصميل يقول :الآيا أعزايى ! والله إثاتقدلنا إلا بعداوة صعين ء 
تكد أ لأذعزة دفر قاحنة) و ويةا الوسين وحده خاف الصميل وكف عن هذا 


. 50-094 الأخبار المجموعة »ص‎ )١( 


المجاعة تجتاح الأندلس ١44‏ 


العمل البشع ( . 
؟؟-المجاعة | واستقامت الأمور ليوسف الفهرى والصميل بن حاتم يعد هذا النصر الاسم 
تجتاح الأندلس على من كانوا يناوئونه| من اليمنيين » وكان الصميل كا رأينا شخصية قوية 
بعيدة الطموح . فى حين كان يوسف الفهرى رجلاً مسا فى نفسه خمول » فجعل الصميل 
يصرف الأمر من دونه . ويستبد به حتى سئم الرجل وفكر فى الخلاص من هذه الوصاية 
التى يفرضها عليه هذا القيسى القوى . فعرض عليه أن يقيمه حاكما على إقليم سرقسطة » 
وقبل الصميل ذلك . وكان إقليم سرقسطة موطن معظم اليمنيين » فأراد يوسف أن يذههم 
بهذا القيسى القح2"7. وكانت البلاد تعانى إذ ذاك جاعة حادة لم يسلم من شرها إلا إقليم 
سرقسطة بفضل مياهه وخيراته » فكان ذلك مما مال بالصميل إلى إطاعة أمر يوسف . 
وأما أسباب هذه المجاعة فترجع إلى هذه الحروب العنيفة التى وقعت بين العرب : شامية 
ويمنية » وبين العرب والبربر . وقد رأينا أن هذه الحروب لم تكن قصيرة الأمد ولا محصورة 
الميدان » وإنه) امتد شرها حتى شمل سكان البلاد جميعاً وأقاليمها كلها » وقد رأينا أن العرب 
انجفلوا من المواضع التى كانوا قد استقروا فيها فى الوسط والشمال والغرب وخلفوها 
لا يكاد يشرف على عمارتها أحد » وأقبل البربر فى أعقابهم وهجروا مواقعهم البعيدة وساروا 
هم الآخرون إلى الجنوب » ثم انهزموا أمام العرب هذه المزائم المتلاحقة » وتتبعهم هؤلاء 
بالأذى فى كل ناحية حتى ضاقت بهم البلاد » وأخذوا مهجرون الأندلس ويعودون إل 
مواطنهم الأول فى إفريقية جماعات7" . 
هكذا فقدت النواحى أعداداً عظيمة من كان قد سكنها من العرب والبرير الذين كانوا 
يقومون عل زراعتها وعمارتها » فلا غرابة أن تقل المحاصيل وتتعرض البلاد خطر المجاعة . 
ثم إن هذه الحروب المتوالية بين العرب حيناً وبين ن العرب والبربر حيناً آاخر قد دارت رحاها 
فى الأقاليم الخصبة المزروعة فى الجنوب والجنوب الشرقى » فخرب كثير من المزارع 
واضطرب أمر زراعها ء وزادت المحاصيل قلة تبعا لذلك . 
وانتهز النصارى الإسبان الفرصة وأخذوا ينحدرون إلى الجنوب واحتلوا المنطقة الواسعة 
)١(‏ نمس المصدرء ص 5١‏ . 


(؟) الأخبار المجموعة » ص 57 . 
() الأخبار المجموعة » ص ؟5 . 


5 المجاعة تجتاح الأندلس 


الواقعة بين نهرى دويره وتاجه وأخذوا يغازون المسلمين » فانضاف إلى الأندلس الإسلامى 
بلاء آخر جديد كانوا قد ظنوا أنهم استراحوا منه 27 » واجتمعت العوامل كلها فزادت الأمر 
حدة » واشتد الجوع وعظمت البلوى وانعدم الأمن حتى تقطعت الصلات بين النواحى » 
وبلغ من الأمر أن صاحب الأخبار المجموعة يذكر أن يوسف الفهرى احتاج مرة إلى رسول 
يبعثه إلى الصميل فى سرقسطة فلم يجده . إذ كان الرسل القادرون جميعاً قد هلكواء 
وانقطعت المواصلات أو كادت بين قرطبة وسرقسطة0©. 

دامت هذه الحال خمس سنوات من سنة ١‏ 1ه إلى سنة 175 ه/ 60-1/54/ام» وكانت 
هذه السنة الأخيرة هى أقساها وأشدها » مما أدى إلى زيادة هجرة الناس إلى إفريقية .. 
«وانضم الناس إلى ما وراء الدرب الآخر وإلى قورية وماردة فى سنة ست وثلاثين » واشتد 
الجوع » فخرج أهل الأندلس إلى طنجة وأصيلا وريف البربر مجتازين ومرتحلين » وكانت 
إجازتهم من واد بكورة شذونة » يقال له وادى برباط » فخف سكان الأندلس » وكاد أن 
يغلب عليهم العدو . إلا أن الجوع شملهم »0©. إلى هذا الحال انتهى بمسلمى الأندلس 
تناحرهم بسبب العصبية ويسبب الرغبة فى إذلال البربر والاستبداد بالأمر كله دونهم » 
وسنتحدث عن ذلك بتفصيل اؤفى حين| نتحدث عن مبادىء حركة الإسبان النصارى . 

وقد سلم من هذه المجاعة الشديدة إقليم سرقسطة على ما قلناه » لأن عربه أقاموا فى 
مواضعهم لم يشتركوا فى هذه الحروب الدامية إلا بنصيب قليل » ولأن من كان يساكنهم من 
البربر فى هذا الإقليم أقعدته كثرتهم عن أن يثب بهم . فلم تمتد نيران الحروب بين العرب 
والبربر إلى إقليم سرقسطة » وبقى الإقليم كله على حاله من الرخاء ووفرة الخير » فل) وصله 
الصميل وجد قومه فى سعة » ووجد جماعات العرب الذين مستهم المجاعة فى أقاليم أخرى 
يتوافدون إليه انتجاعاً للخير » وفطن الصميل إلى أن يوسف إنما بعثه إلى هذه الناحية لكى 
يذل أهلها من اليمنيين » ولكى تقع البغضاء بينه وبينهم » فيشتغل بهم ويشتغلوا به ويخلص 
الأمر ليوسف . فعرّل على كسب قلوب أعدائه » ففتح خزائنه ومضى يعطى بكلتا يديه 
متناسيا عصبيته القيسية لكى يفوّت على يوسف غرضه . وكان الصميل داهية واسع الذكاء» 
ساخراً من كل شىء » لا يكاد يفعل أمراً عن إيهان » قال صاحب الأخبار المجموعة : « فلم 
0 و59 116 .هم , 1 ركعطعيعطءمه ,002130 


(؟) الأخبار المجموعة . ص 8/ . 
() الأخبار المجموعة .وص 57 . 


اليمنيون يثورون على الصميل فى سر قسطة ا 


يأته صديق أو عدو فحرمه » فازداد سؤدداً » وأقام بها أعوام الشدائد التى تتابعت»17). 
؟؟- اليمنيون وأقام يوسف يدبر الأمر وحده فى قرطبة با عرفناه فيه من الضعف وقلة 
ينسورون على الرأى ء وكان لا يحزبه أمر إلا بعث يسأل الصميل فيه » فلما اشتدت 
الصميل فى سرقسطة 9 المجاعة وعدم الرسل ساء أمره وبدأ الناس يتجهمون له. وكان فى قرطبة 
إذ ذاك فتى من بنى عدى ين عبد الدار يسمى عامر بن هاشم . وكان فارساً نجداً يل 
الصوائف قبل ولاية يوسف والصميل » فجعل يوسف يكيد له خوفا منه وغيرة ما كان 
الفتى يتمتع به من عظيم المكانة » وأحس هذا با يدبر له الصميل فسارع بالكتابة إلى المنصور 
خليفة العباسيين يسأله توليته الأندلس وبعث سجل الولاية . وكان عامر يمنياً ساءه ما صنع 
يوسف والصميل باليمنية » وخاف أن يفعل الصميل مثل ذلك بيمن سرقسطة » فأخذ 
يستعد للوثوب بيوسف وابتنى لنفسه حصنا كبيراً فى منية بغربى قرطبة « فأغلق غلقة عظيمة 
كاد أن يجعلها مدينة » وأراد أن يبتنى بها بنياناً ينضم إليه ويغاور يوسف حتى يأتيه إمداد 
اليمن » وضعف سلطان يوسف حتى كان لا يركب معه خسون رجلاً من حشمه9 © . 
ووقعت الوحشة بين الرجلين » ولولا أن يوسف كان بطبعه جباناً متردداً لوقعت الحرب . 
ولكنه فضل أن يبدأ بسؤال الصميل رأيه » فنصحه هذا بالتدبير عليه وقتله » فلم يكد عامر 
يعلم بذلك حتى شعر بأن حياته أصبحت فى خطر ء واتجه همه إلى أن يقوم بعمل حاسم إزاء 
يوسف الفهرى وصاحبه الصميل9؟ . 

كان الرجل يمنياً ىا قلناء ففكر فى الالتجاء إلى ناحية تكون لليمن فيها عزوة وكثرة » ولم 
يكن ف الأندلس أكثر يمنا من إقليم سرقسطة . حيث أقام الصميل محاولاً جهده استثلاف 
الناس والتحبب إليهم » فكتب عامر إلى زعيم من زعماء يمن سرقسطة يسمى الحباب ( أو 
الحبحاب ) بن رواحة بن عبد الله الزهرى الكلابى- وكان سيد بنى زهرة من كلاب يمت 
إليه بالقرابة - يعلمه بأن لديه سجل أبى جعفر المنصور ويدعوه إلى معاونته للخلاص من 
سيادة القيسبين . واستخفت الدعوة الزهرى فنهض مع عامر بنفر من قومه » واجتمعت 
إليهما كذلك أعداد من اليمنية » وسار جمعهم وحاصروا الصميل فى سر قسطة!؟). 
(1)الأخبار المجموعة »ص ”27 - 58 . 


(7) نفس المصدر والصفحة . 
(5) الأخبار المجموعة . ص 590 . 


5 الحرب بين القيِية والكلبية فى سرقسطة 


ويبدو أن الخطر على الصميل كان شديداً لأنه بعث يستنجد بمن أمكنه الاستنجاد به من 
القيسية » كتب إلى جنْدَىئْ قنسرين ودمشق »ء ويبدو كذلك أنهم تقاعسوا عنه » لأنه ألح 
عليهم . وجعل يقول إنه يجتزىء منهم بالقليل » فنهض لعونه سيد من كلاب يسمى عبيد 
الله بن على وجمع له عددا من قبائل كلاب ومحارب وسليم وهوازن » وتقاعس من القيسية 
سيد جند قنسرين الحصين بن الدّجن العقيل وسيد جند دمشق سليمان بن شهاب » ولم 
ينهض للعون إلا بنو عامر بن كلاب وشيخهم عبيد الله وبنو نمير وسعد وجميع قبائل هوازن 
وسُلّيم بن منصور ثم تابعتهم غطفان . فل) اجتمعت معظم قيس على هذا النحو لعون 
الصميل شعر الحصين بن الدجن وسليمان بن شهاب أن قعودهما عن عونه ليس بضائره 
فنهضا بمن معهه| . واجتذبت الدعوة كذلك أتباع بنى أمية ومواليهم فى الأندلس » وكان 
معظمهم مقيياً فى جند دمشق بناحية البيرة . فنهض زعماؤهم أبو عثمان عبيد الله بن عثهان 
وعبد الله بن خالد ويوسف بن بخت .ء وكانوا من أنصار يوسف والصميل » وبهذا تحركت 
قيس جميعها لغياث هذا الصميل الذى فعل بالأندلس الأفاعيل . بيد أننا لا ينبغى أن نبالغ 
فى تقدير أعداد من بض لعون الصميل » فإن كل طائفة لم تنهض إليه إلا ببضع مئات » ما 
يدل على أن عرب الأندلس كانوا قد قلوا إذ ذاك قلة ظاهرة . 


44 الحرب سارت هذه القوات لحرب اليمنيين ومن معهم من البرير الذين كاتوا 
بين القيسية مقيمين على حصار سرقسطة ومن فيها من القيسية . وكان معظم هذه 


والكلبية فى سرقسطةء القوات من القيسيين لا تفكر إلا فى القضاء على اليمنية » وكان فيهم نفر 
من موالى بنى أمية | قلناء ولم يكن هؤلاء الأمويون يفكرون فى أمر الصميل بقدر ما كانوا 
يفكرون فى أمر فتى من بنى أمية كان إذ ذاك مقياً فى العدوة الأخرى بشاطىء إفريقية عند 
برابر نفزة » وكان قد أرسل مولاه بدراً إلى الأندلس ليلقى هؤلاء الموالى الأمويين ويدعوهم 
إلى أمره . 

وصلت جموع القيسيين إلى طليطلة » ويبدو أنها استغرقت وقتاً طويلاً فى التجمع والسيرء 
فأمكنت اليمنيين الفرصة لتشديد الحصار على الصميل ومن معه حتى ساءت حالهم . 
وأقبلت رسلهم إلى طليطلة تستحث القيسيين فى سرعة السير » فعجلوا بإرسال فارس منهم 
برسالة إلى الصميل تؤكد له إسراعهم إليه بالعون » وتسلل الرجل بها بين فرسان عامر 
وزهرة المحاصرين للصميل » وربط الرسالة بحجر ثم ألقى بها إلى المحصورين » ولم يكن 
فيها إلا البيتان الآتيان : 


الخرب بين القيِية والكلبية فى سرقسطة ”5 





فجن التبلاية وا عحنة أناك الغوث وانقطع الحصار 
أتتك بنات أعوجَ ملجّمات عليها الأكرمون وهم نزار 
فناوهم| الصميل لمن قرأهما له - فقد كان الرجل لا يقرأ - فلم يكد يسمع الأبيات حتى 
استبشر ونادى فى قومه يعلمهم بالخبر . وسرى فى نفوس المحصورين الفرح والحماس ١‏ 
ونبضت همتهم بعد أن كانوا قد أشرفوا على التسليم . وتسامع اليمنيون المحاصرون 
للصميل بذلك فخافوا أن تنزل بهم الهزيمة إذا انتظروا حتى تقبل هذه الأمداد القيسية » 
فتفرقراء وخلص الصميل من هذا الحصار دون مشقة أو قتال . وأقبل القيسيون ومن معهم 
من الأمويين فاستقبلهم الصميل استقبال الخير والسلامة» « وأعطاهم العطاء الجزيل : 
أعطى خيارهم خمسين ديناراً » وأعطى غيرهم من الناس عشرة عشرة وشقة شقة خز. ثم 
أقبل معهم إلى قرطبة . فلما فرغ الصميل وأصحابه من الاحتفال بالنصر انتهز الأمويون 
الثلاثة الفرصة ليكلموا الصميل فى أمر صاحبهم عبد الرحمن بن معاوية»(1). 
وسنقف هنا بأخبار هذه الفتن القبلية ريثا نلقى نظرة على وجوه أخرى من نشاط 
مسلمى الأندلس فى ذلك العصر ء ولئْلِمَ بظواهر أخرى لا تقل عنها أهمية بالنسبة لمستقبل 
الإسلام فى الأندلس . سنتحدث عن الأعمال العسكرية التى قام بها المسلمون فيما يلى شبه 
الجزيرة الايبيرية إلى الشهال من أرض أورويا » وسندرس ميلاد حركة المقاومة النصرانية فى 
شمال شبه الجزيرة وشماها الغريى . 


: عن هذه الحوادث انظر‎ )١( 
. 54 - 57 الأخبار المجموعة . ص‎ 
. 56 - 175 ابن عذارى : البيان المغرب »ج 7 دص‎ 
فتح الأندلس »ص 40 وما يليها.‎ 
. 80-486 ابن الأبار : الحلة السيراء . ص‎ 


5-5 


.61( 
00 
5 





وقفنا بالفتوح الإسلامية عند نهاية الأعمال العسكرية التى قام بها موسى بن نصير فى 
نواحى سرقسطة وما يلى طليطلة إلى الشهال الغربى وما يلى وادى الحجارة إلى الشيال » 
ولكننا لم نفصل أعماله فى شهال سرقسطة لأنها أدخل فى باب فتوح المسلمين فى منطقة 
اليرت( وما وراءها . 

يذهب بعض المؤرخين إلى أن موسى وطارقاً استوليا على برشلونة ثم عبرا جبال البرت 
وفتحا أربونة وأبنيون وواصلا التقدم حتى بلغا ليون فى فرنس("2. وهى الحد الأقصى 
لفتوحات موسى وطارق بحسب ما يذكره هؤلاء المؤرخون . وليس من الممكن أن يكون 
موسى وطارق قد عبرا البرت وصعدا مع نهر رُدانه"2. حتى بلغا ليون » وليس بين أيدينا 
دليل واحد يؤيد مثل هذا الزعم . وأما فتوحههما فى نواحى برشلونة والركن الشمالى الشرقى 
لشبه الجزيرة فتحتاج إلى شىء من الدرس حتى يتضح مداها على وجه قريب من الصحة . 

يذهب مؤرخونا إلى أن موسى حينا أتاه رسول الخليفة الوليد بن عبد الملك - على ما 
ذكرنا - لم يتعجل العودة وإنما دفعه ذلك إلى الإسراع ومضاعفة اهمة فى الغزو حتى 
يستكمل فتوح شبه الجزيرة قبل أن تأخذ عليه الظروف سبيل إدراك هذه الغاية . فعبر نهر 
ابْره ومضى نحو الشمال الغربى دون أن يمر ببَنبَلُونة وغزا بلاد البشْكُنس فيها حتى أتى قوماً 
كالبهائم - كما يقول ابن عذارى7؟) - ثم اتهه نحو الشهال فأطاعه رؤساء جليقية وأساقفتهاء 
حتى إذا بلغ نك ( 133نا]ناأكث 5ناءناءآ - وقناءآ) أدركه رسول ثان من قبل الوليد يأمره 


ته 


بالعودة إلى دمشق » فلم يستطع مخالفة الأمر هذه المرة فَكَرَّ راجعاً وانضم إليه طارق واتجها 


(١)جبال‏ البرت أو البرتات هى المعروقة عندنا خطأ بالبرانس . والبرت هو اللفظ اللاتينى 20113 أى الباب أو الممر فى 
الجبال ء وهذا تسمى ف العربية أيضاً بجبال الأبواب . 

(7) المقرى : نقح الطيب . جا .ص ١9/7‏ - 17/9 , 

(6) رُدَانُه هى الصيغة العربية لاسم نهر الرون» وهى مأخوذة عن اسمه اللاتينى كنااة 804 . 

(5) ابن عذارى : البيان المغرب , ج 3 »ص 18 . 


54 بدء الغزوات فيا وراء جبال اليرت 





جميعاً نحو قرطبة ومنها إلى المشرق(21 وانتهى دوره فى الفتوح الإسلامية بعد أن قام بدور 
يضعه فى الصف الأول من الفاتحين المسلمين . 

ولم يجد ابنه عبد العزيز بن موسى أثناء ولايته القصيرة التى لم تزد على سنتين وأشهر 
فراغاً يُمكنه من القيام بالغزو والفتح في| خلا سيره إلى ناحية تدمير » وعقده المعاهدة التى 
ذكرناها مع صاحبها تدمير » مدة ولايته » وقد ذكر بعض المؤرخين أنه افتتح مدنا وحصونا 
كثيرة » ولكنهم لم يذكروا شيئاً على وجه التحديد مما يدل على أن جهده فى الفتوح أثناء ولايته 
كان قليلاً جداً 9). 


ويبدو أن خليفته أيوب بن حبيب كان أكثر منه انصرافاً إلى الغزو على الرغم من قِصّر 
ولايته » ولم يحدد لنا المئؤرخون النواحى التى صرف إليها نشاطه » ولكن الغالب أن جهوده 
وجهت نحو شمال شبه الجزيرة وشالها الشرقى ٠»‏ ويذكر الأسقف رودريجو الطليطل أن 
أيوب هذا هو الذى ابتنى البلد المعروف بقلعة أيوب (نالا318]8©) إلى الشمال الشرقى 
من طليطلة » وكان فى موقعها حصن رومانى قديم يسمى (5ذ11ط[ة29)8؟. 
»-بدء الغزوات وتتفق المراجع على أن الجر بن مالك - خليفة أيوب - كان رجلاً ذا نشاط 
فيماوراء جبال ملحوظ فى الغزوات فى غالة وما وراء البرتات » ولم يذكر شيئاً مفصلاً عنها 
البرت إلا إيزيدور الباجى » فقد أفرد فقرة خاصة للحر وأعماله » فذكر أنه غزا 


(١١)ابن‏ الأثير : الكامل . ج ؟ »ص 458 . 
ابن عذارى : البيان» ج ” »ص 18 . 
المقرى : نفح الطيب » ج ١‏ .ص ١115‏ - 31/9 . 
وقد ذهب إيزيدور الباجى إلى أن موسى لم يفتتح سرقسطة إلا بحد السيف ء فأنزل بأهلها من الويلات شيئاً كثيراً : 
ذبحهم بالسيف وأشعل النار فى البلد » وقتل الشبان والأطفال الرضع بالحراب » وأنه نشر الخراب والجوع ف المنطقة 
كلها . ولم تشر المراجم العربية إلى ذلك . 
8ت بهم تطمج© : 01801518م5 15109010 : 07 
. 204 .م .11آلا .5ه 1لتتاوظ ,بهخ1خا1 د01 0 
وذهب فياردو وكوندى إلى أن موسى أنزل بنواحى قطلونية (0842/082) وثيرة (78/20/372) وأرغون مساءات 
كثيرة لأن أهلها قاوموه مقاومة شديدة » ولم يذكر المؤلفان من أين أخذا هذه المعلومات » وقد شك فيها كوديرا واعتبرها 
مبالغة مصدرها كوندى . . 
. 82 .2 ,1 ,عع 3م55 'ل د5عتنله11 كعل اء سوعطوعه دعل ,1151 ,14117001لا 
. (1917 ,542020 ,رعوقع؟ 02تانعع5 ) وأمصدووء عطهكة 2قرمأكلط ع0 5م001120) د5مألنؤوظ ,001081 
(؟) ابن الأثير : ج 5 ء. ص5 ١‏ . 
المقرى : نفح الطيب » ج ١‏ »ص ١518‏ . 
م 11[ .ماك .م0 00814 


السمح بن مالك يصل إلى طرسونة استشهاده عند طولوشة احلا 


جنوبى غالة حتى أربونة عاصمة غالة النربونية (13680762515/ 681112) وظل يغاور أهل 
هذه النواحى حتى اضطروا إلى طلب الصلح فمنحهم إياه ولكن أحداً من مؤرخى العرب 
أو الفرنجة لا يؤيد إيزيدور فى ذلك » وهذا لا يمكننا التعويل على هذه التفاصيل الواردة فى 


روايته تلك2210 . 

“-السمعبن 0 فلم أقام عمرٌ بن عبد العزيز السمحح بن مالك الخولانى والياً على 
مالك يصل إلى : 

طرسونة استشهاده الأندلس ( سنة ٠ه/ ١‏ لام ) نشطت حركة الفتوح فيها وراء 
عند طولوشة البرتات نشاطاً عظيراً» لأن السمح كان رجلاً وثيق الإيهان جم النشاط » 


فلم يكد يستقر فى الولاية حتى بادر بالنهوض لحرب النصرانية فيا وراء البرتات » فتوغل فى 
غالة حتى أدرك طرسونة (18538608) واستمر فى التقدم حتى وقف بأبواب طولوشة 
(101058) . ويبدو أن نشاطه هذا روّع أهل أقطانية ( أكويتانيا ) » فنهض له دوقها وسار 
بجيشه حتى لقى السمح فى موقعة عنيفة على مقربة من طولوشة . 

واشتد القتال بين الجانيين وصبر المسلمون صبراً كريياً حتى قتلوا عن آخرهم كما يقول 
ابن حيان » وقد استشهد السمح مع من استشهد فى هذه الوقعة فى يوم عرفة من سنة ؟١٠.ه‏ 
(١٠يونيو‏ سنة ١‏ 1/ام) » ولم تستطع فلول الجيش الإسلامى العودة إلا بفضل ما أبداه أحد 
كبار الجند - وهو عبد الرحمن بن عبد الله الغافقى - من الجهد » فقد أقامه العسكر رئيسا 
عليهم » فبذل الهمة فى جمع شتاتهم والتقهقر بهم حتى عاد إلى الأندلس . وكانت تلك هى 
ولاية عبد الرحمن الغافقى الأولى » ولم تدم إلا أشهراً لأن عامل إفريقية استبدل به عنيسة بن 
سحيم الكلبى بعد هذه الكارثة بأشهر قلائل(). 


(١)يقول‏ إيزيدور الباجى عن غزوات ال حر فى غالة ‏ فقرة 57 ص ١81‏ : 
مهدع أعمماء ملصدااعاءل عناها2 ,اتات لتناءتلناز 5مرعع2! تاتدتائدم15!؟ قعم أمطةلة عومملمء)؛ كنازنت1 
لمع ناعء/ ورع01,عالن «مقتصهم كتلط تمتتدادعءم اء اناعم ترعكصعووطعدلط! لمدنأالد6 كمهمة كع ععم وعم 
. 5©210]05 518252 317105 ,15ل3ع76 باأعقطناك ع5 07 معاكء لاتدلرع1116 0د ,ملمعكوع 
وقد أخذ تاحع402١‏ 080147 بقول إيزيدور وقرر أن الحر فتح أربونة ؛ وجعل هذا الحادث سنة ٠١١‏ ىو 
وهى أولى سنوات حكم السمح بن مالك . وقد نقل عنه ذلك مؤرخون محدئون كثيرون دون أن يفطنوا إلى ذلك الخطأ . 
.477 ,1 (1873 -60 .ع3) كقة 6166م كلقاء ذعل اء 5عإصناءم كعل عباماذنا!] ,آنا )!1401 لمال8 6 
(؟) الأخبار المجموعة .ص 7”84. 
المقرى .جا .ع ص ١54‏ - ج 7ص 5 . 
ابن عذارى : البيان . ج 5 ص 56 -50, 
وتذكر المراجع العربية أن هذه الهزيمة وقعت عند طرسونة » والأصح أن يقال إنها كانت عند طرسكونة ‏ - 


5 عنبسة بن سحيم وحملته الكبرى 

47 عنبسة بن وقد قضى عنبسة السنوات الأربع الأولى من ولايته فى تنظيم أمور الأندلس 
سحيم وحملته وتبهدثتها » بعد اللاضطراب الذى وقعت فيه بسبب خلافات العصبية التى 
الكبرى ذكرناها وبسبب هذه الكارثة التى أصابت السمح ورجاله » ولكنه كان ذا 
حماس للفتوح » فلم تكد الأمور تستقر شيئا حتى عجل بالنهوض للغزو فى غالة » فصعد مع 
نهر ردانه حتى أدرك قرقشونة (0856855088©) فحاصرها وشدد الحصار حتى نزل 
المدافعون عن البلد على شروطه ء فنزلوا له عن البلد ونصف الإقليم المحيط به وتعهدوا بردٌ 
أسرى المسلمين الذين كانوا فى الحصن وبأن يدفعوا الجزية وأن يشتركوا مع المسلمين فى 
حرب أعدائهم جنباً إلى جنب » ويضيف صاحب « مدونة مواسياك » أن عنبسة استولى بعد 
ذلك على نيمة (710612371510112 -2/11065) وأخذ رهائن أهلها وأرسلهم إلى برشلونة » ثما 
يُفهم منه ضمناً أن برشلونة كانت إذ ذاك فى يد المسلمين وأنهم اتخذوها حصناً ومركزاً 
يصدرون منه للغزو فيا وراء البرتات . 


ثم واصل عنبسة سيره حتى أدرك مجحرى بر ردانه . ويبدو آنه وجد الطريق أمامه خالية » 
فسار مسرعاً » دون أن يلقى مقاومة » وصعد مع النهر حتى أدرك بر الساءون » ودخل 
إقليم بورجونيا واستولى على أوتون (5]001151012ناع 5نال -10]01ى) ونببها وأحرقها . 

ويذهب بعض المؤرخين إلى أن حملة عنبسة لم تقف عند هذا الحد ١‏ بل نهبت مدينة أوزه 
(11285]) وفيين وعاثت فى نواحى فالانس ووصلت الموجة حتى ليون وماكون وشالون . 
وهناك تفرعت فرعين » سار الأول نحو ديجون وبيز(8626) ولانجر (©3881-) » واتجه 
الثانى صوب أوتون مرة أخرى » ولم يقف تيار هذه الحملة إلا قرب بلدة سانس (5605) 
على بُعْد ثلائين كيلو متراً جنوبى باريس » لأن إيبون (88608) أسقف سانس تصدى 
للمسلمين وأوقف تقدمهم» "١7‏ . 

وعاد عنبسة بمن معه من الجند حملين بالغنائم بعد أن وصلوا إلى قلب غالة » وغزوا 


- (1313500) على مقربة من طولوشة عند مصب الرون ء وقد ذهب إلى هذا الرأى سافدرا معتمداً على ما ذكره 
إيزيدور الباجى من أن السمح استشهد عند طولوشة فى موقعة حامية بينه وبين دوق أكويتانية . وقد ذهب إيزيدور إلى 
أن هزيمة المسلمين كانت قاصمة . 
. 44 .ع رممء تطمتط ,15 كل 08 لمم 151120150 
يقرر صاحب مدونة مواسياك كذلك أن هزيمة السمح ومقتله كانا عند طولوشة . 
. 165 .م .4 .ممة .عكرعع14015512 ارمع الامتطت 
00( . 781-784 ,1[ .عع لاقصهآ عل عنأه)1115 ,8 155181"1ملا 12014 


لماذا انهه عبة نحو حوض الرون ؟ 51١‏ 


حوض الرون كله وتخطوا نهر اللوار وأصبحوا على مسافة قصيرة من السين نفسه . وقد تم 
ذلك كله خلال سنتى -٠١7‏ و١٠١ه/‏ 15/ا-” الام . 

وطبيعى أن تثير هذه الغارة العنيفة المخاوف فى نواحى غالة كلها : ارتاعت معظم 
الدوقيات الجنوبية والوسطى . وشعرت مملكة الفرنجة أنها أمام خطر داهم حقيقى . وبدا 
بوضوح أن الحملة المقبلة ستكون حملة حاسمة من كل وجه ء فإما أتم العرب فتح مملكة 
الفرنجة أو ارتدوا عنها . ولو قد كانت أحوال مسلمى الأندلس على غير ما علمنا من 
الاضطراب » بسيب خلافات العصبية ومنازعات العرب والبرير » لما اضطر عنبسة إلى 
الانصراف عن فتوحه الموفقة فى غالة يعد أن أدرك هذا النصر العظيم. 

بيد أننا ينبغى أن نلاحظ أن حملة عنبسة لم تكن فى الحقيقة غير غارة بعيدة المدى » ولو 
كان عنبسة على نية الفتح الثابت لأتم الاستيلاء على ما غلب عليه من المدائن . ولأقام 
الحاميات فى بعضها على عادة العرب فى فتوحهم . وربها كانت نيته من أول الأمر أن يقوم 
بحملة تشبه حملة عُقَبة الكبرى : غارة بعيدة المدى تشق البلاد شقا وتطلع المسلمين على 
أحوالها وتمهد لا بعدها . ولو قد استقر عنبسة فى ليون مثلاً أو فى أحد مراكز غالة الوسطى 
لكان فى إمكاننا أن نقرر أنه فتح جنوبى غالة ووسطها ء أما وقد عاد أدراجه بعد أن سار 
نحو ألف ميل شالى قرطبة فلا نستطيع القول إلا أن حملته الرائعة تلك لم تكن أكثر من غارة 
سريعة طويلة أتت بمغانم وفيرة ونشرت فى نواحى غالة كلها رعباً شاملاً . ومهما يكن من 
الأمر فإن عنبسة بن سحيم الكلبى ينفرد بين الفاتحين المسلمين هنا القخرء فخر الوصول 
برايات الإسلام إلى قلب أورويا الغربية » ولم يدرك هنا الشأو بعد ذلك فاتح مسلم آخر(". 
هه انا اتجه رأينا كيف استولى عنيسة بن سحيم على قرقشونة » ثم كيف انحوف بعد 
عنبسة تحوحوض ذلك شالاً بشرق ف تجاه نهر الرون واستولى على نيمه -8106 - 65م ذآ2) 
الوون؟ (15010قق1 ء ولا يعثل اتجاهه هذه الوجهة إلا بأن طولوشة كانت ما تزال 
إذ ذاك قى أيدى المسلمين » ولو كانت فى أيدى التصارى ل تركها - وهى أقرب البلاد إليه - 
واتجه نحو يلاد الرون - 
)00 .5 .م .عكراءعع2اذدزه0كل1ا موع 01 

6 ناذلا 6 ة5 1510010 
. 114 .مك .م0 ,حجاعم0©) 


42 -41 .وماك .و0 ملخ الع امهم -الاتنا 
ويذهب بروفنسال إلى أن عنبسة لا بد أن يكون قد قَيِل أثناء اشتباكه مع نصارى طرسونة . 


51 ماذا اتجه عنبسة نحو حوض الرون ؟ 


ولو كنا نملك نصوصاً أوضح من المدونات اللاتينية الشديدة الإيجاز لاستطعنا أن نفسر 
السبب فى اتجاه عنبسة نحو حوض الرون بدلاً من متابعة الغزو فى الاتهاه الأول » أى فى اتجاه 
دوقية أقطانية . وربا اتضح الأمر بعض الشىء إذا درسنا الوضع العام فى جنوبى غالة فى 
ذلك الحين . 

لاحظنا أن المسلمين لم يجدوا عناء فى غزو إقليم سبتمانية » فاستولوا على عاصمته أربونة 
واستقروا فيها واتخذوها مركزاً لأعمالهم . والسبب فى ذلك أن سبتمانية لم تكن داخلة فى دولة 
الفرنجة » بل كانت من أملاك القوط الشرقيين أصحاب الأمر فى إيطاليا . ثم تراخى 
سلطاتهم عليها » وطمع فيها الأمراء الإقطاعيون المتنازعون على السيادة على جنوبى غالة 
مثل كُنْد ( كونت ) طولوشة ( تولوز) ودوق أقطانية (أكويتين ) وكند بواتييه » ولكنهم لم 
يجرءوا على غزوها تحاشياً للاشتباك مع القوط الشرقيين(1). وكانت سبتانية ولاية ساحلية 
تمتد من شالى جبال البرت بحذاء ساحل غالة ( فرنسا) الجنوبى وتتصل با يعرف اليوم 
بالرفييرا الإيطالية . وكانت تتألف من سبعة أقسام إدارية صغيرة » وهذا سميت بِسبتانية 
(12ة معام 5). 


فلم خرج المسلمون من سبتانية وبدأوا يجوسون خلال دوقية أقطانية واستولوا على 
عاصمتها طولوشة تغير الأمرء و:بض لردهم دوقها أودر (5006-04008) وأوقع بهم 
المزيمة التى ذكرناها عند طولوشة والتى استشهد فيها السمح بن مالك الخولانى (ذى 
الحجة سنة 17١٠١ه/‏ يونيو سنة ١7/ام)‏ . وقد أذ عنبسة بثأر السمح واستولى على قرقشونة 
وبدلاً من أن يتجه نحو طولوشة » وكانت لا تزال فى أيدى المسلمين , نجده يرتد إلى سبتانية 
ثم يغادرها ليصعد مع الرون ويدرك نيمه (0تتاكهقطم 2106 - 5عدرذل) (“ف) العلة فى 
ذلك ؟ 


ربا استطعنا تفسير ذلك إذا نحن درسنا علاقات الدوق أودو بالعرب من ناحية » 
وبمملكة الفرنجة من ناحية أخرى . 


)22 5 .ص,آ] رععصوظ عل عتام غدل ,ك1 ذ5] لضا 
(؟) ابن الأثير : الكامل . ج ه » ص 7867 . 


الدوق أودو وعلاقته مع المسلمين *1؟" 


44-الدوق أودو ‏ تبدأ الروايات التى تحدثنا عن صلات أودو بالعرب بالكلام عن صلته بثورة 
وعلاقته مع مونوسة . وقد عرضنا من قبل هذه الثورة وذكرنا كيف أوردت المراجع 
المسلمين العربية هذا الاسم بصورة مبهمة لا يفهم منها إن كان اسم شخص بربرى 

أو اسم إقليم » وكيف أن هذا الإبهام قد أوقع المؤرخين جميعاً فى خلاف حول الموضوع كله : 
فأما الغالبية - وهى كوند ورينو ودوزى وبروفتسال وجبرييل وكاليِمِت - فقد ذهيوا إلى أن 
مونوسة زعيم بربرى ثار على المسلمين فى نواحى بتبلونة » وعارض هذا الرأى جماعة من 
الإسبان على رأسهم كوديرا ٠‏ فقد ذهب إلى أن مونوسة إن هو إلا تحريف لاسم مكان هو 
منريسا (1/185658) معتمداً فى رأيه هذا على أن لفظ مونوسة ورد فى النصوص العربية مبهياً 
دون تحديد . ولكننا لا نستطيع أن نقبل هذا الرأى لأن رواية إيزيدور الباجى أيين من أن 
تُدحض جملة » ثم إن سياق الحوادث يدل على أن شخصاً بربرياً اسمه مونوسة وُجد فعلاً » 
وأنه لعب دوراً خطيراً فى العلاقات بين المسلمين والنصارى فى هذه الأياه("). 

وإليك موجزاً لرواية إيزيدور عن مونوسة : 

إن رجلاً من الجنس البربرى اسمه مونو س(2لا0ا04) ترامت إليه من حدود ليبية 
(إفريقية) أخبار الظلم القاسى الذى كان يعانيه أبناء جنسه فى هذه البلاد » فصالح الفرنجة 
وصاهر أودو دوق أقطانية وأخذ يعمل على إيذاء العرب أعداء إسبانيا » ووثب بهم بالفعل 
وأصبح فى حرب دائمة معهم .ولكن أنصاره كانوا فى خلاف متصل معه . ول ينهض عبد 
الرحمن ( الغافقى) لحربه إلا بعد أن أرسلت نحوه حوالى عشر حملات . فنهض عبد الرحمن 
لمونوسة وتتبعه ففرٌ إلى خوانق الجبال . وتحرج مركزه وضيق المسلمون عليه الخناق وقتلوه 
وقبضوا على زوجته وأرسلوها إلى بلاط الخليفة . 

وتفيض رواية إيزيدور بعد ذلك فى ذكر أعمال العنف والاضطهاد التى أنزها عبد 
ال حمن بحلفاء مونوسة من النصارى» وخاصة أهل شرطانية (12-0611]8218لهل6ع0))» 
وكيف أنه أحرق أناباديوس (4120301005) أسقفها بعد ذلك9). 

وتهمنا من هذه الرواية مسألتان : الأولى هذا التفصيل الذى تورده عن أعمال عبد ال حمن 
)00( 8 .) ماوع عط : تاذتاع 0م02 1512010 


.115-18 .مع 1آللا .ووذ ١41‏ .جم 1الا ,ععطمعة 5منلسفكظ ,4ا01018) 
١م(‏ .8 .0) لمع تمعن : ع كلت )مم 0جمراكا 


514 الدوق أودو وعلاقته مع المسلمين 


واضطهاده للنصارى ء والثانية هى علاقة أودو بالمسلمين » وكيف أنه زرَّج ابنته لزعيم 
بربرى منهم لكى يأمنهم على بلاده . 

فأما المسألة الأولى فسنناقشها عند عرضنا لأحاديث المدونات. اللاتينية عن عبد الرحمن 
جملة . وأما المسألة الثانية فذات أهمية خاصة لنا هناء» لأنها تلقى بعض الضوء على علاقات 
أودو بالمسلمين . 

ونقطة الضعف فى هذه الرواية هى زعمها أن مونوسة قام بغورته تلك حين بلغته أخبار 
ما كان البربر فى إفريقية يقاسونه من مظالم العرب » أى فى نفس الوقت الذى حدثت فيه 
الثورة البربرية التى فصّلنا أمرها » ولم تقع هذه الثورة إلا بعد حركة مونوسة بعشر سنوات . 
ومن هنا لا يستقيم كلام إيزيدور » وربا استطعنا القول بأن مونوسة إنما وثب بالعرب لما 
كان من سوء معاملتهم البربر جملة فى الأندلس . 

كان أودو دوق أقطانية , بناء على هذه الرواية » حليفاً لمونوسة البربرى وحمياً له قبل أيام 
عبد الرحمن الغافقى » أى فى أيام عنبسة وربا فى أيام السمح » وربما كان هذا من أسباب 
هزيمة السمح عند طولوشة . ومما يؤيدنا فى هذا الظن أن عنبسة » حين| بض بحملته التى 
نحن بصددها ء اتجه نحو بلاد الدوق رأسا واستولى على قرقشونة » ثم انحرف إلى سبتمانية 
من جديد وسار نحو نيمه على ما رويئاه . 

ولسنا نعلم - على أى الأحوال - إن كان مونوسة قد خرج مع عنبسة وساهم فى هذه 
الحملة أو ل يخرج » وإن كان انحراف الحملة عن بلاد الدوق يؤيد خروجه مع المسلمين . 
وليس ببعيد أن يكون وجود مونوسة فى جيش عنبسة هو السبب فى انصراف المسلمين عن 
بلاده » وقد كانوا مستطيعين التوغل فيها والاستيلاء على كبار معاقلها ‏ 

ثم إن الدوق لم يسر لحرب المسلمين | فعل يوم ساروا إليه يقودهم السمح بن مالك » 
ولم يحاول أن يباجمهم من خلف يعد أن تركوا بلاده خلفهم وساروا مع تبر ردانه صعدا حتى 
قاربوا السين » ولا يعلل ذلك إلا يأنه كان فى ذلك الحين صديقا مواليآ لهم . وربا كانت هذه 
الصداقة هى مصدر الرواية الفرنجية التى تتهم الدوق بأنه استدعى العرب لغزو غالة لأنه 
كان فى خصومة مع قارلُه (شارل مارتل ) صاحب الأمر فى الدولة الفرنجية إذ ذاك(1). 


(١)يقول‏ إيزيدور : 

-08 1121151116 13202للط م متاك ععع؟ تلاك دعاقء لللءم ألان باأبااع205 أناك لتناناأعالنة 15 كمتاءع52:22 ملناظا 

قط والاقاعاط , كتأقتطاعيق عنع1 ك3أ5عاع30 25]27165/ 2أعتلات الكنالتاء لقاعم عتاوكنا تلع لدع تلصداظ بلمتقتتتمر 
- . امنالضعء1! أتتقلتط تأعصدك تمدن1!1ك 


وفاة عنبسة - عذرة بن عبد الله الفهرى يواصل الغغزو 16" 





والواقع أن أودو لم يكن إذ ذاك على وثام مع دولة الفرنجة . وكان قارله ينفس عليه 
مكانته ويود لو أزاله عن ولاية أقطانية ( أكويتين ) الغنية الواسعة » وقد أوردت لنا الروايات 
اللاتينية أخبارا متفرقة عن عداء الرجلين وما كان بينهما من خصومة . وليست هذه العداوة 
بالأمر الغريب ٠‏ فقد كان معظم الأشراف الإقطاعيين فى غالة يخافون قارله ويكرهونه » 
وكان الكثيرون منهم - وفيهم أودو - فى حالة حرب معه » وهذا هو السبب المعقول الذى 
دفع بأودو إلى مصادقة المسلمين ومصاهرة واحد منهم هو مونوسة . 

لم يقع انصراف عنبسة عن أراضى الدوق إذن مصادفة ١‏ وإنما كان أمراً طبيعياً أَملته 
الظروف العامة . فققد انصرف العرب عن أراضيه لأنه كان حليفهم » وربهما كان هذا الحلف 
هو السبب فيا وَفق إليه المسلمون من انتصارات فاقت كل ما كان منتظراً فى حملة عنبسة . 
وم يستطع عنبسة إدراك الأندلس بعد هذه الغزوة الكبرى فقد داهمته فى 
طريق العودة جموع كبيرة من الفرنج التحمت معه فى موقعة أصيب أثناءها 
بجراح بالغة توف على أثرها فى شعبان سنة /1٠٠١ه/‏ ديسمبر سنة 97/ام وقام بقيادة الجند 
الإسلامى والعودة به إلى الأندلس قائد تسميه المراجع النصرانية 68/إ51006 أو قعلن13 


٠-وفاة‏ علبسة 


وهما صيغتان محرفتان لعذرة(20. 

١٠-عذرة‏ بن وعذرة هذا هو عذرة بن عبد الله الفهرى الذى خلف عنبسة فى ولاية 
٠-عدرة‏ ب 

عبد انه الفهرى2 الأندلس بدون تعيين من عامل إفريقية أو من مركز الخلافة » وقد ظل فى 
يواصل الغزو 


الولاية سنتين وثلاثة أشهر ( شوال ١٠ه‏ - ربيع الأول ٠ه/‏ فبراير 


- كوديراء ص .7١5‏ 

)١(‏ يذكر ابن عذارى ١‏ البيان المغرب ج” . ص 551 ) وابن الأثير ( ج هء ص 777) أن عنبسة مات حتف أنفه وم 
يستشهد . وقد أورد المفرى روايات مضطربة كثيرة نقلها عن ابن حيان والرازى يفهم منها أنه توق مستشهدا 
( المقرى: نقح . ج 7 ٠ص‏ 4 ) ورواية إيزيدور الباجى غير واضحة ء لأنه يذكر أن عنبسة توفى. فقام أحد قواده 
وهر 1100652 (عذرة ) بقيادة الجند والعودة بهم إلى وطنهم ( الأندلس ) » وأن عنبسة أوصى له بذلك قبل وفاته : 

(عذرة) 22ع100آ! 21006 : 2126م 11لاللتلااع! عهاثلا 112م20م عممط2 .أوأموعم ذنالتطد؟ تناك 001... 

ذأ ,كتامقضع2ءا12 أكقنان أعلا , دتأمقلعمع؟ كتنااءمعكء ديعم تعمم أءن عمونتصوومء أطتذ عقصلهم دوع اكوم 

. (53.ع) /102ل]0 كناألكمم عماألا ملرعتابرء 

بيد أن الكثيرين من مؤرخى غالة يشيرون إلى هذه الموقعة التى استشهد فيها عنبسة وقيام عذرة ( الذى يسمونه فى 

بعض الأحيان 1100/68 ) بجمع شتات الجنود والعودة مهم إلى الأندلس ء وقد أخذنا بروايتهم لأنهم أدرى بحوادث 
تاريخ بلادهم » ولم يكن لناعن ذلك مفرّ أمام صمت الرواية العربية ّ 


515" عذرة بن عبد الله الفهرى يواصل الغو 





مارس سنة 17ل م - يونيو - يوليو سنة 14/ام)17). 

ولا تنسب الرواية الإسلامية إلى عذرة أى عمل حربى فى غالة » ولكن الرواية النصرانية 
تذكر أعمالاً حربية خطيرة قام بها المسلمون بعد مقتل عنبسة مباشرة » وحيث أن ولاية عذرة 
دامت سنتين وأشهراً فلابد أن هذه الأعمال وقعت خلاها » ويجمل رينو أخبار هذه الأعمال 
فى قوله : « .. وقد قتل ( عنبسة ) فى إحدى غزواته سنة 5 لام . واضطر خليفته عذرة إلى 
قيادة الجيش فى طريق العودة إلى الحدود . ولم تلبث الحرب أن استعرت من جديد فى عنف » 
ولما كانت أمداد كثيرة قد أقبلت من الأندلس » فقد نمض قادة المسلمين » وقد شجعتهم 
المقاومة القليلة التى صادفوها » وأخذوا يرسلون الحملات فى كل وجه . ويقول مؤرخ 
عربى أن رياح الإسلام أخذت تبب على النصرانية من كل ناحية » فاقتحم المسلمون سبتمانية 
مرة أخرى وعادوا إلى حوض الرون وغزوا بلاد الألبيين (وأمعع8ء15ى 5ع.نآ) وإقليم 
رديرج (عنا8 80061 عنآ ) وجيفودان (06197210082)) وليفليه (/ا1.690612) ونيبوها تهبا 
أذريعاً » وأنث النيران على ما أغفلته سيوف العرب » حتى لقد استنكر الكثيرون من الفاتحين 
|أنفسهم هذا الإسراف ف أعمال العنف06©). 

ولسنا نستطيع تحقيق ذلك على وجهه الصحيح » وإن كنا نقبل ما تذكره الروايات 
اللاتينية عن الأعمال التى وقعت أثناء ولاية عذرة , لأن عبد ال رحمن الغافقى حينا تولى وجد 
المسلمين فى حالة طيبة فى غالة » ولو كان أمرهم وقف عند ما انتهت إليه أعمال عنبسة وهو 
الرجوع إلى الأندلس »لما استطاع عبد الرحمن الغافقى أن يقوم بالعمل الكبير الذى قام به . 

وتضيف الروايات النصرانية أخباراً كثيرة عن أعمال العرب فى غالة خلال هذه الفترة 
التى نتحدث عنها وهى التى انقضت بين موت عنبسة وقدوم عبد الرحمن الغافقى » وهذه 
الأخبار ملأى بالمبالغات عم) تسميه مساءات العرب أو مظالمهم التى أنزلوها بأهل هذه 
التواحى » ونحن نورد طرفاً منها على سبيل استكمال الأخبار عن أعمال المسلمين الحربية فى 
غالة . 


تذكر هذه الروايات أن المسلمين خربوا كنيسة رودس (280085) الكبيرة وعاثوا فيها 





. ابن عذارى : البيان المغرب ؛ ج ؟ . ص58‎ )١( 
كقمأكة 18 ,لاناذ 81م‎ ... 23 . ْ (2 
. ول يشر ربنو إلى مراجعه التى استند إليها فى ذلك‎ 


عذرة بن عبد الله الفهرى يواصل الغزو /١؟"‏ 





أى عيث » واستقروا فى حصن قريب من موضع روكبريف الحالى (17/6لمعندو0()120) , 
وانضم إل نفر من أهل هذه النواحى وساروا معهم يغزون فى كل وجه » ويحكى 
المئؤرخون فى هذه المناسبة قصة شاب يسمى داتوس أو دادون أظهر بطولة كبيرة فى محارية 


العرب وردهم عن ناحيته(). 

ويغلب على الظن أنه فى خلال هذه الفترة - أى بين سنتى 70 و١‏ "لام 
(1-101١1ه)‏ - قام المسلمون بالغزوات التى تنسبها إليهم الروايات النصرانية فى أقاليم 
دوفينيه(1116م10211) وليون وبورجونيا (9010180886) . ولا تذكر مراجعتا العربية عن 
ذلك شيئاً على الإطلاق فى حين تختلف المراجع النصرانية فيه بينها اختلافاً بيناً بشأنها . فأما 
المقرى فيذكر : ١‏ إن الله ألقى الرعب فى قلوب النصارى ء ولم يعد أحد منهم ليظهر إلا 
ليستأمن » فاستولى العرب على البلاد ومنحوا الأمان لمن أراد » وساروا مصعدين حتى 
وصلوا حوض الردانة » وهناك ابتعدوا عن الشاطىء وتوغلوا داخل البلاد » . 

ولم يذكر لنا المقرى البلاد التى وصلوا إليها حينم توغلوا فى غالة هذه المرة » ويقول رينو 
فى تفسير عبارة المقرى تلك : ٠‏ ولا نستطيع تعرف المواقع التى وصل إليها العرب إلا بما 
خلفوه وراءهم من التخريب فى النواحى التى وصلوا إليها . ففيها يحيط بفيين (6086ذلا) 


)١(‏ ويجعلها بعضهم فى موقم بالاجييه (5عأناعة[82) 

23 ماك .م0 ,طناوتراععه 
والمراجع المعطاة . 

81. 281212 أورد هذه الحكاية الشاتعة 5لا لآاما110! 81440115 نص قصيدة لاتينية نشرها برتس:‎ )١( 
.م ,]1 .عم تمماكذا؟ عمنممهمء0) 2امعورنان840 وتبدأ قصة دادون فى البيت السابع بعد الماكين من‎ 466 0 
ص 775 , وقد لخصها ريئنوق‎ . ١ غالة المسيحية » 2انة ناك مط 12ال8) ج‎ ١ أبياتها » ووردت إشارة إليها فى كتاب‎ 
: كتابه عن غزوات العرب فى غالة كا يل‎ 

كان دادون شاباً صغيراً من قرية كونك (5عنا0089) ف إقليم رويرج (عناع#عننه2) عندما اقتحم المسلمون هذء 

الناحية ء فحمل السلاح وخرج لقتامهم مع غيره من رجال ناحيته » فيينه) هو فى بعض مطارداته للغزلة بعيدا عن قريته » 

دهمها المسلمون ونهبوا بيته وأخذوا أمه أسيرة وأدخلوها فى حصنهم . فلما عاد دادون وسمع الخبر حمل سلاحه ومضى 

إلى الحصن يريد اقتحامه ؛ وسخر منه المسلمون خلف أسوارهم . وقال له بعضهم : : إذا أردت أن نرد لك أمك فأعطنا 
الحصان الذى تمتطيه وإلا ذبحنا أمك أمام عينيك » فرفض دادون أن يجييهم إلى ما طلبوا . قذبحوا أمه ورموا إليه 
برأسهاء فبلغ من رعب الفتى وحزنه أن ذهب فترهب فى ناحية على ضفاف نهر الدوردون (00105408)) وقد أنشىء فيا 

بعد فى مكان ترهبه دير كونك (00501065). 

وقد أوردنا هذه الحكاية كنموذج لا كتبه مؤرخو غالة النصارى عن المسلمين فى هذه الفترة . 
وقد أورد رينو قصة أخرى من هذا الطراز يذهب رواة التصارى إلى أنها حجدئت فى هله المناسبة . 
.269 .مم ... كممتكة اذا : مألا اقلظ8ه : اء 
468 .م 1١‏ : ومةناك مط وتالة 


5114 عذرة بن عبد الله الفهرى يواصل الغزو 





وعلى ضفاف الرون تحولت الكنائس والأديرة كلها إلى خرائب » وكذلك تخربت كنائس 
لودون ( 01ل1 ) ونهبت ماكون وشالون على الساءون » وتعرضت بون ( 8681016 ) 
لتخريب ذريع » وأشعلت النيران فى كنيستى سان نازير (121322156 521214) وسان جان فى 
أوتون » وهدم دير سان مارتان ( 21356178 52176 ) خارج البلدة » ونهبت كنيسة سان 
أندوش (6ء4200 -5212) فى سوليو (0ا520116) وعلى مقربة من ديجون هدم العرب 
كنيسة بيز (8626) 2300 , 


وم تشر المراجع التى أشار إليها رينو إلى أن العرب هم الذين خربوا النواحى التى ذكرها 
كلها » وإنما هو الذى جعل دأبه - كما وجد ديراً قد احترق أو كنيسة تخربت فى هذه المدة - 
نسبة ذلك إلى المسلمين » مع علمه بأن العصر كله كان عصر اضطراب وحروب بين 
النصارى فيا بين بعضهم وبعض ف هذه الحهات من غالة على وجه الخصوص » ومع علمه 
بأن كلوفس نفسه أنزل بالكنائس والأديرة فى جنوبى غالة وفى بورجونيا وفى أقطانية من 
التخريب والأضرار ما فاق كل وصف . وليس من المعقول أن المسلمين لم يكن هم هَمّ فى 
غاراتهم فى غالة إلا تخريب الكنائس والأديرة وإشعال النار فى المان » فقد فتحوا قبل ذلك 
مصر وإفريقية والأندلس وهى كلها غاصة بالكنائس والأديرة وما إليها من المؤسسات 
النصرانية فلم يحرقوا ولم يخربوا » فمن عجب أن ينقلب حاهم إذا عبروا إلى غالة فيتحولوا 
إلى برابرة مخربين لا يكادون يبقون على شىء ! 
الواقع أن هذا الكلام لا يقوله مؤرخ جاد يقدر معنى ما يقول » فليس من الجد فى شىء 
أن يقال إن العرب لم يفعلوا فى غالة غير تخريب الكنائس وحرق الأديرة » والثابت المعروف 
عنهم أنبم لم يخربوا كنيسة أو يحرقوا ديراً . وإذا نحن قارنا المسلمين بالشعوب التى كانت 
تسود غالة فى ذلك الحين » من فرنجة وقوط غربيين وقوط شرقيين وبرغنديين ومن إليهم » 
لتبينا أن المسلمين كانوا أعظمهم حضارة وأبعدهم عن النهب والتخريب . ومههما بحثنا فى 
حوليات ذلك العصر فلن نجد بين من ظهروا على مسرح الحوادث فى غالة خلال النصف 
الأول من القرن الثامن الميلادى رجالاً نستطيع أن نقارنهم بالسمح بن مالك » أو عنبسة بن 
سحيم » أو عبد الرحمن الغافقى . 
ال 0 29-0 .وم ناك .م0 ,طلاآفللزعع 
450-860-2 .51 .مم ./اآ مهل ادتمك هتالة0 


.5 ,1] ,وعأانهة© ذ5ع0 .أ15آ] 5تدل عقمعع5512 8/101 ممعامصمتط 
. آآلا .م .آ ,مع مع ه85 عل عمأماد 1 : 1181 )للأضاط 120141 


عذرة بن عبد الله الفهرى يواصل الغو 5314 





ويلاحظ رينو الملاحظة التالية : ... إن غارات العرب هذه التى يجمع الناس على أنها 
لابد أن تكون قد امتدت إلى أبعد تما ذكرنال' . تمت جميعها دون خطة مقررة من قبل » ومع 
هذا فلم تلق إلا متقاومة ضيئلة جد . مما يدلنا على ا خالة السيئة التى كانت تسود فرنسا فى 
ذلك الحين وعلى عدم وجود أية حكومة ترعى شئونها . ولكننا إذا قارناها بها حدث فى 
إسبانيا قبل ذلك بسنوات » لتبين لنا أنه لم يحدث فى أى موضع أن وجد الفاتح إقبالاً من أهل 
البلاد » إذا استثنينا بضعة أشخاص بلا دين أو وطن ء ولم يحدث أبداً فى أى مكان أن اتفقت 
معهم جماعة لها قيمتها من السكان » وحتى فى المدن مثل أربونة وقرقشونة - حيث استقر 
العرب بصورة ثابتة - ظلت جماعة السكان على إخلاصها للنصرانية2"7. 

وهذا أيضاً كلام لا قيمة له من الناحية التاريخية » فأى سند استند إليه هذا الباحث 
الفرنسى ليقول ذلك ؟ وما معنى القول بأن أحداً من سكان البلاد لم ينضم إلى المسلمين ؟ 
ومن الثابت أن منطقة جبال البرت كلها ونواحى بسكاية وسبتانية كانت تسكنها جماعات 


بدائية لم تستقر بعد على دين ولم تفهم بعد معنى الوطن » بل لم يكن الفرنجة أنفسهم » 
أصحاب الأمر فى غالة » ليأخذوا الدين مأخذ الجد أو يشعروا بشعور : وطنى » نحو غالة . 


)١(‏ يقول رينو : يذهب بعضهم أن العرب أرسلوا سرايا بلغت اللوار عند نيفير (7061615) من ناحية ٠‏ وبلغت فرانش 
كونتيه (01016© ع6ط1*200) من ناحية أخرى . فإذا صدق هذا ء فلا بد أن يكونوا خربوا دير القديس كولومبان 
(انقطط:هاه© 01نن5) فى تيفير » ويذهب بعضهم كذلك أنهم قتلوا معظم رجال الدين والرهبان فى بيزانسون -86) 
(520600 . وهذه المزاعم ليست بعيدة عن التصديق ء. خصوصا فيا يتصل بفرانش كونتيه حيث لا زال كثير من 
المواضع يحمل اسم سارازان (93255210) . ويقال كذلك إن كنيسة لوكسيل (أألات«انا.آ) هدمت وهى ى سفح 
الفوج (1/058©5) وذبح رجاها وعلى رأسهم القديس ملان (لللاء1). 

. و50 795 .500 728 .مم /١آ‏ .سسممعصصعط أعتأاكدادءاعع8 دعلدهممهة .ع1 تلا معطا .وك 

8 .م التمناء العمعة وعاوممة . ا لااق ملل 

. 500 527 .مم عنهدم عغ| .11 تاعتلعمع8 ندم إعصدد جاعة . املاظ مال 

وتذهب هذه المراجع إلى أن العرب لم يجدوا مقاومة جدية إلا عند بلدة صانص (56375) إذأن أسقمها (وعطط2) 

أو (صممططع) تصدى هم . وجمع نفرا من أهل البلد وهجم بهم على المسلمين ١‏ وألقى نارا على الات حصارهم فتفرقوا 

وكان هذا الرجل قبل ذلك فارساً وكونداً لبلدة تونير (7010061) ثم ترهب ورسمته الكنيسة قديساً فيي| بعد . 

ولا تذكر هذه النصوص المسلمين ولا تشير إلى أنهم هم الذين قاموا ببذه الأعمال ١‏ ولكنها تقول إن الوند 

)١/2005(‏ والوندال (200211ل9) والحندال (0220211)) هم الذين كانوا يخربون ء فجاء مؤرخو الكية فقالوا إن المراد 

هذه الألفاظ هم الملمون » وتابعهم رينو وغيرهم من المؤرخين المحدئين فى ذلك » وهو تعسف لا معنى له وخاصة أن 

هذه التسميات أطلقت فيا بعد على المجريين الذين اغاروا على هذه النواحى وخخربوها على أيام قارله وبيبين وشرلمان . 

وقد عاد رينو فتشكك ف أن المسلمين هم الذين قاموا بذلك . 

انظر كتابه الآنف الذكر »ص 3717-١‏ . 

(0) رينو : نفس المرجع » ص 75. 


2336 عبد الرحمن الغافقى 





وأنّى يكون ذلك وغالة كلها كانت فى دور التكوّن » لم تصبح بعد « وطن » يتعصب له أحد ؟ 
وأيسر دليل على مغالطة رينو وأمثاله هو أن أولئك الذين يزعم أنهم لم ينضموا إلى المسلمين 
ولم يؤيدوهم هم الذين أنزلوا بمؤخرة جيش شرلان الفرنجى المسيحى مذبحة رنشفالة 
ومأساة رولان بعد ذلك بأكثر من قرن . 
ج# ا 2 

وكان كبار رجال غالة فى حالة لا مُكّنهِم من النهوض لحرب المسلمين » فأما أودو فقد 
ركن إلى السكون ولم يجرؤ على الخروج لملاقاتهم بعد الذى رأى من قوتهم » ولم يجرؤ كذلك 
على طلب المعاونة من قارله لأن العلاقات بينهما لم تكن على ما يرام » وأما قارله فكان 
مشغولاً بحرب الفريزيين سكان إقليم فريزيا الذى يعرف اليوم بالنورمندى والبافاريين 
والسكسون غربى نهر الرين » وكانوا هددون نوستراسيا - قلب بلاد غربى الرين - بخطر 
داهم إذا ما عبروا الرين » ولهذا لم ينهض قارله لملاقاة المسلمين حين) غزوا بورجونيا » 
وكانت إذ ذاك داخلة فى طاعته . 

لم تكن هذه الأحداث التى ذكرناها فى ولاية عذرة بن عبد الله الفهرى أعمالاً عسكرية 
منظمة يمكن إدراجها فى سلسلة الغزوات المنظمة التى قام بها ولاة الأندلس فى غالة » وإنما 
كانت نشاطاً عاماً قام به المسلمون الذين استقروا فى سبتانية وقاعدتها أربونة » وبعض 
قواعد جنوبى غالة مثل طولوشة وطرسونة . 

أما سلسلة الفتوح فتتصل من جديد عندما يتولى الأمر عبد الرحمن بن عبد الله الغافقى 
سنة 7١1اهم/‏ ٠*الام.‏ 
-٠-عبد‏ الرحمن لا نزاع فى أن عبد الرحمن الغافقى كان أقدر قائد عسكرى عرفته الأندلس 

الغافقى فى عصر الولاة . ومن المؤسف أن أخباره لديئا قليلة جدا لا تتناسب مع 
الدور الكبير الذى قام به فى تاريخ الإسلام . ويبدو أن كارثة بلاط الشهداء التى ختمت 
حياة الغافقى كانت أليمة الوقع عند مؤرخينا » فأوجزوا الكلام عنها قدر الطاقة » وأصاب 
الإيجاز سيرة عبد ال رحمن » فتعمدوا الاكتفاء بمجرد الإشارة إلبه مع عظيم تقديرهم له . 

كان عبد الرحمن جندياً أندلسياً » قضى أحسن أيامه عاملاً فى جيوش المسلمين المغازية 
فيها وراء البرتات . ويُفهم من إجماع عرب الأندلس على تقديره أنه كان سليراً من نزعة 


خروج عبد الرحمن للغزو 2320" 





العصبية التى ابتلى بها غيره » ومن دلائل ذلك أن عبيدة بن عبدال رحمن القيسى عامل إفريقية 
المتعصب لقيسيته أقامه على الأندلس وهو يمنى من غافق . وقد أورد ابن عبد الحكم رواية 
يهم منها أن الرجل كان مسلا سليم الإيهان حريصاً على أصول الشريعة » لاايحفل فى سبيل 
ذلك بغضب من بيدهم الأمر . يقول ابن عبد الحكم بعد الكلام عن إحدى غزوات عبد 
الرحمن : ١‏ .. وكان فيه) أصاب رِجْل مفضضة بالدر والياقوت والزبرجد » فأمر بها 
فكسرت ء ثم أخرج الخمس », وقسم ذلك ف المسلمين الذين كانوا معه » فبلغ ذلك عبيدة 
(بن عبد ال رحمن القيسى عامل إفريقية) فغضب غضبا شديدا » وكتب إليه كتابا يتوعده فيه ) 
فكتب إليه عبد الرحمن : « إن السموات والأرض لو كانتا رتقاً الجعل ال حمن للمتقين منها 
مخرجاً . ثم خرج إليهم أيضاً غازياً» فاستشهد وعامة أصحابه »(01. 

وهذه هى الإشارة العربية الوحيدة التى تدل على ناحية من خلق عبد الر حمن . ويصفه 
إيزيدور الباجى بأنه كان رجلاً نشيطاً عنيفاً قاسياً » لا يبالى أن يُنزل بالنصارى أقسى المظالم 
وأشد ألوان الاضطهاد والتخريب والقسوة("2. ولا تضيف النصوص اللاتينية الأخرى إلى 
أوصافه هذه شيئاً » وإن كانت جميعها تتحدث عن شجاعته النادرة ومقدرته الحربية 
العظيمة. ولو أمدتنا المراجع العربية بأخباره مفصلة لاستطعنا تعرّف مكان هذه الروايات 
النصرانية من الصحة » ولكنها أقدم ما بين أيدينا وأكثره تفصيلاً » ولا مندوحة لنا عن 
الاعتهاد عليها إلى حد كبير . 

وكان عبد الرحمن جندياً من طراز آخر غير طراز عنبسة » وإذا كنا قد قلنا إن هذا الأخير 
كان من طراز عقبة » أى من الذين تستهويهم الغارات البعيدة المدى والضربات المدوية » 
فلنقل عن عبد الرحمن الغافقى إنه كان من طراز حسان ين النعمان » من طراز الفاتحين الذين 
يرسمون خطة الفتح الثابت المستقر » فيعمدون إلى مراكز المقاومة الفعلية ويهاجمونها لكى 
يتم الفتح وتدخل البلاد فى حوزة الإسلام . 


50007 عبر عبد الرحمن البرتات فى أوائل سنة 5١١ه/‏ ربيع سنة 7”الام» ولسنا 
عبد الرحمن لفغزوء زر التحقرق عدة الحيش الذى كان فأما المرا 
أوائل سنة 6ااه / نعلم على وجه التحقيق عدة الجيش الذى كان معه . مراجعم 


ربيع سنة ؟لام النصرانية فتزعم أنه كان يقود أربعمائة ألف مقاتل فى حين تكتفى الرواية 


(١)ابن‏ عبد الحكم : قتوح » صى ١١9‏ . 
(1) إيزيدور البلجى : ققرات 50-04-8228 . 
وانظر أيضاً ؛ ابن الفرضى : تاريخ علماء الأندلس ٠‏ رقم 884 . 


5 خروج عبد الرحمن للغزو 





الإسلامية بتحديد عدة اليش بعدد يتراوح بين سبعين ألف وماثة ألف . وليس لدينا ما 
يوضح هذا الأمرء لأننا لا نستطيع قبول أى الرقمين » وكل ما نستطيع أن نقوله هو أن عدة 
الجيش لم تكن لتزيد عن سبعين ألفاً على أى حال » وأن جل هؤلاء كان من البربر » لأن 
الكثيرين من عرب إفريقية والأندلس كانوا إذ ذاك فى شغل با انصرفوا إليه من المنازعات 
العصبية من ناحية » ومن الاستقرار فى القرى والاشتغال بالزرع من ناحية أخرى . ونستطيع 
أن نقول كذلك إن معظم هؤلاء كانوا يمنيين » لأن عبد الرحمن الغافقى كان يمنياً » ولأن 
غالبية سكان نواحى إقليم سرقسطة كانوا يمنيين » ومنهم كانت غالبية العرب المحاربين فى 
ناحية اليرتات وما يليها . 

وكانت مصلحة المسلمين تقتضى الاستمرار على صداقة أودو لكى يكون لهم عوناً على 
حرب الفرنجة والخلاص منهم » ولم يكن ذلك بالعسير لو كان عبد الرحمن الغافقى سياسياً 
كا كان قائداً متازاً» فقد وصل المسلمون إلى قرب السين » وكان على خليفة عنبسة أن يكمل 
عمله » فيمضى بالمسلمين إلى قلب الدولة الفرنجية . ولكن حركة مونوسة(١أفسدت‏ الأمر 
كله » وقد رأيئا أنه من العسير أن نتعرف أسباب الحفوة التى طرأت بينه وبين عبد ال رحمن » 
وإن كان من الممكن ردها إلى ما كان بين العرب عامة واليربر عامة إذ ذاك من التحاسد 
والتباغض » وبما كان فى خلق عبد ال رحمن نفسه من الصلابة والاستقامة » مما لا يستبعد معه 
أن يكون قد كره هذه الصداقة المتصلة وذلك العهد المتين بين مونوسة وأودو. 

وعلى أى الأحوال » كانت ثورة مونوسة و:بوض عبد الرحمن للقضاء عليها من أسباب 
فشل عبد ال رحمن فى حملته الكبرى على غالة » فقد غضب الدوق لما أصاب صهره وتوقع 
الشر من ناحية العرب وبدأً يُظهر الجفوة نحوهم » فلم تعد لهم مندوحة من حربه أولا » 
وهذا اتجه عبد الرحمن بقواته إلى عواصم أقطانية ففتحها ى| سنرى » وفر من بقى من جند 
الدوقية إلى الشهال وأخذوا يستنجدون ملك الفرنجة » وانضمت قواتهم إلى قواته فكثر جمع 
النصارى أمام المسلمين . هذا إلى أن الحرب بين مونوسة وعبد الرحمن كانت حربا بين البربر 
والعرب فى حقيقة الأمرء وسنرى أن ننفوس العرب والبربر لم تكن متفقة فى هذه الحملة كا 
كانت فيها سبقها » وسيكون لهذا أثره البليغ فى هزيمة « بلاط الشهداء » التى سنفصل أمرها. 


)00 راجع عنهة : 
8158.6 0م75 15120110 
2 .2 ,خراخغ دا ع ل 8 1/1 »1 100 0ه 


فتح آرل - الاستيلاء على بردال ”1 


جمع عبد الرحمن جنده فى بنبلونة » واحتفل فى إعداد حملته هذه احتفالاً عظياً . لأنه كان 
يرجو أن يكون فتح غالة على يديه » ثم اخترق بجنده جبال البرت فى أوائل صيف سنة 
"الام من ممرات رونشفالة التى ستشهد مأساة رولان بعد ذلك بسنوات » أى أنه لم يسلك 
الطريق المألوف الذى سار فيه العرب إلى ذلك الحين : طريق ساحل البحر الأبيض الذى 
يفضى إلى سبتانية وحوض الرون » بل طريقاً فى وسط الجبال يفضى إلى قلب دوقية أقطانية 
مياشرة . فلا أفضى إلى غالة اتجه أول الأمر نحو وادى الردانه لكى يمهد أمره ويحمى ظهره 
قبل أن يتجه إلى دوقية أقطانية فى الغرب . 
ويقال إن سبب اتجاهه إلى وادى الردانة خروج مدينة ارل (50نا416[34) 
عن الطاعة وتوقف أهلها عن دفع الجزية » فهاجمها واستولى عليها بعد 
معركة عنيفة (21. فلم| تم له ذلك وأمن ظهره توجه بجموعه نحو الغرب ليهاجم دوقية 
أقطانية (أكويتين) . وكانت هذه تتكون من عدد من الكونتيات أكبرها غسقونية وتمتد من 
جبال البرتات إلى حدود اللوار فى الشمال » ومن خبير الألييه فى الشرق إلى خليج بسكاية فى 
الغرب » وكانت تعد أعظم إمارات غالة بعد المملكة الفرنجية التى كانت تصاقبها على 
حدودها الشالية مباشرة. 


٠‏ فتح آرل 


٠6‏ الاستيلاء توجه عبد ال حمن بقواته نحو بردال ( بوردو ) » فخف الدوق بقواته لكى 
على بُزدال يوقف تقدمه ء ولقيه على ضفاف الدوردونى (1005001712) على مقربة من 
(بوردو) ملتقاه بالجارون (035022)) فاءهزم هزيمة قاصمة فقد فيها عدداً عظيراً من 
فرساته وفر هارباً "2 وتقهقر أمام المسلمين نحو الشمال تاركاً لهم عاصمته بردال » 
فدخلوها ونهبوها نهباً ذريعاً » فلم فرغوا منها انساحوا فى البسائط هناك يفتحون كل ما 
صادفهم . فلم امتلأت أيديهم من الغنائم تقدموا نحو اللوار » وكانت وجهتهم هذه المرة 
مدينة تور ثانية مدائن الدوقية على نهر اللوار وفيها كنيسة سان مارتان » وكانت لها إذ ذاك 


. 25 عنان : دولة الإسلام فى الأندلس »ص‎ )١( 
201/1 .م.آ ناك .م0 .8118ؤ5ك1ملا‎ 795 
1511200150 لمعتممعطك تاذلاع 0 هط‎ ©.95 0 
: ويبدو أن عدد القتتل من جيش أودو كان عظيراً» لأن إيزيدور يقول‎ 
2 111لالأنا 265 أعلا 11لا 11101162 1210111110117 كلاء10‎ 16608110562” ٠ 
.م.آ نأك .م0 ,281718 5ذاملا لؤزمدا‎ 795 22 


71 أودو يستنجد بشارل مارتل 





شهرة ذائعة فى الآفاق » فاقتحموا البلد وخربوا كنيستها(١؟.‏ 
1-أودويستنجد- هنالك أسرع أودو إلى قارله ( شارل مارتل) يستنجد به » إذ وجد نفسه 
بشارل مارتل مضطراً إلى مصا حته » وبهذا توحدت قوى النصرانية فى غالة للوقوف فى 
وجه المسلمين . ورحب قارله بالفرصة » لأنه كان تواقاً إلى بسط نفوذه على أكويتين 
وأراضيها الواسعة . ولأنه كان قد استشعر الخطر الإسلامى منذ حين » فقد غزا المسلمون 
منذ عام فقط بورجونيا وهى داخلة فى بلاده وصعدوا حتى قاربوا اللوار . وقد عرف قارله 
كيف يأخذ للأمر عدته » فجعل يجمع الجند والفرسان من كل ناحية » ولم يدخر جهدا فى 
ذلك » فقد كان الخطر فى هذه المرة واضحاً جلياً » ويبدو أنه لم يكتف بمن كان عنده من الجند 
فى غالة » فبعث يستقدم جنداً من حدود الرين من نواحى أوستراسيا » فأتته نجدات من 
جنود أجلاف أقوياء يحاربون شبه عراة فى مثل هذا الجو البارد » ويصفهم إيزيدور بأن 
أيديهم كانت حديدية ترسل ضرباتها القاصمة فى سرعة وقوة » وبهذا اجتمع لقارله جيش 
قوى قدير على الثبات للعرب ومنازلتهم7). 

وينبغى أن نضيف هنا أن الفرنجة الساليين أنفسهم - ومنهم كان معظم جند قارله - 
كانوا قوماً بدويين أشداء لا يقلون عن العرب صلابة ولا شجاعة » فقد مهدوا بحرابهم 
وصدورهم غالة كلها وغلبوا البرغنديين والقوط الغربيين وبقايا الرومان فى غالة وغلبوا 
السكسون عدة مرات وما زالوا بهم حتى كسروا شرتهم » وانصاعت طم جماعات كثيرة من 





"1 رممتوءاععع تزعو ,هنا اناك ,لاع نالع125 مزعن نان[ الرع هلظ 312611 :ناد اتولمتد علطم عرن‎ )١( 
ع مأك .م0 ,الع عمط 1512010 *“)درعل ندعل مدلعدومعل ملمد[ماكنا كدأوءاءءع اء مللعتصال 22لهم‎ 
359 
ولكن رودريجيث‎ ٠» وم بذكر إيزيدور اسم كنيسة القديس مارتين ( سانكتوس مارتينوس ) التى ذكرناها فى النص‎ 
. حخمينيث ذكر أن العرب خربوا كنيسة البلد الرئيسية‎ 
أأكم1ناكالمك اع النحطأل اانه ه[0لععم أ اء عمه لماكل هلغوأعم اع متوزوعلععء ,تعلو تلاك ولدرهجنا1"‎ . 
0 : نا 1م50‎ [11/1 814852,12-13 
: أما صاححب ذيل تلريخ فريجيداريوس فيقول‎ 
ألم 11تأكع0 702150ع ازع باع 1ل1اكد/1 تستكئقنغمعط بالاررول لل...‎ 
أى : أنه يقول إن العرب أرادوا فقط تخريب الكنيسة ولم يفعلوا‎ 
مانمسة م0 أفعلدعء :2 اعااكة أ50‎ ![ . 
(؟) هآ متعناد0م عكع5 رأقة أعتدعناء نلك [[/أهمء عدمعدم عل عناوكان كعتل «رع معو ععم غمعم روسل أطلآ‎ 
5ع51هم أن [أناعه نلاه1 مز 5ع[77018الرعامع5 كعلمعع الموعتم أل , عذلاعة لانال عناوغأة ,اللوعدم لرعاعد‎ 1121120- 
““التدععطع وللواع دعطور4 معواعت05ة اللعتهقلم ععأ تله أعداع كرمع ا" 20213 اع اناعأع ركعاطعمدوجرعم كع 1ت‎ 
ع أك .م0 .ممم .اذا‎ 59. 


المعسكر الإسلامى قبيل المعركة 533730 





المتبربرين كالسويف والآلان » وكان مُلكهم فى ذلك الحين فى صعود . إذ كان قارله حاجب 
الملوك الميروفنجيين » وكان أبوه بيبِين قد استولى على السلطان منهم » وخلفه قارله واعياً هذا 
المطلب البعيد وهو إزالة الميروفنجبين عن الملك والحلول محلهم . وكان سياسياً قادراً ومحارياً 
ماهراً . استطاع أن يجمع الناس حوله بالقوة تارة وبالسياسة تارة أخرى » واجتمعت له 
قوات ظل يرقب بها الحوادث » فلا بلغته أنباء الغزو العربى شعر ألا مندوحة له عن اتخاذ 
الأهبة » ثم أقبل خصمه أودو يستغيث به فلبّى النداء وأسرع للقاء المسلمين بنفس مشرئبة 
للقافر وخورة موطلعة للقنال211: 
انكر وكان المعسكر العربى فى مثل هذه الحال من التوفز وعلو الحالة المعنوية : ل 
لإسلامى قبيل ‏ يكن ينقص المقاتلين الإيان ولم تكن الخبرة لتعوز القيادة » ولكن أموراً 
العرعة ١‏ أخرى كانت تفل من عزيمة الجيش وتقلل من أمله فى الظفر . 

أول هذه الأمور أن العرب بعدوا مساقات شاسعة جداً عن مركز الدولة الإسلامية22). 
ويكفى أن يتصور الإنسان المسافة بين دمشق وجبل طارق » وبين جبل طارق ونهر اللوار 
ليعلم أن الجيوش الإسلامية المحاربة فى نواحى غالة كانت تقوم فى الواقع بمغامرة أقرب إلى 
قصص الأساطير منها إلى حوادث التاريخ . لأنها كانت فى وضع لا تستطيع معه أن تحصل 
على إمدادات من الجند أو العتاد من مركز الخلافة . ولم يكن فى استطاعة هؤلاء المحاريين أن 
يحصلوا على إمداد من عامل الأندلس فى قرطبة » لأن عدداً عظياً من عرب الأندلس لم 
يستقروا فى العاصمة بل تقرقوا فى نواحى شبه الجزيرة وشغلوا بها إلى حد كبير عن الحكومة 
المركزية . 

وقد رأينا فيها مر من الحديث أن عرب الأندلس هؤلاء كانوا فى واقع الأمر جماعات 
متفرقة فى النواحى لا يستطيع العامل استقدام أجناد منهم على عجل » وكانت العصبيات قد 
توزعتهم وفرّقت بينهم فلم يعد من الميسور لعامل الأندلس أن يجمع قوات محترمة إلا من 
بنى عصبيته . وربما لم يكن هذه النقطة الأخيرة أثر كبير فى تكوين جيش عبد الرحمن . لأنه 
كان فى الواقع بعيداً عن نزعة العصبية » فاجتمعت إليه أعداد كبيرة من عرب الأندلس 
جميعاء إلا أن أثرها ظهر بعد مقتله » فقد تفرق العرب واختلفوا في| بينهم اختلافاً شديداً 
0 03 .م 1١.‏ . الدظ لمد عمناععدا ,المهظان 


(5) أشار جببون إلى هذا البعد الشاسع إشارة لطيفة جداً . 
انظر : اضمحلال الدولة الرومانية وسقوطها جكء ص 05م 1 


مرا مكان العركة 





أدى إلى انسحابهم جملة » ولو كانوا يدا واحدة لارتدوا بعد ا هزيمة إلى أقرب مركز لحم 
ليستجمعوا قواتهم من جديد كا فعلوا بعد الحزائم المتكررة التى جرت عليهم فى إفريقية . 

ولنضف إلى هذا ما كان بين العرب واليربر إذ ذاك من أسباب الخصومة . وهى ظاهرة 
تاريخية ينبغى ألا يمل حسابها فى كل ما يتصل بتاريخ المغرب والأندلس حتى نباية القرن 
المجرى الثانى » وقد رأينا مثلاً ثورة مونوسة وما جرّّته من وخخيم العواقب » وسنرى أثرها 
واضحاً كذلك في) أعقب موقعة البلاط . وكانت غالبية الجيش الإسلامى المقاتل فى غالة 
من البربر » وليست لدينا أية تفاصيل عن أعدادهم أو طوائفهم » ما يحول بيننا وبين 
استجلاء حقيقة الموقف فى المعسكر الإسلامى قبل المعركة الحاسمة . 

ومسألة أخرى كانت تضعف الجيش الإسلامى وتقلل من أمله فى الظفر . هى الغنائم 
التى جمعها الغزاة المسلمون من النواحى التى مروا بها قبل لقاء الفرنجة فى الموقعة الفاصلة . 
وتتفق المراجع جميعاً على أن الجيش الإسلامى كان يجر وراءه قطاراً عظيياً محملاً بالغنائم 
والأسلاب من كل صنف » وربما بالغت المراجع النصرانية فى وصف أعمال السلب والنهب 
التى قام بها المسلمون فى نواحى غالة » ولكن أكثر الأحكام اعتدالاً فى هذه الناحية يقرر أن 
المسلمين اجتمع هم شىء عظيم جداأً من أسلاب المدن وتحف الكنائس والقصور 
والحصون. ويبدو أن استمساك الجند بهذه المغانم كان عظياً » لأنهم حملوها معهم حتى نمر 
اللوار » ولو أحسنوا لبعثوا نفراً منهم ليودعها أربونة أو برشلونة حتى يطمئنوا عليها وتخلو 
أيديهم للعمل المقبل » ولكنهم كانوا أحرص عليها من أن يفارقوها » بل سنرى أنهم كانوا 
أحرص عليها منهم على النصر والظفر » فكان هذا الحرص ف ذاته من أشد أسباب 
هزيمتهم » لأن عدوهم استشعر هذا الحرص منهم وعرف كيف يستغله لصا حه . 
4--مكان 202 ولسنا نعلم مكان الموقعة الفاصلة بين المسلمين والفرنجة على وجه التحقيق : 
المعركة أغفلته الرواية الإسلامية فيا أغفلت » وتركته الرواية النصرانية مبه] فذكرت 
أنها كانت إلى شهال بواتييه 2161837688 فى اتجاه تور» أى على الطريق الرومانى القديم بين 
البلدين » ونقول على ١‏ الطريق الرومانى » لأن اسم المكان ى] تحدده الرواية العربية باسم 
«بلاط ؛ الشهداء يُفهم منه أنها وقعت على مقربة من قصر كبير « بلاط)(١2‏ وربها كان أقرب 
الآراء إلى الصحة فى هذا الموضوع ما ذكره بروفنسال من أن الموقعة كانت ١‏ على مقربة من 


فق . ة.م ١.‏ ,عمدسااكطل8 .مك8 '1 عل .151 : ماخ ال /لا0عم -1لاظ] 


معركة بلاط الشهداء يفف 





طريق رومانى يصل شاتلر و (]ألاة0112161!1©1)) ببواتييه » على مسافة نحو عشرين كيلو مترا 
من المدينة الأخيرة » ورنما كانت عند ا موضع الذى يسمى اليوم ع8 2 -840055315) 
(201116. 


اخ عد 


4-معركة الم تقدم لنا الرواية الإسلامية إلا إشارات عايرة مبتسرة عن هذه الموقعة 
بلاط الشهداء الفاصلة ء ولا يعلل هذا الإغفال الغريب بمجرد رغبة الرواة المسلمين ى 
إخفاء معالم هذا الحادث المحزن ١‏ لأن هؤلاء المؤرخين قدموا لنا تفاصيل طيبة عن هزائم 
أخرى نزلت بالإسلام على يد النصرانية » كهزيمة الخندق ومأساة « العقاب » » وكانت هذه 
الأخيرة أخطر من ٠‏ بلاط الشهداء » وكانت مصيبة الإسلام فيها أعظم » فكان إخخفاء معالمها 
أَؤْلّ » فكيف اتفق أن كل ما تقدمه الرواية العربية عن هذه الموقعة لا يزيد فى مجموعه على 
عشرين سطراً موزعة فى نحو سبعة مراجع أو ثانية ؟ بل كيف نجد نصوص هذه الروايات 
من الاضطراب بحيث يذهب ابن عذارى على دقة روايته إلى أن الموقعة حدثت سنة 116ه 
لاسنة 2091١5‏ بل كيف يذهب ابن خلدون إلى أن قائد المسلمين الذى استشهد فى هذه 
الوقعة لم يكن عبد الرحمن الغافقى وإنما محمد بن عبيد الله بن الخبحاب ٠‏ وهى شخصية لم 
نسمع بها إلى الآن فى حوادث الأندلس؟( وكيف يذكر المقرى فى إحدى رواياته أن الواقعة 
حدثت أيام السمح بن مالك 5 كيف يقع هذا التناقفى كله وذلك الإهمال كله فى وقعة 
مشهورة فريدة فى باها كوقعة البلاط مع أن نفس هذه المراجع أوردت لنا تفاصيل هزائم 
إسلامية أخرى حدثت فى نفس الفترة على درجة كبيرة من الدقة والعناية . ىا رأينا فى هزيمة 
تهودة » و« الأشراف » اللتين مررنا بها ؟ ثم كيف نجد الرواية النصرانية لا تخطىء مرة 
واحدة فى ذكر اسم القائد الإسلامى الذى خلط رواتنا الثقات فيه هذا الخلط ؟ 





)١(‏ ظن الكثيرون أن المراد بلفظ « بلاط ؛ طريد يق مبلط . وترجمها النصارى إلى 2086م » ولكن المراد بلفظ بلاط فى 
الأنددس قصر أو حصن حوله حدائق تابعة له ٠‏ فيقولون « بلاط مغيث )و #بلاط الجر 2 و«بلاط يوسف» 
ويقصدون بذلك قصور أولئك الرجالء واللفظ مشر من 22/3111111 اللاثيلية . وعلى هذا فبلاط الشهداء معناها ق 
الواقع : قصر الشهداء » . مما يُفهم منه أن مكان الموقعة كان إلى جوار قصر أو حصن كبير ربها كانت له علاقة كبيرة 

(؟)ابن عذارى : البيان المغرب . ج 5 )اص 77 . 

(”) ابن خلدون : تاريخ . ج 4 .ص ١١5‏ . 

(4) ابن حيان فى المقرى : نفح . ج 7 ص 51 . 


11 معركة بلاط الشهداء 


الواقع أن المسألة لا تعلل إلا بشىء واحد : هو أن هزيمة المسلمين كانت من الشدة 
بحيث كان أوائل الرواة ينفرون حتى من مجرد ذكرها من فرط الألم والتشاؤم » فاندرجت 
أخبارها فى مدارج النسيان وتعاقبت عليها الأعصر فلم يبق فى ذاكرة الرواة منها إلا أن أهل 
الإسلام قد هُزموا فى هذه الناحية هزيمة مروعة بين سنتى 5١١و ١١5‏ هجرية . 

والدلائل كلها تنطق بأن الهزيمة كانت سروعة حقاً : أوها تسمية الموقعة ببلاط 
«الشهداء » وهى تسمية يُفهم منها أن عدد من استشهد فيها من المسلمين كان عظي] جد . 
وثانبها أن المسلمين لم يحاولوا الاقتراب من اللوار بعد ذلك أبداً » ولو كانت هزيمتهم هناك 
يسيرة لعادوا إلى المحاولة » ولو بقيت منهم بقية صالحة ما ترددت ف العودة . وثالثها هذا 
الصمت الغريب الذى تسدله الرواية الإسلامية على الموقعة . ورابمها هذا الإجماع على 
فداحة خسارة المسلمين الذى نجده عند المؤرخين النصارى فى هذا الموقف » فضلاً عن 
مؤرخنا الأول ابن حيان الذى لا تدع روايته مجالاً إلى الشك فى مصاب المسلمين فى هذه 
الموقعة(1). 


ولا مندوحة لنا عن الاعتهاد على المراجع النصرانية فى وصف هذه المعركة اللخطيرة» 
وينبغى أن ننبه إلى أن أقدم هذه المراجع - وما المدونتان المنسوبة أولاهما إلى ايزيدور الباجى 
وثانيتهها المنسوبة إلى بلدة مواسياك (ع84015518) - قد كتبت أولاهما بعد الحادث بنيف 
وعشرين عاماً وثانيته| بعده بنحو قرن » ول يزد ما كتبتاه معاً عن الموقعة على بضعة أسطر » 
أما التفاصيل الكثيرة فترجع إلى مدونات متأخرة جداً تشوبها روح القصص والأساطير . 


ونكتفى فى وصف تطورات هذه الموقعة با أورده عنها إيزيدور الباجى وصاحب مدونة 
: ا 4 . (0* 

مواسياك وباولوس دياكونوس وصاحب ذيل فريجيداريوس الأول والثاني7». 

)1١(‏ ... وذكر أنه - أى عبد الرحمن الغافقى ( ويذكر ابن حيان السمح بن مالك خطأ ) - قتل فى الواقعة المشهورة عند 
أهل الأندلس بوقعة البلاط » وكانت جنود الإفرنجة قد تكائرت عليه . فأحاطت بالمسلمين , فلم ينح من المسلمين 
أحد . قال ابن حيان : فيقال إن الأذان يسمع بذلك الموضع إلى الآن » . 

أبن حيان برواية المقرى فى نفح الطيب . ج ١‏ »ص 589 
22 .5855-0 .ع6 الوك نتامعطظ © : تأقلاع 286 151120140 
66 .7 .14055122656 ممم 1م01 
اا طنطاعع , 166010105 ذللناتامهم 
. 168 بم اقساسطع مك8 عدطزة لنامة ,1لآ,!! .متأقممتتده0) أمملععء؟] أعتامهامع5ك 
. فود 118 .2ط 01 .م0 رخخا8 !00 
500 34 براك .م0 : مالتخالاق8 





المعركة 58 





وقع اللقاء بين قارله وعبد الرحمن فى الثانى عشر أو الثالث عشر من أكتوبر 
سنة 7“الام / أواخر شعبان سنة 4١١ه‏ . وتدل التفاصيل التى لدينا على أن 
كلاً من الفريقين كان يحس خطورة هذا الصراع الحاسم » فلم يشتبك الجيشان ف المعركة 
الحامية إلا بعد بضعة أيام ظلا خلاها يتناوشان فى اشتباكات محلية » ثم اشتبكا بعد ذلك فى 
قتال عنيف . واجتهد الفرنجة ومن معهم من الألمان والسويف والسكسون فى اختراق 
خطوظ الغرب يومين متتاليين دون نتيجة » وقد بذلوا أقصى ما استطاعوا من جهد وهجم 
مشاتهم وفرسانهم على المسلمين هجوما عنيفا بالحراب » ولكن هؤلاء ثبتوا ثباتا فريدا ء بل 
بدافى بعض الأحيان - سرب مساء اليوم الشانى على الخصوص - أن المسلمين أخذوا 
يتفوقون على أعدائهم . 


ةكرفملا-١٠‎ 


ثم حدث بعد ذلك أن اندفغت فرقة من فرسان الفرنجة فاخترقت صفوف المسلمين فى 
موضع » وأفضت إلى خلف الصفوف حيث كان المسلمون قد أودعوا غنائمهم » وكانت 
شيئاً عظيياً جداً » فريع الجند الإسلامى المحارب وخشى الكثيرون من أفراده أن يستولل 
عليها هؤلاء الفرنجة » فالتفت بعضهم وعادوا إلى الخلف ليبعدوا الأعداء عنها . وهنا 
اضطربت صفوف المسلمين واتسعت الثغرة التى نفذ منها الفرنجة » فاندفعوا فيها فى عنف 
وقوة زلزلت نظام القوات الإسلامية » وحاول عبد الرحمن جهده أن يثبت جنده ويعيد 
نظامه أو يصرفه عن اهلع على الغنائم فلم يوفق » بل أصابه سهم أودى بحياته » وكان ذلك 
نذير الشؤم على جيوش المسلمين » إذ انبال عليهم الفرنجة من كل جانب وحصدوهم 
حصداً . وصبر المسلمون حتى أقبل الليل » فانتهزوا فرصة الظلام وتسللوا متراجعين إلى 
الجنوب على عجل » وكان ذلك فى العشرين من أكتوبر سنة ”لام ( أوائل رمضان سنة 
اه ). 

وحين| أسفر الصبح :بض الفرنجة لمواصلة القتال » فلم يجدوا من المسلمين أحداً » 
وتقدموا على حذر من مضارب المسلمين . فإذا هى خالية منهم وقد فاضت بالغنائم 
والأسلاب والخيرات » فظنوا أن الأمر خدعة . وتريثوا قبل أن يجتاحوا المعسكر وينتهبوا ما 
فيه » ولم يفكر أحد منهم فى تتبع المسلمين , إما لأنهم خافوا أن يكون العرب قد نصبوا لهم 
بهذا الانسحاب شَرَكاً . أو لأن قارله تبين ما نزل بالمسلمين ورأى أنه يستطيع العودة إلى 
الشهال مطمئناً إلى أخهم انصرفوا عنه وعن بلاده . 


37 بعد المعركة - عبد الملك بن الفهرى يسير إلى غالة 





وسندع التعليق على هذه الموقعة وأهميتها إلى أن نفرغ من تتبع الجيش 
الإسلامى فى أعقابها » وليس لدينا مرجع عربى واحد نس:طيع الاعتماد 

عليه فى هذا الصدد . ولامفر لنا - هنا أيضاً - من الاعتماد على الروايات النصرانية وحدها. 
اندفع المسلمون فى تقهقرهم نحو الجنوب مسرعين » واتجهت جموعهم نحو أربونة فمروا 
على مقربة من جيريه (]011656) وغزوا فى طريقهم بلدة لميموزين وخربوا كنيسة سولنياك 
(50118086) » وحين) أحسوا أن أحداً من النصارى لا يتتبعهم تمهلوا فى سيرهم ليستجمعوا 
صفوفهم من جديد . ويبدو أن فرقاً منهم شردت عن الجيش فوقعت فى أيدى النصارى » 
ولدينا تفاصيل كثيرة من هذا النوع » ولكنها جميعها غير ثابتة ولا محققة » ولا نستطيع لهذا أن 
نتحدث عنها بأكثر من هذه الإشارة(3). 

وتزعم الروايات النصرانية أن خبر الحزيمة الإسلامية تردد فى نواحى غالة الجنوبية 
وإسبانيا الشمالية فتواثب أهلها بالمسلمين من كل ناحية » وتخطفوا فلول قواتهم المتراجعة . 
وليس لدينا على ذلك دليل » وإن كان المعقول أن يطمع أهل هذه النواحى فى المسلمين » 
لا لأخهم مسلمون بل لأن قواتهم فى غالة قد تفرقت بعد هذه المعركة . فأسرع هؤلاء يفيدون 
من هذه الفرصة » ى] سيفعلون حين) ينقضون على مؤخرة جيش شرلان النصرانى بعد ذلك 


وكانت هزيمة ١‏ البلاط » سبباً فى تعجيل عبيدة بن عبد الرحمن بتولية عبد الملك بن قطن 
الفهرى » ولسنا نعلم على وجه التحقيق إن كان عبد الملك قد قدم الأندلس من إفريقية 
أو كان من عربها المقيمين فيها . ويغلب على الظن أنه كان من جند العرب فى الأندلس » 
واختاره عبيدة للولاية من بينهم » لأننا نجده من أول الأمر فى عصبة من الرجال يؤازرونه 
ويتعصبون له . وهو أمرلم يكن ليحدث لو أنه أتى من إفريقية » خصوصاً وأن المراجع 
لا تذكر أن جماعة من العرب انتقلت إلى الأندلس فى ذلك الحين. 
عبد املك | وكان أول ما اهتم به عبدالملك هو المسير إلى غالة لإقرار أمر المسلمين فيها 


ابن قطن الفهرى 5 1 00 00 . 1 
0 بعد موقعة البلاط وما تلاها » وقد توجه بنشاطه أول الآمر إلى نواحى شمالى 


١‏ بعد المعركة 


)00( 0.3566 .11 ,308 كط هزالة 6 
49 .مأك .م0 .لاناث الاقم 
 )5(‏ .1402 اع 934 .م .الطمذدع 00017 010232 ع2 ,27 خا اناه حمدل 701185 08 0188 86عم0 
0 .مأك .م0 ,اتا ملاعم 


المسلمون يستعيدون آرل ا" 





الأندلس » فهاجم نواحى أرغون ونبره » ثم عبر البرتات وأفضى إلى لانجدوك واهتم 
بتحصين المعاقل التى كانت ما تزال فى أيدى المسلمين . وكانت نواحى سبتمانية إذ ذاك فى 
فوضى شاملة بسبب الحروب اللمتوالية وبسبب الاضطراب الذى نجم عن هزيمة البلاط 
وتقهقر جيوش المسلمين . وكان الظاهرون من أهلها قد انتهزوا فرصة تلاشى أمر الدوق 
أودو لكى يتوزعوا النواحى فيما بينهم ويعلنوا أنفسهم أكنادا أو أدواقاً ما ء واحتربوا فيه 
بينهم . وكانوا جميعاً يكرهون أودو وقارله معاً » وخشوا أن تؤدى هزيمة المسلمين إلى 
وقوعهم تحت سلطان أحدهما » فجعلوا يستعينون بالعرب المتحصنين فى أربونة » وتذكر 
المراجع منهم دوقا يسمى ماورنت (3/48105007]65) اتخذ لقب دوق مرسيلية وحالف جند 
المسلمين وطمع فى السيادة على بروفانس كلهال" . 

وكان قارله مشغولاً إذ ذاك بتقرير سلطانه فى ولايتى بورجونيا وليون اللتين تم له 
فتحهماء وكان المسلمون قد فتحوهما ثم تخلوا عنهم| بعد ال هزيمة وخلفوهما فى فوضى شاملة » 
فأقام قارله فيهما نفراً من المخلصين له يسمون 0065اهمآ ( أى الخلصاء ) وفرض طاعته على 
أشرافهما . ثم اشتغل بعد ذلك بأمر أهل فريزيا (1751511) ومضى لإخضاعهم وأنفق فى ذلك 
وقتاً ليس بالقصير . وأحب أن يضمن ولاء جنده فأطلق أيديهم فى ذخائر الكنائس 
وأملاكها ء فقأغضب بذلك القساوسة وعامة الناس . وكان جنده الفرنجة يعتبرون أنفسهم 
سادة البلاد المفتوحة » وكان قارله يميز جنده على أهل غالة الأصليين ويحرم عليهم الزواج 
منهم ويلزمهم بالعيش بعيداً عنهم » فأبغضه أهل جنوبى غالة » وفتر حماسهم تحوه ء 
وهكذا خسر ولاءهء('"'2: وأعان ذلك العرب على الثبات فى هذه النواحى . بعد أن كان 
أمرهم قد تحرج وتواتر عليهم تواثب الناس » حتى غدوا كالمحصورين فى أربونة وغيرها مما 
كان بيدهم من المعاقل. 
؟المسلمون وكان قائد جند المسلمين فى أربونة وغالة رجلاً تسميه المراجع النصرانية 
يستعيدون ادل بيوسف (11815564) . والغالب أنه يوسف المهرى الذى ستصير إليه ولاية 
الأندلس فيا بعد ء فاتحد مع ماورنت دوق مرسيلية (38/3551118) . وسار فعبر الرداته 
واستولى على ارل (47613]1058) وخريها وأطلق يد جنده فيا حوها حتى صارت قفرا 
00 52.م ناك .م0 ,لاناذ اذاغ] 


0( . 544.600.620 .537 .م .! ممممتاوصط) قتالهت 
53-54 .مم أك .م0 .نام الاقم 


5 الاستيلاء على أبنيون - إخضاع إمارات البرت 





خراباً بعد ذلك أربع سنين » وتوغل بعد ذلك فى بروفانس واستولى بعد حصار طويل على 
بلدة فرتا(1"]6]]8) التى تسمى اليوم (لمدعخ1- )م31 5). 


5 الاستيلاء | ثم توجه نحو أبنيون (3نام10ج4106) واقتحمها على أهلها بعد أن دافعوا 
علىابنيون 0 عنها دفاعاً عنيفاً » وأفضت جيوش المسلمين إلى نهير الديورانس -نا12) 
(58306 ووقفوا عند ذلك الحد بعد أن استعادوا بقيادة يوسف هذا جزءاً عظيرا ما كانوا قد 
فقدوه بعد وقعة البلاط » وقد ثبتت قدم المسلمين فى هذا الجزء أربع سنين لم يجرؤ خلاها 
أحد على منازعتهم السلطان فيه(1). 

وقد لبث قارله ساكنآً أثناء ذلك كله » ول يفكر فى المسير للقاء المسلمين مع نهمه إلى 
الأرض وطمعه فى توسيع سلطانه بأى سبيل » وبدلاً من ذلك أسرع الى أقطانية حين) بلغه 
موت أودو سنة 5”لام » وأرغم ابئه على حلف يمين الولاء له . ولا يعلل انصرافه عن 
العرب وتجنبه لقاءهم إلا بأنه قد ذاق مرارة الحرب معهم وعرف جلّدهم وقدرتهم فصار 
يتجنبهم » وقد رأيناه يتخوف تتبعهم بعد موقعة البلاط مما يدل على أن تجربة « البلاط » لم 
تكن عسيرة على العرب وحدهم ء بل على قارله أيضاً . وكان هو أعرف الئاس بأنه لولا 
تفطنه إلى حيلة مهاجمة معسكر الغنائم لما استطاع كسب معركة البلاط » وقد كان يقود 
المسلمين فيها بطل من أبطاهم هو عبد الرحمن الغافقى» وهو جيش وحده . 
٠_إخضاع‏ 2 وكان عبد الملك بن قطن قد اطمأن إلى جهد قائده فى أربونة » فلم يتجشم 
إمارات البرت عناء المسير نحو الردانه » فوجّه همه نحو إمارات جبال البرت(') ليكسر شرة 
أهلها » وكانوا كا رأينا قوماً جبليين شديدى المراس قد ضروا على حروب الجبال 


ع2 166 .م ,عقطعع8ة1ووزه4] سمعنمه0 رط 

65 .مر !| ,ععصدعظ عل كترعكره)اك11] دعل لأعنعع1] 

.456.م 11 . أك .مو ,ععصصظ عل ممع رماوا دعل اأعبعع ا وصدل ,متاداستاصه© أعتكوامء5 أامدلععوع2 
ويسمى العرب فى ذلك النص الإسماعيليين : 

* ...لكلا اناا تسمتاسملمدل؟] ع نوع دعم العامة اعطممركا مصمكدتل 211 عاومعع عتمولاعطء: منتوعط “ 

85 .م ,آ عمق 007جم عل . أ5أتز : للعطمم 

.م 18340 بدنة) هللتوكة 84 عل 1060165 5ع [1ز2ه5760 كع ناوأعنان عل قمماامتعوء7 : لا 0 خا ]ا .يز 

.5 -54 .مم ناأك.م0 ,لالأفالزعع 

)١(‏ لم تكن جبال البرت إذ ذاك فاصلاً بين غالة وإيبيريا كما هى اليوم فاصل بين فرنسا وإسبانيا » وإنها قامت فيها 

إمارات تمتد على جانبى الجبال فى غالة وإيبيريا » وهذه الإمارات هى النويات التى نشأت حوها في) بعد ممالك نيرة 

وارجوك. 


عقبة بن الحجاج السلولى بجدد نشاط الفتوح فى غالة 57 





والعصابات ولم يكن قد أخضعهم إلى ذلك الحين أحد » وقد لقى عبد الملك فى الحروب 
معهم بلاء شديداً وهزموه فى معركة كبيرة لا تذكر المراجع زمانها أو مكانها » وكان بطبعه 
رجلاً سيىء السياسة عنيفاً ظلوماً » فلم تلبث الشكوى منه أن وصلت الى إفريقية واتصلت 
إلى دمشى » وانضافت إلى ذلك هزيمته فعجلت بعزله . وكانت ولاية إفريقية قد صارت إلى 
عبيد الله بن الحبحاب » فعجل بعزل عبد الملك وبعث على الأندلس مولاه عقبة بن الحجاج 
السلولى » وكان أفضل من عبد الملك من كل وجه37). 

كان عقبة بطبعه رجلاً مجاهداً » مثله فى ذلك مثل عبد الرحمن الغافقى » وكان قد اختار 
ولاية الأندلس لأنها ٠‏ موضع جهاد » كا قال("2: وكان مسلياً صلباً عادلاً متفانياً فى القيام 
بأعباء منصبه الجديد » وكان عبد الملك قد أفسد الأمور ونمّر أهل الأندلس »ء عرباً وغير 
عرب » مسلمين وغير مسلمين » فصرف عقبة همه إلى إقرار الأمور وإشاعة العدل فى الناس» 
ثم تجرد للغزو فى شمالى الجزيرة » وصرف همه أول الأمر نحو الثائرين فى أشتريس ء فلم أَوْقٌ 
على غايته فى هذه الناحية انحدر إلى الشرق » فنزل سرقسطة وتوجه منها نحو البرتات 
وغالة . 
عقبة وكان المسلمون بعد أن ثبتوا أقدامهم فى بروفانس قد تحصنوا فى المدائن 
ابن الحجاج الكبرى وحوّلوها إلى رباطات ثم جعلوا يرقبون الحوادث . فلا أقبل 
السلولى يجدد نشاد إليهم عقبة بحاسه ورغبته فى الجهاد نهضوا معه نحو ناحية الدوفينيه 
الفتوح فى غالة (11126م0ا1(8) واستولى عقبة على سان - بول - تروا - 20-8801 نة5) 
(لمه15015-01316_ ودونزير(120822156) وخربوعما ٠.‏ ثم اتجه نحو الشمال فى جرأة 
وحزم فاستولى على فالانس وخرب جميع الكنائس المحيطة بفيين (1/168586) » وكان من معه 
من الجند يتتظرون هذه الفرصة بفارغ الصبر ليدركوا ثأر معركة ١‏ البلاط © . فمضوا معه 
يشتدون لا يكادون يقابلون شيثا عامرا إلا خربوه . 
0 55م كك .و0 : لاناقاخاطم 

ويذكر رينو فى نفس الموضع أن الخليفة أبقى لعبد الملك ولاية التغور الشمالية فى الأندلس ومنطقة البرتات ء ولا 
نعرف المصدر الذى استقى منه هذا الكلام » وكل ما نعرفه هو أن عبد الملك بقى فى الأندلس بعد عزله وأنه كان يتمتع 
بمركز ممتاز بين اليمنيين فى الأندلس » وقد ظل يدبر على عقبة حتى ولب به فى أخريات أيام ولايته واسترد ولاية 


الأندلس من جديد كرا نعلم . 
(١؟)الأخبار‏ المجموعة, ص 58-1١‏ . 


5 إعادة فتح بورجونيا 





1 إعادة وصعد بهم عقبة مع ردانه حتى أعاد فتح إقليم بورجونيا كله » واستولل على 
فتح بورجونيا ليون من جديد » وامتد جناح المسلمين الشرقى ف إقليم دوفينيه حتى وصل 
إلى بيدمنت فى شالى إيطاليا » وبدا أن المسلمين مستعيدون مراكزهم كلها فى غالة عن 
قريب(2)2. 

هنا تحرك قارله للعمل من جديد » وكانت حروبه مع أعدائه فى شمال أوستراسيا وشرقها 
قد انتهت إلى هدنة مؤقتة سنة /الالام واستطاع التفرغ للسير نحو الجنوب » فعجل بإرسال 
أخيه شلدبراند (08110666800©) - ساعده الأيمن فى كل حروبه - فى جيش كثيف نحو 
أبنيون » وكتب إلى لويتبراند (1]65320ناءآ) ملك اللومبارد فى شمال إيطاليا يسأله المسير 
لمهاجمة جناح المسلمين الشرقى المتحصن فى جيل بيدمنت . وانحدر شلدبراند مع الرون 
حتى وصل أبنيون وبدأ حصارها » وكان المسلمون قد أحكموا تحصينها فعجز الجيش 
الفرنجى عن اقتحامها » واضطر قارله إلى المسير بنفسه فى جيش جديد » وشدد الأخوان 
الحصار واستعانا بآلاته » وتقدم لويتيراند فى نفس الوقت وهاجم المسلمين عند بيدمنت » 
وأمام هذا الضغط الشديد لم يستطع المسلمون الاستمرار فى الدفاع عن أبنيون » ولكنهم لم 
يسلموا البلد واستماتوا فى الدفاع عنها حتى اقتحمها الفرنجة عليهم . ويصف صاحب ذيل 
مدونة فريجداريوس استيلاء قارله على البلد بقوله : 

«... وأحاط كارولوس (قارله ) بالبلد وحاصر أسوارها حصاراً حديدياً 1200112 18) 
(8116160 بجيش ضخم وأبواق ذات أصوات عالية وآلات حرب وأدوات مفزعة مركبة 
على الأسوار » وحفرت حول الأسوار خنادق » وتواترت على البلد جيوش جرارة فلم يلبث 


البلد أن سلم»)7». 
000( 03-7 ,1 : نهلك مط هزالة 6 
57 مغك .م0 : مانام لاع 
زم 7 .142112112 تدططعءة لنامة 1/ا .نا ,1460011105جآ 5لاناآتاؤفط 
وئصه : 


-©516 11156121 ,110120 12061112 27الاتلع2 أء 10111505 61ملاة كناط ناكلا 121لاتأقع؟ أع 5ع 7قطع 112 لكلان) ...“ 
"... تقل أعتتا دعاضع 1216111 ألمبالأامدء د5ع]05[ ,اميل 

وخلف لويتبراند لوحة عند بافيا أشار فى بضعة أبيات نقشها عليها إلى ما صنعه مع العرب فى شمال إيطاليا بقوله : 
2 علع لاللاع1] 5معء راء10 
,1050 ,1861م121 ]أ[ناط15ل 010105 ,أمععهقة5 عناوذلآ 
- أكةناباز علمععومم 022010 ,062115 غصعى دعل سيت 


قارله يفشل فى الاستيلاء على أربونة 52 


ثم تقدم الجيش الفرنجى نحو أربونة معقل العرب الرئيسى فى غالة . وتذكر المراجع 
النصرانية أن قائده كان يسمى أثيمة (41111508) وربما كانت صححته ١‏ هرثمة ». وتذكر 
المدونات اللاتينية أن أمم البرت وثبت بالمسلمين من جديد وقطعت مواصلاتهم مع 
الأندلس » فلم يبق للقوات الإسلامية فى غالة إلا أن تتصل بمراكزها الرئيسية فى إسبانيا عن 
طريق البحر . فعجل عقبة بن الحجاج بإرسال مدد عن طريق البحر يقوده قائد عربى يسميه 
إيزيدور الباجى (41201) وصحته عمرو أو عمر على الغالب » فنزل المدد على شاطىء غالة 
فى موقع قريب من أربونة » فأسرع قارله للقائه . والتقى به يوم أَحَد على شاطىء مير البر 
(86176-81552) على بضعة فراسخ من أربونة » ويذكر صاحب مؤرخة مواسياك أن القائد 
العربى كان قد تحصن على ربوة عالية واعتمد على كثرة جنده ول يتخذ الحيطة » ففاجأه قارله 
على غرَّة وأنزل به هزيمة قبيحة استشهد فيها عمر نفسه . ولم ينج تمن معه إلا عدد قليل 
استطاع بعضهم الوصول إلى أربونة ودخوها » وحاول الباقون اهرب ف المراكب فتعقبهم 


الفرنجة فى مراكب صغيرة وأصابوا كثيرين منهه217. 

قازله وعاد قارله يشدد الحصار على أربونة » واستبسلت حاميتها الإسلامية فلم 
يفشل ف الاستيلاء يدرك الفرنجة منها على طول الحصار منالاً » فاضطر إلى رقع الحصار 
على أربونة والتقهقر إلى الشهال . ويبدو أن أهل غالة الجنوبية وقفوا منه موقف العدو 


ولم يعينوه على ما طلب من إخراج المسلمين » مما يدلنا على أن ما تذكره الروايات النصرانية 
عن مساءاتهم فى النواحى التى دخلوها إن هى إلا مبالغات قساوسة ومزاعم رهبان 
نصارى. فأراد قارله الانتقام من أهل غالة ليعزى نفسه عن فشله أمام حصون أربونة » 
فعسفهم عسفاً شديداً » وخرب حصون بيزييه وأجدة ونيمة . وقد لقيت هذه البلدة 
النصرائية الأخيرة من الويلات على يد قارله شيئاً كثيراً » فهدمت أسوارها وأطلقت فيها 
النيران » وفعل قارله مثل ذلك بمجلونة (812821108) وكانت إذ ذاك من المدن الزاهرة ى 


3 همتتقة ,عقتلة)! مصعءع 5 ع2آ. ذنا! 510010 : 0 ع 

وأما تفصيل حصار قارله لأبنيون المذكور فقد ورد فى : 
.168-169 .مم للتصطء 12 عدططعة لناجة .1!1] متأدنامننهم) اتمملععع127 
وانظر أيضاً 486 .م لا .كعان © دعل كمعممماكتلا دعل اتعيمعع 
.57-9 .مم .أك .م0 ,مالأشالاع]] 
)01( أكء . عمآ .!1آ امملعوع:] اعناكةامء5 متتقناصناتت0) 
.165-16 .مم دنضطعدكآ عدططعءعث لناججة عكدعع2 تككزه1/1 دمع معطت 


5 العرب وأهل غالة 





هذه الناحية . وعاد إلى الشهال ومعه كثير من أسرى المسلمين وعدد من كبار الغاليين » 
أخذهم معه كرهائن ليضمن بهم إرغام أهل نواحيهم على التخل عن عون العرب . مما يدلنا 
على أن أهل غالة الجنوبية كانوا يفضلون المسلمين على الفرنجة ٠‏ وذلك طبيعى » لأن 
الفرنجة كانوا إذ ذاك أجلافاً قساة بعيدين عن كل تمدن ء لا مقارنة بينهم وبين المسلمين 
أصلاً في مسائل الحكم والتنظيم . 

ويؤيد المؤرخ رينو ذلك بقوله : « ومن المؤكد أن سلطان قارله كان مبغضاً إلى أهل غالة 
الجنوبية » لأههم كانوا يفخرون بأنهم احتفظوا بجزء من النظم الرومانية وحضارتما » فكانوا 
ينظرون إلى أهل الشهال نظرتهم إلى متبربرين «مج لم تزايلهم طوابع الجلافة الجرمانية . ولم 
يستطع رجال الدين على الخصوص أن يغفروا لقارله استبداده بممتلكات الكنائس . وكان 
العرب فى تقدمهم قد استولوا على معظم الكنائس والأديرة ووضعوا أيديهم على متلكات 
هذه المؤسسات ٠‏ فلم) أقبل قارله وأخرج العرب لم يُعِد إلى رجال الدين ممتلكاتهم » وإنا فرّق 
الأراضى والمنازل على جنوده » فأثار ذلك استنكار الأتقياء وظل معظم الأسقفيات 
والأديرة خراباً لقلة تعهدها بالعناية . ويذكر التاريخ فيليكاريوس (ونالئة9/1110) أسقف 
فيين الذى حاول » بعد خخروج العرب من المدينة » أن يسترجع ممتلكات أسقفيته » فلى) وجد 
أنها تفرقت فى أيسدى غير رججال الدين غادر بلده ومضى إلى دير القديس ماوريكيوس 
(سان موريتز الآن ) » ولم تصلح هذه الأخطاء إلا خلال الأعوام التالية شيئاً فشيئاً »فى حكم 


بيبين وشارلمان»(31). 


6 العرب وعبارة رينو تفسر لنا سر كراهية أهل غالة الجنوبية للفرنجة » ولكنها 
وأهلغاتة ١‏ لا تفسر لنا سر ميلهم إلى المسلمين ومؤازرتهم إياهم » وليس لذلك إلا 
تفسير واحد لم يشأ المؤرخ أن يذكره » وهو أن المسلمين كانوا يحترمون الدين وأصحابه » ولم 
تمتد يدهم بالأذى إلى أموال الناس فيهما دخلوه من البلاد إلا بقدر ما اضطرتهم إليه 
الضرورات العسكرية . وقد رأينا المسلمين ينصفون الناس فى الأندلس ولا يكادون يؤذون 
رجال الدين أو المؤسسات الدينية » فمن عجب أن تتغير خطتهم دفعة واحدة بعد دخوهم 
غالة ! وقد كان قائدهم إذ ذاك رجلاً اشتهر بالعدل وإيثار الحق هو عقبة بن الحجاج السلولى 
(1) انظر عن هذه التفاصيل مدونة مواسياك والذيل الثالث لمؤرخة فريجيداريوس ف المواضع المشار إليها آنفاً . 


.147 .م , عممعالا عل عدتاعظ عامنهذ و1 عل . )ك5نةا : 1/131 ههزن :/0 
. 59-61 .ممنأك . م0 : الافتلاطم] 


العرب وأهل غالة ا 





الذى تجمع المراجع النصرانية نفسها على الثناء عليه » ومن أسف أن مراجعنا العربية تضن 
علينا بسطر واحد ينير أمامنا الطريق فى هذا الموطن المبهم » إلا عبارة يسيرة عن سلوك عقبة 
تؤيد ما قلناه » تقول إن الرجل كان إذا أسر الأسير لم يقتله حتى يدعوه إلى الإسلام ويبين له 
فضائله » فأسلم على يديه ألفا رجل بذلك(" . مما يأذن لنا فى القول أن عقبة ومن عمل تحت 
إمرته من المسلمين كانوا يؤثرون الرفق حتى مع الأسرى ( وكان مصيرهم القتل فى قواعد 
الحرب فى تلك الأيام ) فكيف بأهل المان والأرياف الذين يستسلمون ويؤدون الجزية دون 
حرب ؟ وكيف ولدينا البرهان الساطع على حسن تصرف المسلمين مع أهل هذه التواحى 
من انضهامهم إلى المسلمين ومؤازرتهم إياهم على ملك الفرنجة وأودو وغيرهما من طواغيت 
الجرمان ؟ وحتى كتابات الرهبان - على تعصبها الشديد - تفيض بالشكوى من مساءات 
الفرنجة وملكهم قارله » وقد كتب معظمها بعد هذه الحوادث بسنوات » أى فى ظلال 
امبراطورية شرلمان ء فلابد أن كتايها خففوا كثيراً من مساءات قارله » وأما ما فيها من 
الأقوال عن أفاعيل المسلمين فمبالغات تقرب من الأساطير » ولا يستطيع التاريخ المنصف 
أن يقبل إلا القليل منها('). 

وكان الدوق ماورنت قد عاد إلى بروفانس بعد انصراف قارله » وعقد الخناصر مع 
المسلمين من جديد » فتخوف قارله من عواقب ذلك وقرر المسير إلى الجنوب مرة أخرى 
لمحاولة القضاء على هذا الخصم العنيد » فانحدر سنة 4 ”لام مع أخيه شلدبراند ووجهتهما 
ماورنت وبلاده » واستوليا على ماسيليا ( مرسيليا ) قاعدة دوقيته وطرداه من البلادء وأقاما 
المحارس على الشاطىء المقابل لشواطىء إسبانيا وحالا بذلك بين العرب وبين الاسترسال 
إلى شرقى ردانه من جديد9". 

بيد أن المسلمين لم يقفوا مكتوق الأيدى أمام هذا التحدى . وجعلوا *مهم بعد ذلك 
)١(‏ ابن عذارى : البيان المغرب » ج > ص 59 . 
)١(‏ راجع ما يقوله رينوق هامش ص 75 : 

يبدو أن التفاصيل الواردة فى تاريخ حياة القديس بوركاريوس كنافئق206 بخصوص أعيال التخريب التى 
أحدثها العرب فى داخل إقليم بروفانس تنصب على ما فعله المتبربرون فى هذه النواحى حيتم) نزلوها بعد سنة 444م؟ . 

وهى ملاحظة قيمة تؤيد ما قلناهء وهو أن الرهبان نسبوا كل ما أحدثه المتبريرون الجرمان من التخريب فى شهلل 
إيطاليا وجنوبى غالة إلى العرب . ويشير المؤلف إلى كتابات البولانديست (5)65ذلضة11م8) بتاريخ؟١‏ أغسطس 
اام 
م2 .اك .عما .1]!آ ,تتتملععءعءءا متتمامتاهه 0 

3 .م ناك .م0 .ئلم ال امم 


1 عبد الرحمن بن علقمة ينصرف عن غالة بجنده 





نزول بروفانس ودوفينيه من ناحية البحر . وأعانهم الحظ بموت قارله (1/41م/7١1ه)‏ 
واضطراب الأمر من بعده حيناً حتى استقراره لابنه بيبين الثانى » ولكن ظروفهم لم تعنهم 
على الاستفادة من هذه الفرصة استفادة كاملة » لأن فتنة البربر فى الأندلس وإفريقية كانت 
إذذاك على أشدهاء فتوقفوا عن مدد حامياتهم فى غالة17). 

وكان عقبة بن الحجاج قد توفى ( صفر سنة 1177١ه/‏ يناير١‏ 5لام) على ما رأينا » وصار 
الأمر مرة أخرى إلى عبد الملك بن قطن : وثب عليه هو ومن معه من اليمنية واستبدوا 
بالبلاد وأشعلوا الأندلس ناراً » ثم أقبل بلج والقيسيون ونازعوه الأمر واتتزعوا الإمارة 
وقتلوه » فثارت اليمنية على كلمة واحدة . 
عبد الرحمن وكانت قيادة المسلمين فى غالة قد صارت إلى عبد الرحمن بن علقمة 
ابن علقمة اللخص اللخمى على أوائل أيام عبد الملك بن قطن . وكان عبد الرحمن يمنياً 
ينصرف عنغالة متعصباً فلم يكد يترامى إليه خبر مقتل عبد الملك حتى قرر المسير إلى 
باه قرطبة للانضام إلى قطن وأمية ابنى عبد الملك بن قطن » وأخذ معه معظم 
من معه من أنجاد الجند » حتى لتزعم المراجع العربية أن عدة من سار معه إلى قرطبة كانت 
مائة ألف9) . وهى مبالغة ظاهرة ولكنها تدل على أن غالة خلت من أنجاد مقاتليها من 
المسلمين » فتضعضع مركزهم فيها نتيجة لهذا » وكان ذلك من أقوى الأسباب فى زوال أمر 
الإسلام من غالة جملة » وكان عبد الرحمن نفسه من خيرة قادة المسلمين وفرسانهم حتى 
لكان يلقب ب ١‏ فارس الأندلس» وكان قيامه بقيادة جند الإسلام فى غالة خير ضمان لثبات 
أمر الإسلام فيها » فأما وقد انصرف بمن معه ء وألقى بنفسه فى معمعة ١‏ المصارة » وفقد 
الآلاف من خيرة جنده فيها » فلم يعد للمسلمين أمل كبير فى الثبات فيا وراء البرتات » 
خصوصاً وقد انتظم أمر الدولة الفرنجية واستتب الأمر لبيبين فى أوستراسيا ودان له ابنا 
أودو صاحبا أقطانية بالطاعة » وتمهد أمامه الطريق للتجرد لحرب المسلمين . 

ولا غرابة والحالة هذه أن نقرأ فى المدونات النصرانية أن كبريات مدائن سبتانية مثل 
بزييه ونيمة ومجلونة تخلصت من الحكم الإسلامى؛ وقامت فيها حكومات محلية من أهلها » 
00 . 72 مأك .م0 .نام العم 
(؟) الأخبار المجموعة » ص ”47 . 


ابن القوطية : افتتاح » ص ١١‏ . 


يبون الثاتى يهاجم أربونة ”55273 


وكذلك حدث فى إمارات البرتات مثل كنتيريه ونبره » خلعت طاعة المسلمين وصار أمر 
أهلها بأيدى أنفسهه0). 


ولم يكد الأمر يستقر ليوسف الفهرى والصميل ( من ربيع الثانى سنة 794١ه/‏ ديسمبر 
سنة 45 لام) حتى عجل يوسف بإرسال ابنه عبد الرحمن فى بعث إلى نواحى البرتات لإقرار 
أمر الإسلام فيها من جديد » فلقى مقاومة عنيفة ولم يوفق إلى شىء يذكر . وكانت 
المواصلات بين جند المسلمين فى أربونة وأجنادهم فى شالى الأندلس قد تقطعت . فطمع 
فيهم فايفر (1/215) ولد أودو الذى صارت إليه أمور أقطانية بعد نزاع طويل مع أخيه فى 
سنة ١101م/‏ سنة 117ه . وكان عبد الرحمن بن علقمة اللخمى قد عاد إلى أربونة بعد 
هزيمته مع اليمنيين فى وقعة المصارة فتولى الدفاع عن أربونة ٠‏ ولكن أمره كان قد ضعف 
بسبب ما فقده من الجند فى حروب العصبيات فى الأندلس2 . 
11 بيبين وكات مركز بيبين قد قوى فى غالة كلها بعد أن انحاز إليه البابا ونقل إليه التاج 
الثانى يهاجم- من آخر الميروفنجيين (سنة 1737ه/ سنة ١9/ام)فبادر‏ بالمسير فى جيش كبير 
أربونة نحو أربونة عام 177 - 174 ه / 07/ام . وأعانه الحظ بوجود حليف قوى 
من قوط جنوبى غالة يسمى أنسموندوس (5ا20لاقاء435) كان سلطانه يشمل بلدان نيمة 
وأجْدة وتجلونة وبزييه » فسلمها إليه » وبهذا لم يبق أمام بيبين إلا أن يوجه قواته كلها نحو 
أربونة » فنقدم وحاصرها فترة من الوقت » ولم يلبث أن استبان مناعتها وصعوبة الاستيلاء 
عليها» فتركها وخَلّف أنسموندوس ليمضى ق الحصار . ودارت الحرب بين أنسموندوس 
والمسلمين: .فلم :يلبثوا أن أوقعوا به :-قاجأه كمين متهم وقتله ©:وحلّت مماعة اشديدة 
بجنوب غالة كله » فلم يستطع جند الفرنجة الاستمرار فى حصار أربونة » فاضطروا إلى 
الانسحاب منها ونجا البلد من خطر الحصار هذه المرة أيضاً9). 

ول يِحِدَ جديد فى أمر أربونة خلال السنوات السبع التالية » لأن أهل الأندلس شغلوا 
بأمر عبد الرحمن الداخل وتأسيس دولته » فظلت حامية البلد قائمة بالدفاع عنها معتمدة 
على نفسها دون أن يعمر قلوبها أمل فى وصول نجدات من المسلمين . ولكن الحظ أعانهم 





)غ2 .7 اك .م0 .(التفقالاعه. 
)2 767 .مم اك .م0 .(انامات اطع 
2 ال عما .عومععةزكدلمل1ا لسمعتوم نت 


8 .مأك .م0 .لاناىالاعط8 


36ق, سقوط أربونة 





باشتغال بيبين عنهم با دهاه من الثورات فى بلاده » فظلت أربونة وبعض نواحى سبتتانية 
ثغراً إسلامياً يقوم للأندلس الإسلامى كالدرع الحصين دون أن يفطن أهل الأندلس إلى هذا 
الدور الخطير الذى لعبه هؤلاء المسلمون المنعزلون فى هذه الناحية القاصية يحيط بهم الأعداء 
من كل ناحية . 

ولم تغب عن عبد الرحمن الداخل أهمية هذا الثغر » فلم يكد الأمر يستقر له حتى أسرع فى 
سنة ٠54١ه/‏ سنة 48هلام بإرسال بعث قوى يقوده قائد تسميه المراجع النصرانية 
سليان0(؟» ولكن التوفيق أخطأ هذا البعث » إذ دهمه رجال العصابات فى ممرات جبال 
البرت الخطرة ومزقوه إربً("2. وكانت هذه آخر محاولة قام بها الأندلس لإنقاذ آخر معاقل 
الإسلام فى غالة » إذ روعت هذه الكارثة عبد الرحمن فلم يعد يفكر فى أمر حامية غالة » 
وشغلته الثورات الكثيرة التى تواترت عليه ولما يستتب سلطانه . 
1-سقوط ‏ فإذا كانت أربونة قد تُركت لشأنها على هذا النحو المحزن » وم يعد أحد يفكر 
أربونة (سنة << فى نجدة أهلها أو استغلال موقعها الذى بذل المسلمون تضحيات كبرى 
اله / سنة للتمك: منه » ودافعت عنه جماعات منهم بعد جماعات ثبتت كلها للهجمات 
00 المتوالية من جيوش الفرنجة ومن انضم إليهم من جماعات الجرمان قرابة 
الثلاثين عاماً » إذا كان هذا حاها الذى صارت إليه » فقد كان من الطبيعى أن يضعف أمر 
حاميتها إلى حد لا تستطيع معه الثبات . والواقع أن انتصار رجال العصابات على البعث 
الإسلامى الذى أرسل لنجدتها سنة ٠5١ه/‏ سنة 08/ام وتبيَ نصارى جنوبى غالة أن 
حامية أربونة وحاميات غيرها من المعاقل الإسلامية فى سبتمانية باتت وحيدة منعزلة لا يزداد 
أمرها مع الأيام إلا ضعفاً » فزاد طمعهم فيها وأخذوا يتربصون بها . فلما كانت سنة 
49 )شعر أهل أربونة من النصارى أن فى استطاعتهم الوثوب بمن بينهم من المسلمين 
وإخراجهم منها » وكان الفرنجة قد أرسلوا بعثاً حاصرها » فتشجع أهل أربونة وانقلبوا على 
)١١(‏ ذكر ابن الأبار فى الحلة السيراء رجلين من رجال دولة عبد الرحمن الداخل يسمى كل منههما أبا سليان : الأول أبو 

سليمان حبيب بن عبد الملك بن عمو بن الوليد بن عيد الملك بن مروان . والثانى فطيس بن سلييان بن عبد الملك بن 

زيان أبو سليهان الكاتب . والراجح أن المراد هنا هو الأول . لأن ابن الأبار يذكر أن عبد الرحمن ولاه طليطلة وأعياهاء 

وقد توق أبو سليمان هذا فى عهد عبد الرحمن فى حين توف الثانى فى عهد الحكم الربضى . 

انظر : 

ابن الأبار : الحلة السيراء : ص 45 وما بعدها وص 50 . 
220 81 .مغك .م0 .انا ف تاظع 


بقايا المسلمين فى غالة - نتائج سقوط أربونة 5 


الحامية الإسلامية على حين غرّة » فقتلوا من أفرادها نفراً عظيراً وأسرعوا ففتحوا أبواب البلد 
للفرنجة . وعجل بيبين بإرسال بعث قوى أكمل ما بدأ به أهل البلد . وقضى على ما بقى 
للمسلمين من الجند فى أربونة » وبهذا ضاع هذا المعقل الإسلامى الفريد » يعد أن ظل فى يد 
المسلمين قرابة الثلاثين سنة يؤيد سلطانهم على سبتمانية ومعظم نواحى جنوبى غالة(١).‏ 
؟1-بقايا وبقيت من المسلمين بعد ذلك جماعات صغيرة تسيطر على بعض نواحى 
المسلمين فى غاله ١‏ دوقية الدوفينيه وكونتية نيس . واعتصمت جماعات منهم فى شعاب الألب 
الغربية » وظلت هذه الجماعات تقيم فى هذه النواحى طوال عصر شرلان » وتذهب بعض 
نصوص- غير موثوق فى صحتها - إلى أن تلك الجماعات الإسلامية استولت على جرينوبل 
فى تاريخ غير محدد بالضبط . وقد ظلت هذه الجماعات الإسلامية مقيمة فى هذه النواحى 
حتى نزل المسلمون شاطىء فرنسا الجنوبى مقبلين من صقلية وقرصقة بعد مائة وثلائين 
عاماً على ما فصلتاه فى دراسة أخرى”'؟. ولكننا نستطيع القول أن تاريخ سيادة المسلمين ق 
جنوبى غالة ينتهى بسقوط أربونة سنة 04/ا ميلادية09©. 

وبعد أن سقطت أربونة تغير الوضع فى شمال الأندلس الغربى تغيراً تام إذ 
رفعت الولايات النصرانية الواقعة فى منطقة البرت رأسها وانتعشت بقيام 
الدولة الشرلمانية » فقوى أمرها واستمدت العون من غالة » وهنا يبدأ تاريخ 
« التغر الإسبانى » الذى نشأت عنه إمارة قطلونية ( كتلونيا ) فيه| بعد » وسترى شرلمان يعد 


4 نتائج 
سقوط أربونة 


)١(‏ وردت تفاصيل كثيرة عن هذا الحادث فى قصة فيلومين 2]111.01412(415 التى نشرها 143421) .84 فى فلورنسه 
سنة 183737 نحت عنوان : 
تعدا اع لممعممككوععدة) للد تمجعدك1 (أوعةن) هارع 
ويبدو أن هذا المرجع لا يمكن الاعتياد عليه ٠‏ لأن رينو يقول إن المؤلف يزعم أنه كتبه بأمر شرلمان ء ولكن هذا 
الكتاب الذى كتب أول الأمر باليروفتالية والذى يضع المؤلف فيه فى عصر شرلمان حوادث وقعت على أيام أبيه بين 
وجده قارله » قد كتب ف القرن الثانى عشر على الأغلب ولا يستحق أية ثقة : 
| عامم اء 81 .م اك .00, مانام اخ اع1] 
(1) انظر : حسين مؤنس : المسلمون فى حوض البحر الأبيض ال حتوسط إلى بدء الحروب الصلبية .يجلة الجمعية المصرية 
التاريخية سنة 19485 . 
م2 ا عاممء 82 .مأك .09 . ماناذ اللعا8 
ومراجعه : 
.5 .م .111 همه تاك مط دتالدت 
ععضصط عل ذعرغم 5ع عناونهملمعممعع . :1115 : خمع لاع 0102© ظط .قز 
المواد الخاصة ب 00[14ئعلى , 1102281 -1611054): ولا يوافق رينو على كثير مما ورد فى هذه المراجم . 


55 أحوال جنوبى غالة تحت الحكم الاسلامى 





سنوات يعبر البرت ويحاول الاستيلاء على سرقسطة(21. 

وقبل أن نترك غالة وتاريخ المسلمين فيها . لابد من أن نتعرف أحوال المسلمين أثناء 
إقامتهم فيها . والنظم التى ساروا عليها فى تنظيم ما كان تحت سلطانهم من نواحيها . 
ه-أحوال- لانملك عن ذلك الموضوع إلا معلومات عامة وأمثلة قليلة لا يَؤْمَن القياس 
جنوبى غالة تحت عليها . والثابت على أى حال أن مقام العرب فى غالة لم يدم على هيئة مستقرة 
الحكمالإسلامى إلا نحو ثلاثين سنة » وأن المسلمين لم يسيطروا فيها على مساحات واسعة 
يستطيعون أن يطبقوا عليها نظاماً ثابتاً ىا كان الحال فى الأندلس مثلاً » ولو قد انتصر 
المسلمون فى وقعة البلاط وتلاشت المقاومة الفعلية أمامهم لأخذت الأمور مجرى أخر : إذن 
لنشأت ولاية جديدة فى غالة » ولأرسل عامل الأندلس إليها العمال والرجال . فأما وقد 
أنهزم المسلمون فى محاولتهم الكبرى فقد وقفت ممتلكاتهم فى غالة عند وضعها الأول » 
وظلت معتيرة ثغرا للأندلس فيا وراء اليرتات » يقيمون فيها ويحافظون عليها ليحموا ما 
وراءها » ولنهضوا فيها للغزو إذا ما أمكنتهم الفرصة . والمعروف أن الولايات الإسلامية 
كانت تولد عقب الانتصارات العسكرية الكبيرة » هكذا نشأت ولايات العراق والشام 
ومصر والمغرب والأندلس » وقد كان يحدث أن يملك المسلمون أرضاً واسعة دون نصر 
حاسم » كما ملكوا جزءاً من آسيا الصغرى » فلم تنشأ ولاية إسلامية فى آسيا الصغرى على 
الرغم من أن ما كانوا يملكونه من أرضها أيام الأمويين يزيد مرات كثيرة عن مساحة ولاية 
البصرة مثلاً . 

ظلت فتوح المسلمين فيها وراء البرتات معتبرة إذن ثغراً تابعاً للأندلس من الوجهة 
الإدارية » والأدلة كثيرة على أن عمال الأندلس اعتيروا سبتانية ثغراً عسكرياً لا كورة إدارية» 
وقد نشأ هذا الئغر فى أيام السمح بن مالك » فهو الذى افتتح أربونة ونيمة وأجدة ومحلونة 
ووصل بالفتح إلى ليون » ولو لم ينهزم عند طولوشة لما اقتصر ثغر غالة على سبتانية وبععض 
الأراضى الساحلية الواقعة شرقى الردانه » ولجعل المسلمون عاصمة ثغرهم فى أبنيون 
أو طولوشة أو غيرهها من كبار المراكز التى تسيطر على جنوبى غالة كلها » فجاءت هذه 
المزيمة قاضية على الآمال » واضطر المسلمون إلى الارتداد إلى الجنوب والتحصن بناحية 


000( . 81-82 .مم أك .م0 . مانام 81م 


لماذالم يوقق الملمون إلى البقاء فى غالة ؟ رودي 


وقد حاول عنبسة بن سحيم أن ينتصف المقتل سلفه فقام بغارته الكبرى التى لم تزد على 
أن تكون مظاهرة عسكرية رائعة ولكنها قليلة الأثر » ثم جاء عبد الرحمن الغافقى وأراد أن 
يفتح غالة فتحاً دائياً » وأعد عدته لملاقاة النصرانية فى معركة حاسمة فانهزم هو الآخر 
وقتل » ثم جاء عقبة بن الحجاج وحاول أن يصل إلى ما فشل فيه عنبسة وعبد الرحمن فكان 
أحسن حظاً وإن لم يصل إلى نتيجة . ومضى عن الولاية وأملاك المسلمين شمال البرتات 
لا تزيد عن إقليم سبتمانية . 
اذا لم ومن الواضح أن ضعف مركز المسلمين فى غالة إنها أتى من اقتصار معظم 
يوفق الملمون إلى محاولاتهم على العبور إلى غالة من الأبواب والممرات الشرقية » فانصرفت 
البقاء فغالة؟ ١١‏ جهودهم كلها على الجنوب الشرقى لغالة وحوض ردانه » ولو نفذوا من 
الغرب أيضاً من أول الأمر لسيطروا على أقطانية وأزالوا هذه الشوكة من جنبهم وثبّنوا 
أقدامهم فى جنوب غالة كله » ولاستطاعوا أن يكونوا أثبت أقداما فى المعارك التى هزموا 
فيها على حدود هذه الدوقية عند طولوشة مرة وعند تور مرة أخرى . وربها كان سيب ذلك 
هو أن سلطان المسلمين لم يتمكن تماماً فى الركن الغربى من جبال البرتات » وظلت أقصى 
فتوحهم فى هذه الناحية عند بنبلونة جنوبى اليرت » وبقيت مساحات أخرى واسعة يسكنها 
أقوام جبليون ذوو مهارة حربية وجَلّد لم يبخضعوا لسلطان المسلمين » بل ظلوا يتربصون بهم 
الفرص . لا يكاد يمر بهم بعث إسلامى إلا هاجموه وتخطفوا رجاله » ولا أمكنتهم غرَّة فى 
المسلمين إلا انتهزوها. 

وقد كان ترك المسلمين للسيطرة على هذه الناحية من اكد الأسباب فى زوال سلطانهم عن 
منطقة البرتات وما صاقبها من الشهال والجنوب . وستكون هذه النواحى مهداً تولد فيه 
الكثير من الولايات الإسبانية النصرانية التى ستناوىء المسلمين مثل أرغون ونبرة وشرطانية 
وريباجورثا وغيرها . ولو قد اهتم المسلمون بإكال إخضاع منطقة البرتات وتثبيت أقدامهم 
فيها لتمكنوا من القضاء على كل قوة مناوئة هم فيها . ولكان هذا أجدى عليهم من 
الاست رسال فى مغازاة غالة لأن غزواتهم فى غالة لم تؤتهم أى ثمر على الإطلاق » فى حين كان 
تمهيد الأمر فى نواحى البرتات تمهيداً تام يؤمن الأندلس الإسلامى . ويقطع كل سبيل 
لنصارى الأندلس ف الاتصال بالجماعات النصرانية الكبرى فى غالة وإيطاليا . 

ولنلاحظ إلى ذلك أن المسلمين خانهم الحظ فى الوقت الذى دخلوا فيه غالة » فقد 


32> اذالم يوفق الملمون إلى البقاء فى غالة ؟ 


دخلوها فى إبان قيام الدولة الكارولنجية وكانت أسرة فتية فى طور التأسيس . وكان رجاها 
يجتهدون فى إخمال البيت الميروفنجى للاستحواذ على العرش من دونه » وكانوا قد أنشأوا 
لأنفسهم جيشاً قوياً جمعوه من خيرة الفرنجة ومن انضم إليهم من المتبربرين» ومضوا 
يحاولون إخضاع غالة كلها وشالى إيطاليا » فأثارهم دخول العرب البلاد وتوغلهم فيها 
وغلابهم لكل من فكر فى مناوأتهم من أهل الجنوب », ولو قد فطن العرب للوضع السياسى 
فى غالة وحالفوا أودو وغيره من أكناد الجنوب وأدواقه لكان حظهم أحسن » ولكنهم كانوا 
يمهلون كل شىء عن الحال فى غالة . وهم فى ذلك عذر : فقد بعدت بهم الشقة » ولم يعد 
هناك سبيل لاتصاهم المباشر بقلب الدولة فى دمشق ٠‏ وكان كل عماد المجاهدين فى غالة على 
الأندلس وأهله » ولم تكن أحوالهم قد استقرت بعد » بل لم تكن أعدادهم كافية لسيادة 
الأندلس نفسه » فكيف بقطر جديد تفصله عن الأندلس جبال وعرة مثل البرتات وتقوم فيه 
شعوب جديدة فتية » يعمر نفوس أهلها من الآمال ما كان يعمر قلوب المسلمين أنفسهم ؟ 

ولا ينبغى أن نظن أن المسلمين لم يفكروا فى غزو غالة غزواً مستمراً والاستقرار فيها » 
لأن الواقع أن نفوسهم تطلعت إلى فتحها فتحاً ثابتاً من أول الأمرء ولا يسعنا ونحن نتأمل 
جهود الخر بن يوسف والسمح بن مالك وعنيسة بن سحيم وعبد الرحمن الغافقى وعبد 
الملك بن قطن إلا أن نقرر أن هؤلاء القواد المقتدرين كانوا يشعرون أنجم يقومون بفتح منظم 
غايته إدخال البلاد فى رحاب الدولة الإسلامية لا مجرد القيام بغارات سريعة لا هدف الا 
بعد الغنيمة ا يُفهم من كلام بعض المؤرخين المحدثين . بل لعلنا لو قارنا السمح والغافقى 
وعقبة بن الحجاج بغيرهم من رجال الفتوح الإسلامية الأخرى لتبينا أن فتوح غالة كانت 
من أبجد الجهود الإسلامية الحربية » وأن تضحياتهم فى سبيلها من أغلى ما ضحوا به فى 
فتوحهم . وقد رأينا تفانيهم فى إتمام فتحهاء وتبينا أن تضحياتهم فى سبيلها لا تقل روعة عن 
تضحياتهم لفتح الأندلس نفسه . ولا نزاع فى أن السمح والغافقى وعقبة يُبعدون جميعاً فى 
طليعة قادة المسلمين العظام » ولا نزاع كذلك فى أن المسلمين ضحوا فى سبيل غالة أكثر مما 
ضحوا فى سبيل مصر مثلاً » وأن من استشهد من المسلمين فى نواحى غالة كانوا جديرين 
بفتحها , ولول يكن الأندلس نفسه مضطرباً هذا الاضطراب . 

وربما بدا غريباً أن نرد معظم السبب فى فشل المسلمين فى فتح غالة إلى اضطراب الأحوال 
فى الأندلس ويَعْد غالة عن مركز الدولة الإسلامية لا إلى الجشع ف الغنائم ىا يزعم بعض 


طبيعة الحكم الإسلامى فى غالة :5 


مؤرخى النصارى ء أو إلى قوة الدولة الفرنجية ى) يزعم بعضهم الآخر . ولكن هذه هى 
الحقيقة : فأما البعد السحيق عن مركز الدولة فقد حرم فاتحى غالة من توجيه الدولة وعون 
رجاها السريع ٠‏ وحرمهم من أمداد العنصر العربى الذى كان قوام الفتوح وعمودها 
الفقرى . ويكفى أن نذكر أن من دخل الأندلس من العرب كان قليلاً لا يكاد يكفى لسيادة 
الأندلس نفسه » وأن جزءاً عظياً من هؤلاء استقر فى نواحى الأندلس ولم يشترك فى أعمال 
الغزو فيم| بعدها من البلاد . 

يكفى أن نذكر ذلك لكى نتبين أن عدد العرب فى الجيوش الإسلامية الغازية فى غالة كان 
قليلاً جداً . فأما غالبية الجند الإسلامى المحارب فى غالة فكانت من البربر » وتدل الدلائل 
كلها على أن أعداد هؤلاء البربر كانت عظيمة وإن لم تبلغ مئات الآلاف كما يزعم رواة 
أصحاب المدونات اللاتينية21 » والغالب أن معظم من كان مُبَجّر إلى الأندلس من اليربر 
كان مُسَجّر إليها طمعا فى فضل الجهاد ومغانمه » ولهذا كانت جموعهم فى الجيوش الغازية 
عظيمة » وكان طمعهم ف الغنائم كبيراً كذلك , وقد كان لهذا وذاك أثرهما البعيد فى تطور 
أحداث الغزوات ف غالة كما رأينا. 

فإذا كانت نوايا المسلمين الغازين فى غالة قد انعقدت على الاستقرار » وطال مقامهم فى 
سبتانية نيفاً وثلائين عاماً » فلا بد أنهم وضعوا نظاماً لإدارة النواحى التى خضعت لهم » 
وليس لدينا إلا إشارات عابرة تعيننا على تكوين فكرة عن هذا النظام . ويكفى أن ننبه الى أن 
كلامنا هنا مقصور على ما سار عليه العرب فى حكم سبتانية فقط من النظم خلال السنوات 
506 الثلاثين التى سيطروا فيها عليها واتخذوا أربونة عاصمة لهم. 
الحكم لإملامى - وطبيعى ألا يكون العرب قد مضوا فى حكم هذه الناحية ىما حكموا مصر 
فىغالة مثلاً » لأن مصر كانت ولاية مدنية فى حين كانت سبتانية ولاية عسكرية 
ثغرية » وكان المسلمون ينظرون إلى هذه الولايات الثغرية نظرة تخالف نظرتهم إلى الولايات 
المدنية » فكانوا أميل إلى التساهل مع السكان فى النواحى الثغرية طمعا فى كسبهم إلى جانب 
المسلمين ٠»‏ وكانوا كذلك أكثر كرماً على الجنود المقيمين فى الثغر منهم على المقيمين فى 
الولايات المدنية » فقد وزع عمر بن الخطاب أراضى أقصى شرقى فارس على فاتحيها من 
المسلمين وساها الثغور الهندية » وقد فعل ذلك استثلافا لقلوب هؤلاء الجنود ولتقوية 


. انظر الفصل الرابع من كتاب رينو الآنف الذكر . من ص 554 قصاعداً‎ )١( 


5 المسلمون يعتيرون غالة إقليا ثغرياً 





نفوسهم على سداد ثغرها . واعتبر عمر بن عبد العزيز الأندلس ولاية ثغرية » فأقر 
الإقطاعات فيها » وتسامح المسلمون مع أهل النواحى من النصارى فيه » فمنحوا كل ناحية 
عهداً بحريتها فى كل شىء مع اشتراط أداء جزية معينة » والخضوع للحاكم الإسلامى الذى 
يقيم فى الناحية فى بعض المسائل الكبرى(7١2‏ . 
8 المسلمون وقد ذهب رينو إلى أن المسلمين عاملوا سبتمانية على هذا الأساس . وقال 
يعتبرون غالة إقليماً ‏ إن العرب ساروا فى حكمها على نفس الآسس التى قرروها فى صلحهم 
ثغرياً مع قلمرية(00110612) فى أقصى غربى الأندلس » وإنما تخير قلمرية 
بالذات لأنها كانت أشبه بالئغر هى الأخرى » ولأننا عثرنا على نص معاهدتها مع المسلمين 
كاملاً . وأهم ما فى هذه المعاهدة هو أن يكون لأهل قلمرية الحق فى أن يحكموا أنفسهم 
بقوانينهم التى تعودوا أن ينظموا بها أمورهم قبل مجىء المسلمين » وأن يكون لهم حاكم 
منهم يقوم بالقضاء بينهم وينفذ الأحكام فيما عدا أحكام الإعدام إذ كان لابد من عرضها 
على الحاكم الإسلامى المقيم . وكان هذا العامل المسلم يقيم فى قلمرية ممثلاً لسلطان 
المسلمين © ومعه حامية تؤيده و نحميه وتمنع النصارى من الانتقاض عليه 3 فإذا وقعت 
خصومة بين مسلم وواحد من أهل البلاد كان لابد من عرضها على الحاكم المسلم الذى 
يقضى فى الأمر بمقتضى الشريعة الإسلامية » وإذا اعتدى نصرانى على مسلمة ألزم باعتناق 
الإسلام والزواج منهاء فإذا كانت متزوجة لم يكن له من الموت مفر22». 
فإذا طبقنا أشراط هذه المعاهدة على سبتانية استطعنا أن نقول إن الحامية الإسلامية 
)١(‏ موضوع حكومات المسلمين فى الولايات الثغرية فى حاجة إلى الدرس » فقد كانت لها نظم خاصة تختلف كل 
الاختلاف عن النظم التى أقرها المسلمون فى الأراضى المفتوحة . أما فيها يختص بثغرنا هذا - غالة - فيقول محمد بن 
مزين » ونصه فى غاية الأهمية لدراسة الموضوع كله ء والكلام هنا منصب على الأندلس : ... فبعث إليها السمح بن 
مالك عاملاً » فوردها فى جند سوى جندها الأول » فأرادا النزول معهم فى أموالهم ومشاركتهم فيها بأيدءهم » فوفد 
لهم وفد على أمير المؤمنين عمر ( أبن عبد العزيز ) وشكوا إليه ذلك . ورغبوا إليه فى الرجوع إلى بلادهم» وإدالتهم 
الواردين مع السمح إقطاعات غيرهاء وقال : هذه التغور الهندية . لولا إقطاعات عمر بن الخطاب ( رضه) الجند 
فيها لم يسدوهاء فكيف بتلك الناحية ؟ فإنا نستخير الله فى إجلاء المسلمين عنها . ثم إنه لم ينفذ ذلك ليبلغ الكتاب 
أجله ...4 . 


انظر النص فى : .م .أ بممة ,! .وعطءععطعع5 :/1202:1 
»2 272500 .رم أنه . و0 لانا هم لل[طلم :07 


والمراجع الواردة فى الحوامش . 


نظام الحكم فى جنوب غالة - موقف المسلمين من المسيحية فى غالة / 3 


الرئيسية كانت تقيم فى أربونة » وأن حامية إسلامية صغيرة كانت تقيم فى كل بلد كبير من 
بلاد سبتانية ودوفينيه وما خضع للمسلمين من دوقية أقطانية وحوض ردانه » وهذه 
الحاميات تقوم بحاية المكان وإقرار السلام بين أهله وجمع أمواله . وكان للمسلمين إلى 
جانب ذلك جند غاز كبير يخرج للغزو مع العامل المقيم أو مع عامل الأندلس نفسه إذا 
أقبل. 
نظام 0 ولا نزاع فى أن العرب خففوا عن أهالى هذه النواحى أعباء حكمهم إلى 
الحكم فجنوب أقصى حد مستطاع . وليس لدينا دليل مادى على ذلك . ولكننا نستند فى 
38 القول به إلى أمرين : 

الأول : هو تعلق أهل هذه النواحى بهم ووقوفهم إلى جانبهم أمام الفرنجة » وهذا أمر لم 
يكن ليحدث لو لم يكن المسلمون قد اجتذبوا أهل هذه النواحى بالتخفيف عنهم فى كل 
شىء ء والثانى : هو أن المسلمين كانوا أحلافاً لنفر من أدواق هذه النواحى مثل ماورنت 
دوق مسيلية (مرسيليا) الذى ذكرناه » ولم يكن هؤلاء الأشراف ليثيتوا على الولاء للمسلمين 
إلا إذا كان هؤلاء قد أبقوا هم على ما كان لهم من سيادة فى بلادهم. ولنلاحظ أن أراضى 
هؤلاء الأدواق المعاهدين لم تكن منفصلة عن أراضى المسلمين » أى أنهم لم يستقلوا 
بنواحيهم عن السلطان الإسلامى . بل اعترفوا به وأقاموا معه : فقد كان ماورنت يحكم 
مسيلية وما حوها من أراضى دوفينيه » وقد أخضع المسلمون هذه النواحى ولكنهم لم يمسوا 
ماورنت » فظل يحكم أهلها ويؤدى للمسلمين ما حقٌ هم من أمواها » أى أنه كان شيثا يشبه 
« زعيم عجم الذمة » و ١‏ قومس النصارى »؛ فى الأندلس . مع فرق ظاهر وهو أن ١‏ زعيم 
عجم الذمة » كان رجلاً مدني صرفا تقتصر مهمته على معاونة المسلمين على حكم البلاد» 
وكان خاضعاً لعامل الأندلس خضوعاً تاماً » ولم تكن له سيادة فعلية إلا فى حدود ضيقة » فى 
حين كان « دوق عجم الذمة » فى ناحية سبتانية سيدا قويا ذا جند وسلطان . وكان حليفا 
للمسلمين لا خاضعاً لهم » وكان يتعاون مع المسلمين فى مهمتين رئيسيتين : إقرار السلام فى 
الناحية » ثم حمايتها من الفرنجة وحلفائهم . 
._موقف 202 وقد زعم رينو أن المسلمين اضطهدوا النصارى فى سبتانية واستولوا على 
المسلمين من كائسهم . ولم يستند فى ذلك إلى دليل واحد مباشر أو غير مباشر . ولسنا 
السيحية 5 زررى اذا أصر على الكلام عن هذه الناحية بهذا الأسلوب مع عدم وجود 


4" موقف المسلمين من المسيحية فى غالة 


الدليل » وربا كان الأصدق أن يقال إن المسلمين تركوا لأهل هذه النواحى حريتهم الدينية 
كاملة كى| فعلوا مع أهل الأندلس » بل ربا كان الأقرب إلى المنطق هو أن موقفهم من 
النصرانية ورجاها فى ناحية سبتانية كان أكثر رفقا » فقد كان لهم حلفاء من النصارى » 
وكانوا يحاولون كسب رجال الدين فى جنوبى غالة لأن قارله كان قد أساء إليهم إساءات 
بالغة وانتزع أموال الكنائس وفرّقها على جنده » وشرد الكثيرين من القساوسة والأحبار » 
ولا نزاع فى أن حال الكنائس ف النواحى التى كانت خاضعة للفرنجة فى جنوبى غالة كانت 
أسوأ من حاها فى النواحى التى كانت خاضعة للمسلمين . 

وليس لدينا كذلك أى وثيقة نستطيع أن نستخلص منها مقدار ما قرر المسلمون على أهل 
هذه النواحى من الجزية » فلم يبق إلا القول بأن المسلمين ساروا فى ذلك على نفس الأسس 
التى ساروا عليها فى الأندلس . أى : أنهم تركوا الأرض التى فتحت عنوة فى أيدى أصحابها 
وأطلقوا فيها الأسرى وفرضوا عليها مالاً يتراوح بين ثلث وربع المحصول » وأما ما فتح 
صلحاً فقد تقرر عليه العشر . ويستبعد أن يكون المسلمون قد ملكوا الأرضين واشتغلوا 
بالفلاحة فى هذه النواحى لاضطراب الأحوال وعدم استقرار الأراضى فى أيديهم أزماناً 
طويلة . وهذا فيما نظن كان من أقوى الأسباب فى زوال أمر المسلمين من هناك » لأن من كان 
فيها من المسلمين ظلوا محرد جند قلق يقيم فى المدن أو يخرج للغزو » ولم تتح لهم الفرصة 
للانتشار فى الأرض وامتلاكها والاختلاط بأهلها ونشر الإسلام فيهم وتعريبهم. 

ولم يكن سقوط أربونة وما تلاه من الأحداث التى ذكرناها هو ختام تاريخ المسلمين فيا 
وراء البرتات » بل استمرت بقاياهم وآثارهم هناك زمناً طويلاً وتجدد لهم تاريخ فى جنوبى 
حوض ردانه بعد قرن ونصف » إذ نزلوا هذه الناحية من البحر » ولكننا نقف عند هذا الحد 
الآن ونحيل القارىء على ما كتبناه فى هذا الموضوع فى بحثنا عن « المسلمين فى حوض البحر 
الأبيض ». 

وقد رأينا أن جهود المسلمين فى هذه النواحى لم تكن بالقليلة ولا بالعابرة » وإنما كانت 
جهوداً مضنية جادة قصد من ورائها إلى فتح غالة ومد رواق الإسلام على غرب أوروبا » 
ولم يوفق المسلمون فى ذلك للأسباب التى ذكرناها . ولا يقلل ذلك من قيمتها فى ذاتها 
ولا من أهميتها التاريخية . وأبسط نتيجة نخرج ببا من هذا العرض السريع هو أن المسلمين لم 
يدخلوا غالة غزاة نهابين لا ينظرون إلى شىء بعد الغنيمة . بل دخلوها فاتحين منظمين 


مقارنة بين الملمين والفرتجة فى غالة 5 


يريدون إدخاها فى رحاب دوننهم وتحويلها إلى الإسلام » ولو قد استقر هم الأمر فى غالة 
الجنوبية لاتجه نظرهم إلى ما وراءها . ومن هنا كانت أهمية « بلاط الشهداء » فى تاريخ 
النصرانية فى غرب أوروباء فقد حالت بينها وبين الزوال فعلاً . 

ولا يمكن القول بأن المسلمين لو كانوا اتتصروا فى ١‏ بلاط الشهداء » وأقاموا حكم 
الإسلام هناك لما منع ذلك النصرانية من أن تعود ى) عادت فى الأندلس » لأن الذى أعاد 
النصرانية فى الأندلس هو عجز المسلمين عن فتح غالة » وكانت نصرانية غالة هى نواة 
النصرانية فى غرب أوروبا إذ ذاك » ولم يكن يليها إلا شعوب وثنية » أما البابوية فى روما فلم 
تكن لتستطيع شيا » لأنها هى نفسها كانت فى حماية اللمبارد » وكان أمرها إذ ذاك ضعيفاً ‏ 
يتقرر على النحو الثابت الذى نراها عليه خلال القرنين التاسع والعاشر الميلاديين7١).‏ 


* © * 


٠‏ مقارنه 202 ولقد أسرف الغربيون فى تقدير أهمية : بلاط الشهداء» وقالوا إنها أنقذت 
بين اللمين ١‏ حضارة غرب أوروبا أو المسيحية ووضعت حداً لسيادة الشرق على الغرب» 
والفرنجة فى غالة وما إلى ذلك مما يحلو الكلام فيه لمؤرخى أوروبا وفرنسا خاصة . والواقع أن 
هذه كلها مبالغات لا يقبلها الحكم التاريخى الصحيح فلم يكن الفرنجة الذين تصدوا لرد 
المسلمين عن غالة بأصحاب اليلاد » بل كانوا غزاة أغاروا عليها وتملكوها بحد السيف . 
فإذا كان المسلمون أغراباً عن غالة فقد كان الفرنجة أغراباً أيضاً . ولم يكن حم من الحق فيها 
أكثر تما لغيرهم . وقد كانوا يحكمون البلاد بالعنف والقسوة حكياً أجنبياً خالصاً » 
وكانوا يترفعون عن أهل غالة الأصلبين (الغاليين الرومان ) ويعتبرونهم مجرد رعية عليها 
الخضوع . بل لم يكن هؤلاء الفرئجة الساليون مسيحيين مخلصين . وإنما كانوا ما يزالون 
أجلافاً متبربرين أقرب إلى الوثنيين منهم إلى أهل الكتاب » وكانت وطأتهم على الكنائس 
شديدة وظلمهم للرهبان ورجال الدين عظيياً . ولا شك أن المسلمين كانوا أقرب إلى روح 
المسيحية من أولئك المتمسحين . 

وم يغلب الطابع المسيحى على الفرنجة إلا من أيام بيبين الثانى بن قارله بسبب تصديه 
لحاية البابوية من اللمبارديين حماية سياسية لا دينية » وقد زاد ارتباط الفرنجة بالمسيحية على 
أيام شرلمان » وهو أول ملك فرنجى مسيحى صادق . وقد كتب فى أيامه الكثيرون من 


ع0 بنذ 282 .مم اك و0 لالافاتاطظ :لقو 


؟” مقارنة بين الملمين والفرنجة فى غالة 





أصحاب المدونات النصرانية التى نقلت إلينا أخبار الصراع بين العرب والفرنجة على غالة » 
وصوروا حروب قارله مع المسلمين على أنها حروب شارمانية مسيحية» أى أنهم كتبوا عن 
عصر بروح عصر آخرء ونسبوا إلى قارله ومعاصريه مالم يكن يعرفه هو . فلم يكن الرجل 
يفكر فى مصير المسيحية بقدر ما كان يفكر فى مصير مملكته » وقد رأينا أن موقفه من الكنائس 
والقسيسين لم يكن موقف الصديق ولا موقف الراعى المسيحى وإن) موقف الطاغية 
العسكرى الذى لا يفكر إلا فى ملكه وأمواله ومغانمه . 


وليس إلى الشك سبيل فى أن السمح بن مالك وعبد الرحمن الغافقى وأمثالما كانوا 
يعرفون عن المسيح والمسيحية أكثر ما كان قارله ورجال مملكته يعرفون . ثم إن المسلمين 
كانوا أهل دولة ذات نظم وقوانين وقواعد مقررة » فى حين كانت نظم الدولة الفرنجية فى 
طور التكوين » وكانت أصول الحكم فيها تعتمد على قوانين الجرمان الأولى » وهى شبيهة 
بقوانين العرب الجاهليين » فلم تكن الحرب إذن حربا بين إسلام ونصرانية بقدر ما كانت 
صراعاً بين حضارة وجاهلية » بين نظام وفوضى . 

بل لم يكن الفرنجة الذين حاربهم المسلمون بأنصار الثقافة اللاتينية ىا زعم مؤرخو 
الغرب » فلم يكن الفرنجة يعرفون من اللاتينية شيئا » بل كان قارله نفسه لا يكتب اسمه» 
لا باللاتينية ولا بغيرها ( وكذلك كان شرلان ) وكان رجاله محاربين أجلافا لا يفقهون من 
اللاتينية شيئاً » بل لعلهم لم يكونوا قد سمعوا بعد بحضارة الرومان . ومن الثابت على أى 
حال أن الفرنجة والقوط الغربيين وأضرابهم من المتبربرين هم الذين أزالوا بقايا الحضارة 
اللاثينية من البلاد التى سيطروا عليها . وكان عليهم فيما بعد أن يتعلموا اللاتينية على أيدى 
رهبان ومعلمين أقبلوا من اي رلندة وبلاد الشهال . وقد بيّن هنرى بيرين هذه الحقيقة بها 
لايحتاج إلى مزيد من البيان » وقد أوجزنا نحن آراءه فى بحثنا الذى أشرنا إليه عن ١‏ المسلمين 
فى حوض البحر الأبيض». 

وإذن فلم تكن موقعة البلاط إنقاذاً للمسيحية والحضارة اللاتينية ى) يذهب معظم 
مؤرخى الغرب » فقد كانت المسيحية فى حرج فى غالة عندما دخلها المسلمون » وكانت 
اللاتينية قد تلاشت منها. وهذا كله يلقى ضوءا جديداً على مكان موقعة البلاط من التاريخ» 
نعم إن المسلمين لو انتصروا فيها لسادوا غالة وغرب أوروبا ولكان القران الكريم يدرس 
الآن فى جامعة أكسفورد ىا قال ادوارد جيبون » ولكن انهزام المسلمين فيها لم يكن هو الذى 


50١ 


أوقف تقدمهم , لأنهم كانوا إذ ذاك قومأ مجاهدين « الموت أحب إليهم من الحياة » كما قال 
رسل هرقل عندما سأنهم عن المسلمين » وكانت الهزائم لا تعنى فى حسابهم شيئاً » وقد 
رأيناهم ينهزمون المرة تلو المرة فى إفريقية » فلم يمنعهم ذلك من العودة والإصرار على 
الفتح. إنما الذى أوقف تقدم العرب هم العرب أنفسهم . بها شجر بينهم من فتن العصبية 
وما صرفهم عن مواصلة الفتوح من أحقاد النفوذ وتفاهة النظرة الجاهلية إلى الحياة . 


ا 





اتصراف العرب إلى المنازعات عن صبانة دولتهم 15 


حينما وصلت جيوش الإسلام الفاتحة إلى لك (1012لا)قيم 5لا “ناآ -50نالآ) وأوغلت 
فى الجبال الصخرية المفضية إلى سواحل كتتبرية القاحلة » وأشرفت عند خيخون على خليج 
بسكايه(21 » اعتقد قادة المسلمين أنهم فرغوا من افتتاح هذه الناحية . وتحولوا بجهودهم إلى 
الركن الشمالى الشرقى من شبه الجزيرة فيها يل الخط الممتد من برشلونة إلى (أمايّه) ماراً 
بلاردة وسرقسطة وتطيلة وقلهرة ونخرة وما يل ذلك من منطقة البرتات وما إلى شهاها من 
أراضى غالة”"2. ولم يكن يخطر على بال موسى وطارق - ومن جاء بعدهما - أن الركن 
الشهالى الغربى القصى المسمى «جليقية» الذى خلَّمُوه وراءهم دون فتح - استصغاراً لشأنه 
- إنما كان فى الواقع حصناً لجأت إليه أعداد قليلة من بقايا القوط . واطمأنت إلى الحياة فى 
هضابه ووديانه » وأخذت تننظر الفرصة المواتية لتخرج منه وتنساح فيما يليه من الأرض 
رويدا رويدا» لتكوّن لنفسها دويلة لا تزال تتسع بجهود أمرائها ومواتاة الظروف إياها حتى 
تصبح كتلة صلبة لن يستطيع العرب القضاء عليها » ولا تزال أحداث الزمان تجرى بها إلى 
سعود حيناً وإلى نحوس حيناً » حتى تضعف دولة الإسلام فى شبه الجزيرة » فيتنفس أهل 
جليقية الصعداء وينقلبون من الدفاع إلى الهجوم » ويتيح لهم المسلمون الفرص با أسرفوا 
فيه من الخصومات فيهما بين أنفسهم . حتى إذا هدموا دولتهم بأيديهم وانفرد كل فريق منهم 
بقطعة منها . أقبل هؤلاء المتحصنون فى الشهال يستعيدون من المسلمين البلاد بلدا بعد بلد » 
حتى استخلصوا شبه الجزيرة كله من أيدمهم » بعد قرابة ثانية قرون من الجحهد والكفاح . 
؟1-انصراف - وليس من الصواب فى شىء أن يذهب الإنسان إلى أن العرب أخطأوا إذ 
در .2 تركواهذا الركن القصى دون فتح » فقد كان على أيام موسى هضبة مقفرة 
صيانة دوتهم ١‏ موحشة باردة لا أهمية ها من أية وجهة حربية أو عمرانية » تحيط بها غابات 
1)كان خليج بسكايه يعرف ق العمر الزوماتى باتبجر القال الكتير الأكوينا 


ءا أل لم لاناء 02221351 تكناء1!لدن) ععذآلة انظر 
125 عل معترماذ !ا كواعهخ : 1/7112 كآلا كانانا لا ك ذال لاع 001 514161500 


الخريطة رقم 4 من هذا الأطلس . 
(؟)ابن عذارى : البيانء ج ؟ . ص 3884 . 


>ه؟ الريكونكيستا 





كثيفة . وكان طبيعياً أن يخلفها العرب دون فتح » ولم تأت العلة - فيها بعد - من تركه » بل 
من انقسام العرب أنفسهم وانصرافهم إلى منازعات الجنس والعصبية : فقد قضت هذه 
المنازعات على أعداد كبيرة منهم » وصرفت جهودهم عن مراقبة الجزيرة والاستمرار فى 
اليقظة على سلامة دولتهم فيها . بل أدت حروب العرب والبربر إلى مبارحة معظم البربر 
للنواحى التى كانوا قد استقروا فيها فى الشمال الغربى الأقصى ء وانحدارهم إلى الجنوب . 
بل إلى عودة أعداد عظيمة منهم إلى إفريقية على ما فصلناه » فتخلفت وراءهم مساحات 
فسيحة من الأرض كان من الطبيعى أن يتقدم القوط والإيبيريون الرومان للسكنى فيها دون 
خوف » فاستعادوا بهذا الشكل نحو خمس شبه الجزيرة دون أن يفطن العرب إلى ذلك » فإذا 
استوثقوا من أنفسهم فى هذا الخمس فقد كثرت أعدادهم وتنسموا شيئاً من الرخاء أعانهم 
على الثبات للمسلمين وعلى ردهم عن بلادهم أولاً » ثم شجعهم على التقدم نحوهم 
والاستيلاء على الأرض والبلاد من أيديهم فيما بعد . 

وتسمى هذه الحركة فى تاريخ إسبانيا بحركة 3 الاسترداد» -08ع16 هآ 
42 . والإسبان يعتبرون تطوراتها الحلقات الرئيسية لسلسلة 
تاريخهم القومى الذى يبدأ بضعة قرون قبل المسيح . حينما هبط الفينيقيون شبه الجزيرة 
الإيبيرية » ويتصل أثناء العصور الإغريقية والرومانية والقوطية النصرانية » ويستمر خلال 
الفترة الإسلامية متمثلاً فى هذه الدويلات التى نشأت فى الشمال » وأخذت تتسع حتى 
قضت على دولة الإسلام فى اليلاد وأعادتها نصرانية ىا كانت . 


؟؟١-‏ الريكونكيستا 


ولاشك فى أن إطلاق تسمية « الريكونكيستا » على حركة المقاومة النصرانية منذ ميلادها 
فى أوائل القرن المهحجرى الثانى ( النصف الأول من القرن الثامن المسيحى ) وربطها بحركة 
الاسترداد الحقيقى التى بدأت بصورة جدية محسوسة بعد زوال خلافة قرطبة وانتثار دولة 
الإسلام فى شبه الجزيرة فى أوائل المائة الخامسة للهجرة , لا يخلو من خطأ . لأن اشتريس 
إنا ولدت فى ناحية لم يفتحها العرب قط » فميلادها لا يعد بدء! لحركة الاسترداد » وإنها يعد 
ميلاداً الحركة المقاومة للسيادة الإسلامية . وقد بدأت حركة المقاومة هذه فعلاً فى أواخر أيام 
« بلاى » على ما سيجىء » ونشطت على أيام أذفونش الأول » ولكنها وقفت بعد ذلك 
زماناً طويلاً » ولم يتجدد نشاطها إلا بعد أيام المنصور بن أبى عامر . ومن هنا يجوز لنا أن 
نعترض على ما تمع عليه التواريخ الإسبانية من أن حركة الاسترداد إنما كانت معركة دامت 


الريكونكيستا /” 


ثانى قرون 518105 0610 06 212113 8آ » وقد اعترض على هذه التسمية نفر من معتدشل 
المؤرخين الإسبان . 

وقد كان مؤرخو الإسبان ومن شايعهم من الأوروبيين ينظرون إلى الفتح الاسلامى على 
أنه حادث طارىء » طال زمنه ثم انتهى أمره » دون أن يخلف ف البلاد أثرا يذكر » وهذا كان 
هؤلاء المؤرخون يمرون بالفترة الإسلامية مرورا عابرا لا تظفر معه إلا ببضع صفحات من 
مؤلفاتهم . ولم يتبين الإسبان أهمية هذه العصور الإسلامية إلا من أواخر القرن الماضى » ولم 
يعتبروها جزءاً هاماً بجيداً من تاريخهم إلا من أوائل القرن الحالى » نتيجة لجهود طائفة من 
المستشرقين الإسبان » لم يدخروا جهدا فى كشف النقاب عن جمال هذه العصور الإسلامية 
وماقام خلالها من حضارات » وما خلفته للؤسبان وللحضارة البشرية من تراث بحيد . 

فإذا كان هذا هو مكان حركة الاسترداد هذه من التاريخ الإسبانى العام » فلايد لدارس 
التاريخ الأندلسى من الوقوف عندها بين الحين والحين ليرقب تطوراتها » لأن العلاقات 
الحربية وغير الحربية بين ا مسلمين والتصارى فى إسبانيا تكوّن جزءاً هاماً من تاريخ العصور 
الإسلامية نفسها » بل ستكون هى الناحية الهامة الخطيرة من تاريخ هذه العصور ابتداء من 
القرن الخامس الهجرى ( الحادى عشر الميلادى ) . 

وطبيعى ألا نجد من مراجعنا العربية أى اهتام كبير بمبادىء هذه الحركة » لأنها كانت 
فى أول الأمر خافية أو كالخافية » لا يكاد يحفل لها مؤرخ يتتبع الحوادث اطامة » وطبيعى 
كذلك أن تتم بها المراجع النصرانية اللاتينية الإسبائية اهتماماً عظياً . لأن مصنفيها كانوا 
قساوسة ورهباناً عاشوا فى مدائن الدول النصرانية الشمالية أو فى العواصم الإسلامية . 
ولكن اهتمامهم بها لم ينفعنا كثيراً لأن أسلوبهم فى كتابة التاريخ فى هذه الأعصر كان يقتصر 
على تسجيل قوائم من التواريخ والأحداث موجزة إيجازاً شديداً ومضطربة اضطراباً بالغ 
وهذا فإننا لا نستطيع الانتفاع بها إلا إلى حد محدود جدا. 

لهذا كله كادت الحقائق الخاصة بتطورات هذه الحركة تضيع بين إهمال المراجع العربية 
واضطراب المراجع النصرانية » وظلت مبادئها وتطوراتها فى أدوارها الأولى با مقساً بين 
الغموض والأساطير » وأصبح من العسير جداً أن نكتب فى شىء من الثقة عن أول أبطالها 


4 الإيبيريون الرومان - صخرة بلاى 





المسمى بلاى(١‏ )بن فافيلا وعن أول حوادثها الجسام التى تسميها المراجع بواقعة « كوفا 
دونجا»). 
لإيبيريون 2 وكذلك يحيط الغموض فى مراجعنا العربية بحقيقة الأجناس التى كانت 

الرومان ١‏ تسكن اشتريس وكتتبريه على أول أيام الفتح الإسلامى » لأن أصحاب 
المدونات الإسبانية فى العصور الوسطى يسمونهم « القوط »؛ فى حين يجعلهم العرب قوطا 
أو جلالقة » وهم يريدون بالجلالقة أهل الركن الشهالى الغربى لشبه الجزيرة الإسبانية » 
والواقع أن هذه الناحية كانت تسكنها جماعات من الإيبيريين » وهم جنس قديم أقبل إلى 
شبه الجزيرة من إفريقية واستقر فيها من أقدم العصور . يمتاز بالنشاط والذكاء ويعتبر 
أساس سكان شبه الجزيرة كلهم » وأما من أتوا بعد ذلك فمهاجرون اختلطوا بهذا العنصر 
الإفريقى الأصيل » وأول من هاجر إلى شبه الجزيرة واختلط به جنس أوروبى قديم - 
جرمانى فى الغالب - هاجر إلى شبه الجزيرة من الشهال فى أعداد قليلة اختلطت بالعنصر 
الإفريقى وتكوّن منهما العنصر المسمى بالإيبيرى 156505 05آ . 

وتوالت الهجرات بعد ذلك على شبه الجزيرة » أهمها هجرة الكلت وقد اختلط معظمهم 
بالإيبيريين » وبقيت بعض جماعاتهم صافية فى نواحى جليقية » ثم نزلت البلاد جماعات من 
الفينيقيين واليونان » ثم أعقبت ذلك موجة الفتح الرومانى الذى شمل البلاد كلها ونظمها 
للمرة الأولى تنظياً إدارياً » وإلى هذا الأثر العمرانى ترجع القيمة العظيمة هذه الموجة 
الرومانية التى طبعت البلاد بالطابع الرومانى » حتى أصبح أهلها يُعرفون بالإيبيريين 
الرومان من ذلك الحين 10650-18017205 » فلم| أقبل القوط لم يختلطوا بأهل البلاد » فبقى 
سكا هيه الخويرة إبيرين روفاتاً قم ين كانت الطبعة الحاكمة م القورول 9 ): 
صخرة20 تتفق المراجع العربية وغير العربية على أن فلولاً من القوط فرت أمام الفاتحين 
بلاى المسلمين . ولا زالت تتقهقر نحو الشهال حتى اعتصمت منهم بركن قصى 
من ١‏ جليقية » تسميه المراجع العربية « صخرة بلاى » والإسبانية (8م111500 ع0 5مغ16أم) فى 


(١)0ئ3ا26‏ هذه هى الصورة الإسبانية لاسمه . أما صيغته اللاتينية فهى 261381145 وقد آثرت استعمال الصورة 

الإسبانية لأنها أشيع . ولأن هناك من المؤرخين من يقول بأنها الأصل كما سنرى . 
(؟)-لا280 12 عل مناعام8) مسدموظ دع مع نلق رع:؟ ع012م1ز أعل 12160عمعع لماأعناط1ناكادط :010112 . ؟ بره 
.29 - 294.مم (ع تاأوع22ع52 211261م,1894 ,[لل2 2 2, 01لا ,060515112 50616020 له 


صخرة بلاى 5 





ناحية كنتبرية القاحلة(١2.‏ وهناك اطمأن بها المقام » لأن العرب عجزوا عن الوصول إليها 
أو استصغروا شأنهاء ول يجدوا على أنفسهم بأساً فى تركها حيث هى . وتبالغ المراجع العربية 
فى استصغار شأن هذه الأعداد » فيقول عيسى بن أحمد الرازى مثلاً : ١‏ .. ولم يبق إلا 
الصخرة » فإنه لاذ مها ملك يقال له بلاى ء فدخلها ف ثلاثائة رجل » ولم يزل المسلمون 
يقاتلونه حتى مات أصحابه جوعاً . وبقى فى ثلاثين رجلاً وعشر نسوة , ولا طعام لهم إلا 
العسل يشتارونه من خروق بالصخرة فيتقوتون به » حتى أعيى المسلمين أمرهم واحتقروهم 
وقالوا : ثلاثون علجاً» ما عسى أن يجىء منهم!)0). 

ويقول ابن عذارى : ١‏ فما زال المسلمون يضيقون عليهم حتى صاروا ثلاثين رجلا » 
وحتى فنيت أزودتهم ولم يتقوتوا إلا بعسل يجدونه فى خروق الصخرة » وأعيى المسلمين 
أمرهم فتركوهم»(20. وانصرف المسلمون عن بلاى وأصحابه . فاطمأن المقام بهم واختلطوا 
بأهل هذه الناحية من الإيبيريين الرومان » فأخذت أعدادهم تتزايد » وازداد أمرهم ثباتا . 


ومن الثابت أنه كان على رأس هؤلاء القوط الحاربين إلى « الصخرة » نفر من أهل بيت 
لذريق ونفر من كبار القوط وعدد آخخر من القساوسة ورجال الدين الذين فضلوا ال هجرة 
والعيش فى هذه النواحى القاصية على العيش ف البلاد التى فتحها المسلمون . ويذهب 
بعض المؤرخين إلى أن نفراً من هؤلاء اغاربين أخذ يفارق صخور كنتبريه ويعود إلى مواطته 
الأولى بعد أن اطمأن إلى عدل المسلمين!*» بل إن بعضهم تبع غيره من أهل البلاد ودخل فى 
الدين الجديد . ولم تحدد لنا الروايات تاريحاً لذلك وإن كنا نظن أنه حدث خلال ولاية عقبة 
ابن الحجاج السلولى ( أى بين سنتى 7١1و151١ه‏ ). 


)1١(‏ تسميها المراجع العربية فى الغالب ‏ الصخرة » اختصارا . وقد ترجمها لافويتى إى ألكانترا معهسماظ مجاراة 
للمسلمين فى تسميتهم . وهم يجعلونها فى جليقية 0811613 خطأء إذ أنها فى كتتبرية » وهى أعلى قمم كتتبرية ارتفاعا 
وأبعدها إلى الشهال ؛ وهى الناحية التى تحصن بها بلاى ومن معه . وثابت من المراجع الإسبانية أن « بلاى © 
وأصحابه احتموا من الملمين فى مغارة أونجا (0883 06 083© ) الواقعة فى جبال ١‏ بيكوس دى ايرويا » . وقد 
وصفها الكونت سأن سو بقوله  :‏ كتلة هائلة من صخر ابل يتبين الإنان فيها ثلاث قمم : قمة إلى الشرق تسمى 
«أندارا» ؛ وثانية وسطى تسمى 8101765 » وثالثة غربية تسمى قمة كوفا دونجا . ويبلغ منوسط ارتفاع الصخرة 
متا 

ومو ,وععولاول/ا اء دعلناط ,تممتناط عل 5معام دعل عتطامدععمده54 : لالامذ-1ل[لمذ 001115 عا الو 

1023 

.11/5-51/1١ عيسى بن أحمد الرازى » فى نفح الطيب للمقرى : ج ” .ص‎ )١( 

(") ابن عذارى : البيان» ج ؟ » ص 59 . 

2 . 47 .م .]آ ,عمق أتاكسللا عمعدمكط '! عل ععتماؤتل! : مأذباللع /01]ط-الاطر] 


3 مونوسة 





ولا نعلم على وجه التحقيق كيف حكم المسلمون ما فتحوه من نواحى 
كنتبرية وجليقية ما يلى هذه الصخرة . ولكن إشارات متنائرة هنا وهناك تدل 
على أنهم أنزلوا بها جماعات من المسلمين معظمهم من البربر » وأقاموا هناك مرابطين 
ومستقرين » وكان يرأس هذه الجماعات البربرية رؤساء من بنى جلدتها تتفق المراجع على 
ذكر واحد منهم هو مونوسة . 


7ل مونوسة 


وقد سبق أن أشرنا إلى هذا الزعيم البربرى عند كلامنا عن حملة عبد الرحمن الغافقى على 
غالة » وبقى أن نستكمل الكلام عنه هنا » إذ أنه كان أكبر قواد المسلمين فى الركن الشالى 
الغربى لشبه الجزيرة إذ ذاك . 

وأقرب الآراء إلى الصحة فى أمر مونوسة أنه كان من رؤساء الجند فى جيش طارق بن 
زياد 277 » والغالب أن موسى وطارقاً تركاه حاك على أشتريس وما يصاقبها من نواحى 
جليقية » ثم امتدت منطقة نفوذه بعد ذلك حتى شملت شمال شبه الجزيرة كله(" » فقد رأينا 
صلاته الوثيقة بالدوق أودو صاحب أقطانية وصهره معه » وما كان لذلك الصهر من أثر 
على سير الأحداث فى غالة . 

ويستوقف نظرنا أن المراجع النصرائية الإسبانية تذهب إلى أن مونوسة تعلّق بابنة بلاى 
وتزوجهاء كما أحب ابنة أودو وتزوجها ( » كأنه كان ذا ولع خاص بالوقوع فى هوى بنات 
الأشراف والزواج منهن '! وقد علل بعض المؤرخجين ذلك بافتراض وجود شخصين بنفس 





222 0 نم ... مللنووظ ,خخاطاع لاه هد 
()05متتقن 105 عددع0 :611 ز61 ع .1113 ذا عل 82م115] :05 الآ كظانا 8 نا 881 هخيآ1ك لخ اكوك 
:0.93 (1867 ,ةنز ©) 0125 505أقع201ز 278542 1822005 11185 
(؟) معن عللاقة.مؤنوسة بابئة أودو انظر : 
0:12 :2ناتاة:ة. 5012 1!] مخرظط م 18 00:21:10 برع ج1مط 
وعنتعلاقته.بابئة بلاى انظر : 
:117-118 .م2 ,ل كلاق 16انلهلا10 ::1111100 تالخ كيم 
.وورد فى بعض الروايات أن ابئة أودو كانت تسمى.لامبيجيا ٠‏ ويبدو أن هذه التسمية من ابتكار القتصاص . 
وأوردكوند عن هذه الحوادث رواية أكثر تفصيلاً زعم أنه استقاها من مراجع عربية » ولم نستطع. تحقيق روايته هذه 
لأننام.نجدهافى أى.من-مراجعنا العربية » وربم|:كانت من ابتكاره . تاريخه ملىء بأمثال هذه الابتكاراات . وفيها إلى .ذلك 
خلط- ظاهر » فهو .يزعم أن تحقيقه-هداء إلى أن مونوسة إن.هو إلا عنبسة ( بن سحيم الكلبى والى الأندلس ) وأنه نازع 
عبد الرجمن الغاققى على الولاية لأنه.كان.يعتقد أنه أحق.ببا منه . ويقول إنه بينم) كان مونوسة فى إجدى غاراته إذ وقعت 
.عينه .على لامبيجيا فلخذ_بجهالها وسعى حتى تزوجها » وجالف أباها أودو . فليا أراد عبد اليججن غزو غالة - 


مونوسة 51 





ل ا 
مونوسة مع أودو وزواجه بابنته اختلط أمرها على , بعض الرواة والقصاص » فجعلوها مع 
بلاى » وأطلق القصاص لخياهم العنان فقالوا إن مونوسة رأى ابنة بلاى وأعجب بها 
فاختطفها وتزوجها . ولا يبعد على أى حال أن يكون مونوسة قد تزوج بعض نساء ناحيته 
أو تسراهن فكان هذا أصل أسطورته مع ابنة بلاى”"©. 





عارضه مونوسة فى ذلك وأخذ جانب حميه أودو ء وأبى عبد ال رحمن أن يقر المحالفة التى عقدها مونوسة وقال له 
أن لا حلف بين المسلمين والنصارى وأن السيف وحده هو ا حكم بينهم » فسارع مونوسة وأبلغ أودو بعزم عبد الرحمن 
حتى يستعد له ويحمى بلاده منه . وقرر عبد الرحمن محاربة مونوسة عقابا له على ما أخطأ فى حقه وحق إخوانه المسلمين. 
وهاجمه على غرة » ففر مونوسة أمامه وتحصن منه بالجبال مستصحباً معه زوجته لامبيجياء وما زال المسلمون يطاردونه 
من صخرة إلى صخرة حتى أثقلوه بالجراح » اشتد به الجوع والإجهاد وتقاعس النصارى عن نصره بسبب أفاعيله معهم 
فى أول أمره » وانتهى أمره بأن سقط من شاهق واندقت عنقه فقطع المسلمون رأسه وبعثوا به إلى دمشق ء وأسروا 
لامبيجيا وأرسلوها إلى دمشق كذلك فضمها الخليفة إلى حريمه . وقد وقع ذلك لمونوسة فى مكان يسمى بويكريدا 
8 . وهى رواية مليئة بالخطأ لا نجد ما يؤيدهاء وإنما أوردناها لأنها تذكر أن مونوسة رأى ابنة أودو فى إحدى 
غزواته فهام ها بالضبط ى) حدث عندما رأى ابنة بلاى ( على ما تزعم الأقاصيص ) مما يدل على الوضع والاختراع فيها 
يتصل بعلاقة مونوسة ببلاى 
83 1. ول : 0010 : ني 
0غ . 42 .م ,ل . عمصقص اناكن54 عمعدم8 '1 عل عتام نكا , آهب لاع /2801 -1لاتا.] 
وقد أنكر الأستاذ كوديرا وجود مونوسة إنكاراً تاماً » وذهب إلى أن هذا اللفظ (8410810022) إن هو إلا تحريف للفظ 
ماسون ( ويصححها كوديرا إلى 71275653 ) بليدة ببجنوبى غالة غزاها الهيثم بن عبيد الكلابى ىا يقول ابن عذارى 
(البيان المغرب .ج 7 . ص 77 الزكالة د الفضاض تعر لوه لهات تر عجرا دتري كان عا بواري! بنرا 
على زعمهم ذلك القصص كله ؛ وهو رأى ضعيف | يقره عليهم إلا ب بعض المؤرخين الإسبان مثل باليستروس » 
وغالبيتهم اليوم لا تفره . 
-200مقع عطمئة 2لناقواط عل 05 7امأكلط دمنلناوط 3ع وملنظ عناونال اع 8 همقلا : ]تا د00 . ١‏ : نونو 
. 135.50 .م.1903 22مقهندت ,15 
9-0 .مم.آ! ,... لماكت : 8105 1ك لم8 
4 . م,... عتدمعكة/ا ها : للخت ]ل 4ل الولتال 
9 36 . مم ,... 1210251005 : ماناى4اذاظ3] 
5 اك 42-43 . مم . ١‏ ,... ع ماوت : علخب لذ /01]ط-1لاط] 
() وقد تحدث إيزيدور الباجى عن مونوسة فى شىء من التفصيل فقال : إنه رجل من الجنس البربرى >اء 1170 
561 142101011111 | شترك فى فتح الأندلر نى وسار مع قوات المسلمين حتى أقصى الشهال وساهم فى إخضاع ناحية 
شرطانية (12ه 06518 فى اللاتينية و 06102112 فى الإسبانية ) » وأظهر قسوة بالغة حتى لقد حرق أنامبادى أسقف 
شرطانية حياً. واجتهد فى نصرة الإسلام . حتى إذا ترامت إليه أخبار ثورة إخوانه البربر فى إفريقية اتقلب على العرب 
وحالف أودو دوق أقطانية » فرحب به أودو وزوّجه إحدى ناته ليضمن عونه وعون مَنْ معه من البربر : 
-ناعة25عم 05 ,01[0810ن صلا كك كلمعلع0] مذرنة 0 ملناطظ عللقامه لاناكنع20؟ الال منهناك مسقتلا! 12لاو أظآ 


ناه موز سملسعى]؟ لل سنطهنهة معدم 


55 بلاى 


وكل ما يمكننا استخلاصه من تلك الروايات هو أن مونوسة كان زعيم المسلمين 
المستقرين فى أقصى شال شبه الجزيرة » وأنه كان ذا نشاط وهمة » فاتصلت الأسباب بينه 
وبين أودو من ناحية وبلاى من ناحية أخرى » ونتيجة لطول الجوار نشأت بينه وبينههما » 
وأودو على الخصوص . علاقات صداقة زادت أواصرها عندما وقع النفور بين العرب 
والبربر. 
وهنا ينبغى أن نسأل : من هو بلاى هذا الذى تذكره النصوص وتنسب إليه 
أعمالاً كثيرة جعلته فى الطليعة من شخصيات التاريخ الإسبانى ؟ نبدأ 
بروايات المراجع النصرانية عنه لأنها أوثق صلة بهذا الموضوع : يذكر أقدمها - وهى رواية 
مدونة البلدة (ع15610655ىم جمء1م0520) - أن بلاى كان ابن أمير قوطى يسمى برمودو 


١١7‏ بلاى 


(00ناممع/) وابن أخى لذريق » وأنه - أى بلاى - اختلف مع لذريق فنفاه هذا عن 
طليطلة قبيل دخول العرب البلاد » فذهب إلى اشتريس وأقام نفسه أميراً عليها » وأقام 
بلاطه فى بليدة (301085© > 037535) تسعة عشر عاماً . ومات فيها سنة /231(0/917. 


ورواية سبستيان السلمنقى أكثر تفصيلاً » فهى تذهب إلى أنه عندما غزا العرب الأندلس 
هلك معظم القوط بالسيف أو بسبب الجوع » وأن من نجا من أفراد بيتهم المالك فر بعضهم 
إلى غالة » ولجأ معظمهم إلى اشتريس » حيث أقاموا على أنفسهم بلايو بن الدوق فافيلا 
أميراً » وقد حكم بلاى تسعة عشر عاماً وتوق سنة /الالاء وألحد مع زوجته « جاؤْدُ يوسا » 
فى كئيسة سانتا أويلالياد فيلابينو؟2. وتضيف مدونة سيلوس (51160256 0210018+©) أن 
بلاى كان حامل سيف لذريق (18006111 16815 5081811115) » وأنه هرب إلى اشتريس 
حينم غزا العرب البلاد وتشرد ى نواح غير معروفة منها (5أ1.06آ كنااععم كنتاةطادعة [1) يجمع 
الناس لحرب المسلمين » فل| اكتملت له العدة نازهم وانتصر عليهم » فأكبره القوط لهذا 
وأقاموه عليهم أميرً(©. 
وأما تاريخ إسبانيا العام (328م155 عل [658ممع 0768163) الذى صنفه ألفونسو 
العاشر المعروف بالعالم » فيذهب إلى أن بلاى كان ابنا « لفافيلا »' دوق كنتبريه الذى كان 
00 1572م اتعومعفاءطلم ومعتم عط .ملو شسوهمعع 12 عل كدمتاق! كمعتصؤى : 111101 


02 . 206 . 5 .1 . ألع.مه ,810101 
2 . 44 . 2 .11 . غأ.مه ,811011 


بلاى ”7 





الملك اجيكا قد نفاه من طليطلة » فمضى إلى تُودَه لإنا1 واستقر فيها حيناً » وهناك مات 
بسبب ضربة عصا كانت قد أصابته من يد غيطشة » الذى كان يطمع فى زوجته (أى زوج 
فافيلا ) » فلما صعد غيطشة إلى العرش نفى بلاى من طليطلة » وأراد أن يفقأ عينيه » ففر إلى 
كنتبريه » وهناك تزعم أهل هذه الناحية » ودعاهم إلى الوثوب بالعرب » واستطاع الانتصار 
عليهم فى معركة عند مغارة أونجا (0788 06 010678 2آ) سنة 14/ام(20 ويضيف لوقا 
التودى (11106256 كهعناآ) فى تاريخ العالم(1011001 م ه2120 ) قصة تعلق ١‏ مونوسة» 
- الأمير المسلم على هذه النواحى » وكان مقيماً فى خيخون - بإحدى بئات بلاى ما أدى إلى 
الخصومة بين الرجلين » ووقعت الحرب بينه وبين المسلمين » فأقامه القوط ملكاً عليهم قبل 
لقائه إياهم وانتصاره عليهم فى معركة مغارة أونجا » »وتوف فى كانجاس سنة ١‏ ”الام بعد 
أن حكم ثانية عشر عاماً » ويذهب لوقا التودى كذلك إلى أن فافلة أبا بلاى كان ابناً 
لشندسفنتوء وربها زعم لوقا هذا رغبة منه فى أن يجعل بلاى سليلاً للبيت القوطى7). 

وأما الروايات العربية عن أصل ١‏ بلاى» فأكثرها تفصيلاً رواية « ابن حيان » التى يقول 
فيها : « قال غير واحد من المؤرخين : أول من جمع فل النصارى بالأندلس - بعد غلية 
العرب لهم - علج يقال له بلاى من أهل اشتريس من جليقية » كان رهيتة عن طاعة أهل 
بلده » فهرب من قرطبة أيام الحر بن عبد الرحمن الثقفى . الثانى من أمراء العرب بالأندلس » 
وذلك فى السنة السادسة من افتتاحها سنة 48 من الهجرة » وثار النصارى معه على نائب الحر 


ابن عبد الرحمن » فطردوه وملكوا البلاد» وبقى الملّك فيهم إلى الآن:9" . 
ويذهب صاحب؛ الأخبار المجموعة » إلى أنه كان جليقياً من أهل أشتريس7*؟ ) ويؤيده 


)200 . 303-499.مم (542060,1906 ) فمفوعط عل لدتعمء0 معتده © ممعووارط 
(١‏ : لنامة .للهنااا ومفمعمعط© . 5ك عاط نا1 دمعلانا 
.1م 2-220,695 .هم 17 : أمونا دعرو أم ع5 عمنهإدنا! عدأهدمكا]] : 50110171 

(؟) ابن حيان برواية المقرى ؛ نفح الطيب : ج 7 » ص 7171 . 
(8) الأخبار المجموعة .ص 8١‏ 

ونص عباربها : « فثار أهل جليقية على المسلمين . وغلظ أمر علج يقال له « بلاى » قد ذكرناه فى أول كتابنا» 
فخرج من ؛ الصخرة ؛ وغلب على كورة ( هنا كلمة أسمّطها الناسخ ولم يلحظ ذلك الناشر ) واشتريس ... » وقد جعل 
تاريخ هذا الحادث ( سنة 117 ه/ ١‏ 4لام- ١م‏ ) ولما كان من الثابت أن بلايه توفى سنة /ا7الام ( حوالى 1ه ) 
فإن لافوينتى إى ألكانترا فى تعليقاته على الترجمة الإسبانية للأخبار المجموعة يذهب إلى أن مؤلف ٠‏ الأخبار » يخلط فى 
هذه الفقرة بين أعمال بلاى وأعمال أذفونش بن بيطره ... وهو رأى معقول . 

انظر الترحمة الإسبانية للأخبار المجموعة .» ص 55 هامش 5 . 


3233 كوفا دونجا 





ابن خلدون فى رأيه هذا . ويقول : 3 إن أمم النصرانية أجفلت أمام المسلمين إلى سيف البحر 
من جانب الجوف . وتجاوزوا الدروب وراء قشتالة واجتمعوا بجليقية » وملكوا عليهم بلايه 
ابن فافلة » فأقام ملكاً فيهم تسع عشرة سنة » وهلك سنة 17 » وولى ابنه فافلة سنتين » ثم 
هلك فولوا عليهم بعدهما أذفونش بن بيطره الذى اتصل الملك فى عقبه إلى اليوم » ونسبهم 
فى الجلالقة من العجم كما تقدم » ويزعم ابن حيان أنهم من أعقاب القوط » وعندى أن ذلك 
ليس بصحيح . فإن أمة القوط قد دثرت وغبرت وهلكت »ء وقل أن يرجع أمر بعد اندثاره 
وإننا هو ملك مستجد فى أمة أخرى والله أعلم)(١2.‏ أى : أنه يقرر مع المقرى وصاحب 
الأخبار المجموعة أن بلاى جليقى من أهل الشمال » وليس قوطياً » ونلاحظ أن ابن خلدون 
لايؤيد رأيه إلا بدليل استخرجه من فلسفته » فلا يمكن - فى رأيه - أن يكون الرجل 
قوطياً » لأن ملك القوط قد اندثر » ولا يمكن أن يقوم أمر أمة اندثرت » وسنرى أن قانونه 
م يصدق هذه المرة . 

ول يكن أحد من المؤرخين ليتنبه إلى « بلاى » هذا لولم يقترن اسمه بصراع 
قصير مع العرب أعانه الحظ على التوفيق فيه » فانتصر عليهم وأبعدهم 
عن النواحى التى كان يبسط عليها سلطانه . وقد بالغت المراجع النصرانية فى تصوير هذا 
النصر » وجعلته شيئاً أشبه بالفتح العظيم » وزاده مؤرخو الإسبان تقديرا وإجلالاً مع 
الزمن» فجعلوه بدءا لصراعهم لإخراج المسلمين من بلادهم » وإيذانا بميلاد إسبانيا 
النصرانية من جديد . ومن هنا أهميته التى تحدونا إلى أن نقف عنده وقفة تتفق مع قدره فى 
التاريخ الإسبانى عامة . 


4 كوفادونجا 


تكاد المدونات اللاتينية الإسبائية كلها تممع على ذكر هذا الانتصار » وإن اختلفت فيما 
بينها فى التفاصيل وتحديد التواريخ اختلافاً بيناً . 

ومصدر هذه الروايات النصرانية كلها قصة طويلة أوردها « سبستيان السلمنقى » فى 
تاريخه يقول فيها : « إن بلاى حينم انتهى به المطاف إلى ناحية 8 الصخرة » أعلن نفسه أميراً 
على ما يجاورها من النواحى واتحذ قرية كانجاس (2281025© - 08835) مركزاً لأعماله » 
وهناك أعلن الثورة على العرب وصارحهم بالعداء » فأرسل إليه المسلمون جيشاً كبيراً يقوده 


(1) أورد « دوزى » نص ابن خلدون فى ملاحق أبحاثه : 
, ع .وم ,11! ععتفدعممة ,1 (1881. 64 ع3) كعطءرعطءع؟ : 20210 : يي 


كوفا دونجا 56 





قائد من كبار قوادهم يسمى علقمة(١2‏ » فغزا اشتريس وتوغل فى أرضها ‏ فللا سمع بلاى 
بذلك تحصن فى جبل أوسبة 5618قالل فى مغارة القديسة مارية 18/135186 5322126 0108© 
التى تسمى كذلك « مغارة أونجا » فحاصره المسلمون وضيّقوا عليه ٠‏ وكان معهم أبه 
(كةمم7)0) أخو غيطشة الذى انضم إلى المسلمين لأشياء نقمها عليه . فمضى أبه إلى 
بلاى » وحاوره محاولاً إقناعه بالتسليم للمسلمين » وأورد لنا سباستيان نص هذه المحاورة 
مفصلاً . فلم يفلح فى إقناعه » فإذ فشلت هذه المحاولة فقد قام المسلمون بهجوم عنيف على 
الجبل والمغارة بالمعاول (108010813) والسهام . وهنا حدثت معجزة : إذ كانت السهام 
ترتد نحو المسلمين أنفسهم! وانتهت ت المعركة بهزيمة المسلمين وقتل ١15‏ ألفاً منهم » ٠‏ فيهم 
القائة علقم تقينه »راجلا فآأيهة أسيرا وتتجااسن المتلمين ثهانة ومتون ألفا فوا هاربين > 
فتسلقوا جبل أوسبة وانحدروا من الناحية الأخرى » وساروا فى خانق فى الجبل يسمى خانق 
أنكورا (486018 عل 130 81) وانحدروا إلى إقليم ليبانا (1160828) » وهنا حدئثت 
معجزة أخرى : إذ أن الجبل اهار من الناحية المشرفة على مصب نهير الديفا (26:2) فطمر 
بقية المسلمين © 

وتلى رواية سباستيان فى الأعمية والطول رواية « مدونة البلدة » التى تذهب إلى أن ثورة 
بلاى حدثت فى أيام يوسف الفهرى ٠‏ وكان مونوسة حاكاً على أ: شتريس فى ذلك الحين 
ومقيا فى ليون » فسار نحو بلاى جيش إسلامى يقوده رجل تسميه المدونة ألقمان أو ألوامان 
( مقصدماة - مقدصدةءاى - علقيان - علقمة ؟ ) وكان معه« أبه» فانهزم الللعوة سير 
«أبه» » ومات مونوسة بعد ذلك يزمن . وأما الذين نجوا من القتل فقد هلكوا بناحية ليبانا 


(1)لم يرد ذكر علقمة اللخمى هذا على صورة صريحة فى مراجعنا الإسلامية . ولكن وجود ابنيه عبد الرحمن وتمام يؤيد 
وجوده فى الأندلس أوائل أيام الفتح » فقد كان أوهما قائداً لقوات المسلمين فى جنوبى غالة وكان من كبار اليمنية » 
وقد قام بدور كبير فى الحروب بين الشآميين والبلديين . وهو الذى قتل بلج بن بشر فى معركة : أقوة برطورة »© ٠‏ 
ويصفه صاحب ه« الأخبار المجموعة » بأنه كان : ه يعد فارس أهل الأندلس » وأنه « كان فارس نجدة مع جودة 
الاتقاء » وعليه سلاح كريم لا يحيك فيه سيف حصين ( بن الدجن العقيل ) . وانظر الأخبار المجموعة ص 
45-4 . وكان الثانى من كبار موالى بنى أمية فى الأندلس ». وكان من الأعمدة التى أقامت ملك عيد الرحمن 

الداخل » راجع نفس المصدر : ص 75 وما يعدها . 

واين الأبار : الحلة السيراء .ص 77 وما يعدها . 
(؟) هذه هى الصورة العربية لاسم 02885 كما أوردها صاحب الأخبار المجموعة (انظر ص 8 ) وهو أحد ابنى غيطشة 

23 ملك القوط الذى غصبه لذريق العرش . وقد ساه ابن القوطية « عباس © 

(؟)سمناكهطء5 . (1913 دتعمعلهلا ) [يهاكتنوهمءء2 13 عل كمندنومت كما : 111011 18805[0لم 
. 206 .م كناتعواء2 .ومع تد متك 


555" كوفا دونجا 


(مصدطءزا) إذ انبار عليهم الجبل بإرادة الله10). 

وورد ذكر الواقعة كذلك فى ١‏ مدونة سيلوس » » ولكن ما فيها إن هو إلا تكرار لما قاله 
سبستيان السلمنقى و« راهب البلدة » مع إضافات يسيرة . منها أن ثورة بلاى حدثت فى 
بليدة (038885)) » وهو يسمى علقمة (410131082) ويقدر العرب بائة وسبعة وثانين 
ألفاً ٠‏ ويذكر أن معجزة انهيار الجبل حدثت على مقربة من غبر الديفا بناحية ليبانا » وأن 
مونوسة كان مقيراً يبلدة خيخون فهرب عندما سمع بخبر ا هزيمة » وقتله أهل هذه النواحى 
فى قرية أولاليس (20)0181165©. 

وتكتفى مدونة كمبستيلة (200120851618) بالقول بأن بلاى طرد المسلمين من هذه 
الناحية واحتلها9" . فى حين لا تزيد مدونة « شرطانية » على أن المسلمين سادوا شبه الجزيرة 
كله إلا « مغارة مارية المقدسة)(4). 

أما مراجعنا الإسلامية فقد أشارت إلى وثوب بلاى بالمسلمين فى ناحية ‏ الصخرة» 
ومحاولتهم القضاء عليه وهزيمته إياهم . وإشاراتها كلها موجزة غير دقيقة التحديد » ولكنها 
تدل على فهم أصحابها لأهمية الدور الذى لعبه بلاى فى تاريخ دول إسبانيا النصرانية 
والإسلامية أيضاً . وما ترتب على نبوضه فى وجه المسلمين وحربه معهم من النتائج البعيدة 
فى تاريخ شبه الجزيرة كله : فعيسى بن أحمد الرازى يقول : «وفى أيام عنبسة بن سحيم 
الكلبى قام بأرض جليقية علج خبيث يقال له «بلاى» من وقعة أخذ النصارى بالأندلس » 
وجدّ الفرنج فى مدافعة المسلمين عما بقى بأيديهم » وقد كانوا لا يطمعون فى ذلك» 20 مما 
يُفهم منه أن الرازى كان يعتبر « بلاى » منشىء حركة المقاومة النصرانية ومجدد دولة 
النصرانية فى الأندلس من جديد بعد تفرّق أمرها على أول أيام الفتح » وأن نهوضه بأمرها 
كان الحجر الأول فى بنائها الجديد . فقد قوى شأنها بعد ذلك » ونمهض أهلها إلى مدافعة 
المسلمين عما استولوا عليه » بعد أن كانوا لا يطمعون فى ذلك قبل ظهور ” بلاى» . 


ولابن حيان - عميد المؤرخين الأندلسيين - رواية أخرى أدل على شخصية بلاى وقدره 


2000 .9 .م.] . عكمعلاعطاى همع أممعطن يأك .مه :110101 .م 
,0 . 50 .م,]] ,لمع تصمعطن كتكمع[5 تطعقدول8 ناك .مه : 1111101 .م 
2 0 م0001 عدصة!اعاكه م00 عدامماكتكا عع وممعتومعطع .اك .مه : [1لآل8 .م 
20 . 90.ص,ط ,كلقالع 21 معن نوع تدممط0. اك .مو : 110101] .م 


(5) عيسى بن أحمد الرازى برواية المقرى : نفح الطيب » ج 7 ص 51/١‏ . 


كوفا دونحا ل" 





يقول فيها : « أنه فى أيامه - أى أيام عنبسة بن سحيم الكلبى - قام بجليقية علج خبيث 
يدعى «ابلاى؛ » فعاب على العلوج طول الفرار » وأذكى قرائحهم حتى سما بهم إلى طلب 
الثأر » ودافع عن أرضه » ومن وقته أخذ نصارى الأندلس فى مدافعة المسلمين عما بقى 
بأيديهم من أرضهم والحاية عن حريمهم » وقد كانوا لا يطمعون فى ذلك . وقيل : إنه لم يبق 
بأرض جليقية قرية فه| فوقها لم تفتح إلا« الصخرة » التى لاذ بها هذا العلج » ومات أصحابه 
جوعاً » إلى أن بقى فى مقدار ثلاثين رجلاً ونحو عشر نسوة » وما لهم عيش إلا من عسل 
النحل يجمعونه فى جباخ معهم » فى خروق الصخرة . وما زالوا ممتنعين بوعرها إلى أن أعبى 
المسلمين أمرهم واحتقروهم » وقالوا : ثلاثون علجاً ما عسى أن يجىء منهم .. »20 مما 
يُفهم منه أن بلاى» كان شهراً شجاعاً » فهاله تراجع قومه المستمر أمام المسلمين » فنهض 
يستنهض هممهم ١‏ ويذكى قرائحهم حتى سما بهم إلى طلب الثأر » وهى عبارة عظيمة المعنى 
والدلالة » بل إن أحدا من مؤرخى إسبانيا النصرانية القدماء ل يقل مثل هذا القول الذى 
يحدد دور « بلاى » كواضع أساس حركة «الاسترداد »؛ وصاحب الفضل الأول فيها . 
وربما كان مؤرخانا الأندلسيان الكبيران - الرازى وابن حيان - أصدق نظراً وأصح 
تقديراً لبلاى من عامة من تناول الحديث عنه من أصحاب المدونات النصرانية » الذين 
لا تخرج رواياتهم عن مبالغات وتفاصيل بعيدة التصديق عن انتصار بلاى على المسلمين عند 
مغارة أونجا عند سفح جبل أوسبة (05613ا4) » وهو انتصار محقق لا تنكره الرواية 
الإسلامية » ولكن مبالغات الروايات النصرانية تلقى عليه ظلاً من الشك ربما قلل من 


شمته. 


يقول صاحب ١‏ الأخبار المجموعة » يعد أن يشير إلى ظهور بلاى فى ناحية الصخرة : «.. 
وغزاه أهل أستورقة زماناً طويلاً » حتى كانت فتنة أبى الخطار وثوابة » فلما كان فى سنة 
ثلاث وثلاثين ومائة هزمهم وأخرج ( يريد : أخرجهم ) عن جليقية كلها وتنصّر كل 
مذبذب فى دينه وضعف عن الخراج (" . وقتل من قتل » وصار قَلّهِم إلى خلف الجبل إلى 
أستورقة . حتى استحكم الجوع فأخرجوا أيضاً المسلمين عن أستورقة وغيرها » وانضم 
المسلمون إلى ما وراء الدرب الآخر » وإلى قورية وماردة فى سنة ست وثلاثين ؛ . ويقول بعد 


03 - رواه المقرى فى نفح الطيب » ج؟ » ص4‎ )١( 
. ©» (؟) هكذافى الأصل .ء ولا يستقيم المعنى إلا إذا استغنينا عن حرف اجر ه عن‎ 





قليل  :‏ وكاد أن يغلب عليهم - أى على المسلمين - الغدؤء إلا أن الجوع شملهم » (2 . 

ونستخلضي من روايته هذه الحقائق الآتية : 

أولاً - أن ٠‏ بلاى » خرج على المسلمين فى ناخية اشتريس واستقل بها فى ولاية عنبسة بن 
ستحيم الكلبى . 

ثانياً - أن جند المعطمين القاثم فى أستورقة حاولوا إخضاعه ١‏ زماناً طويلاً » دون أن 
يُوقّقوا . 

ثالاً - أن خركة الرجل أخذت فى النموء حتى إذا وقعث فتنة أبى الخظار » واشتغل 
المسلمون بحربة مغ يوسف الفهرى والصميل بن حاتم انتهز الرجل الفرصة وضاعف 
جهده » فهزم المسلمين هزيمة أخرجتهم عن جليقية جملة . 

رابعاً - أن ضدى هذه الهزيمة تردد فى نواحى جليقية كلها » فعاد بعض من كان أسلم 
من أهلها إلى النضرائية » وضعف الخراج تبعاً لذلك . 

خامساً - أن أهل هذه الناحية انقلبوا على المسلمين فقتلوا منهم من استطاعوا قتله » وفرٌ 
الباقى إلى أستورقة » ليحتموا بالعسكر الإسلامى المقيم هناك . | 

سادسماً - ولم يُضِع بلاى الفرصة , فتقدم وأخرج المسلمين من أستورقة واستولى عليها . 

سابعاً - وانسحب مسلمو هذه النواحى عن طريقين : طريق الغرب إلى إقليم سرقسطة 
وظريق الجنؤب إلى ماردة وقورية . 

وسنرى بعد قليل أن صاحب ١‏ الأخبار المجموعة » خلط بين أعهال ١‏ بلاى » وأعمال 
«أذفونش الأول '» وأن عمل بلاى لم يتعد الحقائق الأربع الأولى . 

ويقول صاحب فتح الأندلس  :‏ وقام علمجح خبيث من أعيانهم فى أيام عنبسة هذا بأرض 
جليقية اسمه بلايه بن فافلة على من كان يملك أطراف جهته من العرب » فنفاهم عنها . 
فملك سنتين , ثم ملك ابنه فافلة بعده إلى سنة ثلاث وثلاثين ومائة » ثم هلك فاستولى على 
أهل جليقية بعده أذفنش بن بيطره جد بنى أذفنش هؤلاء الذين اتصل أمرهم إلى اليوم» (2). 
وهى رواية مختصرة فيها خطأ كثير فى نسب بلايه وفى تحديد التواريخ » ولكنها تقرر أن بلاى 





. الأخبار المجموعة » ص57‎ )١( 
. 74 ص٠ فتح الأندلس‎ )1( 


كوفا دونجا 5" 





كان مستقلاً بناحيته عن المسلمين ثم ثار على من بأطراف هذه الناحية من العرب » فهزمهم 
وطردهم عنها . 

وللمقرى رواية لا تقل عن هذه أممية » وإن لم يسندها إلى أحد » وذلك حيث يقول : 
«قال غير واحد من المؤرخين : أول من جمع فل النصارى بالأندلس بعد غلبة العرب لهم 
علج يقال له بلاى» من أهل اشتريس من جليقية » كان رهينة عن طاعة أهل بلده » فهرب 
من قرطبة أيام الحر بن عبد الرحمن الثقفى ٠‏ الثانى من أمراء العرب بالأندلس » وذلك فى 
السنة السادسة من افتتاحها » وهى سنة ثّان وتسعين من الهجرة » وثار النصارى معه على 
نائب الحر بن عبد الرحمن فطردوهء وملكوا البلادء ويقى الملك فيهم إلى الآن »(1). 

وهى إشارة هامة تعيننا على تكوين فكرة عن حياة بلاى قبل لجوئه إلى الصخرة وقيامه 
بالثورة على المسلمين » وهى تحدد هروب بلاى من أيدى المسلمين بسنة 944ه/ 18لام وهو 
تحديد سيعيننا على ربط أحداث حياته بعضها ببعض . 

وقبل أن نستخلص من هذه الروايات كلها سلسلة واحدة مترابطة الحلقات عن حياة 
«بلاى» وحركاته » يجدر بنا أن نناقش التواريخ التى تقدمها لنا هذه الروايات . 

ليس من اليسير مناقشة التواريخ المتضارية التى يقدمها إلينا المؤورخون عن هذه 
الحوادث » لأن المؤرخين النصارى الذين يتحدثون عنها يختلفون فيا بينهم اختلافاً عظياً » 
فيجعلها « سبستيان» فى أوائل أيام الفتح , لأنه يذكر أن قائد البعث الإسلامى المنهزم كان 
«علقمة » وهو من قواد طارق بن زياد »ء فى حين يجعلها صاحب ‏ مدونة البلدة » فى ولاية 
يوسف الفهرى » أى بين سنتى 754١-178ه/‏ 747 و53/ام . أما مؤرخونا الإسلاميون 
فلا يكادون يتفقون هم الآخرون في) بينهم ٠‏ قابن حيان والرازى يجعلان ثورة « بلاى » أثناء 
ولاية عنبسة بن سحيو (7١1-/101ه/‏ 0-771 1لام)ء فى حين يججعلها صاحب «الأخبار 
المجموعة » فى بدء ولاية عقبة بن الحجاج السلولى (77١ه/‏ 17/ام) ويكتفى المقرى بالقول 
بأن بلاى هرب من قرطبة سنة 494ه/ 17/م » وأنه كان فى اشتريس ف العام التالى 
(١٠٠ه/8١/ام)‏ » دون أن يزيد على ذلك شيئاً . أما هزيمة بلاى للعرب فيجعلها صاحب 
الأخبار المجموعة وصاحب فتح الأندلس ف أثناء ثورة البربر على العرب أى فى أوائل فتنة 
أبى الخطار والصميل » أى بعد سنة 1777ه/ 1-176٠‏ 5/ام. 


(١)المقرى‏ : نفح الطيب . ج17 .ص 371١‏ . 


”7 كوفا دونجا 





وقد حاول إدواردو سافدرا أن يستخلص من هذه التواريخ المتناقضة رأياً لا بأس من 
إيراده » لأنه يمثل الرأى المتبع بين عامة المشتغلين بتاريخ هذه الأحداث من الإسبان 
المحدثين . 

يقول « سافدرا » : إن رواية المقرى صريحة فى أن بلاى هرب إلى صخرته ع0 05غ1م) 
(2م50نا8 فى سنة 7 الام » وأنه كان هناك فعلاً فى سنة 18لام فى ولاية الحر بن يوسف ء 
ويعود ابن حيان والرازى فيؤكدان أن بلاى قام بثورته فى ولاية عنبسة » أى بين سنتى 
-0١‏ ه "لام » وهذا تاريخ معقول » لأن بلاى لابد أن يكون قد أنفق هذه السنوات فى جمع 
الأنصار والقيام بغارات صْغيرة ومناوشات مع المسلمين أقلقت باهم » ففكروا فى إرسال 
بعث لتأديبه والقضاء على حركته . 

وحيث إن سبستيان يذكر أن وقعة ١‏ كوفادونجا » كانت فى أوائل أيام الفتح , لأنه يذكر 
اسم القائد علقمة - الذى تؤيد المراجع العربية وجوده فى هذه الأيام - فإن أقرب الفروض 
إلى الصحة أن علقمة هذا سار لحرب بلاى فى ولاية عنبسة » وهناك حدثت الوقعة » وانمزم 
هذا البعث الإسلامى » واستشرى أمر بلاى بعد ذلك » ولكن ظروف المسلمين لم تسمح 
بإرسال قوة لتأديبه إلا بعد ذلك بنحو اثنتى عشرة سنة » أى فى ولاية عقبة » وهذا ما أشارت 
إليه المراجع الإسلامية من قيام عقبة بن الحجاج بحملة تأديبية تتبعت بلاى ورجاله بالحرب 
حتى كادت تفنيهم ؛ ورجعت وهى تظن أن الرجل وأنصاره لن تقوم لهم بعد ذلك قائمة » 
ولهذا اختفى اسم بلاى حتى من المراجع النصرانية » فلم نجد له ذكراً إلا سنة لا“الام » وهو 
عام وفاته الذى تحدده المراجع النصرانية217. 

ولنا على هذا الرأى استدراك: 

ذلك أن سبستيان السلمنقى لم يحدد تاريخاً لواقعة ١‏ كوفادونجا » وإنم| ذكر أخها كانت فى 
أوائل أيام الفتح » فليس هناك ما يدعو إلى القول بأنها حدثت أثناء ولاية عقبة بن الحجاج 
بالذات . وربا كانت أيام عقبة هى أبعد الأيام احتمالاً لوقوع هزيمة إسلامية على يد 
النصارى فى الأندلس » لأن الرجل كان محارباً لا يمل القتال» وقد استنفد أيامه فى الحروب 
مع النصارى » وظل يتتبع الثائرين فى جليقية حتى خيل إليه أنه قضى على كل أمل لهم فى 
القيام على المسلمين من جديد » ثم انصرف بعد ذلك إلى الناحية الشمالية الشرقية ودخل 


)2320غ2 6 112020 .وعترةاقلط وأعمعع21ه00 ,للإواعم : 714اظ /افذةد 41100 لآلا 


كوفا دونجا ١و1‏ 





بنبلونة 2١7‏ وما يليها من البلاد شالاً » ولو قد هزم له بعث على يد بلاى لما انصرف عنه 
ولواصل قتاله . والثابت من الروايات النصرانية والإسلامية أن بلاى تتبع المسلمين بعد 
انتصاره عليهم حتى أخرجهم من بلاده » ولا يمكن أن يكون ذلك قد وقع على أيام عقبة . 
والمراجع الإسلامية صريحة كذلك فى أن بلاى طارد المسلمين وأخرجهم من بلاده أثناء فتنة 
أبى الخطار والصميل أى : بعد سنة 77١1ه/ 7851-176٠‏ ميلادية . 


بيد أن هذا لا يتفق وما تجمع عليه الروايات النصرانية من أن ١‏ بلاى » توفى سنة /ا”7 
ميلادية » وهى فى مجموعها لا تستند على دليل واحد يؤيدها فى هذا التحديد . بل إن الفونس 
العاشر يجعل وفاته قبل ذلك بست سنوات أى سنة (١1١ه/ ١‏ ”الام) أى أثناء ولاية عقبة 
ابن الحجاج السلولى » مما يدلنا على أن تحديد تاريخ وفاة بلاى بهذه السنة لم يخل من أن 
يناقضه مؤرخ مطلع كهذا الملك العالم » الذى قرأ كل التواريخ التى كتبت قبله ولم يقر ما 

ثم إن ابن خلدون - وقد اعتمد على الرازى وابن حيان فيها كتب من تاريخ ملوك 
الجلالقة - يجعل وفاة بلاى سنة 177ه/ ٠هلا-‏ اهلام أى فى نفس السنة التى يؤكد 
صاحب الأخبار المجموعة أن بلاى هزم المسلمين فيها وأخرجهم من جليقية . ولما كان 
الرازى وابن حتيان وصاحب الأخبار المجموعة هم أقدم من حفظ لنا أخبار هذه الفترة 
البعيدة » فإننا أميل إلى الأخذ برأيهم » ومتابعتهم فى القول بأن واقعة كوفادونجا وقعت سنة 
176ه/ 1-072٠‏ لام أثناء فتنة أبى الخطار والصميل » وأن ‏ بلاى» لابد أن يكون قد توق 
بعد ذلك بقليل» فى أواخر 5١‏ لام على الأرجح”). 

وقد لاحظ دوزى أن التواريخ التى تحددها المدونات اللاتينية لأحداث هذه الفترة 
)١(‏ يقول ابن عذارى عن أعمال عقبة الحربية : « وهو الذى فتح مدينة أربونة » وافتح جليقية وبنبلونة وأسكنها 

المسلمين . وعمت فتوحاته جليقية كلها غير « الصخرة ' . فإنه لجأ إليها ملك جليقية وكان بها ثلاثمائة راجل فما زال 
المسلمون يضيقون عليهم حتى صاروا ثلاثين رجلاً وحتى فنيت أزودتهم ١‏ ول يتقوتوا إلا بعسل يجدونه فى خروق 
الصخرة . وأعيى المسلمين أمرهم فتركوهم . وأقام عقبة بالأندلس بأحسن سيرة وأجملها وأجمل طريقة وأعدها 
إلى أن غزا أرض إفرنجة ...2 - البيان المغرب . ج” ؛ ص 4" . وليس فى هذا كله إشارة إلى هزيمة . ولا احتهال 
(1) تذهب ١‏ مدونة البلدة ؛ إلى أن كوفادونجا وقعت سنة 07لام أى : أثناء الصراع بين عبد الررحمن الداخل ويوسف 


الفهرى ء. وقد أخذ بروايتها ماسديو » فذهب إلى أن الوقعة حدثت فى تلك السنة ‏ 
. 5060 55 .مم .1 ب212) قتمماذنآط : لأعاناكفكاة .1 .ل. نو 


و5 كوقا دونجا 





لا يمكن تأييدهاء وفضّل عليها روايتى الرازى وابن حيان» ولم يرض كذلك عن التواريخ 
التى قدمها ابن خلدون » وختم كلامه عن موضوع تاريخ حوادث هذه الفترة بقوله : ١‏ إنه 
لمن العسير جداً - إن لم يكن من المحال - أن نحل إشكالاً من هذا النوع , إذ ينقصنا الخيط 
الذى يدلنا على طريق الخروج من هذه المتاهة »37 . 

وهو على حق ». فليس لدينا ما يقنعنا بقبول ما تجمع عليه غالبية المراجع النصرانية من 
جعل وقعة كوفا دونجا سنة 14لام وجعل وفاة بلاى سنة 7”/ام ولا يذكر لنا مؤرخونا 
الإسلاميون هذه الواقعة محددة باسم أو بتاريخ ولو تقريبيين لها . ثم إن منطق الحوادث 
لا يستقيم إذا نحن فرضنا أن بلاى هزم المسلمين على أيام عنبسة أو على أيام عقبة : فلو قلنا 
إن الهزيمة وقعت فى أيام عنبسة لضاعت قيمتها كنصر حاسم رد المسلمين عن بلاد 
أشتريس» لأن عقبة أتى بعد ذلك وغزاها حتى ألجأ بلاى إلى «الصخرة » وم يبق له إلا على 
عدد قليل من الأنصار » أى أن كوفا دونجا » لم تكن الوقعة الفاصلة التى ردت المسلمين 
عن تعقب النصارى » بل عادوا إليها وأوغلوا أكثر ما فعلوا من قبل » وانصرفوا عنها يعد 
ذلك بسنوات من تلقاء أنفسهم . لأن عقبة اضطر إلى مغادرة الأندلس إلى إفريقية » ى) يقول 
باليستروس”2""7» فلا يكون والحالة هذه لكوفا دونجا ولا لبلاى فضل فى ارتدادهم أو فى 
ميلاد اشتريس » ولا تكون «كوفا دونجا » والحالة هذه إلا مناوشة خسرها المسلمون وعادوا 
بعدها إلى الظفر . 

ولا كانت الروايات النصرانية وما بين أيدينا من الروايات الإسلامية تجمع على أن 
انتصار بلاى على المسلمين كان حاسم وأنه أعقبه إخراجهم من جليقية » فلا مفر لنا من 
القول بأن هذا الانتتصار حدث بعد أيام عقبة » وفى أوائل فتنة أبى الخطار وثوابة بن سلامة 
العامل أى فى سنة *1١ه/‏ ٠51-106/ام‏ أو فيما بعدها » ولا متخيص لنا فى هذه الحالة من 
جعل وفاة بلاى بعد ذلك بقليل فى نفس السنة » تمشياً مع تحديد ابن خلدون لسنة وفاته . 

فإذا انتهينا من تقرير أحداث حياة « بلاى» وتحديد تواريخها » فلنعرض حياته وما قام به 
من الأعمال مستخلصة من مجموعة ما لدينا من المراجع الإسلامية والنصرانية. 
)2( 96.م ,آ بوعاءتعطءع1 ,/12021 
2 181 .م,آآ ,... 115013 ,18105 كط [ رافظ 

وهو خطأ : لأن عقبة أقام بالأندلس حتى انتهت ولايته نهاية غير واضحة . وقد تتبعت مرجعه الذى أشار إليه» 


وهو الأخبار المجموعة , فلم أجد فيه ذكراً لهذاء لا فى الأصل ولا فى الترجمة الإسبانية ولا فى التعليقات عليها : الأصل 
العربى : ص58 ء الترجمة الإسبانية : ص 28” -4” . 


كوفا دونحا ا 





نستطيع أن نقبل ما يذكره ألفونس العاشر - الملك العالم - من أن : بلاى » كان ابناً 
لفافيلا دوق كنتيرية » وأن فافيلا (152513) هذا كان قد استقر فى توده(1006-ئ1109) - 
عاصمة كنتبرية فى ذلك الحين - بعيداً عن البلاط القوطى فى طليطلة , لأن نزاعاً قام بينه 
وبين الملك ‏ اجيكا » (188162) فلا مات هذا الأخير وخلفه غيطشة ء تجدد النزاع بينه وبين 
« فافلة ». إما لأن غيطشة طمع فى زوج فافلة (أم بلاى) أو لسبب آخرء والمهم هو أن النزاع 
ثار بين الرجلين » وفرٌ فافلة مرة أخرى إلى كنتبرية حيث مات هناك مخلفاً ابنه ه بلاى» . 

فلما وثب لذريق بغيطشة وآله . انضم إليه « بلاى » وأعانه على إدراك العرش ء فكافأه 
على ذلك بأن جعله ه حامل سيفه » (5041351005) واستمر ‏ بلاى » على هذا حتى فح 
العرب الأندلس » فكان من وقعوا فى أيديهم أسرى » فاحتفظوا به لديهم فى قرطبة رهينة . 

ولما كانت أيام الحر بن عبد الرحمن بن يوسف الثقفى » عامل الأندلس بين سنتى 
/1وو١٠٠ه/10/ا-14لام.‏ أمكنت بلاى الفرصة » ففرّ من قرطبة » وتشرد فى نواحى 
شهالى الأندلس فترة من الزمن » وتنقل فى أشتريس حتى استقر به المقام فى بليدة ؛ كانجا دى 
أونيس » ء وهناك التف حوله نفر من القوط اطاريين من المسلمين ونفر من الإيبيريين 
الرومان المقيمين فى هذه الناحية » فأخذ يحرضهم على الوثوب بالعرب . ويعيب عليهم طول 
الاستسلام والتراجع أمام المسلمين حتى استنهض هممهم » وجمعهم على الوثوب بهم . 

وكان عامل المسلمين على نواحى أشتريس القائد اليربرى ١‏ مونوسة » » فوقعت بينه وبين 
بلاى مناوشات » وظل مونوسة يحاربه ويطارده حتى ألجأه إلى التحصن «بالصخرة » فى 
عدد قليل جداً من أنصاره » ولو ظل مونوسة مكانه لقضى على بلاى فى ذلك الحين ولكن 
نزاعاً وقع بينه - أى بين مونوسة - وعبد الرحمن الغافقى » فحاربه وما زال به حتى قتله على 
يد قائده البربرى « ابن زيان » سنة ١17‏ ه/ ١لالام.‏ 

وخلا الجو أمام « بلاى » بذلك » فتشجع وخرج من ١‏ الصخرة » وأخذ فى التوسع حتى 
استولى على خيخون التى كان « مونوسة » يقيم فيهاء وبسط سلطانه على إقليمى أشتريس 
وكنتبرية » واتسع ملكه . وأخذ ينازع من جاوره من الأدواق » حتى شمل سلطانه جزءاً من 
جليقية وناحيتى أشتريس وكتتبرية . 


فلا ولى الأندلس عقبة بن الحجاج السلولى ( 118-7ه/ 41-184/ام) تجرد 


5374 أهمية كوا دونجا 


للقضاء على هذه الدويلة التى قامت فى وجه المسلمين فى شالى الأندلس وأخذت تنتقص 
من سلطانهم على شبه الجزيرة » فا زال يحارب بلاى ويقتطم أراضيه جزءاً جزءاً حتى رده 
إلى « الصخرة » ىا كان » وأدخل الكثيرين من أهالى أشتريس فى الإسلام » وكادت الدويلة 
الناشئة أن تنهار وينتهى أمرها . 

ثم ساعفتها المقادير بها وقع من الخلاف بين اليمنيين والقيسيين فى الأندلس عقب وثوب 
عبد الملك بن قطن ومن معه من اليمنية بعقبة وانتزاعهم الأمر من يده » فتنفس بلاى ومن 
معه الصعداء » وأخذوا يغادرون الصخرة وينتشرون فيم| والاها من نواحى أشتريس . 

ووقعت فى أثناء ذلك الفتنة البربرية » واشتد الصراع بين العرب والبربر فى نواحى شبه 
الجزيرة كلها » وكان عقبة قد خلف على أشتريس علقمة اللخمى ومعه قوة من الجند تقيم ى 
استو رقة (طاناك تاق جوع 1ماقش) أو فى ليون (02-16810ع-1) فهال علقمة ومن معه ما 
رأوا من تقدم بلاى وأصحابه فى أرض المسلمين » فنهضوا إليهم فى قوة يسيرة » وتوغلوا فى 
بلادهم حتى أدركوا الصخرة » وتحصن بلاى منهم فى جبل أوسبة (41056392) واحتمى نفر 
من أنجاد جنده فى مغارة كبيرة تسمى ١‏ مغارة أونجه) عل 0108© - 0132010289 6) 
(02882 أو ١‏ مغارة مارية المقدسة » » فلم أراد العرب اقتحام الجبل والصعود إلى المغارة 
هبط عليهم بلاى وأصحابه فهزموهم » وقتلوا علقمة » وارتد المسلمون مسرعين نحو 
استورقة وشردت جماعة منهم » ومضت تضرب فى نواحى اشتريس القاحلة حتى نزلت 
ناحية ليبانا 116082718 حيث هلكوا . إما على يد الجلالقة أو لسبب آخر . وتشجع بلاى 
وأصحابه فتقدموا واستعادوا ما كانوا فقدوه » وعاد أمرهم ى) كان » وأتاح المسلمون لهم 
هذه الفرصة با انشغلوا فيه بعد ذلك من فتنة أبى الخطار والصميل » فاطمأن بلاى 
وأصحابه » وقوى مركزهم وثبتت أقدام الدولة الجديدة . 
أهمية هذههى خلاصة مابين أيدينا من النصوص عن ١‏ بلاى » ومعركة « كوفا 
كوفادونجا دونجا» . وواضح جداً أن هذه المعركة لم تكن فى واقع الأمر أكثر من مناوشة 
اغبزم فيها المسلمون لأسباب أخرى غير ما تزعمه الروايات النصرانية من تفوق بلاى 
وأصحابه فى الشجاعة والنجدة » أو من تدخل قوى علوية خَفّت لنجدة النصارى فى 
اللحظة الحاسمة . ولم يعد المسلمون إلى مهاجمة هذه النواحى الشمالية القاصية إلا فى أيام 
المنصور بن أبى عامر » فظلت منذ يوم « كوفا دونجا » مهدأ لدولة اشتريس الناشئة » فثيتت 


أهمية كوفا دونجا 532 


قواعدها ورست أصوها على نحو لم يستطع المسلمون معه إزالتها بعد ذلك أبداً » أى أن 
هذه الوقعة كانت إيذاناً بميلاد اشتريس وبدءاً حاسياً لحركة المقاومة النضرانية فى شبه 
الجزيرة » وهى على هذا الاعتبار حادث فاصل من حوادث التاريخ الإسبانى . 

وربما بدا لنا أن التواريخ الإسبانية تبالغ فى تعظيم هذه الموقعة » وربما كان مرد هذه 
المبالغة إلى « بلاى » وأصحابه ومعاصريهم من القصاص . بيد أنه لا حرج على بلاى 
وأصحابه » ولا حرج كذلك على الروايات النصرانية فى مثل هذه المبالغة » لأن هذه 
المناوشات . التى وقعت بين المسلمين والنصارى فى نواحى اشتريس وانتهت بانتصار هذه 
الجماعات النصرانية التى اختارت العيش فى هذه الناحية القاصية القاحلة - مستقلة عن 
سلطان المسلمين - على العيش فى ظلالهم » قد وضعت أساس الدولة الإسبانية النصرانية 
التى سيتاح لها أن تناوىء المسلمين قرناً بعد قرن حتى تنيح الظروف ا فرصة إخراجهم من 
البلاد . 

والتاريخ الصحيح يعتبر «كوفا دونجا » ميلاداً لهذه الحركة التى ستصل حلقات تاريخ 
إسبانيا النصرانية وتعيد البلاد إلى النصرانية وإلى ميدان الحضارة الغربية من جديد . وليس 
إلى الشك سبيل فى أن حركة بلاى تعد حادثاً رئيسياً فى تاريخ إسبانيا كله لأن العبرة فى 
أمئال هذا الحادث ليست بالتفاصيل الدقيقة ولا بالأرقام الصغيرة أو الكبيرة » بل العبرة فيها 
بالمعنى التاريخى الذى يستتر خلف الحادث نفسه . « ونحن - كما يقول المؤرخ باليستروس - 
بعيدون جداً عن الحادث بدرجة لا تسمح لنا بأن نزعم أننا نستطيع أن نقدر أعداد المقاتلين 
أو أن نصف الحركات الحربية على وجه الدقة ء ثم إن هذا ليس هو الأساس ولا المهم . 
فسواء أوٌجد فى هذه المعركة هذا العدد أو ذاك من المقاتلين » وساء أكانت وقعت فى هذا 
المكان بعينه أو فى مواقع أخرى ء فإن الأمر المهم هو أن بعثاً إسلامياً - ربي)ا كان صغيراً - 
أراد أن يقضى على مركز حركة ثورية » وحاول الوصول إلى الموضع الذى اعتقد رجاله أنه 
وكر رجال العصابات والثائرين » ففشل فى إدراك ما طلب يسبب النخوة والشجاعة التى 
أبدتها حفنة من الرجال كانوا يقاتلون قتال اليائس منافحين عم| بأيدييم ٠»‏ وأنقذوا بهذا 
الكفاح ما هو أغلى تما كانوا يملكون فى ذلك الحين » وهو الاستقلال عن السيادة الأجنبية . 
وقد أقاموا بعد ذلك محافظين على كرامتهم وممتلكاتهم محتملين ما كلفتهم هذه المحافظة من 
باهظ التكاليف » . 


ةن أصية كوفا دونجا 


« ثم إن ازدياد الإجلال لكوفا دونجا مع مرور الزمن » واتجاه الأنظار خلال الأعصر إلى 
هذه البقعة من الجبل التى أشرنا إليها بالذات » ليدلان على أنه قد وقع فيما يحجيط بها ويقارمها 
حادث باقى الأثر من حوادث الصراع الذى أراد خلفاء من حضروه وشهدوه أن يخلدوا 
ذكره . فكيف وبين أيدينا وثائق تؤيد وقوع هذا الحادث بالفعل ؟ ولسنا نريد بهذه 
التأكيدات كلها أن نق ل - بأى حال - أن الموقعة كانت من الكبر با يتفق مع هذه المعانى 
التى ذكرناها » وليس معناه كذلك أن الكارثة التى نزلت بالعدو كانت بالشدة التى يصفها 
بها الرواة الذين استرسلوا مع خيالهم وحماسهم أكثر ثما ينبغى» وإنا معناه أن النقد السليم 
يقرر الصفة الرمزية للواقعة » فقد كانت بدءاً لعمل مجيد » وكانت أول حجر فى بناء ضخم . 
وكانت هذه المزيمة الصغيرة وذلك الفشل اللذان أصايا القوة الحربية الإسلامية عوامل 
أفهمت النصارى أن أعداءهم لم يكونوا معصومين من الهزيمة » وذلك وحده يوضح لنا 
كيف أن الحادث الصغير أصبح منذ هذا التاريخ معتبرا فى نظرهم رمز وهدفا وغاية بعيدة 
عالية » أى أنه إنما كان فى الواقع الملموس بدء استقلاهم وبدء التحرر من السلطان 
الإسلامى . وهذا أمر ذو قيمة لا تقدر»2©20. 

وأما من وجهة النظر الإسلامية فهذه الحادثة فى ذاتها لم تكن تعنى شيئاً لو لم يعقبها من 
الأحداث ما زاد فى قيمتها وأهميتها » فلو لم يختلف المسلمون على أنفسهم وينقسموا شيعا لما 
كان لكوفا دونجا ولا لبلاى نفسه أهمية كبرى » فإن انبزام الجيوش الإسلامية لم يكن بالأمر 
النادر ولا الحاسم » وقد انهزمت هذه الجيوش ف إفريقية مثلاً عشرات المرات » وكانت 
الهزائم فى بعض هذه الحالات قاسية بل قاصمة » ولكنها لم تكن حاسمة . لأن المسلمين 
استطاعوا أن يجمعوا صفوفهم بعد كل هزيمة ويعودوا للقتال حتى يقضوا على الحركة 
ويستعيدوا ما يكون قد ضاع منهم . فأما فى هذه المرة فقد عجز المسلمون عن إخضاع هذه 
الناحية » وقامت فيها الدولة النصرانية ول تختف من التاريخ بعد ذلك أبداً » فأصبحت هذا 
حادثاً حاسم له خطره فى تاريخ إسبانيا الإسلامية . 

والثابت على أى حال أن المسلمين لم يتركوا هذا الركن القصى من جليقية دون فتح لأهم 
هُزِموا أمام بلاى أو غيره » أو لأ:هم احتقروا هذه البقية الباقية من الثائرين » بل لأنهم 
انصرفوا عنها إلى التافه من منازعات الجنس والعصبية » فأضعفوا أنفسهم من جهة . 


)غ20 180-11 .©1,2]! ,... 8ماذذة1] : 8205 1كط اهمه 


أهمية كوفا دونجا اا ؟ 


وأعطوا رجال الحركة فرصة كانوا فى أشد الحاجة إليها ليثبتوا أقدامهم وليتحولوا من جماعة 
من الثائرين المطاردين إلى دولة مستقرة لها كيان وها سيادة على ما تملكه من الأرض من جهة 
أخرى. 

ومن الواضح جداً أن هذه الحركة وانصراف العرب عن القضاء عليها قد أنشأ فى شبه 
الجزيرة وضعاً جديداً سيكون محوراً من محاور التاريخ الأندلسى كله وهو: أن إسبانيا لن 
تكون من ذلك التاريخ قطرأ إسلاميا خالصا » وإنما ستكون قسمة بين الدولة الإسلامية 
والدولة النصرانية » وأن كلاً من هاتين الدولتين ستسير فى طريقها ء وأن النزاع بينهما 
سيستمر » وأن هذا النزاع سينتهى بعد قرون طويلة برجحان الكفة النصرانية وزوال أمر 
المسلمين والإسلام من البلاد . 

ولم يخف هذا المعنى على مؤرخينا الإسلاميين » فهذا ابن حيان يقول عن جماعة بلاى : 
«... ومازالوا ممتنعين بوعرها - أى بوعر الصخرة - إلى أن أعيى المسلمين أمرهم 
واحتقروهم » وقالوا ثلاثون علجاً ! ما عسى أن يجىء منهم ؟ فبلغ أمرهم بعد ذلك من 
القوة والكثرة والاستيلاء إلى ما لا خفاء به . وملك بعده - أى بعد بلاى - أذفونش جد 
عظ)ء الملوك الممهورين مبذه السمة 2١79...‏ . وهذا ابن سعيد يقول : «فآل احتقار تلك 
الصخرة ومن احتوت عليه إلى أن ملك عقبٌ من كان فيها المدنَ العظيمة » حتى أن حاضرة 
قرطبة فى يدهم الآن» جبرها الله » وهى كانت سرير السلطنة لعنبسة»7). 

وينبغى كذلك أن نقرر أن هذه الحادثة أخذت جانباً عظياً من قيمتها من طبيعة هذه 
الطوائف القوطية والإيبيرية الرومانية التى اعتصمت بهذا الركن » فقد كانت طبيعة صلبة 
مثابرة لا تكف عن القتال ولا تخشاه » وهى لم تقنع بالسلامة من أيدى المسلمين » وإنما 
عولت على الاستمرار فى مناجزتهم » ومضت فى ذلك بصبر وجّلد يستوقهان النظر . 
وأحسن رجالا الاستفادة من هذا الوضع الذى كانوا فيه على بساطة شأنه » وما زالوا 
يحاربون ويجالدون . لا يتركون غرة من العرب إلا انتهزوها » حتى أصبحوا مع الزمن قوة 
يحشى بأسها . 

فإذا صح هذا استبانت لنا القيمة الحقيقية لشخصية بلاى ف التاريخ الإسبانى عامة » 


5 ٠١ المقرى : نفح الطيب » ج 7 اص‎ )١( 
. نفس المصدر والصفحة‎ )7( 


5 أهمية كوفا دونجا 





فهو واضع أساس الدول النصرانية الشمالية الغربية التى ستحمل لواء المقاومة على الجبهة 
الشمالية الغربية ١‏ وهو أبو بنى أذفنش هؤلاء » ى) يقول مؤرخونا الأندلسيون » وقد رأينا أن 
معظم أحداث حياته لا زال نبا موزعاً بين القصاص وأصحاب الملاحم الشعرية 
الأسطورية » ولكن المهم أن التاريخ الصحيح يعترف له بجمع شمل النصارى المتفرقين 
وقيادتهم فى حرب المسلمين قيادة موفقة » وى هذا كفاية » فلا معنى إذن لإنكار وجوده ىا 
فعل بعض المسرفين فى الشك من المؤرخين7١'ولا‏ معنى للإصرار على أنه ينخدر عن صلب 
البيت الحاكم القوطى القديم » لأن الواقع أن الرجل سا إلى أوج الملوك بها قام به من دور 
كبير : « وربما كان بلايو هذا » منشىء الأسرة الأشتورية رجلاً عادياً من العوام » رجلا 
بسيط الأصل رقيق ال حال » ولكنه امتاز على أى حال بخصال ممتازة أهّلته للرياسة . وسواء 
أكان قوطياً أم إيبيرياً رومانياً » فقد استطاع أن يضع نفسه على رأس المغلوبين فى لحظات 
الخطر المحيق . وحاز لنفسه القيادة عن جدارة » كم يقول باليستروس 2( . فذلك لا يغير 
من الواقع شيئاً» لأنه يبقى لبلاى بعد ذلك فضل إقامة دولة للنصرانية فى الشهال وتعزيزها 
أمام الفتح الإسلامى الجارف » وفضل تكوين هذه النواة التى تكونت حوها فيا بعد دول 
استطاعت أن تسير بالتاريخ الإسبانى إلى الأمام حين)ا عجز المسلمون عن الاستمرار فى 
القيادة بعد انبيار دولة الخلافة الأموية وفشل كل المحاولات الجليلة التى قام المسلمون بها 
لجمع الكلمة وإعادة سيادة الإسلام على شبه الجزيرة . 

هذاء وليس بين مؤرخى الإسبان المحدثين إجماع على إقرار ما تذهب إليه الروايات 
النصرانية من انحدار بلاى عن صلب قوطى - ملكى أو غير ملكى - بل منهم من يذهب 
إلى أنه من أهل أشتريس الأصلاء » أى كلتى أو إيبيرى رومانى » وأن اسمه الأصلل ليس 
بلاجيوس (2©613811015) ى) تورده المدونات النصرانية بل بلايو (2613/0) بدليل وجود 
ألفاظ كثيرة فى اللغة الأشتورية تنتهى بالياء والواو (9/0) منها أسماء أعلام مثل (0/ا9/0162) 
و(0لإةلا20) و (0ن/9ة[0) و (00إ153]) وألفاظ مثل (0/إ0139/2) و (0/إ63568) و -1مط) 
(وبإدع "و (0زهععة)70. 





)2000 مثل 71451051[,11432'8715 ( يقرر وجوده ولكنه يشك فى نسبة الكثير من أعماله إليه ) 5/811/1112317'0 
و81 !اماعط و1خ8511 © وشطظن1 200 

194 .ص اك .مه : 857158105 رافظ : 14 

زفة 174 .!آ .ماك .مه : 18505 15ل1ا84 

2 254 .0 , كهع11مغاكلط وعم زعوء عع : 10838 6عطنا8 ممعممزم 


أهمية كوفا دونجا 3 





بل من علماء الإسبان من يقرر أن أصل بلاى من ناحية ليبانا بالذات('2 » ومراجعنا 
العربية تؤيد هذا الرأى » وهى أقدم من المراجع النصرانية » فهى تسميه بلاى وهى تسمية 
أقرب إلى بلايو منها إلى بلاجيوس » ثم إن أوثق مؤرخينا الإسلاميين يؤكدون أن الرجل 
كان جليقياً على ما سبق ذكره . 

وقد كانت عاصمته طول حياته بليدة كانيكاس اللاتينية -088)) (0215 عل 535مة©6) 
(1635 الإسبانية » وأغلب الظن أنه دفن بها مع زوجته جاوديوسا (001058ا68). وخلفه 
ابنه فافلة (1*31113) على ما تجمع عليه المراجع النصرانية ( يؤيدها فى ذلك ابن خلدون ) 2 
وم يكن على شىء من خصال أبيه » وإنما كان مولعاً بالصيد . وقتله دب أثناء الطرد بعد أن 
حكم سنتين لم يكد يفعل خلاهم| شيئاً ذا بال كا يقول سباستيان السلمنقى("2. ويجعل 
المؤرخون وفاته فى سنة 4”الام ٠»‏ وذلك لا يتفق مع ما ذكرناه » والأصح أن يكون قد توق 
سنة 57م أى : قبل قيام الدولة الأموية بأربع سنوات » ودفن مع زوجته فروليبا -57016) 
(03 أو (هطن5:0111) فى كنيسة سانتا كروث فى كانجاس . 

وقد انتهت ولاية عقبة بن الحجاج الذى كان يرجى أن يتم القضاء على حركة بلاى على 
يديه نهاية غير واضحة » فمن قائل إنه مات حتف أنفه إثر مرض ألم به » وأنه أوصى لعبد 
الملك بن قطن بالولاية من بعده0” »ومن قائل إن اليمنيين انتهزوا فرصة ثورة بربر إفريقية على 
العرب أثناء ولاية عبيدة بن عبد الرحمن . فعزلوه وولوا شيخهم عبد الملك بن قطن 
مكانه!؟2» وهكذا اختفت هذه الشخصية العربية المجاهدة فى : ليل الزمان » كما يقولون » 
ولو قد أتيحت له فرصة أطول لترك أثراً بعيداً فى تاريخ الغرب الإسلامى . 

وكان من سوء طالع الدولة الإسلامية الأندلسية الناشئة أن الأمور صارت إلى عبد الملك 
ابن قطن من بعده» إذ أن عبد الملك كان يمنياً شديد العصبية قليل السياسة فلم تلبث الأمور 
أن ساءت بين يديه » واشتعلت نيران الثورة البربرية فى الأندلس » وأعقبها قدوم طالعة بلج 
من الشاميين إلى الأندلس واحتدام الخصومة بين هؤلاء الشاميين ومن كان فى الأندلس من 





)غ20 182 .ماك .مه : 505 ط اكع 1ام8 
(5؟) - ذقه4 .مم !] كدسسادهُ عل لمتعمعع دمتماكنا ملاوع دمززن : شلاخك 14اعه م0 024لاهم دمأزئى 
.499 


(؟) ابن القطان ء فى البيان المغرب لابن عذارى . ج 7 ص 74 . 
(؟) الرازى فى نفح الطبب للمقرى » ج >" ص ٠ ١١‏ وابن عذارى : البيان المغرب . ج ١‏ ص 59 . 


5 أذفونش بن بطره ( ألفونسو الأول ) 





قدماء الفاتحين والمهاجرين من العرب والبربر الذين يطلق عليهم لفظ « البلديين »» ما جعل 
الأندلس الإسلامى شعلة نار» فهلكت من العرب أعداد كبيرة » وفنيت من اليربر جماعات» 
وعادت جماعات أخرى منهم إلى مواطنها الأولى فى إفريقية » فلم يقف تراجع المسلمين عند 
حدود أشتريس كا رأينا » بل خلت المساحة الواسعة الواقعة بين نبرى المنهو ودويره من 
سكانها المسلمين » وأصبحت أرض فضاء حاجزة بين الدويلة النصرانية فى أقصى الشمال 
والدولة الإشلامية التق أصبحت مد من الشرال خط يبدا من إفراغة عل ستاحل الميحيظ 
الأطلسى ويمتد إلى قورية فطليطلة » ثم يصعد حتى لارده فى ناحية الشرق . ولم يوقف هذا 
التقلص إلا قدوم عبد الرحمن الداخل وإقامته صرح الدولة الأموية فى سنة 4 11ه/ 57/ام. 
-15-أذفونش- وكان من حظ الإمارة النصرانية الناشئة فى نواحى جليقية أن صارت قيادتها 
ابنربطزه 0 بعد فافيلا إلى زعيم قوى نشيط هو أذفونش ( ألفونسو ) الملقب بالأول . ول 
(الفونسوالاول) يكن من بيت بلاى » وإنها كان ابنأ لبطره(26070) دوق كتتيرية » وكان 
أذفونش قد تزوج بنتاً لبلايو تسمى ارمنسندا 81706051208 » وارتقى العرش بعد موت 
فافله » مما يهم منه أن فافله بن بلاى مضى صغيراً دون أن يخلف عقباً 29 . 

تولى أذفونش بن بطره دوق كتتبرية شئون إمارة بلايه الصغيرة فأضاف إليها دوقية 
كتتبرية » فاتسعت حدودها اتساعاً طيباً مكّنها من الخروج من صخرتها القاحلة التى كانت 
حروب عقبة بن الحجاج السلولى قد ألجأتها إليها . 

ويجمع المؤرخون على أن أذفونش الأول كان زعيماً واسع النشاط بعيد المطامع : تولى 
وقد انزاح عن الإمارة النصرانية خطر المسلمين إلى حين » وشغلتهم عنها حروبهم سنوات 
طوالاً » فعجل أذفونش بانتهاز الفرصة » واستغلها أحسن استغلال لصالحه » فلم يخلف 
العرش إلا وهذه الإمارة النصرانية الصغيرة دويلة ذات حدود ومعالم وأسباب من القوة 
تمكنها من الحياة والاستمرار فى التقدم , ولم يستطع المسلمون بعد ذلك القضاء عليها , فلا 
غرابة أن يعتبر الإسبان حكومة أذفونش الأول الميلاد الحقيقى لإسبانيا النصرانية . 

وقد اختلفت اراء المؤرخين فى أعمال بطره كا اختلفت فى بلاى وأعماله » فذهب 
هركولانو إلى أنه لم يكن أكثر من زعيم جماعة من رجال العصابات2"7» وذهب ساموذا إلى 





)0غ( 4 .م .1[.اك.مه : 518105 لم8 
0( .(/آ1 1863 بوه1550آ ) لدع سائمم عل منره]115! : 0ال خآ نا 21550 طلم 18م 


المسلمون يخلون الركن الشمالى الغربى لشبه الجزيرة م5 





أنه كان جرد نباب يباغت المواضع العامرة لينهب ما فيها » دون أن يجد حرجاً فى ذلك210, 
فقد كان أمثاله من القادة يعيشون على السلب فى هذه الأعصر » وربما حرّكته إلى القيام 
ببعض غاراته عوامل دينية . ومهما يكن من أمر فقد كان الرجل صاحب فتوح وحروب ٠‏ 
وقد اقترن عصره باتساع مفاجىء لدولة أشتريس الناشئة أصبحت بعده تسيطر على نحو 
حمس شبه الجزيرة كله » وقد ذهيت المدونات النصرانية ومن تابعها من المؤرخين مذاهب 
شتى فى تفصيل حروبه وفتوحه التى قام بها حتى بلغ بدولته الصغيرة هذا المبلغ0). 

-السلمون الم يكد أذفونش يستقر فى الإمارة ويوطد أمورها بعد اتساعها الجديد حتى 
يخلون الركن وجد البرير الذين كانوا يحتلون نواحى أشتريس وكتتبرية وجليقية وعامة 
الشمالى الغربى ١‏ النواحى التى يسميها صاحب الأخبار المجموعة : خلف الدروب096) 
لشبه الجزيرة 0 ع 

به الجزير هجرون مساكنهم وأوطاءئهم وينحدرون إلى الجنوب ٠»‏ ووجد أن الهجرة 
لا تقتصر على اليربر بل تشمل العرب كذلك » فقد انجفل الذين كانوا يقيمون منهم فى هذه 
النواحى القاصية إلى نواحى وسط الأندلس وجنوبها » وأن الكثيرين منهم هلكوا فى الفتنة 
التى وقعت بينهم . وقد كان انجفال المسلمين - ما بين عرب وبرير - من هذه النواحى 
حادثا خطيرا يصفه صاحب الأخبار المجموعة بقوله : « فقضى أن بربر الأندلس لما بلغهم 
ظهور بربر العدوة على عريها وأهل الطاعة » وثبوا فى أقطار الأندلس فأخرجوا عرب جليقية 
وقتلوهم » وأخرجوا عرب أسترقة والمداين التى خلف الدروب . فلم يرغ ابنَ قطن إلا 
فلهم قد قدم عليه » وانضم عرب الأطراف كلها إلى وسط الأندلس ء إلا ما كان من عرب 
سرقسطة وثغرهم » فإنهم كانوا أكثر من البربر» فلم هج عليهم البربر» فأخرج إليهم عبد 
الملك ( بن قطن) جيوشا فهزموها وقتلوا العرب فى الآفاق»47). وبهذا لم تبق منهم فى هذه 
الناحية بقية » ولم يعد العرب إلى الاستقرار فى « المداين التى خلف الدروب » بعد ذلك» 


)00( . 431-504.م .ات .جره ,5411024 

00( مود 60 .جم 1لء< .اك .مه ,ناعمكمار 

(5) الدروب هى الطرق التى كان المسلمون يسلكونها فى طريقهم من سهول الجنوب والوسط إلى النواحى الساحلية 
العامرة فى أقصى شال الأندلس ء ومعظمها طرق رومانية قديمة بين الحضاب والجبال وأ*مها دربان : هرب شرقى 
من طليطلة إلى وادى الحجارة إلى حوض إبره ٠‏ ثم يسير بمحاذاته ماراً بقلهرة ونخره حتى بتبلونة قهماعمسدم 
ومن ثم يفضى إلى إلبه 4129 والقلاع ه[اتاكة) وأشتريس 185]للهةو4 . ودرب غربى يبدأ من الجوف -[4 !5 
#لامقع ويسير إلى ماردة 146114 وقورية 00113) ثم طلبيرة 13121653 فطليطلة 101630 ومنها إلى سلمتقة -هلدد 
3 وسمورة 23313018 فجليقية . 

(8)الأخبار المجموعة »ص 782 . 


ين هجرة أعداد كبيرة من البربر إلى إفريقية - المجاعة تجتاح شبه الجزيرة 


وكان ذلك آخر عهدهم بها : زالت آثارهم منها على الرغم مما بذلوا من جهد فى فتحها 
والاستقرار فيها » زالوا منها لا على يد القوط أو الإيبيريين الرومانيين بل على يد البربر 
شركائهم فى الدين وحلفائهم فى هذا الفتح الكبير . 

15 شجرة وليت البربر حين) فعلوا ذلك استقروا فى مواضع العرب وأقاموا يعمرون 
أعدادكبيرة من هذه النواحى » بل اتجهت همتهم إلى التجمع فى جيوش والسير إلى الجنوب 
لبربر الىاشريقية للقضاء على العرب جملة » فتحرج مركز العرب ء ولم يجد عبد الملك بن قطن 
شيخ اليمنيين وسيد الأندلس إذ ذاك بداً من الاستعانة ببلج بن بشر ومن معه من الشاميين 
الذين كانوا محصورين فى سبتة لكى يخلصوهم من البربر(17١1ه/‏ ١5/ام)‏ فعبروا ونازلوا 
البربر وانتصروا عليهم فى مواقع حاسمة عند شذونة وعلى مقربة من قرطبة وعلى وادى 
سليط 581200 210 81 ( أوائل 175١ه/‏ منتصف ١4/ام‏ ) وقتلوا منهم أعداداً عظيمة . 
ولم يقتتصر الأمر على ذلك بل تعقبوهم بالأذى والقتل فى نواحى الأندلس كلها « فلم ينج 
منهم إلا الشريد » فركب أهل الشام ولبسوا السلاح » ثم فرّقوا الجيش فى الأندلس » فقتلوا 


البربر حتى أطفأوا جمرتهم»(1). 


147 المجاعة ولما كان البربر هم غالبية من استقر فى نواحى الشمال الغربى للأندلس 
تجتاح شبه الجزيرة وريفها من المسلمين » فقد بدأت هذه الأرياف والمزارع تخلو من العنصر 
الإسلامى » وكانت الحروب بينهم وبين العرب . وبين العرب وأنفسهم قد خربت الزرع 
وحالت بين المزارعين من أهل البلاد » وبين مواصلة عملهم الآمن فى الحقول . فأخحذت 
المحاصيل تقل من منتصف سنة 5 7١ه‏ (١7/5م)‏ » وتوالى ذلك خلال السنوات التالية » 
فلم تحل سنة 177ه / ١‏ هلام حتى شملت الأندلس جميعه المجاعة الكبرى التى أشرنا 
إليها . انضافت مساءاتها إلى مساءات الحروب والمنازعات قَقَلَ العمار فى النواحى وضربت 
المجاعة بجرانها » حتى تقطعت أوصال البلاد » « وكانت البرد قد قطعها الجوع فلا بريد » 
كما يقول صاحب الأخبار المجموعة('2. وهبطت البلاد كلها خلال السنوات التى أعقبت 
هذه الثورة البربرية هبوطاً بالغاً خيف منه على مصير الإسلام فى البلاد جملة . 





(١)الأخبار‏ المجموعة »ص 1٠‏ : 
(؟) الأخبار المجموعة » ص 4ل . 


إخراج ا لملمين من جليقية وما يجاورها - حدود دولة الإسلام تتراجع إلى خجر دويره م 





4 إخراج لم يكن أذفونش وأصحابه يترقبون بخصومهم المسلمين فرصة هى أحسن 
المسلمين من من ذلك ٠‏ فعجلوا بانتهازها » وتشجع من كان فى طاعة المسلمين من أهل 
جليقية وما يجاودها النواحى الشالية من الإيبيريين الرومان فوثبوا بالعرب فى نواحى جليقية 
وما يصاقبها » ويشير إلى ذلك صاحب الأخبار المجموعة إشارة فيها خطأ فى تحديد التواريخ 
ولكنها تصور الحال تصويراً حسناً بقوله : « وغاظ أمر علج يقال له بلاى قد ذكرناه فى أول 
كتابنا » فخرج من الصخرة » وغلب على كورة ( كلمة ناقصة ) واسترس ( خطأ من الناشر 
وصجها اتوي ) تي جراد ساموت ون تابي وعراء اهل أمتورية حنى عاتن أبن 
الخطار وثوابة ٠‏ فلا كان فى سنة ثلاث ولادتين 1 وخا اريم وأخرجهم عن جليقية 

كلها » وتنصّر كل مذبذب فى دينه وضعف عن الخراج ٠‏ ديل من كيل » وصار َنم إلى 
خلف الجبل إلى أستورقة حتى استحكم الجوع » فأخرجوا أيضاً المسلمين عن أستورقة » 
وغيرها » وانضم الناس إلى ما وراء الدرب الآخر وإلى قورية وماردة فى سنة ست وثلاثين 
(54لام) . واشتد الجوع » فخرج أهل الأندلس إلى طنجة وأصيلا وريف البربر مجتازين 
ومرتحلين » وكانت إجازتهم من واد بكورة شذونة يقال له وادى برباط » فخف سكان 
الأندلس وكاد أن يغلب عليهم العدو إلا أن الجوع شملهم7١".‏ مما يُفهم منه أن نصارى 
الأندلس استغلوا الفرصة استغلالاً كاملاً » فلم يدعوا وسيلة يمكنهم أن ينالوا فيها من 
المسلمين إلا ابتدروها » ولو لم تشملهم هم الآخرين المجاعة لكان بلاؤهم فى المسلمين أشد 


هه _حدود2 وتؤيد المراجع النصرانية ذلك با تذكره من الفتوحات التى تنسبها ! 
دولة الإسلام أذفونش بن بطره . وهى لا تذكر أنه وجد هذه النواحى خالية أو شبه خالية 
تتراجع إلى نهر فدخلها ء وإنما تذكر أنه فتحها على المسلمين بحد السيف وانتزعها من 
دويره أيديهم » وهذا خطأ ىا رأينا . وفى نصوص هذه المدونات النصرانية تفصيل لما 
أوجده ساحت الأخبار المجموعة من كول( فأخرحوا أيفا السلمين عن أشتؤزقة وغيرهاة 
لأن ٠‏ غيرها » هذه كانت مدائن كثيرة لا تقل أهمية عن أستورقة مثل افراغه 5258382 
وبورتو0160م00) وفيزيو 7151 والنواحى المحيطة مهذة اليلاد حتى نهر دويره مرعنط!" . 
(١)الأخبار‏ المجموعة »ص 575-5١‏ . 


00( 121 .م !١.‏ .... دعطعرعطءع 5 .10021 
. 185 .ص ا! .... مما : كماع اكطنام8 


52> حدود دولة الإسلام تتراجع إلى نهر دويره 





أما قول صاحب الأخبار المجموعة  :‏ وانسجب المسلمون إلى ما وراء الدرب الآخر » 
فمعناه انسحابهم عبن طريق الدروب الشرقية المفضية إلى حوض ابره وإقليم سرقسطة الذى 
لم تئله المجاعة لخصبه » وقد استطاع المسلمون الثبات أخيرا عند قورية وماردة فى الغرب 
متخلفين وراءهم مراكز هامة مثل ليون600آ وسمورة 2322018 ولدسما 16065208 
وشلمنقة 531312388 وسلدانيا 5210328 وسيانقاس 511022825 وشقوبية 56801/18 
وأبله 410118 وأوكا 068 وأوس) 05508 وميراندا(2 » وكلها مراكز هامة فتحتها الجيورش 
الإسلامية بعد العناء والنصّب وفقدها هؤلاء العرب والبربر يسبب منازعات قبلية عنصرية 
عمياء لا معنى لا . 


وأصبحت حدود الأندلس الإسلامى الشمالية قبيل محىء عبد الرحمن الداخل تبدأ من 
ناحية الشرق عند بنبلونة فى أقصى الشمال الشرقى ثم تنحدر إلى تطيلة على الابره ومنها إلى 
وادى الحجارة إلى الشمال من طليطلة بين حوض الابره والتاجه » ثم طليطلة وطلبيرة ى 
حوض التاجه » ثم قورية وتنتهى الحدود عند قلمرية على ساحل المحيط الأخضر . أى أن 
الأندلس الإسلامى فقد ربع شبه الجزيرة على وجه التقريب قبيل مقدم عبد الرحمن الداخل 
اه 1 هلام) . 

وقد لاحظنا أن مؤرخينا الإسلاميين لا يؤيدون دوزى فى هذا الرأى الذى انتهى إليه من 
أن أذفونش أخذ هذه النواحى دون قتال مع المسلمين وأن هؤلاء انسحبوا منها قبل اقترابه 
منها » وهم يستعملون عبارة « أخرجهم منها » وهى واضحة الدلالة. وتفسير ذلك يسير » 
وهو أن الذين هجروا النواحى بسبب المجاعة وحروب العرب والبربر كانوا جند المسلمين 
ورجال حامياتهم وغالبية المستقرين منهم فى هذه النواحى» وقد بقيت خلف هؤلاء جماعات 
من المسلمين معظمهم من البربر لم يستطيعوا الرحيل وأقاموا فى منازهم خلف الدروب على 
رغم الخطر المحيط » فاستقوى عليهم أذفونش حينم| وجدهم دون حماية وأخرجهم مما كانوا 





0 0 . 123.مباء.مه :20210 
وقد جعل المقرى فتح يعض هذه النواحى فى أوائل أيام عبد الرحمن الداخل وف عهد فرويلة الثانى ابن أذفونش بن 
بطرة » وقال : « وعندما شبغل المسلمون بعبد الرحمن وتمهيد أمره ؛ فوى أمر الجلالقة واستفحل سلطانهم » وعمد فرويلة 
ابن أذفونش ملكهم إلى تغور البلاد فأخرج المسلمين منها وملكها ديم ٠‏ فملك مدينة لكه اطاك وسموره 
وشلمنقة وقشتالة وشقوبية ٠‏ وصارت الجلالقة حتى افتتحها المنصور بن أبى عامر آخر الدولة .. لت الطيب . جاء 
ص 7317) . ولكن إجماع المؤرخبين منعقد على أن هذء امنا يقلت و بدي ارين ا اوطرلئ 
انظر : 185 .م .!1. ناع.م60 : 841155178105 


ما بين تهرى المنهو والدويره منطقة فراغ ه18 





قد استقروا فيه . وقد بقيت من البربر رغم ذلك كله بقية فى بعض النواحى القاصية ٠‏ 
وتكائرت فيها وتركت أسماءها على بعض المواضع فى أقصى نواحى جليقية وأشتريس . 
7-هابين وليس معنى ذلك أن مملكة أشتريس الناشثة اتسعت حتى شملت ذلك كله 
نهرى المنهو ١‏ لأن الواقع أن أذفونش الأول لم يستول بالفعل إلا على النواحى المحيطة 
والدويره منطقة - بأشتريس أى ناحية لُيبّانا وبردوليا 17/350011 وساحل جليقية » وليس من 
فسراغ 0 امؤكد أنه احتل ليون . وأما الباقى وهو المساحة الواسعة الممتدة بين حوضى 
المنهو والتاجه فقكانت فى ذلك الحين أرض فضاء فاصلة بين إسيانيا الإسلامية فى الوسط 
والشرق والجنوب والغرب ودولة أشتريس النصرانية فى أقصى الشمال27. 

وتؤيدنا المراجع النصرانية فى هذا القول لأنها لا تقول أن أذفونش استقر فى هذه البلاد 
الكثيرة التى تعددها » وإنما تكتفى بالقول بأنه خريها وأفقر أريافها تهةه )للاقمرع) 
و7 . 

تذهب التواريخ الإسبانية إلى أن أذفونش الأول حكم عشرين سنة امتدت من 4 ”لام إلى 
/هلام20» ويقرر ابن خلدون أنه لم يحكم إلا ثهانى عشرة سنة ويجعلها من 15ه إلى 
5ه / 0-7601٠لام‏ وهو خطأ ظاهر فى الحساب » والغالب أنه أراد أن يقول ثمانى 
سنوات فقط ء ونظن أن حكومة أذفونش لم تزد على هذه السنوات الثان تبعا للحساب الذى 
قدمناه . وتوف فى أوائل حكم عبد الرحمن الداخل » فكأن) أرادت المقادير أن تتدارك 
المسلمين فى هذا القطر الواسع برجل يعيد إليهم ما فقدوا على يد أذفونش الأول !4). 


)0 185 .م .اك .هه : 851718105 نال84 
١ 20‏ بقلفهنعة5 ممدمكظ : 2150 .81لا لهال( 
2 . 95.م.1 .... معطعمعاعع8 : 20217 


(4) انظر نص ابن خلدون الذى أورده دوزى ذيلاً لأبحائه : 
ااا .م لاا عءنلسوعوجة . أك . مه ,12021 
وإليكِ قائمة ملوك أشتريس الأول وتواريخ حكمهم كا أوردتها المدونات اللاينية مقارنة با أورده ابن خلدون 


(ص.40 من الأبحاث ) : 

- المدوئات اللاتينية ابن خلدون 

بلايى .ملإواع2 ل الا لاتالام 1-14ه/١”ا-١هلام‏ 
فافلة 112له؟آ ال لاسرا +م1-هماه/ 8-١‏ ولام 
أذفونش .بن يطرة 1 مكه10 اح .4/ا-لإه لام اهم 07لا كلام 
فرويلة بن أذفونش 89118 /ذه/ا-64لام 25-47 اهم اكلام 
أورال بن فرويلة متاعينية 184لا- ,4لالام 04-15 1اه/14!-هلالام 
شيلونت 51105 لالت ملام مها مااه/ لال - 40 لام 


مورقاط 843105652)05 لم104 ملام 4١-ه/ااه/‏ مولا كولام 


54 آراء المؤرخين فى أذفونش 





“6آراء 2 وقد الختلفت أحكام المؤرخين الإسبان على أذفونش الأول » فمن قائل إنه لم 
المؤرخين ق- يكن إلا رئيس عصابات يفجأ مها الأماكن الآمنة العامرة ويخربها » ومن قائل إنه 
أذفونش | يكن يرمى من وراء هذا الجهد كله إلا إلى السلب والنهب , ومن قائل إنه كان 
يسعى واعياً إلى استرجاع إسبانيا من المسلمين . وربم| كان أصح الآراء فيه أنه كان يغاور كل 
من جاوره طمعاً فى الغنائم التى لم يكن ليستطيع تسيير أموره فى دولته بدونها » وطمعاً فى 
توسيع رقعة نملكته الصغيرة . 

أما القول بأنه كان يسعى لاسترجاع البلاد من المسلمين فمبالغة فى التقدير لا يؤيدها 
الواقع » لأن الرجل كان يغاور جيرانه النصارى وينزل بهم من البلاء أشد مما أنزل 
بالمسلمين » ثم إنه - آخر الأمر - لم يلق المسلمين فى موقعة واحدة ولم يفكر فى السير إلى 
نواحيهم » وإنما اقتصرت جهوده على النواحى الخالية التى لم يكن ليتوقع فيها مقاومة . ثم 
إنه لم يحتل من البلاد التى خلت من أهلها المسلمين إلا ما ذكرنا من نواحى أشتريس وليبانا 
وبردوليا » أما الباقى فقد قام بإخراج بقية المسلمين منه أهل البلاد من الإيبيريين الرومان » 
بعد أن أخرج المسلمون أنفسهم بأنفسهم منها . 

ومهما يكن من الأمر فقد انتقلت دولة النصارى فى الشمال فى عصره من طور إلى طور : 
اتسعت حدودها واطمأنت أمورها وابتعد عنها الخطر الإسلامى . فأتيحت لما الفرصة 
للتكؤّن والسير نحو القوة » وأصبحت نواة صلبة لن يستطيع المسلمون القضاء عليها بعد 
ذلك » بعد أن كانت قد قاربت الزوال خلال ولاية عقبة بن الحجاج السلولى » قبيل الثورة 
البربرية المشئومة . 

إلى هنا نقف بهذه القطعة من تاريخ الولايات النصرانية الشمالية خلال عصر الولاة » بعد 
أن حددنا الوضع السياسى العام فى شبه الجزيرة الإيبيرية فى مطالع الإمارة الأموية الأندلسية 
على يد صقر قريش . 


المجتمع الأندأسى 


)١(‏ العرب والبْربّر وَالموالى 





طالعة موسى ك5 


ذافك فثزة الولاة مكة :وأربعين عاماً عجوياً » تبدأ من رجن شنة ؟كه( إبريل امايو 
عا رحبي قن الفافر من ذى الحجة سنة 78١ه‏ ( ٠١‏ مايو سنة 05/ام) وهو اليوم 
الذى اعلنت فيه إمارة عبد الرحمن بن معاوية الداخل على الأندلس جميعه وولدت فيه 
الم راتحت الحادة باد ور الرر حون إل هده القترة عل أنها 

فترة تمهيد قصيرة لا أهمية ها فى تاريخ الأندلس الإسلامى . بل نظر إليها بعض المؤرخين 
على أنها فترة عايرة أنفقها العرب فى منازعات قبلية وعبث لا طائل تحته. ولعلنا رأينا فيها مر 
بنا من أحداثها أنها أهم من أن ينظر إليها هذا النظر السطحى . لأن ما عبر بها من الأحداث 
كان له من النتائج البعيدة ما سنلاحظ أثره فى كل دور من أدوار تاريخ المسلمين فى شبه 
الجزيرة الأندلسية بعد ذلك . 

فقد قام المسلمون خلال هذه الفترة بأعظم جهود حربية قاموا بها فيها وراء اليرتات 
خلال تاريخهم الطويل » ووضعت فى أثنائها أسس النظم الإدارية والمالية التى ستجرى 
الأمور بمقتضاها حتى قيام الخلافة الأموية على يد عبد الرحمن الناصر فى أواخر سنة 
7ه ( أوائل سنة 414م) » وفى خلاها أيضا ولدت الولايات النصرانية الإسبانية فى 
شهالى غربى الجزيرة وشهالها » ونشأت كذلك عداوة العرب والبربر » وكلها ظواهر تاريخية 
ذات آثار ومضاعفات تاريخية دائمة . وقد عرضنا هذه الظاهرات كلاً على حدة بحسب ما 
اقتضاه المقام » وبقى أن نلقى نظرة عامة على الفترة كلها , لنكوّن لأنفسنا فكرة صحيحة عن 
الأندلس الإسلامى فى فجر تاريخه . 


أ-العرب 


و2 دخل العرب الأندلس على هيئة تيار متصل لم تسجل المراجع من موجاته 
موسى ا ا ل من العرب الذين 
دخلوا الأندلس . وأول هذه الطوالع طالعة موسى'١‏ ؛.لأن اليش الذى أقبل مع طارق د 





(١)المقرى‏ : نفح » جا ص 2١15-١14١‏ 


0 طالعة بلج - البلديون 


يكن يضم إلا طائفة قليلة من العرب » ورجاله على هذا لا يسمون بطالعة طارق . كانت 
طالعة موسى تضم نحو اثنى عشر ألفاً من العرب » معظمهم من القيسية واليمنية وموالى 
بنى أمية ومن حق هذه الطوائف الثلاث من البربر المنتمين إلى موسى بن نصير » وقد كانوا 
فى حكم العرب رغم أصلهم البربرى . 

وقد استقرت هذه الطوائف فى كل ناحية على طول الطريق الذى سار فيه موسى » أى 
فى نواحى الجزيرة الخضراء وإشبيلية وسرقسطة وبعض نواح متفرقة فى أقصى الشمال 
والشمال الغربى » فيا تسميه المراجع « ما وراء الدروب » . والأدلة كثيرة عن أن معظم 
اليمنيين استقروا فى ناحية سرقسطة » وتنائرت جماعات منهم فى قرطبة وحواليها وفى إقليم 
إشبيلية ومرسية » وكان القيسيون قلة فى هذه الطالعة استقر معظمهم فى نواحى الجنوب . 

وحينا أقبل الحر بن يوسف الثقفى إلى الأندلس فى ذى الحجة سنة /141ه (أغسطس 
سنة 17لام) استصحب معه أربعائة من ١‏ وجوه أهل إفريقية » » ويبدو أنهم كانوا نخبة 
عربية ممتازة لأن صاحب فتح الأندلس يصفهم بأنهم كانوا « أول طوالع الأندلس 
المعدودين » » ولما كان معظم عرب إفريقية من اليمنيين » فإننا نستطيع أن نقول إن معظم 
هذه الطالعة كانوا من اليمنيين » ولما كان الحر قد قدم مهم ليشدوا أزره فقد أقاموا فى قرطبة 
وما و11 
02000 وأهم هذه الطوالع - بعد طالعة موسى - هى طالعة بلج بن بشر القيسى فى 

بلح ذى القعدة سنة 77١ه(‏ يناير سنة ١1/4م)‏ الذين نجوا من مذبحة العرب فى 
موقعة الأشراف » ولجأوا إلى سبتة وتحصنوا بها حتى عبروا إلى الأندلس فى ولاية عبد الملك 
ابن قطن الفهرى الثانية على ما فصلناه » وكان عدد هذه الطالعة يقارب العشرة الاف 
غالبيتهم العظمى من القيسيين . 
ولما كان أهل الطوالع السابقة على طالعة بلج قد استقروا فى البلاد وتقسموا 
خير نواحيها فقد كانوا يعتبرون أنفسهم أهل البلد وأصحابها » وتسموا 
بالبلديين وكرهوا أن يقبل إليهم مثل هذا العدد العظيم من الشاميين ويقاسمهم خيرات 
البلد بل يحاول أن يغلبهم عليها » فنفروا من هجرتهم وانبروا ينازعونهم السيادة على البلاد . 


٠6‏ - البلديون 





. فتح الأندلس » ص37‎ )١( 


الشاميون - النزاع بين البلديين والشاميين 54١‏ 


ومن تاريخ نزول بلج وجماعته القيسية بدأ النزاع بين اليمنية والقيسية فى 
الأندلس » لأن الأقلية القيسية التى كانت هناك لم تلبث أن انضمت إلى 
القيسية المقبلة بنازعة العصبية القبلية » وقد أظهرت هذه الجاعة القيسية من الشجاعة 
والنجدة ما مكنها من القضاء على ثورة البربر فى زمن قليل ٠‏ فارتفعت بمقدمهم أسهم 
القيسيين وبدأ الصراع المحزن بين جذمى العرب الكبيرين » واحتدمت نيران هذا الصراع 
بينهما خلال ولايتى بلج وثعلبة بن سلامة العامل ( ذو القعدة “١ه‏ / يناير ١‏ لام إلى 
رجب 5؟1١ه‏ / مايو 47/ام) لأن بلجا وثعلبة كانا من أعنف القيسيين . 


انتزع بلج ومن معه من الشامية الولاية من اليمنيين » وما زالوا بشيخ الأندلس إذ ذاك - 
عبد الملك بن قطن - حتى تخلصوا منه . ولم يكن عبد الملك يمنيا صرفا بل كان فهريا يتتعسب 
إلى مضَر » ولكنه كان يمثل البلديين » فما زال الشاميون برئيسهم حتى قتله . ولما كان عبد 
الملك يمثل زعامة البلديين - ومعظمهم يمنيون - فقد ثارت اليمن على كلمة واحدة فى كل 
ناحية يقودهم عبد الرحمن بن علقمة اللخمى «صاحب أربونة» أى حاكم الثغر الأعلى 
(إقليم سرقسطة وما يليه شمالاً حتى أربونة) وأمية وقطن ابنا عبد الملك بن قطن فى ناحية 
ماردة . 


0- الشاميون 


« . وحشدوا من أقصى أربونة وراجعوا أهل البلد والبربر وسيوفهم تقطر من دماء 
البربر ٠‏ فرضيت البربر أن تنال ثأرها من أهل الشام » فإذا فرغوا كان هم فى أهل البلد 
رأى21(2 » وانضمت إليهم جماعة قليلة من اليمنيين كانت فى جيش بلج يتزعمها عبد الرحمن 
ابن حبيب رأس العرب البلديين فى إفريقية فيا بعد » ونهضت هذه الجماعة كلها لتحارب 
القيسيين الدخلاء لتستعيد منهم الزعامة ولتخرجهم من البلاد جملة . 
16 - التزاع وقد احتدم الصراع بين العرب فى شبه الجزيرة » وينبغى أن ننبه إلى أمر هام ٠‏ 
بين البلديين- هو أن ما تلا ذلك من أدوار الصراع بين العرب لم يكن فى حقيقة الأمر صراعا 
باصن خالصاً بين كلب وقيس بقدر ما كان صراعاً بين عرب الأندلس القدماء 
(البلديين ) والعرب الدخلاء الذين أخذوا يُعرفون من ذلك الحين بالشآميين » وهى تسمية 
دقيقة تدلنا على أنهم لم يكونوا قيسيين خالصين » بل كانت فيهم قلة يمنية » بل سيتطور وجه 
النزاع بعد قليل » ولن يصبح مجرد صراع بين البلديين والشآميين بل صراعاً بين حزبين 


. الأخبار المجموعة . ص47‎ )١( 


54 سيادة الشاميين على الأندلس وأثرها 


كبيرين غالبية الأول من القيسية وغالبية الثانى من الكلبية » وتنضم إلى كل من الحزبين 
جماعات من طوائف متفرقة من العرب يل بها مصاحها الخاصة إلى هذا الحزب أو ذاك . 

وقد بلغ هذا الصراع بين هذين الحزبين الكبيرين أقصاه فى شوال سنة 54؟1١ه‏ / 
أغسطس سنة ”47 لام » حين) التقى رجالما فى موقعة أقوة برطورة التى انتصر الشأميون فيها 
انتصاراً حاسياً وصارت إليهم قيادة الأندلس من ذلك الحين إلى قيام الدولة الأموية » ول 
يرفع البلديون رأسهم من جديد إلا بفضل عبد الرحمن الداخل وقيام دولته بعد ذلك بأربع 
عشرة سنة . ولما كانت غالبية الشاميين قيسية » فإن هذه الفترة كلها تعتير فترة سيادة القيسية 
على الأندلس . 
و2 ولير الأندلس فترة هى أسوأ من هذه قبل وقوع الأزمة الكبرى التى تعرض 
الشاميين على أمر الإسلام خلالها للضياع مدى إمارات محمد والمنذر وعبد الله » لأن 
الداعو3 33 .بور ورين إرقندو) البلنةنارا وتكزوا نزق اهلها ورك نتن التقلقل وال فظرانن 
لا سبب لا فى الواقع إلا ما جيل عليه القيسيون من ميل إلى الفوضى واستهانة بالدماء 
وإسراف فى الخصومة . 

وقد بدأت هذه الفترة المظلمة بولاية ثعلبة بن سلامة العامل ( شوال 5؟١١ه‏ / 
أغسطس ”47/م) » فقد كان قيسياً جافياً غليظاً لا تكاد تخالط خلقه رحمة أو رفق » وما رواه 
المؤرخون من أفاعيله هذه السوق التى أقامها عند « المصارة » لبيع أعدائه من العرب 
المغلوبين فى موقعة أقوة برطورة » فيقول صاحب الأخبار المجموعة : «ولقد بلغنا أنه باع 
أشياخهم لمن ينقص بهم » لقد قيل إنه صاح على ابن الحسن -- رجل كان بالأندلس من أهل 
المدينة - وعلى الحرث بن أسد - من جهينة من أهل المدينة - فقال: من يخسر على هذين 
الشيخين ؟! فقال قائل : أحدهما عندى بعشرة دنانير ! فقال الصائح : من ينقص ؟ فلم يزل 
يصيح : من ينقص ؟ حتى باع أحدهما بكلب والآخر بعود ..2 217 . 

وم ينقذ البلديين - واليمنيين خاصة - إلا قدوم أبى الخطار الحسام بن ضرار الكلبى 
واليآ من قِبّل حنظلة بن صفوان عامل إفريقية » وكان الناس قد استغاثوا به وكتبوا إليه 
يقولون : ١‏ أعنا يوال يجمعنا ويأخذ بيعتنا له ولأمير المؤمنين » حتى يصير الشام والبلدان 
على دعوة واحدة » فقد أفنانا القعل وخفنا العدو على ذرارينا » . فوصل أيو الخطار فى 


تفريق الشآمية فى النواحى - خصومة القيسية واليمنية تعود 1 





اللحظة المناسبة » وأنقذ اليمنيين من الذل والفناء » ورضيه عرب الأندلس جميعاً » ولهذا 
يسمى عسكره عسكر العافية 29 . ْ 
4 - تفريق وقد بدأ أبو الخطار بدءاً طيباً » وأراد أن يستعين بآراء قوم ليسوا من 
الشآمية ف النواحى اليمنية ولا من القيسية » فاستشار أرطباس شيخ أهل الذمة . وكان رجلاً 
عاقلاً مجرباً )ا سيجىء , فأشار عليه بتفريق الشاميين فى النواحى » لأن بقاءهم إلى جواره فى 
العاصمة وضواحيها خطر على الحاكم والمحكومين » فعمل على تفريقهم فى الكور التى لم 
يكن فيها من البلديين أحد ء وأنزهم فى هذه النواحى مع أصحابها من أهل الذمة » على أن 
لأنه اضطر إلى إخراج ثلائة من زعمائهم من البلاد هم : ثعلبة بن سلامة العام » والوقاص 
ابن عبد العزيز الكنانى » وعثمان بن أبى نسعة الخثعمى » لأنهم كانوا سبب فساد الأندلس ء 
ووكل بهم من أخرجهم من البلاد(" . وأبى الباقون منهم بعد ذلك إطاعة أمره » فلم يزل 
أبو الخطار يلاطفهم حتى استأمنوا إليه وأقاموا معه » وتوسع لهم ف البلادء فأنزل كل قوم 
على قدر منازهم فى الشرق 29 . 

وقد فرّقهم أبو الخطار على الكور على أساس لطيف : تخير لكل قوم ناحية تشبه من 
حيث المناظر والبيئة المحيطة بها الناحية التى أتوا منها من الشرق على النظام التالى: 

جند مصر : فى كورة أكشونبة وباجه وبعض نواحى كورة تدمير . 

جند الأردن : فى كورة ريه . 

جند دمشق : فى كورة البيرة . 

جند قنسرين : فى كورة جيان . 
ولو قد استمر أبو الخطار على هذه السيرة لدام السلام وعاد إلى البلاد 


1 خصومة‎ - ١6 
القيسية واليمنية هدوؤهاء ولكن أبا الخطار لم يلبث أن نبض فيه عرق اليمنية » فهال إلى قومه‎ 
تعود وحاباهم وأخذ يعسف القيسيين » وكان من سوء حظه أن كان بين هؤلاء‎ 

. 45 الأخبار المجموعة .ص‎ )١( 


(5) ابن القوطية : افتاح» ص 3١‏ . 
(5) فتح الأندلس » ص56" . 


5 تحول الصراع من القبلية إلى الحزبية 


القيسيين رجل من طراز الصميل بن حاتم الذى أشرنا إليه » وكان بدوياً جلفاً من جند 
قنسرين » وكانت إليه زعامة القيسية بعد إخراج زعمائهم الآخرين » وبلغ من سلطانه على 
قومه أنهم كانوا يطيعونه فى كل ما يريد دون أن يسألوه السبب ودون أن تكون هناك حاجة 
ظاهرة إلى ذلك. فلم يلبث أن تصدى لأبى الخطار » وذهب إليه مرة يشكو إليه أمرأ الحق 
بيمنى » فتعمد أبو الخطار الإسراف ف إهانته فلُكز وشّتم » فخرج عنه » فأتى داره » وبعث 
إلى خيار قومه » فشكا إليهم ما لقى » فقالوا له : نحن لك تبع ..(3) . 

هكذا ثارت نيران العصبية مرة أخرى : أثارها أبو الخطار بسوء سياسته والصميل بعنفه 
وبداوته وجهله » وانقسمت البلاد حزبين من جديد » وثارت بينهما حرب مخربة لم ينقذ 
مصير الإسلام فى الأندلس منها إلا قدوم عبد الرحمن بن معاوية . 
تين لم يكن هذان الحزبان الجديدان هما المضريين والقيسيين ى! كان الحال قبل 
الصراع من القبلية قدوم طالعة بلج » ولم يكونا كذلك البلديين والشاميين كا كان الحال منذ 

01 بيوغون باع إلى تسريه ابن انان نيل تكرنا مو عا عن به القبائل الت 
بين عناصر كل منهما عوامل المصلحة وحب البقاء : ذلك أن أبا الخطار لم يعسف القيسيين 
كلهم » فبقيت منهم جماعة إلى جانبه تؤيده » ولم ينصف اليمنيين كلهم فانضمت جماعة منهم 
إلى الصميل » ولا نستطيع أن نسمى هذين الحزبين إلا بحزب أبى الخطار وحزب الصميل » 
وإن كانت اليمنية أغلب على الأول » والقيسية أغلب عل الثانى . وإليك التكوين القبلى 
لكل من الحزبين - على قدر ما تعيننا المراجع على تصوره : 


حزب أبى الخطار حزب الصميل 
طوائف من : جذام ( يمن ) معظم قبائل : لخم ( يمن ) 
فهر (عدنان) جذام ( يمن ) 
قضاعة قيس ( عدنان ) 
جند حمص ( خليط ) غطفان ( قضاعة) 9) 





. الأخبار المجموعة .ص08‎ )١( 

)١(‏ جاء فى الأخبار المجموعة أن الصميل بن حاتم عندما قرر تخاصمة أبى الخطار قال لقومه : ٠‏ والله ما أحب أن 
أعرضهم للقضاعية واليهانية » ولكن اللطف ندعو بالله مرج راهط ‏ وندعو لخ) وجذاما ؛ وندخل منهم رجلا نقدمه 
يكون له الاسم ولنا الخط . قال : فكتبوا إلى ثوابة بن سلمة الجذامى وكان من أهل فلسطين , ثم ساروا حتى وفدوا 
عليه فأجابهم » وأجابتهم لخم وجذام ...4 (صةه - 51) . - 


تحول الصراع من القبلية إلى الحزبية 3 


أى أن الأمر لم يعد عصبية قبلية بل عصبية حزبية » وربما عصبية موطن . فسنرى عند 
بياننا لمنازل القبائل العربية فى شبه الجزيرة أن هذه الجماعات التى تالفت كانت متجاورة 
المواضع . ولا يعزى انضواء بعض جند حمص إلى حزب أبى الخطار إلا إلى أن إقليم مص 
الذى كانوا فيه » وهو إقليم إشبيلية » كان يضم مواطن القبائل التى انضموا إليها . 

وقد رشح الصميل بن حاتم » وهو قيسى » لرياسة حزبه رجلاً من جذام » أى من 
اليمن . هو ثوابة بن سلامة الجذامى » وهو ما كان ليفعل ذلك إلا وقد تبين أن معظم 
المنضوين تحت رايته كانوا من اليمن . ثم إننا نستنتج من قبول القيسية الذين كانوا مع 
الصميل لذلك الوضع أن العصبية القبلية لم تعد المحرك الرئيسى لجماعات العرب » بل 
عصبية المصلحة والموطن . أى العصبية السياسية . وقد كان الصميل نفسه رجل سياسة 
ودهاء قبل أن يكون رجل قبائل : كان رجلاً واقعياً لا يؤمن إلا با ينفعه » ورب| كان خلقه 
هذا هو الذى أخرج الصراع من الميدان القبلى الصرف إلى ميدان السياسة والمصالح . 

وتوللى حزب الصميل الحكم » وقام ثوابة بن سلامة بالأمر» ولم تطل مدة ولايته أكثر من 
عام , وكاد الانشقاق يقع فى صفوف الحزب » إذ تنازع الرياسة عمرو بن ثوابة ويحبى بن 
حريث ٠»‏ ولكن الصميل تدارك الأمر بذكائه واختار رجلاً من محارب بن فهر » أى من 
قريش الظواهر » وكانت بطون قريش الظواهر كلها أشبه بالمحايدة بين عرب الشهال وعرب 
الجنوب . فكان اختيار الصميل لهذا المحاربى - وهو يوسف الفهرى - حسما للتزاع 
وإرضاء للفريقين . ودليلاً على مهارته السياسية . 

ومن دلائل غلبة الروح السياسية على عرب الأندلس خلال هذه الفترة الأخيرة من 
عصر الولاة أن الذين تحركوا لاستنقاذ أبى الخطار من سجنه لم يكونوا أهله من اليمن » بل 
كانوا من قضاعة » وقضاعة على ما نعرف مشكوك فى موضعها من عدنان وقحطان» 
فبعضهم يجعلها من العدنانية وبعضهم يجعلها من القحطانية » وإن كان الأخيرون أكثر : 
قامت جماعة من القضاعية قوامها مائنا راجل وأربعون فارساً واختطفوا أبا الخطار وفروا به 
إلى منازل بعض القبائل اليمنية بناحية إِشْبِيلية . 

وكان يقود أولئك القضاعيين عبد الرحمن بن نعيم الكلبى ( يمن ) فبدأ حزب أبى 


وانظر تعليق دوزى على هذا الوضع : 
7 -175 .مم [ .عمعدمءط نل كصدص ا سكسك . 07 1202 


541 تكائر العرب فى الأندلس 


الخطار ينهض من جديد . واشتد ساعده عندما أخطأ الصميل فعزل يحيى بن حريث شيخ 
لخم عن كورة ريه . فنفر يحيى بن حريث ومن تابعه من لخم وانضموا إلى حزب أبى الخطار. 
وشيئاً فشيئاً انفصلت بقية القبائل اليمنية التى كانت فى حزب الصميل وانضمت إلى أبى 
الخطار » فلم يبق مع الصميل إلا قيس . وهكذا وقف قيس وكلب مرة أخرى وجهاً لوجه » 
وهوى عرب الأندلس إلى دَرَك النزاع القبلى الخالص من جديد » وانضم البلديون - 
ومعظمهم من يمن - إلى الكلبية حزب أبى الخطار » ووقف اليمنيون فى جانب والقيسيون 
فى جانب على النحو التالى : 

اليمنيون يرأسهم ابن حريث 

حمير + كندة + مذحج + قضاعة 

القيسيون يرأسهم يوسف الفهرى والصميل 


ومن غريب ما وقع أن أهل بعض القبائل المتجاورين الذين عاشوا إلى ذلك الحين فى 
سلام ووثام » جعل بعضهم يودع بعضاً ثم يخرج كل منهم ليأخذ مكانه فى صفوف الجبهة 
التى سيقاتل فيها دون أن تكون لديه أى دوافع خاصة لهذا الخروج . وليس أنصع من هذا 
دليلاً على أن العرب ظلوا ؛ رغم الإسلام ورغم ما نالوا من خبرة » بدواً جاهليين فى أعماق 
نفوسهم لا يكاد اختلاف الأحوال والظروف يغير من طبعهم الأصيل شيئاً 9" . 

وقد سدر العرب فى هذا الصراع وكأنهم كانوا يعيشون وحدهم فى ذلك القطرء أو كأن 
جماعاتهم فيه بلغت من الكثرة بحيث غطت على ما عداها . ولكن الواقع - وهذا أغرب ما 
فى الموضوع - أنهم لم يكونوا إلا قلة بالنسبة لبقية سكان الجزيرة . وعلينا أن ندرس الآن 
توزيع القبائل العربية فى شبه الجزيرة فى هذه الفترة » فلعل ذلك يعيننا على تفهّم ذلك الوضع 
الذى يبدو من الغرابة بمكان . 

بوىيمر2 وإذا أخذنا بالمعلومات القليلة التى لدينا عن أعداد العرب الذين نزلوا 
العصربق2 الجزيرة لم نستطع أن نقدرهم إلا ببضعة آلاف : فقد كانت طالعة موسى تضم 
لأندلس ١١ ١‏ ألفاً وطالعة بلج ٠١‏ آلاف واصطحب الحر بن عبد الرحمن الثقفى معه 


(١)الأخبار‏ المجموعة » صلهة -04 . 


تكائر العرب فى الأندلس 3201 





أربعمائة ومجموع هؤلاء 551٠٠‏ . فإذا افترضنا أن بضعة آلاف آخرين دخلوا الجزيرة فرادى 
أو جماعات لم نستطع تقدير أعداد من دخلوا الجزيرة من صرحاء العرب بأكثر من ثلاثين 
ألفاً . فإذا حسبنا من قُتلوا فى حروب العصبيات ومن استشهدوا فى الفتوح وراء البرت تبينا 
أن بقية هذا العدد القليل لا يمكن أن تغمر شبه الجزيرة الواسع على هذه الصورة التى 
رأيناها . 

بيد أننا ينبغى أن نلاحظ أن جميع العرب الذين دخلوا الجزيرة دخلوها رجالاً بدون 
نساء ء ثم اتخذوا النساء من أهل البلاد » وقد توسعوا فى ذلك » فكثرت نساؤهم وكثر عيالهم 
أيضاً . ولكى نعطى القارىء فكرة عن خصوبة أولئك الداخلين نذكر جانباً من نسل عبد 
الرحمن الداخل وبنيه » وقد أحصاهم ابن حزم فى جمهرة أنساب العرب . وقد اخترناهم 
لأخهم الوحيدون الذين لدينا إحصاء بالأرقام عنهم وعن أولادهم وأعقابهم » وينبغى أن 
نلاحظ أن ابن حزم لم يذكر إلا الظاهرين من بنى أمية » أى أنه ترك الخاملين » والخاملون فى 
العادة أكثر أولادا» وقد ترك كذلك ذكر الخلف من الإناث فى الغالب . 

أعقب عبد الرحمن بن معاوية سبعة ذكور » وهشام ابنه ستة » والحكم الربضى ثيانية 
عشر ء وعبد الرحمن الأوسط مائة ولدء منهم خسون ذكراً وخمسون أنثى . والأمير محمد 
نيفاً وثلاثين ذكراً» والأمير عبد الله أحد عشر ذكراً » وعبد الرحمن الناصر أحد عشر ذكراً... 
إلى آخره 200 , 

01 
ذكراً » أى بمتوسط ١4‏ ولداً للواحد » وذلك غير البنات . وإذا اعتبرنا هذا العدد أعلى من 
الطبيعى » لأن عبد الرحمن الأوسط أخل بالتوازن الطبيعى وجاوز الحد المألوف » أمكننا 
الاجتزاء من ذلك العدد بعشرة لكل شخص ء وأمكننا أيضاً أن نطبق نسبة التكاثر هذه على 
بقية العرب »ء فقد كانوا جميعاً فى سعة من النساء والعيش فى ذلك البلد الطيب الرخى . 

ومعنى ذلك أن أولثك الثلاثين ألفاً من العرب أصبحوا بعد عشرين سنة من دخول 
العرب الجزيرة ٠٠١‏ ألف . غير من انضم أو انتسب إليهم من مواليهم تمن أتى معهم من 
المشرق أو المغرب أو انضم إليهم من أهل البلاد . 


(1) ابن حزم : جمهرة أنساب العرب ( طبعة بروفتسال.ء القاهرة ,)١5144‏ ص18 - 45 . 


11 مراجعنا عن منازل العرب بالأندلس 





وهذا التقدير لا يحل تلك المعضلة التاريخية حلاً تاماً » ولكنه يجعلها أقرب إلى المعقول 
والممكن ..ورن)ا ؤادت وضوحاً إذا ذكرنا أن الغزت اننخرواق شبه الجريرة انتخارا اسع 
بحيث لم تخل منهم ناحية من نواحى الشرق ( من شاله إلى جنوبه » والجنوب والوسط 
والغرب حتى نواحى قلمرية وشنترين وأشبونة . وقد كان العرب » رغم ما رأيناه فيهم من 
العنف فى خصوماتهم بين بعضهم البعض ورغم اعتزازهم بعصبهم العربى قوماً يحسنون 
العشرة » بعيدين » كأفراد أو جماعات صغيرة . عن نزعات السيادة والتعالى التى تمسك بها 
من سبقهم من الرومان والقوط . 

ثم إن مطامعهم فى أموال أهل البلاد المفتوحة كانت قليلة » وسنرى عند دراستنا للناحية 
المالية » أن الإدارة العربية لم تكلف أهل البلاد شيئاً ثقيلاً . ومن ثم فقد كان العرب لا يحلون 
فى ناحية من نواحى الأندلس حتى تتصل العلاقات بينهم وبين من حولم من أهل البلاد» 
خاصة وأن العرب كانوا يعاهدونهم ويرتبطون معهم بأواصر القربى » أى أنهم لم يكونوا 
سادة أو حكاماً بقدر ما كانوا مساكنين أو معايشين » فأمن إليهم الناس وأقبلوا عليهم . 
واختلطوا الحيّان » وبدا وكأن العرب أكثر من عددهم الحقيقى . 
مه مربين 2 ولدينا عن منازل العرب فى شبه الجزيرة معلومات طيبة فى معظم ما لدينا من 
عن منازل العرب المراجع » وقد أورد المقرى فى نفح الطيب صفحات من «فرحة الأنفس » 
لد المحمد بن أيوب بن غالب الغرناطى من أهل القرن السادس الهجرى » 
وأورد أبو محمد على بن حزم فى تضاعيف ١‏ جمهرة أنساب العرب » معلومات وبيانات 
مستفيضة عن منازل العرب ف الأندلس » نستطيع إذا نحن جمعناها وأضفنا إليها ما لدينا من 
بيانات ابن غالب وغيره أن نحدد منازل العرب فى شىء كثير من الدقة » بل نستطيع أن 
نرسم خريطة ديموجرافية لعرب الأندلس . 

ومن الواضح أن معلومات ابن حزم وابن غالب لا تنصبٌ فقط على الفترة التى 
ندرسها » وأن بعض من ذكرا من العرب دخلوا الجزيرة فيما بعد » وخاصة أيام عبد الرحمن 
الداخل وابنه هشام الرضى » ولكننا نستطيع الأخذ بها دون التعرض لخطأ كثير » لأن الذين 
دخلوا الأندلس بعد فترة الولاة لا يمكن أن يكونوا إلا شيئاً ضئيلاً بالنسبة لمن دخلوها فى 
تلك الفترة . ثم إن الداخلين أيام الإمارة الآموية كانوا يفدون فرادى أو فى جماعات صغيرة» 
وكانوا فى الغالب ينزلون قرطبة أو يقصدون أهل قبائلهم فى النواحى» أى : أن دخوهم لم 


التحطانيون 53 


يغير الوضع العام » وفى إمكاننا أن نعتمد على تفصيلات ابن حزم وابن غالب فى شىء كثير 
من الاطمئنان . 


وواضح مما بين أيدينا من النصوص أن جماعات العرب التى دخلت الأندلس كانت 
تضم أعداداً طيبة من فحول العرب ممن يمثلون الخصال الرئيسية الأصيلة لهذا الجنس خير 
تمثيل . وسواء نظرنا إلى الأعمال الإيجابية كعملية الفتح نفسها ومواصلة الفتوح فيها وراء 
الأندلس » أو إلى النشاط السلبى كحروب العصبية ومنافسات الرياسة » فإننا نتبين هذه 
الفحولة العربية بصورة لا نجدها فيها يشبه الأندلس من حيث الوضع العام ما فتحه 
المسلمون من البلاد . وقد أشار إلى ذلك المقرى بقوله : «فاعلم أنه لما استقر قدم أهل 
الإسلام بالأندلس وتتام فتحها صرف أهل الشام وغيرهم من العرب هممهم إلى الحلول 
بباء فنزل بها من « جراثيم » العرب وساداتهم جماعة أورثوها أعقاءهم . إلى أن كان من 
أمرهم ما كان 2 2١١‏ .... والمراد ب الجرائيم » هنا الأصول . 


ويتفق ابن حزم وابن غالب وابن سعيد على أن هؤلاء الأعقاب الذين يشير إليهم المقرى 
كانوا كثيرين , وأن هذه الكثرة لم تقتصر على فريق دون فريق : ففى الحديث عن المنتسبين إلى 
محارب بن فهر ( من قريش الظواهر ) يقول ابن حزم - برواية المقرى - : «وهم بالأندلس 
عدد وثروة » وأما التسبوة إلى عدوع كان فكني» ويلين و للطلة وأغوا 00 :وق 
الحديث عن تميم ( مضر ) يقول ابن غالب : « !نهم خلق كثير بالأندلس © 7( . وهكذا الأمر 
مع معظم القبائل التى يذكرها أولئك المؤرخون . 
وقد كانت جماعات اليمنية تفوق العدنانية كثرة عدد وسعة أقاليم » قال 
المقرى فى الكلام عن القحطانية : « وهم الأكثر فى الأندلس » والملك 
فيهم أرسخ إلا ما كان من خلفاء بنى أمية » فإن القرشية قدمتهم على الفرقتين...»9؟2. 
ويقول ابن غالب : ١‏ ومن الأزد من ينتسب إلى الأنصار على العموم . وهم الجم الغفير 
بالأندلس . قال ابن سعيد : والعجيب أنك تعدم هذا النسب بالمدينة » وتجد منه بالأندلس 
ما يشذ عن العدد كثرة . ولقد أخبرنى من سأل عن هذا النسب بالمدينة فلم يجد إلا شيخا 


4 - القحطانيون 


(١)المقرى‏ : نفح الطيب » ج١ا‏ ع صض١0ا5؟.‏ 
(0) نفس المصدر والجزء » ص؟/!؟ . 

(5) نفس الموضع . 

(5) المقرى : نفح الطيب » ج١ ٠»‏ صضص 70754 . 


05٠“‏ ملاحظات على منازل العرب فى الأندلس - استقرار العرب على طول خطوط الفتح 





من الخزرج وعجوزاً من الأزد »217 » وهى مبالغة من ذلك الداعية الأندلسى البارع » 
يخفف من غلوائها ما يصرح به ابن غالب أن من الأزد - أزد الأندلس - من يفضل 
الانتساب إلى الأنصار » لأن هذا الانتساب كانت له قيمته الاجتماعية فى الأندلس » وهذا 
كان يلجأ إليه « الجم الغفير » من الأزد فيه نظن . 

غير أننا عندما ننظر فيها لدينا من البيانات نلاحظ أن القبائل اليمنية التى نزلت الأندلس 
لم تكن تزيد على العدنانية هذه الزيادة التى تتحدث عنها النصوص » فقد أحصينا مجموع ما 
ذكره ابن حزم وابن غالب وابن سعيد من هذه وتلك فكانت العدنانية 47 قبيلة واليمن 
١‏ » ولا ثفسر الغالبية اليمنية إلا على أحد وجهين : فإما أن تكون أعداد من دخلوا 
الأندلس من القبائل اليمنية أكثر بكثير من أعداد من دخلوا من القبائل العدنانية » أو أن 
يكون « الجم الغفير » من العرب الداخلين قد زعموا لأنفسهم أنساباً أنصارية - ما بين 
أوس وخخزرج - التماساً للمكانة والمنزلة » وقد يكون الأمران قد حدثا معاً. 

وإذا نحن أمعنا النظر فيها لدينا من البيانات عن منازل العرب فى الأندلس لاحظنا ما 
يل: 
- ملاحظات ١‏ - أن مايقال من أن العرب اختصوا أنفسهم بأغنى نواحى الأندلس 
2 وتركوا للبربر النواحى القاحلة التى لا خير فيها غير صحيح . فقد ترك 

العرب لغيرهم نواحى من أخصب ما فى الأندلس ٠»‏ فقد تركوا مثلاً 

أحواض الواديانة والتاجة وهر شقورة ( نبر مرسية ) ونهر شقر ( نهر بلنسية ) والوادى 
الأبيض ووادى لكه وغيرها كثير » ولم تكثر منازهم بشكل واضح إلا فى حوضى الوادى 
الكبير ووادى ابره الأوسط وفروعههما الكثيرة . بل هم لم يعمروا من وادى ابره إلا النهر 
الرئيسى والفروع الجنوبية » أما الشمالية فتركوها دون سكنى » ونزل البربر فيا عدا ذلك 
كله. ولو أننا وازنا بين ما احتله العرب وما احتله البربرء لوجدنا الكفتين متعادلتين تقريباً . 
١ 0‏ - ونستطيع أن نقول بصفة عامة أن العرب استقروا على طول خطوط 
العرب على طول الفتح الأول » فترى منازهم تنتشر ابتداء من الجزيرة الخضراء » وتملاً معظم 
خطوط الف المنطقة الواقعة جنوب نهر شنيل وحوض الوادى الكبير » ثم تكثر بصورة 
ظاهرة فى إقليم إشبيلية » وتستمر على طول الوادى الكبير وفروعه . وعند إقليم إشبيلية 


. نفس المصدر وجاءص ةل0؟‎ )١( 


منازل العرب فى الأندلس للق 


تنتشر منازل العرب فى نفس الاتجاه الذى سار فيه موسى » وتكثر فى نواحى أونبة ولبلة 
وباجة » وتتصل حتى بطليوس ثم نواحى طلبيرة وطليطلة فوادى الحجارة وقلعة أيوب 
ودروقة وحوض ابره الأوسط حول سرقسطة فى منطقة واسعة تشمل حوض نمير 
جَلّْنَ مع6116 ومر الخَمّه قصقطاة نه . 

ومن أحواز قرطبة يمتد خط عربى آخر» على طول طريق طارق بن زياد حتى طليطلة 
مارا بقلعة رباح . 

ومن حوض الوادى الكبير انساح العرب شرقاً » فملأوا نواحى ما يُعرف عادة بشرق 
الأندلس . وهى نواحى بلنسية وتدمير ( مرسية ) ولقنت والمرية ومالقة . ويبدو أن هذا 
الامتداد متأخر قليلاً عن عصر الولاة » ولكنه لا يتعدى أيام هشام بن معاوية . لأننا سنجد 
الجماعات العربية التى استقرت بشرق الأندلس قد تأصلت فيه على أيام الحكم الربضى . 
وقد زحف العرب مع السهل الساحلى الشرقى حتى وصلت بعض جماعاتهم إلى برشلونة » 
فاستقرت فيها بطون من تجيب ( كندة ) . 

- أن واحداً من جِذَّمَئ العرب الكبيرين ( عدنان وقحطان ) لم ينفرد بالسكنى فى 
ناحية بعينها إلا فى قليل من المواضع ٠»‏ بل الأغلب أن نجد قبائلهها متجاورة فى كل ناحية 
تقريباً . 


7 منازل ٠‏ إحمال تو زيم قبائا. عدنان وقحطان فنا يا : 
٠.‏ وسمكن إجالتوريع قبائل علايانبو فيا يل 


أ- مواضع سكنتها بجموعات متساوية تقريباً من قحطان وعدنان : 





عدنان قحطان 

0202000 إشبيلية ونواحيها 
مرة بن ذبيان - غطفان - عك - غافق -2 هوازن - جذام - الأشعر - جزيلة - ثوابة 
هوازن بن عكرمة . - بلى - لخم - مراد - لَبَص - الخيار بن 


مالك - الأنصار (20. 


)١‏ كانت كتلة اليمنيين فى ناحية إشبيلية وغرب الأندلس أقوى مجموعاتهم وأكثرهم نظاماً » وكان ها شيخ يرأسها هو 
« أبو الصباح ؛ شيخ اليهانية فى غرب الأندلس . ومسكنه قرية مورة من شرف إشبيلية ( ابن القوطية » ص١5).‏ 


البيرة وغرناطة 
خزيمة - أسد - مرة بن ذبيان - نمير بن طيىء - همدان - غسان - الحضارمة237. 
مضر . وادى اش 
خويلد سعد العشيرة 

بطليوس 
زه ترة حضارمة 
عدنان قحطان 

سرقسطة ونواحيها 


خزرج - عذرة - قضاعة - تجيب - كندة - 








تدمير 
ربيعة جذام - دوس - غافق - حضارمة 
ربه 


مد جزيلة - خزرج - ذو رعين 
مالقة 


خزيه 4 حضارمة 
شلونة 
كثانة جزيلة - عرمرم - جذام 


استحة ومورور 
٠.‏ فق لخم 5032 
الجزيرة الخضراء 


كانه خولان - ينو عذرة - لخم - جذام 


)١(‏ يؤيد كثرة اليمنيين فى إقليمى إلبيرة وجيان ابن القوطية بقوله : « ثم خاطبوا القحطانيين بإلبيرة وجيان مثل جد بنى 
أضحى باهمدانيين ( يغلب أن هذا اسم قرية ) وجد [ بنى ] حسان وبنى عمر أصحاب وادى آش الغسانيين وميسرة 
وقحطبة الطائيين بجيان » - ص77 . 


منازل العرب فى الأندلس 5 


ج - مواضع غالبية من نرزها من عدنان : 








عدنان قحطان 
جيان 
اخ ا ل لت ام 
معان توما قور شو حك جح :بو محل جدام سعرةس عر 
أقصى باجة ولبلة 
عوف - زهرة27© . 
أوتنتيحصةه 
خُمَين بلول * الطياج > مطروخ 
طليطنة 
الزبارقة ( تميم ) - باهلة - كنانة الأتصار 


د - مواضع ل د يسكنها إلا قحطانيون : 
عدنان قحطان 
ا قلع ةرباح 





خزرج - جذام . 
دلاية 
عذرة - قضاعة . 
قرية صالحة ( قرب مالقة ) 
: ن 
قلعةخولان 
خحولان 


يرش كونة 


حجيت 


دار بن ( شالى قرطبة ) 
بل 
)١(‏ انظر المامش السابق . 
(؟) جاء فى افتتاح الأندلس لابن القوطية : « وكانت الرياسة بلبلة لعبد الغفار ابن عم أبى الصباح . ويباجه لابن عمه 
أيضاً عمرو بن طالوت وكلثم بن يحصب » ( وكلهم يمن  )‏ 


204 منازل العرب فى الأندلس 


ه - مواضع ل د يسكنها إلا عدنانيون : 
عدنان قحطان 





ملكان - أفصى بن مضر 
عوف 


وينبغى أن ننبه إلى أن هذا الإحصاء تقريبى » فقد اعتمدنا فيه على ابن حزم وابن غالب 
وابن سعيد وبعض مؤرخين آخرين وردت فى ثنايا كلامهم إشارات لمنازل العرب فى 
الأندلس . وقد أدخلنا قضاعة فى جملة اليمن » مع اختلاف النسابة فى جعلها من عدنان 
أو قحطان ء لأن الرأى الأغلب هو أنهم قحطانيون 2١(‏ .. وينبغى أن نلاحظ أن معظم 
ملاحظات ابن غالب لا تشير إلى المواضع » فهو يقول مثلاً : «ومن أهل الأندلس من 
ينتسب إلى الأوس أخى الخزرج » ومنهم من ينتسب إلى غافق بن عك بن عدثان بن أزان بن 
الأزد ..» 20 , 

4 - أن هناك نواحى معيئة حببت إلى العرب سكناها » فتكاثروا فيها . ونستطيع أن 
نعتبر هذه المواضع مراكز العروبة فى الأندلس » فقد كانت هى المهاد التى تكاثروا فيها 
وانتشروا منها إلى غيرها من النواحى . وقد ظل العنصر العربى غالباً على هذه النواحى حتى 
نهاية تاريخ المسلمين فى الأندلس » وكانت إلى نباية القرن الخامس الهجرى نقط ارتكاز 
للإسلام الأندلسى » ومن هذه المواضع قرطبة مثلاً - ولم نذكرها فى الإحصاء السالف 
الذكر لأن العرب من كل قبيلة نزلوها » بحيث لا تجد قبيلاً عربياً إلا كان منه فى قرطبة - 
وإشبيلية ونواحيها . واستجة وريه وقبرة والحزيرة الخضراء والبيرة وجيان ومالقة وتدمير 
وسرقسطة وشذونة وقرمونة ولبلة وباجة وأونبة . 





)١(‏ وقد كان القضاعيون فى الأندلس يعتبرون أنفسهم من اليمن ؛ جاء فى الأخبار المجموعة : « فأصفقت يمن 
الأندلس » جميرها وكندتها ومذحجها وقضاعتها » واحتازت مضر وربيعة إلى يوسف » وربيعة بالأندلس قليل » 
(ص١ه)‏ . 

(؟) المقرى : نفح الطيب » ج١‏ شن ٠.‏ 


منازل العرب فى الأندلس 56 





4 - ويقول المقرى : ٠‏ وكان عرب الأندلس يتميزون بالعمائر والقبائل والبطون 
والأفخاذ » إلى أن قطع ذلك المنصور بن أبى عامر » الداهية الذى ملك سلطنة الأندلس ء 
وقصد بذلك تشتيتهم , وقطع التحامهم وتعصبهم فى الاعتزاء © 207 . ومعنى ذلك أن كل 
قطعة من العرب نزلت بناحية ظلت محتفظة بكياها القبلى » رغم تزاوجهم مع أهل البلاد . 
وقد حافظت الدولة على هذا الكيان القبلى إلى أيام النصور » لأن هذه القبائل كانت - كما 
سنرى عند كلامنا على التنظيم الإدارى - أساساً من أسس تكود ن الجيش الأندلسى ونظام 
الضرائب . 

١‏ - ويبدو أن الكثير من القبائل التى نزلت مواضع ف الريف بعيدة عن المدن اتخذت 
لأنفسها حصوناً تعتصم بها ء وقد ظهرت أهمية هذه الحصون أثناء الفتنة التى شملت عهود 
الأمراء محمد والمنذر وعبد الله » فقد تحولت الحصون والقلاع أثناءها إلى مدن ظلت تحمل 
أسماء أصحايها » ومثال ذلك حصن مراد ( بين إشبيلية وقرطبة ) وقلعة بنى سعيد ( أو قلعة 
يحصب ) ف إقليم غرناطة » وقلعة خولان ( بين الجزيرة الخضراء وإشبيلية ) . 

ومنهم من أنشأ قرى كاملة ظلت تحمل أسماء أصحابها » مثل منزل همدان ( على ستة 
أميال من غرناطة ) ومنزل طبىء ( جنوبى مرسية ) ودار بل ( شمالى قرطبة ) وغيرها. 

وكانت هذه المواطن العربية كلها فى دور التكوين خلال الفترة التى نتحدث عنها: كانت 
كسر القبائل الوافدة من المشرق تتجمع إلى ذوى قرباها وتكوّن العصبيات التى لعبت الدور 
الخطير الذى فصّلنا تاريخه . وسنرى فيا بعد أن قبائل العرب لم تغير مواضعها إلا فى النادرء 
وإن كان كل مركز قد مد له فروعاً فيم| بعد وأنشأ مراكز أخرى تنتمى إلى نفس الأصل . 

وقد ذكرنا أن العرب كانوا يدخلون الأندلس رجالاً فقط » ثم يتخذون النساء من أهل 
البلاد » وعلى هذا فالأجيال الثانية من هؤلاء العرب جميعاً لا يمكن أن يكونوا عرباً من 
ناحية الدم » بل ربا جاز اعتبارهم مُولّدِين » حتى البيت الأموى نفه كان بيتاً مولداً » إنما 
كانوا عرباً بالإحساس والاتجاه واللغة إلى حد كبير . 

وبديهى أن أولئك جميعاً لم يعودوا يتكلمون العربية فى حياتهم العادية بعد الجيل الثانى » 
فقد غلبت عليهم فى المخاطبة والمعاملات لغة أهل البلاد . اختلطت بها لغة العرب ونشأت 


(١)المقرى‏ : نفح » جا . ص 174 : 


155 تيار الهجرة البربرية إلى الأندلس 


عن ذلك ١‏ عجمية أهل الأندلس » أو ١‏ اللطينية ؛ | يسميها ابن حزم » وقد بلغ من غلبة 
هذه العجمية » أن ابن حزم يذكر جماعة من العرب بالذات فيقول : ١‏ دار بن بشمال 
قرطبة » وهم هناك إلى اليوم على أنسابهم لا يحسنون الكلام باللطينية » نساؤهم ورجاهم . 
ويقرون الضيف .ء ولا يأكلون إلية الشاة إلى اليوم » ولهم دار أخرى بمورور » (23 2 مما يُفهم 
منه أن كلام عرب الأندلس ١‏ باللطينية » كان أمراً عاماً شذت عنه هذه القبيلة . وبطبيعة 
الحال لم يكن لسان عرب الأندلس قد استعجم بعد فى فترة الولاة » ولكن العملية كانت قد 
بدأت على أى حال( , 
ب -السبربر 

,2020 من الواضح أن أعداد من اشترك من البربر فى فتح الأندلس وف فتوح غالة 
الهجرة البربرية كانت تزيد على أعداد العرب أضعافاً» وأن هذه الأعداد ل تقتصر على من 
10 ع ري الجيرش _الغارية ]د ال قار من هر الرايرية انقدا ادامر عقا 
الفتح مباشرة » وأن شبه الجزيرة لم يلبث أن امتلأ مبؤلاء المهاجرين . قال المقرى فى.نفح 
الطيب : ١‏ وتسامع الناس من أهل بر العدوة بالفتح على طارق » وسعة المغانم فيها ء فأقبلوا 
نحوه من كل وجه ء وخرقوا البحر على كل ما قدروا عليه من مركب وقشرء فلحقوا 


بطارق» م 1 


وبين أيدينا نص يؤيد غلبة البربر على العرب أول الأمرء لا من حيث العدد فقط » بل 





. 4١65© ابن حزم : جمهرة أنساب العرب » ص‎ )١( 
: اعتمدنا فى هذه المعلومات , كما أشرنا أنفاً على‎ )( 
. 1454 جمهرة أنساب العرب لابن حزم ( نشر ليفى بروفنسال )ء القاهرة سنة‎ 
. 50/4 - ؟1/١ص‎ , ١ج‎ )1446 ابن غالب : فرحة الأنفس . مقتطفات أوردها المقرى فى نفح الطيب ( القاهرة‎ 
. ابن سعيد : مقتطفات من المغرب فى الأغلب » أوردها المقرى فى نفح الطيب , نفس الجزء والصفحات السابقة‎ 
. المقرى : نفح الطيب . ملاحظات للمؤلف فى نفس الصفحات‎ 
. الأخبار المجموعة : طبعة لافوينتى إى ألكنتراء» مدريد/1851‎ 
. ١955 ابن القوطية : تاربخ افتتاح الأندلسء طبعة جايانجوس وسافيدرا وكوديرا» مدريد‎ 
. 194141 أبن عذارى : البيان المغرب ». طبعة ليفى بروفنسال وكولان» لايدن‎ 
.مم (1951 وضوط ,1 .1آ0/ا .لغ .ع2 ) عق ناكد عمودمء'! عل عزون ,أشجلطع /01هم - الاشار]‎ /1 
5 
حمث - لذ ,تسمدط مآ عل "متمطديودل" 12 6 ,02105هى - اش دع دعطهعة كع زةمنا : 1188185 مشاراع‎ 


-55 .مم1 .هك 2011 .أولا ونالهل 
() المقرى : نفح الطيب » ج١ ١ ١17”ص ٠‏ 


جماعات البربر الأولى ا 





من حيث القوة أيضاً ‏ قال ابن القوطية بعد فراغه من أخبار عبد العزيز بن موسى: «ومكثوا 
سنين لا يجمعهم وال » إلا أن البربر قدموا على أنفسهم أيوب بن حبيب اللخمى ابن أخت 
موسى بن نصير » مما يدل على أن البربر هم الذين اختاروا ثانى ولاة الأندلس » وقد رضى 
به بقية مسلمى الجزيرة وظل فى الولاية حتى ولى الحر بن عبد الرحمن الثقفى . ولو لم يكن 
البربر غالبين على الأمر فى الأندلس حينذاك لا استطاعوا تولية وال يرضاه جميع 
اقبي لق 

وقد أمدنا ابن حزم فى الجمهرة بمعلومات غاية فى الأهمية تلقى ضوءاً على ا مجرة 
البربرية إلى الأندلس . ومن الواضح أن كلام ابن حزم يتعلق بمنازل البربر فى الأندلس على 
أيامه » ولكننا نستطيع بمقارنة هذه المعلومات بم| لدينا من أخبار فترة الولاة أن نتبين مَن من 
أولئك البربر نزل الأندلس فى ذلك الزمن المتقدم . 

وينبغى أن نلاحظ أن التحديد فيما يتصل بالبرير أعسر منه في) يتصل بالعرب . لأن 
الهجرات العربية الكبيرة انتهت بنهاية عصر الولاة ٠‏ فلم يفد منهم على الأندلس بعد ذلك 
إلا أفراد أو بيرت أو جماعات قليلة » أما البربر فقد كان تيار هجرتهم متصلاً . بحكم الجوار 
أولاً » وبحكم الجاذبية الخاصة التى كانت لشبه الجزيرة الأندلسية على بربر الشهال الإفريقى 
ثانياً ولأسباب سياسية ثالثاً . ومن ثم فإن القطع بشىء فى هذه الناحية لا يخلو من محازفة » 
وكل ما سنذكره فيه| يتصل بمنازل البربر خلال عصر الولاة ينبغى أن يؤخذ بحذر . 
6 جماعات2 يذهب ابن خلدون إلى أن جموع البربر التى دخلت الأندلس مع الفتح وبعده 
البمبدلأفك > بقليل كانت من قبائل مطغرة ومديونة ومكناسة وهوارة (") » وهذه القبائل 
كلها من زناتة أو من البربر البتر » وكل منها أشبه بالشعب الكبير الذى تتفرع عنه القبائل 
الصغيرة » وكانت بطونها متفرقة فى نواحى المغرب . ولكن كتلة هوارة ونفوسة كانت 
منتشرة على سواحل البحر الأبيض من حدود مصر إلى طرابلس »ء أما مديونة فكانت منازها 
على ساحل البحر من نواحى المغرب الأوسط إلى سبتة » ومطغرة كانت تحتل إقليم طنجة 
وتمتد على ساحل المحيط الأطلسى . 

ومن هذه الأصول الأربعة كان جيش طارق بن زياد » وكانت الأمداد البربرية التى أتت 


5 ١1 - ١7ص ابن القوطية : افتتاح ء‎ )١( 
. ومايليها‎ ٠١ )اين خخلدرن . طبعة يولاق. ج” ء ص"‎ 


ل جماعات اليربر الأول 





عقيب الفتح وشاركت ف إتمامه وفى فتوح غالة . ويضيف ابن حزم إليها نفزة » وهم أولاد 
نفزاو أكبر أبناء لاوى الأكبر جد اللواتيين جميعاً . ونفزة قبيل ضخم لا يقل عن مطغرة 
وهوارة ونفوسة ومديونة » ويذكر أيضا مغيلة وملزوزة وهما بطنان صغيران من بطون البتر 
ينتسبان إلى ضَرِىَ بن مادغيس أخى لاوى الكبير » ومعنى ذلك أن أولئك البربر الذين 
دخلوا الأندلس أول الأمر كانوا جميعا بترا » وفيهم زناتية مثل مكناسة والباقى من بطون 
بترية أخرى . 

ولم يكن البربر إذ ذاك يقسمون أنفسهم هذا التقسيم الحاد إلى بتر وبرانس » لأن ذلك 
ظهر في| بعد » عندما سرت عدوى العصبية القبلية من العرب إلى البربر » وعندما بدأ البربر 
يستقلون بأنفسهم ويقيمون الدول معتزين بالعصبيات والأصول : بدأت ذلك صنهاجة من 
البرانس ثم تلتها زناتة من البتر . أما فى الفترة التى نحن فيهاء فلم يكونوا جميعاً إلا بربراً إلى 
جوار العرب . وتدل الدلائل على أنه كانت فيهم جماعات مصمودية » فيحدثنا صاحب 
«فتس الأندلس ؛ أنه كان يرأس جماعة البربر بتاكرنا « فى جبال رندة » زعيم يسمى عبد 
الرحمن بن عوسجة 217 . وهو جد بنى عوسجة المصموديين ( من البتر أى البرانس ) الذين 
كثروا فيها بعد فى الأندلس وعمروا نواحى جنوب شتتيرية الغرب » حتى صارت تسمى 
«بلاد عوسجة » » وإليه أيضاً ينسب دانس بن عوسجة الذى أنشأ قصر أبى دانس415067م 
51 عل على مقربة من قلنبيرة 0016856118 2(" فى البرتغال الحالية . 


ويذكر ابن القوطية أن رئيس بربر ناحية مورور أثناء دخول عبد الرحمن بن معاوية كان 
إبراهيم بن شجرة 29 . وهو من المصامدة . ويذكر ابن القوطية أيضاً أن جماعة من ال هواريين 
نزلت خلال عصر الولاة على مقربة من جيان » والهواريون مختلف فى نسبهم » فهم من البتر 
حيناً ومن البرانس حيناً » ىا يختلف العرب فى نسبة قضاعة7©). 

وقد ذهب سيزار دوبلر فى بحث قيم عن ١‏ منازل اليربر فى الأندلس » يبحث عن أساء 
المواضع الإسبانية التى يمكن ردها إلى أصل بربرى . واستنتج من هذه الأسماء أن البربر 
لابد أن يكونوا قد سكنوها وأعطوها أسماءهم . واستطاع بذلك اكتشاف الكثير من منازل 
(1) أبن حزم : الجمهرة » ص 110 . 


(8) ابن القوطية : افتتاح الأندلس » ص87 . 
(]) نفس المصدرء ص75 . 


جماعات البربر الأولى 51 

البربر تما لم يسجله المؤرخون . ولا نستطيع القطع بأن هذه المنازل ترجع إلى عصر الولاة » 
لأن تيار البربر لم ينقطع عن الأندلس طوال العصور الإسلامية , ولكننا نستطيع القول بأن 
المواضع التى ذكرها دوبلر فى أقصى الشرق أو فى الشمال أو قاصية الغرب يمكن اعتبارها 
منازل قديمة ترجع إلى عصر الفتح الأول . لأن البربر الذين نزلوا الأندلس ابتداء من عصر 
الناصر كانوا يستقرون فى الجنوب والوسط والشرق » دون أن يستقروا فى أماكن متطرفة 
كانت فى ذلك الحين ميدان حرب . واعتمادا على ذلك يمكن القول بأن مواضع مثل التالية 
يمكن اعتبارها من منازل البربر الأول فى الأندلس : 

ماع01 عل 21072 ن11الا ف البرتغال الحالية نسبة إلى برير وهران . 

5 ف البرتغال الحالية نسبة إلى بربر تونس . 

اط نم6 1ك ف المرتغال الحاليه نسبة إلى بربر القيروان. 

48 ف البرتغال الحالية نسبة إلى برير أرزيلا » وهى أصيلا . 

48 شفشف الشرق على مقربة من قسطليون 0385161/!08) نسبة إلى زناتة . 

+5326 أو 95685614 قرب لاردة نسبة إلى زناتة . 

2215326 قرب طركونة نسبة إلى زناتة . 

لمانا قرب لاردة نسبة إلى زناتة . 

521 قرب جواردا فى البرتغال نسبة إلى بنى يرزال ( زناتة ) . 

8 :ا ف الثغر: الأعلى عند ملتقى الابره بنهيره الأشقر (56876) نسبة إلى 
مكناسة . 

283 قرب قسطليون نسبة إلى صنهاجة . 

0613 ضاحية من ضواحى سرقسطة نسبة إلى صنهاجة . 

82 ف البرتغال نسبة إلى صنهاجة . 


65) قرب بلد الوليد نسبة إلى كتامة . 


5 جماعات المربر الأولى 





95 حى من أحياء شقوبية نسبة إلى كتامة . 
935 و 416011111711 فى البرتغال نسبة إلى كتامة . 
1868 بناحية انكا نسبة إلى غمارة . 
28 بناحية صورية 501183 نسبة إلى غيارة . 
2 و 00126115 فى جليقية نسبة إلى غمارة . 
09 بناحية أبله نسبة إلى البرانس . 

رط 00 


وقد ذكرنا هذه المواضع على سبيل المثال لا على سبيل الحصر لنستنتج أن البربر انتشروا 
منذ العصر الأول فى نواحى شبه الجزيرة كلها . وقد اكتفينا بذكر المواضع المتطرفة فى أقصى 
الشهال الشرقى والشمال والغرب وتركنا غير ذلك من مواضع الوسط والجنوب والجنوب 
الشرقى والجنوب الغربى » إذ لا تكاد تخلو ناحية من هذه النواحى أو مدينة من مدنها من 
منازل بربرية . ثم إننا - كا قلنا - لا نستطيع القطع بأن البربر نزلوا مواضع الجنوب 
والوسط والجنوب الشرقى والجنوب الغربى من أول الأمر () . 


بيد أننا نستطيع القول بأن المواضع التى قامت فيها إمارات بربرية فيها بعد أو التى ولى 
عليها أمراء بنى أمية وخلفاؤهم ولاة من البربر كانت منازل بربرية من قديم الزمان » لأن 
الأمراء لا يولون أميراً بربرياً على ناحية معظم سكانها عرب أو من أهل البلاد . ومن غير 


(١)انظر:‏ :6 
.أعوة أطلهة؟ سعطعدتعط1 عل عبد ومع مراالء زوعطع8 ععطعت] : علتار[ظل]2 .8 مك0 
وقد نثره فى 100 2105[ التطءئ5ء ,011 نا 5401118 » وهو عدد من" 12[97)162] 20203212 " 
2 0621 .تأعتتعندج .203 - 183 .مم ,20 8300 والنقد الذى كتبه 51(1ى 011152 .1 فى مجلة الأندلس . 

العدد الأول سنة 15157 ص537 -/777 . 

(1) ودليل ذلك ما يذكره صاحب الأخبار المجموعة » حيث يقول فى كلامه عن الصراع بين العرب والبربر ى 
الأندلس : #وكانت قد رأست البربر على أنفسها ابن [ بياض بالأصل ] وحشدوا من جليقية وأستورقة وماردة 
وقورية وطلبيرة » فأقبلوا فى شىء لا يحصيه عدد حتى أجازوا خهراً يقال له تاجه ؛ (ص*» 5 ) وهى عبارة تدل على أن 
جماعات البربر فى النواحى التى ذكرها كانت كثيرة قبل هذه الفتنة حتى استطاعوا أن يحشدوا منها أعداداً لا تحصى . 
وقد هجر الكثير من أولئك البربر مواضعهم بعد ذلك على ما فصلناه » ولكن بقيت منهم فى كل من هذه النواحى 
جماعات قليلة . أما فى نواحى طلبيرة وماردة وقورية فقد ظلت جماعات كثيرة منها على طول العصور الإسلامية . 


51١ 


البربر فى الثغور 


الممكن كذلك أن تقوم إمارة بربرية فى ناحية لا يغلب على سكانها العنصر البريرى » لأن 
حكم هذه النواحى كان لا يقوم إلا على عزوة وعصب متأصلين . 

مد «بربر 2 وعلى هذا الأساس نستطيع أن نفسر البيانات التى يقدمها ابن حزم فى كلامه 
فهائغود | على « بيوتات البربر فى الأندلس » فى جمهرة أنساب العرب عن أصول البربر 


ومنازههم » مثل قوله : 
أمراء الغر 230 : 


بنو هذيل من مديونة 

بنو عبدوس من سُرِنَّة من ناحية صَدَّينة 
بنو غزلون من تيروال 

بنو عميرة من أفخاصة من نفزة من ناحية شاطبة 
بنو رزين من مديونة السهلة 

بنو ذى النون من هوارة وبذة 

بنو مَرْفَرن من هوارة ماردة ومِدلَّين 
بنو نبيه وبنو الأخطل شذونة 

بنو الفرج من مصمودة وادى الحجارة 
بنو مضى من مصمودة قصر مضى 

بنو رسين من مصمودة 

بنو زروال من مغيلة المتاِية 

بنو إلياس من مغيلة شذونة 

بنو عزوت من زناتة شتتيرية 


فهؤلاء جميعاً كانوا أمراء على نواحيهم مما يدل على كثرة بربرية فيهاء ثم إن وصفه لهم 


بأنهم « أمراء الثغر » يدل على أن معظم أمراء الثغر كانوا من البربر » أى أن معظم النواحى 
الشهالية كانت منازل للبربر . وعندما نذكر ما قلناه عن مونوسة الذى كان والى الثغر كله من 
حدود البرت إلى المحيط » تتأكد لدينا هذه الحقيقة . أضف إلى ذلك أن مجموعة منازل اليربر 


. يلاحظ أن الكثير من المواضع التى سيذكرها ليس من الثغر‎ )١( 


11 البربر فى النغور 


التى ذكرها ابن حزم تكون خطاً واحداً يبدأ من نواحى جبال البرت عند لاردة ووشقة ثم 
ينحدر إلى ناحية مدينة سالم ( قاعدة الثغر الأوسط فييم| بعد ) فقد نزلها بنو سالم من البرانس 
وأعطوها اسمهم » وسكن إلى جوارهم بنو الفرج وبنو عوسجة . [ْ 

وفى الدائرة الواسعة التى تحيط بمدينة سالم والتى تضم شنتيرية والسهلة ووادى الحجارة 
نجد كتلة بربرية ضخمة تعمر هذه النواحى كلها إلى أحواز طليطلة » وهذه الكتلة تتكون 
من بنى الفرج وبنى سالم وبنى عوسجة وبنى صبرون بن شبيب وال وهب بن عامر 
ال هواريين » وكل هؤلاء من البرانس » ثم بنى عزون وبنى بلال وبنى نعمان وكلهم من البتر . 
وتمتد هذه الكتلة البربرية شرقا فتشمل تيروال حيث نزل بنو غزلون وناحية البونت حيث 
نزل بنو قاسم ء ثم تتصل هذه السلسلة البربرية » بناء على البيانات التى يقدمها صاحب 
الأخبار المجموعة » فتشمل مناطق طلبيرة (جنوبى طليطلة ) وماردة وقورية بين التاجه 
والدويره ثم تصل إلى ساحل المحيط عند قلنبيرة حيث نجد فرعاً من بنى عوسجة وبنى 
دانس عند قصر أبى دانس . 

ويذكر ابن حزم فرعاً من بنى الفرج استقروا فى طرسونة أى فيها يل جبال البرت من 
نواحى غالة » وهذه الجماعة إن هى إلا بقية من البربر الذين كانوا يعمرون النواحى القصية 
من الأندلس والذين كانوا يمتدون بحذاء خليج بسكاية ويعمرون حوض مر المنيو 
ويتوغلون فى جليقية » وقد اكتشف سيزار دوبلر - كما رأينا - مواضع ذات أسماء بربرية 
كثيرة فى هذه النواحى القاصية . 

وقد رأينا فى كلامنا عن البربر والعرب كيف انسحب معظم البربر الذين كانوا يعمرون 
« ما وراء الدروب » أى شالى نهر الدويره إلى الجنوب وعاد بعضهم إلى إفريقية » ورأينا 
كيف أن جموعهم أزعجت العرب واضطرت عبد الملك بن قطن إلى السماح لجند بلح 
بدخول الأندلس لينقذوا من فيه من العرب » ولولا أن أعداد أولئك البربر كانت كثيرة جداً 
لما أفزعت العرب إلى هذا الحد . ومعنى هذا أن مايل نمر دويره شمالاً والحوض الأعلى لنهر 
ابره ثم ما بين نهر الدويرة وتاجة » هذه النواحى الفسيحة كلها كانت عامرة بالبربر وكانت 
هذا دار إسلام فى ذلك الوقت المبكر » ولم يخرجها من بلاد الإسلام ويجعلها بلاداً نصرانية 
أو يلادا خلاء مفتوحة للامتداد النصرانى من الشهالء إلا هذه الفتنة العمياء التى وقعت بين 
شعبى الإسلام الكبيرين اللذين فتحا هذا البلد وأدخلاه فى نطاق الدولة الإسلامية 


العربر فى الثغور 51 





الواسعة(2 . 


والأدلة كثيرة على أن البربر الذين دخلوا الجزيرة أول الأمر اختلطوا بعرب الطالعة 
الأولى المسمّين بالبلديين وأصبحوا معهم حزباً واحداً لا فرق فيه بين عربى أو بربرى » بل 
كان الجانيان إلباً واحداً على الشآميين أو عرب الطالعة الثانية . قال ابن القوطية فى «افتتاح 
الأندلس »؛ : ١‏ وتولى أمر قرطبة والشاميين والأمويين ثعلبة بن سلامة العام » وانصرف 
عبد ال حمن بن علقمة إلى الثغر » وبقى عرب الأندلس وبربرها يحاربون الأمويين والشآميين 
ويتعصبون لعبد الملك بن قطن الفهرى ويقولون لأهل الشام : بلدنا يضيق بنا فاخرجوا 
عنا» 7(" . وقال فى بر ولاية أبى الخطار : « فلما أشرف من فج المائدة والحرب قائمة بين 
الشاميين والأمويين وبين البلديين والبربر ونظر الفريقان إلى اللواء خلوا الحرب .2020© . 
وقال بعد ذلك : «فقال أهل البلد واليربر : سمعنا وأطعنا . ولكن لا محل فينا لهؤلاء 
الشاميين فيخرجوا عنا » 247 . وقال بعد خبر تفريق الشآميين فى الكور : « وبقى البلديون 
والبربر على غنائمهم ل ينتقصهم شىء »27 . وقد ظل هذا الحلف بين البلديين والبربر قائياً 
حتى نهاية عصر الولاة » بل إن « الموالى » أنفسهم - وسنتحدث عنهم - كانوا ينقسمون 
قسمين : البلديين والبربر فى ناحية والشاميين فى ناحية أخرى » وكانت الصدارة بين الموالى 
ويؤيد صاحب الأخبار المجموعة ما قلناه عن اتحاد العرب البلديين مع البربر بقوله فى 
سياق الحديث عن الصراع بين بلج وأصحابه والعرب البلديين : « فبيناه محصوراً قد نزل 
أهل البلد من البربر والعرب وجلهم البربر على ماردة إذ حضرهم عيد فطر أو أضعحى» )١‏ 
ثم يقول بعد ذلك : « فجمع له أهل البلد - العرب والبربر - جمعا » 9 . 
)١(‏ هذه البيانات مستقاة من « جمهرة » ابن حزم » ص 45١‏ - 177 . وعبارة ١‏ الأخمار المجموعة « التى أشرنا إليها 
واردة فى ص ٠‏ 5 وقد أوردناها بنصها فيها سبق . 
(5) ابن القوطية : افتاح » ص7١‏ 1 
(*) نفس المصدر. ص9١‏ . 
(5) نفس المصدر والصفحة . 
(5) نفس المصدر . ص ١؟.‏ 


()الأخبار المجموعة » ص؛ 4 . 
(0) ننس المصدر والصفحة . 


14" هل اختص العرب أنفسهم بأحسن نواحى الأندلس ؟ 


7 هل وقد كثر كلام المؤرخين المحدثين فى أن العرب اختصوا أنفسهم بأحسن 
نفس سس نواحى الأندلس »ء فلم يتركوا للبزبر إلا النواحى الجبلية أو القاحلة أو القصية 


نواحى الأندلس ؟ فى الشال » وأن ذلك كان من أكبر أسباب الثورة البربرية . ولكننا رأينا فى 
كلامنا على هذه الثورة أن الذى أغضب البربر لم يكن احتجان العرب لأحسن المواضع » 
وإنما لسوء سياسة العرب جملة » فقد تخاصم العرب فيما بين بعضهم وبعض بسبب سوء هذه 
السياسة لا بسبب انفراد فريق منهم دون آخر بخيرات البلاد . ذلك أن شبه الجزيرة الايبيرية 
فسيح يتسع لأضعاف من نزل هناك من العرب والبربر معاً . ثم إن العرب لم يختاروا 
مواضعهم ء فهم لم يدرسوا شبه الجزيرة ويتبينوا الطيب من أرضها وغير الطيب » ولكنهم 
استقروا حيث شاءت هم المقادير على طول خطوط الفتح » أى فى النواحى التى عرفوها 
لأول دخوهم البلاد . 

وقد فرّق أبو الخطار عدداً عظيراً من الشآميين فى الكور , التى عرفت فيما بعد بالكور 
المجندة » واختار لهم هذه الكور بنفسه , أى أن الذين نزلوا لم يختاروها هم بأنفسهم » أى أن 
العرب لم يكونوا يتخيرون بل كان استقرارهم فى الغالب نتيجة مصادفات » فقد رأينا مثلاً 
كثرة العرب وتزاحمهم فى منطقة جيان » والسبب فى ذلك واضح يفسره قول ابن الخطيب فى 
كلامه عن فتح جيان والبيرة ومالقة أن طارقا «سار فى معظم الناس إلى كورة جيان يريد 
طليطلة » 217 . فلولم يكن « معظم الناس »© قد مروا بهذه الناحية لما كثر العرب فيها » ولو أن 
العرب مروا أول الأمر بناحية قطلونية ورأوا خصب أراضيها لتزاموا فيهاء ولكن لم يعرفها 
منهم إلا القليل فى زمن متأخر فظلت شبه خلاء منهم » لم يسكنها إلا جماعة من تُحَيّب » وقد 
أشرنا إلى ذلك . 

ولدينا دليل واضح على أن العرب الأول لم يختصوا أنفسهم دون البربر بأحسن 
الأرضين » وهو أن عرب الطالعة الأولى » طالعة موسى » كانوا دائياً أحلافاً للربر على 
الشآميين لأنهم تقاسموا معهم ما نزلوا به من البلاد » وساءهم جميعاً - عرباً وبربراً - أن 
يحاول الشآميون مشاركتهم فى هذه الأراضى فنفروا يدافعونهم عنها » واشتدت الخصومة 
بين الحانبين . 
03 ابن نكمي : الإحامة وليل عيد ولل ال#عتا ته العام ةوجف واس قدي 1 فلك 


فتح هذه الناحية أول الأمر إلى طارق ثم عاد فصحح ذلك فى نفس الصفحة فقال : إن هناك من يقول إن ذلك الفتح 
تم فى أيام موسى بن نصير سنة “41 على يد ابنه عبد العزيز بن موسى أثناء ولايته على ما قلناه . 


تحول اليربر إلى بلديين وأثره ملم 





وحقيقة الأمر أن المسلمين الأول الذين دخلوا البلاد» عرباً وبربراً. استقروا حيث نزلوا 
أو ساروا ء ولجأ كل فريق منهم إلى ما يناسب مزاجه من النواحى : فأما العرب فكانوا 
يفضلون دائا البسائط والمنخفضات والنواحى الدافئة والقليلة المطر فى الجنوب والشرق 
والغرب وناحية سرقسطة » وأما البربر فكانوا فى بلادهم يعيشون فى بلاد جبلية عالية » 
فألفوا مئل هذه البلاد فى الأندلس » فاستقروا فيها باختيارهم . 

ففى الجنوب مثلاً استقر العرب فى شذونة واستجة . واختار العربر منطقّة رندة الحبلية 
فلكبر ها اوليك ناكرنا باسم بعض قبائلهم » وأعجبتهم نواحى قبرة ومورور وأشونة 
فنزلوها واختلطوا مع العرب فى بقية نواحى الجنوب . ثم إن جماعات من البربر أحبت 
الانفراد بنواح يكونون فيها مستقلين . على مثل أحوالهم فى بلادهم الأولى فى إفريقية » 
فاستقروا فيما بين نجرى دويره وتاجه » وهى نواحى هضاب مرتفعة تناسبهم من كل وجه . 
.و00 استقر البربر إذن إلى جانب العرب فى بعض النواحى , ومنفردين بأنفسهم 
البربر إلى بلديين فى نواح أخرى . واختلطوا فى كل ناحية بالأهلين وارتبطوا معهم بروابط 

وأثدء الزواج وتحولوا مع الزمن إلى « بلديين » أى أندلسيين . وقد كان فؤلاء 
مويو أثر عظيم جداً فى اتتشار الإسلام فى الأندلس ٠»‏ فإن البربرى قريب جدا من حيث 
المزاج والطبع - والأصل أيضاً - من أهل البلاد الأصليين » وخاصة أولئك الذين كانوا 
يعمرون الأرياف منهم » فامتزجوا مهم دون تكلف . ثم إن البربر لم يعرفوا عصبية الجنس 
التى أفسدت على العرب الكثير من أمورهم » وكانوا شديدى الحماس للإسلام » فقد كان 
الإسلام بالنسبة لهم رمز سيادة » فأظهروا العصبية له » واجتهدوا فى نشره » وأعاتهم على 
ذلك أنهم بطبعهم جنس متدين شديد التعلق بعقيدته » فلا غرابة والحالة هذه أن تكون هذه 
الجماعات البربرية التى انبثت فى نواحى البلاد من أكبر العوامل فى تحوّل أهلها إلى الإسلام . 

ولو درسنا طبيعة الإسلام الأندلسى حتى نباية القرن الرابع الفجرى على الأقل ٠‏ لتبينا 
أنها تشبه طبيعة الإسلام المغربى عامة من حيث التمسك ال حرفى بأهداب العقيدة والتزام 
مذهب واحد والتعصب له . والحرص على تبجيل رجال الدين . والمتصوفين منهم بصفة 
خاصة . والميل إلى تقديس الأولياء وحب الجهاد فى سبيل الدين وما إلى ذلك . وقد أشار 
ليفى بروقنسال إلى غلية الطابع البربرى على الأندلس بقوله : « وفى هذا الصدد . ربا كان 


5 غلبة الزناتيين على البربر الأول فى الأندلس 





بالمعنى الدقيق لهذا اللفظ » وذلك فى كثير من ظواهر الحياة الريفية » والنشاط الزراعى »0 (23. 


520 وكان معظم من أقبل إلى الأندلس خلال هذه الفترة الأولى من الزناتيين » 
الزناتيين على البربر وكان زعم]ؤهم كذلك زناتيين » فقد كان أبو زرعة طريف وطارق بن زياد 
الأول ف الأندلس 0 زناتيين » وكان زعيم البربر فى ثورتهم الكبرى التى أشرنا إليها زناتياً ؛ 
وكان بنو الخليع وبنو وانسوس الذين أعانوا عبد الررحمن الداخل على إقامة إمارته زناتيين » 
وقد رأينا أن معظم أسماء الأماكن البربرية فى نواحى أشتريس وجليقية زناتية . ثم إن البتر 
(ومنهم زناتة ) كانوا أول أهل إفريقية إسلاماً» وقد انضمت جماعات منهم إلى المسلمين منذ 
أيام عقبة بن نافع وأسلمت واشتركت فى فتح المغربين الأوسط والأقصىء وكان ولاة 
إفريقية يتخذون منهم حرسهم وخاصة جندهم ( . وكان منهم زعماء الثورة فى إفريقية » 
مثل ميسرة المطغرى وخالد بن حميد الزناتى . وذلك كله يؤيد غلبة العنصر الزناتى على من 
دخل الأندلس من البربر خلال هذه الفترة الأول . 

ومن المعروف أن الزناتيين كانوا أقرب إلى العرب وأشبه بهم من الصنهاجيين » فقد كانوا 
دوا مكلهم الم [نيو أكانوا عل الوثية تي دحول السلميت اللادة بع غم اين اجليد 
أبواب التحضر والانتظام فساروا جنبا إلى جنب مع العرب الأوّل » وخاصة البلديين منهم . 

وكان هؤلاء البربر فى مجموعهم أبسط طبعاً وأكثر سذاجة من العرب , وأقرب إلى تذوق 
بساطة الإسلام من كثيرين من العرب الذين أقبلوا إلى الأندلس بعد تقلب طويل فى الفتن 
فى المشرق» ولهذا كان أولئك اليربر يصرون على التمسك بمبادىء العقيدة » وكاتوا يحاجون 
العرب وينتقدون تصرفاتهم معهم مستندين إلى أصول الشريعة ٠‏ كيا كان يلقنها لحم دعاة 
إسلاميون انبثوا بين صفوفهم . وهذا أيضاً سهل اجتذاب الكثيرين من أولئك البربر إلى 
مبادىء الخارجية » الإباضية والصفرية بصفة خاصة » لأن دعاتها بين البربر كانوا كثيرين 
ولأن ظاهر هذه المبادىء » كبا كان أولئك الدعاة يشرحونها » أقرب إلى مبادىء الإسلام 


الصحيح . 





»١(‏ .880 .م1 .[ه؟ (1950 ركمو .لم .ع2) علق ادنك عموممكظ'! عل .أكلكط ,2901830 - الاظ ا 
(؟) ابن عبد الحكم : قتوح » ص 00 


البربر والفتوح فى غالة 51 





البربر 0١‏ وإلى هذه الجماعات البربرية يرجع جانب كبير من دافم العرب إلى 
والفتوح قغ 0 الاسترسال فى الفتوح فى غالة » كانت جماعات البربر تجوز إلى الأندلس 
وقلوبها معلقة بالفتح والجهاد وما يتعلق با من مغانم وأسلاب ومكاسب » وكانوا 
يتجمعون فى الأندلس فلا يستطيع العمال تركهم دون عمل يتسكعون فى العاصمة وحولهاء 
فكانوا ينهضون معهم للغزو . ولا شك أن حملات واسعة المدى » كتلك التى قام بها السمح 
ابن مالك أو عنبسة بن سحيم » ما كانت لتتم لولا وجود هذه الجماعات البربرية المتوفزة 
المتعطشة للفتح ومغائمه . وكلما زاد نشاط الفتح زاد هؤلاء البربر ضراوة على الحرب 
وطمعاً فى المغانم » وربها اشتد طمع بعضهم فى الأسلاب فكان ذلك من أسباب فشل بعض 

الحمللات. 
كان فى هؤلاء البربر إذن قوة تدفعهم إلى الاسترسال فى الفتوح » كما كانت شعوب 

المتبربرين يدفع بعضها بعضاً نحو أراضى الدولة الرومانية . 
هكذا يمكننا تعليل جانب من هذا النشاط الحربى العظيم الذى أبداه المسلمون فى فتوح 

الأندلس وغالة . 
ومن العسير جد أن نقدر أعداد العرب والبربر الذين اشتركوا فى هذه الأعمال الحربية» 

لأن أعداد من اشترك منهم فى الجيوش الرسمية - وهى الأعداد التى رواها المؤرخون - 

لا تكون إلا نسبة ضئيلة من العرب والبربر الذين هاجروا إلى الأندلس على هيأة تيار 

متصل: فقد كانت الاضطرابات السياسية فى المشرق . وهيل خلفاء بنى أمية إلى القيسية حيناً 
وإلى اليمنية حيناً » سبباً فى هجرة جماعات من العرب معظمهم من اليمنيين والمدنيين إلى 
الولايات وخاصة المغرب والأندلس » وقد استقر نفر قليل من هؤلاء العرب فى إفريقية 
واستمر الأكثرون فى طريقهم حتى حطوا رحاهم بالأندلس .ء أما البربر فكان تيارهم أقوى 
وأعدادهم أكبر ‏ ولا يمكننا تصور تحول بلد كالأندلس إلى الإسلام هذا التحول السريع إلا 

بافتراض أن أعداد المهاجرين المسلمين كانت كبيرة فعلاً (230 , 

)١(‏ ويؤيد ذلك بوضوح قول الرازى : ؛ إن الذى أزعج موسى من الأندلس أبو نصر رسول الوليد, فقيفي على عناته 
وثناه قافلاً » وقضل محه هن أححب إلى المشرق ء وكان أكثر الناس قطنوا ببلاد الأتدلس لطيبها فأقاموا فيها » ما يدل 
عل أن عدداً قليلاً جداً من ورد البلاد من الفاتحين المسلمين قد غادرها وعاد إلى إفريقية أو إلى المشرق . وسنلاحظ 
أن معظم من يقبل إلى الأندلس يستقر فيه ولا يعود يفارقه أبدا ( المقرى : نفح الطيب » ج١‏ » صص/ال19) . 


51 البربر والعرب البلديون 


ومن الطريف أن نلاحظ أن البرير - على حداثة عهدهم بالإسلام - كانوا أكثر تمسكاً 
بالإسلام وحماساً للفتح من العرب » لأن الإسلام كان وسيلتهم الأولى فى النهوض بأنفسهم 
والاحتفاظ بحقهم كأنداد للعرب وسادة فى البلاد المفتوحة وأصحاب حق فى الغنائم 
والأرضين » وهذا نراهم يحتجون دائاً على العرب ويتهمونهم بمخالفة الدين ويطالبونهم 
بتنفيذ أشراطه . وكانوا إذا استقروا فى الآرياف استمسكوا بالإسلام حتى يميزوا أنفسهم 
عن أهل البلاد » وهذا لا نبالغ إذا قلنا إن جانباً عظيماً من الفضل فى إسلام أهل الأندلس 
يرجع إلى هؤلاء البربر الذين أمنوا بالدين الجديد فى سذاجة وقوة » واحتفظوا بهذا الإيهان 
لأنه يكسبهم حقوقا معنوية ومادية لا يبلغونها بدونه . 

وقد أساء العرب معاملة هؤلاء البربر من أول الأمر كما رأينا » فنا فى نفوسهم شعور من 
الخوف من العرب » حتى إذا قامت الثورة البربرية فى إفريقية وانتقلت إلى الأندلس وقعت 
القطيعة ب بين الحيين وصار الأمر بينهها إلى عداء سافر خطر . وقل انتهى الدور الأول من 
الصراع بانتصار العرب . فهاجر من البربر من هاجر ء وأقام على خحوف من أقام » حتى 
بدأت بشائر الدولة الأموية فانضموا إلى عبد الرحمن » وهم لا يكادون يثقون فى حسن 
نواياه » وكان لابد له من أن يخوض صراعاً طويلاً معهم - ا فعل مع غيرهم - حتى 
يخضعهم للدولة الجديدة » وانتهى الأمر بهم إلى الطاعة والاستقرار . 
٠.‏ يرير 2020 ولا نزاع فى أن البربر انضموا إلى البلديين وكوّنوا حزباً واحداً منذ بدء 
والعرب البلديون الصراع بين هؤلاء وبين الشآميين كما قلنا » ولكن انضمامهم هذا لم يكن 
خالصاً ولا صادقاً » لأنهم عرفوا من ويلات البلديين إلى ذلك الحين ما نرهم من العرب 

جملة » ولصاحب الأخبار المجموعة عبارة عظيمة الدلالة ذكرها أثناء روايته للنزاع بين بلج 
ابن بشر والبلديين » قال : « فلا بلغ ابنيه ( ابنى عبد الملك بن قطن وهما أمية وقطن ) ما 
كان » حشدا من أقصى أربونة » وراجعا أهل البلد والبربر وسيوفهم تقطر من دماء البوبن 
فرضيت البربر أن تنال ثأرها من أهل الشام » فإذا فرغوا كان لهم فى أهل البلد رأى » (23 مما 
يدل على ما كان يخامر نفوس البربر جميعاً نحو العرب - بلديين وشآميين - من الكراهية 
والخنوف. 

وقد أشرنا إلى ما خلفه القيسيون من الأحقاد فى قلوب البربر بسبب أفاعيلهم فيهم 


(١)الأخبار‏ المجموعة .ص١4‏ - 45 . 


جماعات السودان فى الأندلس - تأثر العربر بالبيئة المحلية الك 





عندما نزلوا البلاد بقيادة بلج » ورأينا أن البلديين انضموا إلى الشاميين أثناء هذه المحنة . فلما 
انتهت بالقضاء على البربر وتقتيلهم فى كل ناحية زاد نفور من بقى منهم » وأخذوا ينظرون 
إلى العرب نظرهم إلى عدو ء فكانوا لا يسيرون معهم إلا على خوف » ومن دلائل ذلك ما 
يرويه ابن القوطية فى أخبار عبد الرحمن بن معاوية الداخل وإنشائه دولته » قال : « فلها كان 
بالعشى ركب مع ثقات من مواليه ورجاله ونفر من العسكر » فسمع البربر يتكلمون فى 
لهم معهم . فل أظلم الليل دنوا من العسكر ء وخاطبوهم بالبربرية فأجابوهم إلى ما أحبوه 
ووعدوهمه إلى أن انحرفوا عن عسكرهم » فلم أصبح لمم ( كذا ) قالوا للعرب : إِنا 
لا نحسن الحرب إلا فرساناً فاملوا من بقى منا على الخيل . قأرجلوا العرب وحملوا البربر 
على خيلهم . ودخلوا رجالة فخرقوا إلى عبد الرحمن» ووقعت الهزيمة على عبد الغفار » )١(‏ 
ما يدل على أن بعض البربر الذين كانوا فى صفوف عبد الرحمن كانوا متخوفين مترددين 
يفكرون فى الانقلاب عليه » وأنه استعان على كسبهم بتخويفهم ما سيصيبهم على أيدى 
العرب إذا هو انهزم » وكان هذا التخويف كافياً لتغيير رأيهم فأخلصوا فى القتال فى صفوفه 
جماعت2 ويتبغى أن نذكر أنه كانت هناك إلى جانب البربر الذين هاجروا إلى الأندلس 
«سودانفى 2 واشتركوافى الفتوح جماعات من السودان أو السود . فقد قال صاحب ١‏ فتح 
الأندلس الأندلس ؛ مثلاً فى كلامه عن غزوات موسى  :‏ وقدم السودان بين يديه 
للفتح والغارة »7 » ويبدو أن أعدادهم كانت قليلة » وخذا كان أثرهم قليلاً . والغالب 
أنهم ظلوا جرد جنود يحاريون إلى جانب هؤلاء وأولئك . ثم اندرجوا فى جيوش الدولة 
الأموية بعد ذلك ولم نعد نسمع عنهم . 

,.ور20 تأثرت جماعات البربر المستقرة فى الأندلس بالبيئة الجديدة تأثراً عظيماً » فكان 
البربر بالبيئة ‏ الجيل الأول منهم لا يكاد ينقضى حتى يطلع الجيل الجديد أندلسيا قد أنسى 


التة ١‏ أصله واتخذ الأندلس وطناً » فأما من الناحية العقلية المعنوية فكانوا يجتهدون 


. ابن القوطية : افتتاح » ص35‎ )١( 
. 5 الأندلس. ص‎ حتف)١(‎ 


0 موالى بنى أمية 





فى التعرب : يتعلمون العربية ويقبل من له ميل منهم على دراسة الإسلام والتفقه فيه » وأما 
من الناحية المعاشية فنجد البربر قد ارتبطوا بمن يجاورونهم من أهل البلاد بالصهر والقرابة» 
وأخذوا عن أمهاتهم الإسبانيات لغتهن فى الحديث » أى أن شأن أولئك البربر كان شأن 
غيرهم من مهاجرة العرب » طوتهم البيئة الأندلسية الغلابة فى ثناياها » فأصبحوا أندلسيين » 
ومنهم من اتخذ لنفسه اسماً عربياً زيادة فى التعرب » ومن هنا كانت أسماء جماعاتهم ذات 
الأسماء العربية التى ذكرنا بعضها . ومن الواضح أن البربر كانوا أسرع اندماجا من العرب 
فى البيئة الجديدة » فقد حالت بين العرب وبين الاندماج السريع الكامل عصبيتهم ولغتهم 
العربيتان » أما البربر فلم يكن هناك ما يحول بينهم وبين الاندماج » لا عصبية ولا لغة 
مكتوبة . ثم عمل الإسلام عمله فيهم » فانتظموا وتحضروا » وأصبحت غالبيتهم مع الزمن 
فى جملة العرب الأندلسيين . وقد كان لهؤلاء الأندلسيين الذين رجعوا إلى أصل بربرى أعظم 
الأثر فى بناء الأندلس الإسلامى من كل ناحية . 

وقد أشار ليفى بروفنسال إلى أن الزواج بينهم وبين العرب كان قليلاً أو منعدماً » وليس 
لدينا ما يؤيد ذلك » لأن العرب مها قيل فى اعتزازهم بأنفسهم ل يكونوا يعتبرون أنفسهم 
جنساً متميزاً بدمه عن غيرهم » كما كان الحال مع الرومان أو القوط » بل كانوا من أكثر 
القرك اتترائيا يقيرهم .و للإستلام ذلك آل واشنده: 


ج-المولى 
ولا يكتمل الكلام على العرب والبربر بدون الإشارة إلى الموالى » فقد كانوا خلال هذه 
الفترة كلها عاملاً من أكبر العوامل فى توجيه تيار الحوادث » ثم كانت لمم بعد ذلك اليد 
الطولى فى إقامة دولة عبد الرحمن الداخل . 


+ موالى 2 نجد الموالى - مذكورين باسم ١‏ موالى بنى أمية » - لأول مرة فى حديث ابن 
بن أمية القوطية عن بلج بن بشر وفراره إلى ناحية طنجة بمن نجا من العرب من 

«معركة الأشراف » . وذلك حيث يقول : « وانخذل بلج بن بشر فى عشرة آألاف حتى نزل 

بمدينة طنجة : منهم ألفا مولى وثمانية الاف عربى 2١١»‏ . ولسنا نجد لؤلاء الموالى قبل ذلك 
)١(‏ وهؤلاء الموالى جزء من عدد عظيم من الموالى كان هشام بن عبد الملك قد بعث بهم إلى إفريقية . قال ابن القوطية : 
«نقدم كلثوم [ بن عياض ] إفريقية ومعه ثلاثون [ ألفاً من موالى ] بنى أمية وعشرون ألفاً من بيوتات العرب » » وقد 
انبزم هذا الجيش أمام البربر فى موقعة بقدورة ( أو نقدورة ) وم ينج من الجيش العربى إلا بلج وأصحابه » ثم 
«انخذل بلج بن بشر فى عشرة آلاف حتى نزل مدينة طنجة . وهى المعروفة ب الخضراء 4 . منهم ألما مولى وثمانية 
الاف عربى ا ص198. 


تكوين كتلة الموالى فى الأندلس 320١‏ 


ذكراً ككتلة 9 متراسكة » » وإنم) نجد أفراداً منهم مذكورين هنا وهناك مما يسمح لنا بالقول 
بأن قيام « موالى بنى أمية » كحزب أو كقوة سياسية فى الأندلس يرجع إلى تاريخ دخول بلج 
ابن بشر الأندلس » وقد انضم إليهم بعد ذلك من كان فى الأندلس من موالى بنى أمية ومن 
دخلها بعدهم . ثم من دخل فى ولاء البيت الأموى من أهل البلاد . 
17 ولا يتضح من إشارة ابن القوطية هذه ما إذا كان أولئك الموالى من موالى 
ولاق بنى أمية فى المشرق أو ممن من دخل فى ولائهم من أهل المغرب ء ولكن ما لدينا 
من أخبارهم بعد ذلك يدل على أن عدداً قليلاً منهم كان من موالى المشرق 

وأن أكثرهم كانو! من أهل المغرب الذين دخلوا فى ولاء بنى أمية أو عماهم . ومن الجدير 
بالملاحظة أننا نجد فيهم قبيلتين بربريتين كاملتين » هما بنو الخليع وبنو وانسوس )2١(‏ . 

ولا 7ن اتاد يق عانت نعي عرد معطي دو مزال الت الأمري الاين كان 
الخلفاء يبعثونهم مع الجيوش . فحينم| خرج كلثوم بن عياض من المشرق لقتال البربر مثلا 
كان جيشه يتكون من « عشرة آلاف من بنى أمية وعشرين ألفأ من بيوت العرب»”) 
والمراد ببنى أمية هؤلاء مواليهم من أهل الشام أو العراق وفارس ٠‏ ومن البدهى أن 
الكثيرين من هؤلاء الموالى المشارقة قد شاركوه فى فتح الأندلس واستقروا فيه » وتكونت 
منهم . ومن انضم إليهم تمن دخل فى ولاء بنى أمية من أهل المغرب والأندلس . هذه 
العصبة القوية التى سيكون ها أعظم الأثر فى مجرى الحوادث فييه] بعد . وقد دخل فى ولاء 
بنى أمية نفر كبير من أهل المغرب ودخل فى ولاء عمالهم ء وخاصة موسى بن نصير . عدد 
عظيم كذلك ٠‏ وقد ارتبط هؤلاء جميعاً برابطة الولاء نحو البيت الأموى حتى البربر الذين 
دخلوا فى ولاء بنى أمية كانوا أقرب إلى إخوتهم فى الولاء منهم إلى بنى عمومتهم من البريرء 
تما يدل على أنهم كانوا يعتبرون رابطة الولاء الجديدة أقوى من رابطة العصبية الأولى2». 

ويبدو أن التفرقة بين الموالى وغيرهم كانت واضحة فى ذلك العصر . وأن الموالى كانوا 
معتبرين فى مركز اجتماعى ومعنوى لا يقل عن العرب ٠‏ بل إننا نلاحظ أن العرب كانوا 
يميلون إلى أن يعتبروا أنفسهم موالى » فقد ذكر ابن القوطية فى أخبار أرطباس أنه « دخل 


. )25١ كان بنو وانسوس موالى عبد العزيز بن مروان . ( ابن القوطية : افتتاح . ص‎ )١( 
. ١4ص ابن القوطية : افتتااح الأندلس»‎ )( 
.7”2؟ص٠ نفس المصدر‎ )9( 

وقد كان بنو وانسوس موالى عبد العزيز بن مروان . نفس المصدرء ص 5١‏ . 


5 لفقي السام لمان 


عليه عشرة من الشاميين فيهم أبو عثمان وعبد الله بن خالد وأبو عبدة ويوسف بن بخت 
والصميل بن حاتم » فسلّموا وجلسوا على الكراسى المحيطة بكرسيه » فل) أخذوا مقاعدهم 
وحيًا بعضهم بعضاً دخل ميمون العابد » جد بنى حزم البوابين » وهو أحد الموالى 
الشاميين.. فقال الصميل : يا أرطباس » ما يعجزك من سلطان أبيك إلا نفاد الطيبة : أدخل 
عليك » وأنا سيد العرب بالأندلس . ويدخل أصحابى هؤلاء معى » وهم سادات الموالى 
بالأندلس »ء فلا تزيدنا من الكرامة على القعود على العيدان .. » (ص 94-78”) . 

أى أن الصميل وصف العشرة الذين كانوا معه بأنهم من الموالى » وابن القوطية يقول 
إنم كانوا عشرة من الشآميين فقط ء مما يُفهم منه أن الشآميين جميعاً كانوا يعتبرون وصفهم 
بالموالى شرفاً لهم » ويؤيد ذلك أن الصميل قال لهم بعد ذلك : ١‏ أنتم ملوك » ولم يكن 
ليصفهم هذا الوصف لولم يكونوا من سادات العرب جملة » لا من المواللى فحسب . 

وظاهر أن أعداد هؤلاء الموالى زادت فى الأندلس زيادة عظيمة » بدليل أن بلج بن بشر 
عندما سار للقاء اليمنية الذين كان يقودهم عبد الرحمن بن علقمة وأمية وقطن ابنا عبد 
الملك بن قطن خرج فى « عشرة آلاف من الأمويين والشآميين » ١(‏ . ثم تزايدت أعدادهم 
بعد اضطراب الأمر على الأمويين فى المشرق » ومصداق ذلك ما يذكره صاحب الأخبار 
المجموعة من أن « الطلب حينما اشتد على بنى أمية هربوا إلى الآفاق » وكانوا يسمعون فى 
الرؤية أن مستراحهم بالمغرب » فنزع أكثرهم إلى إفريقية»!"' » ولابد أن الكثيرين منهم 
عبروا إلى الأندلس » وسنرى براهين ذلك فيا يل من الأحداث . 
هلوقف وكان هؤلاء الموالى يعتبرون أنفسهم تابعين للبيت الأموى أو لمن عهد إليه 
السياسى “ماك الأمويون بالولاية » وهم لهذا لم ينضموا إلى عبد الملك بن قطن لأنه انتزع 
الأمر من الوالى الرسمى الذى سلفه وهو عقبة بن الحجاج » وحينا أقبل بلج بعهد خاله 
كلثوم بن عياض عامل هشام انضموا إليه » فلم قتل بلج انضموا إلى خليفته تعلبة بن ثوابة » 
وكانوا لهذا يحاربون البلديين لأهم كانوا يعتبرونهم ثائرين على بنى أمية » ومصداق ذلك ما 
يقوله ابن القوطية : « وانصرف عبد الرحمن بن علقمة إلى الثغر » وبقى عرب الأندلس 
وبربرها يحاربون الأمويين والشاميين » ويتعصبون لعبد الملك بن قطن الفهرى » ويقولون 


. ١5ص ابن القوطية : افتتاح الأندلس»‎ )١( 
. 5 الأخبار المجموعة .ص"‎ )١١( 


الموالى وقيام الدولة الأموية 7 





لعرب الشام : بلدنا يضيق بنا فاخر جوا عنا ..2 220 . 


وبقى هؤلاء الموالى إلى جانب الشاميين حتى أقبل أبو الخطار . ولا نسمع لهم ذكراً فى 
عهده . والظاهر أنه فرّقهم فى النواحى فيمن فرق من الشاميين . لأننا سنجد جماعات منهم 
بقيت فى قرطية وفيها زعماؤهم من أمثال يوسف بن بخت ٠.‏ وأمية بن يزيد . وتمام بن 
6 علقمة . وأبو فرَيْعة . 

وحينا انتصر يوسف الفهرى على أبى الخنطار وتخلص منه » بمعاونة الصميل بن حاتم » 
اعتبر نفسه الوالى الشرعى وحاول هذا أن يضع يده على موالى بنى أمية » فجعل يسميهم 
«موالينا ويظهر الميل إليهم »(' على اعتبار أنه الوالى الشرعى للأندلس والنائب عن خلفاء 
بنى أمية وصاحب حق الولاء على مواليهم . ولو قد كان يوسف صاحب رأى وسياسة 
لأفاد منهم ولقَرّى مركزه مهم فى صراعه المقبل مع عبد الرحمن بن معاوية » ولكنه كان 
ضعيف الرأى بعيداً عن السياسة » وكان أمره كله بيد وزيره الصميل بن حاتم » فاستطاع 
هذا أن يكسبهم إليه . فكانوا إلى جانبه إلى أن ظهر عبد الرحمن الداخل . 

وم يَعْل أمر موالى بنى أمية فى فترة | علا خلال الفترة التى سبقت قدوم عبد الرحمن» 
فقد كانوا كتلة طيبة متناسقة من الرجال الأشداء . وقد أيدوا يوسف الفهرى والصميل 
لتحاملههما على القحطانية 29 » لأنهم كانوا يكرهون هؤلاء القحطاتيين (اليمنيين ) 
ورؤساءهم » فكانوا خير نصير ليوسف والصميل فى صراعههما مع أبى الصباح وغيره من 
كبار اليمنيين . قال صاحب الأخبار المجموعة : 9 وكان لبنى أمية يومئذ بلاء عظيم معروف 
وصبرمحمود ء فكانوا من يوسف بأشرف المنازل ومن الصميل وجميع قيس ومضر ء 
فخرجوا مع قيس فيمن قوى من بنى أمية » 24 . 
7 - الموالل فلم| أقبل بدر مولى عبد الرحمن واتصل بهم بدأ موقفهم من المضرية يتغير» لأن 
وتام الدولة بدرأ خاطبهم بأحب لغة إلى نفوسهم » وأفهمهم أن انضامهم للأمر الجديد 
"5 إن) هو إنقاذ لهم من فوضى العصبيات فى الأندلس . والمراجع فى خلاف على 
(؟) ابن القوطية : افتتاح » ص١5‏ . 


() ابن القوطية : افتتاح » ص١5‏ . 
(5) الأخبار المجموعة . ص56 . 


54 الموالى وقيام الدولة الأموية 
ما اتفق معهم عليه : هل طلب منهم العمل على ١‏ إجارة » عبد الرحمن وإيوائه لإنقاذه من 
البربر فقط ء أو تحدث إليهم فى تحويل السلطان إلى عبد ال رحمن وإقامة دولة جديدة . والرأى 
الثانى أصح . لأن تطور الحوادث يؤيده ويدل على أخبم كانوا يسعون لتمهيد السلطان لعبد 
الرحمن لا لمجرد إيوائه وتأمينه . 

ول يَخْفَ ذلك على الصميل » رغم محاولة موالى بنى أمية خداعه » وكان الرجل رغم 
إسرافه فى الشراب وتشعث ذهنه ذكيا يفهم بواطن الكلام » ولهذا لم يكد يوافق على إيواء 
عبد الرحمن ويعد موالى بنى أمية بإرغام يوسف على إجارته وتزويجه ابنته » حتى روّى الأمر 
على نفسه وتبين خطورته » فبعث من استوقف رسوليهم فى منتصف الطريق » وأسرع بنفسه 
على فرسه الأبيض ١‏ الكوكب » وقال لما : ١‏ إنى منذ أتيتمونى برسول ابن معاوية وكتابه م 
أزل فى إدارة » فاستحسنت ما دعوتما إليه . ثم كان منى إليى) ما كان. فل| فارقتكما ريت 
فيه » فوجدته من قوم لو بال أحدهم فى هذه الجزيرة غرقنا نحن وأنتم فى بوله . وهذا رجل 
قد حكمنا عليه » مع ما لَه فى أعناقنا ( يريد يوسف الفهرى)... وأنا أعلمى] أن أول سيف 
يسل عليه ( أى على عبد ال رحمن ) فسيفى » فبارك الله لكما فى رأيكما ..» )١(‏ . 

وهى عبارة خخطيرة الدلالة » لأن الصميل كشف بها عن أعمق ما كان يدور بنفوس 
المولل » وأعلن إليهم عداءه الصريح لما يريدون » ومن هذه اللحظة فَهم هؤلاء الموالى أل 
خير هناك يرجونه من يوسف والصميل والمضرية جملة » وبدأت أفكارهم تتجه وجهة 
أخرى . اتجهوا نحو اليمنيين الذين كانوا يكرهونهم ويحاربونهم حتى هذه اللحظة » وقد 
جاء هذا التغير الحاسم دليلاً على ما كان يمتاز به هؤلاء الموالى من تمام المعرفة بأحوال البلد 
وسلامة حسهم السياسى ٠‏ فقد سارت قضية مولاهم عبد الرحمن من ذلك الحين صعدا » 
وقد قال أبو عثمان عبيد الله بن عثان أحد كبار هؤلاء الموالى يصف هذا التحول : ١‏ فانتقطع 
رجاونا من مضر وربيعة بأسرها » ورجع رأينا إلى أطباء اليمن وإدخالهم فى رأينا » ففعلنا 
ذلك من فورنا : لم نمر بيانى له بال وثقنا به إلا عرضنا عليه أمر ابن معاوية ودعوناه إليه» 
فألفينا قوماً قد وغرت صدورهم يتمنون شيئاً يجدون به سبيلاً إلى طلب ثأرهم » ورغبوا فى 
عقد بنى أعية بالأندلس »ثم رجعنا إلى جندنا وقد ينسنا من مضر فابتعنا مركباً .. » 297 . 





(١)الأخبار‏ المجموعة + ص ”لا . 
(5) نفس المصدر دص 5لا 


موال من أصول إسبانية 0 

ولصاحب ١‏ فتح الأندلس » عبارة على جانب عظيم من الأهمية تبين موقف هؤلاء 
الموالى وعلاقتهم بعبد الرحمن وبنى أمية » وذلك حيث يقول : « وشاور ( عبد الرحمن ) كل 
من معه من الأمويين فتالوا : إنما يرضى لك هذا الفهرى ببعض أعماله التى هى أعمالك 
وأعمال جدك » وإنما هو عامل لعامل ابن عمك , فيخرج عهده الذى يحاجنا به » فإنم) هو من 
عمال جدك أمير المؤمنين هشام » فلا والله لا نرضى لك بهذا حتى نكافحه دونك ويعود إلى 
حالته الأولى ويترك الأمر لك »2 (2 . أى أن قدوم عبد الرحمن قد حل رابطة الولاء التى 
تربطهم إلى هذا الفهرى الذى هو فى الواقع عامل لعامل إفريقية » وعامل إفريقية من عمال 
بنى أمية » فما معنى الولاء له وعبد الرحمن حفيد هشام مقيم بينهم ؟ 

والواقع أن موالى بنى أمية قاموا بدور خطير جداً فى إقامة أمر عبد الرحمن وتحويل تاريخ 
الأندلس كله وجهة جديدة » ولولا مؤازرتهم له والتفافهم حوله لما قام أمره » ولولا 
إخلاصهم له ولبنيه لما استطاعت الإمارة الأموية أن تسير على هذا النحو الموفق الذى 
سارت عليه . 


«-مون 22 وقد دخل الكثيرون من أهل الأندلس فى ولاء بنى أمية بعد الفتح » فقد 
من اصولإسباتية قال ابن حزم مثلاً فى ١‏ الجمهرة » فى سياق الكلام عن بنى قَسّى : « كان 
قسى قومس الثغر فى أيام القوط ‏ فلم) افتتح المسلمون الأندلس لحق بالشآم وأسلم على يدى 
الوليد بن عبد الملك ٠‏ فكان ينتمى إلى ولائه » ولذلك كان بنو قسى فى أول أمرهم » إذا 
وقعت الفتنة بين المضرية والبيانية يكونون فى حملة المضرية » فولدٌ قسى : فَرُنُونَ وأبو نور 
وأبو سلامة ويونس ويحبى »27) وتحدئنا الحوليات الأندلسية عن عدد كبير من هؤلاء الموالى 
الأندلسيين وبيوتهم تنوب وان بتو وسيل وين عوسية ورندر قار عه التو طزتين ع بغي هي . 
فقد دخل آباء هذه البيوت أول الأمر فى ولاء بنى أمية فى المشرق » ثم انتقل ولاؤهم إلى بنى 
أمية الأندلسيين » وظل بعضهم محتفظاً بهذا الولاء » واندرج بعضهم الآخر فى عداد 
المولدين . ولا شك أن هذا الولاء سار على نفس الأسس التى جرى عليها نظام الولاء فى 
المشرق » مع فرق واضح : هو أن الموالى فى الأندلس كانوا موالى البيت الأموى لا موالى 
قبائل عربية » | كان الحال مع الكثير من الموالى الفرس ٠»‏ فلم تذكر الحوليات الأندلسية 





. 55 فتح الأندلس .ص‎ )١( 
. (؟) ابن حزم : الجمهرة . ص1797‎ 


511 طبيعة ولاء الأندلسيين 





ولاء قوم لقبيلة إلا نادراً » فقد ذكر ابن حزم مثلاً فى الجمهرة » من بيوت البربر بنى سالم 
وبنى الفرج وقال إنهم موالى بنى مخزوم0١2.‏ 

4 طبيعة وليس لدينا نص يثبت أن هؤلاء الموالى الأندلسيين أو بعضهم كانوا موالى 
ولاء الأندسيين- عتاقة إلا فى حالات قليلة » فقد ذكر المؤرخون أهل ناحية من نواحى ماردة 
باسم «موالى موسى » وهم موالى موسى بن نصير» ويغلب على الظن أنهم دخلوا فى ولاء 
موسى بعد فتح الناحية عنوة فأعتقهم وصاروا مواليه . وذكر ابن الفرضى فى حديثه عن 
بعض علاء الأندلس مثل سُعدان بن إبراهيم .. بن زياد وابنه قاسم أن الأب كان ١‏ مولى 
الإمام عبد الرحمن بن معاوية ولاء عتاقة »7 . ولو قد كان سعدان هذا وأمثاله من موالى 
بنى أمية الذين أتوا من المشرق لاكتفى ابن الفرضى بالقول بأنه مولى بنى أمية » كما هى 
عادته » أما وقد ذكر أنه مولى عتاقة فلا يفسر إلا بأنه كان تمن صاروا إلى ملكية الأمويين من 
أهل البلاد أو البربر ثم أعتقوهم فصاروا مواليهم بالعتاقة. 


ويؤيد هذا ما يذكره ابن الفرضى عن عالم آخر هو إسماعيل بن بدر بن إسماعيل بن زياد 
إذ يقول إنه « مولى نعمة لبنى أمية من أهل قرطبة » (" » وموالى النعمة هم موالى العتاقة مع 
اختلاف يسير » هو أن مولى النعمة لا ينبغى أن يكون رقيقاً ثم أعتق » بل قد ينعم عليه 
بالولاء كشارة من شارات الإعزاز والتقدير . وهم فى الأندلس يختلفون عن الموالى إطلاقاً ‏ 
لأن ابن الفرضى يذكر الكثير من الموالى محدداً ولاءهم الأول أو مكتفياً بالقول بأنهم موالى 
بنى أمية » مثال ذلك : إسماعيل بن خلف المعروف بابن الخبازة من أهل سرقسطة ١‏ وينسب 
إلى ولاء بنى أمية » 247 » وإسماعيل بن القاسم بن عبدون ١‏ مولى أمير المؤمنين عبد الملك بن 
مروان من أهل قاليقلا »220 . وأسلم بن عبد العزيز بن هاشم ١‏ مولى عثمان بن عفان رحمه 
الله ؛ 29 » وحرث بن أبى سعد «مولى الأمير عبد ال حمن بن معاوية » 297 » وحسن بن عبيد 
)١(‏ نفس المصدر. ص 456 . 
(؟) ابن الفرضى : علماء . ترجمة رقم 0514١‏ . ٠لا١٠.‏ 
(*) ابن الفرضى : تاريخ علماء الأندلس ( طبعة كوديرا» مدريد )١847‏ ترجمة رقم 7١4‏ . 
(:) نفس المرجع » رقم 7٠١‏ . 
(6) نفس المرجع . رقم 77١‏ . 


() نفس المرجع » رقم 7174 . 
(1) نفس المرجع » رقم 4 37 . 


موالى اللاصطناع نان 


الله بن محمد .. بن رافع «مولى رسول الله يَكِيٍْ » 217 . وزكريا بن يحبى بن عايذ بن كيسان 
«مولى هشام» (") » وسليمان بن عبد الرحمن بن يزيد « مولى معاوية بن أبى سفيان » (© , 
وهكذا. 

وقد يكتفى المؤرخون بقوهم : ٠‏ من الموالى » (24 » كما هى الحال مع سعيد بن حميد بن 
عبد الرحمن » أو بقولحم : « مولى لهم »2*7 كا هى الحال مع سعيد بن عثمان بن سليمان 
بنى أمية ثم لآل سعيد بن العاصى » 2١7‏ . وقد يرد ذكر الولاء فى صورة غير واضحة . كقول 
ابن الفرضى فى ترجمة سهل بن إبراهيم بن نوح : ١‏ نسبه فى البربر ويوالى بنى أمية » . وقد 
أشرنا فيها سبق إلى دخول أعداد من البربر فى ولاء الأمويين . فقد رأينا أن بنى وانسوس 
يعتبرون أنفسهم موالى عبد العزيز بن مروان . 
موي22 وإذن فد عرف الأندلس فى هذا الرقت المبكر نظام الولاء » وكان الموالى 
الاصطناغ إما مشارقة أقبلوا إلى الأندلس مرتبطين بروابط ولاء قديمة للبيت الأموى 
أو لأفراد منه » أو مغربيين دخلوا فى ولاء بنى أمية أو قوادهم أو بعض قبائل العرب » 
وانتقلوا إلى الأندلس محتفظين بهذا الولاء » أو إسباناً دخلوا فى ولاء بنى أمية أو قوادهم 
وظلوا محتفظين » هم وأبناؤهم ء هذه العلاقة . 
الأحداث لا تدل على أنهم كانوا موالى عتاقة » بل موالى اصطناع . دخلوا فى ذلك الولاء 
التماساً للحماية أو شرف المنزلة » كا رأينا فى حالة بنى قسى . 

وتما يؤيد ما ذهبنا إليه من أن معظم أولئك الموالى كانوا موالى اصطناع ٠‏ أن عبد الر حمن 
الداخل عندما أراد أن يكسب يوسف الفهرى بعث إليه وفداً من مواليه . «وبعث معهم 
بكسا وفرسين وبغلين ووصيفين وألف دينار » وكتب إليه يذكر له اصطناع اباثه جد يوسف 
)١(‏ نفس المرجع , رقم 7141 . 
(0) نفس المرجع » رقم 147 . 
(؟) نفس المرجع » رقم 581 . 
(5) نفس المرجع . رقم 185 . 


(5) نفس المرجع » رقم 581 . 
(1) نفس المرجع » رقم 548 . 


مم أقمية امول فى تاريخ الأندلس 
( أى اصطناع بنى أمية لعقبة بن نافع جد يوسف القهرى ) ولأهله » ويدعوه إلى الصهر 
والتوسعة 2١7»‏ ممايدل على أن الاصطلاح المستعمل فى الأندلس للولاء هو الاصطناع . 

وكان أهل الأندلس يرعون حرمة الولاء » ويحافظ الخلف منهم على ما ارتبط به السلف 
منهم » فقد ذكر ابن القوطية كيف أن محمد بن موسى - وكان من بيت من العرب يقال لهم 
بنو موسى ء ١‏ وكان بنو عبد الرحمن الغافقى عامل الأندلس المتقدم ذكره يدّعون أنهم 
مواليه» - عندما تولى الوزارة أيام الأمير محمد . « بعث فى بنى عبد الرحمن بن عبد الله 
الغاققى » وكان هم عدد وثروة بمرنانة الغافقيين من شرف إشبيلية » فقال لهم : إنكم 
تدعون أمراً لو كان حقاً وعلمناه لم يحل لنا الانتفاء عنه » فهلم إلى أن تخلطونا بأنفسكم 
وتدعون أهلاً » فإن كتا مواليكم ى| تقولون فنحن منكم » وإن كنا من العرب فنحن بنو 
عمكم » فأجابه القوم وشكروا على ذلك » وصاروا أهلاً وصاهر بعضهم بعضاً » وانقطعت 
تلك الدعويات من يومئذ » 29) , 
ب -أهمية وعلى أى الأحوال لم يكن الموالى فى الأندلس فى هذه الفترة وما بعدهاء فى 
الوالى فتاديخ ١‏ نفس الوضع الذى كان فيه موالى المشرق ء فهناك كان المولى فى وضع 

اجتماعى أقل من وضع الحر ء أما هنا فقد كان الولاء شارة امتياز » ولم 

يحدث إلا نادراً أن ترفع العرب على الموالى » فقد ذكر ابن القوطية أن العرب احتجوا عندما 
عين عمرو بن عبد الله بن الليث - وكان مولى - قاضياً للجاعة فى قرطية (© . وفي] عدا 
ذلك كان الموالى فى مركز اجتماعى لا يقل فى شىء عن مركز الأحرار . وعندما أتى عبد 
الرحمن وأعانوه على إقامة الدولة أصبحوا فى مركز أعلى من مركز العرب الأحرار» فقد 
أصبحت الوظائف الكبرى مقصورة عليهم » وحرص أمراء بنى أمية على الاحتفاظ ببيوت 
ا موالى وإعطائهم مكاناً ممتازاً فى الإدارة والمجتمع , فلم يكونوا يعتمدون إلا عليهم. 

وقد أخلصت بعض بيوت أولثك الموالى للبيت الأموى إخلاصاً عميقاً مستمراً » 
وحملت عن البيت الأموى جانباً كبيراً من المسثولية » بحيث لا يمكن التأريخ للبيت الأموى 
بدون التأريخ لهذه البيوت إلى جانبه » ومن أكبرها بنو أبى عبدة وبنو حُدّير وبنو شهيد وبنو 


(؟) ابن القوطية : افتتاح » ص76 . 
(5) ابن القوطية : افتتاح » ص77 . 


أهمية الموالى فى تاريخ الأندلس 56 





عبد الرءوف وبنو فُطّيس وبنو مفيث 2217 - وأصلهم كلهم من موالى بنى أمية » بعضهم 
موالى البيت الأموى نفسه . وبعضهم موالى قوادهم ؛ وقد كان موالى البيت الأموى يسمون 
بموالى قريش » وكانت لهم الصدارة على غيرهم من الموالى . وفى عهد عبد الرحمن الناصر زاد 
مركزهم ارتفاعاً حتى صاروا يسمون بالأبناء (") . 

فأما بنو أبى عبدة فهم أبناء حسان بن أبى عبدة مولى مروان بن الحكم » وقد دخل 
جدهم الأندلس سنة 11١ه‏ / ١‏ "الام مع ابنه عبد الغافر الذى أصبح فيا بعد وزيرأ لعبد 
الرحمن الداخل . وقد ظل أبناء هذا البيت يتولون كبار المناصب إلى أيام المنصور بن أبى 
عامر » وقد تفرع عن هذا البيت يعد ذلك بيت أبى الحزم بن جهور أصحاب قر طبة فى عصر 
الطوائف 229 . 

وبنو حدير هم أبناء مولى من موالى عبد الرحمن الداخل » ولا شك أن أصلهم من موالى 
بنى أمية فى الأندلس » لأن المراجع لا تذكر أن عبد الرحمن أتى بمولاه هذا من المشرق . وقد 
أظهر أمر بنى حدير عندما نبغ منهم موسى بن محمد بن حدير الذى تولى أمر قرطبة أيام 
الأمير محمد . وقد ظل بنو حدير يتقلبون فى كبار الوظائف حتى أيام الناصر 247 . أما بنو 
شُهِيد فهم أبناء مولى من موالى عبد الرحمن الداخل » وقد ظلوا فى الوظائف إلى أيام الدولة 
العامرية . وكذلك كان الأمر مع بقية البيوت التى ذكرناها 2 . ومن الطريف أن بعض 
مؤسسى هذه البيوت دخلوا الأندلس عرباً أحراراً ثم دخلوا هناك فى ولاء بنى أمية 
المشارقة» ثم انتقلوا إلى ولاء بنى أمية الأندلسيين » ومثال ذلك بنو شهيد وبنو عبد الرءوف . 

وفى عداد هذه البيوت من موالى بنى أمية ذوات الأصول المشرقية تدخل بيوت الموال 
ذوات الأصول البربرية . مثل بيت الزجَّالى » وذات الأصول الإسبانية كبيت ينى قسى » 
وإن كان وضع هذه البيوت الأخيرة يختلف عن وضع الموالى المشارقة والمغاربة من حيث 


)١(‏ هم أولاد مغيث الرومى مولى الوليد بن عبد الملك ( أخبار مجمرعة . ص ٠١‏ ) وأول من امتاز منهم فى الأندلس 


2,١‏ 06 .م (1932 .وفمدط) عاعقزك بع ننه عقن لسكن54 عمعموكطن! : أهبوالع 010« - الاثّا 
4 بم !!!126 .م .آ] .ل 2 .عصقصانكسا! عمعدمكع نا عل عتنهوز!! نلذبلل8 2201 - الاع8ا 
(؟) اين الأبار : الخلة السيراء . 18-1715 . 
101 .م .!] عمممراندسك! عمعممكغ نا للفجااع امهم - الاظا 
2 الحلة السيراء» ص”7؟١‏ - 0 
)6( .99 99 .مم ناك .م0 ماخجالئع018هم - الاا 


56 اراء حول أصل ولاء الاصطتاع 


الوظائف ٠»‏ فقد قصرها أمراء بنى أمية على الموالى البلديين والشاميين ؛ ولكن مركز الموالى 
الإسبان الاجتماعى كان عظيراً» فقد كانوا سادة فى نواحيهم 20 . 

وقد بلغ من اختصاص أمراء بنى أمية هذه البيوت بالوظائف أن كان أفرادها يتنافسون 
على الوظائف حتى يتحير الأمراء » ومع ذلك كانوا لا يفكرون فى إخراجها عنهم . ىا 
حدث أيام الأمير عبد الرحمن الأوسط » فقد « تنافس الوزراء كلهم فى خطة الحجابة » 
واضطره كل واحد منهم إلى ألا يولى غيره » فأخذته ضجرة » فأقسم ألا يولى واحدا منهم » 
وأمر بالإقراع بين الخْرّان » ( خزان الأموال ) وكان الخزان يومئذ موسى بن حدير شيخ 
الخزان » وابن بسيل الملقب بالغماز وطاهر بن أبى هارون ( وكلهم من أهل بيوت الموالى 
هذه) ومهران بن عبد ربه لا قديم له » وكان له به اتصال وهو ولد فخرجت إليه القرعة فولى 
الحجابة أعواماً .. ثم مات ..» . وقد وضعت خطاً تحت "لا قديم له » لأن ابن القوطية أراد 
بها أن مهران لم يكن من أهل هذه البيوت القديمة » وقد كانت توليته الحجابة مصادفة » ثم 
عادت بعد ذلك إلى آل غانم ثم إلى ال شهيد وهم من موالى البيت الأموى . 
«-آراء حول 2 وقد لاحظ بعض الباحثين شيئاً من التشابه بين « الاصطناع » الذى شاع فى 
أصرولاء الأندلس الإسلامى ونظام الانتفاع 48 أو 56610113 الذى 
لاصطتع ١‏ عرفته الدولة الليونية الأشتورية الإسبائية » و( البنفاكتوريا » أقرب إلى نظام 
« الإلجاء » الذى عرفته الدولة الإسلامية فى المشرق ابتداء من القرن الرابع الهجرى » ومعناه 
أن يلتجىء مالك صغير إلى مالك كبير و يلجىء » إليه أرضه ويصبح من أتباعه فى نظير 
قيام المالك الكبير أو الإقطاعى القوى بحايته ؛ فكان الرجل يعتير «لاجئاً » والأرض 
«ملجأة » وهذا بالضبط هو ما يعنيه المصطلح الرومانى 8686110057 الذى أصبح في] 
بعد لوناً من ألوان الإقطاع الأوروبى . وقد لاحظ ليفى بروفتسال أن صاحب القاموس 
اللاتينى العربى المعروف بالفوكابيولستا 011568ا0086؟ يترجم كلمة 8606180676 بلفظ 
«اصطنع » بل إن لفظ ١‏ مولى » انتقل كما هو إلى المصطلح القانونى فى تلك المملكة 
النصرانية » فكانوا يقولون 8210113405 . 

وقد ذهب الذين يُرجعون نظم الدولة الليونية الأشتورية كلها إلى أصول رومانية » إلى 
أن مسلمى الأندلس أخذوا نظام الاصطناع عن نظام الولاء الرومانى 8867001110123 وهو 


. ١7ص‎ » ابن القوطية : افتتاح‎ )١( 


ملاحظات أخيرة على الموالى فى الأندلس 5 


رأى معقول إذا نحن اعتبرنا الظروف الخاصة التى أحاطت بتكوين النظم الإسلامية فى 
الأندلس » فقد يكون أولئك الأندليون الذين دخلوا فى ولاء بنى أمية من الداخلين فى 
ولاء البيت القوطى » فلم) صار الأمر للمسلمين انتقلوا بولائهم إلى بنى أمية ليحتفظوا بها 
كان هم من ميزات اجتماعية واقتصادية . وهذا هو التفسير المعقول لما فعله قسى عندما 
ذهب إلى المشرق ليدخل فى ولاء الخليفة الأموى مباشرة() . 
ملاحظات )0 ومهما يكن من أمر فمّد عرف الأندلس الإسلامى فى ذلك العصر نظام 
أخيرة على المواى الموالى »ء وكان هؤلاء أنواعاً وطبقات : منهم موالى رسول الله يي وموالى 
هاندا ١‏ عثان بن عفان » وموالى خلفاء بنى أمية » ثم موالى بعض موالى البيت 

الأموى مثل مغيث الرومى وموسى بن نصير » ثم موالى بعض القبائل العربية ؛ وقد كان 
عددهم جميعاً قليلاً بالنسبة لعدد السكان . ولكن عددهم كان محترماً بالنسبة لعدد العرب . 
وقد كان من الممكن أن يظل الموالى فى نفس الوضع الذى كانوا فيه فى المشرق » ولكن 
الظروف المضطربة التى أحاطت بالعرب خلال فترة الولاة » وانصرافهم إلى التحارب فيا 
بين بعضهم وبعض أعطت هؤلاء الموالى مركزاً ممتازاً » إذ ظلوا كتلة واحدة يسعى اليمنيون 
والشآميون إلى كسب تأييدها » ثم سنحت لهم الفرصة بدخول عبد الرحمن بن معاوية 
فاجتهدوا فى إقامة دولته ووضعوا أنفسهم تحت تصرفه » ومن ذلك الحين أصبحوا أهل 
الدولة وأصحاب اليد العليا» فارتفع بارتفاعهم معنى الولاء فى الأندلس » وأصبح وسيلة 
من وسائل علو المنزلة فى المجتمع وعلو المرتبة فى الإدارة » وأصبح أقرب إلى « الاصطناع » 
منه إلى الولاء الصرف . وأفاد من ذلك الإسبان الذين نقلوا ولاءهم من البيت القوطى إلى 
البيت الأموى » أو الذين دخلوا منهم فى ولاء الأمويين على أساس الباتروسينيوم الرومانى» 
فاحتفظوا بمكانتهم وثرواتهم وزاد مركزهم قوة كلما طالت بالبيت الأموى الأيام فى 
الأندلس 59) . 

وسيجرى على اصطناع الموالى كل أمراء البيت الأموى وخلفائهم . فقد اتخذ كل منهم 
لنفسه موالى انضموا إلى طبقة الموالى » حتى المنصور بن أبى عامر اتحذ لبيته موالى عُرفوا 
بالموالى العامريين . 
200 3 -200 .ما ل]] عط بموط'! عل أكتتا ملفولاع /ا قاط - لاا 
(؟) ويؤيد ذلك أن أولئك الموالى أصبحوا يسمون ١‏ بالأبناء » أى أبناء بيت الإمارة أو ١‏ أبناء نعم الخلفاء » كما يقول ابن 

القوطية (ص8) . بل كان كبارهم يسمون خلفاء الأمراء . وقد كان الواحد منهم يسمى « خليفة » ( انظر : ابن 

القوطية . ص14) . 





حرضا ملاحظات أخيرة على الموالي فى الأندلس 

وأساس هذا الاختلاف بين وضع الموالى فى المشرق ووضعهم فى الأندلس يرجع إلى 
الظروف الخاصة التى أحاطت بهذا البلد خلال الفترة التى نتحدث عنها . ولو لم تكن هذه 
الظروف لظل موإلى الأندلس فى نفس وضم أشباههم فى المشرق »ء بل ربا تلاشوا كقوة 
سياسية ء كبا كان الحال فى مصر الإسلامية مثلاً . وهذه الناحية تبين الأهمية الخاصة لعصر 
الولأة» فلولا ظروفه الخاصة لما كانت نظم الأندلس على النحو الفريد الذى نعرفه » وسئرى 
مصاديق ذلك عند دراستنا لنواح أخرى من النظم الأندلسية التى وُضعت أسسها فى عصر 
الولاة . 


أ 


© سدم 
» 
- 


ع 


الأندسى 


5 
-4 
35 

2١ 
2 
١ 
1 
2 
2 





إسبانيا فى النطاق الغربى قبل دخول العرب 560 


تحدثنا فى الفصل السابق عن عناصر السكان التى دخلت الأندلس بالإسلام أو مع 
الإسلام » ووضعت أساس إسلام الأندلس وعروبته » وبدأت فى تاريخ شبه الجزيرة 
الايبيرية صفحة « الأندلس »© ذات الحضارة الزاهرة والشخصية الفريدة فى بابها بين 
صفحات التاريخ . تحدثنا عن العرب والبربر والموالى » وقصرنا الكلام عنهم على فترة 
التأسيس التى تعنينا فى هذا الكتاب . وبقى الآن أن نتكلم عن الجزء الأكبر من عناصر 
سكان الأندلس : المولدين وأهل الذمة من نصارى وبهود . 
+ - إسباني 20 وسنرى فى سياق كلامنا على هذين العنصرين أن الإسلام والعروبة قد أثرا 
ف النطاق الربى فيهم) تأثيراً لا نكاد نجد له مثيلاً فى غير الأندلس ما دخل فى رحاب 
قبلدخول الدب الإسلام , فهذا الشعب الايبيرى الذى دخل عليه المسلمون كان قبل 
دخوهم شعباً أوروبياً نصرانياً فى غالبيته العظمى . يضم مجموعات قليلة من اليهود . وكان 
داخلاً فى نطاق الغرب الأوروبى الذى نشرت فيه روما حضارتها ولغتها » وكان متجهاً 
بإيهانه نحو روما عاصمة المسيحية الغربية » وكان يدين بالولاء للكنيسة الكاثوليكية (2 , 
ويتحدث لغة رومانية ايبيرية يغلب عليها الطابع الرومانى . ساها العرب لأول سماعهم 
إياها بالعجمية أو عجمية أهل الأندلس » وعندما زادت معرفتهم بها سموها اللطينية 29 , 
وكان هذا الشعب - نتيجة لذلك كله - يدور فى فلك الحضارة الغالبة على غرب أوربا إذ 


(١)انظر‏ : -لؤثلا #صدمكط دألمء دزوعاع! ما : كع عللفظ 28110 84401 1081885 باعلالاملرا 
.مم .111آ مدره (للخطاط تقلط التالالع81 الماللحع ممم دلنع تل دمدمكظ عل ملءمادنا] مع) مومع 
500 

(؟)انظر: (.1950 ,112020 .6 .33) اممعدموظ اعل دعمعع 03 : للخ”طااط متاحا لاط الإع الا 4101م 
مقدمة الكتاب » حيث يقول إن اللغة التى كان يتكلمها أهل إيبيريا قبل القرن الحادى عشر الميلادى لا يمكن 
تعرفها إلا على وجه التقريب . نظراً لقلة الأصول التى يعتمد عليها ٠‏ وكل ما يمكن قوله إنها كانت تضم ألفاظاً قليلة 
من لغة القوطء أما بقيتها فكانت لهجات مختلفة من اللاتينية العامة 21عانالا لقا . ولا زالت الدراسات مستمرة 
لتعرف هذه اللغة . انظر : 59 - 58 .م (1947 ,842060 ) 5ع25ئة5402 دما .4010485© كذاغط ١110‏ ذ1 
042 ل 


5 طبيعة حركة الامتداد الإسلامى 


ذاك » وهى حضارة لاتينية متأثرة با حملته جماعات المتبربرين إلى غرب أوروبا من ثروة 
لغوية جرمانية تختلف من قبيل لقبيل . ونظم سياسية جرمانية بدائية كان لها أبعد الأثر فى 
تكوين النظم السياسية وقواعد القانون التى جرت عليها مالك الجرمان جميعاً فى غرب 
أوربا فيا بعد 237 . 


انيه ثم دخل المسلمون هذه البلاد : لم يدخلوها ىا دخل القوط سادة حكاما 
حركةالامتعاد يباعدون بين أنفسهم وبين عامة الناس حفاظاً على سلامة عنصرهم أو صيانة 
الإسلامن 6 
لهيبة سلطانهم » بل دخلوها أثناء حركة الامتداد الدينى الفكرى البشرى التى 
بعثها الإسلام فى عالم القرن السابع الميلادى . وإنه لمن مخالفة الواقع مخالفة مقصودة أن يقال 
إن امتداد الإسلام كان حركة فتوح أو غزوات »ء أو أنه كان إنشاء لامبراطورية سياسية 
يسودها جنس بعينه » وإنما كان فى الواقع حركة استيقاظ تمتد من شعب لشعب كأنها أمواج 
يدفع بعضها بعضاً : فلا يكاد الإسلام يقبل على بلد حتى يستيقظ أهله ويهبُوا ليحملوا رايته 
بأيديهم. فقد فتح عرب الجزيرة الشام والعراق ومصر ء ثم انتقلت الراية -فيهما يتصل بنا هنا 
- إلى الشام » ففتح الشام المغرب » ثم فتح المغرب الأندلس . وكان العرب يقومون فى تلك 
الحركة كلها بدور الدافع الأول أو المحرك الأول » فلا تزال هذه الشعوب تنظر إل 
وتلتفت بقلوبها نحوهم » لا على اعتبار أنهم شعب بعينه » بل على اعتبار أنهم رمز الحركة 
كلهاء فصاحب الدعوة ورسوطا عربى » وكتاب الدعوة ودستورها - وهو القرآن - عربى» 
والمثل الأخلاقية التى أدت إلى النصر عربية . 
ومهما كان حكمنا اليوم على المثل الأخلاقية الجاهلية ‏ فلا نزاع فى أنها بدت لأهل هذه 
الأعصر شيئاً عظيراً شديد الجاذبية » ولا نزاع كذلك فى أن العربى الذى حمل عبء الفتح 
الأول » وشارك فى بقية الفتوح » وهاجر إلى البلاد - المفتوحة » كان - مهما حكمنا على 
تصرفاته الشخصية فى تلك البلاد - شخصاً ممتازاً جديراً بأن يقلد » فقد كان على الجملة 
شجاعاً لا يباب شيئاً » دءوباً لا يمل السعى » كريراً لا يضن بذات يده » عنيفاً -إذا 
استثيرت عواطفه - عنفاً جاهلياً كان أهل تلك الأيام يرون فيه صورة جميلة من صور 
الرجولة . وكان إلى جانب ذلك رقيقاً هفو نفسه إلى كل ما هو رقيق جميل » حتى لقد يحركه 


. سندرس هله الناحيه فيا بعد‎ )١( 


طبيعة حر كة الامتداد الإسلامى يذرانا 





بيت من الشعر إلى ما لا يحركه إليه الخطر الداهم (23 . 

وكان ألُوفاً بسيطاً لا يستقر إلى جانب قوم حتى يأخذ منهم ويعطى » ويصاهرهم. 
وتمتزج دماؤهم بدمائه ويشركهم فى أصله وحسبه . وكان رغم أصله البدوى القاسى يحب 
اللين والترف ويستطرف الجهال ى شتى صوره »ء ويستطيب ا حياة الناعمة » ومن ثم فإننا 
نجد هذا العربى الذى أشعل الأندلس ناراً » كا رأيناء ل يخرب ما نزل به من مدائن » وما 
مر به من منشآت . فعلى الرغم مما رأينا» من احتراب عرب الأندلس بعضهم مع بعض » 
وإسرافهم فى الخصومة على هذا النحو الذى رأيناه » ظلت المدن التى نزلوها قائمة عامرة 
تدور الحرب بظواهرها أو بعيدا عنها وهى آمنة » بل هم اعتبروا هذا الصراع أمرأ خاصاً بهم 
لا شأن لأهل البلاد به » فلم يؤذوهم أو يسيئوا إليهم. 

ومن أعجب ما يقرأ الإنسان فى حوليات هذه الأيام أن الصميل بن حاتم » هذا البدوى 
الجافى » على ما رأيناه من عنفه وجاهليته وقسوته على خصومه من العرب » ذهب إلى 
أرطباص كبير عجم الأندلس على أيامه فى رفقة عشرة من رؤساء عرب الأندلس ومواليهم 
ليطلب إليه أن يمنحهم شيئاً من الأرض » ولقد حاوره أرطباس محاورة ند لند » بل أخذ 
يُقرّعه ويقول له : « يا أبا جوشن » إن أهل ديانتك يخبروننا أن أدمهم لم يأخذك . ولو أخذك 
لم تدكر علنَ بر من بررت !» ثم مضى يلقى عليه درساً فى الإيمان فقال : ١‏ إنكم بإكرامكم 
[من أكرم] الله , إنا تكرمونه عز وجل . وقد روينا عن المسيح صل الله عليه وسلم أنه قال : 
« من أكرم اللْهُ من عباده » وجبت كرامته على جميع خلقه» .ثم يعلق ابن القوطية على ذلك 
بقوله : « فكأن) ألقمه حجرا ! ثم «وهبهم» مائة ضيعة » صار لكل واحد منهم عشر 





)١(‏ مثال ذلك أن أيا الخطار كتب إلى هشام بن عبد الملك بأبيات جعلته يغير سياسته نحو اليمنية » ما كان له أبعد الأثر 
فى تاريخ الأندلس فى هذه الفترة» وهذه الأبيات هى : 


أفائم عق عروان' فا دنناما وف الله - إن لم تتصفوا - حكم عدلٌ 

كأنتكملم تشهدوامرج راهفط وم تعلموا من كان ثم له النفل 

وقيناكم حر الوغى بصدورنا وليست لكم خيل تعد ولا رجل 

فلها رأيتم واقداللحرب قدخبا وطاب لكم منها المشارب والاكل 

تغافتم عنا كأن لم يكن لنا بلاء وأتم - ماعلمثُ - لها غفل 
ال اخرة: 00 
قال ابن القوطية : « ولما وردت الأبيات منه ولى حنظلة بن صفوان الكلبى على إفريقية ١‏ وامره أن يولى عمه ابا 

الخطار الأتدلس ....» 


ابن القوطية : افحاح » ص 14-18 ًٍ 


لواو العرب وأهل البلاد 


ضياع)217. 

فهذه صورة من المعاملات بين العرب ١‏ الفاتحين » وأهل البلاد » وإذا كان هذا هو 
موقف الصميل » على عتوه وجبروته » فمن باب أولى يكون التعامل بين عامة العرب وعامة 
الناس أبسط وأقرب إلى التعامل بين ناس لا يختلف أحد منهم عن أحد بشىء. وبرهاننا على 
ذلك أن نفس الخبر يقص أن واحداً من كبار صالحى العرب » وهو ميمون العابد » أتى 
ليطلب من أرطباس أن يعطيه ضيعة من ضياعه يعتمرها بيده ويؤدى إليه الحق عنها ويأخذ 
الحق » فقال له أرطباس : ١‏ لا والله ما أرضى أن أعطيك ضيعة مناصفة » ودعا بوكيل له 
فقال له : « ادفع إليه المجشر الذى على وادى شوش وما فيه من الغنم والبقر والعبيد وادفع 
إليه القلعة بجيان » وهى المعروفة بقلعة حزم » فملكها...» ()2. 


06- العرب وإذن فلم يستقر العرب فى الأندلس سادة مترفعين » وإن) نزلوها ناسا عاديين 
وأهلالبلاد يطلبون العيش فى سلام إلى جانب أهل البلاد . وربا كان هذا السلوك العربى 
آتزا م اتاو البيثةالأندلسية فيمق تدها مق 'الخرب: والبربر ء فق كان الأنيزيون الروهان 
شعباً مسالماً مجداً حسن العشرة » لم يلبث أن أنس إلى العرب وأنسوا إليه . ولدينا صورة 
طرينة جداً عن الحياة العائلية فى بيوت العرب بعد أن اتخذوا النساء من أهل البلاد » قال 
صاحب ١‏ الأخبار المجموعة» فى أخبار عبد العزيز بن موسى : ١‏ ثم إن ابنه عبد العزيز 
تزوج امرأة للذريق يقال لها أم عاصم ء فَهَمَّ ها » فقالت له : إن الملوك إذا لم يتتوجوا فلا 
ملك لهم » فهل لك أن أعمل لك مما بقى عندى من الجوهر والذهب تاجاً ؟ فقال ها : ليس 
هذا فى ديننا ! فقالت له : من أين يعرف أهل دينك ما أنت عليه فى خلوتك ؟ .. فلم تزل به 
حتى فعل . فبينا هو يوماً جالس معها ء والتاج عليه » إذ دخلت امرأة كان قد تزوجها زياد 
ابن النابغة التميمى » من بنات ملوكهم » فرأته والتاج على رأسه » فقالت لزياد : ألا أعمل 
لك تاجاً ؟ فقال : ليس فى ديننا استحلال لباسه » فقالت : فو دين المسيح إنه لعلى إمامكم! 
فأعلم بذلك زيادٌ حبيب بن أبى عبيدة بن عقبة بن نافع , ثم تحدثا به حتى علمه خيار الجند» 
فلم تكن له همة إلا كشف ذلك حتى رأآه عياناً » ورآه أهله صدقاً » فقالوا : تنصر ! ثم 
هجمواعليه فقتلوه ...200 


05 ابن القوطية : افتتاح » ص‎ )١( 
. 3١ أخبار مجموعة » ص‎ )"١ 


التزاوج بين العرب وأهل البلاد 54 


ورب| تكون يد القصاص قد فعلت فعلها فى هذا الخبر » ولكن مغزاه فى جملته عظيم 
القيمة » فهو يدل على روح المودة العائلية التى كانت تسود بيوت العرب بعد استقرارهم فى 
الأندلس واتخاذهم النساء من أهل البلاد » وهو | رأينا جو عائلى فيه ألفة وفيه محبة وفيه 
دعابة ذات معان عظيمة بالنسبة لمن يؤرخ لذلك المجتمع العربى الأيبيرى . أو الأندلسى 
بتعبير أصح . الذى نشأ عن الفتح الإسلامى للبلاد(١).‏ 


- التزدوج 2< القد اتجه اهتمام خليان ريبيرا » عندما أراد دراسة موضوع التزاوج بين 
بين العرب وأهل 9 المسلمين وأهل البلاد ‏ إلى الجوارى » ومضى يلتمس فى مجموعات الوثائق 

البلإد المتتعئلة > كمجموعة أنى عتعثر أدبن ماين مفيةت تضوضا كين 
إقبال العرب على شراء الجوارى الجليقيات والقطلونيات ومن إليهن("” . ولكن فاته أن 
الزواج بالجوارى كان قليلاً بالأندلس . فقد كن غاليات الثمن فى تلك البلا . قال 
الإصطخرى : « والذى يقع من المغرب الخدم السود من بلاد السودان والخدم البيض من 
الأندلس والجوارى المثمنات . تأخذ الجارية والخادم عن غير صناعة على وجوهههم| ألف 
دينار وأكثر » 7(" . ولم يكن يستطيع دفع هذا الثمن إلا القليل؛ أما بقية العرب والبربر فكانوا 
يصاهرون أهل البلاد مصاهرة عادية كالذى رواه ابن القوطية عن زواج سارة القوطية ابنة 
الدْدُ بن غيطشة » من تزويج هشام بن عبد الملك إياها من عيسى بن مزاحم « فقدم معها 
الأندلس وقبض ضياعها » وهو جد ابن القوطية » وولد له منها ولدان : إبراهيم وإسحاق » 
ثم توف عنها فى العام الذى دخل فيه عبد الرحمن بن معاوية الأندلس . فتنافسها حَيْوّة بن 
ملامس المذحجى وعمير بن سعيد اللخمى . فعنى تعلبة بن عبيد الجذامى بعمير بن سعيد 
عند عبد ال حمن بن معاوية » فأنكحه إياها » وولدت له حبيب بن عمير جد بنى سيد وبنى 
حجاج وبنى مسلمة وبنى حجر الجرز ء وهؤلاء أشراف ولد عمير بإشبيلية . إذ كان له 
أولاد من غيرها . ولم يشرفوا شرف هؤلاء » وهذا الخبر فى كتاب عبد الملك بن حبيب فى 
فتح الأندلس فى أرجوزة تمام بن علقمة الوزير أو أكثره» (؟) . 
(0) بم .1 موه (1928 لتعفدالا ) كوأنءكتم0 لا دع ده اعمعو0] ,1411400 لا مطع818 الداناناا 

22 

(0؟) نفس المصدر .ص ١١‏ ومايليها. 1 35 
(") أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسى المعروف بالإصطخرى : مسالك المالك . طبعة دى خويه . ليدن 19317 
(5) ابن القوطية : افتتاح» صن 5 ٠‏ , 

ولقب بنى حجر الوارد هنا : الجرزء يغلب أنه لفظ عجمى : 500مع © » أى : السمين . وبنو سيد الوارد ذكرهم 
فى النص يمكن أن تكون صحة اسمهم بنو سعيد . 


5 التزاوج بين العرب وأهل البلاد 

وإذن فقد ارتبط الكثيرون من العرب والبربر بعلاقات المصاهرة مع أهل البلاد وعاشوا 
معهم متجاورين متساوين » وعن طريق هذا التجاور انتشر الإسلام بين أهل الجزيرة . 
ومن الواضح أن المسلمين لم يحاولوا إرغام الناس على دخول الإسلامء لا عن عدم اهتام 
بنشر الإسلام » أو عن كراهة لانتشار الإسلام بسبب إضراره ببيت المال ىا يقول ليفى 
بروفنسال77©: بل لأن هذا كان أسلوب العرب الذى جروا عليه فى نشر الإسلام فى كل بلد 
دخلوه : كانوا - على الأغلب - يدعون الناس حتى يتبينوا فضائل الإسلام بأنفسهم 
ويدخل منهم فيه من يريد » بل ليس صحيحاً أن الجيوش الفاتحة لم تكن تعنى بالدعوة إلى 
الإسلامء لآن الحقيقة أنها كانت تضم دعاة للدين » بل كان الفاتحون أنفسهم يحرصون على 
إدخال الناس فى الإسلام » ومثال ذلك : ٠‏ أن الناس قحطوا بإفريقية عاماً فخرج [ موسى 
ابن نصير ] فاستسقى » فأمر رجلاً فققص على الناس ورققهم . فجعل يذكر ...» (). 

وذكر أن عقبة بن الحجاج السلولى كان : صاحب جهاد ورباط وذا نجدة وبأس ورغبة 
فى نكاية المشركين » وكان إذا أسر الأسير لم يقتله حتى يعرض عليه الإسلام حيناً ويرغبه فيه 
ويبشره بفضله » ويبين له عيوب دينه الذى هو عليه » فيذكر أنه أسلم على يده بذلك الفعل 
ألف رجل» 0©. 


ولا نملك من النصوص ما يمكننا من تتبع انتشار الإسلام فى الأندلس » ولكن ابن 
القوطية وابن عذارى يؤكدان انتشار الإسلام وقوته فى الأندلس ف أول ولاية السمح بن 
مالك (١٠٠١ه/‏ 9١/ام)‏ » قال ابن القوطية : « كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله قد عهد إلى 
السمح بإخلاء الأندلس من الإسلام » إشفاقاً دخل عليهم (كذا) إذ خشى تغلب العدو 
عليهم . فكتب إليه السمح بن مالك يعرفه بقوة الإسلام وكثرة مداينهم وشرف معاقلهم . 
فوجه حينئذ جابراً مولاه ليخمس الأندلس .. » 49). 


أما ابن عذارى فيقول إن السمح كتب إلى عمر بن عبد العزيز يقول : ١‏ إن الناس قد 


74.)١(‏ .م ,آ عدره (1950 ركامة2 .60 .ع2) عقدت أندنة1 عمعدموط ءا عل أونة ,لهب الع /801ط - الاظآ 
وقد قال ذلك أيضاً فى كتابه عن ١‏ إسبانيا الإسلامية فى القرن العاشر » ص 77-877 . 
(؟) انظر القطعة التى أوردها خليان ريبيرا بتاريخ افتتاح الأندلس لابن القوطية » ويغلب أنها مقتطعة من ١‏ الإمامة 
والسياسة »فيص .١854‏ 
(5) المقرى : نفح الطيب » طبعة محبى الدين » ج؛ »ص ١8‏ . 
(5) ابن القوطية : افتتاح »ص ١7‏ . 1 
والعبارة التى كتبنا إلى جوارها (كذا) يمكن تقويمها : إشفاقاً [ مما ] دخل عليهم ... 


عجم الأندلس - خطأ د تسميتهم با لمستعريين ١‏ 


كثروا بها وانتشروا فى أقطارهاء فأضرب عن ذلك © ('2» والمراد بالناس هنا المسلمون. ثم 
إن الأندلس يبدو لنا ء عند دخول عبد الرحمن الداخل . بلدا إسلامياً استبحر الدين 
واستقرت قواعده فيه » وتلك ظاهرة فريدة فى بابهاء فإن الفتح الإسلامى للأندلس لم يكن 
قد مربه نصف قرن , ومع ذلك فهى حقيقة واقعة لا مناص من قبوها وانتظار ما عسى أن 
نعثر عليه من نصوص تفسرها وتقدم لنا تفاصيلها . 
ع2 وقد كان المسلمون يطلقون على أهل الأندلس جميعاً اسم العجم أو عجم 
الأندلس الاندلس ء وربا أطلق اسم الروم ومفرده رومى ء وإن كانت هذه التسمية 
نادرة الاستعمال . فلما تمقكن سلطان المسلمين أصبحوا يسمون عجم الذمة أو الذمة أو أهل 
الذمة ء فمن كان لهم عهد منهم سموا المعاهدين ومقرده المعاهد » وربيا قالوا المعاهدة من 
التصارى أو التصارى المعاهدون : أما اليهود فكانوا يسمون اليهود فقط أو الذميين2). 

فلما بدأ أهل البلاد يدخلون فى الإسلام أطلق على من أسلموا منهم المسالمة - مفرده 
مُسالم - أو الأسالمة - مفرده أسلمى - ثم أطلق على أولادهم الذين نشئوا على الإسلام اسم 
المولّدِينَ - مفرده مولّد - واستمرت هذه التسمية تطلق عليهم حتى نهاية القرن الثالث 
الهجرى . ثم تلاشت بسبب اختلاط الناس وتحول أهل المملكة الإسلامية فى الأندلس إلى 


أند لسيير دون تييز0). 

4 خط أمالفظ «١‏ مستعرّب » وجمعهةه مستعرّيون » فلم يظهر فى النصوص 
تسميتهم أو الكتابات الرسمية إلا فى زمن متأخر على خلاف ما يظن ء وربا كان 
بالمستهربين 


اللفظ جارياً على الألسن فى اللغة الدارجة » كها تقول نحن ١‏ إفرنجى» فإذا 
كتبناه قلنا فرنسى أو إنجليزى أو أوربى أو أمريكى . ودليلنا على ذلك أن اللفظ لا يظهر فيها 
لدينا من كتب المؤرخين والجغرافيين والفقهاء وأهل الأدب ومن إليهم ١‏ ولكنه ظهر فى 
وثائق العقود الحارية بين الناس ابتداء من القرن الحادى عشر الميلادى » ثم فى كتايات 


. ص78‎ .)١448 ابن عذارى : البيان المغرب ( الطبعة الثانية . لايدن‎ )١( 
: انظر البيان الذى أورده سيمونيت‎ )5( 
للسفدا8) مقدموظ عل وعطدعةع2ه10آ ك1 عل دصواكنا!! .51854010181 االعاللهةل 01500لل14]‎ 1897 - 
1903( .معماقظ اعل ا -١الا .هم‎ 
. انظر : سيمونيت : نفس المصدر . ص8١ من المقدمة‎ )"( 
.مم .1 (60 .ع2) عصدص تتعب84 عمهممكع'! عل .2ؤ1لز لحجلاع/01جام - الاطلا‎ 74 - 5 


1 خطأ تسميتهم بالمستعربين 
نصارى الأندلس سواء باللاتينية أو الإسبانية القديمة (عجمية الأندلس ) ابتداء من القرن 
الحادى عشر أيضاً . 

ففى الوثائق اللاتينية كانوا يقولون :118005 2]0116 1102352665 ,8205| اعاقة0 » 
وذْلك غير للتضارئى الآندلسيين من أهل النوانقى التى اننثولى عليها ملوك إسبانيا 
النصرانية عن القشتاليين والفرنجة وهم المهاجرون إلى إسبانيا النصرانية من أهل غالة » من 
أقبل للاشتراك معهم فى حرب المسلمين » ثم استقر فى النواحى التى استغلبها النصارى 
وأصبح من أهلها . وكان ملوك النصارى يميزون رعاياهم من القشتاليين وحلفاءهم من 
الفرنجة عن نصارى الأندلس الإسلامى الذين دخلوا فى طاعتهم . فقد كان أولتك 
الأخيرون مستعرّبين ثقافة ولساناً وأسلوب حياة ؛ وكانت لهم طقوسهم الدينية الخاصة بهم 
المسماة ©2/102:31810 1610 11 » وكان لهم رجال دين خاصون بهم يقيمون صلواتهم على 
أسلوب خاص وبلغة خاصة هى عجمية أهل الأندلس » وهى خليط من الايبيرية الرومانية 
القديمة واللاتينية الدارجة والقوطية والعربية » ثم ألغيت هذه الطقوس فيا بعد » وفرضت 
الطقوس الكاثوليكية واللغة الكاثوليكية على نصارى إسبانيا جميعا . 

ويبدو أن هذه التسمية كانت شائعة على ألسن نصارى الأندلس فقط » وأن استعالها فى 
إسبانيا النصرانية لم يبدأ إلا عندما استولى ملوك النصارى على بلاد فيها إسبان نصارى 
مستعربون . لأن إحدى الوثائق التى صدرت عن الامبراطور ألفونسو السابع حوالى سنة 
تقول : 110241265 208210126 010105 (- الذين يسمون مستعربين ) » وق 
خطاب وجهه البابا يوجين الثالث إلى أهل طليطلة سنة 55١١م‏ ( سقطت طليطلة فى أيدى 
النصارى سنة 860١٠م)‏ يقول : 017ااةناء7102 5ع2/101236 دمهكننان (- أولعك الذين 
يسمون مستعربين ) » وجاء فى تاريخ حياة القديس تيوتونيوس 1601011115 التى كتبت فى 
نفس العصر : -0؟ 1020221865 0ع أمالا 01105 856111612 115]1820110112تأك 010210213 
مق (- وأولئك النفر من المسيحيين الذين يسمون فى اللغة الدارجة مستعربين » وفى 
منشور صدر عن الامبراطور ألفونسو السابع إلى أهل وادى الحجارة سنة ١8‏ ١يقول:‏ 
عل وااتلاللة 1ا0آ تتناكء 1311 معت 1105ل 11112313615 25018005لآء 10]05 05 80 


201651216 111. 


خطأ نسميتهم بالمستعربين 1 





(> إل يا جميع النصارى المستعربين الذين استخلصتهم بفضل الله من سلطان العرب ) . 
ونصوص ذلك العصر كله تفرق بينهم وبين نصارى قشتالة والفرنجة تفريقاً واضحاً ىا 
رأينا » بل كانت النصوص تؤكد اختلافهم عن بقية النصارى فى طقوس العبادة ؛ بسبب 
اختلاطهم بالعرب واستعرابهم » فقد جاء فى كتاب عن الراهب شيمينيوس أسقف طليطلة: 
٠/111 0‏ 1 لطعم قلاط زط 2 0ن كعلتصضعط 1ل70زكناكق معنظ 
ا11108 اناء1 !01 15 1؟ كلاء1)كة [دعاععع تطنده! ١!‏ اع التتاد لأداعمم32 
(- وهذا يسمى الناس الذين عاشوا مع العرب مستعربين » وطقوسهم الكنسية تسمى 
الطقوس المستعربية) .2١(‏ 
وخلال القرن الثانى عشر ظهرت الكلمة فى وثائق النصارى الأندلسيين فى البلاد التى 
استولى عليها النصارى . وكانوا يكتبون هذه الوثائق بالعربية » فكانوا يقولون مثلاً : : دون 
يوان مستعرب » (- السيد خوان - أيام العرب كان يسمى يحيى - المستعرب ) . وى بعض 
الأحيان كانت الكلمة تكتب بصيغتها العجمية » تما يدل على أن اللفظ لم يكن يكتب قبل 
ذلك بالعربية » فقد جاء فى إحدى الوثائق « دون يوان - مستارّب » . ولكن الأغلب أن ترد 
الكلمة فى هذه الوثائق فى صورتها العربية الصحيحة: ١‏ دون بطرّه بن مرتين مستعرب » 
و«دون لب بن بيطره مستعرب » و«..من كبار مدينة طليطلة من المدرجين والمستعربين 
وَالمَْتَلَنينَ » و « دون دُمِنْقّه (مع190018) ابن بيطره الذى كان أميناً للحصارين » . 
بل كانوا يستعملون اللفظ ى صيغته الإسبانية : « .. بقرية عين الديك المسماة يبال دى 
مستعريش فى شِشْلة مدينة طليطلة » : أى أن قرية عين الديك كانت تسمى 46 7/81 





. ) أورد هذه النصوص كلها سيمونت فى مرجهه الذى أشرنا إليه ( ص 4 وما يلها من المقدمة‎ )١( 

وقد جرت عادة المؤرخين المحدثين على تسمية أهل الذمة من النصارى الذين عاشوا فى ظلال الحكم الإسلامى 
بالمستعريين . وهى تسمية خاطتة كي رأينا . وأول من وقع فى ذلك الخطأ هو سيمونيت نفسه ء فإنه لم يعن بدراسة تاريخ 
هذا اللفظ » وإن كان هو صاحب الفضل فى اكتشاف أصله العربى . فقد كان الناس قبله فى حيرة من هذا الأصل ء 
وجعله بعضهم محرفاً عن 141122065 أى المختلطين بالعرب . وتلاحظ أننا نقرأ اللفظ « مستعرب » بكسر الراء 
وصحته بفتحها » لأن أهل الأندلس كانوا يقولون ١‏ موزاراب ؛ لا موزاريب . وقد جرى على نفس الخطأ قسمى 
تصارى الأندلس الإسلامى مستعربين ليفى بروفنسال وإيزيدورو دى لاس كاخيجاس وبقية مؤرخى إسبانيا 
الإسلامية من الأوربيين . وقد عنينا نحن هنا بالبحث عن هذا اللفظ فى كتب المسلمين فلم نجده . فرجح لدينا أنه كان 
لفظاً دارجاً جرى على ألسنة الناس فى الأندلس للدلالة على الذميين الذين استعربوا لساناً وأسلوب حياة» وأنه لم يظهر 
فى الكتابات إلا من القرن الثانى عشر الميلادى أو أواخر الحخادى عشر على الأكثر : ظهر فى الكتابات اللاتينية أولا ثم 
انتقل إلى كتاب الإسبان أنفسهم كما هو وارد فى النص . 


524 المسالمة والمولدون 





١ 65‏ وادى المستعربين ) فى ناحية طليطلة (21. 


وإذن فلفظ مستعرّب لم يستعمل عند عرب الأندلس بصورة رسمية » وإنما كان الجارى 
قوهم: « العجم » أو « التصارى » أو « نصارى الذمة 4 » تفريقاً لحم عمن أسلم منهم حديثاً 
( الأسالة والمسالمة » أو أبناء هؤلاء ( المولدين )2 . فابن حيان يقول : #«حصون المسالمة 
والنصارى » و ١‏ تحزيت المسالمة مع المولدين » وابن الأبار يقول : «فصب على المولدين 
و1 لعجم منه ؟ . 

ويبدو أن الاستعراب كان يسبق الإسلام فى معظم الحالات » فقد اختلط العجم 
بالمسلمين وأخذوا لغتهم وأسلوبهم فى الحياة » ثم كان يسلم منهم من يسلم شيئا فشيئا » بل 
كان بعض أولئك العجم ما يكادون يسلمون حتى يظهروا تفوقاً فى العربية » بل منهم من 
عمر بن الخطاب » من أهل إشبيلية أنه كان « من مسالمة الذمة » فملاً إشبيلية علياً وبلاغة 
ولساناً ؛ حتى شرقت به العرب » فل) حدثت الثائرة بينها وبين الموالى قتل يومئذ » وذلك 
سنة 4519/5 (25, 

وكان هذان القريقان : أهل الذمة والمسالمة » ثم أبناؤهم من المولدين » يُكؤّنون معظم 
سكان الأندلس » ابتداء من نهاية الفترة التى نتحدث عنها . وكان عدد أهل الذمة أكثر بكثير 
من المسالمة والمولدين أول الأمر» ثم لم يزل عدد هؤلاء الأخيرين يزيد حتى أصبحوا معظم 
سكان الأتدلس . 
والمولدون وضعهم العام ووضع العرب والبربر المسلمين أصلاً » فقد كان الذمى إذا 
أسلم انتقل إلى وضع المسلمين دون تفريق أو تمييز » وهذه ظاهرّة أخرى يختلف فيها 
الأندلس عن سائر نواحى الدولة الإسلامية » بل ليس لدينا دليل واحد على أن الأندلس 
عرف التمييز بين الصلح والعنوة . نعم شرع بعض الولاة فى إحصاء نواحى الأندلس 
وتعرف ما فتح منها صلحا وما فتح عنوة » | سنرى » ولكن هذه العمليات لم نتم » وبقى 
الخال فى الأندلس مبهياً فى هذه الناحية » فأصبح غير المسلمين كلهم ذمة دون تمييز » ومن 
أسلم منهم دخل المجموعة الإسلامية » وتلاشى كل شىء يتصل بأصله تماماً . 
000( لاا - /311 .مم باك .مه ,51540381 .1 5 
(؟) ابن الفرضى : علماء الأندلس» ترحمة /511 . 


رأى بروتال 516 


وربما كان السبب قى ذلك هذه القلقلة التى سادت عصر الولاة كله » فلم يتسعم وقت 
الولاة لتنظيم شىء أو لتحديد وضع » فسارت الأمور على عواهنها . وسنرى مصاديق ذلك 
فى كلامنا عن الإدارة والمال فى الفصل التالى . وستتبين أن ذلك كان من حسن حظ 
الأندلس . ورب ضارة نافعة ! قلو أن « جهبذة » الولاة والعمال عملت فى هذا البلد عملها 
الذى عملته فى غير الأندلس من بلاد الإسلام لما أسلم أهله واستعربوا بهذه السرعةء ولا 
كانت لأهله هذه الصفحة المشرقة فى تاريخ الإسلام . 

وربها كانت الجماعات الأولى من أولئك الذين أسلموا من العبيد ورقيق الأرض ء فقد 
رأينا أن إسبانيا القوطية ضمت من الأولين آلافاً كثيرة » ثم إن حالة رقيق الأرض كانت من 
السوء بحيث بدا الإسلام لأولئك الناس وكأنه خلاص من التاعب والشقاء . وسنرى أن 
الجيايات فى الأندلس كانت أخف بكثير من مثيلاتها فى الأمصار الأخرى » وأن أهل 
الأرياف كانوا أحراراً » سواء أسلموا أم لم يسلمواء وأنهم تمتعوا فى ظل هذا العهد الجديد 
الذى طلع عليهم بأمان ورفاهية الم تعرفها أوروبا إلى أواخر القرن العاشر الميلادى على 
الأقل . 
و وى كان أولئك المالمة والمولدون إذن من طبقات اجتاعية شتى قبل إسلامهم ١‏ 
بوفنساك > كان منهم العبيد ورقيق الأرض والزراع وأهل المدن بشتى صنوفهم : 
الأشراف والأوساط وأهل الأسواق ٠‏ وكان فيهم موالٍ وغير موالٍ . فتساووا جميعاً فى 
رحاب الإسلام . وجدير بنا أن نلاحظ أن الأندلس لم يعرف التشدد والتعصب حتى إمارة 
الأمير هشام بن عبد الرحمن الداخل . عندما قامت دولة الفقهاء وتسلطوا على العامة 
ونصبوا أنفسهم حكاماً إلى جانب الأمراء . 

ويؤيد الأستاذ ليفى بروفتسال ما ذهبنا إليه من إقبال أهل الجزيرة على الإسلام ويقول : 
«وقد أصبح نفر من أبناء أولئك المسلمين الجدد من مياسير أهل الطبقة الوسطى . بل منهم 
من أصبحوا سادة أغنياء عن ريق التجارة أو الزراعة . وقد مضوا فى هذا المضمار حتى 
غاب عنهم أن أجدادهم كانوا مستقرين فى إسبانيا قبل الإسلام بزمن طويل ٠‏ وذهب 
بعضهم إلى ادعاء نسب عربى - دفعوا فى تلفيقه مالا كثيراً - يسمح لهم بالزهو بأنهم من 
أصول عربية ٠.‏ واحتفظ بعضهم بعد إسلامهم بأسمائهم القديمة » وظلوا يعرفون بها مثل 


545 بن ا 


بنى أنجلين 0861180له وبنى شَّيَرِيقٌ 33085800 الإشبيليين » وفيا بعد ذلك بزمن طويل » 
بنى ل م6ع00.آ وبنى العَبْطرنُه مصنغط م[ وآخرين كثيرين . 

ولقد فخر أحد مؤرخى إسبانيا الإسلامية » وهو ابن القوطية » الذى عاش فى القرن 
العاشر الميلادى » بأصله الذى يرجع به إلى بيت الملك غيطشّة » وهذا هو السبب فى تلقبه 
بابن القوطية . ولكن الذى كان يحدث فى غالب الأحيان أن التزاوج بين المولدين والمسلمين 
الداخلين كان يقضى عند بيوت هؤلاء المولدين على ذكريات أصوهم الإسبانية البعيدة . 
وقد حدثت على عجل حركة اختلاط بشرية واسعة المدى بين عناصر سكان أهل الجزيرة 
الأندلسية» وأصبح من العسير شيئاً فشيئاً ييز أهل البلاد الأصليين من الداخلين عليهم » . 

« ومهما يكن من أمر فإنه - حتى فى حالة أولئك الإسبان الذين تخلوا عن دين 
آبائهم واتخذوا أسلوب حياة المسلمين الداخلين » واندرجوا فى نطاق نظامهم الاجتماعى - لم 
يفقد المولدون أبداً شخصيتهم الخاصة بهم » وإنه ليرجع إلى وجود أولئك المولدين فى ذلك 
البلد - ووضعه متطرف وجزرى منعزل بالنسبة لبقية بلاد الإسلام - أن تميز الأندلس فى 
نواح كثيرة بأنه قطعة فريدة فى بايها فى عالم الإسلام » سواء أكان ذلك التفرد فى صور حياته 
السياسية أو كان فى مثله الأعلى الحضارى والثقافى . 

ومن المهم ألا ننسى أنه ابتداء من القرن الثامن ( الميلادى ) أو التاسع على الأكثر » حتى 
القرن الخامس عشر ء لم تكن اللغة العربية قط هى اللغة الوحيدة المستعملة فى الأندلس » 
وأنه كانت هناك عناصر كثيرة من سكانه تتحدث بلهجات دارجة عجمية مشوبة بالايبيرية 
والعربية ولكنها مشتقة قبل كل شىء من اللاتينية » وليس هناك ما يمنع من القول بأنه إلى 
عصر متأخر من عصور التاريخ الأندلسى » غلبت على ألسنة أهل الأندلس رطانة عامة 
إسبانية 2١(‏ فى كل مكان تقريباً » وتحدث بها الناس أكثر مما كانوا يتحدثون بالعربية » ومن 
الطبيعى أن يكون ذلك أظهر فى الأرياف منه فى المدن » وقد غلبت هذه الرطانة بصورة 
أوضح على اللهجات البربرية»20). 





)١(‏ استعمل المؤلف هنا لفظ 66]8* اليونانى . والكوينيه كانت لغة دارجة مستعملة فى البلاد التى على شوادامء البحر 
الأبيض كلها » وكانت جارية على ألسن التجار والملاحين فى نواحى هذا البحر كلها . ٍ 
(9)- 76 .مم بآ ملا 1950 بواعوط (.0ث6 .ع2) عتق ص اناكن8 عمعدمة8'! عل .اكتل] ماخجلة/1 20 - الاثانا 

77 


وقد علق المؤلف عل هذه العبارة فى الهامش بالإشارة إلى ما سبق أن ذكرتاه من قول ابن حزم أن عرب دار بلى - 


آراء فى أجناس سكان الأندلس 5 





: -آراء فى وف موضع آخر من « تاريخ إسبانيا الإسلامية » يقول ليفى بروقتنسال‎ ١ 
أجناس سكان «وتعطينا عبارة لم تنشر بعد لمؤلف أندلسى نجهل‎ 
الإبدلين رسالة قديمة عن كبار بيوت أهل فاس ( بياناً بالغ الغرابة عن التكوين‎ 
البشرى للمجتمع الأندلسى وعن اختصاص كل عنصر من العناصر التى كان يتألف منها‎ 
السكان المسلمون فى الجزء الذى ساده الإسلام من شبه الجزيرة فى نهاية الخلافة بشىء من‎ 
الأعمال الزراعية أو الصناعات اليدوية : ويمكن تقسيم هؤلاء السكان بناء على ما ذكره‎ 
ذلك المؤلف المجهول إلى أربعة أجناس : البربر الذين دخلوا الأندلس من المغرب‎ 
- أو إفريقية » وأهل البلاد من النصارى الذين دخلوا الإسلام » واليهود الذين أسلمواء ثم‎ 
بطبيعة الحال وفى المكان الأول - العرب . ويضمون الماشميين وبقية العرب الذين هاجروا‎ 
إلى الأندلس من جزيرتهم بكل جرائيمهم ( - أصوهم ). وقد انضافت لكل من هذه‎ 
. » الأجناس جماعات من الموالى‎ 

« واستناداً إلى المعلومات التى يوردها هذا المؤلف » كان العرب الذين دخلوا إسبانيا من 
الحجاز أو اليمن أو الشام أو مصر أو ليبية أو إفريقية وحتى من السوس الأقصى . 
يتجمعون ف المدن الكبيرة » حيث كانوا يتجنبون قدر المستطاع الاشتغال بالحرف البسيطة 
ويحتلون أعلى الوظائف فى خدمة الدولة أو القضاء » واشتغل بعضهم بالتجارة أو عنوا 


اسمه . أوردها فى سياق 


- شهالى قرطبة كانوا إلى عصره لا ينحدثون : اللطينية » ( الجمهرة ١3‏ 4) مما يدل على أن ذلك الفريق من العرب كان 
شيئا نادرا. 
)١(‏ اسم هذا الكتاب « ذكر مشاهير أهل فاس ف القديم * . وقد ألف ف القرن الخامس عشر . انظر: 
0016 39 بم 1 .اقعلاءعء0ل منذاكا : عاذبوا ١ع‏ ١0خ‏ - الاعا 
وتوجد نسخة من هذا المخطوط ف المكتبة الشريفية فى رباط ( رقم )١1795‏ والنص المشار إليه فى الورقة 5١‏ . 
وإليك نص التعليق الذى يشير إليه بروفنسال فى هذا المرجع: ورد هذا المخطوط من مكتبة البعثة العلمية القديمة 
فى مراكش » وهو موجود ف المكتبة الشريفية فى رباط تحت رقم د 17914 (1394 .10) وقد نسب هذا المؤلف الصغير 
إما إلى عبد القادر الفاسى المتوقى سنة ٠4١٠ه‏ / ٠178م‏ - انظر عنه كتابى ( كتاب بروفنسال ) تاريخ الشرفاء 
.265 - 264 .مم .قأروط© دعل كدعرم)ؤوز1! - أو إلى أبى الوليد إسماعيز بن الأحمر مؤلف كتاب « روضة النسرين » 
المنوفى فى فاس عام /801/ ١1١2-1404‏ . ويبدو أن نسبة الكتاب إلى المؤلف الثانى أقرب إلى المعقول . بشرط أن 
يُْفهم أن الإشارات المتعلقة بحوادث وقعت بعد وفاة ابن الأحمر قد أضيفت فيا بعد. وهى إشارات كثيرة تتعلق 
بحوادث القرن التاسع الهجرى. انظر : عبد الحى الكتانى : فهرس الفهارس . فاس سئة ١17‏ للهجرة » ج١1‏ ء 
ص١ .1١١‏ 
1ل .ا .كممدعلط كقهل ,كعمتدء35/13:0 كدعلبئط كعننواط كعل اتتاكدآ'!| عل عغععهه) .ع11الا بل د5عاعمة 
6] .م1934 


وقد اطلعنا على هذا المخطوط والفقرة المشار إليها وأبدينا اراءنا فيها فى امن . 


14 آراء فى أجناس سكان الأندلس 





باستثمار أراضيهم . وليس فى هذه العبارة - أى عبارة المؤلف الأندلسى - شىء جديد لم 
نكن نعلمه . ويكفى أن نلقى نظرة على خريطة توزيع السكان فى الأندلس ف القرن التاسع » 
لكى نتبين أن المهاجرين العرب لم يعقدوا صفقة خاسرة عندما استقروا فى الأندلس فى 
المناطق الأوفر غنى أو الأكثر خصباً أو التى حبتها الطبيعة بخيراتها من الجزء الساحلى 
والذى يليه إلى الداخل فى جنوبى الجزيرة أو شرقها . فد كانوا يختصون أنفسهم فى هذه 
النواحى بأحسن الأراضى » ويضمنون لأنفسهم بذلك دخولاً تسمح هم بالعيش عن سعة 
سواء فى ممتلكاتهم » أو - وكان هذا هو الأغلب - فى عواصم النواحى أو فى كبار المدن » 
وخاصة إشبيلية وبلنسية وسرقسطة » وحتى فى العاصمة ( قرطبة ) فى القرن الغاشر » إذ 
اجتذبتهم إليها لطائف الحياة المترفة التى كان يحياها أشراف قرطبة حول بلاط 


الخليفة...23(6, 
وقد عاد بروفنسال ففسر كلام ذلك المؤلف الأندلسى وذهب إلى أن سكان الأندلس 
يُقسّمون » بناء على ذلك الكلام » كما يل : 
() أبناء الإسبان الذين دخلوا فى طاعة المسلمين صلحاً ودخلوا فى الإسلام وأقاموا فى 
مواضعهم التى كانوا فيها . 
(ب») أبناء الإسبان الذين دخلوا فى طاعة المسلمين عنوة » فأصبحوا بحكم الفتح أسرى 
ثم أسلموا وأقاموا فى مواضعهم . 


(ج) أبناء المستعربين الذين أسلموا بعد الفتح » وأبناء أسرى النصارى الذين أتت بهم 
الفتوح والغزوات » ثم اعتنقوا الإسلام واستقروا نهائياً فى الأندلس (). 
ثم قال : « إن هذا التقسيم يبدو مطابقاً للواقع إذا عرفنا أن دخول الإسلام لا يستتبع من 
تلقاء نفسه المساواة فى الحقوق الكاملة بين من أسلموا صلحاً ومن أسلموا عنوة . وعلى أى 
الأحوال » فقد اقتصر أولتك المسلمون الحدد - الذين كانوا يُعرفون كا رأينا بصورة عناهة 
بالمولدين والمسالمة ( أو الأسالمة ؛ » ويحسب هذا النص - على تربية الحاشية والزراعة فى 
الأرياف وعقى صيد السمك والأغيال البحرية على الساحل . أما فى المذن فقد زاولوا » هم 
ومواليهم حرفا وأشخالاً يدوية واشتغلوا كذلك بالتجارة الصغيرة » وذلك كله على وجه 





)00( - 172 .مم 111 أن ,جه ,ملدميل59010186 - 101/1 
0900 .180 .م 1811 بن .ووه ,قح 00783 - ابا 


خطأ هذه الآراء والأحكام 32> 


التقريب . وهذه الملاحظات ». مهما بدا لنا من قلة أصالتها لا تخلو من قيمة . فهى تؤكد 
الدور العظيم الذى قام به المولدون - الذين كانوا يؤلفون أكثر أهل الأندلس من ناحية 
العدد والأهمية - فى الحياة الاقتصادية فى البلاد» فقد كانوا فى هذه الناحية أوفر العناصر 
نشاطاً وأكثرهم تلاؤماً مع ظروف الحياة فى شبه الجزيرة » مثلهم فى ذلك مثل المستعربين ثم 
البربر إلى حد معين . 

وقد دل الأمويون (الأندلسيون ) على أحسن صور الحكمة السياسية عندما شجعوا هذه 
العناصر على النهوض » وذلك بإطلاق الحرية للكثيرين منهم فى أن يتمولوا ويندرجوا أكثر 
فى الجماعة الإسلامية » حيث كان العنصر الفاتح يكوّن أرستقراطية قليلة العدد جدا . 
وكذلك دل الذين سبقوهم إلى حكم الأندلس ف القرن الثامن على مقدرة سياسية عندما 
احتضنوا المولدين » فحلوا - على الصورة الوحيدة المعقولة - تلك المشكلة التى واجهتهم 
كما واجهت غيرهم من حكام المسلمين فى كل البلاد التى استقر فيها أمر الإسلام » وذلك 
الحل هو السيطرة - بمساعدة سادة البلاد القدماء أنفسهم - على بلاد واسعة لم يكن 
الفاتحون وحدهم ليملكوا من قوى الاحتلال ما يكفى للمحافظة عليها ولمواجهة موقف 
العداء الذى اتخذه أهل البلاد الذين كانوا ينتتظرون أول فرصة ليتحرروا من سلطان كانوا 
يرون أنه يجاوز حد الاحتمال © (230. 
- خطا هنم وهذه الأحكام العامة كلها لا تخلو من أخطاء : فأما عبارة ذلك المؤلف 
الأداءوالاحك المجهول فواضح أنه لم يعتمد فيها على معرفة صحيحة بأحوال الأندلس 
خلال تلك العصور الأولى » فلم يكن سكان الأندلس يتألفون من العناصر الأربعة التى 
ذكرها أولاً وهى: العرب والبربر والنصارى واليهود الذين أسلمواء أو من العناصر الثلاثة 
التى ذكرها ثانياً وهى : الإسبان الذين فتحت نواحيهم صلحاً ثم أسلموا » والذين فتحت 
نواحيهم عدوة ثم أسلموا ء ثم أبناء المستعربين الفين أسلموا بعد الفتح » ويضاف إليهم 
أولاد أسرى الخزوات والفتوح الذين استفروا فى الأندلس . 

فأها تقسيمه الأول فواضح هنه أنه أسقط النصارى الفين ظلوا على دينهم. وكانوا كما 
سنرى بمثنون نسبة عمالية من كان البلاه, وأما تقسبمه الثانى فظاهر أنه مضطرب غير 
مستقيم . ثم إل تغريقه بين من قلحت نواحيهم صاحاً ومن فدحت نواحيهم عنوة لا ل له 


)0 180-183 هم قلق .أت .12101-20103323 


100 هل كان العرب أرستقراطية مترفعة عن غبرها فى الأندلس ؟ 


هناء فإن مسلمى الأندلس لم يستطيعوا أبداً مييز أرض صلح من أرض عنوة فى هذه البلاد» 
وانتهى بهم الأمر إلى اعتبار من أسلم منهم جميعاً مسلمين يتمتعون بنفس الحقوق » ومن لم 
يسلم منهم أهل ذمة » وطبقوا عليهم أشراط الشريعة فى أبسط صورها . 

وينبغى أن نلاحظ أن صدر الإسلام لم يعرف ما عرفته العصور المتأخرة من مضايقات 
أهل الذمة » كاختصاصهم بملابس خاصة وتحريم ركوب بعض الدواب عليهم وما إلى 
ذلك » إنما كان الإسلام إذ ذاك سمحاً طلقا يترك الناس وشأ هم ما أدوا الأموال المفروضة 
عليهم » وهذه السماحة هى التى حببت الناس فيه وجعلتهم يقبلون عليه » وكأنما اجتذيهم 
إليه عدم إصرار المسلمين الأَوّل على إدخالحم فى الدين » فلم| أقبل الفقهاء وأخذوا يقننون 
ويشرعون ويخرّجون ويستعينون بالعوام على إقامة جاه لهم لا يقل عن جاه الدولة - إن لم 
يزد عليه - ظهرت هذه المضايقات التى ازدادت ثقلاً كلما بعد العهد بسماحة الإسلام الأولى 
وبساطة من حملوا لواءه . وكلما زاد الفقهاء إثقالاً على من بقوا على دينهم من أهل البلاد 
ازدادوا تمسكاً به ونفوراً من الدخول فى الإسلام » لآن المسألة لم تصبح مسألة دعوة سمحة 
وإنما تحدياً وتهديداً . والتحدى من جانب يبعث تحدياً فى الجانب الآخر كما يقول أرنولد 
توينبى فى دراسته الجليلة للتاريخ . 

وأغلب الظن أن أحكام هذا المؤلف مستقاة من بعض افتراضات المؤرخين المتأخرين 
عمن كانوا ينظرون فى كتب الفروع والأحكام والفتاوى ويستخرجون منها أحكاماً يطلقونها 
على الماضى » ظناً منهم أن الإسلام كان هكذا دائياً » أو رغبة منهم فى توجيه سياسة أهل 
الحكم فى أيامهم حيال الذميين وجهة خاصة بالزعم بأن ذلك كان الحال أيام « السلف 
الصالح » . 
5 - هل كان ولقد تابع بروفنسال هذه الآراء فقال بأنه كان هناك فى الأندلس تمييز بين 
0 أهل الصلح وأهل العنوة » وسترى أن شيئاً من هذا لم يكن فى الأندلس» 
فى الأندلس ؟ ثم اعتبر اليهود جنسا قائا بذاته » ولم يكونوا إلا قلة اندرج معظمها فى 
عداد المسلمين . ثم ذهب يقول من عنده إن العرب كانوا يكونون أرستقراطية خاصة» 
والواقع أنهم لم يكونوا كذلك ٠»‏ وإنما كانت الأرستقراطية الحقيقية فى بيوت الموالى ولم 
يكونوا عرباً على ما رأيناه فى الفصل السابق» وقد ظل الجاه والسلطان فى هذه البيوت إلى 
آخر أيام الخلافة الأموية » أما العرب فقد اندرج منهم فى أهل البلاد من اندرج » وبقى منهم 


أهل الذمة 25١‏ 


فى العواصم نفر يطلبون العيش كغيرهم» وبقيت منهم فى الأرياف جماعات محتفظة بأراضيها 
كا احتفظ غيرهم من غير العرب بأراضيهم » فيا عدا عرب الكور المجندة . وكان لهؤلاء 
وضع خاص كما سنرى » إذ كانوا نواة القوة العسكرية للدولة أول الأمرء وكان لهم من 
الامتياز والاعتزاز بأنفسهم ما كان لأمثالهم من العسكريين فى كل مكان فى تلك العصور . 

وعندما استبدل أمراء بنى أمية جند الصقالبة بجند العرب وجعلوا أولئك الصقالبة نواة 
جيشهم انحدر جند العرب إلى المكان الثانى » فأحفظهم ذلك » وكان من أكبر أسياب الفتنة 
الكبيرة التى أشعل العرب نارها من أوائل حكم الأمير محمد إلى أوائل عهد الناصر . 
ويلاحظ بصفة خاصة أن ثورة العرب هذه وغضيهم على الأمراء » الذين أحلوا غيرهم 
مكانهم فى الجيش واعتمدوا على الموالى فى شئون الدولة » كانا السبب الأول فى اتجاه العرب 
إلى أذى المولدين والعجم . وهذا الأذى بدوره هو الذى روع هؤلاء واستنهضهم إلى 
المقاومة » فكان ذلك عصب ثورة عمر بن حفصون وغيره ممن قادوا ثورات المولدين ومن 
انضم إليهم من نصارى الذمة » ولم يكن سبب ثورتهم سوء المعاملة أو ثقل الجبايات » ولم 
يكونوا يتتظرون أول فرصة للتحرر من نير كانوا يرون أن احتماله يجاوز الطاقة كما قال 
بروفنسال. 


د اعد عد 


من الطبيعى أن يكون أهل الذمة معظم أهل الأندلس الإسلامى خلال 
السنوات الأولى التى أعقبت الفتح . وأن يقل عددهم شيئاً فشيئاً كلما قدم 
عهد الإسلام فى البلاد حتى يصبحوا أقلية بالنسبة إلى العرب والبربر والمسالمة والمولدين . 
ولقد بينا فيا سبق كيف أنهم كانوا يعيشون على اتصال مباشر بالمسلمين » ما بين عرب 
وبربر فى الريف والمان » وأشرنا كذلك إلى أن التمييز الواضح بينهم وبين المسلمين فى 
الوضع والمعاملة » لم يظهر إلا فى عصر متأخر . عندما تمكن أمر الفقهاء ووضعوا ما شاءوا 
من القيود لا على الذميين فحسب ٠‏ بل على المسلمين أيضا . 

ولقد أخطأ كثير من الباحثين الذين تعرضوا لدراسة أحوال الذميين فى الأندلس وغيره 
من بلاد الإسلام . عندما التمسوا الحدود والقواعد التى وضعت لحم من كتب الفقه والنظم 
الإسلامية » وفاتهم أن هذه الكتب كلها وضعت فى زمن متأخر عن عصر صدر الإسلام » 


- أهل الذمة 


د وضع الذميين فى المججمع الأندلسى خلال هذه الفترة 


فهى لا تمثل الوضع فى صدر الإسلام . بل هى لا تمثل الوضع فى العصور التى كتبت فيها ‏ 
فالكثير ما تحتويه من قواعد وأحكام إنما تمثل « أمانى » مؤلفيهاء وما كانوا يرون أن يكون 
عليه أهل الذمة بحسب ما انتهى إليه تصورهم وتفسيرهم للآيات والأحاديث وآراء كبار 
الأئمة . 

ونحن إذا قرأنا اليوم كتاب « الخراج » لأبى يوسف ء أو كتاب ‏ الأموال » لأبى عبيد» 
أو« الأحكام السلطانية » لللاوردى إنما ندرك أن مافى كتبهم إنم] هو « المثل الأعلى » للنظم 
الإسلامية كا ارتآه أولئك الفقهاء » وليس هناك مؤرخ محقق يقول بأن هذا هو النظام الذى 
كان جارياً بالفعل : إذ الواقع أن أحوال المسلمين كانت أسوأ يكثير » وأحوال الذميين 
أحسن بكثير مما فى هذه الكتب ٠»‏ وكان هدف الفقهاء من هذه الميالغة هو طلب الرفق 
بالمسلمين والتشديد على الذميين » حسباناً منهم أن هذا يسرع بإسلامهم ؛ ولم يتحقق شىء 
جما رجوه : لا المسلمون تحسنت أحواهم » ولا الذميون أسرع إسلامهم . 
011ظ2 ولقد رأينا فيها سبق كيف كان لون العلاقات بين كبار عرب الأندلس 
النميين في المجتمع ١‏ وكبير نصارى الذمة أرطباس ٠١‏ ورأينا كيف كان الأمر صداقة بين 
الأندلسى خلال 1 5 ِ 
هذه الفترة الجانبين لا سيادة جانب على جانب » وأن ميمون العابد » وكان قطبا من 

أقطاب الإسلام الأندلسى فى ذلك العصرء ذهب يطلب إلى هذا الذمى 

قطعة أرض ليزرعها على أساس المزارعة . أى اقتسام الثمر بينه وبين صاحبها. ولو 
أن العرب كانوا غاصبين مستبدين - كى] زعم خافيير سيمونيتء وايزيدورو دى لاس 
كاخيجاس - لما احتاج هذا الرجل إلى أن يطلب أرضاً من أرطباس على هذه الصورة . 

ولا نزاع فى أن العرب لم يمسوا النصارى الذين صا حوا على أنفسهم بسوء » فقد روى 
صاحب ١‏ فتح الأندلس »© أن موسى بن نصير رأى النبى ييه أثناء عبوره إلى الأندلس 
فنصحه ١‏ بالرفق بالمشركين» (20 » وهى رواية أسطورية فى الغالب » ولكنها على أى حال 
تدل على اتجاه المسلمين حيال غير المسلمين أثناء الفتح وبعده بقليل . وما يؤيد ذلك عبارة 
للرازى يقوها فى سياق الحديث عن أم عاصم (إيلونا ) زوج لذريق: ١‏ وكانت قد صالحت 
عن نفسها وأموالها وقت الفتح » وباءت بالجزية » وأقامت على دينها فى ظل نعمتهاء إلى أن 


. ٠ فتح الأندلس» ص‎ )١( 


عهود المسلمين للنواحى 07م 





نكحها الأمير عبد العزيز فحظيت عنده » ويقال إنه سكن بها فى كنيسة بإشبيلية » (7©) ما 
يدل على أن من كان يصالح على نفسه من النصارى ويقبل دفع الجزية كان يضمن حرية دينه 
والبقاء « ى ظل نعمته » . 

وسنرى أن ذلك كان صحيحاً فى جملته وتفصيله » وأن كل ناحية من نواحى الأندلس 
صال حت على نفسها بمعاهدة خاصة ء وأن هذه المعاهدات اختلفت في بين بعضها وبعض »ء 
من حيث الصيغ والتفاصيل واتفقت ف الروح والأساس ء بل إننا نلاحظ أن الفاتحين كانوا 
يتصرفون تصرفاً واسعاً فيا يعقدونه من عهود مع أهل النواحى؛ بل ذهب بعضهم إلى حد 
«الابتكار » الذى يتجاوز ما تبيحه السوابق والقواعد » ومن أمثلة هذا ما يرويه صاحب فتح 
الأندلس من أنه عندما وصل موسى إلى الفج المنسوب إليه انقطع إليه أهل ذلك الموضع ‏ 
فأقرهم على حالم ٠‏ فسموا موالى موسى» ("). 

ومن أمثلة ذلك أيضاً ما حكاه الرازى عن فتح طارق لاستجة . قال : ٠‏ ثم نازل أهل 
استجه » وهم فى قوة ومعهم فل عسكر لذريق » فقاتلوا قتالاا شديدا » حتى كثر القتل 
والجراح بالمسلمينء ثم إن الله تعالى أظهر المسلمين عليهم » فاتكسروا » ولم يلق المسلمون 
بعد ذلك حرباً مثلها » وأقاموا على الامتناع إلى أن ظفر طارق بالعلج صاحبها » وكان مغترا 
سيىء التدبيره فخرج إلى النهر لبعض حاجاته وحده . قصادف طارقاً هناك قد أتى لثل 
ذلك . وطارق لا يعرفه » فوثب عليه طارق ف الماء » فأخذه وجاء به إلى العسكر » قلم| 
كاشفه اعترف له بأنه أمير المدينة » فصالحه طارق على ما أحب» وضرب عليه الجزية وخلّ 
سبيله » فوفى با عاهد عليه .. » 20. وقد كان المسلمون يحرصون على الوفاء بعهودهم . 
حتى فى الحالات التى يبدو لحم أنهم خدعوا فيها » كحالة تدمير الذى احتال على جند 
المسلمين بحيلة بارعة فصَّلنا أمرها فى كلامنا عن الفتح » وقد وفى المسلمون رغم ذلك 
لتدمير» قال الرازى : ١‏ فمضوا على الوفاء له » وكان الوفاء عادتهم »6 9©). 


7 - عهود وقد ضاعت نصوص معظم المعاهدات التى عقّدها المسلمون مع ما فتحوه 
المسلمين للنواحى من النواحى » ولكن بقى لنا النص الكامل لمعاهدة عبد العزيز بن موسى مع 
(١)رواء‏ المقرى فى نفح الطيب » ج١‏ . ص 178 . 

. ١4 ص٠ فتح الأندلس‎ )١( 

(*) رواه المقرى فى نفح الطيب »ء ج١‏ , ص ”17” - 1114 . 

(4) نفس المصدرء ص5407 . 


504 عهود المسلمين للنواحى 





تدمير وقطعة هامة من عهد موسى بن نصير لأهل ماردة أوردها الوازى فى القطعة الباقية 
من تاريخه فى ترجمتها الإسبانية ونصها : «... فذهبوا ( يريد أهل ماردة ) إليه » وقالوا إنهم 
يتركون له كل ما كان لمن مات منهم ومن جرح ( ف القتال بينه وبينهم ) وممتلكات الكنائس 
ومافيهاء وكذلك ما تحويه من الأحجار الكريمة وغيرها من الأشياء الطيبة وكل ممتلكات 
رجال الدين . وبعد أن تم التوقيع على ذلك فى عهود صحيحة ( مؤكدة ) قتحوا له الأبواب 
وأدخلوه البلد وأسلموه إياها » وم يمس المسلمون من أقام فى البلد من النصارى بأذى » 
وأما من أراد ترك البلد منهم فتركوه يمضى دون أذى .. » (1). 


وأما نص الأمان الذى أعطاه عبد العزيز بن موسى لصاحب تدمير فقد أورده الضبى فى 
البغية » » ووردت ترجمته الإسبانية فى قطعة الوازى المشار إليها » وقد أوردنا نصه فى كلامنا 
عن فتح الأندلس وسنعرض له فى الفصل التالى عن الإدارة » ويهمنا فى هذا المقام أن ننص 
وقد اعتمد نفر من الباحثين الإسبان فى دراسة أحوال أهل الذمة فى الأندلس على وثيقة 
تسمى « عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه للنصارى » . وهى وثيقة ظاهرة الوضع » إذ 
أنها تشير إلى إلزام النصارى بملابس خاصة منها « القلنسوة » وه العامة؛ وهى ملابس لم 
يعرفها المسلمون فى أيام عمر رضى الله عنه » وتحرم عليهم كذلك ركوب الخيل وما إلى 
ذلك » وم يعرف عن عمر أنه نبى النصارى عن ذلك . والحقيقة أن هذا « العهد ؛ من وضع 
فقهاء العصور المتأخرة » ولا يجوز اتخاذه أساسا لدراسة أحوال أهل الذمة فى عصر صدر 
الإسلام 60 
(١)النص:‏ 
سع؟ د05! عل اع ,5م1زعناتط 105 عل 3962 [ء 000 تءذدع لل ع1 ع3تن لمتقااءلم اء رأء دتهم عكجم 232 31..." 
5 0235 أء كقذ5هاع6؟م 1605م 20100 أكتة بوطها5ع 135[اء تء عبان مآ عل اع ,ركقاوعاع1 15 عل اء ,ذمل 
-ع26:1 كقاكةء كمترعتطا :70 ملمقطتمة قن؟ ماذع عنان كعناد5ع0 )8 .ومع ترعاء عمز عل 2022 أء مله اء ,كقدم 
عناق 3205 أكامتاء 105[عننوة أظ .13اء ع0 والتمجدععكاقء اء ,معاودعل 0016ع20081 اء ,كمشزعتام 135[ عدوديه2 
" ... له صقاعة1 125 2013 أ ,عقصفط! قرع نان ه15 عنان 105 أء ,لهاك مقاعة] 5ع1 205 12012103121 خط 
أع0 همه مسمدعق تعنوقىك م1 عل 020 نع لأتعاللة 13 5001 مأتمطوء4؟ ,1005م امن 28 اذلل0ك4م 
.8 .م كاقة 1 310:0 
(5) نشر هذا النص المستشرق بيلان ف المجلة الأسيوية الفرنسية . انظر : 
05 62 ,قلت أأققطاء 5ع الاعطعئة اللاع 2513م اء ,كتستطاعل دعل مهتمومع ها ة أناداء: دنامك8 ,اللاط8 


0 138 ع 500 126 .مم .عتعد .ع/ا! 12 عل 11[1/آ2 1010 مقاكة .لاناه[ 2215ل ,111113115ا5ناتة1 
وترجمه سيمونيت فى كتابه الآنف الذكر . ملحق ؟ . ص١ 2١‏ وما يليها . 


تطور النظم الإسلامية 5 





40 تطور )0 ويبدو أن مؤرخى الإسلام جميعاً » ما بين قدامى ومحدثين » مسلمين وغير 
النظم الإسلامية ‏ مسلمين » يغيب عنهم أن النظم التى جرى المسلمون عليها فى حكم الأقاليم 
والمعاملة التى اختصوا بها أهل الذمة لم توضع كاملة من أول الأمر» وإنما تكاملت شيثاً 
فشيئاً مع الزمن » وخضعت فى كل مكان للظروف المحلية . ومن أمثلة ذلك أن أبا يوسف 
يذهب ف كتاب ١‏ الخراج “ إلى أن تقدير الجبايات تقديرا إجماليا ودفع الخراج جملة واحدة 
غير جائزين » فى حون أن الوثائق البردية التى عثرنا عليها تدل على أن حكام المسلمين جروا 
على ذلك أول الأمر: ففى مصر مثلاً اتفق عمرو بن العاص مع ممثلى القبط على أن يؤدوا ما 
عليهم جملة واحدة تشمل الحزية والخراج جميعاً » وقد جرى الأمر على ذلك أيام عمرو بن 
العاص وعبد الله بن أبى السرحء ثم كان التقسيم والتقنين بعد ذلك (3). 

بل إن تحديد معنى الجزية والخراج غير واضح » فتسمى الجزية فى بعض الأحيان « خراج 
الرءوس » ويسمى الخراج « جزية الأرض » . ذلك أن الذين عقدوا العهود مع أهل البلاد 
المفتوحة هم الفاتحون » وهم رجال عسكريون عمليون » كل ما كان يعنيهم إقرار الأمن 
وضان طاعة البلاد المفتوحة وإشعار أهلها بسماحة الإسلام وعدل الدولة الإسلامية » ثم 
ضهان حق الدولة فى الحبايات » وهم هذا كانوا لا يدققون فى طريقة الجباية ولا يتدخلون فى 
شئون أهل البلاد إلا بالقدر الذى يضمن حقوق الدولة . ول ينتقل الأمر إلى أيدى الفقهاء 
والمقننين إلا فيا بعد ؛ وقد بدأ الفقهاء عملهم على أسلوب علمى : يسألون عن الصلح 
والعنوة » ويلتمسون الأحكام من القرآن الكريم والسنة » ويتصرفون فيما يصدرونه من 
أحكام تصرفاً واسعاً ذكياً يدل على إدراك وسعة فَهُمِ » كما نرى فى موطأ مالك وما استند 
عليه مثل مدونة سحنون . 

ثم مضى عهد كبار الفقهاء وأئمة الشرع فى منتصف القرن الثالث ا هجرى تقريباً» وبدأ 
عهد ١‏ الفقهاء السياسيين » أى الفقهاء الذين طمحوا إلى السلطان عن طريق التقرب من 
الحكام حيناً أو الاستعانة بالعوام حيناً آخر لإقامة جاه يستندون إليه. ولا نجد هذه الظاهرة 
)١(‏ انظر مناقشة ذلك فى : 
.4 124 ,وود 83 .م ,آآ .صداك! صعل ععاصنا كمعامبزوعه عاطء تطعوع0 ناج عععدطاء8 81808 1م .0 
11لا ,عنعوام رودم ععل المطءعواك2 صز معام بزوعة دز لصداعدمقط! لصن ءونآ عمل عمسطعإكامط علط 


.9 -1905(301 - 1904) 
0 37 .5 (1906 ,عتعطاعلزع) [ ,التقطصاع؟ اأمطء5 لاوط ,- 


50 ِ المسلمون يدعون أهل الذمة أحراراً 





على صورتها الواضحة ء التى يمكننا تأريخها » إلا فى المغرب والأندلس ٠»‏ وزفى هذا البلد 
الأخير بصوزة خاصة » حيث نجد دولة الفقهاء وجهاً لوجه أمام دولة الأمراء..ونجددولة 
الفقهاء تبنى جاهها على إيان العوام وتشرّع ب| يرضيهم ويستثير عواطفهم ٠‏ ومن هنا 
كانت مناذاتهم بكل ما:يرضى مشاعر الجماهير » ومن ذلك التشدد مع الذميين » وتحريض 
الأمراء عليهم وتحريض العامة على الأمراء إذا هم قريوا رجالاً منهه(١2.‏ وكان الققهاء 
حريصين على أن يؤيدوا مذاهبهم بتفسيرات خاصة لأحكام الشرعء وربا ابتكروا وثائق 
وتسبوها إلى رجال الدولة الإسلامية 'الأولى ء كما رأينا فى الوثيقة المنسوبة إلى عمر بن 
الخطاب وك نرى فى الوئيقة المنسوبة إلى عبد الرحمن الداخل وغير ذلك كثير 9). 

والحقيقة أن المسلمين الأولين كانوا يجرون على تسامح كريم صادر عن إدراك فطرى أن 
هذه هى السياسة المثلى لاجتذاب الناس إلى الإسلام وإقناعهم بعدالة الدولة الإسلامية . 
وذلك أمر لا ينبغى أن يغيب عنا عند التأريخ للنظم الإسلامية : ينبغى أن نقف عند ما لدينا 
من الوثائق الأصلية وشواهد المؤرخين الموثوق فيهم دون محاولة إكال الفجوات من أحكام 
أبى يوسف » وقدامة بن جعفر » ويحيى بن آدم » وأبى عبيد بن سلام . 


جا ع 


5 ضمن المسلمون للتصارى واليهود من أهل البلاد حريتهم » وأدخلوهم 
يدعون أهل الذمة ف ذمتهم مقابل الجرية والخراج على ما تقضى به الشريعة الإسلامية . 
. وسنرى فى الفصل التالى أن المسلمين فى الأندلس لم يفرقوا كثيراً بين 
الصاح والعنوة > فال كل «السيعين تقريباً نفس الحقوق » ولم يمس المسلمون من 
الممتلكات إلا ما كان ملكاً لبيت لذريق وأفراده أو للذين قتلوا فى الحرب مع المسلمين » 


)١(‏ انظر مثلاً تحريض الفقهاء للعامة على الحكم الربضى لأنه أطلق يد ربيع القومس متولى المعاهدين بالأندلس من 
النصارى فى المعاون والمغارم على المسلمين ( أعمال الأعلام » لابن الخطيب » طبعة بيروت بعئوان : إسبانيا 
الإسلامية » بيروت )١1457‏ . ص5١‏ . وتحريض هاشم بن عبد العزيز للأمير محمد على قومس بن ايان بسبب 
توليته إياه الكتابة ( ابن القوطية : اقتتاح » ص85 - 87) . 

(؟) أورد سيمونت نص هذه الوثيقة الموضوعة النسوبة إلى عبد الرحمن الداخل » وهو : « بسم الله الرحمن الرحيم . 
كتاب أمان الملك العظيم عبد الرحمن للبطارقة والرهبان والأعيان والنصارى الأندلسيين أهل فشتالة ومن تبعهم من 
ساير البلدان » كتاب أمان وسلام » وشهد على نفسه أن عهده لا ينسخ ما أقاموا على تأدية عشرة آلاف أوقية من 
الذهب وعثشرة الاف رطل من الفضة وعشرة الاف رأس من خيار الخيل ومثلها من البغال مع ألف درع وألف 
بيضة ومثلها من الرماح فى كل عام إلى خمس سنين . كتب بمدينة قرطبة » ثلاثة من صفر عام اثنين وأربعين وماية ؛ . 


النصارى يتقاضون بقاتونهم - الجماعات النصرانية تنظم أنفنسها /ا0 5 


وكذلك أملاك الكنيسة » فاعتبرت هذه كلها غنيمة أخرج خسها فجُعل ملكا للدولة » 
وثُرِك الباقى بيد من كانوا يزرعونه يؤدون عنه خراجه فيئاً للجاعة الإسلامية كلها . وم 
كانت أملاك الكنيسة والبيت المالك كثيرة جداً » فإن الدولة لم تستطع إحصاءها كلها . 
بسبب اشتغال الأمراء با حروب والفتن » فوضع الكثير من أفراد الجيوش الغازية أيديهم 
على أرض كثيرة واستقروا فيها على أن يؤدوا للدولة ما لها من مال . بل إن المسلمين أطلقوا 
أسرى النصارى فى أراضى الخمس ليعمروها » فكأنهم اعتبروهم مزارعين كغيرهم يمن 
استسلم وباء بالجزية والأمان . 
4 - النتصارى وقد ترك المسلمون نصارى الأندلس أحراراً ينظمون أمورهم على النحو 
يتقاضون بقانونه, الذى أرادوه » ماداموا على الطاعة يؤدون ما عليهم من الأموال . فظلوا 
يفصلون فى أقضيتهم وفقا للقانون القوطى القديم(2 » وظلت علاقاتهم بكنائسهم 
وقساوستهم على ما كانت عليه قبل الفتح . وكان يدير أمور الجماعات المسيحية الكبيرة فى 
المدن والأرياف رجال من نصارى عجم الأندلس يسمون بالقهامسة » وواحدهم 
قومس 201765 » وهو لقب كبير كان مقصوراً قبل ذلك على القوط ء فلما أزال العرب أمر 
القوط صار القمامسة من أهل البلاد » فكأن الفتح الإسلامى رد إليهم اعتبارهم من هذه 
الناحية (25, 
..» الجماات2 وقد ترك العرب للجاعات النصرانية نظامها المدنى الذى كانت جارية 
النصرانيه تنظم عليه أيام القوط » وهو نظام مدنى وإدارى أيضاً » أى أن القائمين بأمره 
كانوا مسئولين عن كل ما يتصل بامور رعاياهم فيما بين انفسهم ء كانوا 
يجمعون ضرائبهم ويؤدونا إلى بيت المال نيابة عنهم » وكانوا يعينون هم القضاة الذين 
يفصلون فى منازعاتهم بحسب القانون القوطى . وكانوا يشرفون على كنائسهم ويتولون 
أمور قساوستها » أى أنه وجد من أول الأمر نظامان إداريان جنباً إلى جنب : واحد 
للمسلمين وواحد للنصارى . أما فى القضايا التى تقع بين المسلمين وغير المسلمين » فكان 
ينظر فيها قضاة المسلمير ويحكمون فيها بشريعة الإسلام » وهذا جاء فى أحد كتب الفقه 
الأندلسية : ٠‏ ويستحب للقاضى الجلوس للحكم فى رحاب المسجد الخارجة عنه من غير 
تضييق عليه فى جلوسه فى غيرها ء ليصل إليه اليهودى والنصرانى والضعيف وهو أقرب 
(١)المعروف‏ باسم 101 11نحزه10 وف الإسبانية 111280 10عناآ ويعرف باسم 100 «عما أو-001[ برعا 


أللاء ‏ 
2( 7 - 106 .مم ماك .م0 .5154011151 


0 التشريع الإسلامى والقانون القوطى 
المواضع » (0). 
90 وسنرى فى الفصل التالى أن مسلمى الأندلس فى ذلك العصر كانوا يجرون 
الإسلامى والقانون< فيما يتصل بالتشريع والتنظيم على مذهب الأوزاعى » وهو مذهب أهل 

الوطم الشام فى ذلك العصر ء يعتمد على القرآن والسنة » ويفسح مجال الرأى » 
فيعتير ما فعله الصالحون من خلفاء بنى أمية من الآثار الصالحة التى يمكن القياس عليها » 
وقد كان العصر الأموى كله عصر فتوح وحروب وتوسع كثرت فيه المشاكل والمسائل 
التاجمة عن الحروب والفتوح ودخول أمم جديدة فى الإسلام » وكان لابد من القضاء فيها 
برأى سريع حازم عملى » وهذا قيل إن فقه الأوزاعى فقه عسكرى » وكان معظم امتداد 
الإسلام إذ ذاك فى بلاد جرى أهلها على التشريع البيزنطى أو الرومانى » فدخل تشريع 
خلفاء بنى أمية ورجالهم الكثير من أصول القوانين البيزنطية والرومانية » ولهذا قيل إن فقه 
الأوزاعى تأثر بالتشريع الرومانى2'7 » وقد رفض الكثيرون من المفكرين المحدثين هذا 
الرأى اعتزازاً منهم بأصالة التشريع الإسلامى 29). 

ونظن أن الوضع فى الأندلس يعطينا رأياً نافعاً فى هذا الموضوع . فها نحن أمام حالة 
فريدة فى بامها : تشريعان ساريان جنبا إلى جنب تقر الإدارة الإسلامية ما يصدر عنههما : 
تشريع إسلامى يطبق على المسلمين » وغير المسلمين فى حالات خاصة ٠‏ وتشريع قوطى 
زومائى نضرانى يطبق ل التضارىئ + والتقرايعان مير اناجنا إلى عب ::فإذا ذكرنا أن 
معظم أهل الأندلس ف الفترة الأولى بعد الفتح كانوا نصارى » أى يطبق عليهم القانون 
القوطى » وأن القاضى المسلم كان إذا جلس للحكم » جلس فى موضع يصل إليه فيه 
النصارى واليهود » وأنه كان يستمع إلى متخاصمين قد يكون بعضهم مسلمين وبعضهم 
نصارى . ويجتهد فى أن يصدر حكأ يرضاه المتخاصمون ويكون فى نفس الوقت متمشياً مع 
أحكام الشريعة الإسلامية ويكون قابلاً للتنفيذ فى نفس الوقت - أفليس من المعقول فى هذه 
الحالة أن يستمع القاضى وهو فى مجلسه إلى ما يقوله النصرانى معتمدا فيه على ما جرى عليه 
العمل من القانون القوطى » ولم يكن كله متعارضاً أو بعيداً عما يقول به الشرع الإسلامى ؟ 
0 .99 .غك .ون ,511403187 


(؟)انظر: 
9- 288 .72 بجع 00ت كنال تدوع سقطه 56 1ه مصاع م0 عط 01خ 1 )5 8611 05ل 
)١(‏ أحمد أمين : فجر الإسلام » الطبعة الخامسة . ص 548 . 


التشريع الإسلامى والقانون القوطى 21 


لقد كان القاضى المسلم فى ذلك الحين قاضى المسلمين » وكان يسمى هذا ه قاضى 
الجند» لآن المسلمين جميعا كانوا إذ ذاك معتبرين جندا » ولم يسم ب « قاضى الجاعة » إلا فى 
زمن متأخر 219 » عندما صارت الجماعة الأندلسية كلها جماعة إسلامية » وتضاءل نفوذ 
«قاضى العجم؛ حتى اقتصر على الأقلية المسيحية . وكان ه قاضى الجند » هذا مضطراً إلى 
الاستماع إلى حجج المتخاصمين . والكثيرون منهم نصارى أو مسالمة » ومنهم من يطالبون 
بحقوق أقرها لهم القانون القوطى » فهل يستبعد والحالة هذه أن يجتهد القاضى فى العثور 
على رأى يضمن للناس حقوقهم ويربطه بطريقة ما بأصول التشريع الإسلامى ؟ 7( . 

لقد جاء فى وصية عقبة بن الحجاج السلولى إلى قاضيه مهدى بن مسلم - وهى دستور 
القضاة فى الأندلس إذ ذاك » وكان مهدى بن مسلم من أبناء المسالمة » أى من المولّدين » أى 
نشأفى بيت يتحدث أهله بالعجمية ويجرون على ما جرى عليه قومهم من قواتين القوط - : 
« ... وأمره أن يساوى بين الخصوم بنظره واستفهامه ولطفه ولحظه » وأن يفهم من كل أحد 
حجته وما يدل به » ويستأنى بكل عبى اللسان ناقص البيان » فإن استقصاء الحجة ما يكون 
بهالحق الله تعالى قاضياً وللواجب فيه راعياً » فقد يكون بعض الخصوم ألحن بحجته وأبلغ فى 
منطقه وأسرع فى يلاغ المطلب ء وألطف حيلة فى المذهب وأذكى ذكاء وأحضر جواباً من 
بعض » وإن كان غير الصواب مرماه ...2 (5). والإشارة هنا - كما يغلب على الظن - إلى 
أولئك الذين لا يحسنون الابانة عما فى نفوسهم بالعربية » إذ هم حديئو عهد بها » فإذا ذكرنا 
أن مهدى بن مسلم هو الذى كتب عهده بنفسه عن الأمير عقبة بن الحجاج تأكد فى نفوسنا 
هذا المعنى (49). 

ولدينا أمثلة قليلة جدآ من قبول قضاة الأندلس لأشياء ما جرى به العرف أو القانون 
الجارى فى تلك البلاد بين أهل البلاد . قال الخشنى : « ومن ذلك أن أحمد بن خالد سمع 
محمد بن عمر بن لبابة يقول : حضرت وقد خاصم إليه رجل فى فرن بناه صاحبه فأضر 
الدخان به وبالجيران » وهذه المسألة يقول [ فيها ] ابن قاسم أن ذلك من الضرر الذى يجب 
(1) راجع ما يقوله جوزيف شاخت عن فقه الأوزاعى وحركة إدخال بعض قواعد التشريع النى وجدها المسلمون فى 
البلاد اللفتوحة فى الفقه الإسلامى : 

.9 - 258 .وم اك .م0 .5011406111 لإطع 105 


(5) الخشنى : قضاة الأندلس » ص١5١.‏ 
(1) نفس المصدرء ص١5‏ . 


1 التشريع الإسلامى والقانون القوطى 


قطعه » ولا يباح اتخاذه » فقضى سليمان بن أسود بغير ذلك : أن يجعل أنبوباً فى أعلى الفرن » 
فيخرج الدخان من أعلاه فلا يضر ذلك بمن جاوره » فكان محمد بن عمر [ بن لبابة ] يفتى 
هذا ويحمل الناس عليه فيم| أخبرنى أحمد بن خالد » (27. 

وهناك مثل آخر يحكيه الخشنى فى ترجمة القاضى الحبيب بن أحمد بن زياد اللخمى» فقد 
ذكر أن مجاعة حدثت فى أيام الأمير محمد , فكثر التطاول من المفسدين» ١‏ فولى السوق حينئذ 
إبراهيم بن حسين بن عاصم » وأمره بالاجتهاد » وعهد إليه بالتحفظ وأذن [ له ] بالتنفيذ فى 
القطع والصلب بلا مؤامرة منه ولا استئذان » فكان إبراهيم يجلس فى مجلس نظره فى 
السوق» فإذا أوتى بالفاسد المفدح قال له : اكتب وصيته ! ودعا له بشيوخ فأشهدهم على ما 
يوصى به » ثم صلبه ونحره ؛ فكان بين يديه من المصلوبين عدد عظيم . فأتاه قوم بنفر من 
جيراهم فشكوا إليه تطاولاً على ما يكون من أشرار الأحداث . وهم لا يشكون أنه سيزجره 
الزجر القوى , وإن أفرط فى عقابه فالسجن ‏ فقال لشيخ منهم : ما يستحق عندك ؟ فقال - 
على وجه المثال - : ما استحق هؤلاء ! وأشار إلى المصلبين » فقال إبراهيم بن حسين [له ] 
ولأصحابه : انصرفوا » فانصرفوا . ثم قال للفتى : اكتب وصيتك ! فقال له : اتق الله ف » 
فإنه لم يبلغ ذنبى أن أستحق القتل والصلب . فقال له : بذلك شهد عليك الشهود , فقتله 
وصلبه . فلا بلغ الشهود ذلك أتوه فقالوا له : لم نشهد عندك على الفتى بذنب يجب فيه 
القتل! فقال : أو لم يقل قائلكم إنه يستحق ما يستحق هؤلاء ؟ فقالوا له : « على المثل! » . 
قال : فإئم ذلك فى رقابكم » إذ لم تحسنوا الإبانة من أنفسكم » (2). 

وظاهر أن هذين الحكمين مستقيان من جارى العرف والقانون القوطى ٠»‏ فوضع 
المداخن أمر لم يكن معروفاً فى المشرق » والحكم به يعتبر تجديداً مقتبساً من البيئة الأندلسية » 
وقتل الحدث للذنب البسيط غير جائز فى الشريعة الإسلامية » ولكنه جائز فى شريعة القوط. 
بل إن القضاة أنفسهم كانوا يجيزون لأنفسهم ما لا يجيزه أهل التقى والورع ف المشرق » فقد 
خطب زياد بن عبد الرحمن - الذى أصبح قاضيا فيم| بعد - ابنة القاضى معاوية بن صالح ‏ 
وأحب رؤيتها قبل البناء بها « على ما يفعله بعض الناسء فتتحيل النساء عليه فى ذلك وأتين 
عن لكان لاخر باخصنار 3 الأسطواك > قرت والامعاوية بذ وافقد فلقوافن أجل 


. ١ا/ص‎ » نفس المصدر‎ )١( 
. 7١7/4- ١/8 (؟) المخشنى : قضاة الأندلس » ص‎ 


التشريع الإسلامى والقانون القوطى 51 





حتى خرج معاوية إلى الصلاة وكحم خي الداية تراند لاك اندها بالمداع ٠‏ » فوجد زياداً فى 
دوف الداية :تعفن وان الأسطواة ف زاد عل لقال له : استوصوا [ بحرمات 
المسلمين يستوص الله ] بكم خيراً » ثم خرج إلى الصلاة » .2١(‏ وأمر كهذا ما كان يجيزه عرف 
أهل التقى والعلم فى المشرق » ولو فعله رجل لما ولى القضاء أبداً » ولكن زياد بن عبد 
الرحمن ولى القضاء بعد ذلك وصلر من كبار أهل العلم والفتيا » وهذا أثر من آثار البيئة 
الأندلسية فى تصرقات شيوخ الأندلس وحكمهم على الأشياء . 

وروى الخشنى أن القاضى محمد بن زياد اللخمى كان يتساهل مع السكارى ويتغافل 
عنهم » حتى لقد أنوه برجل « يتمايد سكراً » فأمر القاضى بأخذه ليقيم عليه الحد . وكان 
يرافق القاضى صديق له فقيه هو محمد بن عيسى الأعشى » فلما كان فى موضع ضيق . «تقدم 
القاضى وتأخر الأعشى . ففى تأخره عن القاضى التفت إلى الذى كان يمسك السكران 
فقال : يقول لك القاضى : أطلقه ! فأطلقه » ثم افترقا جميعاً . ونزل القاضى ودعا 
بالسكران ؛ فقيل له : أمرنا عنك أبو عبد الله الفقيه أن نطلقه » فقال : وفعل ؟ قال : نعم ! 
قال : أحسن !» . وقد علق الخشنى على ذلك محتجاً » وقال : ؛ وما أتى عن القضاة فى هذا 
المعنى خاصة من الإغضاء عن السكارى والتغافل لهم والرقة عليهم » فلا أعرف لذلك 
وجهاً من الوجوه يتسع لهم فيه القول ويقوم لهم فيه العذر , إلا وجهاً واحداً . وهو أن حد 
السكر من بين الحدود كلها لم ينصه الكتاب المنزل » ولا أتى فيه حديث ثابت عن الرسول 
كك .. إلى آخره » (22. 

وقد فات الخشنى » وهو من فقهاء القرن الرابع ال هجرى . أن قضاة الأندلس أيام محمد 
ابن زياد » أى منتصف القرن الهجرى الثانى » لم يكونوا يحكمون بالنصوص فقطهء بل كانوا 
يجتهدون ويراعون البيئة المحلية» ويتأثرون بها حوهم.ء وأن القانون كائن حى يغتذى بها 
حوله وينمو ويتطورء وإذا كان تاريخ أى جماعة يتجلى بأصدق صوره فى تاريخ تشريعهاء 
فلا شك أن المجتمع الإسلامى والشرع الإسلامى لا يشذان عن هذه القاعدة » وأن 
التشريع فى صدر الإسلام كان حياً متطوراً متقبلاً لكل جديد , مثله فى ذلك مثل الجماعة 
الإسلامية فى ذلك العصر . فلم| مدت هذه الجماعة جمد هو الآخر ولم يعد يتطور . 


. نفس المصدرء ص76‎ )١( 
. 17١159-1١ (0)الخثنى : فقضاة. ص5:‎ 


57 التشريع الإسلامى والقانون القوطى 





وقد جمد التشريع الإسلامى ووقف عن التطور عندما تحول إلى علم ثابت الأصول 
والفروع على أيدى الفقهاء » ولا يبدو ذلك فى صورة هى أوضح مما ظهر به فى الأندلس 
والمغرب ء فقد كان التشريم فى هذين البلدين أول الأمر سهلاً مرناً يأخذ من البيئة المحلية 
كثيراً ويطوع ما يأعذه لأصول الإسلام » بل اشترك نفر من أهل المغرب والأندلس مع 
مالك بن أنس فى تكوين مذهبه » فأهل الأندلس يذهبون إلى أن مالكاً روى عن قاضيهم 
معاوية بن صالح (21 » وأهل المغرب يقولون إن سحنوناً كان صاحباً لابن القاسم يجالسه 
ويشلوره 277 » واستمر ذللك حتى اكتمل مذهب مالك وأقبل إلى المغرب والأندلس تلاميذ 
مالك ونشروا مذهبه وحملوا الناس عليه وكرهوا كل تجديد أو ابتكار . هنا جمد التشريع ولم 
يعد له سبيل إلى التطورء وأخذ باب الرأى يضيق شيئاً فشيئاً حتى أصبح ١‏ رأى مالك » ققط 
وأصبج الفقهاء هم أهل الحديث . وتلاشى مذهب الأوزاعى وقامت دولة المالكية 
وخقهاتها. 

ومن اللحقق أن تشريع قضاة الأندلس الأول قد ضاع معظمه . قال الخشنى : «وذكر 
محمد ين وضاح قال : قال لى يحبى بن معين: جمعتم حديث معاوية بن صالح؟ قلت : لا ! 
قال : وعا منعكم من ذلك ؟ قلت : قدم بلدا لم يكن أهله يومئذ أهل علم! قال : أضعتم 
والله علياً عظي] ! © 20. وقال محمد بن عبد الملك بن أيمن أنه بحث عن كتب معاوية بن 
صالح فلم يجدها » قال : « فلما انصرفت إلى الأندلس طلبت أمهاته وكتبه » فوجدتها قد 
ضاعت بسقوط همم أهلها » 17). ويؤكد الخشنى أن أحد قضاة ذلك العصر الأول فى 
الأندلس » وهو المصعب بن عمران » لم يكن «بالمتسع فى علم السنن ولا فى رواية الأخبار » 
فبهاذا كان يحكم ؟ ثم يقول بعد ذلك أن « زياد بن عبد ال رحمن أول من دخل الأندلس بالفقه 
والحلال والحرام » 20 ما يُفهم منه أن أحكام الأندلس لم تكن تجرى قبل ذلك على فقه ثابت 
معروف » بل على الاجتهاد والرأى والقياس . 

وربما كان المراد هنا أن زياداً أول من دخل الأندلس بفقه مالك . وهو أمر لا يغير من 


. 7١ نفس المصدرء ص‎ )١( 

() المالكى : رياض النفوس ( قام على نشره حسين مؤنس سنة )١96١‏ ج١8‏ » ص 76١‏ وما يليها . 
(”) الخشنى : قضاة الأندلس . ص١"‏ . 

(4) نفس المصدر والصفحة . 

(6) نفس المصدر ء ص٠6‏ . 


عمل قرطبة 5 





الوضع كثيراً » ولدينا بواهين تؤيد ذلك » فمن ذلك ما يحكيه ابن القوطية من أن عيسى بن 
مراحم عندما تزوج سارة القوطية قدم معها إلى الأندلس « وقبض ضياعهنا» 21 , والزوج 
فى الشريعة الإسلامية لا يقبض أملاك زوجه إلا بشروط » ولكن القانون القوطى يقره مبدأ 
عاهاً . ويؤيد ما نقوله النباهى فى حديثه عن المصعب بن عمران القاضى » قال : « وكان 
يروى عن الأوزاعى وغيره » وكان لا يقلد مذهباً » ويقضى بما يراه صواباً» (). 

ومن الثابت أن قضاة الأندلس فى ذلك العصر لم يكونوا يرون بأساً بمخالفة ما ينص 
عليه الأئمة » ومن ذلك أن القاضى محمد بن بشير كان ١لا‏ يجيز الشهادة على الخط فى غير 
الأحباس » ولا يرى القضاء ياليمين مع الشاهد » » وقد علق على ذلك محمد بن عمر بن 
بّابة بقوله : « قد علم القاضى - حفظه الله - اختلاف أهل العلم » وما ذهب إليه مالك 
وأصحابه من اليمين مع الشاهد » وما ذهب إليه قضاة بلدنا منذ دخلته العرب » من أنهم 
لا يرون اليمين مع الشاهد ولا يقضون به .. » 27 هما يدل على أن قضاة الأندلس كاتت لهم 
اراء خاصة يجرون عليها. 
...م20 ومن الثابت أيضاً أنه كان لقضاة قرطبة فقه خاص يجرون عليه وينكره غيرهم 

قرطبة ١‏ من قضة المغرب والمشرق ٠»‏ وهذا الفقه القرطيى يسمى بتسمية خاصة تدل 
على أنه مستقى من جارى العرف وأعمال الناس بحكم العادة » فكان يسمى « عمل قرطبة»» 
وللمقرى رواية طويلة فى هذا الباب لا بأس من إيرادها على تواليها لأهميتها . قال المقرى : 
« واعلم أنه لعظم أمر قرطبة كان عملها حجة بالمغرب» حتى أتهم يقولون فى الأحكام : هذا 
ما جرى به عمل قرطبة. وفى هذه المسألة نزاع كبير» ولا بأس أن نذكر ما لا بد منه من ذلك. 
قال الإمام ابن عرفة رحمه الله تعالى : فى اشتراط الإمام على القاضى الحكم بمذهب معين - 
وإن خالف معتقّد المشترط اجتهاداً وتقليداً - ثلاثة أقوال : الصحة للباجى » ولعمل أهل 
قرطبة » ولظاهر شرط سحنون على مذهب من ولاه الحكم بمذهب أهل المدينة » قال 
الماذرى: مع احتهال كون الرجل محجتهدا. الثانى : البطلان للطرطوشىء إذ قال : فى شرط 
أهل قرطبة هذا جهل عظيم. الثالث : تصح التولية ويبطل الشرط ء تخريجاً على أحد الأقوال 
فى الشرط الفاسد ف البيع للماذرى عن بعض الناس » انتهى مختصراأ . 


. ابن القوطية : تاريخ اقتتاح الأندلس » ص8"‎ )١( 
. النباهى : قضاة الأندلس » ص17‎ )0( 
. 8 ١ (؟) نفس المصدر . ص‎ 


11 عمل قرطبة 





قال ابن غازى : أن ابن عرفة نسب للطرطوشى البطلان مطلقاً » وابن شاس إنم| نسب 
له التفصيل » انتهى .. ولما ذكر مولاى الجد الإمام قاضى القضاة بفاس سيدى أبو عبد الله 
المقرى التلمسانى فى كتابه القواعد شرطً أهل قرطبة المذكور » قال بعده ما نصه : وعلى هذا 
الشرط ترتب عمل القضاة بالأندلس ٠‏ ثم انتقل إلى المغرب » فبينما نحن ننازع الناس فى 
«عمل المدينة ؛ ونصيح بأهل الكوفة مع كثرة من نزل بها من علماء الأمة كعلى وابن مسعود 
ومن كان معهم| : ليس التكحل ف العينين كالككَل » سنح لنا بغض الجمود ومعدن التقليد! 

الله أحَر مدتى فتأخرتٌ حتى رأيت من الزمان عجائبا 

يالله والمسلمين ! ذهبت قرطبة وأهلها ولم يبرح من الناس جهلها ! ما ذاك إلا لأن 
الشيطان يسعى فى محو الحق فينسيه » والباطل لا زال يلقنه ويلقيه . ألا ترى خصال الجاهلية 
- كالنياحة والتفاخر والتكاثر والطعن والتفضيل والكهانة والنجوم والحظ والتشاؤم وما 
أشبه ذلك - وأسماءها - كالعتمة ويثرب - وكذا التنابز بالألقاب وغيره ما نبجى عنه وحذر 
منه كيف لم تزل من أهلها ( يريد أهل قرطبة ) وانتقلت إلى غيرهم مع تيسر أمرها » حتى 
كأنهم لا يرفعون بالدين رأساً » بل يجعلون العادات القديمة أساً » وكذلك محبة الشعر 
والتلحين والنسيب وما انخرط فى ذلك السلك ثابتة الموقع من القلوب » والشرع فينا منذ 
سبعمائة سنة وسبع وستين لا نحفظه إلا قولاً » ولا نحمله إلا كلاً ؟ .. انتهى » (2©. 

وهذه عبارة لا تحتاج إلى تعليق » فهى تمل كل ما قلناه من تأثر التشريع فى الأندلس 
بالبيئة المحلية » وجرىّ القضاة فى قضائهم «على العادات القديمة» واعتبارهم ما يصدرون 
من أحكام « عملاً ؛ خاصاً هم يلتزمونه ولو اشترط الأمير الذى يوليهم أن يحكموا بمذهب 
معين . وذلك هو الأمر الطبيعى المعقول . لأن القانون جزء من الحياة العامة يتأثر ب| فيها 
ويجاريه ولا مفر للقضاة من إفساح المجال لما جرى عليه الناس» ما دام لا يتعارض مع 
الأصول » وما دام مالك قد اعتبر عمل أهل المدينة أساساً من أسس تشريعه » وأبو حنيفة قد 
خضع للبيئة العراقية وصاغ فى حدودها مذهبه » فقد كان من الطبيعى أن يكون لقضاة 
الأندلس فلسفة خاصة فى أحكامهم » فلسفة قائمة على قبول جارى العرف والقانون 
والتقليد » وإن وصف الفقهاء ذلك بأنه «جهل عظيم» . 


. 41 - المقرى : نفح الطيب » طبعة محيى الدين » ج5 » ص97‎ )١( 


اختلاف نظم القضاء فى الأندلس عن مثيلاتها فى المشرق - العرب يحترمون نظم البلديات 516 


؟.؟ - اختلاف وإنما استطردنا هذا الاستطراد لأن منطق التاريخ - إلى جانب ما أوردناه 
نظم القضاء فى ' . 8 ٠.‏ 7 2 ا . 3 3575 
مثيلاتهااف الشرق< القوطى الذى كان العمل جاريا به فى الأندلس قبل أيام المسلمين : وإذا 
كان هناك قاض للعجم يحكم ب « سنة النصارى 4»»؛ وقاض للمسلمين يحكم بسنة الإسلام » 
جنب إلى جنب . وكلما انقضى جين دخل نفر من النصارى فى الإسلام وصار منهم قضاة 
ذلك التأثر أن أخذ تنظيم القضاء العام فى الأندلس صورة يختلف فيها عن نظم القضاء فى 
المشرق جملة وتفصيلاً » فظهر نظام القضاة المشاورين وتألفت منهم هيئة تسمى ‏ الُشْوّرة » 
وهى صورة « الكوريا؛ 0212© القضائية فى نظام القضاء الرومانى . وهذه « المشورة » 
أو الكوريا هى التى تضع القواعد الفقهية وتحدد المبادىء ؛ فى حين اقتصر أمر القضاة على 
التطبيق » ما لا يتسع المجال لدراسته فى العصر الذى نؤرخ له 37). 


» العرب وقد وجد العرب ف الأندلس مدنا كبيرة كثيرة منظمة أمورها تنظيراً طيباً‎ - ٠6 
يحترمون نظم وصادفوا لأول مرة نظم البلديات وحكومات المان . ووجدوا كل مدينة‎ 
وحدة قائمة بذاتها وها زمام حوها يتبعها. وقد كانت أحوال المدن الرومانية فى‎ ١ '#لدن”‎ 


)١(‏ ليس هنا مجال الكلام عن وجوه اختلاف نظم القضاء فى الأندلس عن مثيلاتا فى المشرق . وقد أشار إلى ذلك 
خليان ريبيرا فى مقدمته لتاريخ القضاة للحارث بن أمد الخشنى » واعتمد على كلامه ليفى بروفسال فيا أورد من 
مادة طيبة عن القضاء فى الأندلس فى الجزء الثالث من ه تاريخ إسبانيا الإسلامية » . وقد قدمثُ مادة طيبة عن 
الموضوع فى بحثى عن «سقوط خلافة قرطبة » (بالفرنسية) ويهمنى أن أشير هنا إلى بعض المراجع اخامة لدراسة هذا 
الموضوع لم يشر إليها أحد تمن اشتغل به ؛ وهى : 

بتتفمكظ دع أنوائلد4آأ داعناععط 12 عل مفاعمععء: ما : 015112 مغط0 ا عاذ0ل 
نكن 1/1 12كنا هل ,- 
0د تلهلنة؛ اعل كعماعته كدا لز وعطوعة عمال : 801502 لم معنن امد 
]اع ماعن اعل كمسصة 12 دعن : 4114 )اف ]ا 
لاعوسوطلة عل 20ناد] متعلط [!8 : 4ا 0 الفط 001012412 
اتنعه50 ومعطة عل لقصمام2 معتانصة؟ أعل متنمستنتاهط اعل مانذتمقء |8 : ة.1آلا 1201م لاامد 

وكلها ظهرت فى حوليات تاريخ القانون الإسبانى : 
.امقتدمععط مطعععع2] أعل دومئكتط عل متتقسامة 

ابتداء من المجلد السابع سنة ١977١‏ وما يليه . 

وفى كتاب ١‏ المعيار المغرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب » لأبى العباس أحمد بن 
يحبى التلمسانى الونشريشى ( أو الونشريسى ) طبع حجر » فاس ١514‏ و375186., مادة طيبة ونافعة ابتداء من الجزء 

الخامس. 


511 قوسي الأندلس - العرب يتركون لأهل الذمة حرية اختيار رؤساتهم 





غرب أوروبا قد اضطريت واضمحلت بسبب غارات الجرمان وما أحدثته من الفوضى 
والاضطراب والفقر » ولكن هيكل التنظيم المدنى كان باقياً ما يزال .2١7‏ وقد احترم العرب 
هذا التنظيم على اعتبار أنه جزء من احترامهم لعهودهم مع أهل الذعة » وكاتوا أول الأمر 
معظم أهل المدن . وقد أفاد العرب من احتفاظهم بهذا النظام فيا بعد ء إذ أنه عندما أسلم 
معظم أهل المدن وتعربوا اتسعت حدود هذا النظام فشمل المسلمين أيضاً من أهل المدن » 
5-- قوس أقام السرب على أهل الذمة والنصارى رئيساً منهم ولقبوه بقومس الأندلئس 
الأندنى ١‏ أو زعيم نصارى الذمة » وجعلوه مسئولاً أمامهم عن كل ما يتصل برعاياهم 
من التصارى ء وأحاطوه با يليق به من الاحترام . وكان أول القيامسة هو ارطباس » 
وستتحدث عنه بعد قليل . حقيقة أن هذا اللقب ل يظهر فى النصوص إلا أيام عبد الوحمن 
الداخل » ولكن صورة الخبر الذى ينضمن هذا اللفب عند ابن القوطية ندل على أن الوظيفة 
كانت قديمة والجديد هو اللقب 229 . وستستمر الوظيفة مبذ! اللقب بعد ذلك . 
:+ عرب )00 ويذكر الراهب الذى كتب مدونة البلدة عممعقاعءطالم و«مءندصق أن 
يتركون لأهل الذحة العرب تركوا لأهل البلاد من النصارى حق اختيار حكامهم ومنظمى 
حرية اختيسار / . 
رؤساتهمر موزهم . 
-كعوقأه تعالتفمه 5مدم2 القوعد عل عللولءه لاانحه!!! عاء عناودأناوكناقنا ]8 .. " 
كأوع2 هاعهم ققنده!!ز عهتع) كعاههاتطمط ك5عتقتيره “29م ألاو بانع 
0 
(1) لم يدرس ألحد إلى الآن تطور أحوال المدن الإسبانية خلال الحضور الوسطى ٠‏ وكل ما ثدينا معلومات عامة 
مستخلصة من تطور أحواك المدن فى غالة وإيطائيا . والرأى الخالب هو أن الافسمحلال العام الذى شمل المدن 
الرومانية جيعاً خلال الحصر الروماتى المتأخر أدى إلى تدهور المدن . فاختفى بعفيها وتحول الباقى إلى قرى » 
وأصبم التقسيم الإدارى زراعياً خالصاً يقوم على وحدات ضرائبية تعرف الواحدة عنها باسم 65810548: وإن ظل 
.2 ممم هنول مقموعظ عل دنمو !1 وه : 84185 18150جاط المالجهه و 10811585 21413010151 
.0 .م (1940 ,ل تعدا 111 .اما تملظ ععلكوعك1ة ومسدط 
والآراء التى يبديها المؤلفان حافلة بالأخطاء ‏ وقد أتى الخطأ من أن هذين الباحتين الإسباتيين نقلا أقوال مؤرخين 
ألمان وفرنسيين حاسبين أن مثل ذلك قد حدث ف إسبانياء وفاته) أن الفتح الإسلامى أوقف اضصمحلال المان فى إسبانيا 
كا سترى فيها يلى . 
() انظر عن لقب قؤمس 08325 فى إسبانيا القوطية : 
1 .م أن .هه ,85 عالالفظ 28155150 المأطخط بر 508885 81 للم( 
ف .108 .م اك .هه ,5114011181 





الوظائف القوطية تدخل فى النظام العربى العام 511 


وورود هذا اللفظ بصيغة الجمع فى هذا النص يهم منه أنه كان هناك أكثر من قومس ء 
والأقرب إلى المعقول أنه كان على رأس النصارى فى كل ناحية قومس »ء لأن كل ناحية فى 
إسبانيا كان لها قومس على أيام الرومان ثم القوط من بعدهم » فأقر العرب هذا الوضع 2١‏ 
واشترطوا - كيا هو واضح فى النص - أن تنتخبه الجماعة النصرانية بنفسها ء على خلاف ما 
كان الحال عليه أيام القوط ء إذ أن ملك القوط كان يعين القيامسة من أصحابه والمقربين 
إليه » إذ أن المعنى الأصلى للفظ 001365 هو رفيق أو صاحب . وهذا التغيير فى طريقة تعيين 
القيامسة طبيعى » لأن ملك القوط قد زال . فانتقل حق اختيار الحكام إلى الجماعة النصرانية» 
واكتفى العرب باختيار القومس الأعلى وهو الملقب بقومس الأندلس »ء ول يروا أن يتركوا له 
حق تعيين قيامسة النواحى ٠»‏ لأن ذلك كان يعطيه سلطاناً واسعاً خطراً . إذ أن الغالبية 
العظمى من أهل البلاد كانت نصارى . وسنرى بعد قليل كيف أن قومس الأندلس أساء 
التصرف مع إخوانه فى الدين » حتى فى الحدود التى وضعها العرب لسلطاته . 
ويذهب سيمونيت إلى أن سلطان قامسة المدن كان لا يقتصر على المدن التى يتتخبهم 
أهلها » بل يمتد إلى كل الناحية الداخلة فى زمامها » ويقول : « ولا شك أنه كان يعاون 
القيامسة موظفون آخرون أصغر منهم » كانوا يعملون تحت إدارتهم خاضعين لسلطاتهم ىق 
المدن » وينوبون عنهم فى القرى الداخلة فى زمام ناحيتهم » وكانوا يتولون الأعمال المختلفة 
من إدارية ومالية وقضائية »(9) . 
7 - الوظائف وكان أصحاب وظائف أهل الذمة يلقبون أول الأمر بألقابهم اللاتينية 
القوطية تدخل فى التى عرفت بها أيام الرومان والقوط ء ثم عرّبها الناس عندما غليت 
النظام المربى العام العربية على غيرها فى شبه الجزيرة » ثم أخذت اللفظة العربية على ألسنة 
(1) يبدو أن هناك شيئاً من الالتباس فى قول مانويل توريس ف الموضع الذى أشرنا إليه فى الحامش قبل السابق أن 
القومس ف أيام القوط كانت له سلطات عسكرية ومالية وقضائية . وهنا كان يسمى 5ناهاةالات 08165 ( قومس 
المدينة ) أو22110:51ع 001825) ( قرمس الناحية ) أو 0118م 02065©) ( قومس المديرية ) أر-اع كعصيه 0 
5نناك ( قومس الجيش ) إذ يغلب على ظننا أنه كان هناك أكثر من قومس ء لكل منهم اختصاص »ء وفوق هؤلاء 
جميعاً كان الدوكس «دلك أى القائد أو الحاكم الأعلى » وهذا هو الذى كانت له الاختصاصات التعددة . وييدو أن 
القهامة كانوا قد أصبحوا فى أواخر أيام القوط مجرد موظفين , كل منهم يوكل بناحية من نواحى الإدارة ؛ وصغر 
شأنهم تبعاً لذلك » لأننا لا نجد القيامسة يتصدون للعرب دفاعاً عن نواحيهم . حقيقة أنهم كانوا جميعاً قوطاً. وقد 
هربوا بعد واقعة وادى لكه » ولكن يمكن أن يقال أيضاً أن أمرهم كان قد ضعف ء فلم تعد لحم القيادة » وهنا لم 


تذكرهم النصوص -. 
20( .مر اك .جه ,5184)28011 


ليون قاضى العجم - صاحب المدينة 





الناس صورة إسبانية عندما جرت فى الاستعمال الدارج » وقد صحب هذا التطور اللفظى 
تطور فى معنى الوظيفة واختصاصها فى بعض الأحيان . 
4 - قاضى كان القاضى يسمى أولاً ١‏ يودكس 1006 » » ثم حلت محلها لفظة «القاضى» 
العم العربية » ثم صارت هذه اللفظة على ألسنة الناس ألْكَالْدٍ 4162196 » وبهذه 
الصورة دخلت اللغة القشتالية وظلت فيها إلى اليوم » وتطور معنى الألكالد أيضا مع الزمن 
فصار إلى ما يشبه ١‏ العمدة » عندنا ( فى المدن الصغيرة والقرى)» والأغلب أن هذا التطور 
حدث عندما أسلم معظم الناس وتضاءل بذلك اختصاص قاضى العجم فى الفصل فى 
القضايا » وأصبح أشبه برئيس شرف تنتخبه الجاعة النصرانية من غير اختصاص واضح » 
كا هى حالة العمدة فى المدن الصغيرة . 
وقد حدث تطور شبيه بذلك أيام القوط فى اختصاصات القضاة : فقد كان للقوط قضاة 
من أنفسهم يسمون فى اللاتينية 51111608711 وفى الدارجة 12601801 إلى جانب قاضى 
الأهالى من الايبيريين الرومان الذى كان يسمى 11006 » ثم غلب اختصاص هذا الأخير 
حتى أصبح قاضى الايبيريين الرومان والقوط جميعآ وتحول قاضى القوط (الميليناريوس 
أو الثيوفادوس ) إلى موظف عسكرى (23 . 
.-صاحب2 وإلى جانب القومس » وهو حاكم المدينة وزمامها » وهو ما عُرِف فى النظام 
اليك | الإسلامى بالكورة » كان يوجد ف النظام الرومانى ثم القوطى حاكم خاص 
للمدينة 01016845 106460508 أى حامى المديئة أو حارسها » فبقيت هذه الوظيفة وعرّبت 
إلى « صاحب المدينة » » وصارت فى عجمية أهل الأندلس 22581060188 


)١(‏ يستعمل لفظ يودكس (»عدال > قاض ) فى التشريعات القوطية استعيالاً واسعاً » فيطلق على القاضى وعلى 
الموظف بصورة عامة » وربها أطلق لفظ يودكس على حاكم الناحية بدلا من 005265 » ومن ثم فإن ما يذكره القانون 
القوطى12ئا©110001 162[ من وجود 70101901926م 1006 أو 5ك «1006 ليس معناه قاضى المديرية أو 
قاضى المدينة بل يراد به الحاكم . وكان لهؤلاء اليوديسس 11001665 نواب فى النواحى . وكان يشترط فى اليودكس أن 
يكون من القوط فى حين كات النواب 511ة7/16 من أهل البلاد. ويلاحظ أن هذا الاضطراب فى استعمال لفظ يودكس 
لم يقتصر على اللفظ بل شمل الاختصاصات أيضاً » فأصبح حاكياً أو موظفاً ىا رأينا . وقد انتقل هذا إلى قضاة 
العجم فى الأندلس الإسلامى » فهم يسمون فى بعض الأحيان ١‏ الوزير القاضى » ولفظ وزير هنا ليس جرد لفظ 
تشريف ء بل يدل على أن قاضى العجم كان يتمتع بسلطات تنفيذية إلى جانب وظيفته القضائية . ولا نجد قضاة 
مسلمين يلقبون بالوزير القاضى إلا فى الأزمنة المتأخرة عندما انحط معنى لفظ وزير» وأصبح مجرد لقب تشريف . 

انظر : 60][4100ة 28210 و .سعلوتط : 85 لم8 521810 0321 المع بر 108885 مانا لافاز 
.268 .م (1947 ,8420230) [ مده ,متدمدظ عل مزرماوزاط عل أعنلاية11 ,كالاتاناظ 


المشرف - مستخرج الخراج - صاحب الشرطة - الأمين كدان 





أو 2ظضتلءج22)21 أو 4 .0 وستدخل هذه الوظيفة فى النظم الإسلامية 
الأندلسية » وسيتولاها مسلمون فيا بعد 20 . 

وكان هناك موظف يوكل بشئون المال فى الناحية » يعرف قبل العرب باسم 
2613311 5نااءء]2:2 فعرَّا العرب إلى ٠‏ المشرف » واتتقل هذا اللفظ إلى 
عجمية أهل الأندلس فى صور شتى : 213850056216 و/عةذدوصلة ر عألمعءمصلة 
و 3112031116 » ومهذه الصورة الأخيرة بقى اللفظ فى اللغة القشتالية. 


٠‏ - المشرف 


«-مستخرج أما قومس الخزانة 1165305011079 001065 'فقد حل محله « مستخرج 

الخماة الخراج» أو مستخرج خراج الذمة » إلى جانب عامل الخراج المعروف ف النظم 
الإسلامية » وقد تضاءلت أهمية « مستخرج الخراج » مع الزمن . 
صاحب2 وكان هناك موظف مكلف بالأمن ف المدينة يعرف باسم 53205كنا .126]0م 

الشرطة زجحل محله «صاحب الشرطة » » وقد انتقل هنا اللفظ إلى عجمية أهل 
الأندلس فى صور مختلفة مثل 560112 52682 و 53603560162 » ودخلت الوظيفة فى 
النظام الإسلامى ى) هو معروف . ومن الطريف أن العرب أخذوا نظام الشرطة ولفظها فى 
المشرق من البيزنطيين (شرطة - 566101185 ) ثم حملوا الوظيفة بلفظها إلى الاندلس حيث 
أخذ اللفظ صورة عربية فى العجمية الأندلسية. 

وكان العمال فى المدن منظمين منذ العصر الرومانى على صورة هيئات تشبه 

'" ميت النقابات تعرف كل منها بالكلية 2"70116813» وكان لكل منها رئيس 
مسئول عن أهل الحرفة وضرائبهم أمام الدولة » وقد اضطرب نظام هذه النقابات على أيام 
القوط » فلم| أقبل العرب أعادوا تنظيم هذه النقابات » وجعلوا على رأس كل منها رئيساً من 
أهلها يسمى «الأمين»» وقد انتقل هذا اللفظ إلى عجمية الأندلسء فكان يقال 235018 |6 . 
)١(‏ ذهب سيمونت فى كتابه المعروف 78402323265 105 06 181150023 ( ص١١ )1١١9-‏ إلى أن تعريب هذه 

الوظائف كان كما يل : 

«ع0ناز > القاضى 
دناكةن 3101م > صاحب المدينة 
2221 كلااءعء]عوم < المشرف 

وقد خالفناه فى ذلك كما يرى فى النص 

0( .48 .مأك .مه ,تالاعراظ 0لاملانم 


7 العريف - الزراع 


4 الصريف وكان هذا التنظيم أثره فى استقرار أحوال المان وأهلها » وكان معظمهم 
كما قلنا من أهل الذمة . وقد ظهرت نتائج هذا الاستقرار بصورة خاصة 
بين الصناع » إذ تحسنت أحوالهم بصورة لم تكن قبل أيام المسلمين » وظهر من بينهم أساتذة 
مهرة فى صناعاتهم عرف الواحد منهم بالعريف والجمع عرفاء» وقد انتقل لفظ عريف إلى 
عجمية أهل الأندلس فى صورة 2132814 ( وتحرف إلى 2151322 ) ومنها إلى القشتالية-[ 1ع 
#اثقة واقتصرت بعد ذلك على رؤساء البنائين » ولا زال اللفظ باقياً فى الإسبانية إلى اليوم . 
وقد تطورت هذه المصطلحات بعد ذلك تطوراً أوقع الكثير من الباحثين فى الخطأء 
فخلط بعضهم بين الأمين والمحتسب ء وسنتحدث عن هذا الأخير فى كلامنا على التنظيم 
الإسلامى العام للأندلس » وخلطوا بين القاضى والوزيرء لأن الوزير أخذ معانى خاصة فى 
الأندلس » منها معتى الأستاذية أو التمكن من صناعة ماء بل أصبح لفظاً من ألفاظ 
التشريف » فيقال : الوزير القاضى فلان » أو الوزير المشرف فلان ء أو الوزير الكاتب وما 
إلى ذلك . ويبدو أن هذا الترخص ف استعمال لفظ الوزيرء» والقاضى كذلك ء بدأ أولاً بين 
جماعات أهل الذمة » فكانوا يخاطبون قاضيهم بقوطهم : «الوزير القاضى الأقضل دون ملنده 
ابن لَنبَظار رحمه الله » أو « الوزير القاضى دُمِئْمّه أنْتُلين » » ومن الغريب أن لفظ القاضى فى 
الإسبانية وهو 11362 لقى أيضاً مثل ذلك الانحدار » فقد جاء فى قاموس بطرس القلعى 
(دلنفءاة ع0 معلء2) فى تعريف لفظ 212116 : 21568815 1062 ( > قاض بناء » يريد 
معلم بناء ) » و0141105© ع4 1062( ( - قاضى مبان » يريد معلم مبان ) 217 . 


وسنتحدث ف الفصل التالى عن تنظيم العرب للسكان عموماً » ولكن ما دمنا 
بصدد الكلام عن أهل الذمة » فلنقل شيئاً عن الزراع » وكان معظمهم أول 
الأمر من أهل الذمة . لقد أزال العرب النظام الذى كان سائداً أيام القوط والذى كان يجعل 
الزراع جميعاً إما رقيق أرض 5619731 »ء أو عمال أرض أحراراً أقرب إلى الرقيق-10 أناطاعع 10 
69م» أو عبيداً 6561313 فأزال العرب ذلك كله » فلم ييق إلا الأحرار والعبيد 
أو الأرقاء » فإذا أسلم الرقيق صار حراً » له ما للأحرار من حقوق »ء أما رقيق المسلمين 
الأندلسيين فحكمهم حكم الرقيق كله ف العالم الإسلامى » وهو معروف . وقد احتفظ 
العرب بالتنظيم العام للزراع فى قرى أو ضياع 210635 . 


قف 09 براك مه ,5184011181 :01 


6 - الزراع 


الللمون والكتية فين 





"١‏ امسلمون ١‏ يحلو لبعض المؤرخين أن يصوروا ما أصاب الكتيسة الإسبائية من الأذنى 

0 على أيدى المسلمين » ويطيل بعضهم - مثل سيمونيت ولاس كاخيجاس - 
الحديث بالتفصيل عن الكنائس التى تهدمت والمتاعب التى لقيها يعض التصارى على أيدى 
المسلمين , ولا يسع القارىء وهو يتتبع ما يقولونه إلا أن يأسف إذ يمد مؤرخين محدثين 
لا زالوا يجوون فى مضمار عصب الدين فى حديثهم عن أشياء وقعت قبل قرون متطاولة » 
خاصة وقد عادت إسبانيا نصرانية » وأصبح كل ما يتصل بإسبانيا الإسلامية تاريخاً ماضياً. 
وأصبحت المبالغة ى العصبية الدينية أو العنصرية بحرد تشويه للتاريخ . 

ومن الغريب أن هذه العصبية تشمل عصور ما قبل الإسلام » قفى كل ما لدينا من 
التواريخ التى كتبت حديثاً لإسبانيا يحاول المؤرخون أن يثبتوا أن إسبانيا كانت على الأقل 
منذ المجمع الدينى الطليطل الثالث الذى عقد فى سنة 088 بلدا كاثوليكياً خالصاً لا شبهة 
فيه لمذهب مسيحى أخرء ولا صوت يعارض قواعد هذه العقيدة كما قررها ذلك المجمع » 
بل إنتا لنجد مفكرا طائر الصيت مثل مارثيلينو منندذ اى بلايو يتصدى لنقد الذهب 
الآريوسى فى حماس المبشر الذى يخشى خطر أقوال آريوس المصرى على العقيدة الكاثوليكية 
الراهنة » هذا وقد ذهب أريوس وذهبت أيامه منذ نيف وثلاثة عشر قرناً (توى أريوس سنة 
1م ) ول يكن الرجل إلا مفكراً مسيحياً حاول جهده أن يصل إلى الحق بحسب ما انتهى 
إليه فهمه لنصوص الكتاب المقدس . 

والمؤرخون المنصفون ينظرون إليه بإجلال » لا تقديراً لرأيه » بل لأنه كان أحد الباحثين 
عن حقيقة العقيدة المسيحية فى عصر كان البابوات والأساقفة وغيرهم من رجال المسيحية 
يحاولون فهمها وتوضيح قواعدها . وإذا ذكرنا أن اريوس ولد سنة 78٠‏ وأيفع وأخذ 
يتعرف عقيدته المسيحية حوالى سنة ٠٠١‏ وأن المسيحيين جميعاً كانوا إذ ذاك يطلبون النجاة 
فى باطن الأرض ء ويقيمون كنائسهم فى السراديب والمغاور . إذا ذكرنا ذلك قدرنا جهده 
كمفكر وكمؤمن مسيحى . لأن المسيحية لم يُعترف بها ديانة كغيرها من ديانات 
الاميراطوربة الرومانية إلا بعد صدور منشور هيلان فى سنة 717 » ثم إن الذى دحض أآراء 
آريوس وقطعه بالحجة كان مفكراً مصرياً آخر هو أثناسيوس المعروف باسم الأنبا طناش » 
فقد تولى بطريركية الإسكندرية بعد الأنبا إسكندر » ونحن عندما نؤرخ للكنيسة المصرية إنها 
ننظر لآريوس - رغم إنكار الكنيسة المصرية له - على أنه مفكر جدير بالتقدير » وشخصية 


1 المسيحية فى إسبانيا القوطية - الكنيسة والدولة أيام القوط 





ها قيمتها فى تاريخ الفكر المسيحى والإنسانى عامة دون أن يملكنا الخوف من أن تعود آراؤه 
فتشوب عقائد الكنيسة القبطية المصرية . 

ولكن منندذ بلايو وأجوادو بلاى من مؤرخى إسبانيا المحدثين يحملان عليه حملة عنيفة» 
ويرددان كلام القديس إيزيدور الإشبيل فى حماس كأننا لا زلنا اليوم فى معركة الآريوسية 
والكاثوليكية(1) : 
سيحية2 وهذه الروح نفسها هى التى تسود ما لدينا اليوم عن أحوال الكنيسة أيام 
فى إسبانيا القوطية القوط . فلم تكن المسيحية الإسبانية أيام القوط كتلة واحدة : كانت هناك 
نزعات واراء معارضة ينادى بها جماعات من الناس » ولم تكن كلها رحمة وسلاما » فقد 
كانت هناك اضطهادات ومحائات وكان هناك ضحايا » ولكن هذا كله يسدل عليه ستار 
كثيف » فلا نظفر إلا بإشارات عابرة عنه » والهدف من ذلك فيا يبدو هو تصوير هذه 
الكجية عل أنه كانت ويا لوحدة الوطن الإسنائن وسلاتة ها عدن بظرينة اخفال نما 
أصاب إسبانيا بدخول الإسلام فيها ودخولا فى الإسلام » ويعظم بالتالى قيمة عودتها إلى 
اليحية: 

4 العنيسة. 0 بل إن أجواذو بلاى » وهو مؤرخ معاصر له مكانة . يحاول أن ينفى عن 
والدولة ايام الفهت الكنيسة القوطية خضوعها للدولة » وهى حقيقة بسيطة يسلم بها 
المؤرخون اللنصفون لا تضير الكنيسة الكاثوليكية فى شىء » وإليك مثلاً من حديثه : 

١‏ إن الاتحاد الوثيق بين الكنيسة والدولة » ابتداء من المجمع الطليطل الثالث » لا يسمح 
بالقول بأن الكنيسة القوطية كانت كنيسة قومية ( يريد أتها كانت كاثوليكية أى عالمية ) » 
ذلك لآت الملك كان لا يوجههها ولا يحكمها » ولا يجوز كذلك أن نسمى الدولة القوطية 
حكومة ثيوقراطية » لأن الكنيسة لم تكن تسود الدولة . حقيقة كان الملك يتدخل فى الشئون 
الكنسية » ولكن هذا التدخل يرجع فى أصوله إلى أيام الامبراطورية وأيام الآريوسية . كان 
ملوك القوط يدعون المجامع الدينية للانعقاد » كما كان يفعل ذلك قبلهم الامبراطوران 
4١(‏ 1 20ه) روع1مل2مك8 05:ملمععاعء11 105 عل 0712داة ,الأشاطط بر ]1/1101 0 الأراع 0 طم اا 

.9 306 .مم (1946 ,3120510) 
3 .م أ متك .مو ,تالاا8 0طهنة 40 


وانظر ص 517" حيث يقرر بلاى أنه غير آأسف على إحراق كتب الآريوسيين وغيرهم من المخالفين ويسخر من . 
أحرار الفكر الذين يأسقون على ضياعها ! 


الكبة والدولة أيام القوط 10 


قسطنطين وثيودوسيوس . بل إن ملوك القوط لم يكونوا يدعون إلى عقد المجامع فقط » بل 
كانوا يحضرون جاسة الافتتاح للمجمع الطليطلى يحيط بهم نفر من الحاشية الملكية-76 31012 
3 » وكانوا يقرأون الكتاب الملكى 76810 0170 وهو برنامج الموضوعات التى سيبحثها 
المجمع. وكانت قرارات المجمع توقع بإمضاءات من حضر من رجال ا حاشية إلى جانب 
إمضاءات الأساقفة والقساوسة ورعاة الكنائس » . 

« ولم يكن لمجامع طليطلة سلطة تشريعية فيها يتصل بالشئون المدنية » بل فى الشئون 
العقيدية فحسب . ولم يكن للقرارات المتصلة بالعقيدة أثر فى الشئون المدنية إلا إذا أقرت 
ذلك القوانين التى يصدرها الملوك . كانت القرارات فى هذه الحالة تعتير قوانين » لا بمحض 
صدورها عن المجامع » وإنما بإقرار الملوك إياها . كان الأساقفة بصفتهم من كبار أهل الدولة 
يعتبرون جزءا من الحاشية الملكية » وكانوا تبعا لذلك جزءا من المحكمة التى تنظر فى الجرائم 
السياسية والمخالفات التى يرتكبها أهل الطبقة العليا . وقد شاعت هذه الصور من تدخل 
الملوك فى شئون الكنيسة بعد ذلك بقليل فى كل الدول الأوروبية فى العصر الوسيط . إن 
تأثير الكنيسة فى قرارات الملوك لم يكن ناشئاً عن أن القانون يقرر ذلك . ولم يكن قائياً على 
أساس من النظام العام » بل كان سببه الامتياز الفكرى الذى تمتع به رجال الدين » ولم 
يقتصر هذا الامتياز على إسبانيا » بلى كان شائعاً فى كل بلاد غرب أورويا» . 

ثم يقول بعد ذلك : «... إن مجمع طليطلة . بعد اتعمّاده الرايع فى سنة 777 . وبسبب 
اعتبار لعنة الكئيسة مبدأ سياسياً , أصبح محكمة عليا » ضياناً للملك ورعاياه» وكانت هذه 
المحكمة تفرض عل الناس احترام شخص الملك . وأقامت من نفسها سلطاناً معدّلاً 
لسلطان الملك . وأوجدت نوعاً خاصاً من الجرائم ضد الوطن يعاقب بعقوبتين : عقوية 
مدنية ولعنة الكنيسة . وقد قال متتدذ بيدال : إن هذه الملكية الكاثوليكية التى كان للأخوين 
لياندرو وإيزيدور عليها أثر عظيم لا يمكن أن تكون ثيوقراطية . لم يكن رجل الديئ يحكم 
بل يوجه ء وكان يتفع الحاكم كما ينفع المحكوم : إن التداخل والتشابك بين الكنيسة والدولة 
كانا أقوى فى إسيائيا منهها فى أى بلد آخر معاصر » لأنهها كانا من صنع المجامع 2376 

وهذا الكلام - الذى اجتهد العالمان الجليلان فى صياغته على هذا التحو الذى يبدو 


)١(‏ .آماع! .م بسقاءءس همهم[ (1940 ,لففدل) 111 ممما _تاتقمكع عل دوماذتل! لخط 1م ست© للع لرع إيد 
٠‏ 6 .م ناك .وه .8/ا1آ8 20هنانة 


52 رأى راينهارت دوزى 





وكأنه « تأملات » أكثر بما هو حقائق تاريخية - يحاول الرد على حقيقة تجمع عليها كتب 
التاريخ غير الإسبانية » وقد أوجزها جيبون فى عبارة بسيطة عندما قال إن إسبانيا القوطية 
كانت : عقة]5 230067 011651 2 ١‏ دولة يركبها القساوسة » » ورب| كانتت خلاصة ما أراد 
أجوادو بلاى الرد عليه فى عبارته الآنفة الذكر . 

لقد عرفت الكنيسة كيف تستغل نصرها بتحويل ريكاريدو إلى الكائوليكية وفرض 
سلطاها على الدولة » فاستولت على أرضين وعقارات بلغت خس الأرض الخصيبة فى 
إسبانيا كلها » وقامت سيفاً مسلطاً على رءوس الناس »ء كا ستصبح المالكية فيما بعد ء 
فحرقت كتب المذاهب المخالفة » وفى مقدمتها المذهب الاريوسى » وعوقب المعارضون 
بالقتل والنفى والتشريد وانتزاع أبنائهم منهم وما إلى ذلك من العقوبات 17 . 
رأى ولسنا نريد أن نجارى المؤرخ راينهارت دوزى قى مبالخته فى تصوير سوء 
راينهارت دوزى حالة الكنيسة وما جر إليه اتحادها مع الدولة فى ذلك العهر » فقد كان دوزى 
ملحداً يحسب أن حرية الفكر معناها مهاجمة رجال الدين أياً كانوا » ولقد قسا فى ١‏ تاريخ 
إسبانيا الإسلامية » على رجال الدين حميعا نصارى ومسلمين . ولكننا نكتفى من كلامه 
بعبارة تغنى عن كلام كثير » فقد قال بعد أن سخر ما شاء له أسلوبه اللاذع من رجال الدين 
عندما ضاروا إلى القوة والسلطان : « ... ومن الآن فصاعداً ٠‏ وبعد أن أصبحوا ملاكاً 
لأراض فسيحة تعمرها أعداد غفيرة من رقيق الأرض » وأصحاباً لقصور فاخرة تعج 
بالعبيد » تبين القساوسة أنهم أسرفوا فى المسير » وأن زمان تحرير الرقيق لم يحن . وأنه لن يحين 
إلا بعد انتظار قرون لا أدرى عددها ». لقد دهش القديس إيزيدور القَرّمى (') وهو متأبد 
فى صحارى الصعيد . من أن مسيحياً يستطيع أن يملك عبداً . فى حين أن قديساً آخر يحمل 
اسم إيزيدور أيضاً . هو أسقف إشبيلية المشهور , الذى كان خلال زمن طويل روح مجامع 
طليطلة الدينية و« فخر الكنيسة الكاثوليكية » كما قال الآباء الذين اجتمعوا فى المجمع 
الثامن » لا يردد عندما يتحدث عن الرق اراء سميه وإنما آراء حكاء الأعصر القديمة , آراء 
أرسطو وشيشيرون . لقد قال الفيلسوف الإغريقى : « إن الطبيعة خلقت بعض الناس 
ليحكموا وبعضهم الآخر ليطيعوا » » وقال الفيلسوف الرومانى : ١‏ ليس هناك ظلم فى أن 
ا ا ا و 2 .6 1[آ .اك .مه .0 اشضاناط 2طدالاع لط لد 


وهذا المفكر الحليل يبرر ذلك كله ويدافع عنه . 
(؟) هو القديس [أكنااء8 151005005 53110]15 نسبة إلى بلوزيوم وهى الفرما . ولهذا سميناه الفرمى . 


رأى راينهارت دوزى يننا 
يقوم بالخدمة أولئك الذين لا يعرفون كيف يحكمون أنفسهم » ٠‏ وإيزيدور الإشبيل يقول 
نفس الشىء : 
015010106115© 5617/05 21105 ,350)ئلا كناطتسصتصتمط االاعوعدتل معل1 كنكع12 كناناوع32 
-1332 نهل 20165126 5629011021 تلضعع28 عل122 13اضعع1]1 ألا ,05 تومل كناتلة 
1831 1تأ5ع1 1اآنانا 

( > ... وهذا السبب أيضاً ميّرْ الله مصائر الناس بعضهم على بعض : فصار بعضهم 
عبيدا » وصار بعضهم سادة » وذلك حتى يكون سلطان السادة مانعا لسريان الشر الذى 
يصدر عن العبيد ) . 

ولكنه يناقض نفسه . لأنه يقرر أن كل الناس سواسية أمام الله وأن خطيئة الإنسان 
الأول » وهو يعتبرها أصل العبودية » قد زالت بالخلاص ( بدخول المسيحية ) . «وإننا 
لبعيدون كل البعد عن الرغبة فى لوم رجال الدين إذ لم يعتقوا العبيد » وعن الرغبة فى مجادلة 
رأى أولئك الذين يؤكدون أن العبد غير قادر على عبء الحرية . نحن لا تجادل. وإنما 
نكتفى بأن نقرر حقيقة كان لها نتائج هامة » وهى أن رجال الدين بسبب تناقضهمء لم يحققوا 
آمال الرقيق . وقد ساء حال أولئك المساكين بدلاً من أن يتحسن ء لقد اتخذهم الجرمان - 
مثلهم فى ذلك مثل غيرهم من الشعوب الجرمانية فى ولايات الدولة الرومانية الأخرى - 
خدماً خاصاً لهم وفرضوا عليهم السخرة . وجدير بنا الإشارة إلى عُرف جد ولم يكن معروفاً 
أيام الرومان فيا يبدو » وهو أن تُلِرّم أسرة من الرقيق بأداء خدمة معينة إلى السيد بصورة 
وراثية » فتقوم أسرة بعينها بزراعة الأرض للسيد » ويخلف الآباء الأبناء فى ذلك » وتقوم 
أسرة أخرى على نفس المنوال بالصيد . وثالثة بحراسة قطعان الماشية » ورابعة بأعمال 
النجارة » وخامسة بالحدادة وهكذا »(0) . 


« ولم يكن الرقيق أو العبد ليستطيع الزواج بدون موافقة سيده . فإذا تزوج دون أن 
يحصل على هذه الموافقة اعتبر زواجه كأن لم يكن » وفصل بينه وبين زوجته بالقوة » وإذا 
تزوج رجل من طبقة الرقيق امرأة فى ملك سيد آخر تقاسم السيدان الأولاد مناصفة . وإذن 
فقد كان قانون القوط فى هذه الحالات أقل إنسانية من قوانين الامبراطورية الرومانية . لأن 
الامبراطور قسطنطين حرم التفريق بين النساء وأزواجهن وبين الآباء وأبنائهم والإخوة 
)00 .25] - 123 .م ,وعد ب02 لالد 


1/5 الحالة العامة بعد اتحاد الكنيسة والدولة 





وإخوتهم 2١(‏ وعلى العموم لا يمكن الشك فى أن حالة طبقة الرقيق لم تكن بالغة القسوة 
تحت سلطان القوط » [ ويتبين ذلك ] عندما تتأمل القوانين العديدة القاسية التى أصدرها 
القوط ضد الرقيق والعبيد الآبقين » وعندما نرى رقيق أشتريس - وكانت أحواهم فيها قد 
بقيت على ما كانت عليه فى إسبانيا كلها دون تغيير - يقومون بثورة عامة ضد سادتهم »؛ () . 

ثم يستطرد دوزى قائلاً : « وإذا كان القساوسة لم يحسنوا بصورة ما أحوال الرقيق» فإنهم 
لم يفعلوا شيئا أيضا للطبقة الوسطى » ظل أهل هذه الطبقة (الكوريالس 011112165 ) على ما 
كانوا عليه : تابعين للأرض التى يعيشون عليها . وعلاوة على ذلك . لم يعد من حق أى 
مواطن أن يبيع ممتلكاته . لقد انتقل الحرص على جباية أموال الدولة من أباطرة الرومان إلى 
ملوك القَوط » ضمن ما انتقل إليهم من تقاليد الرومان » بل إنه ليبدو أن التلاميذ ( وهم 
القوط ) لم يلبئوا أن فاقوا أساتذتهم ( وهم الرومان ) فى هذا المضمار . ظلت الطبقة الوسطى 
إذن فى شقائها وسوء أحواهاء ولا تنكر قرارات مجامع طليطلة ذلك » . 

« وبقيت كل الجروح التى كان الناس يئنون منها فى العصور الرومانية : ظلت الملكية 
محصورة فى أيد قليلة ( فى صورة إقطاعيات ضخمة )» وبقى الرق بصورة عامة» ونتيجة 
لذلك ظل العمل فى الأرض نصيب الزراع وملك الأراضى نصيب الملاك » 9 . 
الحالة والواقع أن اتحاد الدولة والكنيسة » بعد تحول ريكاريدو إلى الكاثوليكية لم 
العامة بعداتحاد | يهلب معه السلام واتحاد الشعب كما يتصور بعض المؤرخين » ولم يأت 
الكنيسة والدوة ١‏ وصول رجال الدين إلى السلطان إلا بالنتائج الطبيعية التى نتجت عن 
مثل هذه الظاهرة على طول التاريخ : اضطهاد المخالفين والقسوة عليهم والمحاكات الدينية 
وإثراء رجال الدين وتحول الدين إلى أداة للحكم. وتعرض لكل ما تتعرض له أدوات الحكم 
كلها من نزوع إلى الاستبداد» وأخطاء فى السياسة» وتعرض رجال الدين للنقد والمخاصمات 
ونفور الناس. وقد حدث مثل ذلك فى الإسلام » عندما وصل المعتزلة إلى السلطان أيام 
المأمون » وعندما قامت دولة المالكية فى الأندلس ابتداء من أيام عبد الرحمن الأوسط . 
(١)انظر:‏ 

«معآ نا كفاعتطقخ عل ذ5ممأع؟ 105 د كقممديعم كدا عل 200)ك8 اع2 ,021115102 

2002 .قناطع1 تلع[12اناء أ 221260110121 15ل0قمقمع 1[ ممم ع(آ] : 19 ,4 ,لا بتسسعتلنطآ ستصم2 

وهذه التعليقات الثلاثة الأخيرة واردة بنصها على هامش كلام دوزى الذى نتابعه : 
متشجلل8 /ا20طلاترا عدم مقع صلل .60 ع2) عدعدمو ل كمقصسلندسك! دعل عنام)كئةا ,/2021 2 ١‏ 2 


- 265 .م ,1 .201 (1932 ,علزم] 
فرق 11 ,10202 


الحالة العامة بعد اتحاد الكنيسة والدولة لاا 


ومع ذلك » فإن الاتجاه الغالب على التأريخ الإسبانى للعصر القوطى ينكر هذه الحقيقة » 
ويتصدى لدحضها بالحماس والبلاغة والقسوة فى الحكم على المخالفين » لا بحقائق 
التاريخ. ويبدو هذا الاتجاه فى أظهر صورة فى كلام كاتب إسبانيا الأكبر فى العصور الحديثة 
متندذ بلايوء وإليك مثلاً من كلامه الذى يُذكّرنا بعنف أبى محمد على بن حزم فى مجادلاته 
مع خصومه  :‏ يقولون إن المجامع الدينية اغتصبت اختصاصات ليست من حقها . من 
الذى يستطيع تأييد هذا السخف ؟ فى أى ناحية كان العلم وفى أيها كان الجهل ؟ لمن كانت 
الكنيسة تتنازل عن وظيفة تعليم أبنائها وتوجيههم ؟ أكانت تنزل عنه لأتباع ويتريك5م]) 
(17/161605 ووخشندش 01100891005 105 أو إيرفيج 82018105 5م الذين 
وصلوا إلى الحكم عن طريق قتل املك السابق أو بواسطة حيلة حقيرة تحرمه من التاج ؟ لقَد 
كانت الإنسانية تستطيع أن تحقق تقدماً واسعاً فى حكم أمثال أولئك الأمراء ! إن وصاية 
المجامع على الدولة لم تُّمرض فرضاً ولم تُنتزع انتزاعاً » وإنما ساقها القانون الإلمى وسعى 
إليها ملوك القوط أنفسهم» . 

«لم يوافق كل الشعب الآريوسى على الانفضاض عن عقيدته » وذلك لسوء حظه وحظ 
الملكية القوطية » فبالإضافة إلى بعض الدخلاء من الأساقفة » كان هناك عنصر محارب معاد 
( للكاثوليكية ) ولا يمكن التفاهم معه » عنصر لم ينسجم مع الحضارة الإسبانية الرومانية » 
التى لم يستطع إدراك كنهها ء ولم يستمع إلى تعاليم الكنيسة » بل تصدى لاضطهادها قدر ما 
استطاع عن طريق مؤامرات أو ثورات ضد الملوك الذين كانوا يؤيدونها . هذه المعارضة 
العسكرية الكافرة تمثلت أولا فى صورة ويتريك 1167160/لا وتمثلت ظاهرة إلى حد ما فى 
اغتصاب وحَشَنْدش 011503817110© للعرش » وفى الحرب التى شنها هيلديريك وبولس 
(0انه2 لا معترء1111) على الملك : وامبًا ؛ » وتمثلت قبل كل شىء فى موقف غيطشة 
وأولاده » أو أولئك الخونة - أياً كانوا - الذين فتحوا للعرب أبواب الزقاق . وقد وصلوا 
دون شك إلى إدراك ما طلبوا من الانتقام الوضيع » وزالوا من الوجود كشعب جزاء وفاقاً 
لهم على ما كان من شرهم وخبثهم . إن الشعب الذى نهض لاسترداد أرض الوطن شيراً 
شبراً كان شعباً إسبانياً رومانياً : إذ اندمج فيه القوط الطيبون اندماجاً تاماًء أما عصبة النبلاء 
الذين باعوا وطنهم فقد أغرق الله ذكرهم فى بحر التاريخ 2172 . 


)2232 8 - 347 .م ! ...كملاه لمرعاعطاده1 عل 560112 نا! ,0لاشضاعط متأرا لاع العلة 


1/4 الخلافات الدينية والفتح الإسلامى 


الخلاقات وهذا الكلام يفتح لنا باباً فى تفسير سرعة انتشار الإسلام فى الأندلس » فهو 
الدينية والفتح ‏ - على ما فيه من مجافاة «لسياسة العلم» كا يقول أصحابنا الأندلسيون فى 

الإسلامى نقدهم لابن حزم - يربط بين تصرف غيطشة وأولاده والنفور الذى ساد 
بعض جماعات من أهل إسبانيا القوطية من استبداد الكنيسة واستعانتها بسلطان الملوك . 
وعلى ضوء هذه الإشارات نفهم أن عداء غيطشة لإيخيكا كان من بعض نواحيه نفوراً من 
سلطان الكنيسة واتجاهها إلى فرض مذهبها بالقوة . وإذا نحن ذهبنا تتعمق الأمر تبين لنا أن 
الأمر فى إسبانيا قبيل الإسلام كان يشبه إلى حد بعيد الموقف فى مصر قبيل الفتح » فقد كانت 
منازعات المذاهب فى مصر على أشدها » وكانت مصر ابتداء من القرن الثالث المسيحى فى 
صراع متصل مع الدولة البيزتطية » وكان المصريون - قبل أن تتدخل الدولة البيزنطية فى 
نزاع العقائد - يسوون مشاكلهم بأيديهم » ىا حدث فى الصراع بين الآريوسية 
والأثناسيوسية » إذ انتصرت الأخيرة وتلاشى مذهب آريوس »ء وتفرق الباقون من المتأثرين 
به » ومنهم أوريجانس » الذى ذهب إلى أنطاكية حيث تكونت حوله مدرسة كان لما فى تاريخ 
المسيحية الشرقية تاريخ طويل » واتحد المصريون مع أهل الإسكندرية فى محاربة كل بدعة 
تناقض المذهب الأرثوذكسى كا تقرر فى مجمعى نيقية وافيسوس الأول . 

فلا تدخلت الدولة وتصدت للحاية الأرثوذكسية » وأخذت تفرض على الناس مذاهمب 
معينة » كما حدث فى مجمع افيسوس الثانى . بدأ المصريون وأنصارهم يتخذون موقفاً 
معارضا للدولة » بدافع التحدى لسلطانا فى صورة معارضة لسبلطانها السياسى » وظهر 
هذا بصورة واضحة فى مجمع خلقيدونية الذى تصورت كنيسة القسطنطينية أتها قضت فيه 
على منافستها كنيسة الإسكندرية فخاب ظنها » لأن النزاع تحول بعد ذلك إلى نزاع قومى » 
وصمد المصريون وتحولوا شيئاً فشيئاً نحو المونوفيزية وثبتوا عليها رغم اضطهاد قَيْرّس ء ثم 
انضم قيرس إلى أقباط مصر » ول يجد تخرجاً من أذى الدولة إياه إلا بالاتفاق مع العربء إذ 
رجا أن يجد فى حكمهم خلاصا من اضطهاد الدولة وتدخلها الدائم فى شئون العقيدة . 

وقد درجنا فى دراستنا لتاريخ مصر على أن ننظر إلى الخلافات المذهبية التى كانت 
متأججة بين مصر والدولة البيزنطية على أنها من أكد الأسباب فى تيسير فتح مصر على 
العرب أولاً » وفى دخول المصريين فى الإسلام بعد ذلك . فأما عن أثر هذه الخلافات فى 
تيسير الفتح فأمر ظاهر لا يحتاج إلى شرح طويل . وأما عن تيسيرها دخول المصريين فى 


الخلااقات الدينية والفندم الإسلامى 1 


الإسلام فتقول فيه إن مناقشات رجال الدين فى موضوع طبيعة المسيح واجتهاد كل صاحب 
مذهب فى اجتذاب الناس إلى رأيه وتنفير الناس من مذاهب الآخرين . ثم تدخل الدولة 
وحرصها على فرض آراء معينة فى ذلك الموضوع » كل ذلك أوقم الناس فى حيرة كبرى من 
أمر دينهم , وتضاربت الآراء فى أذهائهم » فلم يعرفوا أيها الصحيح ء وم يعرفوا كذلك بأنها 
يأخذون ليضمنوا سلامة عقيدتهم من ناحية وسلامة أبدائهم من أفى الحكام من ناحية 
أخخرى . فإذا هم فى ذلك إذ دخل عليهم العرب بالإسلام ببساطته ويسر أصوله , فبدالحم 
وكأنه مرج من ذلك الحرج كله » ووجدوه يقرر نبوة عيسى عليه السلام ويلفى مسألة 
الطبيعتين باستنكاره بنوة المسيح لله وتقريره أنه نبى كغيره من الأنبياء » وتأكيده ذلك بنفيه 
مسألة صلب المسيح مما ينقض نظرية الخلاص نقضاً مبرماً . وكان القول ‏ بالخلاص » عبئاً 
ثقيلاً على نفوس الناس »ء إذ لم يتصوروا كيف يخلق الواحد منهم عحملاً بإم خطيئة الإنسان 
الأول ٠‏ وكيف ينبغى عليه أن يسعى فى خلاص روحه بالإيهان بالصلب أولاً ثم بشراء 
نصيبه من الخطيئة بألوان من الحرمان والعذاب من بينها تلقى الشهادة ثانياً . 

وينبغى أن نذكر ذلك كله عند دراستنا لفتح المسلمين للأندلس ودخول أهله فى 
الإسلام ؛ فأما عن أثر الأحوال فى إسبانيا فى تيسير الفتح فقد فسرناه عندما قلنا إن القوط 
كانوا طبقة حاكمة متعالية منفصلة عن الناس » وكان حكمهم ثقيلاً على الناس» فلها كسر 
العرب القوط دانت لهم البلاد» كما دانت لهم مصر بهزيمة البيزنطيين. ولا عبرة بالقول بأن 
القوط غيّروا سياستهم حيال الناس بعد قرارات مجمع طليطلة الثالث فى سنة 584 وبعد 
إلغاء الملك رِخِشْفُِْو للقانون الذى يحرم زواج القوط يأهل البلاد بعد ذلك بسنوات قليلة » 
فإن سلوك الناس لا يتغير بالقوانين بل بفعل الْزمن » وكان ما بين هذه التشريعات الطليطلية 
ودخول الإسلام زمناً قصيراً لا يسمح بحدوث هذا التغير الحاسم الذى يتغنى به منندذ 
بلايو 30 . ٠‏ 

فقد ظل القوط حكاماً معتزين بالسلطان وإن أشركوا معهم رجال الدين فيه » ولو أن 
أيام القوط طالت لكان من الطبيعى أن يحدث التمازج الذى افترضه منندذ بلايوء ولكن 
العرب دخلوا الأندلس والقوط على ما هم عليه من الاتفراد بالسلطان ء» فكانت المعركة 
بينهم وبين القوط لا بينهم وبين الايبيريين الرومان » ولهذا كانت قصيرة المدى» وساعد على 





4 105 لراك جه ,0لأماعم عا عقر 


58 رأى فى الخلافات الدينية المسيحية 


تقصير مداها ما كان من ضعف القوط واختلافهم فيا بين بعضهم وبعض . ويقرر ذلك 
منندذ بلايوبيقوله: القد كان حرص نبلاء القوط على الانتقام (بعضهم من بعض) ثمراته 
الطبيعية » وريا لم يكن أولئك النبلاء يحسبون أن عملهم هذا سيؤدى إلى هذه النتائج 
البعيدة » فقد توجت الغارة العربية التى قام بها طارق وموسى بنصر سريع عجيب » 
/ 

وذلك بفضل العتاصر المعادية التى كانت تغلى فى إسبانيا » وفتحت المدن والحصون عنوة 
أو صلحاً + واستسلمت فى أوريولة المقاومة الضعيفة الثن خاوطاً تدهيرء وهو القوطى 
الوحيد الذى حاول أن يرفع رأسه وسط الدمار العام » وقامت الحاميات العربية واليهودية 
فى إشبيلية وقرطبة وطليطلة وباجة...2» 27 . 
-رنى 204 وإذن فقد كان للخلافات الدينية أثر بعيد فى تيسير الفتح الإسلامى 
اكالط اك - الإوتدلتر اك كان ا ننس الاثر الخ مصير ا وو اللزارخعرة اسان 
0 يستنكرون هذه الخلافات ويحملون حملة بالغة على ما خالف العقيدة 
الكاثوليكية منها » ويصفون أصحابها بالخيانة والإجرام والمروق وما إلى ذلك » ولكنهم لو 
أمعنوا النظر لبدا لهم الأمر أهون من ذلك بكثير . فإن المسيحية نفسها كانت إلى ذلك الحين 
موضع مناقشات » وكانت أصوها غير واضحة أو محدودة » وكانت المجامع الدينية فى 
الشرق والغرب تجتهد فى تحديد أركان العقيدة » وكل مجمع ينشر على الناس رأياً يقرر أنه 
الصحيح ويحاول أن يحمل الناس على الأخذ به » وكان الخلاف بين ما تصدره هذه المجامع 
يبدو فى بعض الأحيان وكأن كلاً منها ينادى بدين يختلف عا ينادى به الآخر . 

كانت الكنيسة الشرقية تعتبر مذهبها هو المذهب القويم ( أورثوذكس ) » والكنيسة 
الغربية تعتبر مذهبها عالمياً ( كاثوليكى ) . وكانت كل منهما تكفر الأخرى » بل كان فى 
داخل كل منهما أكثر من مذهب » ففى الشرق كانت عشرات المذاهب أظهرها السطورية 
والمونوفيزية والخلقيدونية » وفى الغرب كانت الحرب المذهبية بين الأسقفيات بعضها 
وبعض ٠‏ وبينها وبين البابوية » وقد كانت هذه الأخيرة لا تعنى عقيدة فقط وإن| عقيدة 
ودولة » فقد كان بابوات روما يرون إذ ذاك أخهم ورثة الرسول بطرس من ناحية وورثة 
أباطرة الرومان من ناحية أخرى » ولم يكن ذلك خافياً على أحد » فكان الملوك يؤيدون 
بابوات روما أو يناهضونهم تبعاً لمصالح عروشهم ١‏ فقد أيدهم الفرنجة وحارهم 


)0 7-8 .م ,لآ نأك .مه ,0لاشلعط 82 طالق عزن 


رأى فى الخلافات الدينية المسيحية 4 





اللومبارد » وكانت علاقاتهم بكنيسة طليطلة.علاقة ولاء يشويه الحذر . وبين الحين والحين » 
كانت الخلافات تقع بين البابوات ومطارنة طليطلة » فقد كتب يوليانوس مطران طليطلة إلى 
البابا فى سنة 707 يصفه « بجهل محجل ؛ وكانت الخلافات على أشدها فى مسائل العقيدة 
داخل الكنيسة الإسبانية : حول مسألة الرؤيا 0©8110515م4 أو مركز كنيسة روما ( كئيسة 
الرسول يطرس ) أو قداسة التعميد 096]15538)15 52618:062]0 عل وما إلى ذلك » 
وكانت المناقشات بين الأساقفة حول هذه الموضوعات تطول وتشتد » وتنتهى عادة بقرار 
من مجمع طليطلة يُفرض على الناس فرضاً . 

فإذا كان هذا حال البابوات والمطارنة والأساقفة من الحيرة فى مسائل العقيدة فا بالتا 
بغير رجال الدين من عامة الناس » وكانت غالبيتهم العظمى لا تقرأ ولا تكتب ولا تفهم 
من اللاتينية حرفا ؟ كيف نتنظر أن تكون أمور العقيدة مقررة فى أذهانهم بهذه الصورة التى 
يفترضها مؤرخو إسبانيا ؟ إنما الطبيعى أن تكون أذهاتهم مبلبلة كما كانت حال غيرهم من 
عامة المسيحيين فى ذلك العصر » وليس أدل على ذلك من انتشار السحر والكهانة والشعبذة 
فى إسبانيا وغالة » وهى ظواهر لا تعم إلا فى أزمنة الاضطراب السياسى وانتشار المخاوف 
وضعف الإيهان وهبوط مستوى العقائد . ولم يقبل عليها عامة الناس فقط بل الملوك 
والنبلاء وبعض رجال الدين » وابتداء من المجمع الطليطل الثالث لا تخلو قرارات مجمع 
منها من بضع مواد تحرم السحر والكهانة والتوسل بالأشجار والأحجار وما إليها لكف 
أذى الأرواح الشريرة » بل إن المجمع الخامس اعتبر من يهارس السحر أو يلجأ إلى الكهان 
ملعوناً من الكنيسة محروما من رحمة الله » وإننا لنلمح فى بعض قرارات المجامع ضد السحر 
أن بعض الناس كانوا يلجأون إليه ليتخلصوا من الحكام . وأن بعضهم الآخر كان يقدم 
القرابين للشياطين » بل انحدر الناس إلى الوثنية الصريحة حتى اضطر المجمع الطليطل 
الثانى عشر عام 588١‏ إلى حفز همم القساوسة على القضاء على عبادة الأصنام » ولم ينحسم 
الأمر مع ذلك فنجد المجمع السادس عشر يحرم من رحمة الله عبدة الأوثان والأحجار 
وعيون الماء والأشجار والعرافين والسحرة » وقرر المجمع الحادى والعشرون طرد 
القساوسة الذين يصنعون الأحجبة والرقى )١(‏ . 
لم تكن النصرانية فى إسبانيا القوطية إذن بالشمول الذى نتصوره . ولم تكن العقيدة 


00 .428 - 422 .م .1 ناك .مه .0لاشاعط معط للش برع ير 


5 | الإسلام يضع عدا للاضطهادات الدينية المسيحية فى الأندئس 





المسيحية واضحة محددة المعالم لعامة الناس ٠‏ وإنما كانت القلوس فى يرة والعقول تثلسس 
طريقها لتفهم ما يلقى إليها ء وكانت الخلافات المذهبية كثيرة متضاربة » وقد قامت مجامع 
طليطلة بجهد عظيم فى سبيل تحديد أصول العقيدة » وقامت تفرض رأيها بالقوة والعنف » 
فكان لذلك أثره الطبيعى : ثفر الكثيرون منها وأخذوا يعارضونبهاء وما كان الملوك يؤيدون 
الكنيسة ويأتمرون بأمرها , فقد أصبحث المعارضة الدينية معارضة سياسية أيضاً . ولا شك 
أن الخلاف بين بيتى غيطشة واخيكا كان له وجهه الدينى . والأسغف لذريق الطليطل يؤيد 
ذلك فيقول  :‏ إن غيطشة لم يكن طاغية بغيضاً فحسب ء بل كان ملكاً منشقاً على الكنيسة 
وثائراً » يؤيد اليهود ويحابيهم » ويجمع مجلساً فى طليطلة » ويصدر قرارات منكرة » ويرد على 
تحذيرات البابا بفصل مملكته عن البابوية » ويصدر قراراً يحرم به على رعاياه الاعتراف 
بسلطان البابا ويثير غضب الكنيسة بتعيين قريبه أوبه 09088 مطراناً لطليطلة فقد حشره فى 
هذه الوظيفة حشرا روع الناس . وكان يحتل كرسى المطرانية قبل ذلك سِنْدِرِد ( الذى عاه 
إليه عندما اعثل لذريق العرش ) وقتل فافله 18963118 دوق كنتيريه وسمل عينى 
ثيودوفريدو 1116000688040 وهدم أسوار المدن وأخرق السلاح ؛ لا حباً فى السلام ٠‏ كيا 
زعم بعض المولعين بالمتناقضات ٠‏ ولكن ليحول دون قيام الثورات على سلطانه المستبد»(1), 
الإسلام ١‏ ولقد أعفى أضصحاب هذه المذاهب والآراء من اضطهاد الكنيسة والدولة 
ا عندما صار الأمر للمسلمين؛ فقد دخلت الغالبية العظمى من أهل البلاد فى 
الدينية المسيعية ‏ الإسلام » إذ وجدت فيه خلاً سعيدأ مريحا للمشكلة العقيدية . وتلك 
فالأنداس ١‏ ظاهرة واسعة المدى لا ينبغى أن تغيب عن نظر أحد ممن يدرسون تاريخ 
انتشار الإسلام : كانت المشكلة الدينية هماً ناصباً لكثيرين جداً من المسيحيين فى تلك 
الأعصر . فأما العوام والبسطاء فقد أراحوا أنفسهم من العناء ولم يتعبوا أنفسهم فى مسائل 
الطبيعة والطبيعتين وما يترتب عليههما » ونجوا بأجسامهم كذلك من سلطان الحاكمين الذين 
كانوا يخرجون كل يوم برأى جديد فى هذه المشاكل» وأخذوا يرددون ما يقال لهم أو صاغوا 
العقيدة الجديدة فى قالب الوثنية القديمة . وأما الأقلية المفكرة فكان بلاؤها عظيرماً» إذ كانت 
تصر على أن تفهم دينها فى حين أصر رجال الدين على أن يفهموه نيابة عنهم وما عليهم إلا 
التصديق والترديد.. وهذا الكلام ينطبق على كل بلاد المسيحية فى ذلك العصر . 


)00 .8 - 367 .م لكك .هو ,0لالح 251 84518791282 وموم 


الإسلام يضع حداً للاضطهادات الدينية المسيحية فى الأندلس 4 





ثم جاء الإسلام يقدم لهم حلاً يطمئن إليه معظم الناس وينجو به معظم القلقين » بل 
جاء يعرض حماية لمن أراد أن يقول قولاً لا ترضى عنه الكنيسة » فأمنت البقية الياقية من 
النساطرة فى العراق وبعض نواحى الشام » وأمن ال مونوفيزيون فى مصر والشام » وأمن 
أصحاب الأقوال المختلفة فى إسبانيا . وى ظلال الخلفاء قال يوحنا الدمشقى ما شاء له 
القول » وتفلسف اسبيرايندوس ف الأندلس ما شاءت له الفلسفة ء دون أن يخشى أحد 
منهم أن يحدث له ما حدث لجريجوريوس حاكم قرطاجنة إفريقية البيزنطى سنة 814١‏ 
ميلادية » فقد كان رجلاً متديناً وأرئوذكسياً خلصاً » وكان يعارض كل رأى يناقض المذهب 
الأرثوذكسى كما أقرته الدولة أيام قنسطنطين الثالث » ثم قتل قنسطنطين هذا فجأة فى مايو 
سنة 1411 وتولى العرش هرقلوناس وقامت بالوصاية عليه أمه مارتينه » فأصدرت أمرها 
بالارتداد إلى مذهب هرقل » وكان مونوثيلياً ٠‏ ووصل الخبر إلى جريجوريوس فأنكره » 
حاسباً أنه إشاعة » ١‏ وقام فى الناس يؤكد لمم أن الأوامر بمطاردة الأرئوذكسية إن هى إلا 
وسيلة يراد بها النيل من الامبراطورية المؤمنة الطاهرة الذيل » وأراد أن يؤكد للناس مقالته » 
فحضهم على الاجتهاد فى تتبع المونوثيليين واضطهادهم ٠‏ غير عالم أن اليوم يومهم » فلم 
تكد الأخبار بأفاعيله تصل القسطنطينية » حتى دعى إلى هناك ليحاسب أعسر الحساب على 
ما اقترف من جرم » فرحل الرجل إلى القسطنطينية » وهو - من حيرته - لا يكاد يعرف 
لنفسه مصيرا » (20, 

وربما بدا غريباً أن يقال إن دخول المسلمين هذه البلاد كلها قد وضع حداً للاضطهادات 
الدينية فيها » ولكن هذا هو الواقع . فإن المسلمين تركوا المسيحيين الذين أرادوا أن يظلوا 
على دينهم أحراراً يفعلون ما يشاءون » ولم تجد البابوية ولا رجال الدين وسيلة لأذى 
المخالفين ء» فقنعت بالشىء الوحيد المعقول: المجادلة والأخذ والرد » فبيتها كانت اللعنة 
الأبدية والقتل والسجن والتشريد نصيب من يخالف الرأى الرسمى للبابوية والمجامع أيام 
القوط » نجد البابا ورجاله يكتفون يخطابات يدحضون بها اراء اليباندوس كننةمهمناط 
مطران طليطلة الذى قال بعد الفتح العربى بقليل إن المسيح . من الناحية البشرية » كان ابناً 
لله بالتبنى فحسب : 


ممع لاعععه 485 1 الل (انالتتناعع5 02101 016111ا2 كللاتوعع1لآا (كلاككان)) " 


.4 حسين مؤنس : فتح العرب للمغرب ( القاهرة 14141) ص2‎ )١( 


20 الإسلام يضع حداً للاضطهادات الدينية المسيحية فى الأندلس 





-011آ 51150261026111 0101111 7ناعع5 كلالاعع ملطلمظ .كنا ماه 510 18نان ,0ئقنا 
تلان عل رأوء كناقةمع1ل عقعط2ة! 5ع205] ع512262 ماعمه نام 200 عم 01042 10 رقتم 


.'' 8611]115 2110م أع5ق6»5 ذناط 


وهى مقالة لو نطق بها أحد فى أيام القوط لكان جزاؤه القتل» ولكن البابا هدريان الأول 
ورجاله لم يستطيعوا إلا حض المخلصين لهم من رجال الدين على مطاردة هذا الرأى الذى 
انتشر حتى أمن به نفر من نصارى أشتريس وكتتبرية تمن كانوا خارجين عن طاعة المسلمين. 
وكتب ايتريوس 1161611415 كتايًا فى الرد عليه : 


عل الل تأمصطن) عمه10م200 عل 5116 ,0نال2هم 811 كتاكطوء 201 التغطاظ ءءطانآ 


وقد استمرت هذه الآراء تظهر وتختفى خلال العصور الإسلامية » ولم يكن لأحدها من 
الصدى أكثر ما يكوف لرأئ يطرح للناس » فيؤيده من يريد وينصرف عنه من يريد » ولا 
يبقى آخر الأمر إلا الرأى الذى يقبله العقل ويطمئن إليه القلب » ولو كانت هناك المجامع 
وسلطان الدولة لأصبح لكل رأى منها فرقة ى) كان الأمر أيام الدولة البيزنطية »إذ أنه 
لا يحيى الأراء ويقوى المذاهب شىء كالاضطهاد . وقد وقفت الدولة الإسلامية قى 
الأندلس موقف ال حياد الكامل» ولم تفعل فعل الدولة العباسية مثلاً عندما ناصرت النساطرة 
على من سواهم. وقد بلغ من عدم حفل الدولة الإسلامية فى الأندلس هذه المذاهب » 
ولآراء نصارى الأندلس جملة » أن ضاق ذرع المظْهَرِيين من رجال الدين بهذه الذولة التى 
تغرى المسيحيين بتسامحها على دخول الإسلام » ولا يقرأ أحد من أهلها شيئا نما كان رجال 
الدين هؤلاء يكتبونه فى نقد الإسلام ويملأونه بالطعن الجارح ! 

لفدشكا الراهت النة القوطى نع أن انعد من إختواته التصارى لأيقرا الاؤيية ولق 
بالا إلى الكتب المقدسة المكتوبة بهاء لأن الناس فى الأندلس كانوا فى شغل عن ذلك بالعربية 
ودراستها ومحاولة التمكن منها » فللا لم يستمع أحد لشكاته أخذ يحرض المسيحيين على 
التحرش بالإسلام والقرآن والرسول كلخ » فجعل نفر من النصارى يفعلون ذلك 
ويعرضون أنفسهم للأذى » فكانت محنة نصارى قرطبة أولاً ثم طليطلة.ثانياً ؛ وهى الفتنة 
الوحيدة من نوعها فى التاريخ ٠‏ لأن الغالب أن تضطهد الأكثرية الأقلية » أما هنا فقد شاء 
طموح رجال الدين إلا أن تُصَطهد الأغلبية الحاكمة بالطعن فى مقدساتها » ولم يدفع هذا 


أثر الإسلام فى نصرانية الأندلس 252 


النفر من رجال الدين المسيحيين إلى تحريض الناس عليها إلا هذا التسامح الذى جرى عليه 
أمراء بنى أمية فى الأندلس . وهو تسامح بلغ حد الإجمال . حتى شعر رجال الدين أن 
أمرهم قد ضاع فلا هم يجدون سبيلاً إلى الحكم » ولا هم يملكون الوسيلة إلى السيطرة على 
عقول الجاهير بإظهار براعتهم فى مسائل الدين » فلم يجدوا طريقاً للخروج من ذلك 
الخمول إلا بركوب هذا المركب الوعر . 
- أثسر الإسلام ولقد ذهب سيمونيت ومن تبعه إلى القول بأن كل ما ظهر بين نصارى 

فونصرانية الأندلس خلال العصور الإسلامية من الآراء المخالفة لرأى كنيسة روما 

. ماك 

الأندس إنها كان أثرا من اثار الإسلام فى نصارى الأندلس» وليس ذلك من 
الضرورىء لأن المسيحية نفسها ضمت كل لون من المذاهب والآراء قبل ظهور الإسلام » 
مثال ذلك أن مذهب اليباندوس - الذى أشرنا إليه - أقرب ما يكون إلى قول النسطورية . 
وقد عرفت إسبانيا النسطورية قبل بجىء الإسلام 210 » ومثال ذلك أيضاً أن القس 
اسيير ايندوس 15ا11811م125 وكان من شيوخ الكنيسة الإسبانية فى أوائل القرن التاسع 
الميلادى ( أى فى أيام الأمير الحكم بن هشام المعروف بالربضى )» كتب رسالة صغيرة : ضد 
بعض المذاهب المنحرفة التى ظهرت فى هذه الفترة التعيسة » يقول أصحابها بإنكار سلطان 
أنبياء الكتيسة وعلمائها » وجرءوا على أن يضعوا ألوهية المسيح موضع الشك , وعلى إنكار 
عقيدة الثالوث » إذ أضلتهم الآراء الإسلامية ' كما يقول سيمونيت فى أسلوبه المقذع الجانى » 
اما كعأمقعقعء2 للقل005 5مععععقط وأاضوء كقططم معل70,تورعم 5 


(0) ماأومصط© رز مسعاق تمتبائل عناوكة عمتأاموغوطياد عأفائصنا دأ متمق ومكموعم 
ولا نستطيع القطع بأن هذه المذاهب كانت أثراً من آثار الإسلام ‏ لأن هذه الآراء نفسها 
ظهرت ف المسيحية فى المشرق والمغرب قبل ظهور الإسلام » ولا يستبعد أن يكون وجود 
الإسلام فى الأندلس قد أعطى أصحابها حججاً وآراء وقرّى مركزهم . 
ع ا 
(1) انظر عن التسطورية فى إسباتيا: . 


وم 313 .م لف جه ,ولالحاعم مع[ الع العكد 
020 2 - 341 .م .كعطدعة2ه514 :5114080871 


58 المسلمون والكنيسة الإسبانية 





وإذن قلم تكن المسيحية فى إسبانيا قبل دخول الإسلام ثابتة الأركان 
ا ولا موحدة الكلمة ولا متمكنة فى قلوب الناس جميعا على النحو الذى 
يصوره المؤرخون عادة » بل لم يكن كل النصارى بامنين على أنفسهم 

ولا راضين عن الوضع الذى كانت عليه . ومن هنا فإنه يبدو لنا أن ما يسرف فيه بعض 
المؤرخين من الكلام عما أصاب المسيحية على أيدى المسلمين مبالغ فيه إن لم يكن مناقضاً 
للحقيقة والواقع . حقيقة أن المسلمين اعتيروا أملاك الكنائس التى تركها أساقفتها 
وقساوستها وفرّوا ملكا للدولة » وقصروا نفوذ رجال الدين على الدين » وذلك لا يعنى 
أذى المسيحية والمسيحيين» فقد كانت الكنيسة كما رأينا تملك نحو حمس الأرض العامرة » 
وكان رجال الدين يتولون الحكم باسم الملوك » ويتعرضون لكل ما يتعرض له أصحاب 
الحكم من أخطاء وعداوات » وليس ذلك من صالح الدين فى شىء . بل من الغريب أن 
أولئك الذين يتهمون العرب بأنهم خربوا عشرين أو ثلاثين كنيسة يفعلون ذلك باسم حرية 
الفكر وحرية العقيدة » ونحن جديرون بأن نسألهم : كم مسجداً بقى فى إسبانيا بعد أن 
أصبحت السيادة فيها للنصرانية ؟ 

كان فى إسبانيا على أيام القوط ست كنائس جامعة على رأس كل منها مطران » وكانت 
هذه الكنائس الست تقوم فى قواعد الأقسام الإدارية الكبرى كما كانت على أيام الرومان » 
وهى : طركونة وماردة واتجطلية وإتراعة نوقرطا جه وطليطلة وود انا عدم طايطله 
الثانى عشر قد اعتبر مطرانية طليطلة رأس المطرانيات جميعاً . 

ثم تلى ذلك الأسقفيات وعددها إحدى وعشرون فى إسبانيا القرطاجنية » ومن المفيد أن 
تدكرها عنام لذن امعظمها مجكون: قرا عد ور التعظم الإدارى الإسلومى ازستااكريها 
ا ل إن وجد ثم القشتالى الذى أخذ عن الصيغة 
العربية فى بعض الحالات . وبقى إلى اليوم : 


أععك وادى اش 6001 
2 أركبيقة 8 
( عاصمة إقليم كونكه اليونانى ) 


610 أو 81813 بياسة 52 


المسلمون والكئيسة الإسبانية 


511 سطة 

828 ( ف مرسيه ) 
0 قر طاجنة 
ماناكة 6 فطل نة 
0م22 مدينة المائدة 
8 دانية 

116 إلى 

2 1/11 تحخة 
1660 أوريط 
8 أشونة 
71112 - 

5 شاطبة 

48 شقوبية 
612 - 

- 83 

28 ,بلنسية 
8 (ف قونقة ) 
11ل] على مقربة من 

وفى ولاية بيطى عشر أسقفيات هى : 
5 إشبيلية 

23 شذونة 
45181 استجة أو إشجّة 


8 قرطبة 


كن 


8 

120610 
)22 2 
02283 

5عكدوع عل 1516م 
11 

عطاعا2 

م1 ,35013نا0) هآ 
ادع 010020 ,ةاناأقنة 0 
)0 

2 

202 

260012 

©6ط01ع 56 
520602 
5116 

عات © وك 


1711125 


ع5 
1161242 
| 

2ه) 


14 


0 قيرة 

8 لبلة 

ترهط ذ!1 أودذرة8116 إلبيرة 
8 طالقة 

8 مالف 


101 مه 


المسلمون والكتية الإسبانية 


0201 
لعا 
ااا 
100 
1ض 


1/10 


وفى لشدانية (هلاله]أةناء]) - وهى البرتغال الحالية - ثلاث عشرة أسقفية هى : 


8 ماردة 
وعم أبله 


0 بيزو 


8 ) (عل نقربة من 18005180 601030) 


18ل قورية 

فط 00 قلمرية 

28 يابرة 

0 
0 

عمممزو 011 الأشبونة 
8 أكشونبة 
انق عجو يأجه 
0 شلمنقه 
وقى جليقية نسع أسقفيات هى : 
00 


11 وهى القاغدة 
11م 


م1715 


008 

م0 

م8 

ه76 12 مأصةل1 
ممعتتزة ]1 

0ط 1.] 

(ممو8) وطمكرة< 0 
درع8 


ع5 


4 القاعدة 


المسلمون والكنيسة الإسبانية 204 





8 أسترقه 00م 
عام - 016 
8 - مغعع8 عل وتعدكة مأانةك 
منتاتنانا قرب 8:38 (كلذفتعل«0ك/! عل وععن) 
1 - لوقصم 0)) ووملوط 
وناءناآ لك معناءآ 
مأعمع 812 أو علدءنخبوط برتقال مم0 ه ملعرزء34 
1006 توده زنك 
وف إسبانيا الظركونية ( الشرق ) ١6‏ أسقفية هى : 
8 طركونة 82 القاعدة 
هناك أوقة م0 
8 أشُونة 8( ق مقاطعة 
فس 716 ) 
2 ممما 8 2 
82 سر قسطة 2006001734 
5 تقلهرة اليف 
8 طرطوشة 10 
ممدغط ‏ - دع 
111 امرياش ةانم 
5 جرندة 3 
1 لارذة ا 
8 وشقة وعوع 11 


1 اليدونو8 بنبلونة نحط 


5 المسلمون والكنيسة الإسبانية 


42 طرسونة 0 
0لاععنا - اء18ن0ا 
وف المقاطعة التربونية ثمان أسقفيات هى : 

2 أربونة 0ط[ وهى القاعدة 
28 أجدة علع88 
0005 0 ال 15 
5538 قركشونة 2020 
ه61 - 1 أوء - 81178 
وطءانا[ - ناآ 
8 مجلونة ع1 1اء م0 113821102 
71250 نيمه 111 


فمجموع المطرانيات والأسقفيات على هذا كان لالا » منها 4 خارج شبه الجزيرة و59 
فى شبه الجزيرة 2١7‏ . ومن هذا العدد الكبير يذهب أصحاب المدونات النصرانية » ويتابعهم 
المؤرخون المحدثون ‏ إلى أن العرب خربوا عدداً يبلغ الأربعين » وهذا القول مبالغة نعرفها 
من أولئك الرهبان » لأن المعروف أن المسلمين لم يخربوا فى الشام أو مصر كنيسة واحدة » فلا 
يعقل وال حالة هذه أن يخربوا فى إسبانيا نحو نصف الكنائس والواقع يدحض هذا الزعم » 
وأبسط الدلائل على ذلك أن المسلمين لم يخربوا كنيسة قرطبة » مع أمبم استولوا على البلد 
عنوة » بل اكتفوا بمشاركة المسيحيين إياها » وعندما انتشر الإسلام فى البلد » وضاق نصف 
الكنيسة بالمصلين اشترى عبد ال رحمن الداخل النصف الآخر من النصارى » وأذن لحم فى بناء 
كنيسة أخرى بدل القديمة التى أصبحت كلها مسجد قرطبة الجامع . 

بيد أننا لا نستبعد أن يكون بعض الأذى قد أصاب الكنائس الواقعة فى الأقاليم التى 
ظلت خلال الفترة التى نتحدث عنها دار حرب » وهى كنائس أقاليم جليقية والولاية 


)00 - 364 .م .اك .هو ,لالاتاا8 0«خناقة 


المسلمون والكنيسة الإسبانية اق 


النربونية والجزء الشمالى من إسبانيا الطركونية وولاية لشدانية . فقد ظلت هذه النواحى 
ميدان صراع ينال التخريب كل ما فيها : كنائس وغير كنائس . وهى لم تتخرب لأن 
المسلمين أرادوا تخريبها . بل لأن هذا فعل الحرب فى كل زمان ومكان . 

وربما كان الذى أوقع أولئك الرهبان من أصحاب المدونات النصرانية فى الخطأ هو أن 
الكثيرين من الأساقفة تركوا أسقفياتهم وهربوا أمام الجيوش الإسلامية . ظناً منهم أن 
المسلمين سيفتكون بهم » ولجأوا إلى بلاد الشهال القصى » فظن الرهبان أن هروب الأسقف 
والقساوسة معناه تخريب كنيستهم . وقد عاد الكثيرون منهم إلى كنائسهم بعد أن رأوا أن 
المسلمين لا يعتدون على الكنائس أو رجال الدين ء ويؤيد ذلك القول سيمونيت كبير 
الحاملين على الإسلام والمسلمين بين المؤرخين الإسبان المحدثين 230 . 

وعلى أى الأحوال » فإن المراجع النصرانية نفسها تذكر أن الأسقفيات والكنائس الآتية 
بقيت وعاش أهلها فى سلام مع المسلمين : 

مطرانيات طليطلة وماردة وإشبيلية ‏ 

وأسقفيات وادى اش - ارْكَبِيقة ( فى ولاية قونقه ) - شذونة - استجه - برشلونة - 
بَسطه - بياسة - بيجاسترٌ ( نقلت فيا بعد إلى قرطاجنة ) - فَلَهّرة - قورية - سرقسطة - 
مدينة المائدة (116173565 06 416913 - 11000م20:0)) - قلمرية - قرطبة - قبرة - لبلة - 
الدرة (غزناطة ) -كؤتدة ع" ال حمالقة - ارعلو (لع8[) «اؤمينه - ته وعجع) 
(56838 - سيُجوئئيا (51806028) - توكى (84837605) - أرشى (1[51» على مقربة من 
المرية ) - طالِقة - بلنسية . 

المجموع إحدى وثلاثون مطرانية وأسقفية . 

فإذا ذكرنا أن عدد هذه الكراسى الكنسية داخل شبه الجزيرة كان أيام القوط تسعة 
وستين » منها تسعة فى جليقية فى ناحية لم تخضع للمسلمين . ومثلها سبعة لم تخضع لهم من 
كراسى الولاية الطركونية الخمسة عشرء وخمسة من كراسى ولاية لشدانية فى نواح لم تدخل 
فى طاعة المسلمين » ومثلها أربعة من كراسى ولاية إسبانيا القرطاجنية - إذا استيعدنا هذه 
الكراسى التى كانت واقعة فى نواح خارجة عن دار الإسلام وعددها خمسة وعشرون 


)0ع( 122-123 .ناك .م0 1 عال1540لدك 


1 انتقال مركز المسيحية الأندلسية إلى قرطبة 





كرسياً » كان الباقى الذى دخل فى ديار المسلمين من قواعد الكراسى الكنسية أربعاً 
وأربعين. وقد ذكرنا أن المراجع النصرانية نفسها تؤكد وجود واحد وثلاثين » أى أن الذى 
اختفى من الكراسى الكنسية أحد عشر . 

نقول ١‏ اختفى » ولا نقول أزيل أو محى » لأن هناك ظاهرة هامة لا ينبغى أن نهمل أمرها 
فى ذلك الحساب » وهى أن قيام دولة الإسلام فى الأندلس اقتضى تغييرات إدارية استدعاها 
وضع الدولة الجديدة : أعيد تنظيم بعض الأقسام الإدارية القوطية عند تحويلها إلى كور » 
فأخرجت من بعضها بلاد ضمت إلى أقسام أخرى » ونقلت قواعد بعض أقسام إلى مدن 
أخرى أكثر مناسبة للمطالب الإدارية الإسلامية وهكذا ؛ فكانت النتيجة أن خمل بعض 
المدن فلم يعد يستحق أن يقوم فيه كرسى كنسى . ولم يقتصر هذا الأمر على الأندلس 
الإسلامى بل حدث مثله فى إمارة أشتريس التى أصبحت مملكة ليون فييم| بعدء فقد ضم 
مثلاً كرسى افراغه (858858 - 81888) إلى كرسى لك(40115]آ- 80نان1آ) ونتيجة لذلك 
قل عدد الكراسى الكنسية فى الأندلس الإسلامى . وعندما كانث تعمر ناحية وتتمدن 
قاعدتها - أى تصبح مديئة - كان المسلمون لا يوانعون فى إنشاء كرسى كنسى فيها » ومثال 
ذلك ما حدث لبطليوس عندما عمرت وكبرت وأصبحت قاعدة كورة : أنشأ المسيحيون 
فيها كرسياً كنسياً رغم قربها من قورية وماردة . وكان فى كل منها كرسى ؛ بل كانت الأخيرة 


مطرائية(١).‏ 
7 - انتقال وربما كان أهم تغيير فى النظام العام للنصرانية فى الأندلس هو انتقال مركز 
مركز ا مسيحية 


الاندئسية إلى الثقل من طليطلة إلى قرظبة . لم ينقل المسلمون كرسى المطرانية الكبرى من 

فرطبة ١‏ طليطلة إلى قرطبة » بل تركوه كما كان مراعاة لمشاعر التصارىء؛ ثم حرصوا 
على أن يكون المطران قريباً منهم فى العاصمة » بل عقدت مجامع طليظلة فى قرطبة 29 , 
وذلك إجراء بسيط لم يؤثر فى أحوال النصارى ولم يمس نظام الكنيسة » بل استدعاه الصالح 
العام » وربها يكون رجال اندين أنفسهم هم الذين حرصوا غلى أن يكونوا على مقربة من 
الأمراء والخلفاء » ولكن مؤرخى إسبانيا التصرانية ينقدون ذلك ويعتيرونه عدواناً على 
كنيستهم وتعصباً على النصرائية » وهذا أغرب ما يمكن سراغه من قوم لم يبقوا فى الأندلس 


)0 - 122 :مغل .مه ,513101187 
2 124 - 123 بي كله ينبن ,تنازو 


الكنبة الأندلسية فى النطاق الشرقى - الطقوس القوطية الكنية 157 





كله - عندما صار الأمر إليهم - على مسجد واحد أو مسلم واحد ! ومههما يتأمل الإنسان فى 
منطق أولئك المؤرخين لا يسعه إلا أن يأسف أن يكون هذا مبلغ نفر من أهل الديانة والفكر 
والعلم فى عصرنا هذا من الإحساس الإنسانى . 

0-8 حل أمراء قرطبة محل ملوك القوط » فانتقل إليهم بذلك الإشراف الأعلى على 
الأندلسية فى ١‏ شئون الكنيسة فى بلادهم . وجعلوا قرطبة المركز الفعلى للنصرانية 
انطاق الشمات 0 الأزرلررية » واحتفظوا لأنفسهم بالحق فى تعبين المطران - أو إقرار انتتخابه 
بقول أصح - وف الموافقة على الدعوة لعقد المجامع الدينية . وكان هذا فى ذاته تغييراً حاسياً 
فى تاريخ الكنيسة الإسبانية » لأن مطرانية طليطلة كانت معتيرة قبل الفتح تابعة لكنيسة روما 
روحياً وأدبياً ومالياً أيضا من بعض الوجوه » فقطع العرب هذه العلاقة وجعلوا للنصرانية 
الإسبانية كياناً مستقلاً » فلم يعد النصارى المقيمون فى النواحى الخاضعة للمسلمين 
بوسلون شينا من أموالهم إلى روما ء وانقطع بجىء القساوسة والرهبان ورسل البابوية من 
غالة وإيطاليا بصفة رسمية , أى أن هؤلاء النصارى انفصلوا تماماً عن إخوانهم النصارى فى 
إيطاليا وغالة وبقية أوروباء وتغير اتجاه أولئك النصارى من الغرب إلى الشرق » واندرجت 
النصرانية الأندلسية فى عداد النصرانية الشرقية وإن كانت كاثوليكية » وأخذت تتأثر تبعاً 
لذلك بمؤثرات نصرانية - وإسلامية - آتية من الشرق . ومن هنا فقد أخذت طقوس هذه 
الكنيسة الأندلسية تختلف عن الطقوس التى سادت الككنيسة الكاثوليكية عامة . وقد أتى 
هذا الاختلاف نتيجة لدخول الكنيسة الأندلسية فى النطاق الشرقى » ونتيجة لثبات هذه 
الطقوس على ما كانت عليه أيام دخول المسلمين » فى حين ظلت بقية الكنائس الكاثوليكية 
التى كانت على اتصال دائم مباشر مع البابوية خاضعة لكل ما تقرره البابوية من تعديلات 
وتحديدات تصدر بها أوامر من المجمع الكنسى العام أو مجمع الكرادلة فى روما . 

م استوى 2 ويذهب مؤرخو الكنيسة الإسبانية إلى أن أول من أدخل هذه الطقوس إلى 
القوطية الكنسية إسبانيا كان القديس الرسولى سان توركواتوس 210161018405 5ا]5212 
مؤسس كنيسة وادى آش .ء ثم حدد أصوها وشعائرها القديسان لياندروس وأخوه إيزيدور» 
وهذا يسميها الأسقف رودريجو خيمينيث شعائر إيزيدور ولياندروس 151008 تتاناء4/1 0 
تتلددعاآ اء ؛ ويسميها بعضهم الإيزيدورية فحسب 0 . ثم شاعت وجرى بها 
العمل أيام القوط » ومن هنا أطلق عليها اسم الطقوس القوطية-0111 - مععاة0) 016010 


514 البابوية والطقوس القوطية 





لات61 «تناك » وربها سميت الطقوس الطليطلية 101608580 051610 لأن مجمع 
طليطلة الرايع قرر تعميمها فى كنائس إسبانيا وغالة النربونية كلها . وقد جرى بها العمل فى 
الكنائس ف الأندلس الإسلامى دون أن يتعرض لا المسلمون بشىء » وعندما بدأ ملوك 
ليون يتغلبون على بلاد المسلمين » أطلق الليونيون على من كان فى هذه البلاد اسم المستعريين 
كا قلنا » وأطلق هذا الوصف أيضاً على شعائرهم فسميت بالشعائر المستعربية 186©10 © 
عط 127 . 
4 - البابوية وما كادت البابوية تقف على أقدامها فى حماية الدولة الكارولنجية الفرنجية 
والطقوس القوطية -حجبى أخذت تلقى الشكوك فى قيمة هذه الطقوس وكاثوليكيتها » فبدأت 
بإرسال حَبرين أيام البابا يوحنا العاشر لينظرا فى أمر هذه الطقوس ويعرضا عليه رأيهم| فيهاء 
فذهب الحبران إلى كنائس ممالك إسبانيا النصرانية وعادا ليقررا أنبا شعائر كاثوليكية سليمة. 
ولكن البابوية أصرت رغم ذلك على إلغاء هذه الشعائر وإحلال الشعائر الرومانية ( نسبة 
إلى روما ) محلها ء وما زال البابا جريجوريوس السابع حتى حمل شانججه ملك بَبْرّه وألفونسو 
السادس ملك قشتالة وليون على الاستجابة لما يريد » فألغيت الشعائر المستعربية فى نبره 
وقشتالة وليون فيا بين سنتى ٠١1//‏ و1/8١٠‏ رغم معارضة شديدة من نصارى هاتين 
المملكتين 230 , 

ثم جاء دور نصارى الأندلس الإسلامى عندما بدأوا يدخلون فى طاعة ملوك إسبانيا 
النصرانية بعد استغلاب بلادهم . لقد ظلوا آمنين على شعائرهم ما داموا فى حمى المسلمين » 
فلما صاروا إلى حماية ملوك النصرانية بدأت متاعبهم وعادوا إلى ما كانوا فيه فى العصر 
القوطى ! وقد تحول الأمر إلى صراع دموى اشتبك فيه أنصار الشعائر المستعربية مع أنصار 
الشعائر الرومانية » ولو أن أمراً كهذا حدث أيام المسلمين لما وسعت الكلمات غضب 
المتحاملين على الحكم الإسلامى » ولكن ما أشد اختلاف معايير القيم فى أيدى أولئك 
الناس ! لقد جمع الامبراطور ألفونسو السادس مجمعاً فى برغْش عام ٠١80‏ » وألغى الشعائر 
)١(‏ يحتج سيمونيت على موقف البابوية من الطقوس القوطية . ولكن احتجاجه رقيق لطيف لا يقاس بحملاته المقذعة 

على المسلمين » ولو أن المسلمين مسوا طقوس الكنيسة لما وجد فى ألفاظ العنف - بل البذاءة - ما يكفيه . وقد رأيت 

الإشارة إلى ذلك لبيان روح التعصب الشديد الذى كتب به هذا المؤرخ ومن تابعه » وهو تعصب يشوه الصورة 


التاريخية للأندلس الإسلامى تشويياً تاماً . 
د .م نأك .مه ,5181018111 :02 


وظائف الكنيسة 58ظآ 





المستعربية التى حافظ عليها المسلمون وأحل محلها شعائر فرضت على الناس فرضاً بسلطان 
الرهبان الكلونيين » وهم أجانب عن إسبانيا » كانوا يدخلونها إذ ذاك سادة لأهلها 
وقساوستها أيضا . 

ولم يرض الشعب عن ذلك » وسرت فى صفوقه روح المقاومة . وقال قائلهم : : نموت 
أو نستبدل هذا الملك بملك آخر قبل أن نقبل هذا التغيير » . ووقف الملك وحيداً أمام رعيته 
كلها . وتدخل نفر من الوسطاء فى الأمر. واستقر الرأى أخيراً على تحكيم القدرة الإلهية 
جرياً على شريعة العصور الوسطى : اتفق الطرفان على أن يوقدوا ناراً ثم يلقى فيها بكتاب 
صلوات وفق الطقوس المستعربية » وكتاب صلوات اخر وفق الطقوس الكاثوليكية » وما 
يحترق منهما فهو الباطل . ويقص ردريجو الطليطلى هذا الخير ويؤكد أن النار أكلت كتاب 
الشعائر الرومانية فى حين بقى كتاب الشعائر القوطية سليماً لم يمس! ويؤكد صاحينا 
سيمونيت هذا الخبر » ويروى رواية أخرى يتهم أصحابها بأنهم ممالئون للبابا » إذ أخهم 
يقولون إن كتاب الصلوات الرومانى عندما طرح لم يقع فى النارء أما القوطى فوقع فيها ولم 
يصب بأذى وهكذا ثبت أن الاثنين على حق !220 , 

ويقولون إن الطقوس المستعربية سلمت من الأذى نتيجة لهذا الحكم الإلى » ولكن 
ذلك لم ينفعها طويلاً » فها زال البابوات يؤيدهم الملوك يلحون عليها حتى تلاشت آثارها 
خلال القرن السابع عشر . 

وإنما استطردنا مع تاريخ هذه الطقوس لكى نؤكد ما قلناه » وهو أنها كجزء من التقاليد 
الإسبانية القومية عاشت فى سلام طالما كان الأمر للمسلمين » فل) انقضت أيامهم زالت 
واختفت ف ليل التاريخ مع ما ذهب من اآثار المسلمين . 

* ع * 

.+ وضائف ١‏ بقى نظام الكنيسة بعد الفتح سليما دون تغيير » كل ما حدث هو أن أسماء 

الكنيسة | الوظائف تغيرت تبعاً لاستعراب ألسنة الناس . وظهرت ها أسماء هى مزاج 
من أسمائها الأولى وألفاظ عربية » وإليك بياناً بأهم هذه الوظائف كما وردت فى كتابات 
نصارى الأندلس » نوردها على سبيل المثال : 


)2000 .9 .م اك .مه ,آع 51340 


545 المسلمون وأملاك الكنيسة 





كنامة؟ امم مم11 مطران أو مطر وبل ([ممكماء84) . 
ء 
كام 5م12 امَف أو أسقو ف. 
تعالطوعمم - أطءتف أرج برشبطر 2 وربا سموهة بالتسمية 


الإسبانية 87010525)6 فقالوا أَرْجْيْرشْت 
أى أرستركيت:: وقد يسول له اننا 
مركباً 41014 اليونانية الإغريقية «وقس» 
العربية » فقالوا: أرج قس . 

ستصوعة نل تعره أر جدياقن أو أر سدياقن (إسبانية : -1ع6كقم 
أو ممقتلععتة ) . 


وقد أبقى المسلمون على كل المؤسسات ذات الصبغة الدينية دون أن يمسوها بأذى» 
كأدير ة الرجال والنساء والبيع الصغيرة والمصليات العامة والخاصة02061185)» واحتفظ 
رجال الدين بملابسهم وأزيائهم )١(‏ . ثم غيروها شيئاً فشيئاً من تلقاء أنفسهم عندما 
أخذهم تيار الحضارة المشرقية واستعربوا لساناً وأسلوب حياة » بل الكثيرون منهم أخذوا 
أسهاء عربية يُعرفون بها بين الناس . وإن كان لكل منهم اسمه الكنسى اللاتينى أو الإسبانى 
الأصل . 

2 وقد وضع المسلمون أيديهم على جزء كبير من أملاك الكنيسة الواسعة» 
وأملاك الكنيسة ١‏ واستولوا كذلك ء أيام الفتح فقط . على الكثير من ذخائر الكنائس وخاصة 
تلك التى تركها رجاها وسدنتها وهربوا . وعندما استقر الأمر لم يعودوا يمسون ذخائر 
الكنائس . وقد اعتبر المسلمون ما وقع فى أيديهم من ذلك غنائم يجرى عليها حكم الخمس » 
فأما خمس أراضى الكنيسة فقد اعتبر ملكاً للدولة ووزع الباقى بين الفاتحين » وكان الجند فى 
الغالب يتركون الأرض بيد زراعها يؤدون إليهم عنه مالا » ويدفعون منه ما يشاءون 
لكنائسهم . فكأن الأمر لم يتغير كثيراً بالنسبة هذه الأرضين ٠‏ وأما الذخائر فأخذت الدولة 
خمسها وتوزع الجند الفاتح الباقى . وكانت الأديرة النصرانية طوال الأعصر الإسلامية آمنة 
لا يروع أصحابها شىء » وقد درج المسلمون على التردد عليها لالتاس النبيذ الطيب على 


زفق 7 .م مأك .مه ,513401181 
.5 .م .1آ روعط2ئة1402 5مآ ,0401045 كذخ.آا 1 1512010 


سياسة أمراء المسلمين تجاه أهل الذمة 5 





عادة مجان المشرق فى هذا الباب , وقد بلغ من تسامح المسلمين مع نصارى الذمة أن أذنوا 
لهم فى قرع النواقيس . 
وظلت الماعات النصرانية قى المدن والأرياف ملتفة حول أساقفتها وقسسها ورعاتهاء» 
لم يتدخل المسلمون فى شىء من علاقاتها بهم » فظلت الكنائس تؤدى وظائفها الاجتاعية إلى 
جانب وظائفها الدينية » فكان القساوسة يعقدون الزيجات ويعمّدون المواليد ويختارون لهم 
الأسماء » ويسجلون المبايعات والعقود بين الناس . وليس بصحيح أن المسلمين خصصوا 
للنصارى أحياء خاصة يقيمون فيها كما يذهب بعض المؤرخين » فليس لدينا دليل واحد على 
ذلكء ثم هو ليس بمعقول , وقد كانت عملية دخول النصارى ف الإسلام على قدم وساق. 
والآن وقد ألممنا بأحوال أهل الذمة من النصارى » فلنمر سراعاً بتاريخ جالياتهم خلال 
عصر الولاة . 
,2 كان عهد عبد العزيز بن موسى - ثانى عمال الأندلس المسلمين - عهد أمن 
أساه انسلمين وخبير للنصارى الإسبان ‏ فقد كان الرجل سم حا لينا لا يميل إلى الشدة إلا 
حيث لا يجد لنفسه محيصا عنها . وقد تزوج أيلونة 5811072 روج لذريق 
( فيها يقال ) وسماها أم عاصمء وكان بينه وبينها ود كريم كانت نتيجته وبالاً عليه » لأنه 
أسرف ف الانقياد لها وأحب أن يرضيها باتخاذ سهات ملوك القوط » فأنكر العرب عليه ذلك 
وقتلوه ٠7‏ . ولم ينفرد عبد العزيز بن موسى بهذا الزواج بل فعل ذلك غيره من كبار العرب» 
وقد ذكر لنا الرواة منهم زياد بن النابغة التميمى » ما يدل على أن حركة الامتزاج بين العرب 
والبربر والإسبان بدأت من زمن مبكر جداً » وهذا طبيعىء لأن المسلمين حينما دخلوا هذا 
البلد دخلوه رجالاً بغير نساء » فلا بد أنهم اتخذوا نساءهم من أهل البلد» أى أن الجيل الثانى 
من مسلمى إسبانيا كان هجيناً » ولما كان ورود العرب إلى الأندلس قليلاً جدأً نظراً لبعد 
المسافة ٠‏ فإن الدم العربى الصريح تلاشى فى هذا القطر على عجل » ولن نجد عند قيام 
الإمارة الأموية عربياً صريحاً إلا فى النادر » حتى عبد الرحمن الداخل نفسه كان هجيئاً 250 


الأخبار المجموعة » ص١7‏ . 
.149 .م نأك .مه ,81 14010اد 


(؟)انظر عن ذلك : 
.5 -4.م.! كمأناعكقنم0 نا 0765 أعقائع1215 ,1181214 انداءاناا 


فد بيوت فيها ملمون ونصارى 
إذ كانت أمه بربرية من نفزة » وهذا فى ذاته من غرائب المقادير : أن تكون أمه من المغرب » 
وأن تقسم له الحظوظ سيادة الأندلس حيث كان الكثيرون من رعاياه هجناء من نفس 
الجنس . وقد أمن نصارى الإسبان فى عهد عبد العزيز وبدأوا يطمئنون إلى حكامهم الجدد » 
ويبالغ بعض مؤرخى الإسبان فى التعليق على سياسة عبد العزيز» فيذهبون إلى أنه مال إلى 
النصرانية وأنه كان يفضل الإسبان على العرب » ولكن هذه مبالغات لا يؤيدهما نص 
ولا منطق » وكل ماف الأمر أن دواعى الشدة قد انتقضت وهدأت البلاد فلم يبق إلا اللين 
والمحاسنة » وقد فعل ذلك غير عبد العزيز من فاتحى المسلمين كعمرو بن العاص فى 
ني 10 

ول يصادر المسلمون فى ذلك العهد المبكر من كنائس إشبيلية - وكانت عاصمتهم إذ ذاك 
- إلا واحدة هى كنيسة القديسة رفينا 11011128 521162 وتسميها بعض المراجع كنيسة 
ُبينه » ولم يأخذوها كلها بل جزءاً منها جعلوه مسجداً » وبقيت بعد ذلك كنائس كثيرة مثل 
« كنيسة الماء » وغيرها » ما يدل على أن المسلمين لم يمسّوا عقيدة الإسبان فى كثير 9 . 
5 وق :ذلك <الحية المكر وجدت أبثر عخلطة فبها مسالمون وتضارئ كنيو اند 
فيها مسلمون أخى غيطشة » فقد كان حليفاً للمسلمين وتوفى عن ولدين وبنت » فأما 
0 الؤلداة هوا 27 أو عاتن ) الذ ككل لنوافنة كونا درنتها رايم الثانن 
مطراناً لإشبيلية » وأما سارة فقد اختلفت مع عمها أرطباس فذهبت تشكوه إلى الخليفة 
هشام بن عبد الملك » فأنصفها من عمها ورد عليها ضياعها وزوّجها عربياً هو عيسى بن 
مزاحم « فقدم معها الآندلس وقبض ضياعها » وهو جد ابن القوطية (المؤرخ) وولد له منها 
ولدان : إبراهيم وإسحاق » ثم توق عنها فى العام الذى دخل فيه عبد الرحمن بن معاوية 
الأندلس » فتنافسها حَيْوَة بن ملامس الْأُحجى وَعُمَيْر بن سعيد اللخمى ء فعُنى تعلبة ين 
عبيد الجذامى بعمير بن سعيد عند عبد ال رحمن بن معاوية » فأنكحه إياها وولدت له حبيب 
ابن عمير جد بنى سيد ( لعل صحتها سعيد ) وينى حجاج وبنى مسلمة وبنى حجر 
الجرْرُ ..» أى أن إسحاق وإبراهيم ابنى عيسى بن مزاحم 299 المسلمين كان لها خال نصرانى 
ابي 0 152 .م نأك .مه ,5114080181 


2 1 .م أك .ره ,513401111 
(”) ابن القوطية : افتتاح » ص 6 - 5 . 





هو مطران إشبيلية . ولا نزاع فى أن مثل هذا حدث فى أسر كثيرة » ونحن إذ نشير إلى هذا إنما 
نضع أصبعنا على بدء حركة ١‏ ذوبان » العنصر العربى فى العنصر الإيبيرى . هذا الذوبان 
الذى نتج عنه شعب إسبانيا الإسلامية حاملاً خصائص العرب والبربر والإسبان . 


6 خلفاء وتذهب المراجع النصرانية إلى أن خلفاء عبد العزيز وهم أيوب بن حبيب 
عبد العزيز بن اللخمى والحر بن يوسف والسمح بن مالك كانوا معادين لنصارى 
موس امك الأندلس حاملين على النصرانية » وليس ذلك صحيحاً . لأن ثلاثتهم 
أنفقوا خير أيامهم فى الجهاد فيما وراء البرتات » وربها يكونون قد عسفوا نصارى النواحى 
التى ذهبوا لفتحها . فحسب الرهبان المؤرخون أنهم فعلوا بالإسبان مثل ذلك »2١(‏ وليس 
ذلك صحيحاً ولا نملك نصاً واحداً يشير إليه ولو عن طريق غير مباشر. بل الثابت أن كبار 
القساوسة كانوا نشطين فى ذلك العهد فى تجديد الكنائس ٠‏ ويذكر إيزيدور الباجى أن 
فريدواريوس أسقف وادى آش .كلام1500م8 56015 ع3لمالعع4 ,كنا مقالكء]1 
وأربانس أسقف طليطلة 15اةه05عطالةء عقنوع1 ولطتن كتله5 عقضقاءاه1 ,كنامقطرت] 
عمرا كنيسة وادى أآش فى ذلك الحين واشتهر أمرهما وانجفل الناس إليههما دون أن يتعرض 
المسلمون لهم فى ذلك بشىء » ويذكر سيمونيت - رغم تعصبه - أمثلة كثيرة تدل على أن 
النصرانية الإسبانية انتعشت بعد الفتح الإسلامى - ى! حدث لنصرانية مصر - انتعاشاً 
ظاهراً(") بعد دخوها فى طاعة المسلمين أيضاً . 

وكان سندريدو 51805600 مطران طليطلة قبيل أيام الفتح قد هجرها وفرّ حينما أقبل 
المسلمون 29) » وصالح نصارى البلد على أنفسهم بشروط خاصة احتفظوا فيها ببلدهم شبه 
مستقل : احتفظوا بحكومة محلية يقيمونها بأنفسهم » واحتفظوا بمعظم كتانسهم ويرجال 
الدين الذين بقوا فيها بعد فرار المطران وبعض رجاله . فظل هذا البلد عامراً بالكنائس 
الكبيرة » أعظمها كنيسة « جميع القديسين » 012ا5326]05 010011012 ء وظلت الأديرة التى 


000 .7 -156.م اك .م0 .81 /3101اك 
0م00 2 -160 .م نأك .مه ,5114010181 
(*) التاريخ المنسوب لإيزيدور الباجى . فقرة 78 . 

.63 .م ناك .مه .518540101 


ان ثورة أكويلا واستلامه 


فى أرباض البلد قائمة لى يمسسها المسلمون بأذى كبير » وإن كانوا قد استولوا على الكثير من 
ذخائرها كمذبح كنيسة طليطلة الكبيرة المشهور فى النصوص العربية بوائدة سليهان . 

أما الكنيسة الجامعة السابقة » وهى كنيسة القديسة مريم ( سانتا ماريا ) التى كانت 
معتبرة قبل ذلك قاعدة المسيحية الكبرى فى إسبانيا فقد حوّها المسلمون إلى مسجد جامع » 
وانتقل مركز المطرانية إلى كنيسة أخرى كبيرة تسمى كنيسة القديسة ماريا دى ألفيثين 52118 
1م 0 313:18 » وقد نقل النصارى إلى هذه الكنيسة أوراقهم ووثائقهم وكل ما كان 
فى الكنيسة القديمة من الذخائر » وظلت على ذلك طوال العصور العربية 20 . 


وكان العرب قد أقاموا حليفهم أبه ( عباس )227 مطراناً للبلاد خلفاً لسندريدو » ولكن 
أهل البلد لم يرضوا به وتركوه فى مطرانيته » وأقاموا لأنفسهم مطراناً آخر يسمى أوربانو 
090 وكان قبل ذلك مرتلاً فى الكنيسة » ولم يعترض المسلمون على ذلك . 

ا وكان المسلمون بعد أن فرغوا من تثبيت أمرهم فى البلاد وإخضاع مراكز 
06 نورة 
أكويلا واستسلامه المقاومة فيها » قد مضوا فى احتلال بقية النواحى التى كانت قد تركت على 

حاها لانعدام المقاومة فيها . مثال ذلك أن طركونة وإقليمها تم احتلاله| 

على يد الحر بن يوسف » وكانت طركونة عاصمة ولاية إسبانيا الطركونية » وكانت 
فيها كنيسة جامعة على رأسها مطران » وكان يقيم فيها أحد أبناء غيطشة المسمى أكويلا 
83 »: فحسب أن العرب يتركون هذه الناحية له كما ظن غيره من آل غيطشة أن العرب 
يتركون البلاد هم » فلم| استبان أن العرب مقيمون فى البلاد وأنه لن يصل إلى العرش على 
أيديهم حاول الوثوب بهم فى طركونة » فسار إليه السمح وأخضع البلد وأنزل به شيئاً من 
التخريب . فلما قتل السمح بعد ذلك فى وقعة طولوشة حاول أكويلا الثورة من جديد » 
ولكن عنبسة بن سحيم قضى على حركته ونهب البلد تهباً ذريعاً » واستسلم أكويلا وانتقل 
إلى طليطلة فأقام فيها » ولم يحاول الثورة بعد ذلك » وقد استعرب أبناؤه من بعده وحفظت 
لنا النصوص اسم أحد أحفاده وهو حفص بن أَلْيَرُ 850/ائآى قاضى العجم 9 . 
)2000 .6 .5 .اك .م0 ,51510111821 
(؟) هكذا كتب ابن القوطية اسمه » انظر ص؟ . 


(©) ابن القوطية : افتتاح » ص 6 ٠.‏ 
سيمونيت » ص 1١17١‏ -1ل7١ا.‏ 


نصارى الأندلس يحجون إلى بيت المقدس - عبد الرحمن الغافقى وأهل الذمة - موقف عبد الملك بن قطن من أهل التعة   * ١‏ 





- نصارى ومن طريف ما يلاحظ أن نصارى الإسبان انتهزوا فرصة دخوهم فى طاعة 


الأندئس يحجون الدولة الإسلامية لكى يذهبوا إلى بيت المقدس للحج . ويذكر لنا الرواة 
إلى بيت المقدس 

النصارى قصة قس يسمى القديس فيليبالدو 7811119140 520 ذهب 
للحج إلى الأراضى المقدسة » ووصل إلى الرّها ليزور كنيسة القديس توماس فيها » فاشتبه 
عامل البلد العربى فى أمره وسجنه » ثم أطلق سراحه حيت) استبان أنه من أهل الذمة فى 
الأندلس » ويبدو أن هذا الحادث أخاف فيليبالدو فلم يعد إلى بلده وإنما إلى دير مونت 
كاسينو فى إيطالياء» ومنها انتقل إلى روما سنة /4١‏ حيث أقامه رجال الكنيسة أسقفاً لمدينة 
أَيخْشْتات فى ألمانيا 27 . ولكن يبدو أن عدد هؤلاء الحجاج النصارى لم يكن كبيراً . 


0 وتجْمع المراجم النصرانية على أن نصارى الأندلس لقوا أذى كبيراً على يد 
الرحمن الغافقى عبد الرحمن الغافقى وعبد الملك بن قطن » ولا نملك من النصوص العربية ما 
وأهد ”0 يؤيد هذا أو ينفيه وإن كانت الدلائل كلها تدل على أن عبد الرحمن اشتد مع 
نصارى الركن الشالى الشرقى من شبه الجزيرة بسبب احتاء مونوسة بهم » وكان بطبعه 
رجلاً عسكرياً عنيفً ومسلا متفانياً لا يكاد يحفل لغير الإسلام والمسلمين . ويؤكد ايزيدور 
الباجى أن عبد الملك بن قطن عسف النصارى عسفاً شديداً فى ولايته الأولى 9 . 


.و0202 وقد أرادعبد الملك أن يعتدى على تدمير صاحب ناحية مرسية الذى عقد 


عبن ان العرب معه الصلح المعروف على يد عبد العزيز بن موسى » ووضع ابن 
من ِ 1 . َ 
قطن يده على بعض أراضيه » فلم يسع تدمير إلا الرحيل إلى المشرق حيث 

لقى هشام بن عبد الملك وشكا إليه عامله عبد الملك بن قطن » قأحسن هشام لقاءه وأكد له 
شروط الصلح الذى عقده عبد العزيز بن موسى وأقره أخوه سليمان بن عبد الملك » وانتهز 
تدمير الفرصة واتصل بنصارى الشام حيث لقى منهم إكراماً عظيراً » ثم عاد إلى بلاده حيث 
أقام فى إقليمه آمناً حتى توفى سنة "47 /ام 20 . 
فق .5 .! اك .مه ,51854018181 
(7) الأخبار المجموعة. ص5١‏ . 

سيمونيت » ص 1١87‏ 
(") الأخبار المجموعة » ص ١54‏ . 

سيموئيت » ص 187 . 


د المسلمون ونصارى قلمرية - عقبة بن الحجاج وأهل الذمة 


4 السلمون2 وكان المسلمون حين) فتحوا نواحى الغرب قد قبلوا من أهل قلمرية -0© 
ونصارى قلمرية 8 صلحهم وأقروا البلد على حاله » وأقام عبد العزيز بن موسى 
عليه حاىا عربيا تسميه وثيقة لاتينية 18 415312815 غ1/1252202 0ططذ1 تععدهطام 
؟ثنة1 - وربها كانت صحة الاسم العربى أبا عاصم بن محمد الأحمر بن طريف - فى سنة 
7م . وكانت المدينة إذ ذاك عامرة وبها كنيسة كبيرة » فأقام أبو عاصم على عجم البلد 
قومساً يسمى أيدولفو 41010140 » فلما مات خلفه ابنه أتاناجيلدو 41202811010 وأعقبه 
ابنه تيودوس 116001005 » وأقام على الأسقفية قساً يسمى لوربان 101588 . 
واستمر أمر البلد على هذا الخال من الاستقلال تحت السيادة الإسلامية العليا حتى 
سقطت فى يد النصارى سنة ٠١98‏ ميلادية » وحول هذا البلد تكونت فيما بعد إمارة 
البرتغال وحلت محل ولاية لشدانية ( لوزيتانيا ) الرومانية » وإن) أشرنا إلى ذلك لنضع أيدينا 
على أوائل احتلال المسلمين للبرتغال وحكمهم إياها . وقد أحسن أبو عاصم معاملة 
نصارى ناحيته وارتبط مع أهلها بأواصر الود وصار يخرج للصيد - وكان مولعا به - معهم» 
وكان يوقر الرهبان ويقربهم » وتذهب الوثيقة التى أشرنا إليها إلى أنه ألزم نصارى قلمرية 
بأن يدفعوا جزية مقدارها ضعف ما كان يدفعه المسلمون النازلون فيها » وجعل على كل 
كنيسة جزية قدرها خمسة وعشرون مثقالاً 265318 من الفضة » وعلى كل أسقفية مائة 
مثقال وعلى كل دير سين مثقالاً » واستئنى من ذلك دير لوربان فقد أعفاه من كل شىء » 
لأن رئيسه كان حليفاً للمسلمين 217 , وترك رهبانه أحراراً. وتذكر المراجع حا مسلا آخر 
لقلمرية فى هذه الفترة يسمى مروان بن موسى » حكمها بعد أبى عاصم وسار على طريقته 
فى التودد إلى الأهلين والإحسان إليهم والولع بالصيد . 
:»-عقبة وتختلف المراجع فيا بينها على موقف عقبة بن الحجاج السلولى من النصارى 
ابناحجاح وأهد وحالمم فى أيامه » فأما القطعة الإسبانية التى بين أدينا من تاريخ الرازى 
فتقول فى حوادث سنة 7754م : « وقد وضع عقبة هذا أموره كلها فى أيدى 
النصارى » فأراحوه وأعانوه » وكانوا معه بالليل والنهار » (21. وأما إيزيدور الباجى فيقول 
عنه إنه « راك البلاد روكاً جديداً وأحصى كل ما فيها » وطالب النصارى بأن يدوا ما 


)0 .182 .ماك .مه ,5131010187 
00( .5 - 184 .مأك .مه ,5111011187 


عقبة بن الحجاج وأهل الذمة ود 


عليهم بأشد ألوان العنف . ولم يغادر أى وسيلة تمكنه من ملء خزانة الدولة بالمال من أى 
طريق »2232 . ولكنه يقرر فى نفس الوقت أن عقبة لم يختص النصارى وحدهم بهذه الشدة » 
بل عامل بها المسلمين كذلك ٠‏ أى أنه اشتد على الناس أجمعين . والواقع أن عقبة كان رجلاً 
حازما شديد الحرص على حقوق الدولة . دائم المواظبة على القيام يواجباته . وقد روينا 
أخبار اجتهاده فى محاربة النصارى فى الشهال وفى غالة » وكان إلى ذلك مولى بعيداً عن نزعة 
العصبية العربية » فلا يبعد أن يكون قد قرّبِ أهل البلاد وسوّى بينهم وبين العرب فى 
المعاملة » وبهذا تصدق الروايتان وتضيفان شيئاً جديدا هاماً عن عقبة بن الحجاج وحكمه فى 
الأندلس . 

وتذكر الروايات النصرانية أن الراهبين الأخوين فوتو 7060 وفيلكس <ذاءع1 أنشا فى 
عهد عقية دير سان خوان دى لابينيا 2612 12 عل 238 نوق لحف جبل 
أورويل اعنم © فى أقصى الشمال . وقد ازدهر هذا الدير في) بعد وكان له أثر بعيد فى التاريخ 
الأندلسى بعد ذلك بثلاثة قرون : إذ اتخذه أنييجو خيمينيث 11836262 15180 المعروف 
باسم أريستا 433512 وكراً وعاصمة لإمارة بنبلونة التى أنشأها وكان ها دور عظيم فيم| بعد 
فى حركة الاسترداد » وقد أصبح اسم هذه الإمارة حينما اتسعت بعض الشىء مملكة 
شُبّْب عطتهرطه5 عل ومزء2 81 ودخلت بعد ذلك فى مملكة تيرة . وكان الأخوان فوتو 
وفيلكس من أغنياء النصارى فى سرقسطة ء. فلما رأيا تكاثر المسلمين فى هذه الناحية واتتشار 
الإسلام بين أهلها باعا ممتلكاته| وفرّقاها على الققراء ومضيا إلى جبل أورويل حيث أنشا 
دير بينيا هذا ء ما يدلنا على أن المسلمين حين) نزلوا هذه الناحية لم يستولوا على ما بيد أهلها 
النصارى من الأملاك » بل تركوهم على حاهم » وكانت سرقسطة قد صا حت عن نفسها 
بشروط طيبة ضمنت لأهلها الحرية فى كل شىء » وقصة هذين الأخوين ترينا كيف كانت 
عناصر المقاومة النصرانية تتكون فى يطء منذ أوائل أيام الحكم الإسلامى , وتدل كذلك على 
أن المسلمين تركوا النصارى من أهل البلاد أحراراً فى إنشاء ما يريدون من الأديرة 29 . 

فليا وقعت الكورة البريرية أثناء ولاية عبد الملك بن قطن واشتدت المجاعة فى الأندلس » 
أخذ بعض النصارى الإسبان هاجرون إلى نواحى الشمال القاصية : إلى أشتريس وكتتبرية » 


(١)إيزيدورء‏ فقرة 501. 
000 1 - 190 .ماك .مه ,51540187 


66 عقبة بن الحجاج وأهل الذمة 





ويبدو أن أعداد هؤلاء المهاجرين لم تكن كثيرة » لأن مراجعنا العربية لا تشير إليها 29 . 

وقد عرفنا فيها سبق أن أبا الخطار فرّق الشاميين وأنزهم فى بعض كور الأندلس «وكان 
إنزالههم على أموال أهل الذمة من العجم » (1) وجعل لهم ثلث أموال أهل الذمة طعمة ». 
وقد حاول سيمونيت أن يفسر هاتين العبارتين بأن أبا الخطار فرض على النصارى الإسبان 
الذين أنزل العرب فى كورهم ضريبة جديدة مقدارها ثلث أموالهم » وهو تفسير خاطىء ء إذ 
لم يزدد على أهل الذمة شىء جديد ؛ وإنما أخذ الشآميون ثلث الجباية » ومن هنا لا محل لما 
يذهب إليه سيمونيت من القول بأن حال أهل الذمة ساء فى أيام أبى الخطار بسبب هذه 
الزيادة المزعومة . 

بيد أن أبا الخطار أخطأ فى إنزال بعض الشاميين فى نواحى تدمير التى ضمن العرب 
سلامتها بصلح أوريولة الذى عقده تدمير مع عبد العزيز بن موسى ثم عاد هشام بن عبد 
الملك فأكده . وكان صاحب تدمير إذ ذاك أتاناجيلدو 4138381100 الذى خلف أباه تدمير 
سنة 47/ام» فلم يكد يسمع بتصرف أبى الخطار حتى اعترض عليه وأعلن أن ذلك يخالف 
نصوص معاهدة أوريولة » وكانت العلاقات بين أتاناجيلدو والنازلين فى أرضه من البلديين 
أتاناجيلدو » ففرض عليه غرامة قدرها سبعة وعشرون ألف قطعة من الذهب » وسبّه 
وأهانه » فمضى أتاناجيلدو يتحبب إلى جند مصر من الشآميين الذين كانوا بأرضه » 
واجتذبهم بإحسانه » فتوسطوا له عند أبى الخطار» وما زالوا به حتى أسقط الغرامة ورد على 
الرجل اعتباره واحترم حقوقه©. وإنما ذكرنا هذه الحكاية لكى نستدل منها على أن علائق 
من الود كانت قد تأصلت بين العرب النازلين فى الأرياف وأهلها من النصارى الإسبان » 
فهذا أتاناجيلدو يعاونه البلديون والشآميون على رفع الظلم عنه » وسنرى فى تاريخ كبير 
نصرانى آآخر - هو أرطباس - أمثلة أخرى كثيرة تؤيد ذلك . 
)2000 3 .م اك .م0 51140171181 

إيزيدور فقرة "2110-51 . 
(؟) ابن القوطية » ص 7١‏ . 

ابن عذارى : البيان» ج7 » ص ”7 . 

فتح الأندلس » ص71 -/3717. 
2 0 - 199 .م .اك .مه 51840118:1 


أرطباس 1 


ويذهب الإصطخرى إلى أن المسلمين وضعوا يدهم على نصف كنيسة قرطبة الجامعة 
(171١ه/‏ 18لام) أى فى هذه الفترة التى تتحدث عنها . ذلك أنهم كانوا قد عاهدوا أهل 
قرطبة على أول الفتح بأن يدعوا لهم هذه الكنيسة الجامعة المعروفة بكنيسة القديس بجنت 
أوبزنت 6امعء1/ا 8ة5 (5نانا9/1068 53501105) وأقاموا لأنفسهم مساجد صغيرة . فلا 
نقلوا مركز الدولة إلى قرطبة وكثر المسلمون فيها وى أرباضها » ضاقت بهم هذه المساجد 
الصغيرة واحتاجوا إلى مسجد جامع » فقاسموا النصارى كنيستهم الجامعة ىا فعلوا فى 
دمشق والرّهاء « فشاطر المسلمون أعاجم قرطبة فى كنيستهم العظمى التى كانت بداخلهاء 
وابتنى المسلمون فى ذلك الشطر مسجداً جامعاً » وبقى الشطر الثانى بأيدى الروم وهدمت 
عليهم سائر الكنائس 3(6). 

ويذهب مؤرخونا إلى أن ذلك تم على أول زمان الفتح» والواقع غير ذلك , لأن الثابت 
من صلح قرطبة مع المسلمين أن هؤلاء تركوا للنصارى كنيسة سان بجنت الجامعة ١‏ ولدينا 
نص من الأخبار المجموعة يدل على أنها كانت لا تزال كنيسة فى سنة 170١ه/‏ /ا4لام 250 
وللرازى رواية تدل على أن ذلك حدث فى ولاية أبى الخطار » وبعد سنة ١11١ه‏ / 47لام 
على الأغلب 9( . 
وفى هذه الفترة تظهر شخصية أرطباس 450850351 زعيم عجم الذمة وابن 
غيطشة إلى جانب كبار الشخصيات العربية ى أيام أبى الخطار ومن جاء 
بعده. ويبدو لنا أرطباس رجلاً مهذباً حسن التصرف واسع الحيلة » ينصح عمال الأندلس فى 
شئون سياسة بلاده ويعامل زعماء العرب بكياسة تدعو إلى الإعجاب . ومن أمثلة ذلك 
رواية ابن القوطية التى أتينا بطرف منها .» وهى رواية تدل على حسن تصرفه وتلقى ضوءاً 
على أسلوب حياة العرب والإسبان والنصارى فى ذلك العصر ء وقد ذكرنا فيه) سبق فقرة 
منها ولا بأس من إيرادها على تواليها هناء يقول : « وحكى الشيخ ابن لبّابة رحمه الله عمن 
أدركه من الشيوخ أن أرطباس كان من عقلاء الرجال فى أمر دنياه » وأنه دخل عليه عشرة 


- أرطباس 


(١)ابن‏ عذارى : بيانء ج١‏ » ص ١44‏ . 
ابن بطوطة : رحلة . ص8؟4١‏ . 
ابن جبير : رحلة » ص75727 . 

(؟) الأخبار المجموعة : ص١5‏ 

(؟) المقرى : نفح . جا » ص7248 . 


ا أرطباس 


من الشآميين فيهم أبو عثمان وعبد الله بن خالد وأبو عبدة ويوسف بن بخت والصميل بن 
حاتم » فسلموا وجلسوا على الكراسى المحيطة بكرسيه . فلم| أخذوا مقاعدهم » وحيًا 
بعضهم بعضاً » دخل ميمون العابد جد بنى حزم البوابين » وهو أحد.الموالى الشآميين » فل 
رآه أرطباس داخلاً قام إليه والتزمه وجعل يقوده إلى كرسيه الذى قام منه » وكان مصمّدا 
بالذهب والفضة » فأبى الرجل الصالح من الجلوس عليه » وقال له : لا يحل لى هذا ! 
فجلس على الأرض وجلس معه . ثم قال له : ما جاء بمثلك إلى مثى ؟ فقال ميمون : قدمنا 
إلى هذا البلد وظننا أن ثوانا لا يطول فيه » ولم نستعد للمقام » فحدث من الاضطراب على 
موالينا بالمشرق ؛ ما نتوهم به أنَّا لا نعود إلى موضعنا معه » وقد وسع الله عليك » فأريد أن 
تعطينى ضيعة من ضياعك أعتمرها بيدى . وأؤدى إليك الحق منها وآخذ الحق . فقال له 
أرطباس : لا والله ما أرضى أن أعطيك ضيعة مناصفة ! ودعا بوكيل له فقال له : ادفع إليه 
المجشر الذى على وادى شّوس وما فيه من الغنم والبقر والعبيد » وادفع إليه القلعة بجيان » 
وهى القلعة المعروفة بقلعة حزم » ملكها [ بياض ] فشكر وقام » وعاد أرطباس إلى مقعده , 
فقال له الصميل : يا أرطباس ! ما يعجزك من سلطان أبيك إلا نفاد الطيبة ! أدخل عليك » 
وأنا سيد العرب بالأندلس » ويدخل أصحابى هؤلاء معى » وهم سادات الموالى بالأندلس » 
فلا تزيدنا من الكرامة على القعود على العيدان ! ويدخل هذا السوّال » فتصير من إكرامه إلى 
حيث صرت ! فقال له أرطباس : يا أبا جوشن ! أهل ديانتك يخبروننا أن أدمهم لم يأخذك ! 
ولو أخذك لم تدكر علَِ بِرّ من بررت ! وكان الصميل أمياً لا يقرأ ولا يكتب : إنكم أكرمكم 
الله » [وأنتم ] إنما تكرمونه عز وجل [إذا أكرمتم الصا حين ] . وقد روينا عن المسيح صل الله 
عليه وسلم أنه قال : من أكرم اللهُ من عباده وجبت كرامته على جميع خلقه » فكأن) ألقمه 
حجرا . فقال له القوم : دع هذا وانظر فيما قصدنا له » حاجتنا وحاجة الرجل الذى قصدك 
وأكرمته واحدة » فقال: أنتم ملوك » وليس يرضيكم إلا الكثير » فوهبهم مائة ضيعة » صار 
منها لكل منهم عشر ضياع ؛ منها طُرّش لأبى عثمان » والمُِين لعبد الله بن خالد » وعُقدة 
الزيتون بِالمدوّر للصميل بن حاتم » ؛ وهى حكاية حافلة بكل ما يعيننا على تصور العلاقات 
بين العرب ونصارى الإسبان فى ذلك العصر ١(‏ . 

وم يكن أرطباس رجلاً كريياً كيساً فى كل حال » بل ذكر المؤرخون ما يدل على جشعه 


)١(‏ ابن القوطية : افتتاح » صص 6٠‏ ب 
وقد حرّف سيمونيت هذه العبارة عند ترجمتهاء انظر ص 5١86‏ . 


المطران سيشبليا اا 





وطمعه » فقد انتهز فرصة وفاة أخيه الْمُنْدُ وتركه ابنة واحدة هى سارة وابنين صغيرين 
ووضع يده على أملاكهم وكانت ألف ضيعة » فذهبت سارة إلى المشرق » وعادت منه وقد 
حكم لها هشام باسترداد ضياعها » وزوّجها عيسى بن مزاحم (2 . وكان أرطباس يتخذ 
هيئة الأمراء فيجلس على كرسى مصّمّد بالذهب والفضة كما رأينا فى الفقرة السابقة » 
ويضرب لنفسه قبة عظيمة إذا خرج مع الأمير ١‏ وحوها من الهدايا غير قليل » إذ كانت 
ا هدايا تتلقاه فى كل محلة من ضياعه . فنفس عليه الأمير [عبد ال حمن بن معاوية ] ...2( . 
؟4؟ -المطران وتدل الدلائل كلها على أن النصارى لم يصبهم شىء من الأذى أثناء الحروب 
سيشيلنا|- العنيفة التى دارت بين العرب » بين أبى الخطار والصميل » فقد ازدهر أمر 
مطرانية طليطلة ورأسها حبر جليل ضليع له صيت فى الحوليات النصرانية وهو 
سيشيليا 00101112 ؛ كان دائم الحرص على سلامة العقيدة النصرانية » حتى لقد كان يشتد مع 
أصحاب المذاهب الخارجة على الكاثوليكية » وكان يعمر ما بهى من الكنائس ١‏ وكتب 
النصارى فى امتداحه القصائد اللاتينية 29 , 
ومن دلائل الحرية التى كان النصارى يتمتعون بها فى هذه الفترة تمكنهم من نقل الكثير 
من الأشياء المقدسة التى انتثرت من الكنائس التى تهدمت إلى كنيسة أبيط الخامعة » حتى 
لقد عمرت هذه الكنيسة لهذا العهد وانتقلت من بيعة صغيرة إلى كنيسة كبيرة عامرة » ولم 
ما يتصل بأمورهم الدينية 247 . 
ابن الوليد 0 ثار فى مدينة باجه فى أهل الذمة وغيرهم » فملك إشبيلية وكثر جمعه , إلى أن 
خرج عليه يوسف فقتله » 2 ولم يذكر لنا ابن حيان شيئاً نتعرف منه شخصية الوليد هذا » 
ولكن الغالب أنه لم يكن نصرانياً مستعرباً » وإنما عربياً جمع نف را من العرب وأهل الذمة وثار 
بهم فى هذه الناحية . 
)١(‏ ابن القوطية : افتتاح . ص4 - © . 
(؟) ابن القوطية : افتتاح . ص56 - /39 . 
)2 7 .م نأك .مره :51154018381 
ويكتب اسمه فى النصوص بصور مختلفة : 13[اع01) ,كناصة!1ت) .كنامد!1ا2/ 
00 2 -211 .ماك .مه ,51354010181 
(6) المقرى : نقح » ج؟ ء ص١1‏ . 





وربما كان دافع هؤلاء النصارى إلى الاستجابة لدعوة رجل كالوليد هو الزيادة التى 
فرضها يوسف على أهل الذمة » ذلك أن احباية نقصت بسبب هلاك الكثيرين من التصارى 
أو فرارهم من أرضهم نتيجة للحروب العنيفة التى دارت بين العرب أيام يوسف . فطالب 
يوسف الباقين منهم بأداء المبالغ التى كانت قد تقررت عليهم فى اتفاقات الصلح . فنقل 
ذلك على أفرادهم وترددت شكواهم منها 27 . 
نصرى 2 وحينما ازدادت الحروب بين العرب حدة » وضربت المجاعة بجرانها على 
يعمرون بعض الأندلس بين ستتى 11 و118ه/ -17/6٠‏ 05لام » وعادت جماعات 
ابلا اخقية0 البربر التى كانت تعمر النواحى الشيالية الغربية من شبه الجزيرة واستولى 
أذفونش الأول على الكثير منهاء كثرت هجرة النصارى من البلاد التى كانت خاضعة لحكم 
المسلمين إلى هذه النواحى الخالية الفاصلة بين دار الإسلام وبلاد تملكة ليون » فيم| بين نجرى 
تاجه ودويره لتعميرها » فعمرت لُك وليون وسلمنقة وأبله وأوكا وشقوبية وأمايا » وقد 
كان المهاجرون إلى هذه النواحى من كل طبقات النصارى : أشرافاً وغير أشراف-20 1853 
15 0112123 65 . وعمرت لُك بالتصارى وقام على تعمير كنيستها حبر كبير هو 
أدواريوس (0003510 فى النصوص الإسبانية ) وكان قد فر منها حين] دخلها العرب » فعاد 
إليها مع أذفونش الأول واستقر فيها ومضى يقيم شعائر النصرانية فيها من جديد وجعلها 
أسقفية عامرة » واتخذ لقب مطران . 
تعمير ١‏ وكذلك عمرت شقوبية بعد أن كان الكثيرون من أهلها قد تركوها وهربوا إلى 
شقوبية الجبال على أوائل أيام الفتح » ولكن معظم الماربين عادوا بعد أن صالح 
الباقون منهم على أنفسهم بصلح طيب ضمن هم حرية تامة فى كل شىء لقاء دفع جزية 
مقررة » وكانت المدينة قبل الفتح عامرة بالكنائس الكبيرة » مثل سانتا ماريا دلوس 
هويرتوس 111061105 105 06 543512 52212 وسان فيسنت 7107216 5211 
ولاترينيداد 153810240 1-2 وسان خيل 611 5873 وسان أنطون 42165 522 وكلها قديمة 
ترجع إلى ما قبل عصر ريكاريدو (3) . وقد اطمأن النصارى فى بلدهم هذا بعد أن تأكدوا أن 
العرب لن يصيبوهم بضرر ء فمضوا يقيمون كنائس جديدة أهمها سان ماركوس 587 
85 وسان بلاس 8125 5823 وشنت ياقب 583211880 . 


)00 .217 .م أنه .مه ,511401081 
ف .م .أنه .م0 ,5184011187 


ميلاد إمارات شبرب وأرغون ونبرة الى 

وكان العرب ينزلون كثيراً بهذه المدينة فى غزواتهم نحو الشمال » ثم تخوفوا من كثرة 
النصارى فيها » فأخرجوا الكثير منهم إلى الأودية المحيطة بها لكى يجعلوا البلد ثغراً . ويبدو 
أن مقامهم بها لم يطل . لأنهم لم يخلفوا فيها إلا أثراً قليلآً جداً . ولم يرد لها ذكر كثير فى 
التواريخ الإسلامية » وقد احتفظت لنا الروايات النصرانية بأسماء ثلاثة من أحبار هذا البلد 
لقبوا بالمستعربين الثلاثة 72022583065 538105 175 1,05 كانوا على جانب عظيم من 
الزهد والصلاح ٠.‏ حتى لقد فرقوا أملاكهم فى الفقراء وخرجوا إلى بادية عند مصب نهر 
الدوراتورن 10052667[ 110 إء وخف إليهم الناس وعمرت بهم هذه الناحية القاحلة من 
برديل 118نال:83 . وهكذا نلاحظ أن الفتح الإسلامى أدى - بطريق غير مباشر - إلى 
تعمير الكثير من نواحى الأندلس الخالية » وكانت هذه الناحية من أعمر نواحى برديل حينما 
تكونت فيها إمارة قشتالة خلال القرن التاسع الميلادى (21 . 

وعندما اشتد ساعد الإسلام وانتظمت أموره فى خلال الدولة الأموية استعاد المسلمون 
المنطقة الواقعة بين نهرى التاجه ودويره . ووضعوا أيديهم على كبار مدائنها مثل أبلة 
وشقوبية . وفد ثبتت حدود الإسلام فيا بعد عند خط فى منتصف المسافة بين الدويره 
وتاجه . فبينم| كانت أبلة وشقوبية من بلادهم نجد شلمنقه خارج عنها . وم يحاول 
المسلمون الوصول إلى نهر الدويره والثبات عنده بصورة دائمة . 
.2 وفى خلال السنوات الأخيرة من فترة الولاة تقلص سلطان المسلمين عن كثير 
إمارات شبرب من نواحى الشهال الشرقى القاصية فى جهة البشكنس 1/2560112 كما تقلص 
01 زرو طن بتاسية الشوال الخروى عل اويا لوال هله القارة برع دلاه 
إمارات شيرب 50863166 وأرغون 813808 ونبرة 218172574 فى ناحية البشكنس وجبال 
البرت . وكانت هذه الناحية قبيل دخول العرب البلاد مقسمة إلى ثلاث مقاطعات صغيرة 
هى 51:نا3138) ( قلهرة ) فى الجنوب و 536812 (52116505 12 105 عل 15<62) فى الشبال 
الشرقى و 1088م28252 (بنبلونة ) فى الشهال 27 . وكلها واقعة فى سهل ريوخه 18103 
وكانت قلهرة مركز أسقفية عامرة » فلم| افتتحها العرب هرب كبار رجال الدين فيها إلى غالة 
أو إلى جليقية . وأقام بعضهم فى أبيط (011600). 


)00 6 م ,1815 
م2 7 ام ,1810 


٠١‏ اليهود فى إسبانيا قبل الفتح 





وقهذه النترات أيضاً عاك ذلك الرافي الذئ دل الدوليات الى فنبث زماناً 
طويلاً إلى إيزيدور الباجى 05ا23665 1510011015 » إذ حسب الناس أنه كان أسقفا لباجه 
(110113 - «ة) فى البرتغال الحالية . وقد ثبت بعد أبحاث طويلة أن هذه الحوليات لم تكتب 
فى باجه وإنا فى طليطلة » ولم يكتبها إيزيدور ولكن راهب غير معروف . وهذه الحوليات 
تاريخ طيب جداً لأحداث الأندلس فى هذه الفترة » ولأحداث الخلافة الأموية المشرقية 
كذلك . مما يدل على أن نصارى تلك الأيام كانوا يعرفون الكثير عن أحوال المسلمين عامة 
وتاريخهم كذلك 7( . 
1 أشرنا فى الفصل الأول من هذا الكتاب إلى سياسة القوط حيال اليهود » وبيّنا 
ف إسبانيا قبل كيف كانت هذه السياسة بعيدة الآثر فى موقفهم من الدولة القوطية جملة » وفى 

3 موقفهم من العرب الفاتحين . 

وعلينا الآن أن ندرس موقف المسلمين منهم بعد الفتح » وأن نرى كيف كان دخول 
المسلمين خيراً عليهم » وسنرى فى غضون الكلام كيف كان موقف المسلمين حاساً فى 
تاريخ اليهود جملة » وأن المسلمين لو واصلوا سياسة القوط والكنيسة الطليطلية من اليهود 
لما كان لهم اليوم شأن فى الوجود . 

كان موقف الدولة الرومائية من اليهود موقف عداء واضطهاد » وما زال ذلك العداء 
يشتد حتى قضى الرومان على دولة اليهود فى فلسطين وخربوا بيت المقدس وهدموا معبد 
سليمان سنة 7١‏ ميلادية » فتفرق اليهود فى نواحى الأرض . وبلغ من كراهة الرومان لليهود 
أنهم حسبوا أول الأمر أن النصارى يبود » وإلى هذا الظن الخاطىء يرجع السبب فى 
الاضطهادات الأول التى لقيتها النصرانية من الرومان . 

وقد ورئت الكنيسة المسيحية عن الدولة الرومانية هذه الكراهة » وفى تلك العصور 
الأولى من تاريخ المسيحية كانت جرائم اليهود حيال المسيح وأصحابه ماثلة أمام المسيحيين 
جميعاً » فحرص المسيحيون على تتبع اليهود طلباً للثأر . وقد كان هذا التتبع هادثاً غير 
ملحوظ فى المشرق » وأما فى الغرب » فقد ثابرت كنيسة روما على تتبع اليهود وتشريدهم » 
فهربوا إلى النواحى التى كان سلطان هذه الكنيسة فيها ضعيفا » هربوا إلى إسبانيا والشمال 


2000 1 .م نأك .مره ,511101181 


اضطهاد القوط لليهود ١‏ 





الإفريقى وبلاد الشرق » وربما أوغل نفر منهم فى بلاد الجرمان حتى أدركوا سواحل 
البلطيق » وفى بلاد الصقالبة حتى الفو لجا وشواطىء البحر الأسود . 
؛؟- اضطهاد - وقد كثرت جماعاتهم فى إسبانيا حتى أننا لنجد مدناً كاملة يعمرها اليهود فى 
القوط للبهوذ | أواخر العصر القوطى » ومن تلك المدن اليُسانه 68عناء والبيره 5قعطءا1 
من مدن الجنوب . وعندما وصل رجال الدين إلى السلطان على عهد ريكاريدو . يدأت 
المجامع الطليطلية تضيق الخناق عليهم » فأصدر المجمع الطليطل الثالث قراراً بضرورة 
تعميد الأولاد الذين يولدون من زيجات يهودية نصرانية » ثم أصدر ششبوتو سنة 417 
قراراً يخير اليهود بين التنصر أو ال هجرة من البلاد . وقد عارض القديس إيزيدورو هذا 
القرار» وأيد مجمع طليطلة الرابع قرار ششبوتو فاضطر الكثيرون من اليهود إلى الهجرة 
وتظاهر بعضهم الآخر باعتناق المسيحية . وهؤلاء هم الذين يسمون باليهود 
المستترين 1110212271165 . وقد ضاق القوط بهم ذرعا فقرر المجمع الطليطلى الثامن ضرورة 
تعميدهم من جديد » وامتحان نصرانيتهم بتقديم لحم الخنزير إليهم ليأكلوا منه . ثم حرمت 
إقامة الشعائر الدينية اليهودية » وصودر ربع أملاك من ظلوا على اليهودية » وصبت لعنة 
الكنيسة على المسيحيين الذين يعاونون اليهود على إقامة شعائرهم . وقد تتبع القوط اليهود 
حتى طردوهم من أربونة . 

وبلغ هذا التعقب مداه على أيام الملك ايرفيج حيث قرر المجمع الطليطلى الثامن عشر 
إرغام اليهود جميعاً على التنصر أو مبارحة البلاد فى مدى عام » فكانت النتيجة أن زاد عدد 
اليهود المستترين . وبدأ اليهود يتحركون سراً للقضاء على الدولة القوطية » وأحس القوط بها 
كانوا يدبرون » فقرر المجمع الطليطلى السادس على أيام اخيكا اعتبار اليهود جميعاً رقيقاً 
وتوزيعهم على المسيحيين » وحرم على هؤلاء الأخيرين عتقهم . وتقرر فصل أولادهم 
عنهم » وتنصير الأولاد وتربيتهم تربية مسيحية » واستثنى من ذلك يبود سبت|نية 237 . 

وقد حاول اخخيكا أن مخفف الوطأة عن اليهود . فأزال عنهم بعض ما كانوا يلقونه من 
إرهاق » ولم يكد اليهود يتنفسون الصعداء حتى بدأو! يكيدون للقوط » ونمى إلى اخيكا أنهم 
يتصلون بأبناء عمومتهم فى المغرب ويحاولون إغراء العرب بفتح إسبانياء فانقلب عليهم . 
وأصدر المجمع الطليطلبى السابع عشر قرارا فى سنة 1914 بالعودة إلى الاضطهاد السابق . 
00 180-18320020 مال[ شان .مه ,كط عاظلن8 اطعاظم 0ملاطعم ركع ه10 راعنا لمان 


؟ ١‏ المسلمون والبهود - تنظيم جماعات اليهود 


وليس لدينا - من مراجعنا العربية - دليل على اتصال اليهود بالعرب وتحريضهم إياهم على 
المسير إلى إسبانيا » وإن كنا لا نستبعده . لأننا سنجد اليهود إلى جانب العرب أثناء الفتح 


وبعده 200 . 


م السلمون < وقد رأينا كيف وقف اليهود إلى جانب المسلمين أثناء الفتح » وكيف كانوا 

ود يدلونهم على عورات البلاد وثلمات الأسوار وما إلى ذلك » وكان من 
الطبيعى أن يكافئهم المسلمون على ذلك . فاتخذوا منهم حرسا لما يفتحونه من البلاد إلى 
جانب الحرس الإسلامى . وقد لقى اليهود بعد ذلك تسامحاً مطلقاً من العرب » سواء خلال 
عصر الولاة أو ما بعده ؛ فكانت لهم بيعهم ورجال دينهم يمارسون شعائرهم ما أحبواء 
ولا نسمع خلال العصور الإسلامية باضطهاد اليهود إلا ابتداء من القرن الحادى عشر » أى 
بعد سقوط الخلافة وافتراق الكلمة وشيوع الفوضى. 

ولقد كانت الأندلس جنة اليهود خلال العصور الوسطى كلها : بلغ بعضهم مبلغ 
الوزارة » ونظر إليهم المسلمون نظرتهم إلى إخوان » حتى أصبح الأندلس موثئل اليهود » بل 
إن حركة بعث اللغة العبرية والأدب العبرى بدأت فى إسبانيا » نشأت ونمت بين أظهر 
المسلمين وتحت أعينهم » بل كان بعض علاء المسلمين يعينون اليهود على إنشاء نحو لختهم. 
ولقد استعرب اليهود منذ زمن مبكرء فأخذوا لغة العرب وملابسهم واندرجوا فى 
غمارهه7". 
9 - تنظيم وليست لدينا مراجع عربية أو عبرية عن أحوال جماعات اليهود فى الأندلس 
جماعات ليهو الإسلامى . ولكن القوانين والمنشورات التى أصدرها ملوك إسبانيا 
النصرانية عندما سقطت بلاد الأندلس الإسلامى فى أيديهم واحدة بعد أخرى . تعطينا 
فكرة عن تنظيم هذه الجماعات فى ظلال الإسلام . وجدير بالملاحظة أن أمراء المسلمين 
وخلفاءهم لم يصدروا تشريعات خاصة باليهود , ما يُفهم منه أنهم كانوا متساوين مع بقية 
السكان . فلم تكن هناك حاجة إلى تشريعات خاصة لهم , بعكس ما حدث عندما سيطرت 
النصرانية على البلاد » إذ أفرد اليهود بمعاملة خاصة » ومضايقات انتهت بالقضاء عليهم فى 
إسبانيا كلها . وهذا وحده يكفى للدلالة على فضل المسلمين على هود إسبانيا » وهو فضل لم 


)00( 181111112 
2 81 - 80 .م ,1 عدله ك1 لذج لال8 2017( - [/اث .]1 


حكومة الجماعات اليهودية ”1ع 


يُعْنَ مؤرخ مبودى واحد بالإشارة إليه : لقد أظلهم الإسلام واستنقذهم من أذى القوط 
إيذاناً يزوال أمر اليهود أكيا: 

وتبدو لنا جماعات اليهود 2 ف الوثائق الإسبانية ابتداء من القرن الثانى عشر الميلادى» 
منظمة تنظيراً دقيقاً . وليس من المعقول أن جماعات اليهود كانت على هذا التنظيم من أول 
الأمرء ولكن الطبيعى أن يكون قد بدأ فى صورة بدائية » ثم تكامل مع الزمن » وقد أتاح له 
الحكم الإسلامى فرصة هذا التكامل »بها ضمن من حقوق الذميين » ومنهم اليهود . 

رأينا فى كلامنا عن الفتح كيف أن المسلمين كانوا إذا وجدوا فى بلد مهوداً جعلوهم فى 
جملة حرس المدينة » و« ضموهم إلى القصبة » أى أنهم أوسعوا لهم مكاناً فى الجزء المحصن 
الجزء هو الذى أصبح مع الزمن حى اليهود أو حارة اليهود . وحارة هنا تعنى حياً أو قسرما 
من المدينة . كما هو الحال فى المغرب إلى اليوم , إذ تقسم المدينة إلى حارات » وهذا الحى 
أو الحارة هو الذى غرف فيا بعد باسم اليودرية أو الخودرية 8 فق مصطلح إسبانيا 
النصرانية . 
:6 - حكومة وتسمى جوالى اليهود فى النصوص الإسبانية باسم عربى : 8![2018 
الجماعات اليهودية (الجراعة ). ويغلب أن يطلق هذا الاسم على جماعة اليهود فى النواحى 
الداخلة فى دولة الإسلام ؛ أو فى نواحى قشتالة وليون التى تأثرت بالحضارة العربية بصورة 
ظاهرة » أما النواحى التى لم تتأثر بالحضارة الإسلامية إلا قليلاً » مثل قطلونية » فالغالب أن 
تسمى باسم عبرى : كاحال [72218 . وكان يرأس كل جماعة نفر من الظاهرين منهم يسمى 
الواحد منهم « الترورٌ » ء وكان لهذا النفر مجلس يسمى «البرٌوريم » ( الترورين ) وقد يمسمى 
الترور مُقدَّمآً ( الجمع فى العبرية مقدميم - مقدّمِين ) أو نععان ( والجمع 
نعانيم 7/661088179 ) . وكان لكل جماعة نفر من المستشارين يعرفؤن عادة باليوعاظيم 
(الواعظين ) ٠‏ ويغلب أن لفظ فقدَّم غلب فى جماعات اليهود التى أقامت فى البلاد 
الإسلاهية » وقد ترجم هذا اللفظ إلى الأسبانية عندما زال أمر الإسلام » فأصبحخ المقدّمون فى 
المدن التى استغلبها النضارى يغرفون باسم أدلانشادوس ( 30]2005اء20 ) أو 
(2005 3034 ) . 


للف حكومة الجماعات اليهودية 





وكان الترورون والمقدَّمون والنعانون يُتتخبون أول الأمرء ثم أصبح السابقون منهم 
يعينون من يخلفهم » وكانت مدة ولايتهم عاماً ؛ وقد اختلف عددهم من مدينة لأخرى 
ما يتصل بالجماعة من ضرائب والتزامات أخرى . 
وكيا كانت للنصارى قوانينهم » قكذلك كانت لليهود قوانينهم وقضاتهم » وكانت 
الإدارة الإسلامية لا تتدخل فى شئونبم » بل كان للجباعة اليهودية الحق فى تطبيق ما تصدره 
محاكمها من عقوبات . وف الحالات التى كان الخلاف فيها يقع بين مسلمين ومهود » كان 
الأمر يُرفع لقاضى المسلمين . 
وكانت لليهود بِيَّعهم التى تُقَام فيها صلواتهم » وكانوا أحراراً فى ذلك لا يعرض هم 
المسلمون فى شىء » وليس لدينا دليل على أن حى اليهود كان يحاط بأسوار فى البلاد 
الإسلامية » بخلاف الجودريات فى اليلاد النصرانية » فقد كانت لها أسوار عالية. وكذلك 
كان الحال فى بقية بلاد النصرانية » فقد عرفت فى بولندا وألمانيا باسم الجتو 8610© . 
وكانت العلاقات بين المسلمين واليهود متصلة مطلقة من كل قيد » تما جعل اليهود يسرعون 
بالاندماج فى الجماعة الإسلامية » فاستعربت ألسنتهم وأخذوا لباس المسلمين » وأسلمت 
منهم جماعات كثيرة مع الزمن 2 . 
وبعدء فهل أجدى ذلك على الإسلام والمسلمين شيئاً ؟ 
كانت النتيجة أن وقف اليهود إلى جانب النصارى عندما بدأ الصراع بين الجانبين على 
مصير إسبانيا » ووضعوا أنفسهم فى خدمة الغزاة يقومون لهم بنفس المهمة التى قاموا بها 
(1) اعتمدنا فى جمع هذه المعلومات على ما كتبه اليهود عن تاريخهم فى إسبانيا » ومن الغريب أن نفراً منهم يستطرد عن 
أحوال اليهود فى الأندلس الإسلامى كأنبم يتهربون من الاعتراف يفضل المسلمين » وفريق آخر منهم ينكر الواقع 
ويتحامل على المسلمين . وجدير بالملاحظة أن كثيراً جداً من هذه المؤلفات كتب قبل اعتداء اليهود الحالى على العرب 
واغتصابهم قطعة من فلسطين لإنشاء دولة فيهاء ما بدل على أن اليهود - حتى علماءهم - كانوا يضمرون العداوة 
والكيد للمسلمين منذ زمن طويل . انظر . 
-ع1ع50 2مالمع [اطنظ وابواعل عط 1 .قتطماع20 انطط) .ضاهم5 هز وللاع[ ع6" ,لله لطا ناظل؟ .8 81641141301 ذم 
.1948 .5علناآه؟؟ 2 (معتزعمهة أو بن 
لقلقم 5 للعطء 15 )قطن تأ لمعل[ عنما ,80181 25112 


.(1894 علعملا عاط ) لماكل طواباءع[ _ طكتمةم5 01 و5ععرنان5 ,4008ل 
(1863 لنقادع:8) .لمترعلة4 نمطا مممطةوطة مطا مدمما5 اططمع. ,كظرلطسط .ل 


حكومة الجماعات اليهودية 6 


للمسلمين . وإذا نحن فسرنا موقف اليهود من الدولة القوطية بها كانوا يلقون منها من 
العنت » فها تفسير خيانتهم للمسلمين ولم يلقوا منهم إلا خيراً ؟ لقد أحس المسلمون فى 
القرن الحادى عشر بخطأ أجدادهم فيا جروا عليه من تسامح وإكرام مع اليهود » ولكن 
الوقت كان قد فات ! بيد أن الإسبان أنفسهم تكفلوا بسداد الدين لليهود » فما كاد الأمر 
يستتب لهم حتى بدأوا يطاردون اليهود قبل أن يطاردوا المسلمين » وما زالوا يلحون عليهم 
حتى استأصلوا شأفتهم من البلد الذى تخونوه أكثر من مرة . وفرٌ من نجا بحياته منهم إلى 
المغرب ونواحى البحر الأبيض وهم اليهود السّمْراديون » وهم نصف بهود العام اليوم . 
والنصف الآخر هم الأشكنازيون » وهم سلائل أولتك الذين ذكرنا أنهم فروا أمام 
اضطهاد الرومان والكنيسة الكائوليكية إلى بلاد الجرمان والصقالبة » تكائروا هناك 
وانضمت إليهم جماعات من الماربين من انفجارات العداوة التى كانت تثور بهم فى بلاد 
أوروبا الغربية » وفى ألمانيا ويولندا ونواحى روسيا » عاشوا فى مخابىء وأحياء مقفلة تسمى 
التو » ولم يبارحوها إلا مع العصور الحديثة . ثم تجمع اليهود جميعاً على أيامنا ونسوا ما 
أسلف إليهم الناس جميعاً من أذى . ولم يصبح هم هدف فى الحياة إلا القضاء على العرب 
والمسلمين » وما أحسن إليهم فى التاريخ أحد بمثل ما أحسن العرب والمسلمون .. 


عدا 


2 
د 
و١‏ 
2©: 
3 
59- 





قلة المراجم عن شؤون الإدارة والمال 64 





0١‏ - قلة لم تصمت مراجعنا العربية - الأندلسية وغير الأندلسية - عن ناحية من 
الراجع عن شؤون نواحى التاريخ كما صمتت عن نواحى الإدارة وشؤون المال . فعلل طول 
٠ 0"‏ إلبازيض الاين وفرق + النسن للابنا ايان رعنمى و اخ غنيك دراه من 
الدول الإسلامية بوضعه » تورد فيه النواحى الداخلة تحت سلطانها وحدودها ء وما يتبع 
كلاً منها من المدن والقرى بوصفها وحدودهاء وما يتبغى على أهلها من مال » وما كان 
ولاه الناى يمن قوق ختافة الأوضناع القانوقة عل الأرمي وما ضهاء كاهو اكاك يفنا 
يتصل بنظم الدولة الرومانية . واعتمادنا فيما يتصل بالمشرق على بضعة بيانات نقلها بعض 
المؤرخين والجغرافيين » عن أوراق وقعت بين أيديهم بطريق المصادفة . تحدد دخل جزء من 
الدولة أو نفقاته فى فترة معينة ؛ ومثال ذلك البيان الذى أورده اين خلدون ف « المقدمة »» 
نقلاً عن خط رجل يسميه أحمد بن محمد بن عبد الحميد « بها يحمل إلى بيت المال ببغداد أيام 
المأمون من جميع النواحى » نقلته من جراب الدولة » (21 . وهو بيان ناقص لا يبين إلا دخل 
جزء من أجزاء الدولة » وهو بعد ذلك حافل بالمشاكل» سواء فيها يتصل بأسماء النواحى 
وتقسيمهاء أو معانى المصطلحات التى يستعملها . 

ومثال ذلك أيضاً البيان الذى أورده قدامة بن جعفر فى جزء من « كتاب الخراج » نشره 
دى خويه فى ليدن سنة 1844 . عن دخل الدولة العباسية أيام المعتصم ("© ء وهو بيان 
مضطرب ف حاجة إلى دراسة طويلة. وهناك بيان ثالث وصل إلينا عن طريق المصادفة 
البحتة » فقد أراد الوزير على بن عيسى بعد عزله أن يقدم للخليفة المقتدر « حسابا » عما 
وصل إليه من أموال الجباية وما أنفقه منها . وقد عثر البارون ألفريد فون كريمر على ذلك 
الحساب ونشره ؛ وهو بيان خاص لا نستطيع الاعتماد على ما فيه اعتاداً تاماً » نظراً لأنه 
صادر عن وزير فى موقف الدفاع عن نفسه 29 . 





)١(‏ ابن خلدون : المقدمة » ط. بولاق . ص ١5٠‏ - ه01 

)١(‏ أبو الفرج قدامة بن جعفر الكاتب البغدادى : نبذ من كتاب الخراج وصنعة الكتابة . لايدن 1848 ء ص7737 
-540. 

022 .وعطءعاع 1 معلتدعقططم كعل امع ل نط عط ضمظ ,كلع للع ا01/ا باط 1 طام 


1 التقسيم الإدارى 





وهذه البيانات كلها لا تعيننا على رسم صورة كاملة لتقسيم الدولة الإدارى وشؤونها 
المالية » حتى إذ استعنا فى فهمها بالشروح التى أوردها الخوارزمى فى كتابه القيم « مفاتيح 
العلوم »217 للمصطلحات المالية » وبالتفصيل الطيب للمصطلحات الجغرافية والإدارية 
الذى أورده ياقوت فى مقدمة « تقويم البلدان » . وربيا كانت مصر أوفر البلاد الإسلامية 
حظاً من هذه الناحية » نظراً لما لدينا من الوثائق البردية ذات القيمة العظيمة » ونظراً لاهتمام 
بعض مؤرخى مصر ء كالمقريزى فى ١‏ خططه » والقلقشندى فى « صبح الأعشى ؛ » 
والنويرى فى ١‏ نهاية الأرب »» بالكتابة فى مسائل الإدارة والتقسيم الإدارى وشؤون المال . 

جد جد عد 

التقسيم ١‏ ولكننا لا نملك » فيها يتصل بالأندلس » شيئاً يشبه ذلك . وبين هذا الخشد 

الإدادك | الحافل من المؤلفات الأندلسية فى كل فن » لا نجد مؤلفاً عنى بناحية كالتى 
عنى بها المقريزى والقلقشندى والنويرى ؛ حتى ابن حيان » أمير مؤرخى الأندلس » ل تَجدْ 
علينا الزمان بنسخة كاملة من تاريخه » وليس فى القطع التى بين أيدينا منه شىء يتناول 
التقسيم أو التنظيم الإدارى : بل لم يورد لنا بياناً شافياً عن نواحى الدولة وأموالها » مع أنه 
وأباه كانا من كاب الدولة ورجال الدواوين » ومع أنه كان ينقل عن أحمد بن محمد الرازى 
واينه عيسى بن أحمد » وكان كلاثما من عمال الدولة وخخواص الأمراء . 

ولا يعلل هذا الصمت إلا يافتراض أن التقسيم الإدارى للأندلس والجبايات التى 
تقررت على النواحى لم تكن » بالنسبة للأمراء أو كتابهم » مسألة تستوقف الاهتام والنظر » 
كأن العرب حين! دخلوا البلد وجدوا فيه نظاماً إدارياً جارياً ثابتأ صا حاً فجروا عليه » دون 
الحاجة إلى إعادة التخطيط والتنظيم » وكأن الظروف العامة فى الأندلس » إلى سقوط الخلافة 
الأموية على رأس المائة الخامسة للهجرة » كانت مستقرة بصفة عامة » وكأن مقادير الجباية 
كانت وافرة طوال هذه الفترة » فلم تقع الدولة فى أزمات مالية وإدارية كالتى تعرضت ها 
دولة العياسيين » أزمات جعلت الناحية المالية هى المشكلة الرئيسية للخلافة العباسية من 
أواخر القرن الهجرى الثالث » ولم يتورط الأمراء والخلفاء الأندلسيون فى تلك الأخطاء 
الفادحة التى زعزعت الأسس العامة التى قامت عليها دول المشرق » فاضطرت إلى إعادة 
التنظيم والروك» وزيادة الجبايات وابتكار الجديد منهاء وما إلى ذلك . 


)١(‏ الخوارزمىء أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب : كتاب مغاتيح العلوم ( صنفه سنة 775ه_) القاهرة 
1ه ولايدن قكها . 


كتاب الأندلس وتقسيمه الإدارى 4١‏ 





كتاب وهذا - على الأقل - هو ها يبدو لنا ما بين أيدينا من تاريخ الأندلس . فعل 
ادنس وتفسيمه الرغم مما يحفل به هذا التاربخ من أخبار الفتن والثورات ٠‏ فإن الحال كان 
دائما رخيا والناس فى سعة » وبيت المال عامرا بالدخل والمدخر » حتى فى 
أيام فتنة العرب وأهل الذمة التى شغلت الأندلس هن أواخر إمارة محمد إلى متتصف عصر 
عبد الرحمن الثالث » لا نسمع عن إفلاس بيت المال أو مصادرات العمال والوزراء والتجار 
التى يحفل بها تاريخ دول المشرق » وهذا أمر لا يمكن أن ينتج إلا عن رخاء شامل جعل 
عامة السكان بنجوة من الفقر المدقع الذى يؤدى إلى الثورة » ولا يمكن أن يكون إلا إذا 
كانت هناك موارد مستمرة متتظمة لثروة الأفراد والدولة » مما لا يمكن أن يتحقق إلا مع 
افتراض وجود نظام إدارى سليم وتنظيم مالى صالح » هذا بالإضافة إلى الحكمة الإدارية 
التى اتصف بها الأمراء والخلفاء » والنزاهة - النسبية - فى شؤون المال والحكم التى اتصف 
مها الوزراء والعيال ورجال الدولة فى العاصمة والنواحى . 
وهذا الاستقرار الإدارى والاقتصادى ء. هو الذى صرف المؤرخين والجغرافيين عن 
الموضوع . لأن مؤرخ التاريخ الإسلامى إنها يؤرخ عادة للحوادث الجسيمة والثورات 
والفتن والاضطرابات ٠‏ فإذا لم يهد من ذلك شيئاً ملأ فراغ صفحاته بأخبار الشعراء 
والكتّابٍ والفقهاء ومن إليهم . وإن الناظر إلى تاريخ دول المشرق فى موجز تاريخى جامع » 
مثل * الكامل » لابن الأثير » ليجد أن المشكلة الرئيسية التى دار عليها تاريخ المشثرق حتى 
نهاية العصر العباسى الأول هى مشكلة الحكم : من يحكم ومن لا يحكم؟ هن يرث الخلافة 
ومن لا يرثها ؟ وابتداء من خلافة الوائق تختفى مشكلة الحكم لتحل محلها المشكلة المالية » 
فقد كانت الدولة فى حالة إفلاس حقيقى من عهد المتوكل» وعلى صخرة الأزمة المالية تهاوى 
الخلفاء والوزراء والكُتَّابٍ » وعجز الجميع عن أن يجدوا لها حلا » وانتهى الأمر بزوال 
الدولة كلها حملة . 
وواضح أن المشكلة المالية بدأت من أول يوم قامت فيه دولة بنى العباس » فقد تربع 
خلفاؤها على امبراطورية واسعة تضم ولايات فسيحة » لكل منها طبيعة وأحوال خاصة » 
فكان لابد من وضع نظام إدارى وآخر مالى » ولم يوضع هذا ولا ذاك . ومضت الأيام 
والخليفة لا يعرف ما عنده وما ليس عنده » والرعية لا تعرف ما عليها » ولم يتنبه إلى الأمر 
أحد طالما كانت الدولة فى سعودها والجباية وافرة » ولكن الإنفاق كان دائياً أكثر من الوارد » 


7 كتاب الأندلس وتقسيمه الإدارى 





وقد أحس بذلك هارون الرشيد فطلب إلى أبى يوسف القاضى أن يضع له دستوراً إدارياً 
مالياً» فوضع له مبحثاً فقهياً م ينتفع به الرشيد أو من جاء بعده. وجاء يوم وجد الخليفة فيه 
بيت المال خالياً » فبدأ فى مصادرة أموال الناس » ونظر الوزراء والكتّاب إلى المكوس 
والمغارم والمعاون يقتضونها من الناس قسراً » فثبطت الهمم وأخذت الثروة القومية تتلاشى. 
ونزر الوارد إلى بيت المال شيئاً فشيئاً » حتى وصلت الدولة إلى الإفلاس » وبدأت مأساة 
تصفية الدولة العباسية من القرن الرابع اللهجرى . 

أما فى الأندلس فلم يحدث من ذلك شىء ء وهذا ما يحدو بنا إلى القول بأنه لابد أنه كان 
هناك نظام إدارى مالى ثابت سليم » لأن الثروة الطبيعية للبلاد لا تغنى شيكاً إذا كان النظام 
فاسداً . فقد كان ١‏ ارتفاع » الأهواز مثلاً مضرب امثل » ولكن سوء النظام وفساد ذمم 
العمال هبطا بها إلى حضيض الفقر البالغ . ومصر كذلك كانت من أغنى بلاد دولة الإسلام 
فى المشرق » ولكنها أفلست تماما فى منتصف العصر الفاطمى بسبب سوء الإدارة وفساد 
النظام المالى » وتوالت عليها المجاعات والغلوات والمحن التى يُفصّلها ويشرح أسبابها 
المقريزى فى كتابه الفريد فى بابه ١‏ إغاثة الأمة وكشف الغمة » . ولسنا نجد فى الأندلس شيئاً 
يشبه ذلك : لا نجد أميراً أو خليفة يمسح أراضى الدولة أو يعيد تحديد الأقسام الإدارية » 
لا نجد كوراً تجمع بعضها إلى بعض أو تقسم تقسيماً جديداً لمواجهة ظروف إدارية طارثة » 
ولا نجد جبايات ثقيلة تُفرض على الناس فيشكون منها . وهذه ظاهرة لا نُفْسّر إلا بها قلناه : 
وجد العرب تقسيماً إدارياً مستقراً صا حاً » فأخذوه كما هو » ووضع العرب من أول الأمر 
نظاما ماليا لم يحتاجوا بعد ذلك إلى تغييره » ومضى العمل به على ما هو عليه » ولم يتعرض 
واحد من النظامين لشىء من التغيير الحاسم يستوقف انتباه المؤرخين . 

ثم إننا نجد أن كل التفاصيل التى لدينا عن تقسيم الأندلس إلى كور وأقاليم تتفق فيه] 
بينها اتفاقاً واضحاً مع اختلاف العصور التى كتبت فيها . وحتى مع افتراض أن كل ما كُتِب 
بعد الرازى أخذ عنه » فلا يعقل أن ينقل عنه أحمد بن عمر بن أنس العذرى المتوفى سنة 51/8 
٠١85 /‏ . وأبو عبيد البكرى المتوفى سنة 5817 / ٠١44‏ » ومحمد بن أيوب بن غالب 
الغرناطى المتوفى فى أواخر القرن السادس الهجرى / الثانى عشر الميلادى » وأبو الحسن على 
ابن سعيد المتوق سنة ١785/5426‏ » ومحمد بن عبد المنعم الصنهاجى الحميرى الذى كتب 
فى سنة 845/ ١548١‏ » وغيرهم كثيرون » دون أن يشير واحد منهم إلى تعديل أو تغيير 


أصول التقسيم الإدارى الإسلامى فى الأندلس قل 





أصاب نظام الكور وحدودها وما يتبعها من المدن رغم اختلاف الأعصر التى كتبوا فيها . 
ولقد زار الأندلس رحالة كابن حوقل » وكتب عنه جغرافيون كاين الفقيه وابن رستة 
والإصطخرى والمقدسى » وهم جميعاً ممن يبتمون بالتقسييمات الإدارية ونظم المال» فلم يبين 
أحد منهم حقيقة ذلك التقسيم أو التعديلات التى أدخلت عليه » بل وقف ياقوت طويلاً 
عند مصطلحات الأندلسيين الإدارية » وبي الفروق بينها وبين ما يستعمله أهل المشرق » 
دون أن يشير إلى أصول هذه المصطلحات وما يمكن أن يكون قد ناها من التغير والتعديل . 
وكل ذلك يلقى فى الروع أن الرازى » عندما كتب ‏ صفة الأندلس * . إنها كان يكتب عن 
نظام مقرر ثابت لم يتكلف العرب فى وضعه مشقة . وليس فى ما بين أيدينا من كتب التاريخ 
إشارة إلى وضع هذا النظام أو من وضعه أو فى أى وقت كان وضعه. مما ينتهى بنا إلى القول 
بأن العرب وجدوا فى الأندلس عند دخوهم تقسيأ إدارياً ثابتا للبلاد » فساروا عليه مع 
بضعة تعديلات شكلية اقتضتها الأحوال الجديدة - وسنشير إليها - واستبدلوا ما وجدوا 
من التسميات والمصطلحات با حملوه معهم من المشرق ؛ وثبت الأمر على ذلك . 

فإذا صح هذا الرأى » فما هو هذا التقسيم ؟ هل هو تقسيم إسبانيا الإدارى على عهد 
القوط ؟ ثم » ماهو هذا التقسيم القوطى ؟ ما أصله وما حدوده ء وما هى درجة انطباقه عل 
ما بين أيدينا من تقسيم الأندلس الإسلامى إلى كور وأقاليم ؟.. أم هل هو التقسيم الكنسى 


إلى مطرانيات وديقونيات ؟ 
06 - أصول من الثابت أن القوط لم يضعوا لإسبانيا تقسيرأ إدارياً » وأنهم قنعوا بالتقسيم 
التقسم الإدارى 


الإسلامى في الرومانى الذى وجدوه فى البلاد عند دخوهم » فلنرجع إلى العصر الرومانى 
الأندلس > لنتتبع هذا التقسيم من أوله . 

كانت للرومان عناية خاصة بالتنظيم الإدارى » فلا تكاد ناحية من التواحى تدخل تحت 
سلطانهم حتى يخضعوها للنظام الإدارى العام لدولتهم » ويحددوا وضعها السياسى داخل 
الدولة أو علاقتها مها إذا كانت محالفة أو صديقة ؛ وكان مجلس الشيوخ لا ينفك يعيد النظر 
فى النظم ويعدها أو يعيد وضعها ب) يتفق مع الظروف القائمة . فلا اختفت الجمهورية 
وجاء عصر الامبراطورية تابع الأباطرة هذا الاهتمام » ومن هنا كان لكل ولاية من ولاياتهم 
تاريخ إدارى حافل بالتطورات . وفنا تصل بإشبانا سار هذا التطور جنبا إلى جنب مع 
امتداد سلطان الرومان على الجزيرة وتمكن قبضتهم منها . وتأثر إلى جانب ذلك بها قام فى 


24 تقسيم دقلديانوس ا معروف بقسمة قسطنطون 





البلاد من ثورات أو حركات معادية للرومان . وبهمنا من هذه التقسييات كلها التقسيم 
الأول الذى وضع سنة 5 قبل الميلاد » والتقسيم الأخير الذى تم فى عهد دقلديائوس » 
والذى يسمى عادة تقسيم قسطنطين أو ١‏ قسمة قسطتطين » كها يقول كُتَّابنا الإسلاميون . 
6ه تقسيم ١‏ فأما التقسيم الأول فهو الذى يجعل إسبانيا قسمين إداريين كبيرين » يحكم كلا 
ف منهها موظف كبير بلقب بروكنسل انددووع20 أولاً ثم بلقب 
قسطنطين» برايتور 2086401 في| بعد ؟ عذان القسيان هما إسبايا الديا -(ل) 1م235 
»دنع وإسبانيا القصوى 10116806 2818م115 . وقد كان هذا التقسيم أساساً لكل تقسيم 
جاء بعده فى القترة الرومانية » فانقسمت إسبانيا القصوى قى عهد الاميراطور أجريبا سنة 
/ا؟ قبل الميلاد إلى ولايتى بيطى 864868 ولشدانية 8نمةازقندة. وفى أيام كاراكالا ظهرت 
ولاية إسبانيا الدنيا الجديدة الأنطونية 081208اهة 011620 200978 وأمهمدز11 وتضم 
إقليمى . جليقية وأشتريس ٠.‏ وق عهد دقلديانورس ظهرت ولايتا إسيانيا 
الطركونية 1821586026535 111502212 وإسبانيا القرطاجنية -0212188126) 3امقرروكآ1 
و3 . وهذا يصل بنا إلى تقسيم دقلديانوس الأخير الذى يُنسب إلى قسطنطين » 
وبمقتضاء أصبحت إسبانيا ديقونية 7210©6©518 - أى عملاً كبيراً بالمصطلح العربى - تابعة 
لديرية الغالتين تتنصهنالة© #تنطعة2:267 داخلة فى القسم الغربى من الدولة الروماتية » 
وهو التقسيم الذى وصل إلينا فى وثيقة رسمية اسمها : بيان بالوظائف الجليلة فى الدولة 
وغير ذلك ننءمهذة عناوكدعان طتنه ها مونل 2"072100118. وتضم إسبانيا بحسب هذا 
البيان ست ولايات 2601126186 » هى : باطقة 861108 » ولشدانية 11151081118 » وجليقية 
- أشتريس قن عثاادخ 011619 , والولاية الطركونية ء والولاية القرطاجنية » ثم أضيفت 
إليها مرطانية الطنجية 82هالع1155 ونضداء دنةق8 والجزائر الشرقية-م82[68 80012018 
162 


14 ممتفوعظ عل 111502 حظ .مممصما مأعسصتحوعظ2 ,هع تمقصكئظة وانتوملدعظ هآ ,10185 راع لالم‎ )١( 
بع .1935 ,142030 1 فطاع قطط 8 لل218 .2 عمم مفأوتنك‎ 371-72 

(؟) نشر هذه الوثيقة الهامة :56801 سنة 3748175 ء وانظر عنها أيضاً : 
لمع نس للسعمططم .297 صن أمأعدع مكمه مععوزطوط2 معطاعكتصتء ععل وتمطاعنمعىت/ ,140135413151 .111 
لا .أل رقع لتتطعة عالءصتصسهوع0 .518 - 489 .1862.5 للخل .تدنط .اأنطظ .دوزلا .ل لهلم ععدناءء8 عمل 
561-88 .1908,5.5 
- 331.م ,1882 ,نا بأولقا .1828 المعناماعه ]1 ذ عغسطتمة علداعه 01م عوو]عر وا ع<آ ,الألملكانا .© 
34 


قسمة قسطنطين كيا يعرضها البكرى 26 


وقد ذكر كُتّابنا العرب هذه التقسيمات مع تحريفات ظاهرة سنتحدث عنها فيا بعد » 
فقال أحمد بن عمر بن أنس العذرى : « ... تمّ ؤكر الأندلس الأول على قسمة قسطنطين » 
وهو الذى جرأها على ستة أجزاء : أضاف الثلاثة فساها بالأندلس الأدنى » وذلك من 
قرطاجنة الخَلفَاء » وهى لورقة » وجعل معها مديئة بلنسية ومدينة شاطبة » إلى أقصى 
الغرب » وأضاف الثلاثة أيضاً فسماها بالأندلس الأقصى »ء وذلك من أوريولة إلى سرقسعلة 
وما وازاها . وسماها غير قسطنطين بالأندلس الغربى وبالأندلس الشرقى » وذلك بجرّى 
الأنهار ؛ فيا جرى منها إلى الغرب سياه الغربى . وما جرى أنهاره إلى الشرق سماه بالشرقى . 
والقسمة من تدمير » وتهرها جار إلى الشرق » 2٠(‏ . وإذا نحن نظرنا إلى التقسيم الرومانى 
الأول إلى إسبانيا الدنيا وإسبانيا القصوى تبينا أنه يتطبق تماماً مع كلام العذرى . فيا عدا 
المدن التى يذكرهاء فإن الحد الفاصل بحسب التقسيم الرومانى هو نهر تدمير بالقعل » أما 
قوله إن بعضهم يسمى القسمين الأندلس الشرقى والأندلس الغربى فيفسره تصور 
الجغزافين المسلنين للهيأة العامة لشيه الجزيرة الابيرية + وهو تضور يجمل الساخل الشرقى 
لشبه الجزيرة كله ساحلاً جنوبياً تقريباً . 
..,.ف2 ولأبى عبيد البكرى نص أكثر تفصيلاً وأهمية » لا بالنسبة للتقسيم الإدارى 
قسطنطين كما أيام الرومانء بل أيام المسلمين كيا سنرى ء قال  :‏ وحَدَّت الأوائل الأندلس 
يعرضهاابكدك بعبارات مختلفة . وحَدَّها قسطتطين حدوداً ستة : جعل الجزء الأول من 
حدودها من مدينة نربونة » وهو حد ما بين غاليوش ( 031105 - الغاليون ) وبين الأندلس 
( إسبانيا ) وأضاف إليها سبع مدن مما حواليها وهى بَطَرّش ( 75عتاء8 - 8462368 
بيزييه) » وطَْليُوشة ( 701058 - تولوز ) ومَقَلُونة (08والهعه! - عهوماصدهة0 » 
ونومُشو (0كننقظاء71 - 2011365) وقرقشونة. وفى قرقشونة هذه الكنيسة العظمى عندهم » 
تسمى شَّدْت هريّة غرائية (©036) عل 24236 1316ف53) وفيها سبع سوار من فضة ء ولا 
يوم عيد ترده العجم من الآفاق » وبينها وبين برشلونة 10 يوماً . 

وجعل الجزء الثانى من مدينة براقرة (87363258 - 8عة85) ء وهو حوز جليقية 


)١(‏ أحمد بن عمر بن أنس العذرى : نظام المرجان ف ال مالك والمالك ( مخطوط يعدء للنشر الدكتور عبد العزيز 
الأهوانى) ورقة لاا . 


ا قسمة قسطتطين كما يعرضها البكرى 





وشلطيانة (611888©) وهو بلد ابن غوم س(٠2‏ » وجعل لا اثنتى عشرة مديئة مما حواليها » 
منها : مدينة برطقال ( 021168515 201105 - بورتو ) » ومدينة تُودَى(1106 - '[113) 
ومدينة أَؤْريّة (3605[15]تالى 56065 >2 119لا 2 016856) »2 ومدينة لك معناط) 
لان كل 5ط > 160.آ ومدينة برطانية- 88 > 8761052 06 1/1222 20162 5) 
(10012» ومدينة أشترقة (85]01168 - 45]01828) » ومدينة شنت ياقو (53111280) 2 
ومدينة كنيسة الذهب 7") ؛ وها يوم يرد فيه من افرنجة ومن رومة ومن جميع نواحيهم كلها. 
ومدينة ايرية ( 1712918 118 > 1512 وتسمى اليوم 220567 ) » ومدينة بطقة » ومدينة شارّة 
(18ة5). 

وجعل الجزء الثالث من مدينة طركونة (123526018 - 185538023) وأضاف إليها 
مدينة سرقسطة وأشقة ( 0868 > 11106508 وتسمى أيضاً وشقة ) ولاردة وطرطوشة 
وتطيلة » وأعمال بلدان ابن شانجو كلها 29 » وبلد بليارش (98112155) » وبرشلونة 
وجرندة (06+0172) » ومديئة أنبورش (05125ام10ه) » ومدينة بنبلونة ومدينة أوقه0©2©) 
(هعداك > ومدينة قلهرة (0212001512) - 11515ناع212) ) » ومديئة طرسونة(18158200823)) 
ومدينة أماية ( 4128/8 وتكتب أيضاً أمايا ) . 


وجعل الجزء الرابع عشرين مدينة » قاعدتها مدينة طليطلة » وأضاف إليها مدينة أوريط 
(0تنااع01 ع م016]60) » ومدينة شقوبية (56801712) » ومدينة أركبيقة (81012ع51) » 
ومديئة وادى ( الحجارة ) » ومدينة شغونسة (518116028) » ومدينة أكشومةك- 05108) 
(0123ا:0 » ومديئة بلنسية » ومديئنة بلازيا (22168418 - 231600132 7) » ومدينة أوريولة» 
ومدينة ألش (151056) » ومدينة شاطبة » ومدينة دانية » ومدينة بياسة (88628) » ومديئة 


قسطلونة (025]01002) > 0321088)) » ومدينة منتيشة (1/1681653) » ومديئة وادى اش 


)١(‏ فى القرن الحادى عشر كان الإقليم الواقع فى الركن الشمالى الغربى من إسبانيا فيها بين شنت ياقب والبحر يسمى 
بلاد الكلت 0610605 . 
أما ابن غومس ء فا مراد به على الأغلب غرسية بن فرناندو الأول ملك جليقية فى أيام البكرى ( ملك من ٠١58‏ إلى 
1لا١1).‏ 
.4 - 8.3 ,247 .م ,عناوار 106 عاماكمتدعط هآ متخبل81 /01هم - الاشار[ :ع0 
(1) يبدو أن هنا اضطراباً فى سياق الكلام . وقد يستقيم المعنى إذا قلنا : و[ هى ] مدينة كنيسة الذهب ... 
(؟) المراد هنا شانجه الرابع ملك نبره » وقد حكم بين سنتى ٠١814‏ و1977١1.‏ 
1 .2 .248 .م رعناوانغط1 عالاممتمةط هآ ,علخب از /01 هم - الاطل] ع6 


قسمة قسطنطين كبا يعرضها البكرى 1 


(10301©) » ومدينة بسطة (8828) ومدينة أرش (1[501) وهى بجانة (ومنطءء2) (20 , 


وجعل الجزء الخامس قاعدته مدينة ماردة » وأضاف إليها اثنتى عشرة مدينة» وهى: 
باجه (8©[2) » مدينة أكشونبه (06505002) » ويابره (210583) وشنتره (2152©) 2 
وشنترين (532185612) » والأشبونة وقلمرية (01150018©) » وقورية -أ؟ناة 0 2 0118©) 
(11نا» وشلمنتقة (521321301162 > 5213123163) » وصموره (22102012) وهى محدثة 
با إلى شنت ياقوب . 
وجعل الجزء السادس قاعدته مدينة إشبيلية » وأضاف إليها لبلة (7116513) وقرطبة 
وقرمونة ومورور (840707) ومرشانة والجزيرة (4186©17535) وتاكرنا وريه وأشونه 
(051023) واستجه (45]181 > 1[2ع8) وقيرة وأعراها إلى بجانة » والبيرة وجيان ومنتيته 
(9) وياكرته (9) وأبذه (170602) وبياسة (82622) )2( , 


وخلاصة كلام أبى عبيد البكرى أن تقسيم قسطنطين يجعل إسبانيا ستة أقسام كبرى 
يسميها أجزاء » وكل قسم يتبعه عدد من المدن كما يل : 
١‏ - قسم نربونة : ويتبعه / مدن لم يذكر البكرى منها إلا خساً » هى : بطرش - طليوشة 
- مقلونة - نومشو - قرقشونة . 

؟ - قسم براقرة : وهو حوز جليقية وبلاد الكلت . وتتبعه ١١‏ مدينة لم يذكر البكرى 
منها إلا ١١‏ هى : برطقال - توذى - أورية - لكه - برطانية - أشترقة - شانت ياقو - 
مدينة كنيسة الذهب ( كذا ) - إيرية - بطقة - شارة . 


- قسم طركونة : ويتبعه ١4‏ مدينة هى : سرقسطة - أشقه - لاردة - طرطوشة - 
تطيلة - بليارش - برشلونة - جرندة - أنبورش - بنبلونة - أوقة - قلهرة - طرسونة - 
أماية . ْ 

. 4 9 

)١(‏ يلاحظ أن الإقليم المجاور للمرية وبجانة كان يسمى ارش اليمن . وقد ذهب ابن عيد المنعم الحميرى فى مادة 

بجانة إل أن الأرس عن الأركن وس العلية اق التكلف أى أن ارس ينين ممداء الإفليم الذ من لليمتين + 

وهذا غير صحيحء وأصل أرش هنا لفظ 501[] القديم ء وهو موضع قديم فى تلك الناحية . 

انظر : الرحمة الفرئسية للروض المعطار .» ص27 . هامش ". 
(1) أبو عبيد البكرى : قطع من جغرافية البكرى نشرها ليفى بروفتسال ذيلاً على ترجمته الفرنسية ل١‏ الروض المعطار». 

.249 - 246 .مم ,عنوقعط! عاسكصتوعط ها لخب ال01/8هم - الاعا 


د قسمة قسطنطين كيا يمرضها البكرى 





وأدخل فى ذلك الجزء « أعمال يلد ابن شانجه كلها » أى نيره ( نافار ) . 

5 - قسم طليطلة : ويتبعه ٠١‏ مدينة ذكر منها 18 هى : أوريط - شقوبية - أركبيقة - 
وادى الحجارة - شغونسة - أكشومة - بلنسية - بلازيا - أوريولة - ألش - شاطبة - دانية 
- بياسة - قسطلونة - منتيشة - وادى آش - بسطة - أرش (بجانة). 

© - قسم ماردة : ويتبعه ١7‏ مدينة ذكر منها ٠١‏ هى : باجة - أكشونبة - يابرة - شنترة 
- شنترين - الأشبونة - قلمرية - فورية - شلمتئقة - صمورة . 

- قسم إشبيلية : ويتبعه /ا١ مدينة هى : لبلة - قرطبة - قرمونة - مورور - مرشانة‎ - ١ 
- الجزيرة الخضراء - تاكرنا - ريه - أشونة - استجة - قيرة ( وأعماها ) - البيرة - جيان‎ 
. مننيتة (7) - ياكرتة (9) - أبذة - بياسة‎ 

ونلاحظ مايل : 

١‏ - أن البكرى لا يعطى الأجزاء أسماء واضحة » ولا يضع لها حدوداً بل يكتفى بالقول: 
« جعل الجزه الأول من حدودها من مدينة نربونة » و« جعل الجزه الثالث من مدينة 
طركونة »» والمراد بهذا على الأغلب : ١‏ من حد مدينة نربونة » وا من حد مدينة طركونة » » 
ويراد بذلك الزمام الذى يتبع المدينة بحسب النظام الرومانى ى| سنرى . 

؟ - أنه لم يذكر قواعد الأجزاء إلا فى ثلاث حالات : الرابع وقاعدته طليطلة . والخامس 
وقاعدته ماردة » والسادس وقاعدته إشبيلية . 

* - المفهوم ضمناً أن لكل مدينة ما يذكر أعمالاً تابعة لحا فهو يقول مشلا : «وقبرة وأعمالها 
إلى بجانة » » ويقول مرة أخرى : ٠‏ وصمورة وهى محدثة برا إلى شنت ياقوب» » وهى عبارة 
جعلها ليفى بروفنسال فى ترحمته الفرنسية : 

05م غلنة5 3 06016 ,عممعل0 ممتهلهه؟ عل علازا (هتتاصحدك ) 2211:0123 
أى أنه قرأ برا بكسر الباء » وفسر ة إلى شنت ياقب »© بقوله : « بشنت ياقوب »© . ونفضل 
نحن أن نقرأ العبارة : « وصمورة ء وهى محدثة . [ وأعماها ] برا إلى شنت ياقوت » قياساً 
على « وقبرة وأعمأها إلى بجانة » . 


ع < وقد سميت الأجزاء إما باسم القاعدة» ى] هو الحال فى الأجزاء الرابع والخامس 


التقسيم الكنسى 2 





والسادس ء أو بالنسبة إلى المدينة الرئيسية فيه » التى يميزها بقوله مثلاً : #جعل الجزء الأول 
من حدودها من مدينة نربونة © » أو « وجعل الجزه الثانى من مدينة براقرة » » ويريد أن 
الجزء يحكم من المدينة التى يذكرها . 
# © * 

4 - النقسيم وإذا نظرنا إلى هذا التقسيم وجدناه ينطبق تماماً من حيث الأجزاء على 

انحا( التقسيم الكنسى لإسبانيا أيام القوط » فقد كانت هناك ست مطرانيات تقابل 
تاماً أجزاء قسطنطين بحسب رواية البكرى ٠‏ وينطبق كذلك على تقسيم دقلديانوس الذى 
وصل إلينا فى وثيقة سنة 1417م التى أشرنا إليهاء وإليك جدولَا مقارناً يوضح هذه الحقيقة: 





ويلاحظ أن تقسيم دقلديانوس لا يجعل ولاية نربونة داخلة فى ديقونية إسيانيا وإنما فى 
ديقونية غالة » وكانت الاثتان تكونان مديرية الغالتين «تنمةتالة© ومناعةء )عوط ىا 
قلنا. 


وقد أضيفت إلى ديقونية إسبانيا فى نفس عهد دقلديانوس ولاية مرطانية الطنجية 
(2نقاع110 دنسههاء842) ٠‏ وهى إقليم طنجة أو ما عرف فيا بعد ياسم العدوة 
الإفريقية. وفيا بين 77٠١‏ و٠0٠5‏ ميلادية أضيفت إلى إسبانيا ولاية الجزائر الشرقية-270) 
(2عقدع831 7/1212 . 

وسنقف عند هذا التقسيم قليلاً » لأنه فيها نعتقد الأساس الذى قام عليه كل تقسيم 
إدارى آخر لشبه الجزيرة » بها فى ذلك التقسيم العربى ٠‏ لأن شبه الجزيرة الإيبيرية مقسم 


حرق المدينة أساس للتقسيم الإدارى الرومانى 


طبيعياً إلى أقسام تصلح ببيئتها الجغرافية لأن تكون أقساماً إدارية » وخاصة بالنسبة للأقسام 
الصغيرة . وإذا كان تقسيم إسبانيا إلى عمالات كبيرة » ثم تقسيم هذه العمالات إلى مديريات 
قد مر فى أدوار مختلفة » حتى انتهى إلى الصورة التى ثبت عندها فى تقسيم دقلديانوس سنة 
7417 ميلادية » فإن تقسيم هذه المديريات إلى أقسام إدارية أصغر لم يكلف الرومان أى عناء » 
بل يبدو أن الرومان وجدوا هذه الأقسام الصغيرة قائمة » فلم يكن عليهم إلا أن يثبتوا 
حدودها الجغرافية ويضعوها فى الوضع القانونى الذى ينسجم مع نظمهم الخاصة بالمدن 
والأقاليم . وهذه التقسيمات نفسها هى التى أخذتها الكنيسة وجعلتها أساساً لتقسيم 
المطرانيات إلى ديقونيات » مع بعض تغييرات طفيفة اقتضتها مطالب التنظيم الكنسى (21 , 
وأخذها العرب بعد ذلك مع إدخال تغييرات محلية فى الغالب اقتضتها طبيعة النظام 
الإسلامى العام » وسنتحدث عن ذلك فى حيئه . 


المديلة ومن الواضح أن هناك تشابباً بين الأسس العامة التى سار عليها كل من 
داري ارون الرومان والعرب فى تقسيرماتهم الإدارية . فقد كانت ١‏ المدينة » هى الأساس 
الذى قام عليه التنظيم الإدارى السياسى الرومانى 7(" » وكانت المدن هى 
المراكز التى اعتمد عليها العرب أيضا فى الحكم والإدارة . ولقد انتفع العرب باهتمام 
الرومان بالمدن وتنظيمهم إياها وعنايتهم بإتقان بنيانها وتزويدهم إياها بها استطاعوا 
تزويدها به من وسائل العمران المدنى » ولا يبدو ذلك بصورة هى أوضح مما يبدو بها فى 
الشام والأندلس . ففى الشام تعلق العرب بالمدن وتجمعوا فيها وجعلوها مراكز عسكرية » 
وألحقوا بكل منها جانباً من الريف اعتيروه حوزاً للمدينة أو زماماً » وهذا هو ما عرف 
بالأجناد . أما فى الأندلس » فكان شأن المدن أهم » وكان الرومان عندما دخلوا البلاد» قد 
وجدوا فيها مراكز ومواضع عامرة بالناس » بعضها يلتف حول مدن كبيرة- 01901188) 
(0113118]65© وبعضها يلتف حول مدن بدائية أقرب إلى القرى(660)65 - 03615 . 
)١(‏ .1 ,مم ملاع ضتل بمتدمكط عل .11516 ومع رك لض 8 28157100 883140133 نو 1019185 81لا للفاز 
9 -20.276 .1940 للد ,11! ,ملخ٠©ط‏ اط 082 للم عر 


(؟) عدا 11 ,رساخ 210 2ط للق هيز 1 عمم ملتعتتل بمتدمو8 عل .أوناط دع ,101885 انا لطمفا81 
09 .م ,1935 لل 


المدينة أساس للتقسيم الإدارى الرومافى وى 


وكان مفهوم المدينة عند الرومان مفهوماً سياسياً واجتاعياً خاصاً . أخذوه عن الإغريق 
وأضافوا إليه وعدلوه بها يناسب الطبيعة العسكرية السياسية الخاصة بدولتهم. وأصبحت 
المدينة مرادفا لنظام سياسى يتضمن حريات وحقوقا وواجبات معينة يعتبر الحصول عليها 
حصولاً على حق المواطنة الرومانية . فإذا دخل الرومان بلداً قسموه أقساماً بحسب طريقة 
دخول نواحيه فى حوزتهم : عنوة أو صلحاً أو بمحالفة أو ما إلى ذلك . وقد يرفع الرومان 
مستوى بعض النواحى بعد زمن ويمنحونها حق المدينة أى حق المواطنة . ولم تكن المدينة 
عندهم بحرد مدينة » بل كان ها زمام محيط بها (15 - 0155) تايع لها حكمه كحكمها وسكاته 
مواطنون فيها . لهم ما لأهلها من حقوق وعليهم ما عليهم من واجبات . وإذا كان هذا 
الزمام واسعاً قسم إلى أقسام » لكل قسم اسم ينسب إلى قرية كبيرة أو إلى زراعة غالبة عليه 
أو إلى ظاهرة معينة تميزه كسّند جبل أو جبل أو ساحل أو سهل أو ما إلى ذلك . فلم تكن 
هناك نواح لا تتبع مدينة ماء وإذا ذكرت مدينة قصد فى نفس الوقت ما يتبعها من النواحى 
وقد ثبت الرومان زمامات المدن وفصّلوا أمرها فيا أصدروه من وثائق خاصة بها 29. 

وعندما ظهر نظام الولايات (2701100126) فى نباية أيام الجمهورية الرومائية نشأت 
المديريات عن مجموعات من المدن وزماماتها» وحددت مساحة كل منها بمعرفة لجئة خاصة 
من عشرة رجال . وأصدر بمديريات كل ناحية من أملاك الرومان قانون خاص يحدد ما 
يتبع كلا منها من المدن وأحوازها » وفيا يتصل بإسبانيا لدينا قانون أو قائمة ولايات 
إسيانيا (ع111502212 2101012126 12نالوزه0 0 ««ع.آ) الذى يحدد ما يتبع كل مديرية من 
المدن والنواحى . وإذا كانت المديريات قد تكونت من زمامات ما أدخل فى حوزها من 
مدن. فإن الأساس الثابت للتقسيم الإدارى فى إسبانيا كان المدينة وحوزها » فقد تغيرت 
حدود المديريات من عصر لعصر ء أما زمامات المدن فقد ظلت ثابتة وظلت هى الأساس » 
ومضى الأمر على ذلك بقية أيام الرومان وأيام القوط أيضا . 

وقد تحددت أحواز المدن بالوثائق التى كان يصدرها الرومان » فقد كانوا أهل تنظيم 
وترتيب » وعناية بتسجيل كل شىء » وقد كانوا إذا فتحوا بلداً اجتهدوا فى ترتيب أرضه 
وأهله : فأما الأرض التى وجدوها أو أدخلوها فى حوزة مدينة فاحتفظ أهلها بالحقوق التى 
منحها الرومان للمدينة » واعتبرت هذه الأرض (13م8/4115161) من التاحية القانونية. وأما 


0020 4 .م اك .مه .101185 لاعن للفالدر 


27 المدينة أساس للتقسيم الإدارى الروماتى 


الأرض التى استصفوها أو وجدوها طلقة لا تتبع أحداً فقد أنشأوا فيها المستعمرات-0©) 
(10812 وجلبوا إليها المعمرين (001031) لتعميرها لقاء ضريبة يؤدونها على أساس ما 
يمتلكه كل معمر من أرض . أما المدن نفسها فقد اختلف وضعها بحسب علاقتها 
بالرومان » فهناك مدن دخلت فى طاعة الرومان صلحاً » وهناك مدن دخلت فى طاعتهم 
عنوة . وكانت للرومان أسس قانونية معقدة خاصة بهذه المدن » فمنها ما صالح 
الرومان بعقد صلح يجعلها حليفة لهم (1060658) » ومنها ما منحه الرومان وضع الخليف 
(460110) » ومنها ما كان يمنح حق إنشاء مجلس بلدى له حق التصويت ف المسائل الهامة » 
ومنها ما لم يكن له هذا الحق (510153810 5176) » ومنها ما كان يدفع للرومان جزية معينة 
(«تنافكمعم5]1) أو (0تننناط153) » ومنها ما كان مُعْفَى منها . وكان للوضع الخاص بكل 
مدينة أثر عظيم فى تاريخها خلال العصرين الرومانى والقوطى . سواء فيها يتصل بمركز 
البلد فى الإقليم الذى يقوم فيه أو بطريقة حكومته لنفسه واحوز التابع له أو بعلاقته بالدولة 
المركزية : الرومانية أولاً ثم القوطية بعد ذلك . 

والمهم لدينا أن هذا كله كان عظيم الأثر بالنسبة لوضع هذه البلاد ونواحيها فى الدولة 
الإسلامية . فنلاحظ مثلاً أن معظم نواحى إسبانيا لم تقاوم الفاتحين المسلمين , لأهم عقدوا 
مع أهلها محالفات محلية تشبه تلك التى كانت قائمة بينهم وبين الرومان» فلم يتغير عليهم 
شىء بدخول المسلمين » ومن ثم فلم يكن هناك ما يدعو إلى المقاومة » واستقر معظم هذه 
النواحى داخخل الدولة الإسلامية استقراراً سلمياً قائياً على تعاقد مكتوب » عقد حفظ لما 
حقوقها وحدد التزاماتها حيال الدولة الإسلامية . وقد احترم العرب هذه العهود . حتى فى 
أيام الفتن التى فصّلنا أمرها حرص العرب على ألا يمسوا المدن وأهلها » وتبعت المدن 
نواحيهاء فكان ذلك من أوكد أسباب الاستقرار والرخاء فى الأندلس الإسلامى فيما بعد . 

ومن المعروف أن أوضاع المدن قد تقارب بعضها من بعض خلال القرون الرومانية 
المتأخرة » وأن أوضاع الناس قد تقاربت كذلك » فلم يعد هناك إلا الأحرار والعبيد» فأما 
الأحرار فكان منهم أهل المدن الأصلاء (011765) وأهل النواحى التابعون لبلديتها-23081) 
(55ع6 والمعمرون (20010921)) والزرا اع (ع3اناء18) . وكانوا كذلك إما مذنيين تابعين 
لشيخة البلد (010538©) أو أهل قبائل جرمانية لم يستقروا بعد تابعين لمشيخة القبيلة » وكانت 
تكون من المشيختين هيئة تسمى (هاناط1 ناند00) أو (هلهكهدت 4تائم00) تقوم 


القوط والتقسيم الروماتى قد 





بحكم البلد والحوز التابع له » يتقاسم رجال المشيختين الوظائف فيها 7 . 
+ د 

:ه»- اتقوط 202 ولمْ يُدخل القوط تغييراً ذا بال على هذه الأوضاع . فقد حلوا فى البلاد حل 
وانتقسيم الرومانى ١‏ الرومان 2(" . وكانوا من الناحية القانونية معتبرين مجرد نازلين فى البلاد 
بمقتضى العرف الرومانى المسمى (1105721]2]1]25) وهو لفظ عسير الترجمة » قمن الناحية 
اللغوية معناه 8 الضيافة » » أما فى الواقع فأخذ معنى الاستيلاء على نسبة معينة من اللأرض 
والعقارء أى أن ال هوسبيتاليتاس كانت أول الأمر إذناً للقوطى فى أن ينزل وعائلته «ضيفاً » 
على مزارع رومانى مع إعطائه حق الملكية على ما يتنازل له عنه المزارع الروماتى وينزله فيه 
من بيت أو أرض. ثم أصبحت هذه الضيافة حقاً مقرراً للجرمانى» يستولى بمقتضاه على 
أراض وعقارات . وربما أقطعت الدولة لحلفائها من الجرمان ناحية بأكملها ينزلونها 
مزارعين مع أهلها ويكون لهم فى الواقع حى ملكيتها » ومهما كانت الصورة التى نزل بها 
القوط أرض الدولة » فإن الأمر انتهى بتملك القوط لا نزلوا به من النواحى على صورة تعير 
عنها إحدى المدونات بقوها فيا يتصل بإنزال الدولة الرومانية للقوط فى أقطانية : : إن 
أفقطانية سلمت للقرط 2201]28) 0120415 3213 أناوة »2 . 

وكانت القاعدة فى مثل هذه الحالة أن القوط كانوا يستولون على ثلثى الأرض » ويتركون 
للمزارع الرومانى أو اللاتينى أو الإيبيرى الرومانى الثلث فحسب .» أى أن كل قرية 
أو ناحية كانت تسلم ثلثى أرضها للنازلين بها من القوط » وكانت القسمة تحدد تحديداً دقيقاً 
فى حالة نزول الجرمانى الأرض واشتغاله بالزراعة بيده أو بواسطة عبيده » أما فى حالة عدم 
اشتغال الجرمان بالزراعة » فكانت القاعدة أن يفلح الناس الأرض ويسلموا ثلثى الغلة 
للقوط » وكانت حصص القوط تسمى الأنصية » واحدها نصيب (50:165 ,5015) » أما 
الباقى بيد أهل البلاد فكان يسمى بالأثلاث (165186) 7(" . ولم تكن القسمة لتقتصر على 
الأرض » بل كانت تشمل ما عليها من الدور والماشية والرقيق أيضاً. وخرجت من القسمة 
أراضى الغابات (07320286108©) وأراضى المراعى» فقد تركت مشاعاً . أما الأراضى التى 
)0 4 غك جه ,كقل2 708 لعن اللفاادا 
(9) -قنط قا تت وأعصعن !لم1 ند /ز دتنتوحكظ عل 1110712 ,81881114 17 8511305 رافظ 1003110 الم 


. ( 909 .م.1934 ,لتمقدقة له 23) | مجهه _لمدعنااسنا ديم 
2 !15 .م .111 أت .وه ركالفظ8 1210لا 8154011 ١‏ 101185 _لعاناللماد 


4 اضمحلال المدن خلال العصر القوطى 


كانت تملكها الدولة فقد وضع ملوك القوط أيدهم عليها » فى حين دخلت الضياع الكبيرة 
(50126ن)هآ) فى القسمة أيضاً » وانتقلت ملكيتها لكبار القوط () . 

وقد دخل القوط غالة وإسبانيا قبائل » يرتبط أفراد كل قبيلة منها برابطة تقابل العصبية 
العربية تسمى (51886) وتسمى فى المصطلح الرومانى (067]602)» لأن الغالب أن كل 
قبيلة كان عليها أن تقدم للجيش القوطى مئة من المقاتلين . وقد انحلت روابط العصبية 
القبلية القوطية بتقادم عهدهم فى البلاد » وخاصة فيما يتصل بالمزارعين منهم . 
-اضمحلال2 وقد أصاب المدن فى الدولة الرومانية كلها اضمحلال عام » حتى ليذهب 
الملدن خلال بعض الباحثين إلى أنها أخذت تتلاشى ابتداء من القرن الرابع الميلادى» 
وت 0 لغارات الجرمان واضطراب 7 0 تحول 
بعضها إلى قرى أو حصون » واختفى بعضها الآخر تماماً » وتحول غرب أوربا كله إلى عالم 
زراعى قروى » وانحطت فيه كل الظواهر المتصلة بالمان كالتجارة والصناعة المنظمتين » 
وتحول المجتمع الأوربى إلى مجتمع زراعى » وهى الصفة الغالبة التى يوصف بها المجتمع 
الأوربى فى العصور الوسطى المبكرة . 

ولما كان العرب قد دخلوا إسبانيا أوائل القرن الثامن الميلادى » أى فى الوقت الذى 
كانت المدن تتلاشى فيه فى بقية غرب أوربا » فقد وجدوا فيها كثيراً من المدن باقية فى حالة 
اضمحلال شديد . وذكرُها قليل فى النصوص على أى حال » وتذكرها النصوص أيام 
القوط بالتسميات الثلاث التى كان الرومان يستعملونا : - 019118]65) ,001971]985) 
(15ط:0] ,5قطئن] - 102مم0 ,هتندل مم0 دون تفريق بين أنواعها أو أهميتها ؛ والثابت أنهم 
كانوا يطلقون هذه التسمية على كل موضع مأهول مسور ء وكان ها نظام خاص لحكومتها 
هو نظام المشيخة ( الكوريا ) الذى أشرنا إليه .وتذكر النصوص أيضا قرى كبيرة غير مسورة 
وتسميها (171005) » وتذكر القلاع (028111105)) , ولم تكن جرد قلاع بل كان يعيش الناس 
فيها وحوها , وتذكر الباجى (881) - مفردها باجوس - ويراد بها الدوار الريفى » أما 
المدينة المحصنة القائمة على مرتفع من الأرض فتسمى (025]510171) ) » وتذكر المراجع البرج 
( 8111805 )وهى معسكرات القوط التى تحولت إلى مدن أو قرى كبيرة » والفيلا (971113) 
وهى الدوار يقيمه المالك الكبير وسط أرضه » ثم يتحول إلى قرية وربما مدينة وربها سورت 
00000 .م .1 نأك .مه ,718105كط 1 آاه8 410ل102للم 


الكتبة تحتفظ بالتقسيم الرومانى داوف 





وحصنت . وهذه المواضع كلها سيسميها العرب مدناً دون تمييز أول الأمرء ثم يميزون 
بعضها عن بعض بمرور الزمن . 
- الكنيسة وإذا كانت أحوال الدولة الرومانية فى عصورها المتأخرة قد أدت إلى 
تحتفظ بالتقسيم | اضمحلال المدن واختفائها شيئاً فشيئاً » فإن الكنيسة احتفظت بلهيكل 
الرومتى العام للتنظيم الرومانى القديم » فجعلت المديريات على تقسيم دقلديانوس 
وقسطنطين مديريات كنسية (806165135]1686 15017120186) يمتد سلطان مطران كل 
منها على جميع النواحى التى كانت داخلة فيها فى التقسيم الرومانى » وجعلت المدن الكبيرة 
الواقعة فى الولاية ديقونيات (106651) يتول كلا منها أسمف (ودام1560م12) » وجعلت 
الأقاليم التابعة لكل مدينة من هذه أبرشيات (238701126) يتولى كلاً منها برشبطر 
(لطع]أطوع©) يعينه الأسقف ويناوله كتاب الصلوات (0146112115 +156.آ) وهو شارة 
التعيين . وقد أحكمت الكنيسة هذا التنظيم واحتفظت به قائاً» وإن تعارض مع الواقعء 200 
فقد تضاءلت مدن كانت كبيرة فى العصر الرومانى ولم تصبح غير قرى » ومع ذلك ظل 
لأهلها الح فى أن يكون لحم أسقف . وتلاشت مدن أبرشية تماما » ومع ذلك كان لها 
برشبطر يمثلها ويتحدث باسمها . وأصبح هذا التقسيم النظرى هو التقسيم الإدارى فى نظر 
الناس . ولم يحدث هذا فى إسبانيا وحدها بل فى كافة بلاد الامبراطورية الغربية ؛ التى دخلت 
شيئاً فشيئاً تحت سلطان كنيسة روما. وظل هذا الوضع قائاً حتى أقبل العرب وقضوا على 
القوط واتصلوا بالناس رأساً ليستعينوا بهم على تنظيم البلاد » وأخذوا عنهم هذا النظام 
وأعطوه صفة إدارية مع تعديلات اقتضتها ظروف الدولة العربية الإسلامية . 

وهذه الظروف تتلخص ف أن مركز الثقل فى الأندلس الإسلامى كان فى الجنوب » فى 
حوض الوادى الكبير وجنوبه بصورة خاصة وما يوازى حوض هذا النهر فى شرق الأندلس 
وغربه , فتوّاحم الناس هناك وتزايد العمران وأزهرت المان القائمة » ونمت قرى وتمدنت 
وأصبحت مدناً ئما اقتضى إنشاء كور جديدة صغيرة حول المدن التى كبرت وعظم شأنها . 
فبينم! كان مركز الثقل أيام الرومان فى الشمال الشرقى حول طركونة ونريونة (ولم تنشأ 
ولايات باطقة وجليقية ولشدانية وما إليها إلا فيها بعد) » وبين) كان مركز الثقل أيام القوط 
هو الوسط حول طليطلة » نجد أن اهتمام العرب انصرف معظمه إلى الجنوب. 


)200 .0 مم 1 ناك .مه ,كط كط اناف8ظ 1101110لم 


2 الاتجاه العربى فى التقسيم الإدارى - الأجناد 





6 الاتجاة وكان الاتجاه الإدارى فى الأندلس الإسلامى يميل نحو الأقسام الإدارية 
العربى ف التقسيم ١‏ الصغيرة تيسيراً لضبط الأمن وربط المال » بل يبدو أن ذلك هو الاتجاه فى 

الإدارى الإدارة الإسلامية عامة » فحوض الدجلة والفرات مثلاً كان يضم ما 
لايقل عن خمس عشرة كورة » ولا يشذ عن ذلك إلا الشام » فقد قسم إلى مناطق عسكرية 
كبيرة تسمى « الأجناد » كبا قلنا . 

ثم إن النظم الإدارية الإسلامية كانت لا تميل إلى تجزئة الوحدات الإدارية إلى أجزاء 
والأجزاء إلى أجزاء صغيرة كما رأينا فى النظام الرومانى والنظام الكنسى الذى قام على 
أساسه . فاكتفى المسلمون بالكور» كل كورة تتبعها مدن وكل مدينة تتبعها أقاليمها 
أو زماماتهاء وقد أدى ذلك إلى تبسيط السلم الإدارى »ء فالإدارة المركزية يتبعها عمال الكورء 
وعمال الكور يتبعهم عمال المدن وهم المسثولون عن زمامات المدن أو أقاليمها » وجرت 
العادة أن يعين عامل المدينة عاملاً خاصاً بالمدينة نفسها يسمى صاحب المدينة. ومن هنا فقد 
كان عدد الموظفين فى الإدارة الإسلامية لا يبلغ حمس عددهم فى الإدارة الرومانية » وخاصة 
منذ أيام دقلديانوس الذى زحم الإدارات بالموظفين وجعلهم طبقات بعضها فوق بعض » 
فثقل عبؤهم على الخزانة من ناحية واتسع المجال لأكل أموال الدولة من ناحية أخرى . 
وقد عرف الأندلس الإسلامى نظام الأجناد أو الكور المجندة .وقد أخذ 
العرب هذا النظام عن البيزنطيين ء والمراد بها ولايات عسكرية ينزلما «جند» 
والجند حمس فرق من المحاربين » وهى تقابل (16108) فى التنظيم البيزنطى ٠‏ ويسميها 
العرب البند والجمع بنود » وهى تقابل النغور ويحكمها قائد عسكرى . وكان الجند أول 
الأمر تنزله قبيلة واحدة أو عدة قبائل متحالفة » ويكون ا خراج الناحية فى مقابل تقديمها 
لجند كامل أى خمس فرق من المحاربين . ولم يعرف نظام الأجناد إلا فى الشام » إذ قسمها 
المسلمون إلى أجناد خمسة هى : فلسطين والأردن ودمشق وحمص وقنسرين ( وتبعتها أول 
الأمر بلاد الجزيرة ) . وقد كان نظام الأجناد من أوكد أسباب قوة الدولة الأموية » إذ ضمن 
لها المحاربين 2١(‏ . ومن الشام انتقل نظام الأجناد إلى الأندلس على أيام أبى الخطار الحسام 
ابن ضرار سنة ١705‏ / “1/47 مع اختلاف واحد ء هو أن الجند فى الشام كان يضم كوراً كثيرة 
أما فى الأندلس فكان .يقابل كورة واحدة . ومن هنا يغلب على اللن أن أجناد الآندلس كان 


- الأجناد 


الأجناد ا 





عليها أن تقدم أعدادآً من الجند أقل من حمس فرق . وقد ظلت هذه الأجناد عصباً من 
أعصاب القوة العسكرية الأندلسية إلى منتتصف حكومة عبد الرحمن الناصر على الأقل . 
ولدينا من عهد الأمير محمد بيان بأعداد من كانت بعض النواحى تقدمه من الفرسان إلى 
جيش الدولة . وإذا نظرنا إلى هذا البيان تبيّنا أهمية نظام الأجناد بالنسبة للقوة العسكرية 





للإمارة الأموية الأندلسية : 
كورة البيرة 574٠٠‏ فارس جيان "9٠‏ فارس 
كورة قبرة 1٠١‏ « باغة ل 00 
كورة تاكرنا 796 , الجزيرة 84 ١‏ 
كورة استجة 01٠٠١‏ قرهونة 0 1١48‏ « 
كورة شذونة 501/94٠١‏ ا ريه 057 ١‏ 
كورة فحص 

٠ع ١٠‏ , 
البلوط مورور 
كورة تدمير «١ ١65‏ ربيئنة ك6 «١‏ 


قلعة ريا 
رباح 


وهذا البيان ناقص . والكور المخطوط تحتها هى من الكور المجندة » ويلاحظ بوضوح 
أن أربعاً من الكور المجندة كانت تقدم من الفرسان أضعاف ما تقدمه عشر كور غير مجندة . 
وذلك يعطينا فكرة عن الأعمية العسكرية لنظام الأجناد . ولم يبين لنا أحد من المؤرخين 
النظام المالى الخاص بالأجناد فى الشام والأندلس ٠‏ ولكننا نستنتج ذلك من البيان المقارن 
الذى أوردناه » إذ لا يفسر أن كورة شذونة تقدم أضعاف ما تقدمه كورة أكبر منها وهمى 
تدمير إلا بأن هذه الكور كانت تقدم فرساناً بدلاً من الضرائب ٠‏ ويؤيد ذلك قول المؤرخين 
أن الشاميين الذين نزلوا هذه الكور ‏ كان إنزالحم على أموال العجم من خير ونعم :(29. أى 


.1١4- 1١١هرص ج17‎ )١48١ لايدن‎ ١ ابن حيان» برواية اين عذارى : الييان المغرب؛ طبعة بروفتسال وكولان‎ )١( 
» ابن عفارى : البيان المغرب ( نفس الطبعة ) ص7 . وقد تقل لنا ابن الخطيب كلام ابن حيان فى هذه المناسبة‎ )1( 
فقال إن الذى أشار على أبى الخطار بذلك كان أرطباس ». أشار عليه ه بتفريق القبائل الشاصين الغالبين على البلد‎ 
من دار الإمارة قرطبة » إذ كانت لا تحملهم » وإنزالهم بالكور . عل مثل منازهم التى كانت فى كور شامهم؛ ففعل‎ 
ذلك عن اختيار منهم » فأنزل جند دمشق كورة إلبيرة » وجند الأردن كورة جيان » وجند مصر كورة باجه؛ وبعضهم‎ 
بكورة تدميرء فهنه منازل العرب الشآميين ء وجعل لحم ثلث أموال أهل الذمة من العجم طعمةء وبقي العرب‎ 
-  .٠١4ص والبلديون والبرايرة شركاؤهم ...2 - الإحاطة . طبعة محمد عبد الله عنان ( القاهرة 1465) ج71‎ 


لياق المقدسى والتنظيم الإدارى للأندلس 





فى مقابل تملكهم لجزء معين من أملاك العجم ونعمهم » ويؤيده أيضاً أن عرب الكور 
المجندة بالذات هم الذين قاموا بالثورة الكبيرة التى شغلت عصرى محمد وعبد الله وجزءا 
من عصر الناصر . وأسبابها ترجع إلى تمسك العرب النازلين هذه النواحى با كان لحم من 
حق التملك والاستقلال بنواحيهم ثم ميلهم إلى عسف من كان يسكنها من أهل البلاد » 
ونفور هؤلاء لمحاربتهم » ورفض أولئك العرب لطاعة الإمارة القرطبية » اعتزازا منهم بها 
كانوا فيه من استقلال بنواحيهم وما اجتمع لهم من الثروة نتيجة لذلك الاستقلال . 

ومن طريف ما يلاحظ أن ثورات العرب ووثباتهم بالدولة فى الأندلس وغيره كانت تقع 
فى كثير من الأحيان نتيجة للرخاء والثروة وشعور العرب بقوتهم » ونزوعهم إلى التخلص 
من السلطان . وهذا سبب من أسباب الثورات فات بيكون أن يذكره ضمن ما ذكر من 
أسباب الثورات . 

ولسنا نجد فيما بين أيدينا من نصوص التاريخ إشارة واحدة إلى قيام واحد من الولاة 
أو الأمراء أو الخلفاء بتكوير الأندلس » أو تقسيمه إلى أقسام إدارية » حتى أحمد بن محمد 
الرازى صاحب أول وأو تاريخ للأندلس لم يشر إلى ذلك . ونحن نجد الأندلس فى كلامه 
مقسراً تقسياً إدارياً ثابتاً منذ زمن طويل » فهو يذكر ما يذكر من الكور على اعتبار أنها أشياء 
معروفة . أما فى جغرافيته فهو يعطينا بياناً كاملاً لا يضم إشارة واحدة إلى تغيير أو تعديل . 
والاستنتاج البسيط من ذلك هو أن أحدا من المسلمين لم يضع هذا النظام وإنما وجدوا 
تقسيراً قائي] فأحذوه . 


يتحدث من الجغرافيين المشر قيين عم تقسيم الا: إ إ 
- الققدسى وم يتحدث من الجغرافيين مشرقيين عن تقسيم الاندلس إلى كور إلا 
والتنظيم الإدارى المقدسى ف (أحسن التقاسيم ؛ » أما الإإصطخرى وابن حوقل فكلامههم| 

للاندلس عام غير دقيق ولا يمكن التعويل عليه فى هذا المطلب . فإذا نظرنا فى كلام 
المقدسى بشىء من التدقيق وجدناه حافلاً بالمشاكل » وخاصة إذا قارناه بكلام الرازى ١‏ 
- ويلاحظ أن هذه هى أول مرة تنزل الدولة الإسلامية فيها عرباً على أموال العجم من رعاياها وتعطيهم الحق فى 
تملك ثلث أملاك هؤلاء الأخيرين . وف النسختين المخطوطتين اللتين نشر عنهما الأستاذ عنان « ثلثا أموال أهل الذمةاء 
وقد استبعد الناشر هذه الصورة وأثبت 7 ثلث » من عنده » ونظن أن الثلئين أصح لأخها تقابل أنصبة القوط من الأرض 


(50165 - 5015) على ما ذكرناه » ثم إن صاحب الرأى فى إنزال هؤلاء الشاميين على أموال العجم قوطى هو أرطباس. 
وسنعود للكلام على هذه الناحية عند الحديث عن الناحية المالية . 


المقدسى والتنظيم الإدارى للأندلس لوف 


بأقاليم المشرق » وخاصة خراسان وهيطل . وهو يحاول أن يطبق على الأندلس ما وجد من 
القواعد هناك » فشاب كلامه لبس شديد . ولكننا لا نستطيع إلا أن نضعه موضع الاعتبار» 
نظرا لقلة ما لدينا من المعلومات عن هذا الموضوع . 

يجعل المقدسى قرطبة كورة كبيرة » ويسمى أقاليمها الرساتيق ٠‏ ويقول فى رواية 
المعلومات التى أخذها عن ١‏ بعض الأندلسيين » : « قلت : هل بقى لقرطبة غير هذه 
الرساتيق والمدن ؟ قال : لاء قلت : فإشبيلية وبجانة » وذكرت عدة من البلدان » قال: هذه 
نواح لها أقاليم » ى) تقول : القيروان وتاهرت وسجلاسة » وهم يسمون الرستاق إقليماً » 
فعلمت أنها كور على قياسنا » وأنها إن لم تكن أجل من كور هيطل » فليست يأقل منها . 
فيحصل القول وأثبت الدلائل على أن مثل المغرب كمثل المشرق» كل واحد منههما جانبان » 
فكما أن المشرق خراسان وهيطل يفصل بينهما جيحون » فكذلك المغرب والأندلس يفصل 
بينهه| بحر الروم . غير أن نعجز عن تكوير الأندلسء فتركناها على الجملة » ووصفنا كورة 
قرطبة لما كثر المخبرون عنها واتضح عندنا أمرها . وعرضت كتابى على شيخ من مشايخهم » 
فقال : على هذا القياس يجب أن تكون الأندلس ثانى عشرة كورة » فَعَدَّ : بجانة - مالقة - 
بلنسية - تدمير - سرقوسة ( كذا وصحتها سرقسطة ) - يابسة ( كذا . ورب| كانت صحتها 
بياسة ) - وادى الحجارة - تطيلة - وشقة - مدينة سالم - طليطلة - إشبيلية - بطليوث - 
باجه- قرظة: - الدريرة الشفراءء وسألت آخر »قال : صدق :وان ليرة- خشية: 
ويجوز أن يكون بعض هذه البلدان نواحى قياساً على ايلاق وكش والصّغانيّان » والله أعلم 
بالغيرات 10 

ولو عددنا الكور التى يذكرها لوجدناها ١7‏ لا 18 ء فإذا أضفنا إليها الاثنتين اللتين 
يذكرهما بعد ذلك كان الحاصل ١4‏ كورة ء ثم إنه يذكر كوراً مثل سرقوسة ويابسة » ليست 
من كور الأندلس . ونظن أنه ينبغى تصحيح الأولى إلى سرقسطة والثانية إلى بياسة . 
ومعلوماته كلها فى هذا الصدد غير دقيقة » وعذره واضح . ولكن له عبارة تستوقف النظر 
لعظيم دلالتها . وذلك حيث يقول : « وأما الأندلس » فنظيرها هيطل من جانب المشرق » 
غير أننا لا نقف على نواحيها فنكورها . ولم ندخلها فنقسمها . ويقال إنها ألف ميل »292 . 


71580 - 714 شمس الدين المقدسى : أحسن التقاسيم فى معرفة الأقاليم . ( طبعة دى خويه ) لايدن 1949 ص‎ )١( 
. نفس المصدر ء ص؟7؟7‎ )1( 


ل نصوص جديدة -ترجمة كاملة لحغرافية الرازى 
وموضع الغرابة فى هذه العبارة أن الإصطخرى كتبها بينا كان كتاب الرازى فى جغرافية 
الأندلس ذائعاً بين الناس منذ أمد طويل . ومن عجب أن مثل الإصطخرى - على تدقيقه 
وسعة اطلاعه - لا يستأنس بمثل هذا المرجع . وهذا القول يصدق كذلك على ابن حوقل » 
وإذا كنا نستنتج من ذلك شيئاً » فهو أن كتاب الرازى لم يكن متداولاً بالصورة التى 
نتصورها إلى نباية القرن الرابع الهجرى ء أما بعد ذلك فقد كان المرجع الأول لمن كتب فى 
صفة الأندلس . 

ويذهب المقدسى إلى أن الكورة فى الأندلس تعادل الرستاق والإقليم فى المشرق » 
وعبارته هنا مضطربة لا نستطيع الاعتماد عليهاء فهو يقول : « وهم يسمون الرستاق إقليا] » 
فعلمت أنها كور على قياسنا » » ثم إنه يقول : « قلت : وهل بقى لقرطبة غير هذه الرساتيق 
والمدن ؟ قال : لا » ء ونخلص من ذلك بأن المقدسى يرى أن الأندلس تنقسم إلى كور » 
والكور تنقسم إلى رساتيق ء أى أقاليم » وهذا ينطبق على تعريف ياقوت الحموى للكورة 
وللرستاق 277 

والغالب على الجغراقيين المسلمين فيا يتصل بالأندلس أن يكتفوا يذكر المان كتاية عن 
الكور التى هى قواعدها ء فيقولون مثلاً : جيان وماردة ويريدون كورتى جيان وماردة . 
وقد وقعوا بسبب ذلك فى أخطاء واضحة » لأن الكورة فى الأندلس كانت تضم أكثر من 
مدينة كبيرة » وليست كل مدينة كورة » وإنما جاء الخطأ من أن المان فى الأندلس كانت فا 
أحواز تابعة لا » وهى التى سميت أتاليم » فنظر الجغرافيون فوجدوا مدنا لا أقاليم » 
فحسبوا أن كل مدينة كورة . 
مد؟-نصوص وبين أيدينا الآن ثلاثة نتصوص جديدة غاية فى الأهمية بالنسبة لموضوعنا 

جديدة الأول : أصل كامل للترجمة البرتغالية لجغرافية إسبانيا للرازى » والثانى : 
ختصر لجغرافية الرازى وضعه ابن غالب وضمّنه كتابه 9 فرحة الأنفس 4 ء والثالث : قطعة 
صالحة من جغرافية أحمد بن عمر ين أنس العذرى للأندلس . 
3- ترجمة فأما الترجمة البرتغالية لنص جغرافية أحمد ين محمد الرازى فهى أكمل ما 
كاملة لجقرافية ‏ لدينا من النصوص المترجمة لهذه الجغرافية التى ضاع أصلها العربى » وقد 
الراذك ١‏ عثر عليها الأستاذ البرتغالى لويس لنديل سنترا ضمن نسخة كاملة من ترجمة 


)١(‏ ياقوت : معجم البلدان ؛ ( طبعة الخاتجى ) » جا »ص55 -ثن؟, 


تعليق منتقى من ؛ فرحة الأنفس ؛ لابن غالب 441 





برتغالية كاملة لتاريخ إسبانيا العام الذى صنفه املك العالم ألفوتسو العاشرء وترجم القطعة 
الحغرافية إلى الفرنسية الأستاذ ليقى بروفنسال ونشرها فى مجحلة الأندلس » وقدم ها بمقدمة 
قال فيها إن هذه النسخة أكمل من كل ما لدينا من ترجمات جغرافية الرازى» وذكر كيف أن 
هذه الجغرافية - فى صورتها العربية - هى الأصل الذى نقله عدد عظيم من الجغرافيين 
وأولهم فى المغرب أبو عبيد البكرى وابن عبد المنعم الحميرى ء وف المشرق القزوينى . وقال 
إن هذا اننصس يدل على أن لان عن الرازى قد أفسدوا هيكل جغرافيته ب) أدخلوه من 
الأصل وتناسقه (23 . 
تعليق وأما قطعة محمد بن أيوب بن غالب فقد نشرها الدكتور لطفى عبد البديع 
منتقى من «قرحة فى بحلة معهد المخطوطات العربية » وهى ليست نص ابن غالب بل «تعليقاً 
لأنفس »لابن منتقى » منه ىا يدل على ذلك العنوان ‏ ولكتنا ما تكاد نطالعه حتى نتبين أن 
ا ابن غالب قد نقل جغرافية الرازى نقلاً حرفياً فى معظم المواضع » وأفسد 
هذا النقل هنا وهناك باختصارات أخلت بالسياق وإضافات من عنده . غير أننا نستطيع 
بمقابلة النص المترجم لحغرافية الرازى بهذا النص أن نستخرج جغراقية الرازى كاملة مع 
الاستعانة بالفقرات التى نقلها عنه البكرى وابن سعيد والمقرى وابن ن الخنطيب وغيرهم . 
وقد كونًا نحن هذا النص الكامل للاستعانة به فى هذا الفصل عن تقسيم الأندلس الإدارى 
وسترى أ الفصل اال © الرازى اعتداف تيت اجترائتة عل صا اين صلعها 


] آمل كنالهلهة - له .تمدع - 21 لمصسطة ل عمعدووظ"! عل وملام تعوعل 12 ,لشبجللع /ا0جهم - الاق‎ )1١( 
.مم 1 عكد؟ ,1953 اتلك‎ 51 
. وهى ترجمة فرنسية للنص الذى نشره لويس لندلى ستترا‎ 
لاتااماللنا .8 كالانا عمم دعاعهكهمم ملعا عل وعانأتن مؤعللء ,344 ]ا عل وطمممكع عل إهرعء0 وعنتهن0)‎ 
00184 )1, ماكز عل مدعناعنانن2 وتسمعلوعه) 1952 ومطدكنا‎ 
. ونص جغرافية الرازي يقع في صفحات 9" - 5/ من هذه الطبعة‎ 

(1) الدكتور لطفى عبد البديع : نص أندلسى جديد : قطعة من كتاب ١‏ فرحة الأنفس »؛ لابن غالب عن كور الأندليس 
ومدنها بعد الأربعاثة . وعنوان القطعة : تعليق منتقى من [ فرحة ] الأنفس في تاريخ الأندلس , للحافظ محمد بن 
أيوب بن غالب الأندلسي » مجلة معهد المخطوطات العربية مجلد ١‏ . جزء ؟ ( القاهرة نوقمير )١46©‏ , ص77؟ 
ومايليها. 


7 مه بز بكدزاقة الملارخ 
- قطعة 2 والقطعة الثالئة نص فريد فى بابه لأحمد بن أنس العذرى فى جغرافية الأندلس ١‏ 
من جغرائية عثر عليه الدكتور عبد العزيز الأهوانى وتفضل فأذن لنا فى الاستفادة منه. 
ومن أسف أن النص ناقص » فهو لا يتناول إلا بضع نواح من الأندلس» 

ولكنه تناوها تناولاً شاملاً عظيم القيمة بالنسبة لموضوعنا 27 . 

وإذا نحن درسنا المعلومات التى تتضمنها هذه الأصول الثلاثة على ضوء البيانات القيمة 
التى يقدمها لنا ياقوت فى مقدمة ٠‏ معجم البلدان » وفى تضاعيف مواده الخاصة بالأندلس 
خرجنا بنتائج إيجابية تمكننا من تصور التقسيم الإدارى للأندلس الإسلامى تصورا لا يبعد 
عن الحقيقة كثيراً . وأول ما يستوقف نظرنا أن الأندلس كان له من أول الأمر نظام خاص 
يختلف كثيرا عن النظم التى جرى عليها العمل فى الدولة الإسلامية . وإذا كان المسلمون قد 
جروا فى التقسيم على أساس الكورة والرستاق فى بلاد الجزيرة وما يليها شرقاً » ونظام 
الكورة فقط فيها يتصل بمصر » ونظام الأجناد فيما يتصل بالشام » فإن الأندلس لم يعرف 
هذه التقسيمات المشرقية إلا فى صورة معدلة تتفق مع ظروفه الخاصة » بل هو لم يعرف نظام 
الرساتيق أصلاً » وكان تطبيق نظام الأجناد فيه تطبيقا محدودا من حيث المساحة التى طبق 
عليها ومن حيث طبيعته ذاتها ىا رأينا . 

ونبدأ فنلاحظ أن الترجمات التى لدينا لجغرافية الرازى تقسمها إلى أقسام تسميها -215) 
(2105 أو (0151615) وهى لفظة يجعلها ليفى بروفنسال معادلة للفظ كورة . فإذا قارنا 
ذلك بنص ابن غالب » لاحظنا أن هذا الأخير يذكر نوعين من الأقسام الإدارية : الكورة 
والمدينة » ولكى نستطيع تبين المراد بهذين المصطلحين والفرق بينهما نذكر ما يورده من 
الكور والمان : 

الكور : قبرة - البيرة - جيان - تدمير - بلنسية - ماردة - باجه - لبلة - قرمونة - 
لان ور ولسوا ل برو الوق البح واد مي 
)١(‏ عثرت على ترجمة العذرى واسم كتابه عند ياقوت » فقد قال فى مادة المرية  :‏ وينسب إليها أبو العباس أحمد بن عمر 

ابن أنس العذرى » ويعرف بالدلائى المرى . رحل إلى مكة » وسمع من أبى العباس أحمد بن الحسين الرازى وطبقته » 

وبمصر جماعة أخرى . وهو مكثر » سمع منه الحميرى وابن عبد البر وأبو محمد بن حزم , وكانا شيخيه » سمع منهماء 
وكان قديياً كلما رجع من المشرق سمعا منه . وله تاليف حسان » منها 0 كتاب أعلام النبوة » وكتابه المسمى « نظام 


المرجان فى المسالك والمالك ؛ . ومولده فى ذى القعدة سنة ”747 وتوى سنة 51/5 وقيل 8/ ببلنسية 4 . 


التتسيم إلى مدن وكور 7 





الملان : طرطوشة - طركونة - لاردة - بريطانية - أشقة - تطيلة - سرقسطة - مدينة 
سالم - شتتبرية - طليطلة - قلعة رباح - أوريط - فريش - شنترين - أشبونة - أكشونبة - 
قرطمة - حصن ببشتر . 

وهذا بخلاف قرطبة » وكان لها وضع خاص سنتحدث عنه . 

ونلاحظ أن صاحب ؛ التعليق المنتقى » من 9 فرحة الأنفس » قد وقع فى أخطاء فى عملية 
التلخيص . فقد ذكر مثلاً 9 لبلة » تحت اسم حصون لبلة . والحقيقة ىا يتبين من ١‏ ياقوت » 
أن لبلة كورة » وكذلك جعل « قرطمة » مدينة قائمة بذاتها مع أنها عند الرازى وياقوت 
مدينة من مدن كورة رية . ويلاحظ أيضاً أن الانتقاء » من « فرحة الأنفس » عمد إلى 
اختصار محل فى بعض الأحيان » فقد روى ياقوت عن ابن غالب نفسه قطعاً كبيرة هامة 
ساقطة من التعليق الذى بين أيدينا . وسنشير فى بعض تعليقاتنا إلى أخطاء أخرى وقع فيها 
صاحب التعليق . 

أما النص المترجم لجغرافية الرازى » فواضح أن المترجمين أدخلوا يدهم فيه» فأضافوا 
أشياء جديدة لا يمكن أن تكون عند الرازى » وفى يعض الأحيان تكون الإضافة خفية يعسر 
تبّها » وفى أحيان أخرى تكون واضحة يلحظها القارىء وهو يتصفح . ومن ذلك إضافة 
كورة باسم اشتانيا (8«1]3018) بين قلمرية ولشبونة . وجعله بطليوس كورة . وكذلك 
باروشة ورقوبل (0©1ا826) وسرتة (20118) . وواضح أن الذين قاموا بالترجمة 
لألفونسو العاشر حاولوا تعديل تقسيم إسبانيا على الصورة التى كانت عليها أيام هذا 
الملك. ومن هنا فإن ذلك النص قد يفيد الذين يدرسون نظم إسبانيا النصرانية فى القرن 
الثانى عشر الميلادى فائدة لا يجدوما فى أصل آخر . وستظهر هذه الإضافات كلها فى 
جغرافية الإدريسى ء مما يدل على أن هذه الترحمة المحرفة كانت بين يديه وهو يؤلف كتابه . 


# # # 


5 - التقسيم وبعد ذلك نسأل: ما السر ف التقسيم إلى مدن وكور؟ إذا نظرنا إلى «المدن» 
إلى مدن وكود- وجدناها تشبه الكور إلى حد بعيد » فلكل مدينة منها حوز واسع فيه أقاليم 
ومدن أخرى وقرى » فمدينة طرطوشة « لها حصون كثيرة وأقاليم ويه 4010 مده 


. ابن غالب : فرحة الأنفس . ص58‎ )١( 


14 التقسيم إلى مدن وكور 





لاردة ١‏ لها حصون كثيرة » (1) » ومدينة بريطاتية لها أحواز ومدن» ١‏ فمن مدنها ببشتر وهى 
من أمهات مدن الشغر 4 » ١‏ ولا حصون كثيرة » (3) » وكذلك مدينة وشقة » ومدينة تطيلة لها 
مدائن كبيرة مثل طرسونة وأرنيط وفارة وناجره 0 » ومدينة فرٌّيش ١‏ ها من الأقاليم إقليم 
لواته وإقليم المرج وإقليم السند وإقليم قسطانية وإقليم مواللى موسى » 247. وهكذا . بل إن 
« ياقوت » يتحدث عن لاردة كى! لو كانت كورة » فيقول : « ينسب إلى كورتها عدة مدن 
وحصون »ء تذكر فى مواضعها » 297 » ويقول إن فريش ١‏ ها رستاق يككون فيه قرى © 20 , 
وهو يتحدث عن شلون ويقول : ١‏ ناحية بالأندلس من نواحى سرقسطة نهرها يسقى 
أربعين ميلاً طولاً ؛ 9 » والناحية هنا هى الإقليم » لأنه يقول إن أهل الأندلس ١‏ يسمون 
الناحية إقليياً » » أى أن ناحية واحدة من نواحى مدينة سرقسطة تبلغ 1٠‏ ميلاً طولاً » وهو 
يذكر أوقانية (0688) ويقول: « جبل من أعمال طليطلة بالأندلس من ناحية القاسم فيه 
قرى وحصون »0غ ويذكر أشقة ويقول : ١‏ مديتة بالأندلس متصلة الأعمال بأعيال 
بريطانية 200 وعندما يتحدث عن طرطوشة يقول : ١‏ مدينة بالأندلس تتصل بكورة 
بلنسية » ولما ولاية واسعة وبلاد كثيرة تعد فى جملتها 2١١0»‏ . ويقول عن مدينة قلعة أيوب : 
« مدينة عظيمة جليلة القدر بالأندلس بالثغر.. من أعمال سرقسطة . وها عدة حصون!١21,‏ 
ويقول عن قَلَهُرّة : ٠‏ مدينة من أعمال تطيلة فى شرق الأندلس »» أى أن مدينة تطيلة تتبعها 
مدينة أخرى هى قلهرة 2١57‏ . ويقول عن بقيرة (7/1811658) : « مديئة فى شرق الأندلس 
معدودة من أعمال تطيلة » بينهها أحد عشر فرسخاً » (05) , 

. نفس المصدر والصفحة‎ )١( 

(7) نفس المصدر والصفحة . 

(5) نفس المصدر ء ص 77807 . 

( )نفس المصدر. ص ١864‏ - 58 

(0)ياقوت : معجم البلدان, جلاء ص؟*١”‏ . 

(5)ياقوت» جت. ص17/14” . 

(9) ياقوت » جه ٠‏ ص 540 . 

(4) ياقوت » ج35 , ص17/56” . 

(9) ياقوت ٠‏ جا ص5568 . 

(١٠)ياقرت.‏ جات ص25 . 

()ياقوب جلاء ص18١14-1١1.‏ 


(؟١١)ياقوت‏ جلا ص1818 . 
(١)ياقوت‏ , ج7 صن 27 ؟ . 


التقسيم إلى مدن وكور 26 





ويفهم من ذلك كله أن هناك أقساماً إدارية تسمى مدناً أو تنسب إلى مدن ؛ أقسام واسعة 
لما أحواز فسيحة فيها مدن كبيرة وقرى وحصون . وهذا شىء لا شبه له فى المشرق . فإن 
المدينة هناك مدينة ولا زيادة » لها خطتها وأرباضها » وهى بدورها تتبع الكورة التى تقع 
فيها. أى أن نظام المدن كأقسام إدارية لم يُعرف إلا فى الأندلس . 

فإذا نظرنا إلى هذا النوع من المدن وجدناه كله فى النغور الشمالية والغربية . كلها تقع فى 
حوض نهر ابره » وما بين ابره وتاجه » وفى حوض تاجه ء ثم ما بين المجرى الأدنى للوادى 
آنه وساحل المحيط » فيما عدا فريش ء وستتحدث عنها فيا بعد » أى أنها كانت النواحى 
النغرية » السياج الذى يحمى الأندلس الإسلامى . وهذا السياج يبدأ عند طرطوشة فى 
الشرق ثم طركونة فلاردة - بريطانية » وشقة » تطيلة - سرقسطة - مدينة سالم - شتتيرية - 
طليطلة وقلعة رباح - شتترين - أشبونة - أكشونبة . 

وهناك ثلاث من هذه المدن تستوقف انتباهنا بصورة خاصة » هى قرطبة وطليطلة 
وسرقسطة . فأما قرطبة فلا تذكر النصوص أنها كورة » بل مديئة تتبعها أقاليم ومدن أخرى» 
بل إن ابن عبد المنعم الحميرى يقول عن قرطبة : ٠‏ وهى فى ذاتها مدن خمس يتلو بعضها 
بعضاً » وبين المدينة والمدينة سور حاجز » وفى كل مدينة ما يكفيها من الأسواق والفنادق 
والحيامات وسائر الصناعات 274 . وليس فى تخطيط قرطبة ىا نعرفه ما يؤيد أنها كانت 
تحيط بها خمسة أسوار » وإنما الذى يُقهم من ذلك أنها كانت مدينة ذات حوز واسع فيه مس 
مدن تتبعها » ويفسر ذلك قول المقدسى فى ٠‏ أحسن التقاسيم ' : #وسألت بعض العقلاء 
منهم على الرساتيق المحيطة بقرطبة والمنسوبة إليها والمدن فقال: إِنَّا نسمى الرستاق إقليياً» 
تالأقالت الخيطة بترطة 7 ثة عشر مع مدنها » فذكر أرجونة » قسطلة » شوذر ء مارتش » 
قنبانش » فج ابن لقيط الخ 0002 أى أن المراد بمدن قرطية أقاليمها » وسنعود إلى هذه 
الجارة يعد قلا" بل بردو أذا ان بعيق للتعه المشيزى اغخلظ ليه أمو|بوات قرطل 
فحسبها أسواراً » فقد ذكر المقدسى أن ١‏ للمدينة خحمسة أبواب : باب الحديد » باب 
العطارين » باب القنطرة » باب اليهود . باب عامر » . وليس لدينا فى أى مرجع ذكر لكورة 
تسمى كورة قرطبة ء مما يُفهم منه أنها كانت ١‏ مدينة » على النظام الأندلسى الذى ذكرناه . 


(١)ابن‏ عبد انعم الجميرى : الروض المعطار . ص ١67‏ 9 
12١‏ المقدسيم : أحسن التقاسيم » ص 757 : 


41 التقسيم إلى مدن وكور 





وينطبق ذلك أيضاً على سرقسطة وطليطلة » فههما إما تُذكران دون صفة معينة » أو يقال 
« مدينة » . ومع ذلك فقد كانت كل منههما ذات ١‏ ولاية واسعة » تتبعها مدن وحصون 
وقرى » فسرقسطة « لها مدن ومعاقل » منها مديئة قلعة أيوب ء عظيمة جليلة القدرء وها 
من الأقاليم عدة» 27 . وكذلك طليطلة فهى ١‏ من أجل المدن قدراً وأعظمها خطراً 
وأشدها حصانة .. وها من الأقاليم إقليم شاقرة وفيه حصون عدةء ثم إقليم ششلة ‏ 
ومدينة وقش ء ثم إقليم الاشبورة وإقليم القاسم وغير ذلك © 7 . وابن عبد المنعم 
الحميرى يذكر طليطلة على أنها مدينة » ويقول : « وها من جميع جهاتها أقاليم رفيعة وقلاع 
منيعة » وعلى بعد منها فى جهة الشمال الجحبل المعروف بالشارات »7 » وياقوت يقول : 
١‏ طليطلة مدينة كبيرة ذات خصائص محمودة بالأندلس » يتصل عملها بعمل وادى الحجارة 
من أعمال الأندلس » وهى غربى ثغر الروم وبين الجوف والشرق» 47 . 

وأما فريش » فهى درع قرطبة » فهى بأقاليمها الواسعة تقوم إلى الشمال الغربى من 
العاصمة . وتمتد أقاليمها شالها وشمال شرقيها . وهذه الأقاليم كثيرة يذكر منها ابن غالب 
خمسة . هى ١‏ إقليم لواته وإقليم المرج وإقليم السَّنَد وإقليم قسطانية وإقليم موالى 
موسى2*00» فهى إذن فى عداد الثغور » ولهذا ظل حكمها حكم الثغور » واعتبرت مدينة . 

وإذا تذكرنا قسمة قسطنطين التى حدّت الأندلس حدوداً ستة هى : نربونة وجليقية 
وطركونة وطليطلة وماردة وإشبيلية » والتى قام على أساسها التقسيم الكنسى إلى ست 
مطرانيات هى : جليقية وقاعدتما براقرة » ولشدانية وقاعدتها ماردة ء» وباطقه وقاعدتما 
إشبيلية » وقرطاجنة وقاعدتها طليطلة » وطركونة وقاعدتها طركونة » وأربونة وقاعدتها 
أربونة لاحظنا أن اثنين من هذه الأقسام خرجا من أول الأمر عن نطاق الأندلس الإسلامى 
هما جليقية وأربونة » فالباقية هى لشدانية وباطقة وقرطاجنة وطركونة » وإذا ذكرناها 
بقواعدها قلنا ماردة وإشبيلية وطليطلة وطركونةء وقد استبدل المسلمون إشبيلية بقرطبة 
وطركونة بسرقسطة » أى أن الباقية على هذا الأساس هى أقسام ماردة وقرطبة وطليطلة 
(5) نفس المصدرء ص88؟ - 584 . 
(؟) ابن عبد المنعم الحميرى : الروض المعطار » ص79١‏ . 


(5) ياقوت. جه" , صلكله - /اه . 
(6) ابن غالب : فرحة الأندلس » ص 59١0‏ . 


المدينة كقسم إدارى لاع 





وسرقسطة . وهذا يفسر لنا بقاء النلاث الأخيرات من هذه مدنا » فقد كانت كل منها على 
أيام الرومان فالمَوط قاعدة قسم إدارى كبير يعدل سدس البلاد . أو قاعدة ولاية كبيرة 
تضم عدداً من الديقونيات على النظام الرومانى حسب تقسيم دقلديانوس » والديقونية 
ليست ولاية» وإنما هى مدينة ها حوز أو زمام » وقد أصبحت هذه المدن تسمى دوقيات 
أو كونتيات على أيام القوط . وعلى هذه الهيئة دخلت ف التنظيم الإسلامى » فبقيت مدنا ها 
أحواز 0 , 
د سد 

.».-الدينة | والخلاصة أنه كانت هناك كور ومدن ذات أحواز واسعة حتى اشتبهت 
كقسمإدادك بالكور . وقد عبر عن ذلك ابن حوقل بقوله : « وفيها - أى فى الأندلس - 
مدن يزيد بعضها على بعض ف المحل والجباية والارتفاع والولاة والقضاة والمخلّفِين على 
رفع الأخبار » ويقال لأحدهم مخلف . وليس بها مدينة غير معمورة ذات رستاق فسيح إلى 
كورة » فيها ضياع عداد وأكرة وسعة وماشية وسائمة وعدة وعتاد وكراع »207 وإذن فليس 
فى الأندلس - على قول ابن حوقل - إلا مدينة ذات رستاق فسيح أو كورة » وهذا هو الذى 

وهذا هو الذى حيّر الجغرافيين المشارقة فى أمر تقسيم الأندلس » فالإصطخرى يقول : 
«والأندلس بلدان عريضة كثيرة المدن خصبة واسعة » ومدينتها العظمى تسمى قرطبة » 69 
ثم يمضى فى وصف الأندلس فلا يذكر غير المدن ويقول مثلاً : ثم إلى بلاد مرسية على 
مدينة لقنت » إلى بلاد بلنسية » » ثم يقول : ؛ وهذه المدن التى ذكرناها على الشط كلها مدن 
كبار عامرة » » ثم « ومن مشاهير مدن الأندلس جيان وطليطلة ونفزة وسرقسطة ولاردة 
ووادى الحجارة وتُرجالة وقورية وماردة وباجة وغافق ولبلة وقرمونة ومورور واستجة 
وريه » وكلها مدن عظام» 247 . ثم « ووادى الحجارة مدينة » وهى وما حواليها من المدن 
والقرى تُعرف بمدن بنى سالم » . وهو لا يذكر: الكورة » فى الأندلس إلا فى ثلاث حالات: 
« وريه كورة عظيمة خصيبة ومدينتها أوجذونة » ومنها كان عمر بن حفصون ., الذى خرج 
)4820 م(953! ,وتدم) 1]] عطنه! ,عصقص اندسل! عمعدمكع'! عل .)وتلا لخ جعلطع 01 جم - الاثا 
(؟) ابن حوقل : كتاب صورة الأرض » الطبعة الثانية » لايدن 1454 .جا ٠‏ ص5١1‏ . 


(7") الأصطخرى : مسالك الممالك » ص١5‏ 5 
(5) نفس المصدرء ص١5‏ -57 . 


0 المديئة كقسم إدارى 


على بنى أمية بها » وفحص البلوط كورة خصبة واسعة » ومديتتها غافق » وقورية مدينة 
كانت كبيرة إلا أنها خربت بعصبية وقعت بينهم .. وماردة من أعظم مدن الأندلس وكذلك 
طليطلة .. وشنترين كورة عظيمة ومديتتها قلمرية :2.0 (41, أى : أن الأمر مختلط عليه » 
فمعظم الأندلس عنده مدن لا بلاد » فيا عدا ثلاث يجعلها كوراً مع خلط واضح . هذا مع 
علمنا باهتهام الإصطخرى بالتقسيرات الإدارية » وذكره الكور والرساتيق بالتحديد فى كل 
ناحية يتحدث عنها() . 

وموقف المقدسى . وهو لا يقل عن الإصطخرى اهتاماً بالتقسيهات الإدارية » لا 
يختلف عن موقف الإصطخرى » فهو يقول : ١‏ وأما الأندلس فنظيرها هيطل من جانب 
المشرق » غير أنَّا لا نقف على نواحيها فتكورها ول ندخلها فنقسمهاء ويقال إنها ألف ميل» 
وقال بخ خردافية الأندلس رتنوك مقينة و»يعنى امهو ينها لآن أهذا 1 يسيقكا إل 
تفصيل الكور ووضع القصبات » فبعض المدن التى ذكر قصبات على قياس ما رتبنا . 
وسألت بعض العقلاء منهم على الرساتيق المحيطة بقرطبة » والمنسوبة إليها » والمدن » فقال : 
إن نسمى الرستاق إقليرأء فالأقاليم المحيطة بقرطبة ثلاثة عشر مع مدنها » فذكر أرجونة » 
قسطلة » شوذر . مارتش » قنبانش » فج ابن لقيط . بلاط مروان . حصن يُلكونة » الشنيدة 
(السند ؟ ) » وادى عبد الله » فريش .ء المائدة » جيان » وعلى ما دل آخر الاسم » هى ناحية 
مدئها : الجعز . بيغواء مارتش » قانت (يريد لقنت ) » غرناتة » منتيشة » بياسة » وسائر مدن 
الأندلس المذكورة : طرطوشة» بلنسية » مرسية » بجانة » مالقة » جزيرة جبل طارق » 
شذونة» إشبيلية » أخشنبة » مرية » شنترين ١‏ باجة . لبلة ء قرمونة » مورور » استجة 2206© , 
وهذا كلام مختلط بعض الشىء ء ولكتنا نخرج منه بها يل : 

. أن ابن خرداذية يول إن الأندلس أربعون مدينة‎ - ١ 

- أن أحداً من الجغرافيين والكَنَّابٍ لم يسبق المقدسى إلى ذكر كور الأندلس وقصبات 
هذه الكور. 

" + أن أهل الأندلس يسمون الرستاق إقليمأ . 
(0) نشي المصدرءصض*4 .0000 
(1) لاحظ مثلاً وقته فى الكلام عين ارس وعنايته الشديدة بتقيسياتها الإدارية » ص١ ٠١‏ وما بعدها . 
(*) المقدسى : أحسن التقاسيم ؛ ص”777 - 73714 . 





للدينة كقسم إدارى 161 


5 - أن أقاليم قرطبة ١7"‏ . 

ه - سائر مدن الأندلس المذكورة ١7‏ ذكرها بأسائها » وجعلها كلها مدناً ليس فيها 
كورة واحدة . 

وللإصطخرى نص آخر طويل » ملخصه مايل : 

: رستاقاً هى‎ ١7 أن لقرطبة‎ - ١ 

أرجونة على ١6‏ ميلاً . 

قسطلة على ١7‏ ميلاً من أرجونة . 

شوذر على 18 ميلاً من قرطبة . 

مارئّش على ١9‏ ميلاً من قرطبة . 

َنْبِائْشُ على ١١‏ ميلاً من قرطبة بموضع يقال له قنبانية . 

مرج ابن لقيط على 15 ميلاً من قرطبة . 

بلاط مروان على ٠١‏ ميلاً من قرطبة . 

بُريانة 

حصن بلكونة على 4٠‏ ميلاً من قرطبة . 

الشنيدة ( السند ) على يومين من قرطبة . المتزل فج ابن لقيط . 

وادى عبد الله على 4٠‏ ميلاً من قرطبة , المنزل وادى الرمان . 

فريش على ٠١‏ ميلاً من قرطبة . 

جيان على 5٠‏ ميلاً من قرطبة . اسم الرستاق أولبة . 

” - يعتبر الإإصطخرى جيان كورة » ويقول إن ه بكورتها حر هو فى عداد نواحيها». 

ومن رأينا أن « حر » ينبغى أن تقرأ : جزء . 

ومدنهاء أى مدن جيان : 


الْجَعْز على ٠١‏ أميال من جيان . 


الشف المدينة كقسم إدارى 





بيغوا. 
مارتش ف قنبانية . 


منكئسة . 


غرناطة » على واد به مُنْيّة طوله ١‏ ميلاً فيه للسلطان كل عجيبة . 

بياسة . 

* - ويقول : قلت : هل بقى لقرطبة غير هذه الرساتيق والمدن ؟ قال : لاء قلت : 
فإشبيلية وبجانة » وذكرت عدة من البلدان » قال : هذه نواح لها أقاليم » ى) تقول : القيروان 
وتاهرت وسجلاسة . وهم يسمون الرستاق إقليهاً» فعلمت أنها كور على قياسنا . 

؛ - عرض المقدسى كلامه على شيخ من مشايخهم » فقال : على هذا القياس يجب أن 
تكون الأندلس ١18‏ كورة » فعد : بجانة - مالقة - بلنسية - تدمير - سرقسطة - يابسة ؟ - 
وادى الحجارة - تطيلة - وشقة - مدينة سالم - طليطلة - إشبيلية - بطليوث - باجة - 
قرطبة - شذونة - الجزيرة الخضراء . 

وزاد آخر : لبيرة - خشنية (21 . 

وغريب أن يخلط المقدسى هذا الخلط مع أنه كتب كتابه بعد الرازى بنحو قرن » فإن 
جغرافية الرازى كتبث حوالى سنة ١٠84م‏ . فى حين أن المقدسى كتب كتابه سئة 484 . ومن 
الواضح أنه لم ينظر فيه واكتفى بالاعتماد على معلومات أخذها عن بعض الأندلسيين 
مشافهة » وربا كانت لمعلوماته لهذا السبب أهمية خاصة . 

والمهم لدينا أن أولئك الأندلسيين قالوا إن بلادهم أقاليم » وأنهم يسمون الرستاق إقليها 
والمعروف أن الرستاق جزء من الكورة » وعندما أرادوا أن يطبقوا تقاسيم المشرق على 
الأندلس قالوا إن الأندلس يجب أن تكون على ذلك ١١‏ كورة . وبهمنا فى كلامه ما نقله عن 
ابن خرداذبة أن الأندلس ٠٠‏ مدينة » وحقيقة قال ابن خرداذبة ذلك » وقد ألف ابن 
خرداذبة كتابه بين سنتى 77١‏ و7575 / 858-8515 » وقال ذلك أيضا اليعقوبى الذى 
كتب بعد ذلك بخمس عشرة سنة » والهمدانى وقد كتب بعد اليعقوبى بثلاثين سنة . أما 


(١)المقدسي‏ : أحسمء التقاسمء ص 5*5 -5”؟, 
لشب :سين سيم »ا صر 


ظهور مصطلح الكورة 0 





معاصره ابن رستة فحديثه عن الأندلس قليل القيمة(2 . 


فإذا كان أوائل الجغرافيين - من أمثال ابن خرداذبة واليعقوبى والهمدانى وابن رستة - 
لا يشيرون صراحة إلى أن الأندلس كان مقسياً إلى كور » وإنم| هو عندهم مقسم إلى مدن . 
ولا يذكرون « الكورة » إلا نادراً وعلى سبيل التجوز لا التحديد . وإذا كان متأخروهم - 
كالإصطخرى وابن حوقل والمقدسى - ينصون على ٠‏ المان » نصا صريحا » فلا تذكر الكورة 
عندهم إلا على سبيل الشرح والتوضيح » كما رأينا فى حالة المقدسى » فإن ذلك يدل على أن 
الأساس الأول الذى اتخذ لتقسيم الأندلس كان الأساس الرومانى والقوطى من بعده » 
وهو نظام المدن ذات الحوز . فإذا قالوا مدينة تطيلة مثلاً أرادوا بذلك ‏ ولاية » واسعة 
منسوبة إلى تطيلة . ولم نأت بلفظ « الولاية » هنا من عندنا » بل إنه مصطلح يستعمله 
الجغرافيون كقول ياقوت . « طرطوشة » مدينة بالأندلس تتصل بكورة بلنسية ولها ولاية 
واسعة وبلاد كثيرة تعد فى جملتها»("». وقوله : « ككركى . اسم حصن من أعمال أوريط 
بالأندلس له ولاية وقرى »2 7( . واولاية » هى الترجمة الاصطلاحية للفظ (1812نا0:) » 
وقد سميت الديقونيات الرومانية ولايات دوقية (16300(آ 8501/1812) ودوقية كونتية 
(0020200© مزع هأنام2) 219 بحسب رتبة القائد الذى كان يتولاهاء لأن الأقسام الإدارية 
كلها أصبحت وحدات عسكرية » فقد كان القوط شعبا محاربا . وحل محلهم العرب » 
وكانوا شعباً محارباً أيضاً» فمضوا على هذا النظام » واعتيروا الأندلس كله مدناً لا كوراً . 

#4 # + 


١‏ - ظهور أما مصطلح الكورة فلم يظهر إلا بعد سنوات . وظهر على سبيل التجوز 
مصطاحاكودة لا على أنه مصطلح إدارى . وأول ما نسمع به فى سنة 176 / 707 فى خخير 
تفريق أبى الخطار الحسام بن ضرار الكلبى للشامية على ست كور مذكورة بأسمائها وهى : 
البيرة وريه وشذونة وإشبيلية وجيان وباجة © . وتذكر أيضاً تدمير ولكنها لم تكن إذ ذاك 


20) : 1058 وعامالعوء ذهل مع معتمءط0] وانومنتمعط 13 عل 2كدعومعع ها ,181 ن8011 لاالفالاعاه‎ )١( 

3 1919 )17 10120 (00نع] ناك /ز 1202ئة5© عل 5معرماكتا 5متلناكظ عل معادع©) اعل متكتناء8) وعطدنة 
.0 119 .مم 4 - 

(؟)ياقوت٠‏ جات ص17 . 

() ياقوت » جلاء ص 7141 . 

0( .48 .م ,11 غك .ره متهجللع /01هم - الاظا 

(0) ابن عذارى : البيان المغرب » ج7 . ص77 . 


ا ظهور مصطلح الكورة 





كورة » وإنما كانت ناحية معاهدة بيد صاحبها تدمير » ولم تصبح كورة إلا فى عهد عبد 
الرحمن الداخل . 

وتلذحظ أن هل الكور كلها فق الحتوات والحتوت القربى + وأعاكاتت كزرا عئدة غل 
نظام أجناد الشام الخمسة » ولم تكن أجناد الشام ٠‏ كوراً » ككور مصر مثلاً » بل كانت 
مناطق عسكرية كيا قلنا . على أن لفظ الكورة استعمل بعد ذلك » فقد ذكر صاحب 
«الأخبار المجموعة » أن الصميل بن حاتم ويوسف الفهرى ومن معهم| ‏ اجتمعوا على 
يوسف بأن تركوا كورة ريه ليحيى بن حريث» ١7‏ . 

ويبدو أن نظام الكور فيا يتصل بنواحى الجنوب عُمُم من أيام عبد الرحمن الداخل» أما 
نواحى الثغور التى ذكرناها فقد ظلت مدناً ذات أحواز حتى نهاية أيام الخلافة . 

بهذا يكون العرب قد أخذوا - فيها يتصل بالتقسيم الإدارى - بالنظام الرومانى القوطى 
الذى وجدوه » ثم عدّلوه بعض الشىء بحسب ما اقتبسوه من نظم المشرق ومؤثراته » 
ولكنهم تركوا نواحى الحدود والثغور كما هى: مدناً عسكرية ذات أحواز”). 


)١(‏ الأخبار المجموعة » ص01 
)١(‏ ويلاحظ أن مصطلح الكورة لم يكن فى بلاد الإسلام محدد المعنى بالشكل الذى نتصوره , خذ مثلاً تعريف ياقوت 
للكورة ء وهو أدق ما لدينا ؛ ‏ ذكر حمزة الأصفهانى أن الكورة اسم فارسى بححث ( كذا ) يقع على قسم من أقسام 
الاستان. وقد استعارتها العرب وجعلتها اسرا للاسبتان . كيا استعارت الإقليم من اليونانيين ؛ فجعلته اسمأ للكشخر. 
فالكورة والاستان واححمد ... قلت أنا : الكورة كل صقع يشتمل على بمدة قرى . ولا بد لتلك القرى من قصبة 
أو مدينة أو نبر يجمع اسمها ذلك اسم الكورة » كقوهم : دارابجرد » مديئة بفارس لها عمل واسع يسمى ذلك 
العمل بجملته كورة دارايجرد ٠‏ ونحو نبر الملك . فإنه نبر عظيم مخرجه من الفرات » ويصب ف دجلة . عليه نحو 
٠‏ قريةء ويقال كذلك جميعه بر الملك ؛ وكذلك ما أشبه ذلك ؛ - ( ياقوت » ج١‏ , ص75 ) . 
وهذا كلام غير متناسق لا يخرج الإنسان منه بمفهرم واضح للكورة . وربها كان سبب ذلك الغموض أن «الكورة» 
كمصطلح إدارى لم تستعمل بصورة مننظمة إلا فى مصر ء أما فى العراق وما يليه شرقاً فكان المصطلح يستعمل تموزاً » 
وقد استعمله الجغرافيون من أمثال المقدسى والاصطخرى للتسهيل . وهما يخلطان بين الكورة والرستاق والاستان 
واليّم وما إلى ذلك من المصطلحات الإدارية . أما فى الأندلس » فلم يستعمل لفظ « كورة ؛ استعالاً دقيقاً» وأظهر مثال 
لذلك استعماله فى الروض المعطار . مثلاً : أقليش : ١‏ ... وهي قاعدة كور شتبرية ؛ (ص8١)‏ - ألشش : ١‏ ... من كور 
تدمير » (ص١”)‏ - أندة : « ... مديئلة من كور بلنسية © - أوريولة : ؛ ... حصن بالأندلس . وهو من كور تدمير » 
(ص74). ومثل هذا كثير جداً . وقد ذهب ليفى بروفتسال إل أن كور هنا ممناها كورة » أى : أن الجمع يستعمل فى 
محتى المفرد . 
11,48! كساط جوع" عل كا لم82 01م - الالار] 
ولكدنا نرجح أنه يستعمل الكورة هنا بمعنى الإتقليم . 


التقسيرات الفرعية : الإقليم *6 5 





*- التقسيمات2 ولكنهم لم يتابعوا المشرق فى التقسييات الفرعية للكور والمدن . فهم 
ا 0 ارإرويهر| الكتزرووالهمة إلرستال آرانا كريوهنا لأ 0 الرسهاقب 
كالكورة - قسم زراعى يشتمل على مساحة مزروعة فيها قرى . ولم تكن المساحات 
الأرضية هى أساس التقسيم فى الأندلس » بل كانت المدن وما يتصل بها من أحواز . وإذا 
كانت المدينة تابعة للكورة فى المشرق » فإن الكورة هى التى تتبع المدينة فى الأندلس . وهذا 
فقد قُسّمت الكورة أو المدينة فى الأندلس إلى مدن أو نواح » لكل مدينة أو ناحية حوز يسمى 
الإقليم . قال ياقوت فى تعريف الرستاق : « قلت : الذى عرفناه وشاهدناه فى زماننا فى بلاد 
الفرس أنهم يعنون بالرستاق كل موضع فيه مزارع وقرى . ولا يقال ذلك للمدن كالبصرة 
وبغداد » فهو عند الفرس بمنزلة السواد ( أى أرض زراعية ) عند أهل بغداد » وهو أخص 
من الكورة والاستان »207 . 

وقال فى تعريف الإقليم عند الأندلسيين : « الاصطلاح الثانى لأهل الأندلس خاصة » 
فإنهم يسمون كل قرية كبيرة جامعة إقليها . وربها لا يعرف هذا الاصطلاح إلا خواصهم ١‏ 
وهذا قريب مما قدمناه عن حمزة الأصفهانى . فإذا قال الأندلسى : أنا من إقليم كذا ‏ فإنا 
يعنى بلدة أو رستاقاً بعينه »2 . وهذا تعريف واضح يدل على أن الأندلسيين يعنون 
بالإقليم القرية الكبيرة أو البلدة وحوزها المتصل بها طبعاً . قارن ذلك بمعنى الإقليم عند 
المشارقة : « كل ناحية مشتملة على عدة مدن وقرى إقليم » نحو الصين وخراسان والعراق 
والشام ومصر وأفريقية ونحو ذلك ©(" فالإقليم فى الأندلس بلدة تتبعها أرضء وى 
المشرق أرض تتبعها بلاد » والفرق واضح لا يحتاج إلى بيان . فى الشرق أخذ العرب 
الأساس الفارسى وهو الأرض . وف الأندلس أخذوا الأساس الرومانى وهو المديئة . 

ولا عجب وال حالة هذه أن كانت مدن الشرق جميعها قرى كبيرة فى اضمحلال متصل ٠‏ 
ومدن الأندلس مدناً حقيقية ذات نظام وتخطيط وهيئة » وكانت فى صعود دائا . ولا غرابة 
فى أن يفاخر المقرى المشارقة بمدن الأندلس » ويقول إننا نجد فى الأندلس المدينة الكبيرة إلى 
جانب المديئة الكبيرة . ولا غرابة أيضاً فى أن نجد فكرة أمراء الأندلس ف إنشاء المدن أقرب 
إلى المفهوم الصحيح للمدن » وما من ناحية اختطوها هناك إلا بقيت إلى يومنا هذا . وأمامنا 


(7) ياقوت : معجمء ج١ا‏ ي٠صة".‏ 
() تفس المصدر والصفحة . 


6 التقسيهات الفرعية : الإقليم 





مرسية والمرية وتطيلة ومديئة سالم وقلعة أيوب وما إليها » نستطيع أن نقارنها بالبصرة 
والكوفة وواسط والأنبار والفسطاط والمهدية وما إليها تما دثر وذهب أمره»ء لأنها إما كانت 
معسكرات أو مراكز زراعية . 

وقد أوردنا فيها سبق أمثلة من الأقاليم التى تنقسم إليها الكور والمدن ذات الأحواز » 
ولكن العذرى يقدم لنا نصوصاً تزيد معنى الإقليم الأندلسى وضوحاً» ويهمنا بصفة خاصة 
حديثه عن أقاليم قرطبة » قال : 

عدد أقاليم قرطبة» وهى خمسة عشر إقلياً : 
2 2 
إقليم المدور: 

عدد قراه فى المغارم 2١0‏ تسعون قرية » منها فى العشور ثلث [ ... ] . 

القمح : 80 مدياً و؛ أقفزة . 

الناض () : "48٠١‏ مثقالاً . 

الطبل (© للعام : 4١4٠‏ ديناراً . 

الصدقة والبيزرة : 517 ديناراً و: دراهم . 
إقليم القصب : 

القرى فى الوظائف 3,9 » منها فى العشور 5 © قرية . 

القمح ١57:‏ ملياً. 


الشعير 1 هديا 
الطبل للعام : 5070١‏ دينار و5 دراهم . 
الناض للحشد "الالاءٌ مثقالا . 
الصدقة والبيزرة 5١":‏ دنائير و؛ دراهم . 


. المغرم : تسنفية عامة تطلق:غلى الضراتت غير :الشرعية :ومع مغارم‎ )١( 

)١(‏ كانت الضرائب على المنقولات فى الأندلس تجبى نقداً أو عينا» فإذا بيعت نقداً سميت الناض » وإذا بيعت عيئاً 
سميت وظيفاً» وكان الناض يعتبر فى الأندلس ضريبة خاصة بالجيش ٠‏ وغذا يسمى أحياناً الناض للحشد . 

م الطبل ضريبة شخصية » كان الناس يؤدونا عيناً » وتعتير معونة مالية للدولة فى مقابل الإعفاء من الخدمة 
العسكرنة: 


التقسييات الفرعية : الإقليم 106 


: 14 قرية ... منها للعشور ... 
١0/7 :‏ مدياً و١٠‏ أقفزة 
”...و ... قفيز 
:72107 مثقالاً 


: 754 قرية » منها للعشور .. 
: 4 مدياً و١١‏ قفيزاً ... 
١9 :‏ مديا ... 


:[...]هلا؛ مثقالاً 


١١7 :‏ قرية 
١١7:‏ مدياً [... ] أقفزة 


: 754 مدياً و” أقفزة 


5367 قرية 


:171 مدياً[ ... ] قفيزاً 
:47 املديا و١‏ أقفزة . 


لامثما٠٠‎ : 


2٠6 :‏ قرية » منها للعشور ”٠١‏ قرية 


١د‏ التقسييات الفرعية : الإقليم 





القمح : 7٠١‏ مدياً1 ... ] أقفزة 
الشتفير مدياو” أقفزة 
الناض للحشد : 77 مشقالاً 

الطبل للعام : 1,47 ديناراً » و5 دراهم 


الصدقة والبيزرة :9 ديناراً و؟ دراهم 
وهكذا بالتفصيل فى بقية الأقاليم » وهذه هى أسماؤها مع عدد قراها : 
إقليم النتل :48 قرية 
إقليم المزهاز : 77 قرية 
إقليم وايه الملاحة : 86 قرية 
إقليم وايه الشّعْراء : 84 قرية 
إقليم أولية السهلة ١7:‏ قرية 
وإلى هنا يتتهى بيان الأقاليم ى) يورده العذرى » أى أنه يذكر أن عدد الأقاليم ١6‏ ولا 
يذكر إلا 30716 , 
ونخرج من هذا البيان القيم بأن الأقاليم كانت محددة تحديداً دقيقاً به) على كل منها أن 
تؤديه من الجبايات » وهذا التحديد لا يذكر ما على كل قرية أن تؤديه بل تذكر جملة ما ينبغى 
أن يؤديه كل إفليم فى مجموعه من أصناف الضرائب . أى أن الإقليم كان وحدة مالية فى نظر 
الدولة » وهذه هى الحقيقة الأولى التى تهمنا ملاحظتها هنا . 
ثم نعود فنسأل : ما هو الأساس الذى عمل عليه هذا التقسيم ؟ لو أن المسلمين هم 
الذين وضعوه للاحظنا بين الأقاليم لوناً من التناسب فى عدد القرى على الأقل » فلا نجد 
)١١‏ قال أبر عبيد البكرى : ١‏ وبقرطبة أقاليم كثيرة وتكور جليلة » وكانث جبابة هذه الأقاليم فى أيام الحتكم بن هشام : 
الحشد وناض الطبل ونافى البيزرة للعام .. ... ١85058‏ 
وهن وظيفة القمح ء مديا م ا الوق 
ومن الشعبر مون واه اماف لان أ وسيل 


أرراق من جغرافية البكرى جمعها ليفى بووفنسال ذيلاً على ترحته الفرنسية للروض المعطار : 
51 - 250 بط ,عداووغط! عاامصندغ8 ها __لهب ائظ5801 - الاظ] 


التقسبات الفرعية : الإقليم /سامع 





إقلياً ١17‏ قرية وإقلياً ٠١7‏ ء ثم إن أسماء معظمها ليس عربياً مما يدل على أن الإقليم 
بحدوده واسمه كان موجوداً قبلهم » كما حدث فى مصر ء عندما أخذ العرب الباجركيات 
البيزنطية (228356101) وسموها كوراً » وتلك هى الحقيقة الثانية التى يهمنا النص عليها . 

وإذن فالأقاليم وحدات إدارية مالية وجدها العرب بحدودها عند دخوهم ء فتبنوا هذه 
الحدود وحددوا ما عليها من المال . كل إقليم يضم عدداً من القرى » فهناك قرى تدفع 
العشور » وهى بطبيعة الحال قرى الحبوب » والزراعات » وقرى تؤدى جبايات تحدد 
يحسب طبيعة إنتاجها» وهى نواحى الثار والأشجار والزيتون والغابات والصيد والمعادن 
وما إليها . والقرية فى ذاتها ليست وحدةء بل الإقليم هو الوحدة . 

وللعذرى نص آخر يذكر الأقاليم بحدودها الجغرافية » وإذا ضممنا هذا النص إلى 
النص السابق ازداد معنى الإقليم عندنا وضوحاً . يقول العذرى : 
أقاليم سرقسطة : 

إقليم المدينة : وهو من باب سرقسطة » قبلة منها إلى عقبة مليلة . 

إقليم قصر عباد : وهو متصل بإقليم المدينة . وقصر عباد مجاور لطرطوشة » وهو فى هذا 
العصر منصرف إلى طرطوشة . 

َ مر َ - 5-0003 مايه - . 

إقليم فتندة : وهى على ستين ميلا من مدينة سرقسطة . وق هذا الإقليم خرج نهر 
بلطش (8161005) من فج يُعرف بفج بذره (70ل26 7) . 

إقليم زيدون : وهو مجاور لطرطوشة . ومجاور لبلنسية » ومجاور لتدميرء ومجاور لشت 
بريه . وفى هذا الإقليم من ناحية مدينة غَلُواذه يتفجر نهر شليقُه (18[10) ثم يمضى حتى 
يواقع نبر شلون (18168) . 

إقليم بَلْطّش (161005©) : ونهره يسقى من قرية مواله رمءطط اعل داعن8) إلى منينة 
سرقسطة » طول ٠١‏ ميلاً » غرب عن عين بلطش . 

إقليم قندّش : وله عين » يسقى من ناحية بلد نوبه (0672ال2 9/1112) إلى أن ينصب ماؤها 
فى تبر ايرهء طوله 7٠١‏ ميلا . 

إقليم شَلون : وهو غربى من سرقسطة » ونهره يسقى من قرية قبانس عل كهقنقطه)) 


لوادق الجزء 





(856:0 وركله (181613) . وحكى بعض من يعرف نهر شلون أنه يعم بالسقيا نحو ثانين 
قرية . 

إلى آخر هذه الأقاليم » وواضح أن هذه التحديدات كلها زراعية » تُعنى بالرى والأغبار 
والعيون وما تسقيه . والتقسيم الزراعى فى أساسه مالى » لأن الذين يرسمونه ينظرون إلى ما 
يغله كل قسم وما يؤديه من جباية . ثم إن التحديدات الجغرافية تحديدات ثابتة لا تتغير 
بتغيّر الأعصر » أى أن حدود الأقاليم ى) أقرها المسلمون كانت موجودة قبلهم » فأخذوها 
كما هى » بأسمائها فى معظم الحالات » وترجموها أو أعطوها أسماء عربية فى أحوال قليلة . 

وليس معنى ذلك أن كل الأقاليم أخذها العرب كما هى » بل الحكم هنا على الأمر 
الغالب » لأن استقرار قبائل العرب والبربر فى بعض النواحى أوجد أقاليم جديدة تنسب إلى 
من سكنها » كإقليم القاسم أو بنى القاسم الداخل فى حوز مدينة سالم » فقد كان إقليها 
واسعاً نسب إلى أولئك القوم » وهو الذى ذكره الإدريسى باسم إقليم القواصم وصحتها 
القواسم » وإقليم بنى مرة فى حوز قرطبة » وإقليم زناتة وإقليم كنانة فى حوز بلنسية » وما إلى 
ذلك . 
ويذكر العذرى إلى جانب الأقاليم أقساماً إدارية أخرى تسمى الأجزاء » 
مفردها ١‏ جزء » . وهو يورد هذه الأجزاء بعد الأقاليم مباشرة » مثال ذلك فى 
كلامه عن بلنسية يقول : 


؟/؟ - الجزء 


إقليم المتيرة (12060258شى) » إقليم أنده (هلم0) ؛ إقليم شورب ؟ ء إقليم زناتة -28) 
(عاع2» إقليم كنانة (868163860882) » إقليم شلينة » إقليم أولهيل (01116568) » إقليم 
لبايه » وله رتبة أولية » إقليم ممح ؟ » إقليم شارقة (16768) . 

ثم تلى ذلك الأجزاء دون أى تفصيل : 

جزء الساحل » جزء قلبيرة (19ع0213) » وجزء الحزيرة » جزء البيضاء (1021/02م) 
وغلثار » جزء الأسناد » جزء فحص شاطبة » جزء براكانه » جزء مدينة التراب » جرء 
مصمودهة » جزء بنى غتيل » جزء قسطانية ٠‏ جزء فميرة (و1عناع1/ا) ., جزء مسل » جزء 


مربيطر . 


المجزء 266 





ونلاحظ أولاً أن عشرة على الأقل من هذه الأجزاء منسوية إلى مدن من كورة بلنسية » 
وأن اثنين منسوبان إلى أقوام : مصمودة » بنو غتيل ؛ واثنين منسوبان إلى معالم جغرافية: 
الساحل ء الأستاد . 

وليس هناك ما يدل على أن هذه الأجزاء كان فيها قرى . وقد وقع فى ظنى أنها قد تكون 
أجزاء من أقاليم » فلم يصح ذلك ٠‏ ولم يصح أيضاً أن تكون أجزاء أو أحياء من مدينة 

وقد وجدت عند ياقوت - وهو كنز الجغرافية الإسلامية » وم يُدرس بعد دراسة كافية - 
تعريفاً للجزء فى الأندلس يعيننا بعض الشىء على فهم معناه » فقد قال فى كلامه عن مدينة 
رباح : ؛ وها عدة قرى ونواح ٠‏ ويسمونها الأجزاء . يقوم مقام الإقليم» كا ذكرنا فى 
اصطلاحهم فى لفظة الإقليم فى أول الكتاب » منها جزء البكريين» وجزء اللخميين وغير 
ذلك ؛(2 . وقال تحت .لفظ « جزء » : « رمل الجزء بين الشّحر ورين » طوله مسيرة 
شهرين » تنزله أفناء القبائل من اليمن ومعدّ ؛ وعامتهم من بنى خويلد بن عُقيل » قيل إنه 
يسمى بذلك » لأن الإبل تَجِرأْ فيه بالكلا أيام الربيع فلا ترد الماء »(22 . وهذا التعريف ينطبق 
على ما ذكر آنفاً من الأجزاء : «جزء البكريين وجزء اللخميين وغير ذلك » . ثم لاحظت أن 
الأجزاء لا توجد إلا فى النواحى التى تكثر فيها أراضى المراعى مما نزلته بطون العرب 
بكثرة: إشبيلية وبلنسية وقلعة أيوب وما يشابهها . ولا توجد فى النواحى المحروثة المزروعة 
من قديم الزمان » فإذا أضفنا إلى ذلك ما لاحظناه من أن معظم الأجزاء ينسب إلى مدن » 
خرجنا من ذلك بأن الأجزاء قد تكون مساحات من الأرض خصصت للإبل والماشية » 
وينطبق عليها حكم أرض العشب والكلا فى التشريع الإسلامى , فلا تكون مملوكة لأحد» 
وإنما مشاعاً للجاعة كلها » ولا يجبى عنها مال . وقد كانت فى شبه الجزيرة أراض كثيرة 
يجرى عليها هذا الحكم من قديم الزمان » وهى أراضى المراعى المشاع (كقناءكةم0010©) 
التى ذكرناها آنفاً . 

بهذا تكون قد اجتمعت لنا فكرة واضحة إلى حد ما عن الأساس الذى اتَحَذْه العرب 
لتقسيم الأندلس تقسيمأ إدارياً : ساروا على ما وجدوه قائاً فى البلاد مع تكييفه على نحو 


(١)ياقوتا.‏ ج41 +*صضص١57.‏ 
()ياقوتا. ج”. ص45 


6 ْ المدينة الأم 





يبتفق مع ظروفهم فى شبه الجزيرة دون أن يغيروا روحه : ظلت المدينة هى الأساس تتبعها 
الأرض » وحين) حولوا بعض المدن إلى كور ظلت المدينة أساس الكورة » ولم تكن الكورة 
هى الأساس تتبعها المديثة . ولم تكن المدينة فى الأندلس بمعناها فى المشرق : مجموعة من 
الأبنية يحددها سورها ء بل بالمعنى الرومانى : نواة لإقليم أو أقاليم كل أهلها يُعتبرون من 
أهل المدينة . وقد اقتضى الأمر اعتبار الكثير من مدن اللجئوب وحدات مستقلة » فجعلوها 
كوراً » لأن مركز الثقل فى الأندلس الإسلامى كان فى الجنوب » ولهذا صغرت مساحات 
الكور فى الجنوب بينما اتسغت فى الشرق والغرب . أما الوسط ونواحى الشهال فقد ظلت 
مدناً بالمعنى الرومانى القديم , مدنا لما أحواز وفى أحوازها تقع مدن أخرى ذات أحواز . 
»0 الدينة ١‏ وقد جرت العادة بأن تسمى المدينة الرئيسية بالأم والجمع أمهات . والمدن 

م06 الفرعية بالبنات مفردها بنت » وقد تتحول الأم إلى بنت إذا زادت عليها فى 
العمارة إحدى بناتها . قال ابن عبد المنعم الحميرى فى كلامه عن طرسونة : ٠كانت‏ مستقر 
العمال والقواد بالثغور . وكان أبو عثان عبيد الله بن عثمان » المعروف بصاحب الأرض » 
اختارها محلاً وآثرها على مدن الثغور منزلاً . وكانت ترد عليها عُشّْر مدينة أربونة وبرشلونة» 
ثم عادت طرسونة من بنات تطيلة » عند تكاثر الناس بتطيلة وإيثارهم إياها لفضل بقعتها 
واتساع خطتها »(2 . وكذلك حدث لالبيرة » فقد كبرت بنتها غرناطة وأصبحت الأم 
وعادت البيرة من بناتها . ومثل ذلك حدث ليجانة » إذ اختطت وعمرت واتسعت حتى 
صارت أماًء : ثم خربت وانتقل أعلها إلى المرية وعادت المرية أما» . 

وتسمى المساحة التى تشغلها المدينة نفسها بخطة المدينة » وقد تكون الأم أكبر مدن 
الناحية وأهمها دون أن تكون القاعدة أو القصبة » لأن القاعدة أو القصبة يُشترط فيها 
الحصانة والمنعة » وخاصة فى نواحى الثغور . فلم تكن قبرة مثلاً قصبة الكورة المنسوبة إليهاء 
بل كانت القصبة بيّانة » لأنها - ى| يقول ياقوت - ١‏ كبيرة حصينة على ربوة يكتنفها أشجار 
وأخبار » 292 . وكذلك الحال مع قلْب - وهى 6م[3© القديمة - فقد كانت أول الأمر قاعدة 


(١)الروض‏ المعطار ؛ ص7١‏ . 
وقد يستعمل لفظ « الأم » للدلالة على أكير مدن الناحية » قال صاحب : الروضي » فى الكلام عن أولية السهلة 
١ص‏ 75): ه بالأندلس ٠‏ قريبة من قرطبة » تعرف بالرملة » وعى أم الأقاليم , كثيرة الأهل واسعة الخطة . مشمرة 
الأرضين » بها ديار للعجم متقنة البنيان ... » . 
() الروض المعطار » ص757١‏ والترحمة الفرنسيةء ص ١54‏ وتعليق 7 . 


الحصون والمعاقل 5١‏ 





كورة مورور 47 . وعندما اختط الأمير محمد مدينة يحريط جعلها قاعدة « مدينة » وادى 
الحجارة . وكذلك عندما اختط عبد ال رحمن الأوسط مدينة مرسية , نقل إليها قاعدة كورة 
تدمير » وكانت قبل ذلك فى أوريولة 29 . وتسمى الضواحى بالأرباض ». مفردها رض ٠‏ 
إذا كانت سغيرة متصلة بعارة الماينة » فإذا كانت كبيرة منقطعة عن عمارة اليلد سميت 
بالحاضر ء مثال ذلك أن طريانة كانت «حاضراً من حواضر إشبيلية » 279 . 


الحصون وكا تتبع المدينة مدن » فكذلك تتبعها حصون ومعاقل . ويغلب على الظن 
والعافك ١‏ أن هناك فرقاً بين الحصن والمعقل . فالحصن موضع حصن مأهول يشبه أن 
يكون مدينة » وقد تتبعه حصون أخرى » وقد يكون له حوز . مئال ذلك حصن بيطرة فقد 
عرّفه ياقوت بقوله : 2 بلدة وحصن من أعمال سرقسطة © 147 . وقال عن كركى : #اسم 
حصن من أعمال أوريط بالأندلس له ولاية وقرى »220 » وقال ابن عبد المنعم عن قَيْشَاطة : 
« حصن بالأندلس كالمديئة » بينه وبين شوذر اثنا عشر ميلاً » وفى قيشاطة أسواق وربض 
عامر وحمام وفنادق 6 232 . أما إذا اتسع الحصن عن ذلك فيصبح ‏ قلعة مدينة » أى حصتاً 
كبيراً ومدينة كبيرة أيضاً » ومثال ذلك قلعة أيوب وقلعة رباح . فى حين أن المعقل لا يزيد 
عن أن يكون موضعاً محصناً يلجأ إليه المزارعون إذا داهمهم خطر ء أى أنه مجرد كرال 
(ل8ة1) . وقد كانت المعاقل كثيرة جداً فى الأندلس »ء لا يشذ عن ذلك إلا معقل ١‏ رُندة » 
فقد تحول إلى بلد . 


ومن غير الميسور الآن تقدير حوز كل كورة ومدينة » أو رسم خريطة دقيقة للأندلس 
الإسلامى وتقسيياته الإدارية » لأن البيانين اللذين يقدمهما نص جغرافية الرازى المترجم 
وه التعليق المنتقى » من « فرحة الأنفس » وما لدينا من جغرافية العذرى وأوراق جغرافية 
البكرى . كل هذه لا تقدم إحصاء بأقاليم كل كورة ومدينة وحدود هذه الأقاليم » ولعل 


(١)ياقوت.‏ جف١‏ ص998. 

(؟)ياقوت جهءص76. 

(") ياقوت . ج” . ص27 . 

(4)ياقوت. ج25 ص5”99 . 

(6) ياقوت . جلاء ص١74.‏ 

(1) الروض المعطار» ص ١58‏ . 

وراجع أيضاً كلامه عن حصن ١‏ جنجالة » ( ص/77 ) وحصن الثلج ( ص8 ٠١‏ ) وحصن الكرس (اص156١‏ - 

.)16/ 


د تقيم مجارى الأغبار 
جغرافية العذرى لو كانت كاملة لأعانتنا على إدراك هذا المطلب » ولكنها كيا قلنا ناقصة ‏ 
فلم يبق لدينا إلا الاكتفاء بمعرفة الأسس العامة للتقسيم وإحصاء الكور والمدن على ما 
بيناه » وربا أعاننا الحظ فى المستقبل على إكمال الصورة . 

وقد ذهب ليفى بروفنسال إلى أنه من الممكن رسم صورة كاملة للتقسيم الإدارى 
للأندلس بالاستعانة بكتب التاريخ » وهذا صحيح » ولكن ما بين أيدينا من أصول تاريخ 
الأندلس مبتور فى مواضع شتى » ى| هو ال حال مع جغرافية العذرى . وقد أحصى بروفنسال 
سبعاً وعشرين كورة غير الثغور . وهذه الكور هى : قرطبة - فحص البلوط - قبرة - 
استجة - إشبيلية - قرمونة - لبلة - أكشونبة ( شلب ) - باجة - مورور - شذونة (قلسانة) 
- الجزيرة الخنضراء - تاكرنا ( رندة ) - ريه أو مالقة - البيرة - جيان - بجانة - تدمير 
(مرسية ) - شاطبة - بلنسية - طليطلة - طلبيرة ( أقلش ) - ماردة - بطليوس - شنترين - 
لشبونة - قلمرية 279 . 

وقد تكون هذه هى كور الأندلس ف القرن العاشر الميلادى » ولا نستطيع الآن أن نناقش 
هذه القائمة » لأننا لا نملك إحصاء كاملاً لما فى كتب التاريخ من معلومات . 


ا ا 


تقسيم | وقد تبع اعتبارَ المدن وأحوازها وحدات إدارية بضع صور إدارية لا نجد 
مجادى الأنهاد 1لا شبيهاً فى المشرق » كاتباع الأنهار أو أجزاء منها للمدن التى تقع عليها 
أو الأقاليم التى تقع فيها » مثال ذلك قول العذرى فى كلامه عن إقليم جَلّنُ من أقاليم 
سرقسطة : ١‏ ونهره يسقى ما وازى قنطرة سرقسطة عشرون ميلاً . ومخرج بر جَلَّقُ 121) 
(311680© من جبال السيرطانيين » ثم يخرج إلى ناحية وشقة إلى سرقسطة » ويقع فى ايده » 
والجزء الأعلى من نهر جُلَن يروى من الصخيرة إلى منزل حسان إلى قنطرة سرقسطة عشرون 
ميلاً ©(" . فهنا نرى بوضوح أن النهر تابع للإقليم » يل إن الأجزاء التى يرويها محددة 
تحديداً تاماً » كما تحدد النواحى التى ترويها الترع والقنوات فى نظم الرى الحالية . وتسمية 
النهر باسم الإقليم هنا ليست تسمية جزافية بل لها معنى التبعية الإدارية . 


000( - 49 .وم 111 رعصقص لناكناك! عمقدم85'! عل .)115 ,1م4 2101801 - 1810/1 
(؟) العذرى : نظام المرجان » ورقة 211١‏ 


ا مراسى 51م 





ومثال ذلك أيضاً قوله فى الكلام عن إقليم شلون (1/168 851) : «وهو غربى من 
سرقسطة ء ونهره يسقى من قرية قبانش وركله إلى باب سرقسطة 1٠‏ ميلاً » وحكى بعض 
من يعرف نهر شلون أنه يعم بالسقيا نحو 7١‏ ميلاً » (21 . ومعنى ذلك أن أربعين ميلاً من 
مجرى شلون تبع لإقليم شلون . والباقى خارج عن هذه التبعية . وعلى هذا الأساس قالوا 
نهر مرسية ونبر بلنسية وما إلى ذلك » فقد كانت لهذه الأنبار أسماؤها الجغرافية وكان العرب 
يعرفونها » ولكن نسبة النهر هنا تحمل معنى التبعية ؟ أى أن نبر مرسية داخل فى حوز مرسية 
وأقاليمهاء ونبر بلنسية كذلك . بل إن مجارى الأنهار الطويلة كانت تقسم . فيدخل كل قسم 
منها فى حوز مدينة » ومثال ذلك نهر الوادى الكبير » فهو فى زمام إشبيلية نهر إشبيلية ع 
والجزء الداخل من مجراه فى حوز قرطبة يسمى تبر قرطبة » وى حوز جيان يسمى نهر جيان ع 
وقِسْ على ذلك بقية كبار الأتهار. 
وكانت لمسلمى الأندلس من أول الأمر عناية بالموانى » نظراً لأهمية الصلاات 
مع العدوة الأفريقية . وكانوا يسمون الميناء مرسى ء وهى تسمية لما معناها 
بالنسبة لطبيعة الموانى الإسلامية فى الغرب الإسلامى فى هذه العصور الأولى. ويلاحظ أن 
أهل المغرب والأندلس دون غيرهم من أهل الدولة الإسلامية » توسعوا فى استعمال لفظ 
المرسى مقابلاً للميناء وخاصة فيا يتصل با أنشأه المسلمون منها . فهم يقولون ١‏ مرسى 
تونس » و« مرسى الخزر » و( مرسى الدجاج » وه مرسى المرية » ومرسى يجانة » وما إلى 
ذلك ء وهذه كلها موانٍ جديدة نشأت بعد الفتوح الإسلامية » أى أن الميناء كان يبدأ عادة 
بأن يكون مرسى للسفن ثم يتطور بعد ذلك كى! تطورت تونس والمرية وبجانة » فأصبحت 
هنا ومرانيى هن الؤقف: 


7 - المراسى 


ويُفهم من كلام صاحب « الروض المعطار » أن الميناء قد يبدأ فى أول أمره رباطاً بحرياً » 
ثم ينشأ عنده مرسى ء ثم يتحول إلى مدينة » كما حدث ف المرية (") ؛ وقد يبدأ إقطاعاً بحرياً 
لقبيل من العرب فى مقابل حفظ الساحل » فينشأ فيه مرسى ثم ميناء ى) كان الحال مع 
بجانة. وفى حالة هذه الأخيرة نضع أيدينا على ٠‏ ميلاد » مدينة . قال صاحب ١‏ الروض »© : 
اوبقرب بجانة كان جامع الإقليم الأعظم ء إلا أنها كانت حارات مفترقة » حتى نزها 
البحريون وتغلبوا على ما كان فيها من العرب . وصار الأمر لهم . فجمعوها وبنوا 
)١(‏ نفس المصدر والصفحة . 


54 الضياع - الفحص 





سورها»(21 . وقد كانت بجانة - كما هو واضح هنا - قرية صغيرة ( هى التى تعرف باسم 
8 . وكان حرا أحياء كثيرة اهلة متفرقة هى المسمأة هنا بالحارات . وكان لأهل 
هذه الحارات مسجد جامع كبير بقرب بجانة » فقام أولئك البحريون بجمع الحارات بعضها 
إلى بعض ء وأقاموا سوراً حولها وحول بجانة والمسجد الكبير» فنشأت المديئة . 


وتظهر « الضّياع ؛ فى الأندلس الإسلامى من أول الأمراء فقد ذكر ابن 
القوطية أن أبناء غيطشة حالفوا طارق بن زياد على « أن يمضى لهم ضياع 
أبيهم وكانت 7٠٠١‏ ضيعة سميت بعد ذلك صفايا الملوك 4 » وقد أجابهم طارق إلى ذلك ؛ 
وقد خص أرطباس منها ألف ضيعة كان يفرق منها على العرب . والضيعة الواحدة هى 
مقابل الفيلا (9/3118) فى النظم الرومانية » والضياع الكثيرة المتجاورة تقابل اللاتيفونديوم 
(«تنانلنا]ناه1) . وإذا كانت النصوص تدل على أن نظام الضياع استمر فى الأندلس 
واتسع مداه . كما كان الحال فى المشرق أيضاًء إلا أننا لا نملك ما يدل على بقاء نظام 
الملكيات الشاسعة (013نا]ناهآ) وربا لاحظنا تشابها بين الفيلا » وهى القصر الريفى 
تحيط به ضيعة أو ضياع واسعة يملكها صاحب القصرء ومصطلح " الْنْية » الذى كان شائعاً 
فى الأندلس . فتعريف المنية عندهم قريب من تعريف الفيلا » ولكن هناك فرقاً واضحاً بين 
الضّياع والمديات » فالضياع قرى تصير إلى ملك مالك كبير وربما أقام فيها » فى حين أن المنية 
ضيعة تنشأ حول قصر ريفى ينشثه المالك الكبير » ولكن كليهما من حيث اطيئة والوضع 
يقابل الفيلات الرومانية » ومعروف أن هذه الفيلات أيضاً كانت تختلف في| بينها » ففيها ما 
يشبه الضياع وفيها ما يشبه المنيات . 


وهناك مصطلح آخر تحسن الإشارة إليه فيها ذكرنا من مصطلحات جغرافية 
إدارية » وهو مصطلح « الفحص » وهو كثير الاستعمال فى المغرب أيضاً حتى 
يبدو لنا أن أصله مغربى » وقد وضع ياقوت تعريفاً للفحصء قال: « وسألت بعض أهل 
الأندلس : ما تعنون به ؟ فقال : كل موضع يُسكّن - سهلاً كان أو جبلاً » بشرط أن يزرع - 
نسميه فحصاً » ثم صار علياً لعدة مواضع © (1) وكانت الفحوص ف الأندلس كثيرة » 
ومعظمها أقاليم فى كور ومدن ء فيقال إقليم الفحص من أعمال طليطلة أو من أعمال 
أكشونبة أو إشبيلية . وأكبرها فحص البلوط الذى أصبح كورة فيا بعد. 


د د 


0/4 - الضياع 


4 - الفحص 


() الروضي المعطار» ص/” . 
(؟)ياقوت . مادة فحص . 


المشيخة والكوريا يلك 





وقد يكون بعض ا حقائق التى ذكرناها قد وقع فيها بعد . ولكننا ى] ذكرنا نؤرخ لنظام 
بدون تاريخ » لم يذكر واحد من مراجعنا متى وضع أو متى عُدل » فلم يبق إلا أن نذكر ما 
لدينا من المعلومات مطلقة حتى تعيننا أصول جديدة على مزيد من التوضيح ٠‏ وإذا كان 
الرأى الذى ذهبنا إليه » فيا يتصل بأصول هذه الأنظمة . أن العرب أخذوها ما وجدوه 
جارياً لدى دخوهم » فليس هناك ما يمنع من القول بأن معظم ما أثبتناه من النظم حدث 
أثناه فترة الولاة التى نتحدث عنها » ثم دخله الضبط والترتيب والتفصيل والتدقيق فيا 
بعل. 
.ه:- الشيجة2 وقد بيّنا كيف كانت هذه النظم فريدة فى يابها فى العام الإسلامى كله » ومن 
واكونطا الطبيعى أن ينسحب هذا الحكم على ما بُتى عليها » فإذا قلنا إن دخول العرب 
أحبى المدن التى كانت تتلاشى رويداً رويداً فى الأندلس قبلهم . وأن ذلك الإحياء استتبع 
انتعاش مشيخات البلاد أو الكوريات الرومانية المدنية القديمة » فقد انبنى على ذلك تعميم 
فكرة المشيخات أو المجالس على كثير من النظم الإسلامية فى الأندلس . مما أدى إلى ظهور 
هيئات خاصة بالأندلس كهيئة 3 الفقهاء المشاورين » وجماعة الوزراء وما إلى ذلك مما جد 
بعد الفترة التى نؤرخ لها من النظم . 

ذلك أن لفظ مشيخة كان له معنى خخاص ف الأندلس .ء فالمشيخة فى المشرق هى الرياسة 
أو هى الوظيفة أو الأستاذية » فيقولون مثلاً إن فلاناً 0 تولى مشيخة دار الحديث؛ أو (مشيخة 
الحديث بتربة أم صالح ومشيخة الرباط الناصرى ومشيخة المالكية » أو « ولى مشيخة 
المدرسة بالقدس ٠.‏ ومشيخة الرباط الناصرى بالجبل » أو ٠‏ برع فى النحو وانتهت إليه 
المشيخة » » أما فى الغرب الإسلامى فكان له معنى المجلس أو الجماعة » قال ابن خلدون : 
#واستيد مشيخة كل بلد بأمره » أو« وكانت مشيختها فى القديم فى بنى ورمان من أهلها بها 
كاثروا ساكنها وملكوا عامة ضياعها » وكان مشيخة قايس لذلك العهد فى بيوتات من 
أهلها» . والمعنى فى هذه النصوص واضح ء فهو الجماعة من أعيان الناس يتولون أمر البلد . 

ويفسر دوزى معنى المشيخة هنا بأنه ‏ الحق الذى كان لعدد من الأسر الكبيرة فى أن 
تؤلف مجلساً بلدياً لحكم البلد أو مجلساً جمهورياً » . بل إن الكلمة وردت بمعنى المجلس 
البلدى أو أعضائه . وذكر بطرس الكلاعى 4115 عك 26070 فى قاموسه أن الشيخ هو 


611 انفصال العرب عن أهل البلاد أول الأمر 





العضو فى مجلس البلد (5080© 12 68 105800) والمشيخة هى الطائفة ('2 . وهذه كلها 
معان لم تُعرف إلافى المغرب والأندلس » وف هذا الأخير خاصة » وثابت على أى حال 
أن العرب عندما قضوا على سلطان القوط عقدوا مع أهل كل بلد استسلم لهم عقدا 
أو معاهدة » وكان التعاقد يتم مع الكوريا القديمة » وترجمها العرب إلى المشيخة » وكانت 
هذه المعاهدات سبباً فى إحياء مشيخات البلاد » فأصبح فى كل بلد مشيخة من أهله هى التى 
تتخاطب مع العرب وتضمن لهم الأمن والأموال » فنشطت المشيخات وانتظم أمرها . 
وعندما أسلم أهل البلاد احتفظوا بمجالسهم وهى مشيخاتهم » ومن هنا كان للمدن فى 
الأندلس نظام بلدى يرعى شئونها وشئون أهلها » وثبتت صلاحية هذا النظام فامتد حتى 
شمل الحرف » فأصبح لأهل كل حرفة مشيخة أو بجلس » ونشأت مشيخة الفقهاء » وهى 
جماعة من الفقهاء يتخذهم الأمراء والخلفاء مستشارين وسموا ١‏ الفقهاء المشاورين » ١‏ 
ووزعت اختصاصات الوزير بين نفر من الوزراء كان لهم مجلس . 
انفصل 2< وظاهر من النصوص أن أهل البلاد من النصارى واليهود عاشوا أول الأمر 
العرب عن أهل منفصلين عن العرب » مستقلين بحكومة أنفسهم » وكان لهم رئيس أعلى 
نك يسميه ابن حيان « قومس الأندلس وزعيم عجم الذمة ومستخرج خراجهم 
لأمراء المسلمين » 7( . أى أنه هو الذى كان يتصل بأهل الذمة ويستخرج ما عليهم من 
الأموال ويؤديها للحكومة المركزية . وكان تعامله مع مشيخات البلاد » أى أن كل مشيخة 
كانت تجمع ضرائب بلدها وتؤديها إلى القومس . وقد أشرنا فيها سبق إلى حكومة البلد 
وذكرنا بعض ما عثرنا عليه من ألقاب موظفيها . وقد أقام العرب لكل ناحية حاكياً من 
المسلمين » فأما حاكم الكورة فكان يسمى العامل أو الوالى » وأما حاكم المدينة ذات الحوز 
فكان يسدى القائده لأنه كان قار من العسكرين لأن هذه امدق كان كلها تسوراً 
أو مناطق عسكرية على ما قلناه » وكان حوز الكورة أو المدينة يسمى العمل أو النظر 
أو الولاية أو الحوز. 

أما العرب فقد عاشوا أول الأمر مستقلين بأنفسهم » سواء من نزل منهم المدن أو من 
عاش منهم فى الريف » وقد احتفظ لنا ابن الخطيب فى الإحاطة بنص رواه عن ابن حيان 


)١(‏ انظر دوزى : ملحق القواميس » مادة شيخ » ج١‏ 6عصضص8058. 
(؟) ابن الخطيب : الإحاطة فى أخبار غرناطة ( طبعة محمد عبد الله عنان ) الجزء الأول » القاهرة 194805 )ص5 1٠١‏ . 


انفصال العرب عن أهل البلاد أول الأمر اا 





والرازى يوضح أحوال المسلمين من عرب وبربر تمام التوضيح » ونحن نورده هنا بنصه مع 
تقسيمه إلى فقرات زيادة فى البيان : 

١ - ١‏ قال أبو مروان ( بن حيان ) : أشار على أبى الخطار أرطباس قومس الأتدلس 
وزعيم عجم الذمة ومستخرج خراجهم لأمراء المسلمين - وكان هذا القومس شهير العلم 
والدهاء - لأول الأمرء بتفريق القبائل الشاميين الغالبين 2١(‏ على البلد » من دار الإمارة 
قرطبة » إذ كانت لا تحملهم » وإنزالهم بالكور على شبه منازهم التى كانت فى كور شامهم . 

١‏ - ففعل ذلك عن اختيار منهم » فأنزل جند دمشق كورة البيرة » وجند الأردن كورة 
جيان » وجند مصر كورة باجة » وبعضهم بكورة تدمير ؛ فهذه منازل العرب الشاميين 29 . 

. وجعل لهم ثلث أموال أهل الذمة من العجم طعمة‎ - ١ 

4 - وبقى العرب البلديون والبرابرة شركاؤهم . وسكنوا واغتبطوا وكثروا وتمولواء إلا 
من كان قد نزل منهم لأول قدومه فى الفتوح على غنائمهم (" لم يعرض لهم فى شىء منها. 

ه - فلم رأوا ( يعنى العرب الشاميين ) بلداناً شبه بلدانهم بالشام نزلوا وسكنوا 
واغتبطوا » وكثروا وتمولوا » إلا من كان قد نزل منهم لأول قدومه موضعا رصينا فإنه ل 
يرتحل عنه » وسكن به مع البلديين » فإذا كان العطاء أو حضر الغزو لح (؟) بجنده » وهم 
الذين كانوا سموا الشاذة 22 حيتد . 


١‏ - قال أحمد بن موسى [ الرازى ]217 : وكان الخليفة يعقد [ للشاميين ] لواءين : لواء 
غازياً ولواء مقيما . 


)١(‏ قرأها محمد عبد الله عنان : العَلميين . وشرحها ف الحامش بأنها نسية إلى علم مكان بالشام » ولا محل لذلك التكلف 
لأن صحتها الغالبين كما أثبتناه . 

(5) النص هنا ناقص وغير دقيق ٠‏ وصحته ما أورده اين عذارى إذ قال إن أبا الخطار أنزل أهل دمشق بإلبيرة » وأهل 
الأردن يريّه » وأهل قلطين بشذونة . وأهل حمص بإشبيلية . وأهل قنرين بجيان ء وأهل مصر بباجة وبعضهم 
بتدمير . 
انظر ابن عذارى : البيان ء طبعة ليفى يروفتسال وكولان ء ليدن 019453١‏ ص39 . 

(؟) أئبتها محمد عبد الله عنان : عنائهم » وهى قراءة لا يستقيم بها المعنى » والصحيح ما أثبتناه . وستفصل فيا بلى كيف 
اعتير جند الأندلس الأرض غنيمة بخلاف ما يقضى به تشريع عمر بن الخطاب رضى الله عنه . 

(5) أثبتها عنان : ولحق بجنده» والواو زائدة . 

(0) أثبتها عنان : الشادة بالدال » وهو خطأ . راجع دوزى : ملحق القواميس ء مادة شاذء ج١1‏ . ص4 77 . 

(1) أضفنا ما بين الحاصرتين من عندنا » لأن المراد أحمد بن محمد بن موسى الرازى ء لا أحمد بن موسى العدوى الذى 
ذكره عنان فى ال مامش نقلاً عن كشف الظنون . 


58 انفصال العرب عن أهل البلاد أول الأمر 





وكان رزق الغازى بلوائه ( أى صاحب اللواء ) ٠٠١‏ دينار ويبقى المقيم ( أى صاحب 
اللواء المقيم ) بلا رزق ثلاثة أشهر ثم يدال ( صاحب اللواء ) بنظيره من أهله أو غيرهم . 

- وكان الغزاة من الشامبين » مئل إخوة المعهود له ( أى صاحب لوائهم ) أو بنيه 
أو بنى عمه يرزقون عند انقضاء غزاته ٠١‏ دنائير . 

8 - وكان يعقد المعقود له ( أى صاحب اللواء ) مع القائد ( أى قائد الجيش المركزى » 
ومعنى يعقد له أن يتعهد له ) يتكشف عمن غزا ويستحق العطاء » فيعطى على قوله تكرمة 
له. ٍْ 

4 - وكانت خدمتهم ( أى خدمة الشاميين ) فى العسكر ( أى الجميش العام للدولة ) 
واعتراضهم إليه ( أى أن قيادة الجيش هى التى كانت تستعرضهم قبل الخروج ) . 

٠‏ - ومن كان من الشاميين غازياً من غير بيوتات العقد ( أى من غير بيوتات أصحاب 
الألوية ) ارتزاق خمسة دنائير عند انقضاء الغزو . 

. ولم يكن يعطّى أحد من البلديين شيئاً غير المعقود له‎ - ١ 

١‏ - وكان البلديون أيضاً يعقد لهم لواءان : لواء غاز ولواء مقيم 

٠‏ - وكان يرتزق الغازى [ بلوائه ] مائة دينار وازنة . وكان يعقد لغيره إلى ستة أشهر» 
ثم يدال بنظيره من غيرهم . 

5 - ول يكن الديوان والكتبة إلا فى الشاميين خاصة . 

8 - وكانوا أحراراً من العُشر » معدين للغزو . 

١‏ - ولا يلزمهم إلا المقاطعة على أموال الروم التى كانت بأيديهم 

- وكان العرب من البلديين يؤدون العشر مع سائر أهل البلد ( > أهل البلاد). 

- وكان أهل بيوتات منهم ( أى من أهل البلاد ) يغزون كما يغزو الشاميون» بلا 
عطاء » فيسير بهم إلى ما تقدم ذكره ؟ وإنما كان يكتب أهل البلد فى الغزو . 

9 - وكان الخليفة يخرج عسكرين إلى ناحيتين . 

٠‏ - فيستتر بهم ( أى يستعين بالمقيدين من أهل البلاد فى الغزو ليحتمى بهم أثناء غياب 
العسكرّين الرسميين فى الغزو) . 


اشتراك أهل البلاد فى الجيوش 24 





١‏ - وكانت طائفة ثالئة يسمون ١‏ النظراء ؟ من الشاميين والبلديين » كانوا يغزون كما 
يغزو أهل البلد من الفريقين ؛ 7 . 

وهذا نص واضح مفصل يلقى ضوءاً على أسلوب حياة العرب ووظيفتهم فى المجتمع 
الأندلسى . وأهم ما يعنينا منه هو أن جماعات العرب انتشرت ف البلاد ونزلت النواحى 
وملكت الأرض » وكثرت وتمولت . وغالبية هؤلاء من البلديين » أما الشاميون فقد كانت 
لهم الصدارة » كانوا عماد الجيوش وأصحاب الديوان والكتبة فيه » وكان عليهم أن يقدموا 
للجيش المركزى لواءين ٠‏ لواء يخرج للغزو ولواء يقيم على الأهبة » واللواء الغازى لا يقيم 
فى الغزو إلا ثلاثة أشهر ثم يعود ويخرج الثانى » وكان لكل لواء أمير يرزق ٠٠١‏ دينار عن 
كل غزوة » أما الجند وأقارب صاحب اللواء فكان الواحد منهم يُرزق عشرة دنانير فى نهاية 
كل غزوة . وكانوا فى مقابل هذه الخدمة الحربية المستمرة يعفون من أداء العُشر » ويستولون 
على ثلث أموال من نزلوا بأرضهم من أهل البلاد . أى أن الدولة منحتهم حق ملكية ثلث 
هذه الأموال . فإذا ذكرنا أن القوط أيضاً كانوا يستولون على ثلث الأموال فى مقابل الخدمة 
العسكرية » تبينا أن أولئك الشاميين حلوا فى الواقع محل القوط فى وضعهم وحقوقهم . 
وإقطاع المحاربين الثلث عَرْف غير إسلامى » وإنما هو استمرار لتقاليد القوط مع خلاف 
واضح استتبعته العدالة الإسلامية » فإن القوطى كان يستولى على الثلثين(501165 - 5015) 
ويترك لأهل البلد الغلث (1865018) » أما العرب فلم يسمحوا للمحارب منهم بغير الثلث 
وتركوا الثلثين لأهل البلاد . 

أما العرب البلديون - وهم القدامى من اليمنيين والشاميين » ومعظمهم من اليمنيين - 
فقد اختلطوا بأهل البلاد وزرعوا وحصدوا وسقط عنهم التكليف العسكرى ء غير أنهم 
كانوا يستطيعون الانخراط فى ألوية خاصة بهم » ولا يقدر عطاء إلا لرؤسائهم أصحاب 
ألويتهم . أما المقاتلون منهم فلم يكونوا يعطون شيئاً » وحسبهم ما كانوا يحصلون عليه من 
غنيمة » وكانوا يدفعون العشر كغيرهم من زراع أهل البلاد » فى حين كان الشاميون معفين 
من العشور » بالضبط كما كان القوط معفين من الضرائب . 
اشتراك- والإشارة إلى أهل البلاد هنا جديرة بالملاحظة , والمراد بهم كا قلنا أهل البلاد 
ليرد الأصليون » فهؤلاء لم يكونوا ملزمين بالغزو بل كان يتطوع منهم من يريد » 


(١)ابن‏ الخطيب : الإحاطة. ص8 .1١١-1١١‏ 


ا التقليد الغامى - الإدارة المركزية 


ويقيد اسمه فى سجلات المعسكر ولكنهم كانوا لا يرزقون » شأنهم فى ذلك شأن البربر 
والعرب البلديين » وكانت تؤلف منهم قوات احتياطية يستعين بها الحاكم إذا خرجت 
جيوشه للغزو. 

7 التقليد والخلاصة أن الشاميين الذين أتوا مع بلج أصبح لهم مركز ممتازء فهم رجال 
"“*” الأجناد وأهل الديوان ؛ وهم لا يدفعون العشور » أى أن الدولة الإسلامية 
الأتدلسية صارت شامية بعد مجىء طالعة بلج : أصبح أهل الشام أصحابها وذوى المكانة 
العليا فيهاء وهذا ما يعرف فى تاريخ الأندلس بالتقليد الشامى » وقد أيد أمراء بنى أمية هذه 
الشامية على طول تاريخهم » حتى أن الأمير حمداً رفع الشاميين فوق غيرهم » وقرر لهم 
ذلك الامتياز الذى سيحافظون عليه حتى منتصف إمارة عبد ال رحمن الناصر على الأقل . 


0 


,م؟ -الإدارة ال تكاد المراجع التى بأيدينا تقدم لنا شيئاً يعيننا على تكوين صورة تقريبية عن 
الدكنية النظام الذى أدار العرب به شئون الأندلس خلال الأربعين سنة التى سبقت 
قيام الدولة الأموية » وقد كان من الميسور أن نقول إن الأندلس أدير على النحو الذى أديرت 
به مصر مثلاً خلال القرن الأول الذى تلا الفتح » لو كانت لدينا بضع معلومات رئيسية 
تؤيد القول بأن الأمر فى الأندلس كان كما كان فى غيره من البلاد التى فتحها المسلمون » 
ولكن هذه المعلومات الرئيسية ليست بين أيدينا مع الأسف . حتى الخراج والجزية - وكانا 
موضع اهتمام مؤرخى الفتوح - لا نجد لما ذكراً واضحاً فى تواريخ الأندلس التى بين 
أيدينا » بل ليس فيها ذكر لقدر الخراج أو نظامه ولو مرة واحدة نستطيع القياس عليها » ولو 
أننا قلنا إن الأندلس لم يرسل إلى دار الخلافة خراجه مرة واحدة لما بالغناء ويبدو من مجموع 
ما لدينا من المعلومات أن عرب الأندلس الذين فتحوه أداروه على غير نظام ثابت معروف 
كما سترى 2١(‏ . وسئورد فيما يل ما لدينا من البيانات عن الإدارة المركزية . 
د عد عد 

)١(‏ اكتفى صاحب ١‏ فتح الأندلس »؛ فى بيان سياسة المسلمين فى الأندلس بقوله إن موسى غفت عينه أثناء العبور إلى 
الأندلس وه رأى موسى النبى يك فبشره بالفتح » وأمره بالرفق بالمسلمين والوفاء بالعهد للمشركين ... »» وهذا هو 
كل ما نجده فى هذا الكتاب عن حكومة المسلمين فى الأندلس فى عهد الولاة ! 

انظر : « فتح الأندلس » »ص8 . 

وقد اكتفى نفس المؤلف فى الكلام عن تصرف طارق ف الغنائم بقوله : ٠‏ وجمع طارق الغنائم وأخرج خمسهاء 


وقسم باقيها ؛ دون أن يذكر لنا ماذا فعل طارق بهذا الخمس - ( فتح الأندلس ء ص7 ) . ثم أكد بعد ذلك أمر تقسيم 
الغنائم بين الفاتحجين وفصل تلك الغنائم بأنها كانت سبياً ومتاعاً وأرضين ورباعاً ( أى بيوتاً ) - نفس المصدرء ١‏ - 


نظام الولاية الا 


دم نظام ويبدو اضطراب هذا النظام فى صورة واضحة جداً فى طريقة تولى ولاة 
الولاية الأندلس مناصبهم » فقد مُتِح الأندلس على يد عامل إفريقية موسى بن نصير : 
بعث مولى من مواليه البربر هو أبو زرعة طريف فاستطلعها له » ثم بعث مولى آخر بربرياً هو 
طارق بن زياد ففتحها » ثم عبر هو بنفسه فأتم هذا الفتح وأصبح أول ولاتها . واعتبرت 
الأندلس جزءاً من المغرب يولى عليها عامل المغرب من يريد من رجاله » كما اعتبرت أفريقية 
ولاية تابعة لوالى مصر فى أول أمرها ء ولهذا ترك موسى عليها ابنه عبد العزيز بن موسى 
حينما رحل إلى المشرق فى أواخر سنة 4ه . ولم يثبت الخليفة سليهان بن عبد الملك فى 
الولاية » فظل والياً معتمداً على وصاة أبيه له بالحكم . 

فلم| قتل عبد العزيز بن موسى انفرد جند الأندلس بإقامة واليهم » فأقاموا أيوب بن 
حبيب اللخمى ابن أخت موسى بن نصير : لم يولّه والى إفريقية ولا الخليفة سليهان بن عبد 
الملك أيضاً ويّفهم من النصوص أن البربر كانوا أصحاب اليد الطولى فى قيامه بالولاية . 

وأراد سليهان بن عبد الملك أن يصحح هذا الوضع الشاذ . فقرر أن يعيد هذا الحق إلى 
والى إفريقية » فلم| ولى على إفريقية محمد بن يزيد عجل هذا فبعث إليها الخُر بن عبد الرحمن » 
ويبدو أن الحر أحس أن عرب الأندلس سيعارضون فى ولايته وسيدافعون عن هذا الحق 
الذى كسبوه لأنفسهم » فاستصحب معه أربعائة من وجوه إفريقية ليؤيدوه » وقد قبله أهل 
الأندلس دون مقاومة . ولم يكد المقام يستقر به حتى ععجل بنقل دار الإمارة من إشبيلية إلى 
قرطبة » وربما كان دافعه إلى هذا رغيته فى الابتعاد عن جماعات العرب التى استقرت ىق 
إشبيلية وكثرت فيها » ورغبته فى أن يكون بموضع أقرب إلى الجزيرة الخضراء والمغرب من 
إشبيلية » ولم يكن دافعه محرد الرغبة فى جعل دار الإمارة بمكان يتوسط شبه الجزيرة ىا 
تقول المراجع » لأن قرطبة ليست فى وسط الجزيرة على أى حال . 

وم تَطُّل ولاية الحر على الأندلس أكثر من ستتين وثمانية أشهر ( ذو الحجة /41 - رمضان 
٠٠٠اه/‏ أغسطس 7١5‏ - مارس - أبريل ١8‏ لام ) لم يستطع خلاها أن يقوم بأمر ذى يال. 
- ص١1‏ . وبلغ من اضطراب أخبار مصير خمس الدولة من المغانم أن ذهب نفس المؤلف إلى أن هشام بن عبد املك 


وهبها لحفيده عبد الرحمن ( كذا ) فأرسل هذا من لدنه تائباً عنه ليجمعها له ء وتلك أسطورة من غير ريب ء يغلب أنها 
ظهرت بعد قيام الدولة الأموية الأندلسية - ( فتمح » ص5١‏ ). 


اع تفكبر الخدلافة فى إخلاء الأندلس 





جم تفكير ١‏ فإذا كانت خلافة عمر بن عبد العزيز وجدنا أنفسنا أمام أمر غريب لم نسمع 
الخلاقة ف إخلاء . 2 . . لاه والليحه 1 له . 

اي بمثله فى بلد آخر مما فتح المسلمون » وهو رغبة الخلافة فى إخلاء الأندلس 

واسترجاع العرب منها » ولو ورد لنا هذا فى مرجع واحد لا علقنا عليه أهمية 

كبيرة » ولكن إجماع المراجع على ذكره يجعلنا نفكر فى البواعث التى حدت بعمر بن عبد 
العزيز إلى التفكير فيه » وهو المتحمس للإسلام الراغب فى بسط رواقه وإدخال الناس كلهم 
فى رحابه . ولا شك فى أن دافعه إلى ذلك كان إحساسه بأن أحوال المسلمين فى الأندلس 
ليست على ما يرام » وأن مستقبل الإسلام فى هذا البلد القصى لا ينبىء بخير كثير » ويبدو 
أن غرض عمر بن عبد العزيز الأول من إرسال السمح كان استطلاع أمر البلاد» مما يدلنا 
على أن أخبار الأندلس كانت طوال الفترة الماضية منقطعة تماما عن مركز الخلافة » وأن عمر 
ابن عبد العزيز لم يكن يعرف عنها شيئاً » ولم يكن يصل إليه شىء من أمواها . ولهذا « أمره 
أن يحمل الناس على طريق الحق » ولا يعدل بهم عن منهج الرفق » وأن يخمس ما غلب عليه 
من أرضها وعقارها » ويكتب إليه يصفة الأندلس وأنهارها » وكان رأيه نقل المسلمين منها 
ونقلهم عنها ء لانقطاعهم عن المسلمين واتصاهم بأعداء الله الكفارء فقيل له إن الناس قد 
كثروا مها وانتشروا فى أقطارها» فأضرب عن ذلك 64 37) . 

بيد أن ارتباط فكرة إخلاء الأندلس بمجىء السمح وأمره بتخميس ما عُلبٍ عليه من 
أرضها يلقى على ا موضوع شعاعاً من النورء ويُفهمنا أن الأندلس لم يكن قد تم تخميسه إلى 
ذلك الحين » ولم يكن قد بعث إلى دمشق بشىء من أمواله » فلا عجب أن وقر فى أذهان 
الخلفاء أنه بلد لا خير للمسلمين فيه وليس لهم بين رحابه بقاء فأرادوا إخلاءه . ثم إن أمر 
المسلمين لم يستقر فيه خلال الولايات الثلاث الماضية على نحو يبعث على الأمل فى صلاح 
مستقبله . فقد حاول عبد العزيز بن موسى الوثوب بالخلاقة » ووقع بينه وبين عرب 
الأندلس خلاف شديد » فل| قتل قدم اليربر على أنفسهم أيوب بن حبيب اللخمى ابن أخت 
موسى بن نصير ء فكان فى توليته على هذا النحو ما أثار حاوف الخلافة . ثم خلفه الحر بن 
عبد الرحمن الثقفى . ولم يوله سليهان وإنما ولاه محمد بن يزيد عامل إفريقية لسليهان » فلم 
يظهر كفاءة خاصة ؛ وكانت البلاد فى حاجة إلى من يرتب أمورها ويضع أسس الإدارة 
العربية فيها » ووجدت الخلافة نفسها بين أمرين فى شأن الأندلس : إما إخلائه أو تنظيمه » 
فل) استيانت صعوبة الأمر الأول لم يبق إلا المضى فى الثانى . 
(١)ابن‏ عذارى : البيان» ج؟ . ص8 ؟ . 


تفكير الخلافة قى إخلاء الأندلس قفد 





وستحدث عن أعمال عمر بن عبد العزيز الإدارية فى فقرة تالية » وإنما يكفى أن نذكر 
هنا فى حديئنا عن نظام الولاية » أن السمح كان أول وال تقيمه الخلافة على الأندلس » وأن 
عمر بن عبد العزيز حين استقر رأيه على المضى فى تعمير الأندلس » لم يعهد إلى واليه السمح 
ابن مالك فى روك البلد وإحصاء أراضيه وتنظيم أموره على أمسس الشريعة . بل ندب لذلك 
مو من مواليه تسميه المراجع « جابراً ؛ نستطيع القول إن المخلافة اعتبرته عامل خراج 
للاندلس » وفصلت بذلك شئون الخراج عن الولاية العامة » ولم يتح لجابر هذا أن يستمر فى 
مهمته » فقد رفع يده عن التخميس بمجرد أن وصله نبأ موت عمر بن عبد العزيز» ولم 
تلبث ولاية السمح نفسه أن انتهت ء إذ قتل على ما رويناه وعادت الأندلس إلى التبعية 
لإفريقية » وقد حاول جند الأندلس انتزاع هذا الحق من عمال إفريقية » فأقاموا عبد الرحمن 
الغافقى والياً ء وكانت تلك هى ولايته الأولى ولكنها لم تدم إذ أن بشر بن صفوان عامل 
المغرب ولى أحد رجاله - وهو عنيسة بن سحيم - على الأندلس . 

ولم يجر الأمر على التبعية المطلقة للمغرب بعد ذلك . لأن عرب الأندلس لم يدعوا فرصة 
مُكنهم من استعادة هذا الحق إلا اتتهزوها » فحينما مات عنبسة (شعبان 7١٠١ه‏ / فيراير - 
مارس 77/ام) عنجلوا بإقامة أحد رجاهم وهو عُذْرة بن عبد الله الفهرى . ول تدم ولايته 
أكثر من شهرين ٠‏ لأن بشر بن صفوان عامل إفريقية عجل بإرسال يحبى بن سلامة عاملاً 
على الأندلس فى شعبان من نفس السنة » ولم تزد ولاية يحيى بن سلامة على ستتين وستة 
أشهر على أوسع الفروض .» إذ عزله والى المغرب الجديد عبيدة بن عبد الررحمن واستبدل به 
أحد رجاله وهو حذيفة بن الأحوص القيسى (ربيع الأول ١١٠ه‏ / يونيو - يوليو 
ام . 

ولم تطل ولاية حذيفة إلا أشهراً : إذ خلفه عثمان بن أبى نسعة الخثعمى ( فى شعبان ١١١‏ 
/ نوفمبر - ديسمير 178/م) وكذلك وقع للواليين اللذين خلفاه وهما اليثم بن عبيد 
الكلابى ومحمد بن عبد الله الأشجعى ء فلم تطل ولاية هؤلاء الأربعة عن سنة وخمسة أشهر 
( شعيان ١١١‏ - صفر ؟7١١/‏ نوفمير - ديسمير 718ل - مارس - أبريل 077٠١‏ . وقد 
ولاهم جميعاً عمال إفريقية » حتى عبد الرحمن الغافقى الذى أتى بعدهم فقد كان لابد أن يقر 
عبيدة بن عبد الرحمن ولايته رغم ما كان بينهها من خلاف (") . 
)١1(‏ انظر ثبت الولاة الذى ذيل به لافويتى إى ألكانترا ترجمته الإسبانية للأخبار المجموعة . ص 568 . 
(7) ابن عبد لمكم : فتوح مصر والمغرب والأندلس ٠‏ ص 7077-15١6‏ . 


5ع تفكير الخلافة فى إخلاء الأندلس 





وحين)| استشهد عبد الرحمن الغافقى ( رمضان ١١4‏ / أكتوبر 7/م) ولَّ جند الأندلس 
على أنفسهم عبد الملك بن قطن الفهرى . وقد أقر عامل إفريقية هذا الاختيار» ولكن عبيد 
الله بن الحبحاب لم يلبث أن عزله بعيد ولايته على المغرب وولى مكانه عقبة بن اجاج 
السلولى . ولا نزاع فى أن عرب الأندلس - واليمنيين منهم بوجه خاص - لم يرضوا عن 
ذلك الإجراء » فلم يزالوا يرقبون الفرصة حتى إذا سنحت لهم باشتغال عبيد الله بن 
الحبحاب بثورة البربر فى إفريقية عجلوا فوثبوا بعقبة(21 » ويقال إن عقبة أوصى لعبد الملك 
ابن قطن قبل موته » ومهما يكن من الأمر فقد تولى عبد الملك بن قطن للمرة الثانية بإرادة 
جند الأندلس . 

ولم يتدخل عمال إفريقية ولا الخلفاء فى تولية عمال الأندلس من ذلك الحين إلى قدوم أبى 
الخطارء فد وثب بلج بن بشر بعبد الملك بن قطن » وزعم أن هشام بن عبد الملك أوصى له 
بالولاية وهو زعم لا نملك ما يؤيده » وخلفه ثعلبة بن سلامة بإرادة القيسيين » ولم يعد 
الأمر إلى عمال أفريقية إلا فى رجب سنة /ا١١ه‏ / أبريل 5م حينا أتيح لحنظلة بن 
صفوان عامل أفريقية أن يولى على الأندلس أبا الخطار الحسام بن ضرار الكلبى ( رجب 
6اه/ مايو 57 لام) . 

ولا نزاع فى أن أبا الخطار كان يتوقع معارضة القيسيين فى ولايته ولهذا سار إلى الأندلس 
شبه مستخف . وكان معه ثلاشون رجلاً من الشاميين أراد أن يستعين بهم على بنى 
عمومتهم . وكان لواؤه فى سِنَّ داخل عيبته » فليا نزل على وادى شوش أصلح من شأنه 
وركب السن باللواء فى القناة » ثم تقدم . فلها أشرف من فج المائدة » والحرب قائمة بين 
الشاميين والأمويين وبين البلديين والبربر » ونظر الفريقان إلى اللواء حلوا الحرب وأسرع 
كل واحد من الفريقين إليه » فقال لهم : ٠‏ تسمعون وتطيعون ؟ فقالوا : نعم ..» 2'7. وقد 
سمعوا بالفعل وأطاعوا أبا الخطار الذى أتاهم بسجل حنظلة بن صفوان بعهد أمير المؤمنين 
هشام إليه » ولكن طاعتهم لم تطل إلا ريثا استبانوا فى أبى الخطار بعض الميل إلى اليمنية 
فانقلبوا عليه وقتلوه » وصار الأمر إلى يوسف الفهرى والصميل » ولا زالا فيه حتى انتزعه 
منهم| عبد ال رحمن الداخل . 


. ١4 ابن القوطية : افتتاح » صص‎ )١( 
8 ١9ص‎ » (؟) ابن القوطية : افتتاح‎ 


تفكير الخلافة فى إخلاء الأتدلس ع1 





لم تسر الولاية فى الأندلس إذن على قاعدة واحدة » بل كانت فى يد الخلافة المركزية حيناً » 
وبيد عمال المغرب حيناً آخر » وبيد مسلمى الأندلس أنفسهم فى معظم الأحيان » وكان هذا 
مظهراً من مظاهر الاضطراب الإدارى الذى ساد الأندلس خلال هذه الفترة . 

ولسنا نستطيع أن نتعرف مدى السلطان الذى تمتع به كل واحد من هؤلاء الولاة » فمن 
الثابت أن قيادة الجند كانت بأيديهم » وأنهم كانوا يولون القضاة كذلك . ولكن سلطانهم 
على مسائل الخراج موضع شك كبير . وكل ما يمكننا أن نقوله هو أننا لم نسمع عن عامل 
خاص بالخراج والجباية إلا فى حالتين : حالة جابر الذى تحدثئنا عنه » وحالة رجل يسمى أبا 
عثمان بن عبد الله « صاحب أزمّة الأرض والخراج »(2. وربها جاز أن نقول إن شئون 
الخراج كانت بيد عمال الأندلس فكانوا يولونه من يشاءون . وسنرى أن شئون المال كانت 
ترزح تحت خلل شديد . 

ولما كنا لى نسمع عن إرسال خخراج من الأندلس إلى أفريقية أو إلى المشرق » فالغالب أن 
عامل الأندلس كان ينفق بعضه على أجناده ويحتفظ بالباقى لنفسه : إما لينفق منه على 
الحملات والمرافق العامة أو لشئونه الخاصة . 

ولم يرد فى النصوص ذكر لبيت المال » أو صاحب بيت المال » وحتى فى المناسبات التى 
كان الوالى يُخرج فيها بعض المال لشئون الجند . نجده يخرجه من عند نفسه لا من بيت المال » 
ما يدل على أن عمال الأندلس لم يحفلوا بإنشاء إدارة خاصة لشئون الخراج . 

وم يمتد سلطان الوالى على عرب الأندلس أجمعين إلا فى النادر » وكانت هناك دائيهاً 
جماعات كبيرة خارجة عن سلطانه بنواحيها . ولم يزد سلطانه فى أيام يوسف الفهرى على 
إقليم قرطبة » وقد أدى ذلك إلى قلة ما لديه من المال » فهبط سلطان الوالى على البلاد خلال 
السنوات العشر التى سبقت قدوم عبد الرحمن الداخل هبوطأ بالغا . 

وكان جهد الولاة الأول - قبل اندلاع نيران الثورة البربرية واشتداد منازعات العصبية 
- منصرفاً إلى إتمام الفتح » ومواصلة الغزوات فيما وراء البرانس » وكان هذا هو عمل الولاة 
الأول حتى نهاية ولاية عقبة بن الحجاج السلولى ('2 » ثم انصرف عرب الأندلس عن ذلك 


. 04 فتح الأندلس» ص‎ )١( 
زفق 28 .م .1 ,عتتقاص أناكنت8 عمعدمحظ'! عل 151ل مافبااع /1ا 20م - الاعا‎ 


كلاع ثبت بولاة الأندلس 





انصرافاً تام تقريباً » ولم يعد أمراء الأندلس إلى الغزو إلا بعد أن قامت الإمارة الأموية على 
يدى عبد ال رحمن الداخل . 

أما اهتمام الولاة بشئون المرافق العامة فلم نسمع عنه إلا فى مناسبة واحدة » وذلك أثناء 
ولاية السمح بن مالك القصيرة . فقد ابتنى قنطرة قرطبة على الوادى الكبير بناء حستاً أورد 
خبره صاحب « فتح الأندلس » بتفصيل لا بأس من إيراده فقال : « وقال ابن مفرج فى 
تاريخه : أصاب المسلمون إذ فتحوا الأندلس بمدينة قرطبة آثار قنطرة رفيعة القدر معقودة 
فوق نبرها الجارى على عدة حنايا وثاق الأركان من تأسيس الأمم الماضية الدائرة » لم يبق 
منها إلا رسوم ء ولا يصل الناس إلى قرطبة إلا فى السفنء فيلقون فى ركوها مشقة عظيمة » 
جسر فى معمور الأرض من حجارة سور المدينة » وكانت القنطرة القديمة موصولة الرقبة 
بباب المدينة القبل المدعو بها )(21» وهذا هو المرفق الوحيد الذى حرص ولاة هذه الفترة على 
الاهتمام به » إذا استثنينا جبانة قرطبة التى أنشئت فى زمن السمح بن مالك أيضاً (" . 
»هء-نبت ١‏ ونختم كلامنا عن عصر الولاة بثبت بولاة الأندلس من لدن الفتح إلى قيام 
بولاةالأندا دولة عبد الرحمن بن معاوية الداخل : 
١‏ -طارق بن زياد 

من رجب 47ه/ أبريل - مايو ١١/ام‏ إلى رمضان 97ه / يونيو 17 لام 
؟ - موسى بن نصير 

من رمضان 1ه / يونيو ١1‏ لام إلى صفر 44ه/ أكتوبر - نوفمير 17لام 
- عبد العزيز بن موسى 

من صفر 45ه/ أكتوبر - نوفمبر 17 لام إلى رجب 417ه / مارس ١5‏ لام 
5 - أيوب بن حبيب اللخمى 

بعد شهور من مقتل عبد العزيز إلى ذى الحجة /11ه / أغسطس ١5‏ لام 
)١(‏ فتح الأندلسء» ص 836 . 


والأخبار المجموعة .ص4؟ . 
02)ابن عفارى : البيان المغرب » جل” ٠‏ صه ؟ . 


نيت بولاة الأندلس الا 





4 - الخر بن عبد الرحمن الثقفى 

من ذى الحجة 47 / أغسطس 7١١‏ - إلى رمضان ٠٠١‏ / مارس - أبريل ٠١4‏ 
5 - السمح بن مالك الخولانى 

من رمضان ٠٠١‏ / مارس - أبريل 1١8‏ إلى ذى الحجة ٠١7‏ / يونيو ٠7١‏ 
/ - عبد ال رحمن بن عبد الله الغافقى ( المرة الأولى ) 

من ذى الحجة /٠١7‏ يونيو 17١‏ - صفر /٠١7‏ أغسطس ١7لا‏ 
8 - عنيسة بن سحيم الكلبى 

من صفر ٠١‏ / أغسطس 5١‏ إلى شعبان ٠١‏ / يناير 77 
4 - غذرة بن عبد الله الفهرى 

من شعبان / ١٠١‏ / يناير 77ل إلى شوال ٠١1‏ / فبراير - مارس 7١5‏ 
٠‏ - يحجى بن سلامة العاملى الكلبى 

من شوال ٠١7‏ / فبراير - مارس 77 إلى ربيع الأول ٠١١‏ / يونيو - يوليو 778 
١‏ حذيفة بن الأحوص القيسى 

من ربيع الأول ١١١‏ / يونيو - يوليو 78/ إلى شعبان /١١١‏ نوفمير - ديسمبر778 
1 > عثهان بن أبى نسعة الخثعمى 

من شعبان ١٠١١‏ / نوفمبر - ديسمبر 78/ إلى المحرم ١١١‏ / أبريل ٠74‏ 
١١‏ - الهيثم بن عبيد الكلابى 

من المحرم ١١١‏ / أبريل 74/ إلى ذى القعدة ١١١‏ / يناير - فبراير ٠٠لا‏ 
14 - محمد بن عبد الله الأشجعى 

من ذى القعدة ١١١‏ / يناير - فبراير 71٠0‏ إلى صغر ١١7‏ / مارس - أبريل 77٠‏ 
6 - عبد ال ر حمن بن عبد الله الغافقى ( المرة الانية ) 


صفر /١١7‏ مارس - أبريل ٠‏ *ل إلى رمضان ١١5‏ / أكتوبر 7٠7‏ 


وفك ثبت بولاة الأندلس 


1 - عبد الملك بن قَطن الفهرى المرة الأولى ) 
من رمضان ١١5‏ / أكتوبر ””/ا - شوال ١١5‏ / نوفمير 5 "/ا 
١‏ - عقبة بن الحجاج السَّلولى 
من شوال ١١5‏ / نوفمبر 1/75/ صفر ١57‏ إلى يناير ١5لا‏ 
8 - عبد الملك بن قطن الفهرى ( المرة الثانية ) 
من صفر ١١7‏ / يناير ١‏ 5/ إلى ذى القعدة ١7‏ / سبتمير 75١‏ 
- بلج بن بشر القسَيْرى 
من ذى القعدة ١7‏ / سبتمير 75١‏ إلى شوال ١75‏ / أغسطس 757 
٠‏ - تعلبة بن سلامة العامل 
من شوال ١١5‏ / أغسطس 57 إلى رجب ١١5‏ / مايو ٠47‏ 
١‏ - أبو الخطار الحسام بن ضرار الكلبى 
من رجب ١758‏ / مايو 57 إلى رجب ١77‏ / أبريل ٠45‏ 
1 - ثوابة بن سلامة الجذامى 
من رجب ١51‏ / أبريل 45/ إلى المحرم ١74‏ / سبتمبر - أكتوبر 717 
أعقبت موته أربعة أشهر من الاضطراب تولى الأمر خلانها عبد الرحمن بن كثير اللخمى 
دون ولاية 
31" - يوسف بن عبد الرحمن الفهرى 
( بالاشتراك مع الصميل بن حاتم ) 


من ربيع الثانى ١19‏ / ديسمبر 55 ويناير 417 إلى ٠١‏ ذى الحجة ١4 / ١74‏ مايو 
70 


وهو تاريخ بدء إمارة عبد ال رحمن بن معاوية الداخل . 


عد اعد 


الناحية المالية - أسس النظام المالى فى الأندلس برواية محمد بن مزين ع 





4ه الناحية بيد أن عقدة العقد فى تاريخ عصر الولاة هى ناحية الخراج وتوزيع الأرض» 
المالية وبين المراجع خلاف شديد حول هذا الموضوع . والواقع الذى نستطيع 
استخلاصه من مجرى الحوادث هو أن هذه الناحية كانت مضطربة فى الأندلس اضطرابا 
شديداً » وأن ولاة الأندلس لم يستطيعوا أن يخضعوا أرض شبه الجزيرة وعقارها للقواعد 
التى تقررها الشريعة للأرضين والعقارات ف البلاد المفتوحة , هذا على الرغم من أن موسى 
ابن نصير قد حاول ذلك على أول الفتح ثم حاد عن النظم التى وضعها وأساء التصرف ى 
الأموال . وكان هذا من أسباب نكبته . وكان كذلك من أسباب البلاء فى الأندلس فيي) بعد 
لأها لم ترزق بعد ذلك بوالٍ أتاحت له مواهبه وظروفه إعادة الأمور إلى نصابها الذى كان 
ينبغى أن تكون عليه » حتى قامت الدولة الأموية . 
00 وإليك أسس النظام المالى ى! قررها موسى بن نصير بين يدى الفتح . «قال 
النظم الى فى 2 محمد [ بن مزين ] : وحين تم افتتاح المسلمين [ الأندلس ] قسمها موسى 
اتلد بدوية 0 ابن نصير البكرى التابعى بين الجيوش الذين دخلوها كما قسم بينهم سَبْيها 
وسائر مغائمها . واخرج من أرضها ورباعها الخمس ك) أخرجه من سبيها 
ومتاعها. واختار من خيار السبى وصغاره مائة ألف وحملهم إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد 
الملك . وترك سائر الخمس من كبل والسبى ( كذا . ولعل صحتها كبار السبى ) ووخش 
الرقيق فى الخمس من الأرضين يعمرونها ليئلث مال المسلمين » وهم أهل البسائط . وكانوا 
يعرفون بالأخحماس. وأولادهم بنو الأخماس . قال : وأما سائر الناس النصارى الذين كانوا 
فى المعاقل المنيعة والجحبال الشامحة » فأقرهم موسى بن نصير على أموالهم ودينهم بأداء الجزية» 
وهم الذين بقوا على ما حيز من أموالحم بأرض الشمال » لأنهم صا حوا على جزء منها مع أداء 
الجزية » فى أرض الثمر وأرض الزرع على ما فعله خير من اقتّدى به يَف بيهود خيبر فى 
نخيلهم وأرضيهم .. »200 . 
وهى عبارة يُفهم منها أن موسى بن نصير اعتبر الأندلس » ما عدا نواحى الشهال » قد 
12) رواجم نض عمد بن رين الذى نشره دوزي كمتحق انسل 
بآلا - للل.مم عاتلمعممة .1 .وعطء عه ,لإتمط 
ويلاحظ أن هذه القطعة مأخوذة من الرسالة الشريفية » وهى قطعة من ٠‏ رحلة الوزير لافتكاك الأسير * للغسانى ٠‏ 
كيا سنرى بعد قليل . 


وانظر عن محمد بن مزين : 
3 .11 لقططىة عل اأعما عه .متن5 ,لإ202] 


2 أسس النظام المالى فى الأندلس برواية محمد بن مزين 





تحت عنوة » فأخذ خمسها لبيت المال ووزع الباقى بين الفاتحين » وأخذ جزءاً من خمس 
السبى فبعث به إلى الوليد بن عبد الملك وأطلق الباقى فى أرض الخدمس ليزرعوه وليثلث 
مال المسلمين » وهى عبارة غامضة لا يفهم المراد منها بالضبط : هل تركهم على أن يؤدوا 
ثلث المحصول أو ثلثيه للمسلمين ؟ ولم يعين لنا النص أرض الخمس هذه ء وربما استطعنا 
تحديدها على وجه تقريبى مستعينين بها سنورد من النصوص القليلة التى عثرنا عليها . 
وأما إشارته إلى الأراضى التى تُركّت بين يدى أهلها على شرط أداء الجزية عنها فإشارة 
لا تكاد تغنى » لأنه يقرر أنها أرض ١‏ سائر النصارى الذين كانوا فى المعاقل المنيعة » والجبال 
الشامة .. بأرض الشمال » » فأى أرض شمال (١؟‏ ؟ وهل لم تكن فى غير الشمال بلاد فتتحت 
صلحاً على الإطلاق ؟ 
ثم يعود محمد بن مزين فيوضح ما قاله بعض الشىء ويقول  :‏ فلم يبق بالأندلس بلدة 
دخلها المسلمون بأسيافهم وتصيّرت ملكا لهم إلا قسم موسى بن نصير بينهم أراضيها إلا 
ال رو را و و للد وج 81 إل ترق رجاه اللا سيت 
على النواحى التى فحت بالسيف ( عدا النواحى الثلاث المذكورة) :ماما جح ملعا فده 
تركه بيد أصحابه على أن يؤدوا الجزية » ويعود فيناقض نفسه ويقول : * فقال بعض علماء 
السلف بأرض الأندلس أن أكثرها إن) فتح صلحاً إلا الأقل من مواضع معروفة » وأنه لما 
هزم لذريق لم يقف المسلمون بعد ذلك ببلد إلا أذعنوا إلى الصلح : وكذلك بقى الروم فيها 
2 . 2 20 5 : 
على أرضهم وأموالهم يبيعون ويباع منهم » أى أن الذى فتح عنوة وخمس وقسم باقيه بين 
)١(‏ وودت هله العبارة مفسرة بعض التفسير فى الرسالة الشريفية كا بلى : 3 قال جممد بن مزين : وجدت فى خحزانة 
بإشبيلية ممنة إحدى وسبعين وأربعمائة أيام الراضى بن المعتمد سفراً صغيراً من تأليف محمد بن موسى الرازى هاه 
بكتاب الرايات .. . وأما سائر النصارى الذين كانوا فى المعاقل المنيعة والجبال الشائة فأقرهم موسى ين نصير على 
أموالهم وديئهم بأداء الجزية » وهم الذين بقوا على ما حيز من أموالهم بأرض الشمال » » لأهم صا حرا على أجزاء منها 
اا و ركو نوكن ازع ٠‏ عل ما فعله خير من افْتّدى به لك بيهود خيبر فى نخيلهم 
وأرضيهم...؟ - الرسالة الشريفية ص 198 . 
وه الرسالة الشريفية ؛ خطوط صخير عثر عليه خليان ريبيرا ونشره ذيلاً عل ٠‏ تاريخ افتتاح الأندلس لابن القوطية» 
(مدريد 21357, ص 143 وما يليها تحت عنران ‏ نبذة من أخبار فتح الأندلس » وهى مأخحوذة من الرسالة الشريفية إلى 
الأقطار الأندلسية * » ثم تبين قييا بعد أن هذه الرسالة هى الكتاب المعروف باسم ١‏ رححلة الوزير لافتكاك الأسير » لمحمد 
ابن عبد الوهاب الغسائى ( وزير مولاى إسماعيل وسفيره إلى كارلص الثانى ملك إسبانيا عام 5 ١1اها/‏ 33849- 


اام . توى فى زنقة الرطل هن فاس القرويين عام 119اه -هءلام) . نشرها الفريد البستانى فى تطوان سسنة 
لماحل . وتُعرف هذه أيضاً بالرسالة الشريقية » والجزء الذى نشره ريبيرا منها يبدأ فى ص 7 ٠‏ من طبعة الفريد البستانى. 


أمس النظام المالى فى الأندلس برواية محمد بن مزين ا 


الفاتحين كان قليلاً جداً » وأما بقية المفتوح من أرض الأندلس فقد ترك لأصحابه من أهل 
البلاد يفعلون به ما يشاءون على أن يؤدوا عنه الخراج ٠‏ وكذلك كان حال بعض أرض 
الشهال التى صالح عليها أهلها . 

ثم يذكر بعد ذلك أن النواحى التى فحت صلحاً وتّركت بيد أهلها توارثها أصحابهاء 
وأن المسلمين صالحوهم على أرضهم وشجرهم فقط لا سائر أموالهم ء فهذه لم يمسها 
المسلمون بشىء . 

ويقول محمد بن مزين بعد ذلك : ٠‏ ولما وصل خبر فتحها إلى أمير المؤمتين الوليد ووفه 
عليه موسى وجماعة من المستفتحين للأندلس معه يستأذتونه فى إخلاتها والرحيل عنها إلى 
أوطانهم ‏ قرَّهم وأنّسهم وأقطعهم الإقطاعات فيهاء وأقرهم على [ بياض بالأصل ] (21» 
ولم يجعل لهم سبيلاً إلى الخروج منها . ولا أوسعهم عذرا فى إخلائها وردهم إليها ولق 
جيرانهم (') بجوابه » . وطبيعى أن هؤلاء الذين عادوا إلى المشرق وأرادوا ترك الأندلس 
كانوا من العرب . زهدوا ق البلاد لبعدها عن أوطائهم ٠»‏ فاستالهم الوليد إلى البقاء 
بإقطاعهم الإقطاعات » وطبيعى كذلك أن هذه الإقطاعات الجديدة كانت من أرض 
الخمس التى تخص بيت المال . 

فلما كانت أيام عمر بن عبد العزيز » وواليه على الأندلس السمح بن مالك » أقبلت معه 
جماعة من العرب من وجوه إفريقية » ولم يكن عددهم عظي] لأن المراجع تحددهم بأربعاثة 
فقط ٠.‏ فأراد (أى جند السمح) النزول معهم فى أمواههم ومشاركتهم فيا بأيديهم » فوفد لهم 
وفد على أمير المؤمنين عمر وشكوا إليه ذلك » ورغبوا إليه فى الرجوع إلى بلادهم وإدالتهم 
بمن ورد مع السمح . فمنعهم من ذلك وأنّسهم وعقد لهم . وأشهد فى عقدهم على إقرارهم 
فى أموالهم » وأقطع الواردين مع السمح إقطاعات غيرها . وقال : هذه الثغور الحندية لولا 
إقطاعات عمر بن الخطاب رضى الله عنه الجند فيها لم يسددها ٠‏ فكيف بتلك الناحية ؟ فإنًا 
نستخير الله فى إجلاء المسلمين عنها . ثم إنه لم ينفذ ذلك ليبلغ الكتاب أجله»”" . 
ارام ف المع لديف رقم بلي يقبته انم انا ركلف النافية ام ارين .: 
(1) هذه الكلمة قلقة هنا ء وقد وردت على هذه الصورة فى النسخ المطبوعة الثلاث . ورب) كانت صحة قراءتها : 

حيزائهم » أى ما حازوه من أرض . 


(") دوزى : نفس المصدر . صه . 
ورحلة الوزير لمحمد بن عبد الوهاب الغاني .صر 1١١4 -3151١*‏ 


0 أسس النظام المالى فى الأندلس برواية محمد بن مزين 





ونستنتج من هذه العبارة ما يل : 

١‏ - أن عرب الأندلس الذين كانوا قد استقروا بها قبل سنة ١١٠ه//‏ 8 الامكانوا 
أحرص ما يكونون على ما أصابوا من أرض » وأن مجرد تفكير السمح فى إشراك أربعائة 
فقط من العرب الجدد معهم فى إقطاعاتهم كان كافيا لدفعهم إلى تقرير العودة إلى بلادهم 
وترك الأندلس جملة » وهذه ملاحظة هامة تلقى ضوءاً على طبيعة عرب الأندلس فى ذلك 
الحين » ومقدار حرصهم على هذا البلد الكبير . 

؟ - أن تفكير عمر بن عبد العزيز فى إخلاء الأندلس كان راجعاً إلى شكوى هؤلاء 
العرب وتهديدهم بتركها . 

* - وأن هؤلاء العرب كانوا قد استقروا في) استقروا فيه من أرض على اعتبار أنها 
إقطاعات لهم » وسنشرح فيه بعد طبيعة هذه الإقطاعات الأندلسية . 

5 - وأن عمر بن عبد العزيز اضطر إلى إرضاء العرب الجدد بمنحهم إقطاعات جديدة 
من أرض الخمس . 

ه - وأن هذا الإجراء كان كفيلاً بإقناع العرب بالبقاء فى البلاد . 

أى أن أرض الخمس أخذت تتناقص شيئاً فشيئاً وتتحول إلى إقطاعات للعرب » وسنرى 
أنبا ستتلاشى تماماً . 

ويُفهم من بقية حديث محمد بن مزين أن موسى كان قد بدأ بتخميس أرض الأندلس ء 
«وأعجلته حركته منها وإرسال أمير المؤمنين الوليد فيه عن استيفاء ذلك». وكان قد قسم 
الأخاس التى استطاع تحديدها بين من أقبل معه من العرب » وكتب لهم سجلات بهذه 
الإقطاعات وأقر الوليد ذلك , فلما أراد السمح بن مالك أن ينزل مَنْ معه من العرب « مع 
الأولين والمشاركة معهم فى رباعهم وأموالهم » فشخصت منهم طائفة إلى عمر بن عبد 
العزيز رضى الله عنه » وأخبروه بها صنع موسى بن نصير من قسم الأرض بعد إخراج 
الخمس » وإقرار الوليد لهم على ذلك » واستظهروا بسجلاته التى سجلها لهم » فأقرهم أمير 
المؤمنئين رضى الله عنه على ما أقرهم عليه الوليد بن عبد الملك » وعلى ما قسمه بينهم موسى 
ابن نصير » وأمضى لهم ذلك من أمره وسجل لهم بمثله » وكتب لحم إلى السمح بن مالك 
بالوقوف عند هده وإمضاء ما أمر لهم به » وانصرفوا إلى ما تخلفوه مسرورين ومبشرين بها 


رأى ابن حزم 4 





لقوه من فضله وعدله » وكتب إلى السمح أن يدخل الجند الذين دخلوا معه من 
الأخاس:2032. 

وربما كان هذا هو الدافع لعمر بن عبد العزيز وواليه إلى النهوض لإتام ما كان موسى 
ابن نصير قد بدأ به من تنظيم أرض الأندلس وتخميسها » لكى يجد لبيت المال أرضاً غير 
التى استنفدتها إقطاعات العرب . ولكى يجد أرضاً يقطعها للذين يقبلون منهم . 

واستطاع السمح بن مالك أن يقوم بجزء من ذلك العمل » وبدأ بإقليم قرطبة فأخرج 
خمسه فجعل جزءاً منه جبانة للمسلمين » ولا نعرف إن كان قد أقطع الباقى للعرب أو تركه 
ملْكاً ليت المال . ولم يفعل السمح أكثر من ذلك ٠‏ لأن مدته لم تطل » وهكذا ظلت أرض 
الأندلس وأمواها دون تحديد أو تنظيم » ولم يفعل أحد بعد ذلك شيئاً حتى قيام الدولة 
الأموية . 
.,.ربى 020 ونخرج من ذلك كله بأن أرض الأندلس لم تخضع فى تقسيمها لما خضعت له 
ابن حزم بقية بلاد الدولة الإسلامية من تحديد أرض الصلح والعنوة وتقرير حكم كل 
منهم| من ناحية الوضع القانونى أو الجبايات » ويؤيد ذلك نص لابن حزم على أعظم جانب 
من الأهمية لموضوعنا » نورده فيه| يل مقسأ إلى فقرات زيادةٌ فى البيان : 

١‏ -«هذامعمالم نزل نسمعه سماع استفاضة موجب للعلم الضرورى أن الأندلس لم 
تخمس وتقسم كما فعل رسول الله فيها فتح » ولا استّطيبت أنفس المستفتحين وأقرت لجميع 
المسلمين كما فعل عمر رضى الله عنه فيم| فتح » بل نُمّذْ الحكم فيها بأن لكل يد ما أخذت . 

١‏ - ووقعت فيها غلبة بعد غلية : البربر والأفارقة والمصريونء فغلبوا على كثير من 
القرى دون قسمة . 

* - شم دخل الشاميون فى طالعة بلج بن بشر بن عياض القشيرى » فأخرجوا أكثر 
العرب والبربر المعروفين بالبلديين عما كان بأيديهم . كما ترون الآن من فعل اليربرء 
ولا فرق » وقد فشا ف المواشى ما ترون من الغارات وف ثار الزيتون ما تشاهدون من 
استيلاء البربر والمتغلبين على ما بأيديهم إلا القليل التافه ..: ظلم بظلم » 9 . 


. ١١4ص ء صل ء ورحلة الوزير للغانى‎ ١ محمد بن مزين » أبحاث دوزى . جد » ملحق‎ )١( 
(؟)-لدلضم - اذ .لنعةآط 65[ 5كقط00:00 لاع 01:200[مزعما ععتلقء ونا .6105 خضاخفط للتاكذة ماعغنان1لة‎ 
.آهلا ,كلا‎ 
11. 1934 .مم [1رعكة)‎ 1- 6. - 


لوف رأى ابن الخطيب 


وكلام ابن حزم هذا يقطع كل شك , ويؤيد ما تراءى لنا فى النعصوص التى سبق 
إيرادها ء» فقد غلب الفاتحون الأول على ما وقع لهم من أرض ٠‏ سواء أكانوا عرباً أو بربراً 
أو أفارقة ( أى م من أهل السواحل الإفريقية ) ثم جاء عرب الطالعة الثانية وغلبوا البلديين , 
وانتزعوا متهم ما قدروا على اتتزاعه من الأرض » وقامت الفتنة يسبب ذلك حتى جاء أأبو 
المخطار ونصحه أرطباس بتفريق عرب الطالعة الثانية على نواح معينة » وإنز الهم على أرض 
أصحابها من أهل البلاد على أن يكون لحم ثلثها طعمة » أئ. ملكا » ف. مقابل الخدمة 
العسكرية كنا بينا اتا . 

أما ما يقوله محمد ين مزين من التخميس فأمر لم يصح » ومن الطبيعى أن يكون موسى 
ابن تصير قد شرع بعد الفتح فى إخضاع أرض الأندلس لشروط الشرع » أو بدأ ىق 
التخميس ٠‏ ولكن الظووق لم تسمح له بالاستمرار » ومضى إلى المشرق » وحاول تفس 
الأمر بعض من أتوا بعده فلم يوفقوا . وظلت الأرض فى أيدى من غليوا عليها ومضى 
الأمر على ذلك . 
رق وقد اعتبر العرب الفاتحون ما وقع لهم من الأرض غنيمة » وهذا واضح من 
بن اخطيب ٠.‏ وول إرة الخظيي افق العيازة التى رواها عن انن انان والراري + #وبقئ الغرت 
البلديون والبربر شركاؤهم » وسكنوا واغتبطوا وكثروا وتمولواء إلا من كان قد نزل منهم 
لأول قدومه فى الفتوح على غنائمهم لم يُعرض لمم فى شىء منها»(١"‏ . 

أما السبب فى ترك الفاتحين يستولون على ما استقروا فيه من أرض كأنه غنيمة » فيفسره 
قول محمد بن مزين  :‏ فلا ولى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه الخلافة زاد 
اعتناؤه بها » وأنزفا ( كذا » وربها كانت صحتها : وأزاها ) عن عمال إفريقية » وأفرد لما 
عاملاً » فيعث إليها السمح بن مالك عاملاً » فوردها فى جند سوى جندها الأول » فأرادوا 
النزول معهم فى أموالهم ومشاركتهم فيها بين أيديهم » فوفد لهم وفد على أمير المؤمنين عمر 
وشكوا إليه ذلك » ورغبوا إليه الرجوع إلى بلادهم ٠‏ وإدالتهم بمن ورد معه ( أى مع 
السمح) » فمنعهم من ذلك وأنّسهم وعقد لهم , وأشهد فى عقدهم على إقرارهم فى أموالهم» 

- والمخطوط المشار إليه هو رقم 11١4‏ بمكتبة جامع فاتح بالأستانة » وقد نشر اسين بالائيوس تحليلاً ودراسة له 


مع قطع من ذلك المخطوط . والنص الذى أوردناه ق ص5 * من المقال المذكور . 
(١)اين‏ الخطيب : الإحاطة .» جا وص؟ة١٠١‏ ِ 


الخلافة تعتبر الأندلس ثغراً - اعتبار أراضى الجنوب إقطاعات لمن استولوا عليها 11 


وأقطع الواردين مع [ السمح ] إقطاعات غيرها » وقال : هذه الثغور ال هندية لولا إقطاعات 
عمر بن الخطاب رضى الله عنه الجند فيها لى يسددها ء قكيف بتلك الناحية ؟ فإنا نستخير الله 
فى إجلاء المسلمين عنها ء ثم إنه لم ينفذ ذلك ليبلغ الكتاب أجله 217 . 





»" > * * 


الخلاقة وإذن فقد اعتبر عمر بن عبد العزيز أرض الأندلس ثغراً مثل الشغور الهندية 
تعتبر الاندلس0 التى أقطع عمر - خطاب أرضها لجندها . وبناء على ذلك فقد أعطى العرب 
“ا الأول سجلات بي وصعوا أيديهم عليه من أرض على أنها إقطاعات » بل أقطع 
جند السمح إقطاعات أخرى » وأصبحت هذه قاعدة مقررة . وهذا يفسر لنا ما يقوله محمد 
ابن مزين من أنه « حين تم افتتاح المسلمين [ الأندلس ] قسمها موسى بن نصير البكرى 
التابعى بين الجيوش الذين دخلوها كا قسم بينهم سَبّيها ومتاعها وسائر مغانمها وأخرج 
من أرضها ورباعها الخمس . كما أخرجه من سبيها ومتاعها . واختار من خيار السبى 
وصغاره مائة ألف وحملهم إلى أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك » وترك سائر الخمس من 
كبل ( صحتها كبار ) السبى ووخش الرقيق فى الخمس من الأرضين يعمرونها ليثلث مال 
المسلمين » وهم أهل البسائط » وكانوا يُعرفون بالأخماس وأولادهم بنو الأخماس ©( , 


وواضح أن موسى لم يخمس إلا جزءاً قليلاً من أرض الأندلس » وهو أرض 
راض اجو البسائط ف الجنوب » ربا جنوبى الوادى الكبير» فاستولى المسلمون الفاتحون 
و على أربعة أخفاسه واعتيروها غنيمة واعتيرتها الدولة إقطاعات » وبقى 
الخمس ملكا للدولة فأطلقت فيه السبى يزرعونه للدولة » ويؤدون من أمواله 
الثلث ( ليئلث مال المسلمين ) وقد اعتبر هؤلاء زراع أرض الدولة وأطلق عليهم اسم 
الأخخاس ». وأولادهم أولاد الأخماس . 
ويتفق هذا الذى قلناه مع واقع الأحداث التاريخية » فإن الجنوب بالفعل هو الذى فتحه 
المسلمون عنوة » فقد قاتلوا فى أقصى الجنوب ١‏ واقعة وادى لكه ) وفتحوا استجة وقرطبة 
)١(‏ رواه محمد بن عبد الوهاب الغسانى فى « رحلة الوزير © طبعة الفريد البتانى . تطوان 1461١‏ . ص7١١‏ . وقد 
نشر نفس النص خليان ريبيرا فيها نشر من ذلك الكتاب تحت عنوان ١‏ الرسالة الشريفية » ذيلاً على تاريخ افتتاح 


الأندنس لابن القوطية. ص١١ 7‏ 
(؟) نفس المصدرء ص؟١١.‏ 


41 بقية أرض الأندلس أرض صلح 





عنوة » فاعتبروا كل ما يقع جنوبى الوادى الكبير أرض عنوة وقسموه على النحو الذى 
قلناه. ولما كان المسلمون قد فتحوا ناحية ماردة عنوة فقد انسحب هذا الحكم على ما يقع بين 
الوادى الكبير ووادى أنة ء وما بين هذا النهر والمحيط ء فيا عدا شنترين وقلتيرية فقد 
استسلم أعلها وعقد المسلمون معهم عهداً فاستشنوا من ذلك الحكم . وكذلك مدينة 
صغيرة فى الجنوب الشرقى تسمى شية (2668) فقد صالح أهلها . ولم يجِر على إقليمها حكم 


العنوة ‏ 
وقد اعتبرت أراضى الجنوب والغرب التى تقاسمها العرب إقطاعات ملكا لأصحابها 
يتوارثها الأبناء عن الآباء . 


بقية 2 وأما بقية أرض الأندلس فقد اعتبرت أرض صلح صالح عليها أهلها » قال 
ا محمد بن مزين : « وأما سائر النصارى الذين كانوا فى المعاقل المنيعة والجبال 
الشائة فأقرهم موسى بن نصير على أموالهم ودينهم بأداء الجزية » وهم الذين 
بقوا على ما حيز من أمواهم بأرض الشمال . لأنبم صا حوا على جزء منها (أى على أداء جزء 
من غلتها ) مع أداء الجزية فى أرض الثمرة وأرض الزرع » على ما فعله خير من اقتدى به يكل 
بيهود خيبر فى نخيلهم وأرضهم » 239 . 
وقد رجحنا أن المراد بأرض الشمال هنا » ما يقع شهالى الوادى الكبير من شبه الجزيرة » 
وهذا معقول » فقد فُتحت تلك النواحى كلها صلحاً » وأخحذ أهل كل ناحية لأنفسهم عهداًء 
وهذا العهد يقرر ما عليهم من مال للدولة » وواضح أن نصوص هذه المعاهدات لم تكن 
كلها واحدة فقد اختلفت بحسب الظروف » قال محمد بن مزين : «فلما أكمل السمح ما أراد 
( أى إكمال تخميس أرض الجنوب ) خاطب أمير المؤمنين بها عمله فى أرض العنوة وأرض 
الشمال وهى التى هتحت صلحاً » فإن أهلها صو حوا على الجزية مع أجزاء من الأرض (١‏ أى 
من غلة الأرض ) مثالثة ومرابعة كيفها كان طيب الأرض وغلتها » حسبما فعله رسول الله 
كه فى خيير )29 , 
وظاهر أن ما يقوله محمد بن مزين من أن أهل بلاد الشمال ٠‏ صوحوا على الجزية مع 
أجزاء من الأرض مثالثة ومرابعة ... حسبما فعله الرسول كَكلِدِ فى خيير» إنا هو اجتهاد منه» 


. نفس المصدر والصفحة‎ )١( 
,١١5ص (؟) نفس المصدرء‎ 


بقية أرض الأندلس أرض صلح لا 





فإن الرسول م يترك أرض خيبر لليهود على أن يؤدوا الثلث أو الربع بل النصف7), 
وجد الفقهاء أنفسهم أمام اتفاقات أقرها حكام المسلمين وخلفاؤهم تبيح لأهل بعض 
نواحى الأندلس التى فتحت صلحاً أن يؤدوا الثلث أو الربع » فحاولوا إعطاء ذلك صبغة 
شرعية » فقال بعضهم إن الذى جرى فيها كان قياساً على ما صُنع بخيبر وفدك بعد ذلك 
وأنكره آخرون إنكاراً تام » فقالوا إن أرض الأندلس لم يجر عليها حكم الشرع كما رأينا فى 
كلام ابن حزم الذى أتينا به » وكما قال فقيه آخر هو أبو جعفر أحمد بن نصر الداوودى فقد 
قال : « وأما أرض الأندلس فقد طعن فيها بعض الناس » وزعم أنها أو أكثرها فتحت عنوة» 
وأنها لم تخمس وم تقسم . غير أن كل قوم وثب على طائفة منها من غير إقطاع من 
الإمام»(2). 


وإذن فقد اعتبرت أراضى الحنوب أرض عنوة » واعتيرها من فتحوها غنيمة 
وتقاسموها بعد إخراج الخمس منها » وأيدت الدولة ذلك » فسجل الوليد بن عبد الملك لمن 
استولى عليها من المسلمين وأعطاهم سجلات بذلك » ثم جاء عمر بن عبد العزيز فأيد ذلك 
الحكم واعتير ما استولى عليه المسلمون من الأرضين إقطاعات » وساوى بينها وبين ما فتح 
المسلمون من أرض اند » فاعتبرها ثغرا يجوز للإمام أن يقطع أرضها لمن فتحوها ومن 
يقومون على حمايتها » فإذا كانت فى الشرق ثغور هندية » ففى الغرب ثغور أندلسية . 
أما أرض الشمال ما فتح صلحاً فقد اعتبرت أرض صلح » تجرى عليها أحكام الصلح 
التى عقدها المسلمون مع أهلها 
وهذا الذئ عدف :فق الأتدلين يش غاما ما حدك :ف [المشرق 6 فقد اغتير السلمون 
أرض السواد أرض عنوة » وأرادوا تقاسمها . فحال عمر بينهم وبين ذلك » ولم يسمح لهم 
(1) قال الطبرى ق كلامةاعن غزوة ختر ا اق ل 00 
النصف . وقالوا : نحن أعلم بها منكم وأعمر ها . فصالحهم رسول الله يظْةِ على النصف . على أنا إذا شئنا أن 
نخرجكم أخ رجناكم » وصالحه أهل فدك على مثل ذلك ... - تاريخ الأمم والملوك » القاهرة 1974 . ج35 » 
ص ”07 . وقال أبو يوسف ( كتاب الخراج , القاهرة 1785هء ص١2‏ ) : « حدثنا مسلم الحزامى ( أو الحرانى 
أو الخزاعى ) أن رسول الله يق دفع خيبر إلى اليهود مساقاة بالنصف . وعن الحجاج بن أرطاة عن نافع عن عبد الله 
ابن عمر أن رسول الله يَكَوْ دفم خيبر إلى أهل خيبر بالنصف *», ويقول فى ص85 : « أولا ترى أن رسول الله عَتينٍ 
افنتتح خيبر عنوة » ولم يجعل عليها خراجاً ودفعها إلى اليهود مساقاة بالنصف ؟ » . بل إنه ثابت أن الرسول يَكِِ كره 
المزارعة على الثلث والربع ١‏ قال أبو يوسف : * وكانوا يحتجون أيضاً فى المزارعة بالثلث والربع بحديث جابر أن 
رسول الله يَكِْهْ كره المزارعة بالثلث والربع 6 - كتاب الخراج ص88 . 
رن مدر يت و «تارية الحعزبي :عون" 9 در لجتلرية ريال ف 401 


ث2 نزول العرب فى بعض نواحى الشيال 
باعتبار الأرض غنيمة لهم » بل غنيمة لجباعة المسلمين » وتركها لأهلها على أن يؤدوا 
للمسلمين جزءاً من غلتها » أى صارت أرض فىء . أما ما يلى ذلك شرقاً » فقد اعتبر أرض 
صلح » إذ لم يفتحه المسلمون بحد السيف . وقد روى يحيى بن آدم خبراً يصور ذلك أحسن 
تصوير فقال : 2 أخبرنا إسماعيل » قال : حدثنا الحسن » قال : حدثنا يجى» قال : سمعت 
حسن بن صالح يقول : كنا نسمع أن ما دون الجبل من سوادنا فهو فىء» وما وراء الجبل فهو 
صلح » قال حسن : فمن كان منهم صلحاً فعليهم الذى صوحوا عليه » فيخلى بينهم وبين 
أرضيهم » ولا يوضع عليها شىء ما أقاموا بصلحهم يؤدونه للمسلمين » (21 . 
مه,-نزون20 أمامن استقر من العرب فى ريف بعض نواحى الشمال » فالأغلب أنهم نزلوا 
2 مواضع لم تكن مأهولة أو فى أرض الصوانى التى حددها أبو بوب با 
يتصل بسواد العراق بقوله : «أصفى عمر بن الخطاب رضى الله عنه من أهل 
السواد عشرة أصناف : أرض من قتل فى الحرب » وأرض من هرب » وكل أرض كانت 
لكسرى » وكل أرض كانت لأحد من أهله » وكل مغيض ماء » وكل دير بريد »227 أى أنه 
ذكر ستة وترك أربعة » وأضاف إليها فى رواية أخرى أرض الآجام » ونضيف نحن فيما 
يتصل بالأندلس أملاك الملوك وأهل بيتهم وأملاك الكنائس » وكان الموجود فى الأندلس 
من كل صنف من أصناف هذه الأرض كثيراً فتبحبح فيها من شاء الاستقرار فى الأرض من 
العرب » ووجدت لهذا جماعات منهم فى كل ناحية تقريباً . وكانت هذه الأرضون كلها 
بمنزلة القطائع » يؤخذ عليها العشر فى الغالب » ومنها فى المشرق ما كان يؤدى عشرين » 
وللإمام أن يُصيّرها أرض خراج إذا كانت تُسقى من أنهار الخراج 9 . ولما كنا لا نعرف ما 
كانت تؤديه فى الأندلس ٠»‏ فأسلم الآراء أن يقال إنها كانت تؤدى الحد الأدنى وهو العشرء 
خاصة وأن العشر كان هو القاعدة السارية على من تملك الأرض من البلديين والبرير 229 





. 3١ص‎ ءاه١1‎ 41 يحيى بن آدم القرشى : كتاب المخراج ( بتحقيق أحمد محمد شاكر ) القاهرة‎ )١( 

() أبو يوسف : كتاب الخراج » ص/2 - 08 . 

(") نفس المصدر . 

(4) جاء فى كتاب المخراج ليحيى بن آدم (ص 8١ - 8٠١‏ ) : 1 أخبرنا إسماعيل » قال : حدثنا الحسن » قال : حدئنا يحيى» 
قال : حدثنا قيس عن برد أبى العلاء عن مكحول .» قال : قال رسول الله َك : جُعل رزق هذه الأمة فى سنابك خيلها 
وأزجة ( نصال ) رماحها مالم يزرعواء فإذا زرعوا كانوا من الناس © 

وكانت القاعدة العامة ألا تترك أرض دون أن يعمرها أحد ء قال أبو يوسف : ٠‏ ولا أرى أن يترك [ الإمام ] أرضاً 
لا ملك لأحد فيها ولا عيارة حتى يققطعها الإمام ؛ فإن ذلك أعمر للأرض وأكثر للخراج ؛. ص١5‏ . 


التصرف فى أموال الجباية 2 





وأما عرب الشام فقد ذكرنا حكم ما كان فى أيديهم » ومن البديهى أن يكون زراع أهل البلد 
قد خضعت أراضيهم لأحكام الخراج عامة . 

بهذا تنقرر الأسس العامة التى جرت عليها شئون الأموال فى الأندلس على نحو مفهوم: 
ولا تعيننا المراجع التى بين أيدينا على التدقيق أكثر من ذلك ء ولهذا فإننا نحجم عن محاولة 
تقدير أموال الأندلس ف هذه الفترة » خاصة وأن الاضطرابات الكثيرة التى وقعت بين 
العرب والبربر من ناحية » وبين اليمنية والشامية من ناحية أخرى » جعلت الواصل إلى بيت 
المال دائاً قليلاً . وقد أشرنا من قبل إلى ما ذكره صاحب ١‏ الأخبار المجموعة » من نقصان 
الخراج أثناء الفتنة الكبيرة التى وقعت بين العرب والبربر 20 » ولم يتحسن الحال عندما 
انتصر العرب بفضل جند طالعة بلج فقد قطع البلديون الخراج » وكان معظمهم من 
اليمنيين » إذ عز عليهم أن يؤدوا الضريبة للشاميين الغالبين » وزاد الأمر سوءا توالى سنوات 
القحط » ودام ذلك حتى دخول عبد الرحمن بن معاوية » فلم تقع فى أيام الصميل بن حاتم 
ويوسف الفهرى سنة رخاء إلا فى النادر» فلا عجب أن كان بيت المال خاوياً أو يكاد خلال 
هذه السنوات . 

* # # 

7 - اتصرف202 ومهما كان المال الذى يصل إلى العبال فى قرطبة » فلابد أن نسأل : ماذا كانوا 
فى أموال الجباية يفعلون به ؟ هل كانوا ينفقونه فى الوجوه التى تقررت له من عبارة البلاد 
والقيام بشئونها وأداء الرواتب لأصحابها ثم إرسال الباقى إلى دمشق ؟ هنا نجد أنفسنا أمام 
حالة فريدة فى بابها فى أخبار تلك الأيام : ليس لدينا نص واحد صريح يدل عل أن شيئاً من 
مال الأندلس كان يُرسل إلى المغرب أو المشرق »ء وليس لديئا من أخبار التعمير إلا ما ذكرناه 
من إعادة بناء قنطرة قرطبة وإنشاء جبانة للمسلمين . بل ليس لدينا نص يشير إلى مطالية 
عمال المغرب أو الخلفاء بأموال الأندلس كا كان الحال مع مصر مثلاً . إذ كان خراج مصر 
موضوعا هاماً تسهب المراجع فى تفاصيله وذكر مقاديره » بل تذكر المكاتيات التى دارت بين 
عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص بشأنه » وكيف أن الخراج كان السبب فى عزل ابن 
العاص واستبدال عبد الله بن سعد بن أبى السرح به . 

وصَمْت المراجع غن هذه الناحية صمتاً تاماً يبدو فى نظرنا أمراً غريباً » خاصة وأن الذين 
أرخوا لهذه الفترة - كصاحب ١‏ الأخبار المجموعة »© وابن القوطية وأحمد بن محمد الرازى 


. انظر 9 الأخبار المجموعة »)») ص7"‎ )١( 


والحن التصرف فى أموال الجباية 





وابن حيان - ومن نقل عن هؤلاء جميعاً من متأخرى المؤرخين ‏ كانوا جميعاً ذوى عناية 
بشئون المال والخراج » ومنهم من كان من كُتَّابٍ الدولة . ولا يعلل هذا الصمت إلا بأن 
ولاة الأندلس لم يكونوا يرسلون إلى إفريقية أو إلى المشرق شيئاً من امال » وأن المخلافة كانت 
يائسة من أمر الأندلس لا تننظر منه مالاً» حتى فكر عمر بن عبد العزيز فى استرجاع العرب 
منه وتركه جملة . والراجح أن معظم ما كان يصل إلى عمال الأندلس كان يضيع بين أرزاق 
الجند وأعطياتهم ونفقات الجهاد فيم| وراء جبال البرت واستكمال فتح شبه الجزيرة نفسها . 

ثم إن الأندلس لم يل أموره خلال هذه الفترة كلها إلا خمسة ولاة من الطراز الذى يرجى 
منه أن يقرر شئون الأندلس الخراجية على وجه الإحكام والضبط . وهم : موسى بن نصير » 
وابنه عبد العزيز بن موسى » والسمح بن مالك الخولانى » وعبد الرحمن الغافقى » وعقبة 
ابن الحجاج السلولى (١؟‏ . أما الباقون فكانت أشخاصهم من الضعف أو البعد عن التنظيم 
والميل إلى الفوضى بحيث نستبعد أن يكونوا قد استطاعوا أو اهتموا بأن يضعوا للبلاد ديوانا 
مالياً منظماً . ومن الغريب أن هؤلاء الخمسة قد عاقتهم ظروفهم عن أن يقوموا بشىء إيجابى 
فى هذه الناحية » لأن موسى أعجله الوليد عن أن يفعل شيئا ثم حاسبه بعد ذلك حسابا 
عسيراً جداً ؛ وعبد العزيز كان فى شبه خروج على الدولة طوال مدة ولايته » وقد رأينا ما 
فعل السمح فى هذه الناحية » وأما عبد الرحمن الغافقى وعقبة بن الحجاج فكانت لما 
حروب طويلة تستنفد كل ما عسى أن يكونا جمعاه . 

ثم إن أمر الأندلس كان خلال معظم هذه الفترة إلى عمال إفريقية » ولم يكونوا هم 
الآخرون منظمين ممتازين» ولم تكن ذمم الكثير منهم بعيدة عن النهم » وشغلتهم إلى جانب 
هذا كله حروب مع البربر استنفدت مالاً كثيراً جداً » فلعل ولاة الأندلس كانوا يبعثون 
بأموالههم إلى عمال إفريقية » ولم يعن هؤلاء بفصلها عن أموال ولايتهم » فلم يستطع الرواة 
العثور على شىء يحددها لحم » ومن هنا كان إغفالهم الإشارة إليها 29 . 
)١(‏ وحتى هؤلاء الخمسة لم تخل تصرفاتهم من أخطاء ومخالفات أثارت غضب الخلفاء . 

انظر : فتح الأندلس »ص 19 . 
(؟) ولم تكن أحوال إفريقية من هذه الناحية بأحسن من أحوال الأندلس » قال ابن القوطية مشيراً إلى هزيمة كلثوم بن 

عياض القشيرى أمام البربر فى موقعة الأشراف : « فل) بلغ هشام بن عبد الملك النكبة الدائرة على كلثوم وما اتصل 
بذلك من فساد إفريقية والأندلس شاور العباس بن الوليد أخاه » وكان أحله فى الشورى محل أخيه مسلمة بعدٌ فى 


هذا الأمرء فقال له : يا أمير المؤمنين » ليس يصلح هذا الأمر إلا بها صلح به أوله ‏ فاصرف نظرك وحسن رأيك إلى 
هذه القحطائية...). 


ابن القوطية : افتتاح ص1١‏ . 


ثروات العرب الأول فى الأندلس 4 


وبين أيدينا نصوص كثيرة تؤيد القول بأن شئون الأندلس المالية خلال هذه الفترة 1 
تضبط على الأسس الشرعية التى جرى العمل بها فى الولايات الإسلامية إذ ذاك , فقد اهم 
موسى بن نصير صراحة بأنه لم يكن يخرج الخمس مما وقع فى يده من الغنائم. وكان هذا سبباً 
من أسباب نكبته 217 » بل إن سليان بن عبد الملك « أخذ موسى ومن كان معه من عمال 
المغرب لما بلغه من إقطاعاتهم الأخماس فغرموا » وغرم موسى ماية آلف »2 , وهى رواية 
تدل على أن موسى بن نصير نفسه مد يده إلى أخماس الغنائم ٠‏ وقد رأينا كيف تفرقت أرض 
الأخماس فى قبائل العرب إقطاعات ء أما ما كان يرد من أموال الخراج فقد كان جانب منه 
يُؤْدّى إلى جند العرب كما رأينا» والباقى - وكان قليلاً - كان يتصرف فيه العمال . 


اا 


0 والدلائل كثيرة على أن الغال وكبار العرب كانوا على غنى عريض ء فقد كان 
العرب الأول فى الصميل بن حاتم يمتلك دارا كبيرة « بعدوة النهر بقبل قرطبة » .» وخلف 
الأذ : 
يوزو كانت عقلة الرمون السيورة الغانت كلها ند وكاتكاناة مف اق 
كل صف ألف أصل وسقى عظيم من عين هناك » © , أى أن هذا الشيخ البدوى كان 
يملك غابة واسعة من أشجار الزيتون فيها مائة ألف شجرة . وكانت خزانته عامرة بالمال» 
حتى لقد وُجِد فى بيته تابوت ١‏ فيه عشرة الاف دينار دراهم » (4». وكان عامر بن عدى من 
أشراف بنى عبد الدار بالأندلس يملك منية واسعة بغربى مدينة قرطبة » وكانت تسمى 
)0 قناة عامر » » وقد بلغ من سعتها أنه حينما استشعر الخوف من يوسف الفهرى وأراد 
التحرز منه ١‏ أغلق غلقة عظيمة هَمَّ أن يجعلها مدينة » وأراد أن يبتنى بها بنياناً ينضم إليه 
ويغاور يوسف حتى يأتيه إمداد اليمن » 20 . 
وأقطعت جماعة من بنى غافق قرية كاملة بشرف إشبيلية نسبت إليهم بعد ذلك . وهى 
مرنانة الغافقيين » ومنهم كان عبد الرحمن بن عبد الله الغافقى الذى استشهد فق بلاط 
)١١‏ ابن عبد الحكم : فتوح مصر والمغرب والأندلس . ص 5١١‏ . 
(1) فتح الأندلسء ص 5١‏ . 
() فتح الأندلس .ص 8” . 


(0) الأخبار المجموعة . ص27 . 


1497 ثروات العرب الأول فى الأندلس 





وكان الكثيرون من رؤساء عرب الأندلس فى هذه الفترة يملكون ضياعا واسعة فيها 
قصور كبيرة » وكانوا يسمون القصر والضيعة المحيطة به : البلاط » من (3250)هلة2) 
اللاتينية حتى إنهم سموا قرطبة كلها « بلاط لذريق » )١(‏ لأنها كانت ملكا له » ومن أمثلة 
هذه البلاطات « بلاط الجر » بن عبد الرحمن (1) و بلاط مغيث » الرومى» وكانت دارا 
شريفة ذات سقى وزيتون وثمار يقال لها اليسانة » كانت للملك الذى أسره ( مغيث ) 
وكان له فيها بلاط منيف شريف .ء فهى تسمى بالأندلس 8 بلاط مغيث ©( » وكان عبد الله 
ابن خالد من كبار موالى بنى أمية يملك معظم قرية الفتين » حتى ليقول ابن القوطية إنها 
كانت « منزل عبد الله بن خالد » 27 » وكذلك كان أبو عثهان شيخ موالى بنى أمية يملك 
إقطاعاً كبيراً بقرية طرش من كورة قرطبة (* . بل كان يحدث أن تترك كورة كاملة لرجل 
واحد » ىا ترك يوسف الفهرى كورة ريه لمنافسه يحبى بن حريث ليسكت عنه 29 » بل 
كانت قبائل عربية تملك كوراً كاملة » فقد ذكر صاحب الأخبار المجموعة أن ٠‏ الثغر كان 
لليمن 4 "2 والمراد هنا ثغر سرقسطة . 

وكان رجال مثل الصميل ينفقون عن سعة تدل على مال عريض »ء قال صاحب الأخبار 
المجموعة يتحدث عن الصميل عندما سار إلى سرقسطة : ١‏ فأتى فى ماثتى رجل من قريش 
ومن كان معه من غلمانه وحشمه ومواليه » فنال بها ملكاً وغنى » ووفد عليه محاويج الناس » 
فأعطاهم الأموال والرقيق » ولم يأته صديق ولا عدو فحرمه » فازداد سؤدداً »29. وقد 
روينا خبر دخول نفر من كبار العرب والموالى على أرطباس وإعطائه إياهم الضياع » قال ابن 
القوطية : « فوهبهم ماية ضيعة صار لكل واحد منهم عشر ضياع » منها طرش لأبى عثهان » 
والفتين لعبد الله بن خالد وعقدة الزيتون بالمدور للصميل بن حاتم »29 . وقد روينا فى 
نفس الخبر كيف أن أرطباس وهب ميموناً العابد « المجشر الذى على وادى شوش وما فيه 
(1) المقرى »جا وص 170 جدلاء ص78 . 
(؟)المقرى » ج75 ء ص77 
(؟) الأخبار المجموعة » ص١7‏ . 
(5) المصدر السابق » ص4 7 . 
(0) نفس المرجع والصفحة . 
)١(‏ تفس المصدرء ص77 
(0) نفس المصدرء ص517. 


(8) نفس المصدرء ص71 . 
() أبن القوطية : افتتاح . ص 8٠‏ 3 


القبائل تملك إقطاعاتها ملكا جماعياً ول 


من البقر والغنم والعبيد والقلعة ( أى ضيعة القلعة ) بجيان وهى المعروفة بقلعة حزم 
فملكها..» ١‏ . أما الرجال الذين مثل أبى الصباح اليحصبى وحيوة بن ملامس - وكانا 
يُوصفان بأنهم| #سيدا الغرب » - فقد كانوا على ثراء واسع 7" . 

وهذه أمئلة قليلة تعيننا على تصور ثروات عرب الأندلس فى ذلك الحين » فقد كانوا 
جميعاً بين مقطعين يملكون أرضاً كثيرة أو قليلة » أو نازلين فى نواح يأخذون نسبة عالية من 
غلتهاء وكانت لهم إلى ذلك الأعطيات والأرزاق » وقد أوجد فيهم ذلك الرخاء الذى كانوا 
فيه نوعاً من الأنانية جعلهم يتصورون أن الأندلس كلها طعمة هم أو غنيمة وقعت فى 
أيديهم لا يملك أحد أن يشاركهم فيها » فقد أبوا على عرب الطالعة الثانية نزول بلادهم 
وتركوهم محصورين فى ناحية سبته حتى كاد بلكهم الجوع . وكانوا يقولون: « إن بلدنا 
لا يحملنا وإياهم ؛ . نعم ١‏ شبه الجزيرة الإيبيرية كله لا يتسع لبضعة الاف من العرب ! 
وعندما وفد نحو 1٠٠‏ عربى مع السمح بن مالك وطلبوا إلى عرب الأندلس أن يوسعوا 
لهم فى جانبهم ضاقوا بهم وبلغ بهم الأمر أن ذهبوا يشكون إلى الخليفة فى دمشق . 

#6 

4 القبائل وإذا استثنينا بعض كبار الرؤساء الذين كانوا يملكون ضياعاً أو بلاطات 
تمك إقطاعاتها الحم خاصة . فالظاهر من النصوص أن حقوق العرب على النواحى التى 
ملكا جاع ززلوا فيها كانت حقوقاً جماعية » أى أن ٠‏ الإقطاعات » كانت بيد رؤساء 
القبائل . وهم الذين يتولون توزيع الحصص على أفرادها . وبغير هذا لا نستطيع تفسير قول 
المؤرخين أن ٠‏ الثغر كان لليمن » » أو أن أيا الصباح وحيوة بن ملامس كانا : سيدى 
الغرب» 29 , بل لا يمكننا تفسير نزول أجناد الشاميين بالكور : كل جند بكورة يكون لحم 
ثلث أمواها إلا على هذا الأساس ء أى أن ١‏ الجند » بأسره كان ينزل الكورة ويعتير رئيسه 
صاحب الأمر فيها » وقد كان اللأساس أول الأمر أن ينزل الجند فى الكورة دون أن يدعى 
أفراده من الحق أكثر من ثلث المحصول », ولكن اضطراب الأحوال فى أواخر أيام الولاة 
جعل الأجناد ملاكاً للنواحى وأصحاب الأمر فيها . وحيث إننا لا نسمع ولو مرة واحدة 
)١(‏ نفس المصدرء ص58. 


(؟) ابن القوطية : افتتاح » ص 750 . 
(7) ابن القوطية : افتتاح » ص59 . 


4 القبائل تملك إقطاعاتها ملكا جماعياً 


عن عمال لكور الأندلس فى هذه الفترة » فأقرب الأمور إلى الصحة هو القول بأن العرب 
النازلين فيها - مقطعين أو مقيمين فقط - كانوا بالفعل أصحاب الأمر فيها . 

وقد أصبح الأمران سواء مع الزمن | رأينا » فيقوم بالأمر رئيس القبيلة أو شيخ مجموع 
القبائل أو صاحب لواء الجند » »؛ فيجمع الأموال بمعاونة رؤسائها من أهل الذمة » ويقتطع 
ثلئها ويؤدى الثلثين لبيت المال إن كان رئيس جند نازل أو يؤدى عشرها فقط إن كان 
مقطعاً » وعليه لقاء ذلك أن يكون مستعداً برجال قبيلته للخروج إلى الحرب عندما يدعوه 
العامل حسب النظام الذى أوردناه . أى أن أرض الجنوب قسمت بين فاتحيها والمقبلين 
إليها من العرب والبربر » لكل قبيلة ناحية هى صاحبة الأمر فيها » لا يربطها بالحكومة 
المركزية إلا أداء ما ينبغى عليها من المال والا* شتراك فى الحرب لقاء الرزق والعطاء . وكان 
لكل قبيلة أو جماعة من القبائل «سجل» من عامل الأندلس أو من الخليفة نفسه » تؤيد به 
خقيااق احعهة: أى أن أتواعى الآندليى المنوبية كانت .معية تغوزا أو ولايات خدود 
تقيم فيها « أجناد » تتصرف بجزء كبير من محصوها نظير ما تقوم به من خدمة عسكرية 
دائمة . 

على هذا الأساس نستطيع أن نفسر قدرة عرب الأندلس وبربرها الأولين على القتال 
واستمرارهم فيه : مع النصارى الإسبان فى الشمال » ومع نصارى غالة فى أول الأمره ثم فيها 
توزعوا الأرض قطعاً صغيرة فيم| بينهم واشتغلوا بالزراعة لأصبح من الصعب اقتلاعهم 
منها وإرسالهم للحرب كا حدث للكثير من عرب مصر ء مثلآ» حمن زرعوا واندرجوا فى 
غبار الناس » أما عرب الأندلس فلم يكن أحد منهم ليملك أرضاً لتفسه » وإنما الأرض 
ملك القبيلة كلها ورتيسها يوزعها على أفرادها ى) يرى » فإفا تاداهم إلى الحرب لم يسعهم 
إلا التلبية » وإلا ضاع حتقنهم فى العطاء فى آخر الغزاة . وبهذا تستطيع أن نفسر سهولة 
تداعيهم للحرب وخروج قبائلهم لحاء فإذا أهين شيخ قبيلة خرجت القبيلة للحوب » وإذا 
استنجد رئيس عدد من القبائل بنى عمومته حمْت قبائل بأسرها لعونه » لأن روّساء القبائل 
وأصحاب الألوية المعقود لهم كانوا يوجهون الأفراد كيا شاءوا » وكان ذلك مئ أشد ما أذى 

والنتيجة الطبيعية لهذا النظام هو فقر الإدارة المركزية وعجزها عن إدارة البلاد كلها إدارة 


بعض الوظائف العامة 6 





موحدة » وهبوط أمر ولاة الأندلس واجتراء أجناد العرب فى النواحى عليهم . فلم تكن 
الأندلس فى واقع الأمر ولاية واحدة بل عدة ولايات تنفرد بالأمر فى كل منها قبيلة أو عدة 
قبائل يجمعها لواء واحد ء ولم يرزق الله الأندلس خلال هذه الفترة بوال واحد تجرد من 
نزعات العصبية وطالت مدته حتى يقرر الأمور فيها على قاعدة تؤكد وحدة الولاية وتنزع 
من قلوب العرب ميول العصبية ونزعات الأنانية التى غلبت عليهم . 


ثم إن الخلافة كانت أبعد من أن تستطيع القبض على شئون الأندلس وإخضاعها للنظم 
الإدارية الإسلامية المقررة » فتركوها لعمال أفريقية . ول يكن هؤلاء من طراز المنظمين ذوى 
الشخصيات القوية الممتازة » وشغلتهم إلى جانب ذلك شئون المغرب » وما كان أكثرها ؛ 
فسارت الأمور فى الأندلس خلال هذه الفترة سيراً ارتجالياً لا يكاد يخضع لنظام مقرر 
أو قاعدة ثابتة » فاستبد بكل ناحية أصحابها » وثارت بينهم المنازعات . 

ولعل أغرب ظواهر هذا الاضطراب هو أننا لا نجد ذكراً فى مراجعنا لخراج هذا القطر 
الفسيح , » كأنه كان لا يغل شيئاً : لا نملك نصاً واحداً يذكر أن خراج الأندلس ريسل إلى 
إفريقية أو إلى المشرق » بل لا نجد شيئاً يدل على أن الولاة كانوا ييجمعون خراجاً منتظما 
مقرراً » اللهم إلا إشارات متناثرة كقولهم أن عقبة بن الحجاج « عدل فى الخراج ' أو أن 
الخراج ٠‏ ضعف » فى أوائل ولاية يوسف الفهرى . وهى إشارات لا نستطيع الاعتماد عليها 
فى تكوين ذكرة صحيحة عن هذه الناحية الهامة . 

#02 
وإذ كان الأمر كذلك فإننا لا نستطيع تصوير الإدارة الإسلامية فى الأندلس 
146 بعص 
الوظائف العامة خلال هذه الفترة : لا نعرف أى الإدارات وّجد وأها لم يوجد , وكل ما لدينا 
أسياء بعض أشخاص يحتلون وظائف إداريه وردت من غير تحديد 

اختصاص . كأبى عثهان بن عبد الله صاحب أزمة الأرض والخراج ” ')» وعامر بن أب 
عدى قائد الصوائف27. ويحيى بن يحبى التجيبى قاضى هشام بن عبد الملك على 
الشاميين27 . وجد بنى سليمان القرائين وكان صاحب الصلا: اك ويحى بن أبى زيد 
(١)فتج‏ الأتدلسءص94. 0000 
(1) الأخبار المجموعة» ص57. 


(؟) ابن القوطية : افتاح » صص 1" . 
(1) نفس المصدر.ء ص58 . 


ال القضاء - مسألة نضاة الأندلس الأول 





التجيبى قاضى الجند 2١(‏ » وعيسى بن عبد الله الطويل وكان على المغانه("2 وهذا هو كل ما 
تديناء وهو لا يعيننا على تكوين فكرة عن الإدارة العامة فى هذا العهد » وربها كان الأحجى 
أن ندع بحث هذه الناحية حتى تتجمع لدينا معلومات أو . 

بيد أن هناك وظيفة كبيرة لدينا عنها من المعلومات ما يمكننا من الكلام عنها فى أمان » 
هى وظيفة القضاء فى الأتدلس » وكان ها فى عصر الولاة أهمية كبرى . 
كانت للقضاء أهمية خاصة فى الأندلس » وربا لم يبلغ القضاة فى بلد من بلاد 
الإسلام ما بلغوه من علو المكانة ووفرة السلطان ويّعْد الجاه فى الأندلس 
والمغرب » ولفينا لتاريخ القضاء فى الأندلس كتابان أحدهما لمحمد بن الحارث بن أسد 
الخشتى 29 . والثانى لأبى الحسن التباهى 247 » وأورد ابن سعيد فى «المغرب » تاريما لقضاء 
الأندلس يكاد يكون كاملاً » ومعظم من نجد أساءهم فى تراجم علماء الأندلس إنما كانوا 
قضلة أو لهم بالقضاء صلة كالحسبة والمشاورة وما إلى ذلك » وأورد المقرى فى كتابيه ١‏ نفح 
الطيب © وه أزهار الرياض »؛ فصولا وتراجم ضافية للقضاة » واختص ابن حيان 
مشاهيرهم بتراجم مطولة » أى أن المادة عن قضاء الأندلس وقضاته وفيرة لمن يشاء أن 
يدوس - وكان قاضى الجباعة فى قرطبة شخصية ها أهميتها فى مجالات العلم والسياسة فى 
الأتدلس ٠»‏ بحيث لا يمكن التأريخ للأندلس تأريخاً صحيحاً إلا إذا ألكَ الإنسان بتاريخ 
قضاته وتنبه للأهمية الكبرى التى كانت لم فى المجتمع الأندلسى20 . 
.ماه وكا كان موضوع قضاة الأندلس موضع اهتام القدماء فقد كان موضع 
قضلةالأندئى > اهتام المحدثين » فكتب فيه دوزى وريبيرا وآسين بلاثيوس وليفى بروفنسال 
002707 وغيرهم » وأثاروا مشاكل كثيرة يهمنا منها هنا موضوع قضاة الأندلس الثلاثة 
الأول » فقد كان موضع درس وآراء ومناقشات . وأصل اللشكلة أن أقدم تاريخ لقضاة 


--؟ - تقض 


. » فتح الأندلس » ص47 » ويرجح أن صحة الاسم ” يحيى بن يزيد‎ )١( 

(؟) اين عبد الحكم » فتوح . ص١١5‏ . 

(*) كتاب القضاة بقرطية . للحافظ العالم أبى عبد الله محمد بن حارث الخشنى القروى . نشره خليان ريبيرا » مدريد 
14 . 

(1) تاريخ قضاة الأندلس المسمى ١‏ كتاب المرقبة العليا فيمن يتح القضاء والفتيا » لأبى الحسن بن عبد الله بن 
الحسن النباهى المالقى الأندلسى . نشره !. ليفى بروقنسال ء القاهرة 1914/7 . 

(45 انظر عن هذه الناحية كابنا رعكقهن) عنآ ) عن800ه0) عل علهلإنزقم لا 26]الدن) نبل عانطن 12 تناد تهووظ 
.9 - 66 .مم (19485 


مسألة قضاة الأندلس الأول ا 





الأندلس ء وهو كتاب ١‏ تاريخ قضاة الأندلس » الذى ألفه محمد بن الحارث بن أصد 
الخشنىء وهو مغربى من تونس أورد أسياء ثلاثة رجال ذكر أنهم من قدماء قضاة قرطبة ع 
وهم مهدى بن مسلم وعنترة بن فلاح ومهاجر بن نوفل القرشى''؟ . وذكر أنهم كانوا قضاء 
أيام الولاة أى قبل قيام الدولة الأموية الأندلسية» وذكرهم أيضاً أبو الحسن النباهى 9؟ , 
وفيا عدا ذلك لم يرد لهؤلاء الثلاثة ذكر فى حوليات الأندلس » ول يشر إليهم أحد من 
أصحاب كتب التراجم » حتى ابن الفرضى ؟ وكانت عنايته بشؤون القضاة عظيمة » 
ومعظم أخبارهم عند المخشنى منسوبة إلى أحمد بن فرج بن مُنْتِيل » وهو شخصية قلقة من 
شخصيات التاريخ الأندلسى ء فقد ذكر ابن الفرضى أنه « كان ينسب إلى اعتقاد مذهب ابن 
مسرة » 220 » وكان المسريون يُعتبرون فى عداد الزنادقة عند فقهاء الأندلس ء وأخبار ابن 
منتيل لهذا مشكوك فيها لا يُوثق فى صحتها . 

وكان أول من قال بذلك دوزى فى حديثه عن المراجع العربية لفتح العرب للأندلس» 
وقد ذهب ف ذلك المقال إلى أن الكثير من أخيار الأندلس فى عصوره الأولى قد وضعها 
المشارقة والمصريون بنوع خاص » وضرب لذلك مثلاً بمحمد بن الحارث بن أسد الخشنى 
الذى يسند الكثير من أخباره إلى رجال لا يوثق فى صحة نقلهم ”4 مثل ابن منتيل هذا 
ومحمد بن وليد © وعلى بن شيبة (20 وعثمان بن محمد( . وهؤلاء أخذوا بدورهم عن 
أصول مشرقية » فابن منتيل مثلاً فى حديئه عن مهدى بن مسلم يروى عن رجل يسمى أبا 
العباس أحمد بن عيسى بن محمد المقرى , وأن هذا الرجل قد حدّثه بحديث مهدى ف مدينة 
تنيس ( بالمغرب ) . 

وبعد أن يورد نص عهد الوالى عقبة بن الحجاج إلى مهدى بن مسلم بولاية القضاء 
(وسنعرض له بعد قليل ) يقول : * قال محمد ( بن الحارث بن أسد الخشنى ) قال أحمد بن 


. ”١ أورد الخشنى تراجمهم ابتداء من ص4١ حتى ص‎ )١( 

(؟) النباهى : قضاة الأندلس ‏ ص49 - 49 . 

(") ابن الفرضى : علماء الأندلس . ترحة /17177 . 

(601881()4ع3) وعطءعطعءع؟ وضعل وعطهكمُ ععا عمم عوعدجكط'1 عل عاغنووه ذ1 عند كعليحتة . 10021 
90 1 .م1 

والفقرة الخاصة بمحمد بن الحارث بن أسد الخشنى فى ص4 32-3 . 

. ١١19/8 انظر ترحمته عند ابن الفرضى. ترحمة‎ )6١ 

. 914 ابن الفرضى ء ترحمة‎ )١( 

(/) ابن الفرضى ء ترحمة 9٠٠‏ ,. 


1 مسألة قضاة الأندلس الأول 


فرج » فقلت لأحمد بن عيسى : لقد عظّمت همتك إذ حفظت مثلّ هذا وشبهه من الأخبار 
القديمة » فقال : حفظت هذا زمن الصبا عن جد لى عَمّر نحو عمرى » وكان من أحفظ 
الناس لأخبار المغرب وافتتاحه وأخبار بنى أمية عندكم » ولقد كان عندى من كتبه أخبار 
حِسَان غريبة » فذهبت بحريق كان فى منزلى » ولقد بلغنى أن بعض من عندكم من بنى 
الأغلب أو غيرهم من الشيعة ادعى هذا العهد » وكتب به نصا إلى بعض ولاة القضاة » وما 
هو إلا لمهدى بن مسلم هذا عندى [ كنت ] قديياً أحفظه زمن الصبا عن جدى » فهل 
عندكم له ذكر ؟ فقلت له : ما سمعت به عندنا ولا باسم مهدى هذا . فقال : قد سألت 
غيرك من أهل بلدك » فلم يكن يعرفه » فياعجبى 2١(‏ ! كيف درس خبره عندكم ؟ لكنى 
أظنه لم يعقب , فاضمحل خبره بالفتن التى دارت فى بلدكم » 227 » وهو خبر طويل منفصل 
يلقى شكاً على ولاية مهدى بن مسلم » ولكنه يدل على تدقيق أحمد بن فرج بن منتيل . 

وعندما يروى الخشنى أخبار القاضى الثانى عنترة بن فلاح يبدؤه بقوله : احدثنى أحمد 
ابن فرج بن منتيل » قال : حدثنى أبو محمد مسلمة بن زرعة بن روح بالعريش بالشام » وكان 
شيخاً كبيراً قد نيف على المائة فيه| ذكر لى » وأدرك حرملة صاحب الشافعى . وحدثنى عنه 
وعن أمثاله » وذكر لى أنه من موالى بنى أمية » وكان ذا علم بأخبارهم القديمة والحديثة محباً 
هم متشيعاً قيهن :6 0ن 

وما يورده الخشنى من أخبار القاضى الثالث مهاجر بن نوفل القرشى منسوب أيضاً إلى 
أحمد بن فرج بن متتيل عن أبى محمد مسلمة بن زرعة هذا . أى أن أخبار القضاة الثلاثة 
مصدرها أحمد بن فرج عن راويتين أحدهما مغربى من تنيس والثانى مشرقى من العريش » 
وهذا فقد رفض دوزى أخبار هؤلاء القضاة الثلاثة ووصف الخشنى بقلة التدقيق وإيراده 
الأخبار دون تمحيص (7؟) . 

وتناول آسين بلاثيوس هذا الموضوع واتجه به اتجاهاً آخر » ففى بحثه عن محمد بن مسرة 
ومدرسته قال إن أحمد بن فرج بن منتيل قد اخترع أخبار هؤلاء القضاة اختراعاً ليؤيد بذلك 
مذهبه ومذهب أستاذه محمد بن مسرة » وهذا المذهب فى نظر آسين لم يكن مذهباً فلسفياً 
(5) الخشنى : قضاة » ص77 -78 . 


(9*) نفس المصدر. ص 7 - 158 , 
(؛) دوزى : نفس المصدر. ص 758-358 , 


مسألة قضاة الأندلس الأُوّل 1 





بقدر ما كان اتجاهاً دينياً سياسياً يرمى إلى مناهضة الفقهاء وسلطاههم المطلق فى الأندلس 
يؤيدهم البيت الأموى وما يسميه بالأرستقراطية العربية » وهو يصف المسريين بأ:هم إسبان 
قوميون 2١١‏ » ومضى يحلل أسماء القضاة الثلاثة فقال إن الأول . مهدى بن مسلم » لابد أن 
يكون لإسبانى نصرانى اعتنق الإسلام ٠‏ وترجمه هكذا : -همء هنا عل وزئط كدادعم هنا 
0 ©6256 » وهو فى رأيه ليس علماً على شخص بل رمزاً لاتجاه » أراد به أحمد بن 
فرج بن منتيل أن يقول إن الاسبان تولوا القضاء فى الأندلس من أقدم العصور . وفعل اسين 
بالثانى كما فعل بالأول وترجم اسمه 120720017 ذننا عل هزاط 152160100 0لا وترجم اسم 
الثالث هكذا : هعهء781 12 عل ممىع52!1 عبان 105 عل <نة01) عل نأطت 2ا عل 20نا 
4 :ةع ذقنا عل وزلط أى أن اسميههما أيضاً مؤلفان كاسم الأول » وقد وضعها 
المسريون رموزاً على معان عندهم . وقد أيد خليان ريبيرا هذا القول فى مقدمته لتاريخ قضاة 
قرطبة للخشنى . ولكنه عارض دوزى فيا ذهب إليه من أن الخشنى لا يوثق فيه ء وأنه 
حاطب ليل لا يدقق فيا ينقل 7" ؛ غير أنه أسرف ف التفسير والاستنتاج حتى خرج 
بالموضوع إلى مجال التصورات والأوهام . 

وعندما نشر ليفى بروفنسال تاريخ قضاة الأندلس للنباهى وجد أن هذا الأخير يذكر 
أسماء القضاة المشتبه فى أمرهم . فذهب إلى أن أخبار القضاة الثلاثة صحيحة » وأغلب الظن 
أنه لم يقل ذلك استناداً إلى حجج جديدة » بل لمجرد أن النباهى أيد الخشنى فى هذا ا موضوع. 
ومن الطريف أن كل ناشر يود أن يؤكد أصالة النص الذى ينشرهء فريبيرا يتهم أحمد بن فرج 
ابن منتيل بالكذب . ولكنه يؤكد دقة الخشنى وأصالة كلامه . وبروفتسال يتبنى كتاب 
النباهى ويدحض رأى دوزى ومن تابعه . وهذه علة لم يلم منها إلا القليلون من 
الناشرين. 

وأياً كان نصيب أخبار أولتك القضاة الثلاثة من الصحة . فمن الثابت أنه كان للأتدلس 
على عهد الولاة قضاة . وسواء أكانت أسماؤهم هى تلك التى ذكر بعضها الخشتى أم لم 


(١)-ومكنقطآ‏ هتامدمااط دا عل كعصاع 06 ,تأعناءوط ناد لإ 12تتكماططا «عطمة ,80105 لاح2 الأكى باعلا لالز 
(1914) متمد أنكنل1آ 0 
ويلاحظ أنه ترجم الأسراء على أنها رموزء فعنترة عنده رمز على رجل شجاع ء ويترجمها بلفظ 60100ها12. ونوفل 
رمز أيضاً ومعناه المصيبة 212:40 » وقد قرأ عنترة بن فلاح . عتترة بن فلاح وترجمها #ملعدءطد! ‏ 
(؟) المقدمة الإسبانية لترجمة كتاب القضاة للخشنى . ص١١‏ وما يلها . 


5 قاضى الجند وقاضى الجماعة - عهد تولية القضاء لمهدى بن مسلم 





نكن » فقد قام فى الأندلس قضاة . قال الخشنى : « سمعت من أهل العلم سماعاً فاشياً أن 
عبد الرحمن بن معاوية الإمام دجل قرطبة وقام بالإمامة والقاضي يومئذ يحيى بن يزيد 
التجيبى » فأثبته على القضاء ولم يعزله » وكان من قبل ذلك يقال له وللقضاة قبله « فلان 
قاضى الجند » » فلم) امتنع الفهرى ( يريد يوسف الفهرى ) بغرناطة واضطره الأمير عبد 
الرحمن رحمه الله إلى النزول » واشترط ( أن يكون التنازل ) بحضور القاضى يحبى » فحضر 
وكتب في كتاب المقاضاة : « وذلك بحضور يحيى بن يزيد قاضى الجماعة » 7( , 
.+ قضى2 وإذن فقد كان القضاة فى الأندلس يسمون قضاة الجند حتى أتى عبد الرحمن 
ا الداخل » فأصبح القاضى يسمى قاضى الجماعة » وكان أول قاض عاد 

١‏ يحبى بن يزيد هذا ء ثم تلاه معاوية بن صالح ٠‏ وكان يلقب رسمياً بقاضي 
الجماعة . وهذا التطور معقول ؛ ففي فترة الولاة كان المسلمون هم الجند . ولهذا كان القاضى 
قاضيهم » فلا قامت الدولة الأموية واجتمع جوها الناس » وكان الإسلام قد انتشر» أصبح 
القاضى يسمى قاضى الجماعة . وهذا التطور شبيه بها حدث فى بلاد إسلامية أخرى » مثل 
مصر . غير أننا ينبغى أن نفرق بين قاضى الجند وقاضى العسكر » فإن وظيفة قاضى العسكر 
نشأت بعد تسمية قاضى الجند بقاضى الجماعة » واضطراره إلى الاستقرار فى العاصمة » 
ومست الحاجة إلى إقامة قاض خاص بالعسكر , يخرج مع الجيش ويعود معه . وفيا يتتصل 
بالأندلس لدينا مرحلة انتقالية » فقد كان يحيى بن يزيد قاضياً للجند ثم صار قاضياً للجماعة 
مع احتفاظه بقضاء الجند » فكان يخرج مع الأمير فى الغزوات » واستمر ذلك أثناء قضاء 
معاوية بن صالح » ثم اختص قاضى الجاعة بالحاضرة » وأصبح أشبه بقاضى القضاة » 
وأناب عنه قاضيا آخر للعسكر . 

وما دمنا لم ننته إلى رأى فى موضوع القضاة الثلاثة الأول » فلا بأس من أن نلم بذكرهم 
معتمدين على ما أورده الخشنى والنباهى من أخبارهم . 
.؟-عهم)20 يبدو أن حق تولية قاضى الأندلس لم يتقرر على وجه محدد فى فترة الولاة» 
تولية القضاء فقد كان عامل الأندلس يوليه أحياناً كا ولى عقبة بن الحجاج السلولى 
لهدكىبن م0 القاضى مهدى بن مسلم » وهو أول قاض نسمع به فى تاريخ الأندلس» 
ويبدو أن العامل كان يقوم بالقضاء بين الجند بنفسه قبل ذلك . يُقهم هذا من قول الخشنى : 


. 54 - 78 الخشنى : قضاةء ص‎ )١( 


عهد نولية القضاء لمهدى بن مسلم ١ه‏ 





« وكان - أى عقبة بن الحجاج - قد اتخذ بالأندلس مقراً مدينة يقال لها أربونة » وكان قد 
عرف مهدى بن مسلم بالعلم والدين والورع ٠.‏ فكان قد استخلفه على قرطبة وأمره بالقضاء 
بين أهلها » » أى أنه تركه قاضياً فى قرطبة وخصرج بالجند ليقوم بقضائهم بنفسه . وهذا أمر 
لا يستبعد على عقبة بن الحجاج » فقد كان رجلاً دَيْناً فاضلاً عالماً» ذكر الخشنى - رواية عن 
أحمد بن فرج بن منتيل - أنه كانه صاحب جهاد ورباط وذا نجدة وبأس ورغبة فى نكاية 
المشركين . وكان إذا أسر الأسير لم يقتله حتى يعرض عليه الإسلام حيناً ويرغبه فيه ويبصره 
بفضله ويبين له عيوب دينه الذى هو عليه » فيذكر أنه أسلم على يديه بذلك الفعل ألفا 
رجل؛ 29 . 

ويذكر الخشنى والنباهى أن عقبة بن الحجاج أمر مهدى بن مسلم أن يكتب عنه 'عهداً 
لنفسه » أى أمر تعيين . وقد أجاد مهدى كتابة ذلك العهد . حتى أصبح أقرب إلى دستور 
للقضاة . وقد رأينا في| سبق كيف أن أحد ولاة إفريقية نقل نصه وأصدر به أمراً بتولية أحد 
قضاته » مما يدل على مكانة هذا العهد وإحكامه . وقد وصفه التباهى نقلاً عن الخشنى بأنه : 
« أصل من الأصول ف العهد بالقضاء »9 . 

ويقول الخشنى : ١‏ وكان [ عقبة ] قد عَرِف مع ذلك بالبلاغة والبيان » فل| أراد توليته 
قال له : اكتب عهدك عنى لنفسك . فكتب مهدى بن مسلم الكتاب على أنه صادر عن عقبة 
ابن الحجاج إلى القاضى 7") » فبدأ بنصحه با هو معروف من ضرورة الطهارة والنقاء واتباع 
الكتاب والسنة والتقرب إلى الله « بإجراء الحدود مجاريها على من وجبت عليه وإعطاء 
الحقوق من وجبت له ... وأن يحاسب نفسه فى يومه وغده في] تقلد من الأمانة الثقيل حملها 
الباهظ عبؤهاء فإنه تُحاسَب ومُوعَد وموعود ؛ . 

ثم يقرر بعد ذلك القواعد القضائية الآتية : 


١‏ - التلطف مع الخصوم والاستماع لكل ما يقولون والانتباه له والصبر على عيى اللسان 
ناقص البيان » وملاحظة أن بعض الخصوم ١‏ ألحن بحجته وأبلغ فى منطقه وأسرع فى بلوغ 
المطلب وألطف حيلة فى المذهب وإن كان غير الصواب مرماه ؟ . 
(١)الخشنى‏ : قضاة قرطبة . ص5١‏ . 


. 730 - النباهى : المرقبة العلياء ص7: . وانظر : أبحاث دوزى .جا » ص78‎ )١١( 
. الخشنى : تاريخ قضاة الأندلس . ص9١ ومايليها‎ )7( 


ب عهد تولية القضاء لمهدى بن مسلم 


؟ - أن يتخير القاضى وزراءه وأهل مشورته والمعينين له من أهل العلم والأمانة . ولم 
شر إلى هذه الطوائف الثلاث ممن يستعين بهم القاضى استعانة خاصة فى أداء عمله إلا لأنها 
ستتطور إلى وظائف ثابتة فيا بعد هى وظائف الفتيا والمشورة وأعوان القاضى » وينص 
الكتاب نصاً خاصاً على مسألة الشورى فى الأحكام . 

8 - يجعل الكتاب القاضى مسئولاً عن حُجّابه وأعوانه وكل ما يفعلونه» ١‏ فإن أفعالهم 
منسوبة إليه ومنوطة بيديه » فإذا أصلح ذلك لم يلحقه عيب ولم يعلق به ريب». 

4 - وأن ‏ يديم » الجلوس للناس بالمسجد والقعود للمتقاضين لا يسأم ولا يتبرم » وأن 
يكون صبوراً عطوفاً على ١‏ الضعيف عن التودد والزمن الثقيل » وأن يكون عنيفاً مع أهل 
«التلدد والتقحم فى ملتبسات الأمور» . 

- ويشير الكتاب إلى طائفتين أخريين من المعاونين للقاضى على أداء مهمته . وهما 
طائفتا الشهود والمزكين . فأما الشهود فمهمتهم معروفة » وأما المزكون فيوضح الكتاب 
مهمتهم بأنهم كانوا يزكون حجج الخصوم وبيناتهم » وقد أصبح الشهود فيم| بعد هيئة ثابتة 
معروفة للقاضى وهو مسئول عنهم . فى حين كان المزكون غير ثابتين : لكل خصم الحق فى 
أن يأتى معه بمن يزكى حججه ويؤيده فيم| يدعيه . 

5 - وف الكتاب أمر للقاضى بأن يستشير القاضى إبراهيم بن حرب فى كل ما أشكل 
عليه من المهمات » « ليرد عليه منه ما يعمل به ويمتثله ويقتصر عليه ويصير إليه» . وليست 
لدينا أى معلومات عن إبراهيم بن حرب » ولكن هذا النص يدلنا على أنه كان معتبراً 
كصاحب الفتيا فييه| بعد » وهو لهذا يضع أصبعنا على منشاً وظيفة كبيرة سيكون لا فى تطور 
نظام الحكم فى الأندلس أثر عظيم 27 . 

والكتاب مصوغ فى أسلوب رصين بليغ » يدلنا على أن مهدياً كان عالماً فاضلاً بليغاً » 
ويصفه الخشنى بقوله إنه كان من ١‏ أبناء المسالمة من أهل الدين والعلم والورع» » ولسنا 
نعرف بالضبط ما عناه بقوله « المسالمة » : لقد حكم عقبة بن الحجاج بين سنتى ١١5‏ و717١‏ 
ه/ 755 و41/ام أى أن مهدى بن مسلم كان رجلاً ناضجاً ممن يعهد إليهم فى القضاء بعد 
نزول العرب الأندلس بنحو ثلاثين سنة » ولا يعقل أن يكون أبوه قد أسلم وأنجبه وبلغ هو 
مبلغ النضحج وسن القضاء فى هذه الفترة » قلابد أن يكون مهدى من أبناء مسالمة إفريقية . 
(1) الظرخصن الكساب عرد الود وها 6ل وروي كانك يمن شبارات انيت ]ل نات سن 


ولكننا لا نستطيع القطع بذلك . 


عنترة بن فلاح - مهاجر بن نوفل القرشى 3 


ولا نزاع فى أن مهدى بن مسلم سار على القواعد التى قررها هو بنفسه فى كتاب عهده ‏ 
أى أن نظام القضاء قد تقرر على أصول منظمة من أول الأمرء ولم تدخل فيه بعد ذلك إلا 
تعديلات طفيفة » وهذه الحميقة تقرر لنا ناحية إيجابية جديرة بالإعجاب لعهد الولاة فى 
الأندلس » ففى ذلك العهد كان قضاة إفريقية يجرون فى أعاهم على وجه مرتجل غير منظم . 
وربها كان هذا البدء الحسن هو السبب فيا تمتع به قضاة الأندلس بعد ذلك من 
عظيم المكانة . فقد كان القاضى الذى أتى بعد مهدى - وهو عنترة بن فلاح - 
حريصاً على مصالح الناس لا يقصر عن التضحية فى سبيلهم : حدث أن 
أصاب الناس عل » فقام خطب مستسقياً » فقام إليه رجل وقال : «أيها القاضى الواعظ » قد 


4 عشرة 
ابن فلاح 


- أمين لنا أجمعين » فهل أضمرت شيئا يا ابن أخى ؟ 

- نعم » بتفريغ أهرائك يكمل استسقاؤك .. 

- اللهم إنى أشهدك أن جميع ما حواه ملكى من المأكول صدقة لوجهك .. 

وقد كان » ووزع القاضى ما فى أهرائه على الناس . ويصور لنا هذا الحديث جانباً من 
طبائع الأندلسيين الصريحة التى لا تتردد فى مجابهة الحكام وطلب الحق منهم . وفيه كذلك 
تعريض لاذع بالقاضى 2١(‏ . وكان الأندلسيون من أقدر خل الله على هذا التعريض اللاذع 
الذى لا يخلو من عمى ... 

وكان عنترة لا يحسن الارتجال . حتى ليقال إنه كان إذا قام خطيباً أسدل على وجهه تقاباً 
ويقول : « متى لحظت الناس لم أصل كلاماً » . ولكن سخرية الأندلسيين أبت إلا أن تزعم 
أن خطبته كانت مكتوبة فى صحيفة مشبكة فى الثوب المسدول على وجهه..». 
ه..مهجر2 وكان ثالث قضة الأندلس مهاجر بن نوفل القرشى رجلا ورعا تقيا 
ويبكى حتى ينصرفوا من عنده ( باكين وقد تعاطوا الحقوق بينهم »!") . 


(١)الخشنى‏ : قضاة. ص90؟ -5؟ . 
)١(‏ نفس المصدر. ص50 . 


يم بن يزيد التجيبى - معاوية بن صالع الحضرمى 


وكان آخر قضاة هذه الفترة يحيى بن يزيد التجيبى » وهو أول من تسمى 
يس بقاضى الجباعة كا قلناء وحينما دخل عبد الرحمن بن معاوية قرطبة ثبته فى 
مكانه . ولم يكن قيام يحبى بالقضاء من لدن أحد عمال الأندلس بل كان الذى 
أقامه قاضياً حنظلة بن صفوان عامل إفريقية وبعثه إليها مع أبى الخطار ٠‏ وكان قوى 
الشخصية لا يكاد يهاب أحداً . فقد حدث أن يوسف الفهرى فجأ قرطبة فى غياب عبد 
الرحمن الداخل وظفر بجاريتين لعبد الرحمن فتعرض له القاضى وقال له : « يا لثيم ! عبد 
الرحمن ظفر ببناتك وكرايمك ٠‏ فتلوّم عليهن حتى نقلن إلى دارك » وأنت ظفرت بجاريتين 
له لم يستحقا منه حرمة فأخذتها ! » فتذمم الفهرى وقال : «٠‏ والله ما رأيت لواحدة منهما 
وجهاً ! فاقبضها » وبرىء هما إليه . وحينما دخخل عبد الرحمن الأندلس وقامت الحرب بينه 
وبين الفهرى وأنصاره اعتزل يحيى الجند ولم يغمس يده فى الدماء » فل| قامت البيعة لعبد 
الرحمن أجاب إليها طائعاً 297 . 
وكان يحبى بن يزيد مشاركاً فى السياسة » فقد أخذ جانب عبد الرحمن بن 
لعي معاوية الداخل وتصدى ليوسف الفهرى كا رأيناء» وكذلك كان القاضى 
الذى جاء بعده وهو معاوية بن صالح الحضرمى » ولم يكن من قضاة عصر 
الولاة » ولكنه دخل الأندلس فى ذلك العصر » وكان طبقة عالية فى العلم حتى ليعد أعلم 
من دخل الأندلس إذ ذاك » قال الخشنى : " وكان من جلة أهل العلم ورواة الحديث » شرك 
مالك بن أنس فى بعض رجاله : يحيى بن سعيد وغيره » وروى عن معاوية بن صالح جملة 
من أئمة أهل العلم » منهم سفيان الثورى وسفيان بن عبينة والليث [ بن سعد ] وذُكر أن 
مالك بن أنس روى عنه حديثاً واحداً » وذُكر أنه أتاه يوماً إلى داره » فانصرف عنه دون أن 
يصل إليه . 
قال محمد [ بن حارث بن أسد الخشنى ] وذكر محمد بن وضاح قال : قال لى يحبى بن 
معين : جمعتم حديث معاوية بن صالح؟ قلت : لا ! قال : وما منعكم من ذلك ؟ قلت : قدم 
بلداً لم يكن أهله يومئذ أهل علم .. قال : أضعتم والله علياً عظيا » () وذكر الخشنى بعد 
ذلك مكانة معاوية بن صالح بين محدئى ذلك العصر ف المشرق وقال : ١‏ قال لى محمد بن 


(1) الخشنى : قضاة » ص8”. 
(؟)الخشنى : قضاة » ص 71-٠‏ . 


انجاه الأندلس نحو مذهب مالك 066 





أحمد بن أبى خيئمة : لوددت أن أدخل الأندلس حتى أفتش عن أصول كتب معاوية بن 
صالح ! قال ابن أيمن : فلما انصرفت إلى الأندلس طلبت أمهاته وكتبه » فوجدتها قد 
ضاعت بسقوط همم أصحابها »200 . 

وكان معاوية بن صالح من أهل الشام من موضع قرب حمص يسمى غناة عبس » وقد 
دخل الأندلس قبل دخول عبد الرحمن الداخل فنزل إشبيلية » وقد ظهر قدره عندما أتى عبد 
الرحمن فاستقضاه , واتخذه من رجال رأيه وثقته » وندبه إلى المشرق ليأتى بأخته أم الأصبغ » 
فرحل إلى المشرق ولم يوفق فى مهمته لأن أم الأصبغ كانت قد كبرت سنها ولم تشأ الرحلة إلى 
الأندلس . وفى هذه الرحلة سمع من العلماء وسمعوا عنه » وعاد إلى الأندلس وقد علا 
صيته وئبتت قدمه » وهو من غير شك أول هذه السلسلة الطويلة الجليلة من فقهاء 
الأندلس9) . 


ع 


- تجاه وظاهر أن معاوية بن صالح كان من السائرين فى طريق مالك بن أنس » ولكته 
الأندلس نحو الم يكن مالكياً » لأن المدرسة المالكية لم تكن قد تكونت وانتظم أمرها بعدء 
نهب م صرحيح أن مالكاً وضع مذهبه كاملاً » وصاغه على أسلوب يدل على أنه كان 
واعياً إلى أنه ينشىء تشريعاً كاملاً » بخلاف أبى حنيفة الذى لم يكتمل مذهبه إلا على أيدى 
تلميذيه محمد بن عبد الرحمن الشيبانى وأبى يوسف القاضى » وبخلاف الشافعى الذى يبدو 
أنه لم يكن واعياً أول الأمر إلى أنه يضع تشريعاً » بدليل أن أصول مذهبه ىا وضعها فى 
الحجاز تختلف عن أصوله كما تحددت فى صورتها النهائية فى مصر . ولكن تكوّن المذهب 
لا يعنى قيام المدرسة » لأن هذه تقوم بالأتباع والتلاميذ . وقد كان مالك أكثر أصحاب 
المذاهب الفقهية الكبرى تنبهاً إلى أهمية تكوين المدرسة » فكان شديد العناية بتلاميذه 
وأصحابه » بل إننا نلمح فى علاقته بأولئك أنه كان حريصاً على أن يكون له فى كل قطر 
جماعة منهم . وهذا ظاهر جداً فيما يتصل بالمغرب والأندلس » وقد ذكر المالكى فى « رياض 
النفوس » عدداً عظيياً من أهل المغرب وقال إنهم من تلاميذ مالك وأصحابه » وحرص أهل 
الأندلس على أن يزيدوا فى عدد تلاميذ مالك المباشرين من أهل بلدهم . ولكن البحث 


. نفس المصدرء ص١5 . وانظر أيضاً اللباهى : تاريخ قضاة الأندلس .ص19‎ )١( 
. نفس المصدر . صص3”310‎ )0( 


66 نقطة البدء للمإلكية الأندلسية 





الصحيح أثبت أن جانباً عظيماً من هذه المعلومات مخترع فى عصور متأخرة » وقد دفعت إلى 
الاختراع الرغبة فى تعظيم أمر المالكية فى الأندلس (1) , 

وكل ما نستطيع أن نقوله فيا يتصل بمعاوية بن صالح ومعاصريه أنه من الممكن أن 
يكونوا قد تتلمذوا لمالك فعلاً » وأخذوا عنه وأخذ عنهم » ولكنهم كانوا جميعا محدّثين » ولم 
ينتبهوا إلا إلى ناحية الحديث عند مالك : سمعوا منه ونقلوا عنه على أنه فقيه محدث » 
ودخلوا الأندلس فقهاء محدثين » وهذه هى الصفة الحقيقية لمعاوية بن صالح ومن عاصره 
أو تقدم عليه أو تأخر عنه قليلاً » من أمثال سعيد بن أبى هند » ومحمد بن يحيى السبأى , 
وداود بن جعفر » ومحمد بن إبراهيم بن مزيّن » وشّبطون بن عبد الله الطليطلى » ومحمد بن 
بشير القاضى » وعبد الرحمن بن موسى الموارى (") » فهؤلاء جميعاً كانوا فقهاء محدثين وهم 
الذين وضعوا أسس الدراسات الفقهية فى الأندلس » ولكنهم لم يكونوا من مؤسسى المالكية 
الأندلسية . 
.0200 ولكن حياة معاوية بن صالح تضع أيدينا على نقطة البدء للمالكية الأندلسية » 
البدء للمالكية ‏ فقد أصهر إليه أحد تلاميذه وهو زياد بن عبد الرحمن المعروف بشبطون » 
اأنداسة ١‏ وهو واحد من ثلاثة من الثابت أنهم مؤسسو المذهب ف الأندلس » وهم 
الذين أدخلوا الموطأ ونشروه بين الناس ». وعلى أيديهم أصبحت المالكية المذهب الغالب» بل 
الرسمى لأهل الأندلس » أوهم الغازى بن قيس » وثانيهم زياد بن عبد الرحمن هذاء 
وثالئهم يحيى بن يحبى الليثى . 

وقد كان من الممكن أن تُتْبِع الكلام عن القضاة بالكلام عن الفقه والعلم فى الأندلس 
خلال هذه الفترة » ولكننا رأينا أن بحث هذا ال موضوع فى هذه الفترة لا يعدو أن يكون 
مقدمة لما سيظهر فى عصور تالية » ثم إن الأمر يتطلب دراسة الثقافة المحلية التى وجدها 
المسلمون فى الأندلس وأخذوا منها وتأثروا مها » أى الرجوع بالموضوع إلى أصوله البعيدة 


)١(‏ بحث هذا الموضوع بحثاً مستفيضاً الدكتور محمود على مكى فى بحثه الذى وضعه بالإسبانية وعنوانه :010نااد8 
1 181 2ع 0113112م1127 لاك لا 12118 لتاكتالا ومدمكظ ذا دع دع لمعنه دعدماعه ]مم2 5ذا عتطمد 
11514118 - ممدمقلط مكتنااناء ها عل 
وهو دراسة عظيمة القيمة نرجو أن تطبع وتترجم إلى العربية ليفيد منها الدارسون . والجزء الخاص بموضوعناء» 
ص”؟١‏ وما يليها » وقد اعتمدنا عليه فى هذا الجزء من كتابنا . 
(؟) أورد تراجمهم جميعاً ابن الفرضى ف تاريخ علماء الأندلس ؛ انظر الفهرس . 


تقطة البدء للالكية الأندلسية /93 


أيام الرومان والموط » فد كانت إسبانيا بلد علم وعلاء على أيام هؤلاء » وكانت لمؤلفاتهم 
وآرائهم آثار بعيدة فى تكوين العلم الأندلسى فى شتى فروعه ء ثم إننا إذا قدمنا هذه 
المقدمات الطويلة لم نستطع الوقوف بالبحث عند حدود الفترة التى نتتحدث عنهاء لأن 
الشمرات كلها لم تظهر إلا بعدهاء فى عصور تالية ؛ ولهذا فقد رأينا أن نكتفى هذه الإشارة . 
حتى إذا أتاحت لنا الظروف دراسة العصر التالى عرضنا الموضوع كاملاً بمقدماته ونتائجه . 


اداع 





فرار عبد الرحمن إلى المفرب ااه 


انتهى عصر الولاة على يد عبد الرحمن بن معاوية الداخل بإقامته الدولة الأموية 
الأندلسية » وكان من الممكن أن ندع الكلام على قيام هذه الدولة لبحث خاص عن العصر 
الذى تلا عصر الولاة » ولكن عبد الرحمن دخل الأندلس على أيام يوسف الفهرى 
والصميل بن حاتم » ودارت بينه وبينهما رحى صراع طويل انتهى بانتصاره عليههما وزوال 
أمرهما وزوال المعالم التى ميزت الفترة التى ندرسها » فلم يكن هناك بد من الإلمام بسيرة عبد 
الرحمن ودخوله الأندلس وإقامته دولته فيه » حتى نصل بعصر الولاة إلى نهايته » ولهذا فإن 
حديثنا عنه يعتبر ختاماً لتاريخ عصر الولاة وبدءاً لتاريخ الإمارة الأموية القرطبية » ولم نر 
بدأ من ذلك . حتى تتجمع أطراف البحث . وحتى تكون أمامنا صورة كاملة لعصر عظيم 
الأهمية ىا رأينا » وإن كان قصيراً فى عدد سنواته » فإذا تقرر هذا فلابد أن ندرس سيرة عبد 
الرحمن من أوها . 

ا 

وُلِدت الدولة العباسية فى الكوفة فى ربيع الأول سنة ١77‏ ه / يونيو 4 4لام فى اليوم 
الذى بويع فيه لأبى العباس عبد الله بن محمد بعد دخول قائده أبى سلمة الخلال الكوفة قبل 
ذلك بأسابيع » ولم تنقض أشهر حتى رفرفت رايات العباسيين على دمشق. وفرٌ مروان بن 
محمد آخر خلفاء بنى أمية بمن معه من الجند . ولحق بهم عبد الله بن على عم السفاح وأوقع 
هم هزيمة كبيرة على نهير الزاب أحد فروع دجلة » وفر مروان وطارده عبد الله بن على حتى 
قتله فى قرية بوصير بمصر . وبذلك زالت الدولة الأموية فى المشرق من الوجود ١‏ وأعقبت 
ذلك مذبحة كبرى أنزها العباسيون بالأمويين حتى لم يفلتوا منهم رجلاً عثروا له على أثر» 
واستمرت المذابح بعد ذلك سنوات حتى لم ينج من بنى أمية إلا أفراد شردوا فى الآفاق . 
5 قرار وكان بيت معاوية بن هشام بن عبد الملك من أحفل بيوت بنى أمية بالمصيبة » 
عبد الرحمنإلى فققّد خلف معاوية هذا عقباً وافرا يذكر المؤرخون منهم أربعة ذكور وبنتين » 
المغرب أما أولهم فهو أبان » وقد وقع فى يد العباسيين فقطعوا يده ورجله وطافوا به 


ان فرار عبد الرحمن إلى المغرب 
فى قرى الشام على ظهر حمار ومن خلفه مناد يصيح » واستمر على هذه المحنة حتى هلك . 
ولما أعلن أبو العباس أمانه المشهور واحتال به على الإيقاع بأكثر من سبعين أموياً فى دير 
الجماجم » كان من ضحايا هذا الأمان ابن ثان لمعاوية هو يحيىء ولم يفلت أخوه عبد الرحمن 
إلا بأعجوبة » إذ كان قد خرج فى صيد له فلم يفجأه جند العباسيين » ول يكد يعلم بها جرى 
لأخيه حتى استتر بالليل وفرٌ إلى قرية كانت تقيم فيها أختاه أم الأصبغ وأمة الرحمن وابن 
صغير له وأخ صبى له فى الثالثة عشرة من عمره » ولم يكد عبد الرحمن يستقر فى القرية 
ويشعر بشىء من الاطمئنان حتى رمدت عيناه » فأقام حبيساً فى حجرة خوفاً من رجال 
العباسيين وطلبا لشفاء عينيه . 

فإذا كان فى حجرته تلك يوماً فقد فاجأه العباسيون بقوة كبيرة وأقبلوا يحاص رون القرية» 
وشاءت المقادير أن ينجو مرة أخرى » لأن ابناً صغيراً له روعته خيل العباسبين وراياتهم 
السود فدخل عليه مُعُولاً » فكان هذا نذير الخطر» ونبض عبد الرحمن معجلاً » فأخذ ما 
استطاع أخذه من المال وودع أختيه وابنه » وطلب إليهما أن تبعثا إليه مولاه بدراً فى مكان 
عيّنه ها فى غابة قريبة من القرية » ثم استصحب أخاه الصبى ومضى لا يلوى على شىء بعد 
السلامة . واتتظر عبد الرحمن وأخوه فى مكان مجاور للقرية حتى وافاهما بدر مولاه بشىء 
من المال » فمضوا حتى أتوا موضعاً على الفرات . فطلب عبد الرحمن رجلاً يعرفه وأعطاه 
مالا ليشترى له خيلاً وطعاماً ؛ ومضى الرجل يصحبه بدر مولى عبد الرحمن الأمين ؛ وكان 
من سوء ححظ عبد الرحمن وأخيه أن عبداً لهذا الرجل علم بالخبر فأسرع به إلى عمال 
العباسيين » فأسرعوا إلى الغابة وحاصروها . وريع الأخوان فأسرعا يعدوان حتى اختباً فى 
حديقة على ضفاف الفرات . 

وأقبل العباسيون بحاصر وبا وضيقوا عليهم) حتى كادا يقعان فى أيديهم ٠‏ ولم يبق أمامهم| 
إلا أن يلقيا بنفسيهها فى عباب النهر ويسبحا إلى الضفة الأخرى ؛ وقد فعلا » فإذا قطما من 
الشوط جائباً فقد نعب الصبى وترامى إلى سمعه نداء رجال العباسيين يعدوثه بالأمان إذا 
عاد . فانقلب الصبى راجعاً . وم يكد بخطو على الشط حتى تقاسمنه السيوف وأخوه يراه 
بعينيه فيشتد فى سباححته . ووصل إلى بر الأمان سالماً. ثم مضى ينهب الأرض حتى أدرك 
مكاناً من فلسطين كان قد ذكره لأختيه » وهناك أدركه مولاه بدر وسالم مولى أخبته بهال 
وجوهر ليستعين ببها فى محنته . ومضى الثلائة معجلين فعبروا بمصر وأفضوا إلى إفريقية 


المغرب فى فترة الانتقال من الأمويين إلى العياسيين 01 


حيث كان الحال مضطرباً ثائراً » فأمنوا برهة فى وديان المغرب وشعابه ويين قبائله وأهله 
الذين فرّقتهم الثورات وصرفتهم عن الالتفات إلى دعوة العباسيين 200 . 

كانت سنه عشرين سنة (© حينا أقبل إلى إفريقية » ولم يكن يؤمل إذ ذاك إلا فى النجاة 
من رجال العباسيين الذين كانوا يتتبعون كل أموى يعثرون له على أثر» ولم تكن الظروف فى 
إفريقية لتغذى فيه أى أمل فى تحسن الحال , لأن بربر إفريقية كانوا قد كرهوا العرب كراهة 
عميقة بعد الذى كان من عسفهم بالبرير وثئورة هؤلاء عليهم هذه الثورة العنيفة التى تحدثنا 
عنها ء وكان دعاة الخارجية وأعداء بنى أمية الهاريون قد ملأوا نفوس أهل البلاد كراهة 
للأمويين وسخطاً عليهم » فلم يكن للفتى على ذلك بعد السلامة مطمع . 
0 وكانت أمور إفريقية قد انتهت على ما ذكرنا إلى عبد الرحمن بن حبيب بن عقية 
ف فترة الانتق ابن نافع الفهرى . وكان فهريا من عرب إفريقية ٠‏ وكان واسع المطامع عظيم 
من الأموبن إلى النشاط حارب البربر فى جيش كلثوم بن عياض . فلا اغهزم كلثوم وفرّ ابن 

باصن ا لكام ّ ّ 

أخيه بلج بن بشر فى نر من القيسيين إلى سبتة . تركهم عبد الررحمن ومضى إل 

الأندلس ليلقى قريبه عبد الملك بن قطن الفهرى . وجعل يحرضه على القيسيين . ثم سارت 
الأمور فى الأندلس على عكس ما رجاء وصار الأمر إلى بلج ثم إلى ثوابة ففر عبد الررحمن بن 
حبيب عائداً إلى إفريقية » حيث جمع نفراً من عرب إفريقية اليمنيين واستطاع أن يطرد 
حنظلة بن صفوان وجنده من البلاد ويستقر فى التميروان حاكأ بأمره 2 . 

ولكن باله لم مهدأ رغم استقرار الأمر له ورغم اضطراب الأمر على بنى أمية فى المشرق» 
لأن جنده كان قليلاً » ولأن قلوب البربر من أهل البلاد لم تكن معهء لأنه كان فى واقع الأمر 
)١(‏ انظر: الأخبار المجموعة. ص4 -825. 59 - 7/80 . 

ابن عذارى : البيانء جا ص؟ ة . 

ابن الأبار : الحلة السيراء. ص 7” . 

المقرى : نقح الطيب ء ج ١‏ ء ص8١5‏ . 

عبد الواحد المراكشى : المعجب . ص ١١‏ . 

النويرى : نهاية الأرب ء ص6١‏ . 
(1) ولد عبد الرحمن سئة 1777ه ١7‏ *الام) فى دير حُْسَيَْةَ أودير حَتنة على مقربة من دمشق . 

انظر ابن عذارى : البيان. ج7ء صس5؟ . 

اين الأبار : الحلة السيراء . ”7 , 


(7) ابن عبد الحكمء عن 777 - 7714 . 
النويرى : نهاية الأرب . ج١3‏ ء ص74 وما يعدها . 


601 المغرب فى فترة الانتقال من الأمويين إلى العباسيين 


مغامراً كثير التقلب لا يكاد يقصد إلا لخير نفسه وحدهاء واضطربت البلاد عليه وتناوبتها 
الأوبئة » « ثم ثار عليه عروة بن الزبير الصدفى واستولى على تونس » ثم ثار عليه عرب 
الساحل , وقام عليه ابن عطاف الأزدى حتى نزل بطَبَيّناس » وثارت البربر من الجبال » 
وثار ثابت الصنهاجى بباجة فأخذها » وخرج بناحية طرابلس رجلان يقال لأحدهما عبد 
الجبار والآخر الحارث » وهما من البربر على مذهب الخوارج » فقاتل عبد الرحمن بن حبيب 
كل من خرج عليه طائفة بعد أخرى » حتى دوخ المغرب كله » وأذل مَنْ به مِنْ القبائل» ول 
ينهزم له عسكر » ولا ردت له راية » وخافه جميع أهل المغرب » (1 . 

وأراد أن يؤيد سلطانه » فكتب إلى مروان بن محمد الجعدى آخر خلفاء بنى أمية » 
وحصل منه على ولاية المغرب والأندلس جميعا . ثم قامت الدولة العباسية » فعجل عبد 
الرحمن بالكتابة إلى أبى العباس بطاعته » ثم كتب إلى المنصور كذلك وأهدى إليه شيئا رجاء 
أن يثبته فى البلاد » وخشى أن يرهقه المنصور بالمطالب » فكتب يؤكد له أن إفريقية أصبحت 
إسلاماً كلها » وأنه لن يستطيع إرسال سبايا إليه » فأغضب كتابه المنصور » ووقعت النفرة 
بينهم| » فخلع طاعة المنصور وأحرق الخلع التى كان هذا قد أرسلها إليه » « وأمر كاتبه خخالد 
ابن ربيعة أن يكتب كتاباً بخلعه ويقرأ على المنابر فى سائر بلاد المغرب » » وبهذا خرج هذا 
الرجل عن طاعة الدولة وازداد مركزه فى البلاد حرجاً 9 . 

وطبيعى بعد ذلك أن يظل متربصاً يتخوف على سلطانه من كل أحد ومن كل طارىء » 
وتذهب الروايات الإسلامية إلى أن يهودياً أخذ علم النجوم عن مسلمة بن عبد الملك حذره 
من أموى اسمه عبد الرحمن يقيم ملكأ فى الأندلس » وطبيعى أن هذه أسطورة ابتدعها 
مؤرخو الأمويين فى الأندلس مبالغة منهم فى تصوير حياة عبد الرحمن منشىء دولتهم » 
والواقع أن عبد الرحمن بن حبيب كان متخوفا مترقباً لكل أمير أموى هارب يصل إلى بلاده 
سواء أكان اسمه عبد الرحمن أم لم يكن . 

وكان نفر من بنى أمية هؤلاء قد وفدوا عليه لاجئين » فتزوج هو وأخوه إلياس من 
حريمهم » ثم بدا له بعد ذلك أخهم يدبرون عليه فقتل منهم اثنين » وكانت لما أخحت تزوجها 


. النويرى : نهاية الأرب » ص8"‎ )١( 
. 5٠ص نفس المصدرء‎ )0( 


عبد الررحمن بن معاوية فى ا مغرب 0 
إلياس أخو عبد الرحمن بن حبيب فلم تزل تغريه بأخيه حتى دفعته إلى قتله » ولم يَضْفٌ 
لإلياس الأمر بعد قتله أخاه » لأن حبيب بن عبد الرحمن ثار به ووقعت بينههم| فتنة طويلة . 


ايا ع 


عبد ترحمن وصل عبد الرحمن بن معاوية إلى إفريقية أيام عبد الرحمن بن حبيب » ومن 
ابن معاوية فى الطبيعى أن يتخوفه على نفسه » ولو قد كان هذا الأموى الشارد خامل 

“7 النفس قنوعاً للجأ إلى عبد الرحمن بن حبيب وعاش فى ظله عيشة مول 
لا تخلو من الاستمتاع كما كان غيره من أمراء بنى أمية يفعلون » ولكته كان مغامرا بطبعه 
جرىء القلب . ففضّل أن يعيش بين البربر حياة قلق واضطراب . 

وتحدثنا المراجع أنه تقلب فى نواحى إفريقية كلها دون أن يغادر منها ناحية لم يجرب فيها 
حظه : أقام ببرقة حيئًا » ثم مضى إلى تاهرت حيث استظل برعاية بنى رستم حينا... ثم 
اختفى فى قبائل مكناسة » ثم قضى ردحاً فى صبرة » وانتهى به الأمر بعد مس سنوات من 
المرب والتجوال والمغامرة إلى قبائل نفزة على مقربة من طنجة . وكانت أمه من سبيهم » 
والظاهر . أنه استطاع كسب ودهم لأن كثيرا منهم عطف عليه وقام برعايته . والظاهر 
كذلك أنه لم يقنع بحياة الخمول » فجعل يدبر على عبد الرحمن بن حبيب » واتصل أمره بهذا 
الأخير » فبعث من يبحث عنه ؛ وكان الطلب عليه شديداً حتى أن امرأة أحد شيوخ نفزة 
اضطرت إلى إخفائه نحت ثيابها حتى لا يقع فى أيدى عمال عبد الرحمن بن حبيب » وكان 
يرافقه فى هذه المغامرات كلها مولاه بدر ومولى أخته سالم . وكان عبد الرحمن عنيفا على 
مولييه هذين لميل إلى الاستبداد كان فيه » فأما سالم فقد غضب مرة وفارقه بعد أن احتمل 
شدته وحياة الشقاء معه زمنا طويلاً 210 » وأما بدر فقد أقام معه مخلصاً له » وقد قُدّر له أن 
يكون أخلص معاونيه فى بناء يجده . 

أقام عبد الرحمن عند قبائل مغيلة من ساحل طنجة فى كنف شيخها أبى قرة » ولا شك 
أن شيئاً كثيراً من أخبار الأندلس وما كانت فيه من الاضطراب قد اتصل به » ويغلب أن 
استقراره عند مغيلة هؤلاء كان حوالى سنة 177١ه‏ (01/ام) لأن المراجع تحدئنا بأن أمر 
الأندلس إذ ذاك كان قد استتب ليوسف الفهرى والصميل بن حاتم » وكان سالم مولى أخته 


. ) الأخبار المجموعة » ص 55 ( وهو يذكر أن كنية سالم كانت أيا شجاع‎ )1١( 


51 تفكير عبد الرحمن فى أمر الأندلس 


قد حدَّثه بشىء عن خير الأندلس إذ كان قد قدمها مع موسى بن نصير » فتطلعت نفس هذا 
الفتى المغامر إلى هذا البلد الواسع الغنى الذى أفسد الاضطراب أمره )١(‏ . 
0000 ولسنا نعلم كيف نشأت الأطاع فى ولاية الأندلس فى نفس عبد الرحمن » 
عبد الرحمن فى أمر والثابت على كل حال أنه لم يحاول أن يبنى لنفسه ملكاً فى أى مكان من 

انان ازفريقية ع وأن الطي: ف الإمان تنا ق هده وخر متم ون مقيلة عند 
طنجة » وربها نشأت فى نفسه هذه الأطراع حين| علم أن فى الأندلس جماعة لا بأس بها من 
الأموية تعيش فى ناحيتى البيرة وجيان مشطورة بين جندى دمشق وقنسرين » ولم تكن 
أحوالهم بالآمنة ولا المستقرة لأن أكثرية عرب الأندلس من اليمنيين كانت تنفس عليهم 
مكائهم وثروتهم » وكانت كذلك لاترضى عن تأييدهم ليوسف الفهرى وصاحبه الصميل» 
ولابد كذلك أنه تسامع بأن هؤلاء الأمويين فى حاجة إلى شخصية قوية تجمع أمرهم وتقوى 
صفوفهم ء لابد أنه تسامع بذلك وإلا لما بعث إليهم مولاه بدرا برسالة خطيرة يعرض 
عليهم فيها رياسته » وهو لم يفعل ذلك فى إفريقية أبداً » مع أن إفريقية لم تخل من جماعات من 
موالى بنى أمية وأنصارهم» وكان مستطيعاً جريب حظه معهمء لو كانت المسألة مجرد تجريب 
حظ » بل قد كان أولى به أن يحاول فى أفريقية لأن عرب نواحيها لم يكن فيهم من يقارب 
الصميل أو يوسف الفهرى أو غيرهما من كبار العرب الذين تحدثنا عنهم . 

ثم إن بدراً وموالى بنى أمية لم يكادوا يعرضون الأمر على الصميل حتى قبل , مع علمه 
بأن هذا القبول يعنى ضياع سلطانه » بل إننا نتساءل : لماذا قصدوا الصميل ولم يقصدوا 
يوسف وهو أضعف من الصميل وأكثر لينا ؟ 

هناك حلقة مفقودة تجعل السياق كله قلقاً غير منسجم . وليس لدينا فى ذلك الصدد إلا 
أربع أو خمس روايات لا تكاد إحداها تزيد على الأخريات شيئاً ذا بال . وربما أعاننا على 
استجلاء هذا الأمر أن نقرر أنه كان هناك تفاهم واتفاق بين الصميل بن حاتم وجماعة موالى 
بنى أمية وزعمائهم من أمثال أبى عثمان عبيد الله بن عثمان وعبد الله بن خالد ويوسف بن 
بخت . ولسنا ندرى كيف تم هذا التقرب على الرغم ما تؤكده المراجع من أن موالى بنى أمية 


ابن الأثير : الكامل » جدة » ص 5358 . 
البكري : وصف إفريقية ( طبعة دى سلين , الجزائر 1411 ).ص ١357‏ . 


تفكير عبد الرحمن فى أمر الأندلس 83 


كانوا معتبرين موالى يوسف الفهرى من يوم زالت الدولة الأموية فى المشرق » فقد اعتبر هذا 
الرجل نفسه وارث كل ما كان للأمويين قى الأندلس » بها فى ذلك الموالى »2١(‏ وربها يكون 
هذا قد ساء هؤلاء المولل فسعوا إلى الانضام إلى الصميل بن حاتم للتخلص من سلطان 
يوسف. وسنلاحظ أن هذا الأخير لم يفطن إلى ذلك ومضى يعتبر موالى بنى أمية مواليه 
وأخصاءه » وكان ذلك من أخطائه الكبرى » ولا يبعد أن يكون الصميل قد قرَّهم إلى نفسه 
ليفيد منهم وقت الحاجة . 


ولم تكن العلائق بين الصميل ويوسف طيبة على كل حال » فقد كان يوسف منكراً 
للسيطرة التى يفرضها عليه الصميل » وقد رأيناه يسعى للتخلص منه فيبعثه إلى سرقسطة 
وكان كل أهلها يمنيين لا يطيقون هذا القيسى الجافى » وقد ثاروا عليه وكاد هيلك على 
أيديهم كما رأينا» ثم لم يكد الصميل ينجو حتى عاد يوسف يفكر فى بعثه إلى الثغر » وسيكون 
ذلك دافعاً بالصميل إلى إلقاء يده إلى عبد الرحمن والدخول فى دعوته . ولنلاحظ كذلك أن 
موالى بنى أمية فى الأندلس لم يكونوا قليلين » فقد كانوا موزعين بين جندين » ولم يكن 
عددهم أربعمائة أو حمسمائة ى| يظن (" » بل كانوا أكثر من ذلك بكثير » ولم يكن يربطهم إلى 
يوسف الفهرى والقيسيين إلا الصميل » فلم) تخلى عنهم الصميل تخلوا عن القيسية ومالوا إلى 
اليمنية . على أساس هذه الملاحظات نستطيع أن نمضى فى رواية الأحداث التى انتهت 
بإنشاء الإمارة الأموية الأندلسية على يد عبد الرحمن . 

من الواضح أن عبد الرحمن حينما أرسل مولاه بدراً ليبدأ العمل فى الأندلس فى ربيع سنة 
7 ه كان قد كوّن لنفسه فكرة واضحة عن الأحوال ف البلاد ورسم لبدر خطة العمل » 
ودليلنا على ذلك أنه أعطاه خطاباً مكتوباً يعرض فيه على موالى بنى أمية أمره ويسألهم 
تأبيده » ولا شك فى أنه عرض عليهم ترشيح نفسه أميراً على الأندلس مكان يوسف 
والصميل لكى يستطيع أن يضع حداً للفوضى الضاربة أطنايها » ولكى يقيم أمر بنى أمية فى 
البلاد من جديد » وقد توجه عبد الرحمن بكتابه إلى جماعتى موالى بنى أمية فى البيرة وجيان . 
ونقول إنه حدثهم فى أمر ترشيحه لولاية الأندلس »ء لأننا سنرى من اجتهادهم فى الأمر 
وإلحاحهم فى إنفاذه أن المسألة لم تكن مجحرد طلب أمان ٠‏ ولو كان قد سأهم إيواءه فقط لما 
احتاج الأمر إلى هذا العناء كله . 


(1) تذكر المراجع أن عددهم كان حوالى 6٠٠‏ 4 
انظر الأخبار المجموعة . ص ١لا‏ و7 . 


014 تقكير عبد للرحمن ى آمر الأندلس 


ولم يُضع بدر وقته سدى ء بل اتجه إلى رؤساء موالى بنى أمية الثلاثة الذين ذكرناهم 
وأسلم إليهم خطاب مولاءء واجتهد فى إقناعهمء ولم يلق صعوية فى ذلك ء لأتهم كانوا 
رغم اطمتناتهم إلى الصميل لا يكادون يطمئنون إلى بقية القيسيين . فلم يكد أبو عثأن عبيد 
الله بن عثان وعبد الله بن خالد ويوسف بن بخت يستوثقون من أمر بدر وسيده حتى 
هضوا يخاطبون فيه الصميل » ولو لم يكونوا أخصاءه وأصدقاءه لما خاطروا بمثل ذلك » 
ولكنهم ذهبوا وهم واثقون من أن الرجل موغر الصدر من يوسف وأغهم لا يكادون 
يعرضون عليه الأمر حتى يجيبهم إليه » راجيا لنفسه من ورائه خيرا كثيرا . وكان موالى بنى 
أمية يعرفون الصميل وما به من نزوع إلى السلطان » فتلطف رسولاهم فى عرض الأمر 
عليه » « وذكراه بأيادى بنى أمية عنده وعند سلفه » وقالا له : إن عبد الرحمن بن معاوية تجا 
إلى بلد البربر وهو مستتر فيه خايف على نفسه » وأتتنا وصيته يسأل الأمان فى نفسه » 
ويتوسل إليك با قد علمته » وأنت ذاكر له » فقال : نعم وكرامة ! ونضم يوسف هذا إلى أن 
يزوجه ابنته ويشركه فى سلطانه » وإلا ضربنا صلعته بالسيف » مما يدل على أن موليى بنى 
أمية عرضا عليه الأمر كأنه طلب أمان فقط » ولو كانا حدثاه فى أن يصبح عبد الرحمن 
صاحب الأندلس لما قال أنه مستعد لإرغام يوسف على إشراكه معه فى الأمر فقط(1). 

ولنلاحظ كذلك أن الأمويين لقوا الصميل فى لحظة كانت نفسه متفتحة فيها لقبوله » 
فقد كانت نفسه راضية عن خلاصه مما كان اليمنيون يريدونه به» وكان لفرط سروره يفرق 
الأموال فى الناس من غير حساب » ولما كان موالى بنى أمية من أكبر الناس فضلاً فى خلاصه 
فقد كانت نفسه متفتحة لقبول أى رأى يتوجهون إليه به . وكانت الأحوال العامة قد 
تحسنت » إذ انجابت المجاعة « وأربع الناس وحملت الأرض » (9 » ولم ينتتظروا حتى يستقر 
الرجل فى قرطبة بل كلموه فى الأمر وهو فى طريق العودة من سرقسطة . عرضوا عليه أمر 
عبد الرحمن وما يطلب من القدوم إلى الأندلس والاستعانة بأهلها » ويبدو أن عبد الرحمن 
تلطف فى خطابه فلم يتتحدث عن إمارة أو ملك وإنما عرض سوء حاله لكى يعطف القلوب 
على نفسه » ولا نزاع فى أن الصميل حسبه شاباً مسكيناً لا يطمع فى أكثر من أن يكون من 
رجال الصميل وأنصاره وفى أن يشتد به ساعد القيسيين لانتسابه إلى بيت أمية » على هذا 
الأساس وحده نستطيع تفسير قبول الصميل للدعوة وعدم نفوره منها على الأقل » فسأل 
(؟) الأخبار المجموعة؛. ص١/ا.‏ 


تفكير عبد الرحمن فى أمر الأندلس جحل 


الرسولين فترة يُروّى فيها أمره » فعجلا وجمعاه ببدر . فاستقبله الرجل استقبالاً طيباً وأعطاه 


عشرة دنانير وشقة خر 27 . 


واستقر الصميل فى قرطبة فلم يطمئن يوسف إلى ذلك » فبدأ يلح عليه فى العودة إلى 
الشغرء لأن اليمنيين انتهزوا فرصة عودة الصميل إلى قرطبة وانقضوا على سرقسطة يقودهم 
زعماؤهم عامر وابنه وهب والحباب وتحصنوا بها وأعلنوا خروجهم على يوسف . وتطلب 
الأمر القضاء عليهم . وأخذ يوسف يلح على الصميل والصميل يُسَوّف . علياً منه أن 
يوسف لا يرمى إلا إلى إبعاده عن قرطبة والتخلص من سلطانه . 

وكان يوسف الفهرى قد اعتبر موالى بنى أمية مواليه هو بعد زوال أمر مواليهم بنى أمية 
فى المشرق كما قلنا » فلما يئس من الصميل بعث إلى رؤسائهم وأمرهم بأن يجمعوا رجاهم 
ويسيروا بهم نحو سرقسطة ء ولم يكونوا بالطبع راغبين فى هذا المسير . ولكنهم لم يكونوا 
يستطيعون رفض الأمر. فجعل رؤساؤهم يتعللون بأن رجاهم لا يستطيعون النهوض إذ 
أن * كل من كان فيه منهض قد :بض إلى أبى جوشن » فتقطعوا وأهلكهم الشتاء والسفر مع 
ما نال الناس من الجهد » . فصدَّقهم الرجل وأعطاهم ألف دينار ليتقووا بها على النهوض ء 
فانتهزوا فرصة غفلته وحاولوا أن يكسبوا منه أكثر من ذلك » وقالوا : «هم خمسمائة مدّوّنء 
وأين تبلغ هذه منهم ؟ » . فلم يزد . فانصرفوا من عنده وقد قرروا فيهما بين أنفسهم أن 
يستخدموا هذا امال فى تحقيق ما كانوا يدبرونه مع بدر والصميل7""). 

وقرر يوسف الرحيل بنفسه بعد أن اطمأن إلى أن موالى بنى أمية موافوه » فرحل فى ذى 
قعدة سنة 177 . وخرج معه الصميل يتلكأ ؛ فل) بلغ جيان نزل « بمخاضة الفتح» على 
مقربة منها حيث أقبل عليه بعض جنده , ففرَّق فيهم الأعطيات . وجعل ينتظر موالى بنى 
أمية ؛ فل) أبطأوا عليه استدعى أبا عثمان عبيد الله بن عثمان . وسأله عنهم . فتعلل مرة 
أخرى . وأكد له أخهم لاحقون به قبل أن يدرك طليطلة » وإنما هم منتظرون حتى يجمعوا 
شعيرهم ليستقووا به » فلم يشك الرجل فى كلامه » وأمره بالعودة إليهم والضغط عليهم فى 
المسير . 


ب 


)١(‏ نفس المصدر والصفحة. 

(؟)الأخبار المجموعة » ص١7‏ . ويلاحظ أن عدد 3٠0٠0‏ هو عدد المدونين منهم فقتطء لا شك أنه كان هناك عدد من 
فى المددة 

عير المذوين . 


0 تفكير عبد الرحمن فى أمر الأندلس 





ولكن عبيد الله لم يسر إلى البيرة » بل عرج على الصميل فى مؤخرة العسكر . فلم] خلا به 
ذكّره بأمر عبد الرحمن وسأله عما استقر عليه أمره » ويبدو أن الصميل لم يكن فكر ولا ررٌّى 
وإنها فاجأه عبيد الله بذلك وهو على شرابه وقد رضيت نفسه ء فقال له : « أما إنى ما أغفلت 
ذلك » ولقد ررّيت فيه واستخرت الله وكتمت الأمر فيا شاورت فيه قريباً ولا بعيداً » وفاءً 
ب جعلته لكما من ستره . وقد رأيت أنه حقيق بنصرى حقيق بالأمر » فاكتبا إليه على بركة 
الله فإن [ أبى ] هذا الأصلع ( يريد يوسف ) عن أن يتخلى لى عن هذا الأمرء وأزواجه من 
أم موسى ( يريد ابنته أم موسى ؛ وكانت قد أرملت تلك الأيام من زوجها قطن بن عبد 
الملك ) على أن يكون واحدا مناء فإن فعل قبلنا منه وعرفنا حقه ومنته ويده » وإن كره هان 
علينا أن نقرع صلعته بسيوفنا !24 2١7‏ وخرج الأمويون من عنده وقد ملا البشر والتفاؤل 
نفوسهم . 

ولم يكادوا يخرجون من حضرته وينطلقون بالبشرى إلى قومهم حتى بدأ الصميل يفكر 
فى الأمر ويأخذه مأخذ الجدء وهنا فقط أدرك خطورة الأمر وأحس أن إقبال عبد الرحمن قد 
يعنى ضياع أمره » فعجل بإرسال رسول يستوقف رسل موالى بنى أمية فى الطريق » ثم لحق 
بهم على ظهر فرسه « الكوكب » مما يفهم منه أن الأمر روعه ٠‏ وقال لما فى أسلوبه الطريف 
فى الكلام : ٠‏ إنى منذ أتيتمانى برسول ابن معاوية وكتابه لم أزل فى إدارة » فا تحسنت ما 
دعوتما إليه » ثم كان منى إليكىا ما كان » فلم) فارقتكما رؤّيت فيه » فوجدته من قوم لو بال 
أحدهم فى هذه الجزيرة غرقنا نحن وأنتم فى بوله . وهذا ( يعنى يوسف ) رجل قد حكمنا 
عليه مع مالّه فى أعناقنا . والله لو بلغتما بيوتكما ء ثم رأيتيا هذا لظننت ألا أقصر حتى أرجع 
إليكما لثلا أغركا » وإنما أعلمى| أن أول سيف يسل عليه سيفى ! فبارك الله لكما فى رأيىا 
ومولاكى) » () فأسقط فى أيديهها وعلا أن الرجل جاد فيما يقول . وأن لا رجاء لها فيه يعد 
ذلك. 





وهكذا انتبه هذا الرجل لأمر نفسه فى آخر لحظة » وعاد إلى بيته وهو لا يشك فى أن أمر 
ابن معاوية هذا قد اتتهى » وكان قد أحب استرضاء أبى عثيان عبيد الله بن عثيان وعبد الله 
أبن خالد فأكد لما أنه يعطف على مولاهماء وأنه على استعداد ليعطف قلب يوسف عليه 
فيزوجه من بيته ويكرمه إذا تخى عن طلب السلطان . 
)١(‏ الأخبار المجموعة ص77 . 

ابن القوطية : افتتاح » ص77 . 
)7١(‏ الأخبار ا مجموعة » ص77 . 


وصول وفد مول بنى أمية واليمتيين إلى عبد الرحمن د 


أراد الصميل شيئاً وأراد الله شيئاً آخر . أراد أن يقضى على آمال عبد الرحمن وموالى بنى 
أمية فى السلطان فى الأندلس » فكانت إرادته تلك فتحاً لباب الأمل أمام وجوههم. فقد 
فكروا بعد يأسهم من المضريين المعديين فى الاستعانة بالكلبيين اليمتيين» فجعلوا فى طريق 
عودتهم إلى البيرة لا يكادون يمرون بمنازل يمنية إلا حدَّثوا أشياخها فى الأمر ء وكانوا فى 
ذلك أسعد حظاً من يوم توجهوا آمهم إلى الصميل والمضرية » لأن اليمنيين كانوا منذ 
هزيمة شقندة ومنذ فشل ثورتهم فى سرقسطة يتتظرون بفارغ الصبر فرصة يتتصفون 
لأنفسهم فيها من أعدائهم المضريين» فجعلوا ينضمون إلى دعوة عيد الرحمن جماعة يعد 
جماعة » ولم يصل زعماء بنى أمية إلى البيرة حتى كانوا قد ملأوا أيديهم من أطباء اليمن ‏ 
وقرروا الإسراع باستدعاء عبد الرحمن والبدء فى العمل قبل أن يفرغ يوسف والصميل من 
أمر سرقسطة ويعود إلى قرطبة . 

عجل موالى بنى أمية فنديوا أحد عشر رجلاً منهم فيهم تمام بن علقمة الثقفى الذى 
شارك فى الفتح وكان له فيه جهد مشكور » وشاكر مولى هشام » وأعطينا تمام خمسيائة دينار 
للنفقة منها ولافتداء عبد الرحمن من بربر مغيلة الذين كان يعيش عند شيخهم أبى قرة 
المغيل . وكانت هذه الخمسمائة دينار هى كل ما كان قد بقى لحم من الألف دينار التى 
أخذوها من يوسف الفهرى ليفرقوها فيا بينهم استعداداً للسير معه » كانوا قد أعطوا كل 
جندى أموى عشرة دنانير ..- أما الياقى فقد أراد الله أن يكون من تصيب عبد الرحمن هذا 
الذى سيكون على يديه زوال أمر يوسف والصميل معا . 

واشترى تمام وشاكر وبدر من المال مركباً وعبروا وتسعة آخرون للقاء عبد الرحمن الذى 
كان يتتظرهم بفارغ الصبر (21 . 


* # * 


وصول2 اقترب رسل موالى بنى أمية بمركبهم من شاطىء إفريقية فى إحدى أمسيات 
وشد صوال بنى ربيع الآخر سنة 178 ( سبتمبر 7/06) وكان عبد الرحمن قائياً يصلى المغرب» 
أمية واليمنيين إلى . :. . . 
عبد الرحمن لما أبصرهم أسرع إل وقفز بدر إلى الماء لكى يسرع إلى مولاه بالبشرى » 
ولم تكد الوجوه تتلاقى بعد طول انتظار حتى أفضى إليه بجلية الأمر وأنبأه 
)١(‏ الأخبار المجموعة .ص75 . 
ابن القوطية : افتتاح . ص34 . 


٠ 65‏ دخول عبد الرحمن الأندلس 





بتوفيقه مع موالى بنى أمية واليمنيين » وبأن جماعات قوية من هؤلاء تنتظر لتسير فى ركابه 
مؤيدة » ثم أقبل تمام بن علقمة » فلم يكد عبد الرحمن يسأله عن اسمه وكنيته ( أبو غالب ) 
حتى استبشر به وعوّل على الإسراع فى الرحيل . وأقبل برابر مغيلة يحاولون منعه من 
الرحيل إلا إذا افتدى نفسه منهم » ففرّق عليهم تمام من المال الذى كان معه , ولم يخلص عبد 
الرحمن مع ذلك منهم إلا بصعوبة » واستوى هذا الفتى الموفق فى القارب فانطلق به نحو 
الأندلس بعد ساعات قليلة من وصول البشرى إليه » ووطئت قدمه شاطىء الأندلس عند 
لمكب فى أخريات ربيع الثانى سنة 1٠8‏ . نزل الأندلس لا تكاد تصاحبه غير آماله » وتريد 
المقادير أن تكون ساعة نزوله تلك بدءاً لعصر جديد فى تاريخ الأندلس بل فى تاريخ الإسلام 
عامة . 
0 دخول لم يرح عبد الرحمن فى المنكب » بل سار منها رأساً إلى طرش حيث أراح فى دار 
عبد الرحمن لأبى الحجاج يوسف بن بحُت ( شيخ جند قنسرين ) وأحد كبار موالى بنى 

الأندس | أمية على ما ذكرنا » « وهناك جاءته الأموية كلها وجاءه جداد (كذا والأرجح 
جدار ) ابن عمرو المذحجى من أهل ريّه الذى كان بعد ذلك قاضيه فى العسكر » وجاءه 
عاصم بن مسلم الثقفى وأبو عبدة حسان فاستوزره » وجاء أبو بكر بن الطفيل » واختلف 
الناس إليه » . وهكذا أخذ معسكر عبد الرحمن يغنى بالمؤيدين والأنصار وبدأت طلائع 
النصر تبب عليه » فحرص منذ اللحظة الأولى على تنظيم أتباعه هؤلاء وإعدادهم للصراع 
فى سبيل الأمر العظيم الذى يطلبه » وتناقل أهل الأندلس كلهم خبره 217 . 

فى هذه الأثناء كان يوسف والصميل قد وصلا سرقسطة وحاصرا اليمنيين والقرشيين 
الذين كانوا قد دخلوها وأعلنوا الثورة فيها يقودهم عامر بن عمرو القرشى وابنه وهب 
والحباب بن رواحة بن عبد الله الزهرى الكلابى » وكان يوسف يننظر بجىء أبى عثمان عبيد 
الله وابن خالد بفارغ الصبر على ما وعداه » ولم يكن يخطر له على بال ما أحكى| تدبيره من 
الأمر أو ما كانت تخبئه له صروف الأيام . 

وف أثناء هذا الانتظار استطاع الصميل أن يرغم اليمنيين الثائرين على التسليم » فنزلوا 
له عن سرقسطة على أمان » واستسلم قوادهم عامر وابنه وهب والحباب وأقاموا عند 
الصميل كرهائن ؛ ولو كان الأمر كله فى ذلك ليوسف والصميل لقتلاهم » ولكن نفراً من 


)١(‏ الأخبار المجموعة » صل - لالا. 


بدء الصراع بين عبد الرحنن ويوسف الفهرى والصميل ات 


القرشيين فى معسكرهما على رأسهم سلييان بن شهاب. والحصين بن الدجن حالوا بينهما 
وبين ذلك . فلما فرغ يوسف من أمو سرقسطة فكر فى وسيلة يتتخلسن بها من سليمان بن 
شهاب والحصين بن الدجن وغيرهما من زعماء القرشية . فانتهز فرصة انتقاض البشكنس 
فجمع جمعاً صغيراً من جنده ورماهم به وجعل على رأسه سليمان بن شهاب والحصين 
وأصحبهه| خيار القرشية:١‏ وبعثهم فى ضعف ولم يكره عطبهم» (21 . فلم يكادوا يفضون إلى 
دار الحرب ويلقون البشكدى حتى انقض عليهم هؤلاء ومزقوهم وقتلوا معظمهم وفيهم 
ابن شهاب ه وأسرع الحصين بغلهم إلى سرقسطة وقلبه موغر على يوسف والصميل اللذين 
أرسلا قومه إلى الهلكة . وأقام عند أبى زيد عبد الرحمن بن يوسف . وكان يوسف قد خلفه 
وراءه عاملاً على سرقسطة . 


فى هذه اللحظة تحركت فى نفسن الصميل عوامل القسوة التى عرفناها فيه فى مناسبات 
كثيرة » فيال إلى قتل رهائن القرشيين الثلاثة بعد أن قتلى حاميهم سليهان بن شهاب وهلك 
معظم أنصارهم فى بعث البشكنس . وجعل يزين الأمر ليوسف ويؤكد له أنه إن فعل هذا 
لمت الاتذلس له ولولدة و كان يوسقت: مقن إذ ذاك ببكان يقال له وادى اخرنة + 
فاستجاب له يوسف وضرب أعناق عامر بن عمرو القرشى وابنه وهب والحباب بن رواحة 
على رغمه . واطمأن الصميل بعد أن شفى أحقاد نفسه من هؤلاء اليمنيين والقرشيين الذين 
كادوا مهلكونه. أثناء حصارهم إياه بسرقسطة . اطمانت نفسه واستراح باله » فمضى إلى 
خبائه - وكان فيه ابنتاه - ليقيل» قلم يكد جفنه بيدأ حتى طرقت سمعه. خطوات رسول 
يوسف يحمل إليه نبأ عبد الرحمن واجتاع الناسى إليه بطرشش » فكأن المقادير أرادت أن 
لا يبدا له بال لحظة بعد هذه الجريمة البشعة التى ارتكبها منذ لحظات () . 
0202030 الميكد يوسف يقرأ الخطاب حتى بعث يستدعى الصميل ٠‏ وانتبه الصميل 
الصواع بين عبد لخطورة الأمر وأشار على يوسف بأن يعجل بالسير إلى عبد ال ر حمن بمن معه 
الرحمن ويوسفت قبل أن يجتمع إليه الناس ويشتد أمره » فلم يكد يوسف يتحدث إلى الجند فى 
0 0 0 000 ا المشئومة 
التى قاموا بها فى بلاد البشكنس . ثم إن الكثيرين منهم كانوا ساخطين على الصميل 


)١(‏ الأخبار المجموعة . ص/الا. 
(؟) الأخبار المجموعة . ص/الا -4/ا. 


204 بدء الصراع بين عبد الرحمن ويوسف الفهرى والصميل 





ويوسف بسبب ما فعلا بإخوانهم القرشيين » إذ ألقى ببعضهم إلى ا هلكة وغدر بالباقين » 
لهذا لم يجبه منهم إلا نحو عشرة كانوا هم حملة ألوية القبائل » ولو أمكنهم التقاعس 
لتقاعسواء أما الباقون فقد طأل الشوق بهم إلى بيوتهم فتسللوا إلى أهليهم وتركوا يوسف 
والصميل وحدهما » واستحال عليه) الذهاب ٠»‏ وانقضى الوقت وأقبل الشتاء وهمطلت 
الأمطار وحملت الأتبار» فلم يجد الرجلان بداً من السير بمن معه) إلى قرطبة . وجعل 
الناس يهونون أمر عبد الرحمن على يوسف . وقال بعضهم إنه لا يطلب ملكا وإنما يطلب 
العيش الرغد » فإن كفاه يوسف ذاك وزوّجه من بيته رضى وقنع وزال خطره » واطمأن 
الرجل إلى ذلك طيلة الشتاء كارها. 

فى ذلك الحين كان عبد الرحمن جاداً فى توثيق أمره فى طرش ف دار أبى عثمان عبيد الله بن . 
عثهان » كانت جماعات موالى بنى أمية قد توافدت عليه حتى اكتمل عقدها تحت لوائه » 
وتسارع إليه اليمنيون لا يشكون فى أنه منتصف لهم من القيسيين وقائديهم العاتيين » بل 
انضم إليه نفر من القيسيين أنفسهم يتزعمهم جابر بن العلاء بن شهاب وأبو بكر بن هلال 
العبدى والحصين بن الدجنء وكانت قلوبهم موغرة على الصميل لما قعل بأصحابهم فى حملة 
البشكنس ولغريه رقاب من نجا منهم بعد ذلك », وانضم إليه من ثقيف ثلاثة تفر سيكون 
هم فى مجرى الحوادث أثر عظيم » هم تمام بن علقمة الثقفى الذى ذكرناه وعاصم العريان 
وأخوه عمران » وانضم إليه كذلك كثير من البربر لم تعطنا المراجع عنهم أى تفصيل» ولكن 
معظم اليربر كانوا على أى حال يأمنون اليمنيين وينضمون إليهم » وكان هؤلاء قد تقربوا 
إليهم بعد هزيمة شقئدة . هكذا قوى معسكر عبد ال رحمن» فأخذ ينظم صفوف أنصاره 
استعدادا للصراع الحاسم إذا انقضى الشتاء . 

فلما أقبل الربيع بدأت بطون مضر تتوافد إلى الصميل ويوسف حتى اكتمل جمعهم 
عندهما فى قرطبة ء ويبدو أن عدد من اجتمع من القيسيين كان عظيياً » لأن الأموبين 
واليمنيين المجتمعين إلى عبد الرحمن لم يلبثوا أن استبانوا قلة أعدادهم ونصحوا عبد الرحمن 
بالمرور على بقية منازل اليمنية فى نواحيها لكى يصطحب منهم من يستطيع ضمه » وهذا 
يدلنا على أن اليمنيين رغم كثرة عددهم ف الأندلس كان معظمهم منصرفاً إلى شئون العيش 
فى النواحى التى نزلوا بها ء فلم يكن ينهض منهم للقتال إلا أعداد قليلة » وربهما كان هذا هو 
سبب تفوق القيسيين عليهم فى ميادين الحرب » فقد كان معظم القيسيين جدداً على البلاد 


بدء الصراع بين عبد الرحمن ويوسف الفهرى والصميل سد 


أقبلوا مع بلج لم تثبت بعد أقدامهم فى النواحى التى كان أبو الخطار قد فرّقهم فيهاء فكانوا 
إذا دعا داعى الحرب لبى معظمهم وأسرعوا إلى الميدان » ومن دلائل ذلك أن يوسف 
والصميل لم يكادا يدعوان الجند بعد انقضاء الشتاء حتى توافد عليهه| معظم القيسية» فى 
حين كان لابد أن يمر عبد الر حمن على اليمنيين فى منازهم ليحشد أكبر عدد منهم للصراع 
المقبل . 

وجعل نفر من رجال يوسف يوهمه بأن عبد الرحمن لم يأت لملك ء وإنما يكفيه شىء من 
الخير وحسن المكانة عند يوسف كا قلناء ففكر هذا فى أن يبعث إليه بشىء من الدايا مع 
وفد من أنصاره يعرضون عليه الصلح والمصاهرة . وتخير يوسف ثلاثة من خيرة أنصاره هم 
عبيد الله بن على شيخ قيس وخالد بن زيد كاتبه الأثير عنده وعيسى بن عبد الرحمن وكان 
من موالى بنى أمية » ولكنه ثبت إلى جانب يوسف .ء لأنه كان على أرزاق الجند وحشم 
يوسف . وبعث معهم بكتاب بليغ كتبه خالد بن زيد وأرسل كذلك كسى وفرسين ويغلين 
ووصيقين وألف ديئار . 

فسار الرسل حتى بلغوا أرش من كورة ريّه » فبدا لعيسى بن عبد الرحمن أن يبقى هو 
بالهدايا فى هذا الموضع » ويذهب زميلاه بالكتاب ليريا إن كان عبد الرحمن يقبل الصلح 
أو لا يقبله » فلم) وصلا إلى معسكر عبد الرحمن وجداه عامرا بالناس تتوارد عليه الوفود من 
أجناد دمشق والأردن وقنسرين وفدا بعد وفد . وحدّثاه بالذى يعرضه يوسف من الصلح 
والمصاهرة والسلم » ومالت قلوب نفر من أنصار عبد الرحمن إلى قبول ذلك . ثم أخرج 
خالد بن زيد الكتاب وناوله لعبد الرحمن , فناوله هذا لصاحبه أبى عثمان عبيد الله بن عثيان 
ليرد عليه بها يشاء » وهَمَّ أبو عثيان بإملاء الجواب . فملك الزهو خالداً وقال  :‏ يا أبا عبد 
الرحمن » لتعرقن إبطك قبل أن تجد فيه جواباً ! » فنالت هذه العبارة الجافية من نفس أبى 
عثيان . 

وكان - كغيره من كبار عرب الأندلس - يكره خالدا ولا يرتاح إليه » إذ كان خالد مولى 
أندلسياً اصطنعه يوسف وصعد بمكانه » وكان فيه هذا الغرور الذى سنعرفه فى الكثيرين 
من الأندلسيين » فأثار بغروره نفوس العرب حتى كرهوه وحسدوه على هذه المكانة التى 
أصايها من نفس سيدهم » وهو بعد مول أندلسى أو : علج » ى] كانوا يسمونه . 


6 بدء الصراع بين عبد الرحمن ويوسف الفهرى والصميل 


أصابت هذه العبارة نفس أبى عثمان فاستطاره الغعضب فضرب بالكتاب وجه خالد 
وسبّه سباً قبيحاً وأمر به فكُجّل بالحديد » وحاول عبيد الله بن على أن يتدخل لإنقاذه فلم 
يفلح . وهكذا فشلت هذه السفارة بسبب هذه العبارة التافهة التى صدرت عن هذا المولى 
الأندلسى دون أن يقدر موضعها » وعاد عبيد الله خائب السعى إلى أرش ليجد صاحبه 
عيسى بن عبد ال رحمن قد أسرع عائداً بالهدايا إلى يوسف .ء إذ بلغه أن أنصار عبد الرحمن بن 
معاوية علموا بأمره وأمر الهدايا التى معه . وقد انضم عيسى في| بعد إلى عبد الرحمن » 
وصفح عنه هذا وجعله من مواليه ‏ إلا أنه لم ينس له فعلته هذه أبداً 29 . 

سار عبد الرحمن بمن معه إلى شذونة حيث كان جند الأردن » فانضم إلى جيشه كل من 
كان بها من اليمنيين وقضاعة وقليل من جند الأردن أنفسهم » وتحمس لعبد الرحمن شيخ 
عرب الأردن جدار بن عمر القيسى جد بنى عقيل » وصادف دخول عبد الرحمن شذونة 
يوم الفطر سنة 178 (4مارس )١97‏ فأمر جدار خطيب المسجد بأن يسقط الخطبة ليوسف 
ويجعلها لعبد الرحمن 257 » فكانت هذه أول خطبة لعبد الرحمن على مناير الأندذلس + وساعفه 
المقدار فانضم إليه قبيل من البربر يُعرفون ببنى الخليع كانوا يقيمون بناحية تاكرنا وكانوا 
موالى يزيد بن عبد الملك » فأصبحوا فى ولاء عبد الرحمن واشتد بهم ساعده , وبهذا كان مقام 
عبد الرحمن بشذونة مقاماً سعيداً على قصره : كسب فيه بضع مثات من الأنصار وسمع 
بنفسه أول خطيب يدعو له . ثم نزل بمنازل جند فلسطين عند طرف شذونة فانضم إليه 
سراة القوم وحماة الجند إلا بنى كنانة » إذ كان شيخهم كنانة بن كنانة قد انضم بقومه إلى 
يوسف وسار إليه » فرعى عبد الرحمن حرمة هذا الشيخ ولم يمس أيناءه أو حرمه بضر » ثم 
سار إلى إشبيلية حيث جند حمص . 

« فخرج إليه خيارهم من اليمن شاميها وبلديها ‏ وبهذا قوى جمع عبد الوحمن يمن اتضم 
إليه من هذه الأجناد الثلاثة » وزاد حماسه وحماس من معه حتى نظر أحد رؤساء الحتد قإذا 
جند الأردن سائرون بلوائهم وجند فلسطين يلوائهم وجند حمص بلوائهم وعبد الرحمن ق 
مواليه من غير لواء » فقال : سبحان الله » ما أشد خلاف أمرنا ! نحن بألوية وصاحينا بلا 
لواء! فأقبل أبو الصباح بن فلان اليحصبى بقناة وعامة 3 والقتاة والعيامة لرجل من 


.41١- 8١ص‎ . الأخبار المجموعة‎ )١( 
. 58 - ابن القوطية : افتتاح » ص74‎ )( 


موقعة المصارة 01 


حضرموت لا أسميه » ثم دعوا رجلاً من الأنصار لا أسميه تفاءلوا باسمه ونسبه . فعُقد له 
بقرية قلنبيرة من إقليم طشانة من كورة إشبينيه » . 

فأراد الله أن يكون هذا اللواء المتواضع المرتجل لواء النصر لجحنود المسلمين فى الأندلس 
حتى إمارة عبد الرحمن الأوسط ء وظل يرفرف على هامات المسلمين حتى خلق وبل » 
وألقى به عبد الرحمن بن غانم قائد الأمير عبد الرحمن بن محمد واستبدل به غيره فتشاءم 
بذلك جهور القائد وبحث عن اللواء الخلق فلم يجده . واختفى من ذلك التاريخ بإحدى 
نواحى ماردة(١).‏ 
0؟- موقعة 2 وتعجل يوسف والصميل السير من المدور شالى قرطبة وانحدرا بمن معهما إلى 

المصادة ناحية مقابلة لطشانة 706188 على الشاطىء الغربى للوادى الكبير » وكان 
الوقت شتاء والوادى الكبير فياض بالماء » فامتنع على العسكرين أن يعبر أحدهما إلى الآخر . 
ولبثئا على ذلك حيناً . ثم أراد عبد الرحمن أن يلتمس غرّة من يوسف ويمضى بعسكره إلى 
قبالة قرطبة ثم يعبر إليها فيدخلها » فأوقد نار معسكره بليل » ثم ترك النار موقدة ومضى 
بعسكره » وكادت تنجح الحيلة » لولا أن تنبه لها يوسف وصاحبه فأسرعا عائدين إلى 
قرطبة» فكانا مع جيش عبد ال رحمن فى سباق » ووقف الجيشان مرة أخرى ينظر أحدهما إلى 
الآخر عند المصارة على مقربة من قرطبة . وكانت كفة يوسف أرجح ء لأنه كان مقيياً مع 
قومه فى ناحية زرع وخير , فى حين كان مقام عبد الرحمن فى غابات لا مزارع فيها » فأقام 
جنده فى حل لا يقتاتون إلا ببعض الفول الأخضر أصابوه مما حولم » وكانوا يرجون أن 
يدخل بهم صاحبهم قرطبة ليقيموا أنفسهم بها فيها من الخير » ولكنهم لم يستطيعوا ) . 

ثم أقبل يوم الخميس التاسع من ذى الحجة سنة ١78‏ (7١مايو‏ 1207) فاستبشر به عبد 
الرحمن لأنه يقابل اليوم الذى وقعت فى غده معركة مرج راهط وانتصر فيها أموى آخر هو 
مروان بن الحكم على فهرى آخر هو الضحاك بن قيس » فقرر أن يخوض المعركة الحاسمة مع 
يوسف الفهرى يوم الجمعة التالى » ومن ثم أمر جنده أن يستعدوا ليوم الفصل (" . 

ابن القوطية : افتتاح » ص55 . 
)١(‏ الأخبار المجموعة » ص88 . 


(7) ابن القوطية : افنتاح » ص55 -/ا3؟ . 
ابن عذارى : البيان » ج؟ »ص6 . 


004 موقعة المصارة ‏ ' 





وفى صباح يوم الجمعة العاشر من ذى الحجة سنة ١ه‏ (4١مايو‏ 01/ام) صَفتَ 
عبدال رحمن جيوشه فى ترتيب وإحكام . ولم يكونوا ليزيدوا فى العدد عن خصومهم ولكنهم 
كانوا أشد تلهفاً على القتال » ولم يكن معظمهم متحمسا لقضية عبد الرحمن بقدر ما كان 
راغباً فى إدراك ثأره من القيسيين وشيخيهم الصميل ويوسف » وكان عبد الرحمن يعرف 
هذا ويشعر به » فمضى يدبر الأمر فى حرص وحذر وحكمة : ظل يتظاهر بأن الأمر كله 
لأبى عثيان عبيد الله بن عثهان شيخ الموالى » فلا يبرم أمراً بدون رأيه » ولكنه كان يعرف كيف 
يسيطر على هذا الرجل ويسيره فى الطريق الذى يريده فى كياسة وحكمة » ومن دلائل ذلك 
أنه أحب قبل المعركة أن يشحذ همم اليمنيين فسألهم فى شىء من الذكاء  :‏ إِنَا لى نجىء 
للمقام » وقد دعانا هذا الرجل إلى ما علمتم » وعرض ما سمعتم » ورأيى لرأيكم تبع » فإن 
كان عندكم صبر وجّلّد وحب للمكافحة فأعلمونى » وإن كان فيكم جنوح إلى السلم 
والصلح فأعلمونى» (23 . 

قال هذا الكلام وهو يعلم أثره فى نفوسهم » فلم يكد يفرغ منه حتى أصفقوا على القتال 
جميعاً وزاد حماسهم » فمضى يعين القواد : فأقام عبد الرحمن بن نُعيم الكلبى على أهل الشام» 
وأقام على رجالة بنى أمية وجماعة البربر عاصم العريان » وكان من كبار الأموية » وقد بلغ 
من حماسه لعبد الرحمن أن خلع سراويله قبل المعركة ليكون ذلك أعون له على القتال فسَمٌّى 
العريان » وجعل على خخيل بنى أمية حبيب بن عبد الملك القرشى » وجعل على خيل البربر 
إبراهيم بن شجرة الأودى وكان من كبارهم » وأعطى لواء جيشه كله لأبى عثيان عبيد الله 
ابن عثهان » ووقف هو وسط خيل بنى أمية على فرس أشقر ممسكاً ببقوسه » وعلى هذا النظام 
عبر الوادى الكبير وأفضى إلى الضفة المقابلة دون أن يعرض له يوسف أو أحد من رجاله » 
ويبدو أنه كان يؤمل فى الصلح ما يزال » وعلى ذلك كان كثير من أنصاره لم يخوضوا المعركة 
إلا بعد أن وضعهم عبد ال رحمن أمام الأمر الواقع » فلم يجدوا عن القتال مندوحة . 

ورتب يوسف جيشه : فجعل على خيل الشام ومضر كلها عبيد الله بن على » وعل 
الرجّالة كنانة بن كنانة » وجوشن ين الصميل » وعبد الله بن يوسف الفهرى . وجعل على 
خيل غليمانه وصنائعه من اليربر غلامه خالداً سَؤْدِى . 


(١)الأخبار‏ المجموعة » ص/5 . 
اين القوطية *ص38 . 


موقعة المصارة 4ه 





وأخذت جماعات من مسلمى قرطبة تنضم إلى عبد الرحمن قبيل المعركة » لأن عدداً 
عظيراً من موالى خلفاء بنى أمية وعالههم كانوا قد سكئوها منذ زمن طويل » فصار جيشه بهذا 
أكثر عدداً وإن كان جيش خصمه أكثر انسجاماً » وقد لاحظ عبد الرحمن أن نفراً من أنصاره 
اليمنيين يتحدثون عن فرسه الأشقر ء ويخشون أن يكون قد تخيره خاصة ليهرب به إذا دارت 
الدائرة عليه » بل كلمه جماعة منهم فى ذلك صراحة » فلم يكن منه إلا أن رجا أبا عثمان عبيد 
الله أن يعطيه بغلته » محتجاً بأن فرسه الأشقر لا يغبت يغبت تحته » وهو إنما يريد مركباً ثابتاً ليستطيع 
أن يرمى بقومه عل ظهره » فقبل أبو عثيان وطابت أنفس اليمن » وهذا يدئنا على أن 
اليمنيين كانوا يخشون القيسية بعد ما لقوا من الهزائم على أيدى رجاها » ولو لم يكن فيهم 
هذا الفتى عبد الرحمن لدارت الدائرة عليهم » بل لما هضوا للقتال أصلاً() . 

دارت المعركة على مقربة من المصارة من أرباض قرطبة ء وقد بدأ القتال بهجوم عنيف 
ست به شيل عبد الرحخن عل قلس جيش يوسش والصيل ؛ فلم يمض إلا قليل حتى قل 
الفرار بعس ممهها » وبحت خيل قبس يقودها عبد لله بن عل القرضي » فلم يزل عبد الرحمن 
ابن تُعيم وعاصم العريان ومن معهما من الفرسان يشتدون ف الحجوم حتى قتلوا عبيد الله بن 
على ونفراً من كبار القيسية » فانفرط عفد من بقى وولُوا مدبرين » وكسب عبد الرحمن ذلك 
اليوم الحاسم الذى كتب فيه للأندلس بل للغرب الإسلامى كله تاريخ جديد » وسار 
عبدالرحمن ودخل قصر قرطبة » وكان من غرائب المقادير أنه ورجاله أكلوا من نفس الطعام 
الذى كان يوسف قد أعده ل: لنفسه ولأصحابه إذا فرغوا من المعركة () , 

فليا انتتصرت اليمنية وقعوا فيا كانوا يقعون فيه عقب كل نصر حازوه فى تاريخهم: 
ملكهم الجشع ف المغانم وكادوا يضيعون ثمرة النصر يسوء التصرف وقلة الكياسة » ذلك أن 
جماعة منهم غَرَّهم هذا النصر فحسبوا أنهم يحسنون صنعاً إذا انقليوا على عبد الررحمن وموالى 
)١(‏ الأخبار المجموعة » ص84 . 
() ابن القوطية : افتتاح » ص38 . 

الأخيار المجموعة . ص84 - .1٠‏ 


اين عذارى : البيان المغرب » ج ”5 » صر -4: . 


فتح الأندلس , صن 57-66 . 
2222-3 .مم 1 .مكل .كنل1 , 1202.1 
73-4 .م1 عاط .مك18 عل )وأا لجل( /ا0هم - إلاقا 


0 قيام الدولة الأموية الأندلسية 





بنى أمية لكى يصبح النصر خالصاً لليمن » لأن عبد الرحمن ومواليه كانوا من مضر أيضاً » 
وقد دعا إلى ذلك رجال من جذام وخاطبوا فيه قضاعة » فأبت قضاعة , واختلف الحيّان فلم 
يفلح التدبير ونجا عبد الرحمن ومواليه » وقد علم عبد الرحمن ببذا الأمر إذ أخباه إليه جذامى 
يسمى ثعلبة بن عبيد فاحترس لنفسه وضَمٌّ مواليه » واحترس من أبى الصباح الداعى إلى 
هذا الأمر الخطير » وأنشأ لنفسه شرطة جعل عليها عبد الرحمن بن نُعيم » وهذا أول منصب 
رسمى ينشأ على عهد هذه الدولة الجديدة (21 . 

وتسرعت اليمنية بها عرف عنها من الجشع فى الغنائم والإسراف فى ذلك ٠‏ وأسرع 
رجلان من طبىء فانتهبا دار الصميل بن حاتم بشقندة » والرجل ينظر إليهها من قمة تل 
مجاور كان قد هرب إليه على طريق جيان مشرف على قرية شُبِلّار » فملأ نفسه الألم ومثّل 
قائلاً : 

ألا إن مالى عند طى وديعة ولا بد يوماً أن ترد الودائعٌ 

وكان فيا انتهباه صندوق فيه عشرة آلاف دينار دراهم , مما يدلنا على عظم الثروة التى 
كان هذا الصميل يحتجنها ويختص بها نفسه . ولم يستطع عبد الرحمن أن يكف اليمنيين عن 
النهب إلا فى مشقة » وقد أبدى من النبل كرما عظيا » إذ تعفف عن حريم يوسف وضم 
زوجته وابنته إلى أهله » وأهدت إليه زوج يوسف الجارية «حلل» التى ستكون أم ولده وولى 
عهده هشام . وأقر صاحب صلاة يوسف الفهرى على عمله؛ وكان فهريا » وسيدرك عقبه 
فى ظلال الدولة الأموية نباهة وذكراً » وكذلك أقر يحيى بن يزيد قاضى يوسف على عمله . 

وم يرض اليمنيون من عبد الرحمن هذا التعففب أو ذلك الكرم ‏ ويبدو أنهم لم يكونوا 
ليحسبوا إلا أنه سيكون دائياً طوع بنانهم فيصر فون الأمر ى) يشاءون» ففاجأهم عبد الرحمن 
داعم ديو يندج ادر كلب البر ا لوهم مذي ليا ازمر لله لون ذا 
مؤامراتهم وثوراتهم عليه( . 
4 قيام 2 ثم دخل عبد الرحمن المسجد الجامع وصلى بالناس وخطبهم من منبر قرطبة 
الو ااصية اكول مره واترعليت بالعذلتوالاصماة ٠»‏ وكتكطي أن تعرنر زه درل 


. 7١ ابن القوطية : افتتاح » ص‎ )١( 
. 4١ص‎ . الأخبار المجموعة‎ 
. 4١ص‎ . (؟) الأخيار المجموعة‎ 


الأموية الأندلسية قد قامت فعلاً من هذا اليوم . وبدأ فى تاريخ الأندلس عصر جديد 230 , 
وكان ذلك يوم الجمعة العاشر من ذى الحجة سنة ١78‏ ه ١:‏ مايو ١‏ 0 لام 


20 وحاول يوسف الفهرى والصميل بن حاتم أن يستعيدا ما ضاع من أمرهما 
يوسم الفهرى على غير طائل : ذهب يوسف إلى طليطلة ليجمع نقرا من أتصاره . وذهب 
والصميل بن حاتم الصميل إلى جيان ليستنفر من فيها من معَدَ » ثم التقيا واستوليا على جيان 
وطردا الحصين بن الدَّجن عاملها لعبد الرحمن ١‏ ثم مشيا إلى البيرة ففر عاملها جابر بن 
العلاء بن شهاب » ووجد عبد ال رحمن أن لا مندوحة له عن السير نحوهما » فلم يكد يغادر 
قرطبة حتى فاجأها أبو زيد أحد أبناء يوسف الفهرى بنفر من أنصاره أقبلوا معه من ماردة » 
فعاد عبد ال رحمن إليها » ووجد أن لا مفر من أن يقيم على حراستها رجلاً يئق فيه فعهد ى 
ذلك إلى عامر بن على جد بنى فهر الرصافيين » واستوثق من أمره ثم مضى نحو خصميه . 

وم يكد عبد الرحمن يصل بمن معه من الجند إلى البيرة حتى أحس الصميل ويوسف 
أتهما لن يستطيعا له حوياً » فعرضا الصلح على أن يدع هما عبد الرحمن ما كان ا من الأموال 
والأملاك ء وأجاءهيا عيد ال رحمن إلى ذلك على أن يستودعه يوسف القفهرى ابنيه أبا زيد عبد 
من غرائب المقادير أن عبد الررحمن رد إلى يوسف خحالد بن يد كاتبه المولى الإسباتى فى نظير 
أبى عثمان عبيد الله بن عثان » وكان عبيد الله هو الذى ضرب وجه خالد وأمر بتكبيله يوم 
تخززاة الك أن ركتبي ود خطايه عل ماو ينا 037 

وعاد عبد الرحمن إلى قرطبة وقد داتت له الأندلسى جيعها ء عاد وف ركايه يوسف 
والصميل » فمن لطيق ما تحكى أن عبد الوحمن استيان امتياز الصميل » ولا غرابة قالرجل 
من الأرومة الععريية تى أعلى مكان + قال عبد ال حمى : ه لله بلاده . لقد صحينى مى البيرة إلى 
قرطبة ما مست وكبته وكبتى ولا تقدم رأس بغله رأس بغلى » ولا استفهمنى قى حديث » 
ولا اتح حديثاً بغير أن أسأله عته © » ثم يقول صاحب «الأخبار المجموعة » بعد ذلك : 
«ولا يذكر - أى عبد الرحمن - مثل ذلك عن يوسف..» 207 ء وهى ملاحظة لما معناها ء 
)١(‏ ابن القوطية : افتتاح » ص54 . 

ابن عذارى : البيان . ج؟ . ص44 - 6١‏ 


(؟) الأخبار المجموعة . ص97 - 45 . 
() نفس المصدر » ص 4 94 1 


ند مصير يوسف الفهرى والصميل بن حاتم 


واستقر الرجلان على كرامة وتوسعة . وأقبل كثير من الناس يطالباني) بحقوق لهم عندهما 
من أيام ولايته) » فأحالهم عبد الرحمن إلى القاضى يحبى بن يزيد التجيبى » وكان الناس 
يحسبون أن القاضى يتتهز هذه الفرصة ليشفى نفسه من هذين الرجلين اللذين ألحقا بقوم 
اليمنيين شر الأذى » ولكن القاضى امتلك نفسه » فلم يقض فى أمرهما إلا بالحق » وظل 
الرجلان على ما أنزه) عبد الرحمن عليه من الإكرام "2 . 

بيد أن يوسف لم يطمئن إلى أمان عبد الرحمن . وظلت المخاوف تساوره من ناحيته» فلم 
يزل يتحين الفرصة حتى فر من قرطية » وحاول أن يستميل الصميل والشامية إلى جانبه فلم 
يوفق » فمضى إلى جماعات من البلديين فى لقنت وماردة وطليطلة » وما زال بهم حتى 
أغراهم بالانضام إليه » فثاروا بعبد الرحمن فى هذه النواحى » واستبعد عبد الرحمن أن يكون 
يوسف قد قام بهذا العمل من تلقاء نفسه » واتهم الصميل بالتدبير عليه » وعبثئا حاول 
الرجل تبرئة نفسه » وانتهى أمره بأن ألقى به فى السجن . وسجن معه ابنى يوسف وكانا 
عنذه رهينتين . 

واستطاع يوسف أن يضم جماعات من البلديين » فسار بهم من لقنت إلى إشبيلية » ومن 
غريب الأمر أن معظم البلديين - يل والشاميين - فى هذه الناحية انضموا إليه » ما يدل على 
أن عرب الأندلس كانوا إلى ذلك الحين أميل إلى الفوضى والاضطراب ٠‏ وأبعد عن قهم 
قيمة استقرار الأمور وعودة السلام . جمع يوسف نحو عشرين ألف عربى حاصر بهم عامل 
إشبيلية لعبد الرحمن » وكان مروانياً يسمى عمر بن مروان قدم على عبد الرحمن منذ قليل فى 
صحبة نفر من الأمويين نذكر منهم جُرَىَ بن عبد العزيز بن مروان بعد أن استقرت قدم 
عبدال رحمن فى الأندلس ء ولم يكن لدى عبد الملك إلا نفر قليل من القيسيين . 

وبدا ليوسف أن يعجل بالسير إلى قرطبة قبل أن يستطيع عبد الرحمن جمع قواته والسير 
إليه » ولكن الحظ لم يساعفه , إذ أن عبد الرحمن استطاع أن يجمع جمعاً عظيماً من أنصاره 
ويسير بهم نحو إشبيلية » ولم يكد يوسف يتحرك نحو قرطبة حتى جمع عامل مورور لعبد 
الرحمن - وهو عبد الملك بن عبد الله - من كان عنده من القيسية ثم انضمت إليه جماعة 
أخرى وسار بهم خلف يوسف وعجلوا يريدون مهاجمة عسكر يوسف من خلف . فتخوف 
يوسف أن يقع بين الفريقين » فعاد نحو إشبيلية يريد أن يعجل بالقضاء على عبد الملك ومن 
معه قبل وصول عبد الرحمن » واشتبك القتال بين الحيشين وانهزم يوسف هزيمة قاصمة . 
)١(‏ نفس المصدرء ص44 - 98 . 


نباية عصر الولاة ماع 


ومضى يوسف نحو طليطلة ليلجأ إلى صديق له يسمى أبا عروة لا يصاحبه غير مولى 
فارسى يسمى سابقاً ووصيف واحد ‏ فلا صار على عشرة أميال من طليطلة مر بعبد الله بن 
عمر الأنصارى » وهو بقرية من قرى طليطلة - « فقيل له : هذا يوسف منهزماً ! فقال 
لأصحابه : ويحكم ! اخرج بنا نقتله ونريح الدنيا منه ونريمه من الدنيا ونريح الناس من 
شره» فقد صار رجلاً ناجشا للحرب » فخرج حتى لحقه وليس بينه وبين مدينة طليطلة إلا 
أربعة أميال » وليس معه إلا سابق الفارسى مولى لبنى تميم ومن يجهله يقول مولى يوسف ء 
وبقيته بسرقسطة » ووصيف واحد فقط وقد ماتوا من شدة الركض » وليس معهم منعة 
ولا مدفع » فقتل عبد الله يوسفت الفهرى » وقتل سابق وهرب الغلام حتى دخل قرطبة » » 
وأقبل عبد الله على عبد الرحمن الداخل برأس يوسف فعجّل هذا بقتل أبى زيد بن يوسف 
وأبقى على أخيه أبى الأسود لِصِعّر سنه ء ولما أقبل الليل بعث إلى الصميل من خنقه 
ليستريح من أمره جملة 099 . 
* *# * 
20202 هكذا صفاالجو لعبد الرحمن وصار له أمر الأندلس كله غير منازع » وانتهى 
عمر بوي على يديه العصر الأول من أعصر الأندلس الإسلامية وهو عصر الولاة . 
اختفى من الميدان اخر رجلين كانا يمثلان هذا العصر « الجاهلى » فى تاريخ 
الأندلس » اختفيا حاملين معههما ثارات العصبية وأوضار القبلية » وخلفا الأندلس لتقوم فيه 
دولة إسلامية واحدة تقيم شأن الأندلس الإسلامى يعد أن كاد ينهار . وكان من حظ 
الأندلس أن اختفى هذا العصر المضطرب .٠‏ ولو استمر لكان فى ذلك بوار أمر الأندلس 
الإسلامى جملة » ولول تطأ قدم عبد الرحمن أرض هذه البلاد لصار تاريخ الإسلام فيها إلى 
ما سيصير إليه تاريخ الإسلام فى صقلية بعد ذلك بنيف وثلاثة قرون : اختلاف وتفرّق 
وحروب بين المسلمين » ثم يكتسحهم أعداؤهم وينتهى أمر الإسلام فى الجزيرة . 


* # 


. 3١ ابن القوطة : افتتاح » ص‎ )١( 
٠١١١-1٠١١ الأخبار المجموعة ص‎ 
. 575 - ةه١اص‎ » ” ابن عذارى : البيان » ج‎ 


المراجسع 


لاه 
مراجع الكتاب 
آت مرَاجع عربية : 


ابن الأبار. أبو عبد الله محمد بن عبد الله القضاعى : الحلة السيراء . طبعة دوزى . 
ع 

ابن الأثير الجزرى : اسد الغابة فى معرفة الصحابة ‏ القاهرة ٠4؟1١ه.‏ 

- : الكامل فى التاريخ » طبعة نورنيرج » لايدن /1451 -14177ء وطبعة القاهرة 
1564 . 

ابن حزم القرطبى : جمهرة أنساب العرب. طبعة ليفى بروفنسال . القاهرة .١454‏ 

اين حوقل ». أبو القاسم محمد البغدادى الموصلى : صورة الأرض ء الطبعة الثانية 
بإشراف كرامرزء لايدن ١91738‏ . 

اين حيان . حيان بن خلف : المقتبس ف تاريخ رجال الأندلس » طبعة أنتونيا » 

ابن الخطيب ء لسان الدين : 

- الإحاطة فى أخبار غرناطة » طبعة محمد عبد الله عنان , الجزء الأول ء القاهرة 
1565 . 

- : أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام وما يجر ذلك من 
شجون الكلام » نشره ليفى يروفنسال . الرباط ١975‏ ؛ ثم أعاد طبعه فى بيروت 
ونشره بعنوان ‏ تاريخ إسبانيا الإسلامية ؛ سنة ١9185‏ . 

ابن خلدون . عبد الر حمن : 

- المقدمة » طبعة لويس شيخوء بيروت ١108‏ . وترجمة فرنسية بقلم البارون دى 


058 





- : كتاب العبرء بولاق /١585‏ 18517( أجزاء ) . 

- : أخبار البربر ومواليهم من زناتة وذكر أوليتهم وأجيالهم » وما كان بديار 
المغرب خاصة من الملوك والدول . وهو الكتاب الثالث من ١‏ العبر وديوان المبتدا 
والخبر » وقد نشره دى سلان وطبعه فى الجزائر 1801١ /١7717/‏ بعنوان « تاريخ 
الدول الإسلامية بالمغرب » ء ثم ترجمه إلى الفرنسية ونشر الترجمة باسم « تاريخ 
التروز ااشينة 506 عرو افيد تقر ددا اشر افك الممتكرق كازانوفا وناويين سس 
19150-194. 

ابن عبد الحكم . عبد الرحمن : فتوح مصر والمغرب والأندلس ٠‏ طبعة شارل 
تورى» مطبعة جامعة ييل ١9757‏ . 

ابن عذارى المراكشى : البيان المغرب فى أخبار ملوك الأندلس والمغرب » طبعة 
دوزى الجزءان ١و”»ء‏ لايدن 1801١ - ١8548‏ ؛ والجزء الثالث نشره ليفى بروفنسال 
فى باريس سنة 1970 . ثم أعاد بروفنسال وكولان نشر الجزءين الآول والثانى فى 
لايدن سنة .١467- 1946١‏ 

ابن الفرضى : تاريخ علماء الأندلس » طبعة كوديرا ء مدريد 1847-146٠‏ . 

ابن قتيبة : الإمامة والسياسة . القاهرة 5 ١9٠‏ . 


ابن القوطية , أبو بكر : تاريخ افتتاح الأندلس » أعده للنشر جايانجوس ونشره 


أبو زكريا : تاريخ أبى زكريا » ترحمه وعلّق عليه /إقاعنا50ة1/( عانسظ الحزائر 
ملام ا . 


أبو المحاسن . جمال الدين يوسف بن تغرى بردى : النجوم الزاهرة فى أخبار ملوك 
مصر والقاهرة » طبعة دار الكتب المصرية » صدر منه ١١‏ جزءاً ابتداء من سنة 
104 

أب يوسفه : 

- كتاب الخراج » القاهرة 107 . 


واه 


مؤلف مجهول : 

- أخبار يجموعة فى تاريخ الأندلس : نشره وترجمه وعلق عليه لافوينتى إى 
ألكتتراء مدريد ١851/‏ . 

الإدريسى . الشريف : نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق . نشر الجزء الخاص 
بالأندلس والمغرب دوزى ودى خويه فى لايدن تحت عنوانعل «ممن)اممءوع12 
عمع مموط '! ع0 أ عناوتطة"'! . 

الإصطخرى . أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسى : مسالك المالك . طبعة دى 
خويه لايدن 1877 -1817/0 ثم أعيد طبعه سنة 19117 . 

البغدادى . عبد القادر بن طاهر : الرْق بين الفرّق » القاهرة .1١96‏ 

البكرى . أبو عبيد الله بن عبد العزيز : صفة إفريقية » مستخرجة من كتاب 
المسالك والمالك » نشرها البارون دى سلان فى الجزائر 19٠١‏ »ء ثم ترجمها إلى 
الفرنسية ونشرها فى الجزائر ١91١1‏ . 

البلاذرى » أحمد بن يحبى بن جابر : فتوح البلدان , القاهرة ١١14‏ . 

جرجى زيدان : العرب قبل الإسلام » القاهرة ( طبعة ١9601/‏ » راجعها وعلق 
عليها حسين مؤنس ) . 

الحميرى » ابن عبد المنعم : الروض المعطار فى خبر الأقطار . نشره مع ترجمة 
فرنسية ود تعليقات ليفى بروفنسال فى لايدن ١975‏ . 

الخشنى . محمد بن الحارث بن أسد : تاريخ قضاة قرطبة » نشر مع ترجمة إسبانية 


لريبيرا؛ مدريد .١91١5‏ 


الخوار زمى , أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب : كتاب مفاتيح العلوم . 
لايدن ١186465‏ والقاهرة ١5755‏ . 

الدباغ » عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الأنصارى : معام الإيهان ( 4 أجزاء ) 
تونس .1١9017 /1١78‏ 


66 





الدينورى ء أبو حنيفة : الأخبار الطوال» القاهرة .١91١ / 1١*7٠‏ 

السلاوى . أحمد بن خالد الناصرى : الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى . 
القاهرة .١511-17١‏ 
القائمين بأمر الأمةء القاهرة ١8١‏ . 

الشهرستانى , أبو الفتح محمد بن عبد الكريم: الملل والدحل » طبعة و. كيورتون » 
لندن ١18545‏ .ء والقاهرة /1711 . 

الضبى : بغية الملتمس فى تاريخ رجال أهل الأندلس » طبعة ريبيراء مدريد ١845‏ 
-هلما. 

الطبرى » أبو جعفر محمد بن جرير : تاريخ الأمم والملوك » طبعة دى خويه . 
لايدن 18481١‏ وما بعدهاء وطبعة القاهرة ١979‏ . 
(مخطوط يعده للنشر الدكتور عبد العزيز الأهوانى ) . 

عنان » محمد عبد الله: دولة الإسلام فى الآندلس - العصر الأولء القاهرة .١9157‏ 

الغسانى » محمد بن عبد الوهاب : رحلة الوزير فى افتكاك الأسير » طبعة الفريد 
الباق +العزائئن 164 

قدامة بن جعفرء أبو الفرج : كتاب الخراج وصنعة الكتابة » لايدن 1844 . 

القرشى » يحبى بن أدم : كتاب الخراج » بتحقيق أحمد محمد شاكر, القاهرة /51 17. 
القاهرة ١906١‏ . 


المراكشى . عبد الواحد : المعجب فى تلخيص أخبار المغرب . طبعة دوزى » لايدن 
0 ؛ وطبعة محمد سعيد العريان» القاهرة ١95‏ . 


60١ 





المسعودى : مروج الذهب . طبعة باربييه دى مينار وبافيه دى كورتى » باريس 
اكلم - كلما . 

المقدسى . شمس الدين : أحسن التقاسيم فى معرفة الأقاليم » طبعة دى خويه » 
لايدن .1١9405‏ 
لسان الدين بن الخطيب . طبعة دوزى ودوجا وكريل ورايت » لايدن 1١4886‏ -١51؛‏ 
وطبعة الشيخ محى الدين عبد الحميد , القاهرة ١454‏ . 

- : تاريخ الدول الإسلامية فى إسبانيا » ترجمة إنجليزية جزئية لنفح الطيب مع 
تعليقات بقلم ب. دجايانجوس . لندن 1815-185٠‏ . 

المقريزى ١‏ تقى الدين أحمد بن على : 

- البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب » طبعة فستنفلد تحت عنوان 
تعطعواطوعم «زعأئع200لامع12728ء معام لاععم (2ز عل ععطعن 05نالمدططم 


7 ,رلقعع 1أأأءع00) 51261111 . 
- : المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار . طبعة القاهرة .١9٠8- 1١9٠5‏ 
مؤنس . حسين : فتح العرب للمغرب . القاهرة ١9151/‏ . 
النباهى . أبو الحسن بن عبد الله بن الحسن : تاريخ قضاة الأندلس المسمى المرقبة 
العليا فيمن يستحق القضاء والفتياء نشره ليفى بروفنسال.ء القاهرة ١954‏ . 


النويرى . شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب : نباية الأرب فى فنون الأدب » 
طبعة دار الكتب المصرية » وطبعة جسبار ريميرو ( الجزءان 77و75 الخاصان 
بالمغرب والأندلس )» مدريد 1١94١‏ . 

ياقوت . شهاب الدين أبو عبد الله الحموى الرومى : معجم البلدان » طبعة 

اليعقوبى : كتاب البلدان . طبعة دى خويه , لايدن ١4917‏ . 


0:5 





ب - مراجع غير عربية : 


2 .7015 2 بهمممكظ عل 2تزماولط عل لدامتفكل/ة .مسلع2 رعوء81 ملونع م 
. 1950 - 1947 ,10ل 


5 عل 5ع7لع تنه ,8[عناء65 ناذ لا 3523112 تغط .أعنع 1/11 رجمء2213 داوم 


114 ,71201550 .قمقحط ‏ تاكنامز ممتقمكاط 111050113 


-منك[رنا باتع .آلآ ,معتصهم5 معطعة![أقغطء صا معلن[ عتدا .ساتك]1 معوظ 
مبصتاععظ8 .تعاوععع]آ 00نا معل 


تناز لا ومفومكظ عل 15013!] .قناع 8 8 ملتسماطكق ركمععادء11ل1282 


1943 ,7420110 .لموكتة؟ 1ن ولرتمأكتط 19 مع 


.055 205 3 5ع6ماع051 كعل عمعهموطئل عاماوتط .اعهكلد]1 ,رومععؤدعللد8 
10 ,2325 


-/101 ذال عنا01160م ع اماقلط"! تناز وعاء7عاعع]1 .نآ رمعتطاط - تسحتضودظ 


1 ,آلآ 3210116م815 عنالاع 1 05قل ,رمع 1 لذاكث عزنا 


-15 لتعل عاقلا ومعاملزاوعة عاطعتاءد5ع0 تناج عععم اك 8 ..1.ن) ,معماعع8 


12 2 ,نذا 


-كااع2 12 معاملاوعة م1[ لمقاعمعقطا لمن عونا املا عقتاطءعإفامظ علدا - 
. (1905 - 1904) 1/111 رعاعه 01 الزودى رعل اأتتاه 


.6 ,قاع اعل1ع1 .1 ربخل تقطماع ]ا أأمطء5 تالاموط - 


د ع1 هالاكمتمعظ 13 ع0 560573412 مآ .لامفسعا4 عدمل ,“رءأستام8 
ع 215051205 0105 تكأوظ عل معاقعن) أعل مانالا 5) روعطوتة ‏ 5ع01اترعقه 05[ 
.9 ,10 مه ( ممتعظا دا نز هلهمةن 


07 





,004 ,تتوع80150 .ع5201 تمع عتطم قرع 710مأكلط'| كناك دعل باط .© بأممز0) 


2010 .تامممقمءوع عطقعة 3ترمائلط عل د5معناتك د5مللتائط ."1 رونع000) 
.1917 


120110 .فمقمكظ مع كعطوعةخ ذ05أ عل 112ماذ!1آ .متمماصق عكهل ,كلصه) 
1820 


مهمكظ عل م0ع1115611] كدلنة .ستاستكلل/ا كتنارا ؟ معوتعصدع؟'!] رممصتصسءعلده0) 


11 


.2 اع عمم ععمععوظ مععل1510 2 ملعناطة) .754 عل عطام م8510 معتووء0 
42 011111112610 عل انان اع وزد6 معكصتوره84 ,مم قلمء 1اطنظ .جعر10] 
. (885ا مع 

-1425 عل 1260165 260211125 دعناواعنان ع0 10م 11ء1065 .81 ,لزمع د.ا 12 
4 ,<لث .51113 

-و'! عل عاغناوممء 12 كلاذ كعلناظ .عصمةق - عرعاء18 العقطصاع]1] ,لوإعمرآ1 
عل ]116:3[ 12[ أء عتامأكلط'![ عند كعطءعمعغاعع]1 عمقل ,دعطهرة د5ع]1 :3م 3822م 
1 .عللإهآ .ععة - لإمعلامط عا أمملمعم عمعدموغ"] 

ألأضآ عدم ع56الاء1 100الل6 .ع 2 ) عمعدمكظ'ل كممططاناكن8 كعل ع1م1ذا]] - 
2 يبعللاعآ ( أهعرء؟0ع2 - 

.63 - 1846 ,عللانآ .طدططى عل .1.01 .عذث .أمتء5 - 


نا 741 عل ممتامدعز8 - معاتاطهرخ معارمت) 13] عتطود .ا عرهئة) ,سعاطندآ 
351 ءاوللا ,5نااهلمهةُ - لذ ) دعمعط1] 2الاكمتمع2 13ل لاع قلااأمدع لظ و[عمعن لما 
.( 1956 ,رقلقصمق) - 5420110 ,2 .ع5ة] 


سزوع*1 12 رأعوم تطلقط؟ معطعدوتعط ععل أللة ومععصناللع51عط7ع8 «عطعل] - 
43 ,بطأعاكنت .0ن[آ .آل أأضصطء 


© "2عقطتصوكل" 12 قناعع؟ ,كنالهلصف دام دع دعطدرة ذ5عرةم تآ .وعمع1: كوتاآ 
.1-2 .35 2211 .أ70ا ,كنا هلنخف- اخ ,تسعدآ] قصط1آ 


2: 





05 عل وعتاتلمم لا لواعمة ملفاحط .وعواعووه! رمعلهمده) ١‏ معلسقفسرع]1 
.1566 ,113030 .د ااتاكةن) عل كععدزع للا 


.لمع متصتنالتا أء ,مع5قل10 .كد|م0صدمكء كمعامئعط عملمعلازء1 عل هلوعمه11 
بلتملدلة .لمل1ط© عع لصفصء 14 ممسردة]]1 عمم .أتمصوته 

عمو تكف"'! عل عأغنوصعء ذأ كناك علناة ,روعرغطقع8 د5عآ أصدعل]1 ماعصسسن]آ] 
5 25و .كلولا 2 بوعطوىمق دم 1 :يدم 

.7 ركمو .11050 نال عناو كله "ا عل مدكدم عا .لآ تعتات ه06 

كع 10 صدلعصصتقطه14 عطا 01 بصئوتط ع1 .لمسععوظ بكمع2:ه 022 
.543 -1840 ,مهل0همط .كلمل 2 ,متهمذ دز 


أع0 01011202ئع0 معتوفق د[ عل 020 تاأنعاتتم 2[ عترطهد وتروجاة 14 - 
2024 .ممه كتطآ مآ عل تترعله2عم لتوعظ 12 عل كوتلوجرء84 زذلكة ]1 مولز 
1552 

كه 6أنع 51ال وأتعمطط1 [عل مماس ل ملنه0 .مع لسفصعء؟! .لق لمعن 
,11202350 . أمصدقم 


3 قهطذنآ .لمع تن عل وتردماذزة] .0السهزءلق ,مسقلمء-ه11 


-015ا0مم166 12[ عل كقطتناه[ كدعنصة) كما .0أكمء ططخ رملسة :111 أعتسل1 
: كأو/ 1913.2 ,وتعمعلهلا .15 

لاعت أعل ,350 [نا 05م 0197© ,ع101685[م0امه ,عقرعع نا 00210165 ,1 .آ0/ا 
رلأطققة5 ع0 ,ممتأعنطعد عل ,عذوعل1ء215 ,أعنتصدكلا محيل رود[ عل ,عكمعادر 
-[10 لا 205ة[01205166 ,016565 أم01202» 2165هىة لل روقع20ة0) عل /ل ولإواعط عل 
,0205 


8502612005 اع محكطهو لخ عل لموعنصم0 /ل ععدوعازد اعل وموءنزوه) ,11 .انلا 


2113م 5 أ0 أو5عنا0م00) علطا أن كلمععع.] .سماعستطعة اا رعمتمآ1 


مه 





.1949 - 1947 مهلخ .دعطدمةج 510 دما .مدعتعهق) عدا عل مئ1ل1ه1 
.1948 ,542050 .5اآه0/ 2 ,كععدزعلن1514 5م[ - 


-15100 ااانا .(دالاباع5 عل موعتطمععة معمل151 مد) ععمعلع دكت 0.ول191 
11,17[ .ععةد .مكط .تلنمممعن5 ... داتوع؟ عل 2نه)115]آ ... 3و 


00112 ععدء/ا _عموعمعج؟ وآ 
وقد رجعنا إلى القطعة التى نشرها لافويتى ألكانترا ذيلاً على ترججمته الإسبانية للأخبار 
المجموعة. 
4 ,انه" - بععلط! .ب5)01ناط1 طأوأدع1 - لأوامفم5 01 كعمعنين5 ,طاوعول 
867 142050 متاتسطعدك5 عدحارم مسعاستعلقة ١‏ عاسعدكه 1 


عقازة عل 111 ععنلوعم4 .تمممكط عل جع1مل0 ضيوع تامع 105 عل 3زع0105010) - 
.مناحطااعدكة 


علدعل ممدوحط عل امعمعع مكنناك!1] .ماعء5100 بهوللهصد2 ١‏ عأمعنقلمه 1 
- 1850 بلعلداة .5أن/ا 30 كدتل 705اأكدعناه فأكقط 05 ١نالطانام‏ ومجدوعن ين[ 
1207 


>1 داأناة'ن1/! عل92(/ا02تنا عكالقك نلل عووغ ع1 عند علناط 11 ركاتع ةنتمم 1 
.1908 ,لا سوعط 


,لانورزء8 .ع1 لنعدلا عل 256] الهم عن[ - 

.1930 بطامووزع8 .جعللهناتزددولا كعل عاعغاد ع1 عرد كعبط - 

.8 رؤموط .عمعمووط ل عباماواط عااءعانسول8 عم كسهكا ,علصعععا1 
18533 رقطنه© .ولع أمممد م70 عاطء 1اعجع2) _ععلطادهع ]ا 


كمد .عمقصاندن84 عمعممعط! عل عنزه)1:5] ..1 ,رلفمعدءم< - انتآ 
1525 


2 بروقوط بعأع516 .26 نلق عتتققه أساكناكلظ عمع ممكط] - 





.8 ,يعللا6.آ .10611006 عاتاقمتوة 2[ - 
1948 ,رذاعة2 .(ع1ة2110160 عتأمأوتط'ل 5ع8010ا) امعلاعع0'0 مقا[ - 


علدع 100 عل 15[آثلا 12 عل 50:512وال2 .كعاع نالطع 1 1102كقة أو ,كمصدارآ 


17705 1225 16120]05 82512 111651705 0135. )01[082, 7 


2772016 نكل اناقل ع1 أت عناوتاقة 12010 نال قن 2آ .لتطقسصطلنء] ,)مآ 
7 رقاقة8 


-ع0 55202 نالآ .موتظ عل 117 .1701 ,التنكطة ممع نممعن) .لإنئل ع0 ممعسرا 
.66 -1.مم .مضق اكة/1] 01م 118102 


,842020 .تتتمموظ عل 012102 52م د11 .أل ,باعلكدلاة 
940 ,81201510 تمقمئظ عل 11510512 ملقصطف] ,أهلأظ تعلمفمعء 81 
.9 ,15120110 .010 اأعل تققم85 ها[ - 

.1950 ,8430110 .اممعدمدظ اعل وعدمعع 021 - 


ك8 6200005غع1 105 ع0 12ماوتط .ممتاععء عملا ,مجمكءظ ز جع لمغوعل8 
.6 ,1120150 .320165م 


0025 نمع أعل ممع762020 115022 .فستارا 2[ عل اعسع 811 


11 10113115 ,015112010113ا10ت ‏ 12لازماعناث ‏ .11200018 ,رع 11235تت0لا8 
3 ,أطنامعمءظ8 .آلا ,1/1 ,/ا ,17 ععع5) 38/110012 0012 


.) 5دطع61606م كلقاط دعل اء ذ5ع[مناعم كذعل 116أماوا .أهدعن) ,1ن2 310 
.(1873 .60 


-:0) عل ع20اا002نا غ02[112) تنلل عقتلاطء 12 كتاى ل8552 .سمستمدكبطط ,ركقدمل8 
7 ,م001 عنا .عنامل 


لاع[ ع1 .قتطماع20 1تط) متهم5 ستؤولع[ ع1 .4 سقطقعطة سفسنء لح 


.48 ,7/0125 2 زوع تعلط ]0 لإأعزء50 لممتلدء اطنط داكا 


/7اه 





.18563 ملنقأوع81 .طاأاتعلم4 ص16 ستقطقعطم3 ن٠طخ‏ 2نره51 أتططدع] .ل رععاعرع12 

-ه164 .(2102[1 جعلمقمع84 .لع) مممموط عل لمتعورء0 وعتدمه © وععدوتعم[ 
.6 ,530ل 

72020 .5مالاءكنام0) 'لا 0156118010265آ .مع فطعه1' '( مسقتلفال ,ورعطن] 


1928 


-10 ع0 550اط8:20ة ,مع قله1 ,2ل2] عل جعمم ز[) كنتسهاعاه'1' ومع5رء00خ1 
.2 .11 .تأكناالا .م1115 رع 172021601 3012أكع5 2 التقمكت هز سبحدعخ] .(ملع1 
4 - 25 


دع د5عطوعخ 5م10 عل وقاكة127 12[ ععطه50 وتلبااكظ .واتدسلط بدعلء جهددك 
2 1120510 .دمدمكس 
.6 ,5420510 .1150532 2أعوع»00211) ,0لا9[ع2 - 


25 ,تمصتناط عل ومعاظ ذعل علطم ممع 14000 .عامهن) عرآ رلتلود - أمصتود 
3 ,5مة8 .ك5عع3لا70/ اء 

-تتنااعة عل [2قعرعع 113ماذاط ها دك مؤزان) .هاء:3م) 5222022 متاتال ,5213 
.25 

5 - 0قتمكلط 52مأذلط 12 عل وعأضعناط .2متعمطل4 - معطع مود 


.1942 ,54620023 .111/ا واعذه اعل 


-01 .100676م1215نا[ 20لع2 تمقطنا11 غ0 كماع 05 ع1 .طامعدمل بأاعقطعدك 
,1010 


-5ع75اع]12 عتل #عاعن دعع للاأطعوناء8 عطاعذناتي1 .1لم0نخ]1 بجتملم جعطعم 
عنل لاعتمل كلع تمهم5 عمتصعطمعط ععل عخطء بطعوع0) ناج وعلاعن0) معمعطع فط 
4 بعرم 


فمقووظ عل 5ع طهعة8/10 105 عل 12رماوتط اع لهال معماعصة؟] رأعمسمسسزك 
.3 - 1897 ,1130250 





.1935 ,65008آ .تصوأك[ 01 عمتاعوعط عذ]' .0لوصعم .17لا رمددوط 1 


نمه .عتتج هوق ل 5ععو 14 دعل اء وعطورظ دعل عؤذه)15] .15نا0 رآ ,)1/1300 
1533 


كعطع ع1 عل توعوطط قم وعل أعع لناطاء مقطه مصاط ملع الم تتعدوع »1 ه17 
1866 راقع تاق سعلاعه ١7‏ معطعدنم:ي ه151 وعل عارك تطعوع 0 .2) ,[آأء لآلا 
8 3503 لتنا طعت 1 عتاأعوأطدرم 205 .كلدل ,معسمسعطالاءآ1 
ترحمه إلى العربية الدكتور محمد عبد المادى أبو ريدة بعنوان « تاريخ الدولة العربية إلى نباية 
العصر الأموى » ونشر فى القاهرة سنة ١904‏ . 
]لهات ععل اأتعم 205 عام زوعم نولا ععالط نهاك عتج[ .لأ ءلسرعاوعن؟آ 
118617 اا 00 


نال ع«أمأوتطكل وعلتاظ عصهل ,كطامع نوالا دعل 601 رعأوتاظ .عع 060 ,رعلا 


.6 ,2225 .540200 [ملقطة0 خ د5ع06016 ععة - ه1206 


الفهارس العلمية 


© فهرس الأعلام 

© فهرس الأماكن والبلدان والجبال 

© فهرس التواريخ الميلادية 

© فهرس التواريخ الحجرية 

© فهرس القبائل والطوائف والمذاهب 

© فهرس الكتب والمدونات التى ذكرت فى متن الكتاب 


أده 





فهرس الأعلام 


)1غ( - أجيكا ( أخيكاء ايخيكاء أخيلا ) : 271١‏ 071407 
- آرنولد توينبى : #0٠0‏ اا الا تلاك قل الاوك 
1خ 2١1١‏ 


- أريوس المصرى : 2371/1 4/ا؟ 
ِ - أجيلونا ( أيله . أيلونا» أم عا الالك اولك 
- آسين بلاثيوس :4957 4494014982٠‏ جيلونا ( ايله . أيلونا » ام عاصم ) ١‏ 
ِ +ع" ل كاد م7 

1٠5 -ايدولقو:‎ 


١‏ - أحمد بن خالد :0789 0نم 
- أبان ( بن معاوية بن هشام ) : أأه 


: - أحمد بن عمر بن أنس العذرى 45١:‏ .458 2 
إن 8 خُ ٠.‏ )ا د: عتّال * ١‏ 
إبراهيم بن الاغلب بن سام بن عقال : 14 ا 0 


إن | ٠.‏ :مهم ع 
إبراهيم بن حرب - احمد بن عيى بن محمد المقرى أيو العياس : /491 » 


- إبراهيم بن حسين بن عاصم : 55٠‏ 1 

- إيراهيم بن شجرة الأودى :578:74 - أحمد بن فرج بن منتيل : 591 59/4 4332 

- إبراهيم بن عيى بن مزاحم :73534 5944 - أحمد بن محمد بن عبد الحميد : 118 

- الابرش ١6:‏ - أحمد بن محمد بن مغيث أبو جعفر : 84م 

- ابن الأبار - محمد بن عبد الله القضاعى - أحمد بن محمد ( بن موسى ) الرازى : ١54‏ الا 
- ابن الأثير - على بن محمد لالا شلا كلا قاض ادكلل دض كله 
إن أ ثقعة للا ا اعضو 
ابن ايمنء 


الاك اد دل كتيل 1ل لقا مكل 
11501150411051٠. 1# 21#‏ 
55١45٠‏ ةعملا5: 2444 145 


- أبه ( أوبه . عياس ) : 05# ٠لا‏ 1558:8917 
املا هو 1 


- أبو الأسود - محمد بن يوسف الفهرى 


- أحمد بن نصر الداوودى أبو جعفر : /541 
ابيط :لا 
ِ - اللادريسى - محمد بن محمد 
- أتانا جيلدو بن ايدولفو : 1٠7‏ 
8 - - ادوارد جيبون : 73٠‏ 
- أتانا جيلدو بن تدمير : 4014 
ا - ادواردو > سأقدرا 


- أتناسيوس ( الأنبا طناش ) : 81/31 


- أثيسكلو( قديس ) : لالا 


١768 : أثيمة‎ - 


- ادواريوس: م4 
- ادواكر : ١8‏ 
- أذفونش ( أذفنش ) بن بطره ( بيطره ) » ألفونسو 


- اجريبا: 43714 الأول :16 2505 54 شككلن لالاك 


- أجوادو بلاى : 1/7 51/4 محال اها 4141545 تلاك 


00 فهرس الأعلام 





١78 : أفينون‎ - 1 

- أربانس : 48؟ - أكويلا : 1٠٠‏ 

- أرديت :7 - ألاريك : ١7"‏ 

- أرسطو: 79/5 - ألاريك الثانى : ٠7١‏ 

- أرطافازدس :57 - ألبر ( راهب ) : 5815 

- أرطباس بن غيطشة : 5# ا 8ل , 80ا ا لقلاء - ألبرو > ألفارو 
للا الل ال الالال للا ا ا - ألفارو : 7ه 
4866454-84 لوقتل - ألفريد فون كريمر ( بارون ) : 418 
1 7 

- أرطان : +6 - ألفونو الأول > أذفونش 

58457 : الفونسو السابع‎ - ١ 


57٠ : أرمسندا‎ - 

- الفونسو السادس :85م 

- الفونسو العاشر ( المعروف بالعالم ) : 71/107757 
عا 12151 


5٠* أريسعا:‎ - 


- أسبيرا نيدوس : 38015 , 788 


- إصحاق بن عيسى بن مزاحم : 594:74 - الفونسو الكبير : 41 

- أسد بن عبد الله القسرى : 1١‏ - ألقيان ( ألوامان » علقيان » علقمة البلخى ) : 718 
- اسكندر ( أنبا): 59/١‏ - ألند ( بن غيطفة ) : 7# ل اق 0 اواك 
- أسلم بن عبد العزيز ين هاشم : 7771 اع 

- إساغيل بن بدر بن إسماعيل بن زياد : 551 - إلياس بن حبيب : 518885144111017 

- إسماعيل بن ختلف ( ابن الخبازة ) : 5377 - اليباندوس : 7875 748 


- إسماعيل بن عبيد الله بن المبحاب : 21759400177 
51 للخ ؤطاء ١:4‏ 


٠ 1-_‏ الم ٠.‏ 95 
إسباعيل بن القاسسم بن عبدون - أمية بن عبد الملك بن قطن : 181 , 7981184٠‏ , 
- الإصطخرى ( إبراهيم بن محمد القسارسى ام 
تاها :74 175511 +174 15 
501652558557 


- اليسع بن عيسى بن يزيد الأسود: ١14‏ 
- أمة الرحمن ( بدت معاوية بن هشام ) : 51١7‏ 


- أهية بن يزيد : 5757 
- أناباديوس : 75١11"‏ 
- أم الأصبغ ( ابئة معاوية ين عشام ) : 0172٠8‏ م 


- أنسموندس : 7179 
- أطارولف : ١515137‏ لوسر 


- الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة التميمى : 
11 


- أنييجو خخيمينيث ( أريستا ) : 8*7 

- أودو ( دوق أقطائية ) :17 11 0715 

1 3 ماك داك الا لال الل الال 1 

- أ 1 ا 0 
فيسوس الأول الا ا اا 


- أفيسوس الثانى :71/8 


فهرس الأعلام مه 





- أوربانو: 1٠٠055‏ - برو فال : كا للق الال ل لل 
اال ا ا ل ال ال 3 
1110 


- أوروزيوس ١‏ باولوس ): الا وم 


- أوريجانس :5074 
- أوغسطين : 175 80 - ابن بسيل ( الغماز ) : 5*٠‏ 
- بشر ين صفوإن ١‏ 
- الأوزاصى :مهل اال دم بشر ين صفوان الكلى : 0154 03110 351 
١15017‏ 
- إيرفيج : لالا13 511 
ح - بطرس الرسول : 58٠‏ 
- إببزودور : 0176 711114117504207 
- بطرس القلعى : 77١‏ 
بك ع اع 1 
١ -‏ 4 
- إيزودور الإشبيل : ؟ال 1174ل 7الالا بوم بطرس الكلاعى : 108؟ 
- بطرة : ١٠م؟‏ 
-ليزودور الباجى : ال لالى 01534 0,3041017 بطرة 
اال لال وخ لوك لد لل - بلرة بن مرتين : 71417 
1٠٠‏ - بطليوس: 79370078 
- إيزودور الثياييدى : 737 - بكر بن عبس القيسى : ١11‏ 
- إيزودور دى لاس كاخيجاس : 767 - أبو بكر بن الطفيل : 677 
- إيزودور القرمى : 715 - أبو بكر بن هلال العبدى : 14 67 
- أيوب بن حبيب اللخمى : 20071١617١00١16‏ - البكرى ( أبر عبيد ) :14372 5851١١441٠4742‏ 


م١1‏ اض-7 755442 الاك المع تمض - يلاجيوس :377/4 717/4 


(ب) - بلاى ( بلايه » بلايو ) بن فافلة ( فافيلا ) : 374 » 
- الباجى : 7327 ا ل ل للش 
حاراء 11[أحل مايا1 
- باليسةروس : 7/ا7ا 3710/6 774 اث ٠ 206), 2 ٠ ٠‏ 
الالال ؟ لال "الال :القن ش تاكن لالال 
- ياولس: 7١‏ 
الا الصا للم كا 
- باولس أوروزيوس (مهروشيش) : 07١‏ 378 271 
د ان 3 - بلج بن بشر ( القيسى » القشيرى ) : 18001١4‏ 
216618641867 ل كلعل :لال 
- با ولوس دياكونوس : 574 ل ل ا الفا لحف 
- بجنت أوبزنت ( قديس ) : 1٠6‏ 441 
- بجنت ( فنتو- فنسنت ١94:1)‏ ال ا ل ا يا ل 
0 0 005154 
لال 0121 - بلياسن : 24 
- برمودو: 7117 - بنج ( بتثيوء بنشو) : 324 
- بروفانس : 5177 - يولس : ه317 


ين 111071411 


060 فهرس الأعلام 





- بيبين الثانى بن شارل مارتل : 7144758 - جيرييلى : 1؟ 
- بيكون :878 - جداد ( جدار ) بن عمرو المأحجى : 57١‏ 
(ت) - جدار بن عمر القيسى ( جد بنى عقيل ) : 077 
- تايلهان : 7١‏ - جريجوريوس : 2372817 7534 السابع ) 
- تدمير ( بن غبدوش ) 01١7003191:‏ "7ه - جزى بن عبد العزيز بن مروان : 7 7ه 
ل ل ل ال ا - جستنيان :18 
1 


- أبو جعفر المنتصور: 41١6470115715٠‏ 
- جميل بن كريب أبو كريب : ١77‏ 


- جهور: 5517 


- تمام بن علقمة ( الثقفى » الوزير ) : 25017 75594 , 
اك'هم2؟55ه52”ه 


- توماس ( قديس):١10‏ 
- ابن جهور :55184 


- جوتييه 1 11/754 15352001580 4لاتل مدا 
- جوشن بن الصميل :07425578 

- أبو جوشن - الصميل بن حات 
- تيود فريدو : 8152786177 3-1 م 


184:  دلوج‎ - 


- تيوتونيوس ( قديس )1 517 
- تيودوس أتانا جيلدو : 6٠57‏ 


- تيودوسيوس : 017 737/7 


- جبسون( مؤرخ ): 71/5 
- ثابت الصتهاجى : 014131١‏ خس لدع 


- جيسرك ١4:‏ 
- تعلبة بن ثوابة الجذامى : 77016٠‏ سر ١‏ 
- تعلبة بن سلمة ( العامل ) 21950١484241١48:‏ حَ 
و عدن عر ألاط اا - الحارث ( من البربر ) : 5١5‏ 


- ثعلية بن عبيد الجذامى : 788 4 ٠ه‏ - الحارث الموارى : ١1١‏ 


- الحباب ( أبو الحبحاب ) بن رواحة بن عيد الله 


- ثوابة بن سلامة ( الجذامى » العامل ) : لالا1١‏ 2 
الزهرى الكلابى : 257575:0421905١‏ ”5ه 


ل 4 ا ل ا 0 


مده - ابن الحبحاب - عبيد الله بن الحبحاب 
- أبو نور بن قسى : 770 - الحبيب بن أحمد بن زياد اللخمى : 952 
- ثيودوريك : ١84‏ - حبيب بن عبد ال ر حمن : 0015701١51015٠5‏ 6١اه‏ 
(ج) - حبيب بن عبد الملك القرشى : 07/7 
- جابر ( مولى ) : 177 41/0 - حبيب بن أبى عبيدة بن عقبة بن نافع الفهرى : 


لل لاخ 1 اللو نال 
ا ا 7 


- جاير بن العلاء بن شهاب : 0151١0260715‏ 


- جاوديوسا: 1 


- حبيب بن عمير : 1774 844 
- جايانجوس : 81 ا 
- حبيب بن ميمونٌ : ١6720161١‏ 


قهرس الأعلام ههه 





- اجاج : ١550171‏ - أبو حفمى - عمر ين قبيصة المهلبى 

- الحكم بن هشام الربضى : 257917 7-1 186 

- حلل ( جارية ) : 7م 

- حمزة الأصفهانى : 437 

- الحميرى - عبد المنعم ( أو ابن عبد المنعم ) 

- حنش ين عبد الله البأى الصنعاتى : 2944 ٠48‏ 


- حذيفة بن الأحوص القيسى :1748 /الا1 

-الحرث بن أسد : 595 

- حرث بن ابى سعد :75701 

- الجر بن ( عبد الله » عبد الرحمن ) الثقفى : ١١4‏ 4 
١119265١‏ 1 +516 الال يتقكتا بضوءتى 
الاع بالاى 2417 


مه1 
- الحر بن مالك 5٠١4:‏ - حنظلة بد صفوان : 01147 /9ه1 م ؤزة1 2163 
- الحر بن يوسف (١‏ الثقفى ) : 5 7510:3515 475980 4- 535719 4ض 00 

اا 300 


- أبو حليقة : 755315 3ه 
- حرعلة ( صاحب الشافعى ) : 1414 - ابن حوقل :4748.147 40114418141400 
- اين حزم ( أبو محمد على بن حزم ) : 594054199 + 
فللا لدت لال للدت الات الى 
ا ااا تكلل بالاولتل النتت “اال ل قنفق 


/اذغ 


- ابن حيان ( حيان بن خطف أيو مروان ) : »4١ ٠86٠‏ 
الل ال ا ل 
لاا دك لوك الاك ابوك بوك وى 
ل ال ا ا ا ل 

- أبو الحزم بن جهور : 75714 

- الحسام بن ضرار الكلبى أبو الخطار : ١0/17‏ +4 
1 1 ةل 
ا لو الوك الاك كور 
لا ل ا اد لا ا لض ضيه 
لالالال 4 48ىلا 4 451١4551.‏ ءلاتك 


- حيوة بن ملامس الم حجى :7578 78384 147 
(خ) 

- خافيير سيمونيت : 525 

- خخالد ( غلام يوسف الفهرى ) :2542 

- خالد بن حبيب القهرى : 1١54.0 1١158‏ 

625١042484. 204.‏ 5ه - خالد بن حميد الزناتي : 6149421848 165اء 
- حسان ( بن أبى عبدة » أبو عبدة ) : 754 571 “180 162 15؟ 
- حسان بن النعان : 57 + 255248 /ا2 دمة4 - خخالد بن ربيعة : 315 
دض 155114141524 


- حسن بن صالح : 444 


- حسن بن عبيد الله بن محمد :755571 


- خالد بن زيد ( مول أندلى ) : 51782 157م. 
اله 


- خالد بن عبد الله القسرى : 1١7١‏ 


0 3 - خالد بن يزيد : .م9١‏ 
-ابن الحسن : 5415 نايرد 
]1 لحصين بن الدجئ ا لعقيا دحفخت .0525م - ابن الخيازة - إسماعيل بن خلف 
0000 -ابن خرداذية :54 4 . *451:61545 
- حفص : 17 - الخشنى - محمد بن الحارث بن أسد 


- حفص بن ألبر : 1٠‏ - أبو الخطاب : 13 





205 فهرس الأعلام 





- أبو الخطاب بن ضقغوان الكلبى : 17٠١‏ - ابن رصته : 15111517 
- أبو الخطار - الحسام بن ضرار الكلبى - رفينا ( قديسة ) :794 
- ابن الخطيب : 184145511411714 - رمله ( ابن القوطية ): 71 
حابن خلدون : 14116 1619ا تل اك - رودريجو ( رودريكووء رودريك . الطليطل ) - 
تا الاك لاا رأ اناق لذريق 
لق - رولان : 77 
- خليان ريبيرا : 778 4947 5141 - ريبيرا # تخليان 
- الخوارزمى : 17١‏ - ريكاريدو :114 ١‏ الال 1 اردق 
- خويلد بن عقيل : 1805 1١‏ 
(ة) ريئو : 1373# تاه 
- داتوس : 7119 1 
-. دادون : 711 الكل 
- دانس بن عوسجة :6:48 - زرعة بن أبى مدرك : 38/155 
- داهية بنت مائية بن تيغان : 41 - أبو زرعة > طريف بن ملوك 
- داود بن جعفر :0605 - زقطرتق : 1177 
- دقلديائوس 1١11544174:‏ 1170 1511 - زكريا بن يحى بن عايذ بن كيسان : 3517 
دن - زهير بن قيس البلوى : 251 10 
- دمنقه بن بيطره : "141 - زياد ( أبو طارق بن زياد ) 355 
دوزي اال مم اك الو وا م - زياد بن عبد الرحمن ( شبطون ) : 27951855٠9‏ 
ل ل ا ل ل 7 اه 
1 155 - زياد بن عذرة البلوى ١70111:‏ 
- دونات : 118 - زياد بن نابغة التميمى :2031900118117 
- دى خويه :119 ا 74 
- ديثار أبو المهاجر : 4140141١‏ - ابن زيان : 71/7 
(ر) - زيد بن حصن : ١78‏ 
- الرازى - أحمد بن محمد بن موسى - أبو زيد ( بن يوسف الفهرى ) - عبد الرحمن بن 
- راينهارت بيتر أن دوزى > دوزى يوسف الفهرى 
- الربضى - الحكم بن هشام - زينون : ١١‏ 
- رخشندش : 7ل 36 014 78018 (س) 
- رخشفتو: 73714 - سابق ( مولى فارسى ليوسف الفهرى ) : 617 


- ردريجو خيمنيث ( أسقف ) 71١:‏ 790193 - سارة بنت المند ( القوطية ) : 945 88 8 


فقهرس الأعلام لافهة 





ا اع تمخاكم ) : لالالك ل للخ اقلق 
- سافدرا : 552631 50 لاح هف لثلء لال 
1 - أبو سعيد بن أرطياس : 837 
- سالم ( مولى أخت عبد الرحمن بن معاوية الداخل ) : - السفاح ( عبد الله بن محمد ت 11575ه) : 011١‏ 
*ام,هاه 


- سفيان الثورى : 6٠5‏ 


- ساموذا: 584١‏ - سفيان بن عبينة : 5 6 
- سان أنطون : 4٠4‏ - سلقيان المرسيل : 57 
- سان يلاس : 5٠4‏ 


- أبو سلامة بن قسى : 7178 
- سان توركواتوس :57837 - أبو سلمة الخلال : 01١‏ 
- سان خوان دى لابينيا : 5*7 - سليهان بن أسعد : 5316٠‏ 

- سان خيل : 1٠4‏ - سلمإن ( بن داود عليهما السلام ) : 5431١‏ 

- سان فيسنت 4٠4:‏ - سلييان بن شهاب : 5٠17‏ 0175 

- سليمان بن عبد الرحمن بن يزيد : 53107 

- سلمان بن عبد الملك : الى الى 11514531 ١:4.‏ 


- سان ماركوس : 508 


- سانتا ماريا دلوس هويرتوس 1١4:‏ 


- سيشيليا ( خَبْر): 50107 الم لم 
- سباستيان السلمنقى : 38 038 73150175337 ل 1:41 


حا 1 8 
- سليم بن منصور : دن 


59 - 

سارك - السمح بن مالك الخولانى : 174011750157 
< سبسرة :59 اام م لال 
- سبيطلة : 13١‏ ااا لوت 
- ستليخو ١7:‏ ا ٠١٠‏ الاق الال./ا7 ١5‏ ١4ة.‏ 
5 عون ممم اوم وم 4غ 4520142585.587غة 13575215٠8.‏ 

: - ن ين أمى ازول : 1١15‏ 
- سعد بن جواس : ١417‏ سمكو بن وسول بن مسلان بن أنى ازول : 5 
- سعدان بن إبراهيم :75351 - سندرد : هلا 7207 
- سعيد بن بعجرة الغسانى : ١557‏ - مسنلرينو 1٠٠.744:‏ 

- سعيد بن حميد بن عبد الرحمن : 5517 - سهل ين إيراهيم بن نوح : 15317 
- سعيد بن العاصص : 727130 - سيزار دويلر 71١7.509 5٠2:‏ 
- سعيد بن عثيان بن سليان التجيبى : 537107 - سيسيرتو ( اششيرت ): 77 
- سعيد بن أبى هند : 6٠7‏ - سيمونيت : لال ال موك اول فول 


- ابن سعيد ( على بن موسى أبو الحسن المغربى 1014 


008 فهرس الأعلام 





)2 ل ا ا ل ا له 
- شارل مارتل : 1514 0177591516 03774 70لا لاد خم 0 دده اخاه اله كلام 
لا ف لض ا ف ل لضفه (ض) 
150174427 - الضبى : 8040317 
- ابن شاس : 514 - الضحاك بن قيس : /0171 
- الشافعى 6٠6.594:‏ - ضرى بن مادغيس 75١8:‏ 
- شاكر ( مولى هشام ) : 617١‏ (ط) 
- شانجه ( شانجو) : 17121544 - طارق بن زياد : ١ه‏ قف لامع مه 230.09 
- شبطون بن عبد الله الطليطل 6٠5:‏ ل ا ل ا 0 
- شرمان :كن دلا كن لاساو لكك الول الال الال لان هلال لالو ىبا قل عى 
4عكءن؟ اليكل "ل كف لإال قل عقف لحواقق 


مق كثن لال 151١‏ ملل كلض 


- شششيرت :20019 9#؟ل ءلىل الا 
ٌ لل لل لوو دكت 


- ششبوتو: 11١‏ اا اام ل ا ا 
- شلد براند : 2575 731037 ل ل ال 154ل الاق لاع 
- شمر بن نمير : 503117 - طاهر بن أبى هارون : 77١‏ 
- شندا سفنتو : 018 76 5717 - الطرطوشى : 27395 814 
- شيشيرون : 5 1 - ابن الطفيل : 6757 
- شيمينيوس ( أسقف ) :7837 . - طريف بن شمعون بن يعقوب بن إسحاق : ١407‏ 
(ص) - طريف بن ملوك أبو زرعة : 574546 لالت ٠ل‏ 
- صالح بن طريف بن شمعون : 50 ١‏ االاك ال اتا الا 
- أبو الصباح بن فلان اليحصبى : 25757 487 ء (ع) 
01 - عاصم بن جيل : 0311٠‏ 1315 
- صبرون بن شبيب : 15117 - عاصم العريان : 4 58.85؟ه , 74م 
- صفوان ( بن مالك . بن أبى مالك ) : 21615 ١67‏ - عاصم بن مسلم التقفى : 277 
- صقليان : 1١56‏ - أبو عاصم بن محمد الأحمر بن طريف : 5٠57‏ 
- الصميل بن حاتم بن شمر : 01957 01917 194ء - أم عاصم - أجيلونا 


ا الا ا الل ا ل ل ال 

كال 5" ل الرتتت فشكل الماك تلات 
- عام بيء جد بنى 3 :امه 

ا ا ول ان اا وبال وى مر بن على ( جد بنى قهر ) 

لاو امل لوك كلق - عامر بن عمرو القرشى : 6192051150519 

١(غع5'2ةغ:ءغ١أامض‏ 2 ماهمل كاسم ,لاأاهم ماف - عامر بن هاشم : 5١١‏ 


- عامر ين عدى ( بن أَبى عدى ) : 21+ 


فهرس الأعلام 06 





- العباس بن باضعة الكلبى : ١187"‏ ا ا ل ال اي اال 
- عبد الأعلى بن جريج الإفريقى : ١24 ١48‏ حل ل اا لل ا 
الا مالا الالالال لل 
ل ا اال اال ا 0 
ألاو نلا الا هلاق قمعا دحم عه 


- عبد الخبار: 6١42844‏ 


- عبد الجبار ا موارى : ١11‏ 


- ابن عبد الحكم : 571١١1١41041١4٠‏ ا ا ا ا ل 
- عبد ال حمن الأمرى : 145 ا للك ا ال اك ال ا ل ا 6 
- عبد الرحن الأوسط : /91 الل الال لتقل 0 
ااه - عبد ال حمن بن موسى افوارى 6٠7:‏ 
- عبد الر حمن الثالث : 437١‏ - عبد الرحمن الناصر : 784 715425091701 
- عبد الرحمن بن حبيب بن أبى عبيدة بن عقبة : امكل لالا 8 ع 
ل 1ل لل - عبد ال حمن بن نميم الكللى : 15928 02827482 5159 
اتا لا لال مما ال 5 ماف 0 
ملماةاه - عبد الرحمن بن يوسف أبو زيد الفهرى : 7179 » 
- عبد الرحمن بن رستم : ١77‏ لاكدل امل له 
- عبد الرحمن بن زياد الأحرم : ١0/7‏ - عبد العزيز الأهوانى : 417 
- عبد الرحمن بن عبد الله الغافقى : 21١49 . ١98‏ - عبد العزيز بن مروان : 149454 711/45 
١ع‏ ا ا ا - عبد العزيز بن موسى بن نصير : 44 ١‏ 87/4 » 
اع ااا ااا لل ا ا حم كل امو وو و موا 
اا تك لا ل ل ل ال ل 0 
ل للك ال ل وم وى 
- عبد ال حمن بن عبيد الله بن الحبحاب : ١18‏ جه ل 4 الل الال 
- عبد ال رحمن بن عقبة الغفارى : 167.16١‏ 7ن الى 
- عبد ال رحمن بن علقمة اللخمى : ٠21١840145‏ - عبد الغافر : 7574 
ا 1 711 - عبد الغَفار : 514 
- عبد ال رحمن بن عوسجة 7١8:‏ - عبد الله بن خالد :277 1051017157 آاق1اء 
- عبد الررحمن بن غانم : /051 ككأملهاه 2١٠56هعك5"”ه‏ 
- عبد الرحمن بن كثير اللخمى : 40/8 - عبد الله بن الْرَبير بن العوام : 557 ١١6855‏ 
- عبد الرحمن بن محمد ( أمير ) : /011 - عبد الله بن سعد بن أبى السرح : 14١‏ 15 . *الاء 
1 


- عبد ال حمن بن معاوية ( الأمير ) : /ا11 


- عبد الرحمن بن معاوية الداخل : /ا1 0957 117. 
ما ام ول - عبد الله بن على ( عم السفاح ) : 61١1١‏ 


- عبد الله بن سقرديد : ١11‏ 


0 فهرس الأعلام 





- عبد الله بن عمر بن الخطاب : 714017 ل 30 
- عبد الله بن عمر الأنصارى : “ااه - عبيد الله بن عبد الرحمن السلمى ١74:‏ 
- عبد الله ين محمد أبو العياس 6115:85115051١:‏ - عبيد الله بن عثيان أبو عثيان : 07١37‏ 0774 0156 


كلم ١ه‏ 5١ا065١08055؟”؟هث‏ همل كاآكم 
ه+ام2 04 ىم 


- عبد الله بن مسعود : 15514 
- عبد الله بن موسى بن تصير 20١١9011501494:‏ 
0 - عبيد الله بن على القرشى : 7١1‏ , 90755028186 »2 
5 1 205542694 
- عبد الله بن ميسرة القفهمى : 5 ٠١‏ 
1 - عبيد الله بن يزيد القرشى ١١8:‏ 
- عبد الله بن يوسف الفهرى : 678٠5178‏ بيد الله بن يزيد القرشى 


ئ - أبو عبيد | 11 
- عبدالله( أمير أندلسى) :011/94 701/0197 بوعبيد البكرى : 0454 4537 ) 


. م 
- أبو عبد الله المقرى التلمسانى : 5515 1 
- عبيدة بن عبد الرحمن ١‏ لمم 
- عبد الملك بن حبيب : 884 بيدة بن عبد الرحمن السلمى 0 
م 1111ل ل 


- عبد الملك بن أ عامر المعافرى : /1” 2 348 
بن ابى ععامر المعافر - عبيدة بن عبد الرحمن القيسى 77١1771:‏ 


- عبد الملك بن عبد الله : 75م 
- أبو عبدة ( حسان): 010537377 اله 


- عبد الملك بن قطن بن تفيلة بن عبد الله الفهرى : 
مهل كل ءار الور ا ؟لا ل ملاكف 
مما امن لالض شل مال العا وى - عثيان بن أبى عبدة القرشى : ١١1"‏ 
ا ا الو اا اا ا دقن - عثيان بن عفان : 4١‏ .7175 الام 
ل ا 0 
ا 0 


- أبو عبيدة بن عقبة بن نافع : ١617.8١‏ 6 


- عثهان بن عقبة بن تاقع : ١ه‏ 
- عثان بن محمد : /491 


- عثيان بن أبى نسعة الخثعمى :074 2019703194 
لال 


- عبد الملك بن مروان : 40527425 
ه524" 


- عبد الملك بن ن نصير: ١4٠‏ : 
عبد الملك بن عوسى بن نصير - أبو عثمان بن عبد الله ( شيخ موال بنى أمية ) : 7117 


- عبد الملك بن وهب : ١56‏ ا 0 

- ابن عبد المنعم الجميرى : 41١‏ . 2145518 - ابن عذارى ( محمد المراكشى ) : 281 209 58 , 
464 تاوما ام اللو 

- عبد المؤمن بن على : 7١‏ يفف ا دا 

- عبد الواحد بن يزيد الموارى : 51655./ا16 ١68.‏ - عذرة بن عبد الله الفهرى : 175 . 2759١544116‏ 

- عبد الوارث ١‏ قأئد جند إلياس ) : 111١‏ لمكيل 

- عبيد الله بن الحبحاب : 410 23114401490377 - ابن عرفة : 25517 15314 


ص5 للخلا 15لا دوا لخدلل - عروة بن الزبير الصدى : 5١ه‏ 


فهرس الأعلام للك 





- عروة بن الوليد الصدق : 1501 لا٠1‏ - عمر بن عبد الله المرادى : ١5480١511146‏ 

- أبو عروة : لاه - عمرين قبيصة المهلبى أبو حفص : ١77‏ 

- أبو العطاء ( شيخ غطفان ) : ١94146194‏ - عمر بن مروان : 677 

- ابن عطاف الأزدى : 0١4‏ - عمران العريان : 658 

- أبو العطاف الأزدى : ١1١‏ - عمرو بن ثواية : 716 

- عقبة بن الحجاج السلول ( ت7؟١ه‏ ) : 2148 - عمرو بن العاص : 4101417141١‏ 6ه لهف 
ل اكد حمل برضف ا يفا اشفية 14 


الالال خالا 374 11144 4ه لل تقتك اول 
الاك الالال لكان الالال الال خا كمال 
عابرا ا ل 1 ل 


الاك 10 م14 للق للق زمه - عنبسة ين سحيم الكلى : 0155 1524 159420 ؛ 
اا للك 


كلل اكت اكلا 135ل 1:1 ككك/ 
لات 4ك ١‏ لال الكل الال لوال 
لالاع 


- عمرو بن عبد الهه بن الليث : .774 


- عمير بن سعيد اللخمى : 2756 744 


- عقبة بن نافع (ت15ه) :0154 0414014750141 
١ 46‏ 6م علاه ت 1١11‏ 
اا لاا لل 


- عكاشة برد أ الفزارى : 1650187 ءلاه١‏ 
شه ين ايوب الفزارى :1185 180/0 - عنترة بن فلاح : 44014917 507 


م14 
- عياش بن أ :ع عت ع لاا 
- علقمة اللخمى :17 7621733136 ال ياش بن أخيل 
041 - عياض ين عقبة ين نافع : 1ه 
- ع أحد الرازى : 17866 01591 731 
- على بن رياح : ٠١١.41‏ 5 لرازى 2 2 8 
- على بن سعيد أبو الحسن ( ت146ه ): 177 
- عيسى بن عبد ال ر حمن : ©2617 01707 
- على بن شيبة ؛ /441 


- عيسى ين عبد الله الطويل : 445 
- عيسى بن مزاحم : 159554 15077 794 1١10‏ 


- على بن أبى طالب : 53150116 


- على بن عيسى ( وزير ) :518 


- عيسى بن يزيد الأسود : ١14‏ 
- على بن محمد بن الأثير (ات170ه) : 471١.51‏ ع يوقا 


(غ) 
- الغازى بن قيس ١‏ الأندلسى أبو محمد ت 44١1ه‏ ): 
25م 


- عمر بن حفص : ١١14‏ 

- عمر بن حفصون : 2596١‏ 21 

- عمر بن الخطاب : 586 786041784 2,141 - ابن غازى : 5314 

144 1:42 .ليذ 146 

- غافق بن عك بن عدثان : 4 7١‏ 

- ابن غالب ( محمد بن أيوب بن غالب ) : ٠» 1١4‏ 
هه 1555 11501117117١171‏ 
آم 


- عمر بن أبى الخطار : ١96‏ 

- عمر بن عبد العزيز : 21775001171١‏ 201740177 
هل 5055ل 7*0 الا تلوق 
احق 18121852121 168؛الاذمف 15١‏ 


055 فهرس الأعلام 





- غومس :528 - ابن قتيبة : لالم /41 
- ابن غومس 45١11:‏ - قدامة بن جعفر 41١5:7585:‏ 
- غيطشة : كعك كا تا قلات“ - أبوقرة المفغيل ١81681501618187:‏ ١1؟اه‏ 
لامعل ره ”7ت 1 شك كيتكت عو ىل - أبو قرة اليفرنى : ١74‏ 
الا ملو تلا لاا فق اق 2015117 - القزوينى : 414١‏ 
لالككل مككلل اتا الالال اكت الى 
مم لو ملع مو - قسطنطين : الالال هلا . 258 .150 1597/0 
. 1589 
(ف) 
- قسى :717317580 


- فافلة ( فاقيلا ) بن بلاى ( بلايه ) : 035505 27537 
ل او لور ل ارم - ابن القطان : 04251١‏ 
فايفر أودو :54 - قطن بن عبد الملك بن قطن : 141/:41485 2019٠0‏ 

- فايفر بن أودو : 

ا ل ا 0 
- فرتون بن قسى : 29420 71780 ١‏ 
- القلقشندى ( أحد بن على ت ١‏ 87ه ) : 17١‏ 


- ابن الفرضى ( عبد الله بن محمد ت 1٠7‏ ) : وفعلل 
- قنسطنطين الثالث : 78175 176 


ككل اكلا مغ 
- ابن القوطية ( محمد بن عمر /ا5 ”اه ) : 22482517 


- فرتاندث جرا : ١1؟‏ 

ن ا ا ا ا ل ا ار ل 
ف :5 . 

فر وام ألا الس بكس لعن بس لعل وى 
- فريدواريوس :59941 اا 4 ا 14 
- أبو فريعة : 8 - قيرس :51/8 
- ابن الفقيه ( عبد الواحد بن إبراهيم ت 5755ه ) : (ك) 

1 

- كاراكالا : 474 

- قلهاوزن : 144 1 

فلهاوزن - كارولوس - قارله - شارل مارتل 
- فوتر( راهب): ”105 اكت ام 
- فيلكس ( را ا 

يلكس ( راهب ) - الكاهنة : 47437757 ١74.‏ 
- فيل مالدو : 8٠1١‏ 8 

2 - أبو كريب جميل بن كريب : ١15‏ 
+ فيليكاريوس :7557 


- كسرى :488 
- كسيلة بن ملزم الأَؤْرَبى : 45 +45 
- كلئوم بن عياض القشيرى : 1١9750165٠‏ 2191 


(ق) 
- أبو القائم الهذلى : ٠١4‏ 


- قارله - شارل مارتل ا الور الو ا ا 
- قاسم بن سعدان بن إبراهيم :7551 لم 
- ابن قاسم : 23504 835 - كلوفيس ١١:‏ 


- أبو القاسم - سمكو بن وسول - كنانة بن كنانة : 6175820155 


فهرس الأعلام 657 





- كوديرا: 7١56825‏ - ماسكرى 1١23:‏ 
- كوند 51١7:‏ -هماسونا : 7177 
(ل) - مالك بن أناس : هو ااتكل الل جل 1ق 

- لاترينيداد : 1٠4‏ 20108 
دفن - المالكى : 31147 .6١ه‏ 
تلا نوسن مؤوضيو - المأمون : 4318.715 
-لاوى :08م - ال اوردى :5057 
- ابن لبابة : ٠5‏ - ماورنت :271 ١117/2717‏ 
- لذريق :76375 لاوا عل مم - ماوريكيوس ( قديس )57571 

0 47ت قكيقت الأبللاه - المتوكل ( الخليفة العباسى ) : 17١‏ 


الال الا ةلا خلا ك“ض الى كه ١ 4٠‏ 6ق م بن إبراهيم بن مزين :٠ه‏ 
أ /ضاا 425١‏ لت ال 


- محمد بن أحمد بن أبى خيثمة : 14 29 
ام خا مخ كمخ الل مالل امال بولق 9 ا 


1 - محمد بن الأشعث : 137:3151003159 4313570 
/51 
- لطقى عبد البديع : 651١‏ 
5 - محمد بن إلياس المغيلى : 44 
- لوريان : 14+57 َ ١‏ 
- محمد بن أوس الانصارى : 5ه . ١77‏ 
- لوقا التودى : 7١75‏ 1 
- محمد بن ايوب بن غالب الفرئاطى : 2594 2177 
- لويتيراند : 8375 0 
- ندل سنترا : * 0 
لويس لندل سنترا : 4٠‏ - محمد ( أمير أندلسى) :53111984 71/1 قله 
- لياندرو ( س ) ( راهب ) 575 75511514 الالال 3 ا 117 لو تق 
وم 


يدلاوة 
- الليث بن سعد : 8 *ه 


- ليقى يروقتال - بروفنسال 


- محمد ين يشير ( القاضى ) : 5-5555 


- محمد ين الخلرث بن أمد الخشتى 2 84 0 


- ليو فيجيلد :م١‏ الكل 55.57 5ع لاز اغهة5 0534 ٠٠دق‏ 
0 . اعمعوءة 
-ليونتيوس : 42 5 
رم - محمد ين رياد اللحمى : 11" 

- المافرى : 8313 - محمد بن عبد الرحمن الشيياتى : 8*8 

- مارتينه © 8418 - حمد بن عبد اقه الأشجعى 1747 + 477 

- مارثيليد منندذ اى بلايو : "71/١‏ - محمد بن عبد الله التضاعى بن الأيار (ت 188ه): 
4 

- مارياتا : ١؟‏ 


1 - : عبد الملك بن أيمن : 7357 
- ماريا دى أُلْفيثِين ( قديسة ): 4٠0‏ محمد بن عبد اكلك بن ايمن 


0_1 فهرس الأعلام 





- محمد بن عبد المنعم الصنهاجى الجميرى : 47517 - معاوية بن صالح ( الحضرمى ) : 559 1511: 
- محمد بن عبيد الله بن المبحاب : 7717 ا 2000 
- محمد بن عمر بن لبابة : 04" مث 531 - معاوية بن صفوان : ١94‏ 
- محمد ين ء الأمم دلوم - معاوية بن هشام بن عبد الملك : 1064 ١11ه‏ 
- محمد بن محمد الإدريسى ((ت 06569ه): 2145 - المعتصم :114 
104 - مغفيث الرومى : /71. "الال الك لاوطلا حلىه 
- عمد ين مزين: 419/4 32148 144424437 لل ا ا ا ل 
ممع .كم م1 ١‏ ؟45ة 
- محمد بن مسرة : 4417 0 53/8 - المغيرة بن أبى بردة ( القرشى ) :494 0 لات 147 
- محمد بن موسى :514 - المغيل - أبو فرة 
- محمد وضاح :6042751 -ابن مفرج :401 
- محمد بن وليد : 1417 - المقتدر : 218 
- محمد بن يحيى السيأى :6:3 - اللقدسى ( صاحب أحسن التقاسيم ) : 1517 » 


56١٠486410261١2." 2548 5‏ ١١اةة‏ 
- محمد بن يزيد( مولى قريش ): 2١١9:1١١8‏ 
ل ا 01 - المقرى : ؟مء 3و0 
1#ا لاقتعالا ةا 594] هه" , 


0 1001ظغ1ظ 
- المقريزى : 45747١‏ 


- ملنده بن لنبظار : ا 


- محمد بن يوسف الفهرى : 271١‏ . 0777 
- مدرار بن عيسى بن يزيد الأسود : ١51‏ 


- مروان ين الحكم : 55941١16‏ لاكاهة 


- مروانين محمد : 01١5:821١:‏ 


- وأن برد بسن نصس ١15491١595:‏ 3 
ا ا - المنذر ( أمير ) :70/9 27817 800 


؟ + 
. 1 - المنصور ( الخليفة العبا 2:6 ادل واه 
- مسلمة بن زرعة بن روح أبو محمد : 444 ىو 
- المنصور بن أبى عامر : 525 . 5لا , 85+ 
- مسلحة بن سوادة القرشى : 187 2 ١9*‏ 0 00000 
0 


- مسلمة بن عبد الملك : ١ه‏ 


- متندة بلايو : #الال 7لا" ا 4/ا و «إرعا 
- مسلمة بن تلد : 57 5142 


- منندذ بيدال : 71/7 
- المسيح عليه السلام : 15 لاا فلات2 الخلا ١‏ 
مر وا ملع - مهاجر بن نوفل الفرشى : 591 58/82 2 0ه 
- أبوا ينار : 2.4١‏ 44 
- المصحب بن عمران : 27*55 7317 بو المهاجر دينار 


- مهدى بن مسلم : 5829 . 491 0 444 »كقق4 


- معاوية بن حديج : 537 2 47 ١5١81١452‏ 
كوه 52 دن 8د 


- معاوية بن أبى سفيان : 17 , 4 0 5171/0156 
- مهر أن بن عبد ريه : لوفو 


فهرس الأعلام 616 





- مودستو لافونتى : 41١‏ -النويرى : ١7٠‏ لاا 5٠١‏ 
- موسى بن أبى خالد : ١18‏ (ه) 
- موسى بن محمد بن حدير : 1554 177١‏ - هارون القرتى ( مولى معاوية بن هشام ) : 2184 


- موسى بن نصير : 19 548 690.89 ٠‏ أامقء 165 


الاق لفق كه ل فنك لأحاكت - هدريان الأول : 5815 
تا تت لاك علا لال ب/الا يملا الال مف 
ام الم )الم قض علىم2 كسا لام خف 


- هرثمة بن أعين : ١11‏ 


ا 417261 66:94 تقل لاق هرقل :561 

حل شل حل “لدو لل لقلا - هرقلوتاس : 581 
اماملا مم الل - هركولانو : 54٠‏ 

ل ا ا بحلل ل 2 لل - هشام بن عبد الرحمن بن معاوية ( المعروف 
ا ال و0 بالرضى) : 23537 791 194 ادلء, 21540 
لل ل ما ل كن رك 0 0 


14 علخاثلل الال ىال 1 دلةآاكامق 
حمق "مق قمىمق هلق كدمة 149١٠‏ وق 


- هشام بن عبد الملك : ١١9‏ لله لل تل 
1111195004 هل 5دلث لادلا 


11م حا ال الالالال دقل 
- أم موسى : 67١‏ ا 0 
- مونوس :511 - هلدريك : ٠١‏ , للا 
- مونوسة ( زعيم البربر ) :/781 934 2114:3735 -الحمدانى : 40١٠ 56٠‏ 


فاكتل ااا تل دكاتت 1 
ها الا الالال 1 


- ميخائيل الخزيرى : ٠١7‏ 


- ميسرة المطغرى ( زعيم البربر ) : 1١508‏ #ككلل 
1ل للخل 5521 


-هنرى بيرين : 59٠‏ 

- هونوريوس بن تيودوسيوس : 1١‏ 
- الحيثم بن عبيد الكلابى: 41/17 

- الحيشم بن عبيد الله الكنانى : 174 


رو 


- ميمون العايد : ل ا ا الل اللا 


(ن) - واجناس + جولد تسيهر 
- الواقدى : ١١19‏ 
- النباهى أبو الحسن : 71 447 491 ق5؟2 لو ى 
رده لءة -واليا: 1١6‏ 
- نصر بن سيار : 1١7٠‏ - واميا: 5١‏ ١ك‏ لا/ا؟ 
- أبو نصر: 917 - وخشندش : 51/1 
- نعمان بن عبد الله الحضرى : ٠١٠١‏ - الوقاص بن عبد العزيز الكنانى : 7417 


- نفرزاو 5١4:‏ - وقله ( أخيلا ) :7 كل ال ور 31 


0 فهرس الأعلام 





يزيد بن المهلب : 5ل عخرة 1714 
- اليعقوبى : 3506٠‏ 421 
- يلياك ١ش‏ يشش رأف لأف قفق2 ٠ك‏ كلك 


- الوليد بن عبد الملك. : 5356 .4ه مقت ولاه 
فلا عم كلل كلض ةملاق حق. 21ا4 
68لا لاي قا يالاء ‏ 5/3 . معخة اقلق 


الحم قارى لامف ٠قة‏ 
١ 01‏ قا جه اوت خضت الا وم كلو مان 


- الولي بن يزيد ١2#:‏ ال كن بقة 


- وهب بن عامر : 7117 234 7 ىام - يوان ( خوان - يحى ) + 17 


- ويتريك : 709/1 - يو جين الثالث ١‏ البايا ») * 51457 
(كناا 
- ياقوت الخمرى : 75 77# 4480 14514 4 
514 5241:4442 451456 4342 
- يحى بن آدم : 1886767 
-محى بن حريث : 1١98‏ 4لا43ل 2 حمقك2 ه519 ,2 
ل 


- يوحتا الدمشقى + 785 

- يوحنا العاشر ( اليايا 6 : م 

5٠.16 : -يوريك‎ 

- يوسف بن بخت ( أبو الأحجاج )1 : 7554757 2 
اله 2 61امصءمذه 5ه 

- يوسفاا ين عبد الر حمن المهرى : 2155414 
161 .13341948 هل لد هتالت 
ال 1 كنل 
“اا ات لم7 ارقت اع واارمق4ى 
اشع ةلاع ملاك رلاء مدكذ:غ 23493 355ده 
هقة ٠٠م‏ .٠ه‏ اكاهيمشا١ه5اأانه‏ الأاخصى 
1 ,ه-75هياللاه, ”ه5552 2ص 554 ى هتمص 


- يحى بن سعبيك 7 15> © 

- يحى بن سلامة العام الكلبى :17. /ا/ا4 
- بحى بن فسى 3 5376 

- يحى بن معاوية بن هشالم : 637 

- يحى بن معيين : 73707 ى 2 *6. 


-يحى بن يحى التجيبى : 142 /2517 27 كم مام عو لول عمق 
- يحى بن يحى الليئى : 5٠م‏ - يوسف بن عمو الثقفى : ١٠١‏ 
- حى بن يويد ( التجبى ) : 542 , **2 4 4*4 - أبو يوسف القتاضى :1557 »2*2 

* وى اكوم 


- أبو يوسفه ( صاحب كتانب الخراج ) : 785 . 
- يزيد بن أبى مسلم ( مولى الحجاج وكاتبه 6 :154 + مون دم ماية؟ 
اا را 0 201711511 


37 


- أبو يوسف الموارى 1١57:‏ 
- يوليانوس : ذم 
-يوليوس - فلهاورزن 


- يونسى بن قسى : 5578 


- يؤيد ين عبد املك : 1١715‏ ا ااا 
”6 


- يزيد بن معاوية 7 145 





/اكه6 





فهرس الأماكن والبلدان والجبال 


1غ( - أرش ( بجانة ) : 7841 411/0 2 4754 2,459 
-ارل : 8177716 225٠١4‏ حت مك24 45# ه5أق1 كآاه 
-آسيا الصغرى : 8450111١‏ - أركبيقة :158401755941745 
عاق :-٠؟١‏ - الأروكامبو ( وادى ): 40 
- أصيلا ( أرزيلا ) :الالال 03٠‏ 8.4785 - أرنيط : 644 
-آنة( وادى )416003590457 - إسيانيا : ١381١531‏ يمكاالا لال مل 16ل 
سك #اا وبالوا ا بالق اتا طسق اا ااا امن ادر 
- أبالة : ١6‏ 

لاه رده ”5 تدتا لام أاأل لاحل 

- ابذه : /351ع 1# ناوعا با و كن 
حايره (غبر ) :4/اا 4791ل كلدل اللا لما ملا الات 
7 غك لاه 117 ا ا ال اش ال ل 


- الابرو ( حوض تبر :”42064 مالل اللاي خل الوكلل لاملل ممفكتل كحدثتل 
0 ال 75# #85لددة 51١‏ اق 
الل لل ل الال قلق 


010425٠‏ 45# نلاءه 


ابل :حك ٠١‏ جه5 1042404 


١17037784 2737 71/ : أبنيون‎ - 


- ايورتو : 174 - إسبانيا الأنطونية ( ولاية ) : 5 87 


- أبيط : 8:44 - إسبانيا الديقونية : 5 87 


- أجدة :هخ 5140472174 - إسبائيا الطركونية ( ولاية ) : 4714 


- أخشنية : 414 - إسبانيا القرطاجنية ( ولاية ) : 4374 

- أربونة ::0388/ا١‏ 1450 هلولا لادك, - استجة ‏ #الال فلا يمه 1017 14 08 
حا ما لاما ل ل الل ا ا 
الالال وخ ل 1ل 15 1ك /ا 1 417 462435752444244 


باع مغ الةل ىخا 5١‏ الذن ل 5ل 00 امادورا : ١/‏ ا ل 


00 37 ٍّ 0 
0 - استرقة ( اشترقة , استورقة ) : هلال 816946 1لا9, 


- ارجلو : 54١‏ ا ا ال ل ل ل 
- أرجوتة : 24442214146 444 ال ات 1 
- الأرون : 001917 17571197 م1 ل ماق - الإسكندرية : الال 4لا 

00 - الأسناد : مهغ 2 859 


- أرغون : 1094074707801 -الاشبورة : 4147 


058 فهرس الأماكن والبلدان والجبال 





- أشبونة :5١ل‏ ةا هه 1171 20 14لكف - أقطانية ( أكوتيين ) 27١411١ 1150017١8:‏ 
.5غ اا اا اال لل ا اال ارال 
- إشيلية :4ل "اا 4ل 4ه 46ت مم اا 11 
ل ا ل ا 0 - أقلش (طلبيرة ) : 17 
الاك لد - أقوة برطورة : 201484 747 


١لا‏ للا الالال 
ات كا 1 لالت رلا كلك لال وق راك 
للعلا 117015501155181 
6ع 2١ 545٠‏ ١ه‏ 5 6041552 ككل 


- أكشومة : 5582:1475 


- أكشونة :كه 945ل9480اضمل ل 
+7 154245520122517 


لو نل كلاف اه - أكويتانيا: 5١4‏ 
- إشبيئيه : 61717 - ألب ( جبال) :741011 
- إشتانيا : 87 5 - البر( خبر) : 7706 
- أشتريس ( أشتورياس ): 29435031811814 -الرت (حسبال) : 114 لكك 4ل لق 

اللا االوضع أ فاصوا كما رما ع ا الل ا ال 1 ل 

ككل كا تآ 50ا بطك قكال الال لاحك لاا لال اال ل 1 

الالال للالا ومالاضكت الئل الل لات ١‏ ل ل اال اكات تس 1 

ما كك كلل لوو قات أ 17ل ع 

23504 - البيرة ( غرناطة ) : لا "الال 4/ا0 1١١١‏ 5١لء‏ 
- الأشراف ( موقعة ):/131 57٠١079٠0‏ ام اا اد ل ال 
-أشقة ( وشقة ):04751/ا537 41424147 هخ 94١‏ كنل ااال لان لالاضسق 417 
- أشونة : 22004١ 174041717 1844 7681/١‏ 


لاطه. ١5م‏ ”م اله 
- الأصنام ( مدينة ) : 164 ب 0 


-إلش : لا 51 5842175 
- الفتين :084225 497 
- ألمانيا : ل ل 


-افراغه : 4لاك ارا تال 7597 


- أفريقية : 87 ”57 .5 ةي 55 الاقآاىمةٌ .2 
لا عن ال الل 0 


ا ل ل له -المرية : 881 07941 155614506464 
ل ا ل - أيانكر : ىلا١‏ 

مل لل الل ةل لال - أليانة 41١0171:‏ 

ل 011 300 


لل م لل 
ا خا لعا وو و جولول 
الو لم امع الاو 121 وحقحق موق - امبرياش :5844 
0١‏ - الأنبار : 8618 


-أمايا: ملل 44 15524١766‏ 3ع 


- أفيلة : ١17/4‏ - أنبورش :1719/0477 


فهرس الأماكن والبلدان والجبال 2_4 





-الأندلس :1ك الال نه كح قف لاف - أولة :545 
كهميخق 35-١1١ل/7ل/65١ض‏ كاض كل - أوفيل : +10 
011 لهالل 1ك 
- أونبة : 1 دل رم 
14ل 5ل هلال ا 4 كلتل 1 1 


خالل امل لا ل ل لل قا - أونجا ( مغارة القديسة مارية ) : 7717 م 518 » 
“#44504461 قا ككا لا 1ل" 
0 ا ا ا ل ليه - إييون: ١٠1؟‏ 
- أنده :مه16 -اييريا: ١4011‏ 
- أنطاكية :71/4 - ايتريوس : 25؟ 
- أنكا : 51١‏ - أيخشتات : 1٠١1‏ 
- أنكورا : 516 - اير نهم : ٠6؟‏ 
-اله ١٠١5:‏ - ايرية : 47171375 
- الأهواز : 477 - ايطاليا : 18# 4/10 171037742717 
- أوتون : 518.7٠١‏ ا 10 
- أوجذونة : 141 - ايغيران يطوف : 585 
- أوراس (جبال ) : 03713 9764341654 - إيلاف 7 274 
1 
- اوربة ( قبيلة ) : 44 (ب) 


- أورويا :ه51 1441 م 
كال لا لا ماع 


- باب الحخديد : 586 1 

- باب تارنا : 45 

- أوريط : /ه78 243757 41758 451١١461١4472‏ 

- أورويل ( جبل ) : 107 

- أوريولة : الارةلال 74010191617 1عقء 
ال ا ل 

- أورية : 4710477 - باب اليهود : 118 

- بياجة : 81م 2 خم كلهم ١كل'[ا‏ ١ؤقكثلف؟15١:‏ 
ل ل ا ا ل ل 0 
للا ا طفق 
142١6١‏ م1 2 ١ه‏ 


- ياب عامر : 446 
- باب العطارين : 116 
- باب القنطرة : 1560171١‏ 


- أوزء 5٠١:‏ 
- أوسبة ( جبل ): 774175710774 


- أوستراسيا: 7981774017174 


- أوسيها( أوسمه ): 171/8 "91١7440‏ - بارو ( بازو ) : 8ه 

- أوقانية : 415 - باروثة : 4147 

- أرفة : 147717484 3غ - باريس : 5١١‏ 

-أوكا:8/ا1 .10421784 - باطقة : 5 417 11717814784 


- أولا ليس: 577 - باغاية : 17 


اسه فهرس الأماكن والبلدان والجبال 





- باغة : لالاغ - برغش : 789415 
- باكرته : /351 4 - برغواطة : ١ه‏ 
- بال دى مستعربش - عين الديك -دبرقة: 4245١‏ 245 40.445 لاغىي هاه 
- بالوماس :55 - بركيئو : /ا١‏ 
- ببشتر ( حصن ) :5147 1412 - بروفانس :71 7 ل م 
- بجانة > أرش - بريانة : 54154 
- البحر الأسود : 6١١‏ د يسطة: /م 3 5941 .158.470 
- بحر الروم : 459 - بسكاية (خليج ):9914.١55:519:4111ل2‏ 
0000 ا م 
- براقرة : 571/2478 54314754 - البشكنس :104 
- براكانه : 558 -البصرة :2555:059” 404.482 
- البرانس ( جبال) : 0115 465.155 »؛ ها - بطرش :2770 370415075754774 
- البرباط ( سهل - ير ) :234 ملا الا الا - بطقة : 451 51/6 

لطع لالاا - بطليوس ( بطليوث ) 25١١:‏ 48805065 ء. 
- البرتات :12 4 1 رلك 2 

ل ال ل ل ا ف - بغداد: 1457621419 

4 152545 :كل ل ةل هه كذخات - بقدورة ( نقدورة ) : ١6501686‏ 

مكنا 

١١7 : بقسرة‎ - 

- برتغال : ما ككس لاك ١5012050896‏ - بقيرة : 444 


الل ا لال ةا 5 11لا كنل 


- بكه ( وادى لكة ) : 94,2728 
11 5غ جروا ل 018و 


2 ”5 
- بردال ( بوردو ) : 777 0د عو سبجة 


- بلازيا : 478471 
- بردوليا : 75841586 7 ١‏ 


١8: برديل‎ - 


- برسينونا - برشلونة 


- بلاط الشهداء لع 55 دكا ال2 
حا ل /ا 5 4غ 


- بلاط مروان: 44941448 
- برشلونة :13 لال ةل لل لات ك2 


- بلاط مغيث : 2171١‏ 19475 
ار ل ا ال ا الل ا ال 


1 - بلاى (صخرة ) > صخرة بلاى 
- برطائية ( بريطانية ) : 4710/0475 , 4147 4414ء فى 
15 - بلطش : /01 ع 


- برطقال ( بورتو ) : 57553587 17176 - البلطيق 11١١:‏ 


فهرس الأماكن والبلدان والجيال الاه 





- بلكونة (حصن ) :45401454 -بيزو :ه78 

- بلتتلة : ١١7‏ - بيزيبه > بطرش 

- بلمية :لد لد ”ل دل 14" الام - اليضاء : 4584 
اك 1 0 4155 2117015421742 - بيطره : 431 


+4 لاع لمىةةع٠هة ١‏ ١ه‏ غ4 ملادةامهق4 


ا - بيطى ( بتكا ) : 59501860-١4‏ لم22 1714 
ا ا 


-يغوا:4::8.٠١5هغ*‏ 
- بك ١‏ دار ) : لان مدل كم 32 
- بر الكاهنة : /ا2 
- بليارش :4717/0471 7 
(ت) 


- ينيلونه : مكل لمح دحك 4هلاكن اال 


#«ولن الاك أوركل حون و حمق ذكقل - تاجه (غر ) : لال 40ل ملال لاك 00 


1 ملا لحلل ااا هال مرءة ع 1:56 


اده 
انين 1 - تارنا (باب) : 457 
- بنسيو: 45 - تازا (قرية) : 1١5654‏ 
- بورتواة باطقا - تاكرنا مدلل شال 15ل /171 هك لألال 


05564 
- بواضيه :1115150149015 
- تاهرت : 4175901570168 15٠١٠‏ هام 
- بورجوتيا : اا مالل لاا ل 54 
- تدمير ( مرسية ) : ١4‏ ا ل ا 0 


ا 1 
كمل تاملكلل 

- :آ1اه 

وصور الل بلدا اال ا 2455105٠5 1١‏ 
- يولندا: 41١5.414‏ الاق 4ك 1/0147 111 نم4 لمق 
- بون 51١8:‏ 47 5ش :غ الأه كا اأت مع 15 
- البونت :57317 - التراب ( مدينة ) :404 
-بوته : 730 - تراجونا : /ا١‏ 

حبياسة اتلك 4116131 1110/0 1542 0 ث5ق1 - ترجال : 451 

16044 - تسول ( قرية ) : 1514 
- بيت المقدس : 41٠١‏ -تطيلة : /اك ه7. 744 171/4750 ولق 
- بيتيس - بيطى 42.555.547 156644142465١0 5230٠‏ 
-بتكا: 216 0015؟ - تلمان: 255 1484أ ةا لاةا ١544‏ 

- بيدمنت : 77174 - تمامس :41 

-ييرين: 41١‏ - تنيس :/1491 .1448 

- بير خيِ كنسة ): 9٠١8.6:53م١ا؟‏ -عجودة: 44.١اه‏ 


- بيزنطه :214 1ه - تود : 7 71/75 .58134 


”لاه فهرس الأماكن والبلدان والجيال 





- توذى 471747537 علق( فل )57 

تور 7# 1 718 - جلق ( غبير) : 01” 

- تورغة : 178 - جلولاء : ”ع 

-توكى :591 -دجلهة: لاكويذخاك ال تضا كف ؟الاكن دلاكل 


لالاك هلال لا١؟س‏ قها”ن ه25 ك2 
الالال لكل تحال لكا لمحت لكا وال 
الال الال الال بالا مل ارك ار 
ل ل اللا ل ال اي 
ع4 5 :م 5 1154173552 


- جوادا ليتى : 552526 
- جوادكس (١‏ قادش ) : ١14‏ 


- جواردا : 79 


- تولوز ( طولوشة ): 0117 015 2101١5764‏ 
الل ىل 15*57 521 

- تونس :047 156313572416144 عحككك 
/اة1 ١ه‏ 

- التيتار ( مبر) : 8 

- تيروال: 5*57 

(ج) 
7 حاوش لخن ا جيان : 1917ل الل 7ل ال لكلل 


- جارون (نبهر ) : 777 ا ا ا 


- جاليوش : 479 ل ال ا ال ل ا 4 
- جبل أورديل : 00 عاوع ”"لديلاامت اهم عله اظاه 

- جبل الشارات : 4147 -.جيحون: 475 

- جبل طارق ( جبر التار ) : 544٠ ٠٠١‏ - جيريه : 57 

- جيل موسى : 40 - جيفودان : 717 

- جرندة :4 111070477541 0 

- جرينويل : 7141١‏ - الحجاز : 74/6116 ممه 

- الجزائر : ١01/‏ - حصن بلكونة : 144 4594٠‏ 

- جزول< جبل ) : *157 - حضن بيطرة : 1571 

- جزيرة أم حكيم : 003119/4 181 - حصن مراد : 56 


- جزيرة جبل طارق : 418 
- الحزيرة الخضراء : حك "الال فلل عمي عف 2 
مل لىع الك ع لال "الاك الاك ملال 


- أم حكيم ( جزيرة ) : غ/141/011 
- حمص:555417195625944218475ام٠م0‏ ميقن 


كحك أن لقاو لعل الس أ لل قلسل - اليه وتبير 501 

6 ا ا 20 ك3 

+1 ليع - خراسان : مكو +*لل و مكل حكلا غمكء 
- الجمز :48246 فا ولق لوع 


١4: جكر‎ - 


ل خشنبة : 4غ ممع 





فهرس الأماكن والبلدان والجبال ”ام 





- خلقيدونية ( جمع ) :7174 - الديغا (مير ): 2775 5335 
- الخندق ( بحيرة ) :114 - الديو رانس : 7757 
- خيبر :41/6 2 141/0485 زر 
- خخون :7 أ 177 ا 7 - رافنا: ١7‏ 

)د( - رياح ( مدينة ) : 404 
- أبو دانس ( قصر) : 717 - ريض الوراقين : لال 
ددائية : ه4777 :514 - ربينة : /431 
- دجلة :785 ااه - رداته ( غير ) :14073667817 لاو لال 
- دروقة :01م اللا اال للا ا م1 
- درعة( نهر ) 6١:‏ 1 

- رعوان : 48 


- الدوراتون ( بر ) : 408 


د رقله 34 فا): ١ق‏ 
-دمشق :8 شلال نه كلق ها لاق همة رفينة ( ربينه ‏ رفينا) الممليا 


لل ا - رقييرا: 511 
حملا لاما كملس الل ل لجسل مال < رقوبل : 11459 
لال 44 ل 151 م1 0 - ركله :175*408 


0ض 52252065١١١5554‏ 
-رئدة ( جال ) :ها 186ل 4503 


- دلاية : 0م - رنشغالة : 7ل 78؟7 
- دوردونى ( نبر) :777 -الرها: 0401 ق٠غ‏ 
- دوفينيه: لكأل 5737ل 5 5كال ل 754 ”1 - رودس :5111 

1”؟ -روسيا: 3١اغ‏ 


-دويره( بر ): دل 14707540 7الدلل - روكير يف : /119؟ 


م . 
-رولان: 5٠١‏ 
- الدويرو( نهر ) ١74:‏ دروها: ”اا .750501745 اذل7ل 
- دونزير: 577 لك ا 3 
- دجون : 11١42553١‏ - الرون( حوض غير ) 1 71١0150114‏ اا 
تالا لاك 7 
-ديريينا: 109 . 1 
- 6 1؟” 
. . 
- دير الجياجم : 617 ّ 
- ريا جورثا : 7147 
- دير مان خحوان دى لابينيا : +٠7‏ 8# 
- الرين : 77141377 
- دير لوربان : 207 


حريه :191181 214 هاا ال الملل 
- دير ملوريكيوس #971 الالال للا ل 74 ا لا"4 24172 ل 1461 


- دير مونت كاسينو: 2*5 552155246١551‏ 555216572 ه”5ه 


:لاه فهرس الأماكن والبلدان والجبال 





- ريوخه (نبير ) :11/4 10942 - سبو (خبر ): 6167 1١58:1519‏ 
)0 - سبيبة ( بليدة) : 197 
-الزاب: ١١6.165‏ - سبيطلة : #ا/ 
- الزقاق (بحر) :2:148 51١١201١478‏ - سجلياسة : 565061791514 
- زناتة ( إقليم ) : 104 - سجوم ( سجوما) : ١69:51‏ 
- زويلة : 4١‏ - سبجية : 741 
- زيدون: لاهة4 - سرتة :4147 
(س) - مرقسطة ( مرقوسة ) 94906940281١:‏ لا١1»‏ 
- الساءون ( نبر) : 51١86751١١‏ لال لال ا ل 
- الساحل :5092458 فللا دل الال 
- سال( مدينة ): 2440445443915 «ق4ء ا ا ا ا اي 
14# رمع اللا ا ل لال 


299 21# ه245 5ك 21 24452155 
ل ا ل ا 0 


- سان أندوش ( كتيسة ) : ١1/8‏ 


تو بان 01 ل ا 1ق 
- سان بدرو: 05177 6 اما لان 
- سان بول قروا 0 عن( شيل ١4:‏ 
- سان جان ( كنيسة ) : 5١14‏ - سلدانيا : 11/8 :584 
- سان مارتان ( دير ) :2175148 577 - سلمئقة : ٠869/ا1‏ 108.0 
- سان موريتز ( دير ) - ماوريكيوس - سليط ( وادى) : ١7/5‏ 
- سان نزير (كنيسة) 5١18:‏ -سمورة :784.118 
- سانتا أويلالياد فيلابيئو: 5557 - السند ( إقليم ) : 44514144 
- سانتا كروث ( كنيسة ) : 717/4 - سليسيرو 1١178:‏ 
- سانس : 51٠١‏ -السهلة : اكلا ال دمغ 
-سبتانية :15 ١‏ 1511143717 ولك - السواقى ( ناحية ) : 4140141١‏ 
ل ا الا ا ا - السودان : ١46.71‏ 
411١0514 07417146 4“‏ و 1 
سبتة :21536515100601 4ك كلا - السوس : 01140114501١48. 851١66٠‏ ككل 
كاك ولاك ات للا مله 3-5 
- سبخة سجوم , ١04‏ - سولفياك (كنيسة ) :50 


- سيرت ١6700161١:‏ - سوليو :718 


فهرس الأماكن والبلدان والجبال هلاه 





- سيجوئئيا : 54١‏ - شريك ( شبه جزيرة ): 414 
- سيراد فرانثيا : 4 -ششلة: 447 
- سيليا دل بايا( جبل ) : 19 - شغونة :1584.457 
- سيا تقاس ١١/8:‏ . 544 - شقر (خير بلنسية ) :2184 "٠6٠‏ 
- السين (غبر): 5558051١١‏ - شقندة كلا /181 2 151ق آمل .آمهم 
- سييرا دل رتين ( جبل ) : 54 - شقوبية 1١/4:‏ .544 ١٠1ل‏ لم724 111 1:04 
(ش) 14 
- شاتلرو: 7110 - شقورة ( خبر همرسية )1 5٠6٠١‏ 
- الشارات ( جبل ) :4141 - شلب - أكشونبة 
- شارقة ( إقليم ) :4054 خشلطيانة :431 
- شازة :5/4537 - شلطيش : ١١١‏ 
- شاطبة : اال لم5 2 1458 1750 هكقء خقاك خا الك يدا 
4+4 177 - شلمتقة : /14371. 158 
- شاقرة :4471 - شلمنقة : 0124.784 
- شالون : 5١8.51١‏ - شلون: 42.444 .ره15524 
-الشام : الك غ15 هك تكن هلال قماء - شلية :مهغ 


44ا ع *١‏ كلل كولم لاةلا ل ه١1‏ 175 كادكء 


- الشمال الإفريقى : ١134.115 .1١ 011١1١‏ 
اال الل مل ول لو رول 


اسبشورية االلوع ايد 1 07 1 يام 
لاوا لوس ا 1 171 قا ري اث 0 


/اهغ 
2.4475 144اي4ة: 2 ه6١5‏ 6١1اةيكىكاد‏ 


د شترة :لا 54 
- الشاوية : ١34‏ رة :158.150 


- شتترن: : أد١اي‏ ه1505 .2 
- شيرب (إمارة. مملكة ): 2487 104 3 ل 1 
ا 144 


-شبلار: ١٠٠5م‏ 

- شنت يا قوب (ياقر) :4737 .1584.470 
- شبه الجزيرة الايبرية : ١١١‏ 0 

- الشتيدة : 445.454 
- الشحر :459 


- شيل (جر) :الال ملم 
- شذونة : علا الا 4 كلال مف لاك ملالا ١‏ 2 


الوك 41ل دك كاك جر الى سيت 154 

عا الل داس ال راوع اوقل -شية: 4415.644 

44:4.447.٠+245١50455045آه‏ (رص) 
- شرطانية : 51470515 - صاححة ( قرية ) : 708 


شريكن ١5‏ - صخرة بلاى :41 1724 1314:3709 تحككا 


كلاه فهرس الأماكن والبلدان والجبال 





لاا اا ف لف يفف يفا مقف 
- الصدف : 108 
- صِدَّينة : 511 
- صرت : ١184‏ 
- صفين : 191 ١58‏ 


- صقلية : 350537 الا ١أه»ع9ا5١1 1١594.‏ 
1 لم 


- صمورة : 1754.531 

6٠0 : صنهاجة‎ - 

51١١ صورية:‎ - 

- الصين : 207 

رط 

- طارق ( جبل ) :18474 178 
- طالقة :7548 ؤم 

- طبنة :2001371810187 هكا 
- طبيناس :2110171 


_- طرابلس : 5١52١65415١65١٠‏ 
ااا تاو 2 ١ه‏ 


- «طرسونة : اا لال ل ا 
5217755528 م15 


- طرسيل :77 
- طرش 05 


- طرطوشة : 588 » 27/256 +5573 515 42 
46١5822‏ لاوخ 


- طركونة : /11 ا4قع تل 75اتل ل 
2 ا 415521755551 
ا 


- طريانة : 3غ 

- طريف ( جزيرة ) :535 315 

- طلشانة : 8171 

- طليرة : دخ ا ]الاك دلال لاك 1184 


الا 11 


- طليطلة : 117 318 1١15351200 0174:1١95‏ 
الال الال 5لا قلا تقللك عض الى كنل 
مر قم م3 2 لقالة ٠.‏ أق١‏ شق لاق ؛ 
الل ا يا ا ا ل ال ا 
الال ا الو ل لعخاء 53552585 
اللاا الا ا ا 17 
اتا لاسا لاا لال ماركا ارقت ارا 
خا ترثا اق تاقلل تتثل ققتل 
56 ل للأ9شة 636١155١٠١.‏ 41552 4ق 
١1415054250455 211". 5552150 48‏ 
/21 5 معش . ٠52415173712582١621١78م28‏ 
7ن 

- طليوشة :53717 

- طمجة : اق )قش اقيلاة 2 ال قلالي8اله 
١*٠‏ , 142158485 ةا متكت أققكل2 
دولك اقؤأع57 ك2 655201١5801425‏ 101 شكل 


موا لاا لاا مض 111:7 
252 


- طولوشة > تولوز 
(ع) 
- العراق 111 ملل 9ل كل 1للقن 
الااتتم ا 107 
- العريش : 197 
- عقدة الزيتون : 185 15701491215974 
- عين الديك ( قرية ) : 7857 
(غ) 
- غافق : 5537 44 
غالة 41615 186ل ك1" لاق الله 
14ا ١-5أال‏ للا لا قم ١1‏ 
الل 
اا ا ل ااا كلا الال 


الالا ا الا لكالا لكا الى 
4ك 21١‏ ا ا ء 7554 د ةا 


فهرس الأماكن والبلدان والجبال /ا/اه 


اك مك ل وال -فرنا: 58 لاك ةلاك. 51١92561‏ :551ء 
اال كل امكل 454529 2105120 33> 
ا ار 1 -فريزيا: 771١857٠١‏ 
- غاليوثش : 176 - فريش : 15177 .4452444:645475651512-251414 
-غرناتة :448 -فزان 4١:‏ 
- غرناطة - البيرة - الفطاط : 464 
- عُسقونية : 71377 - فقيرة :488 
- غلثار : مهغ -فلسطين: 197.:١٠7643564١1ه1585د‏ 
- غلواذه : لا4 - الفولجا: 4١١‏ 
- غهارة : 1ه - فوييه : ١7‏ 
- غناة عبس : 5٠6‏ -فيزيو: لق 545.14 
رف) - فين : 117 7177 
-فارس: 1١١5.11١١2948285‏ 0512.181 (ق) 
5 
- قابس 157801670131١:‏ 
-قارة: 455 


١4 : قادش‎ - 

-فاس :لاع عجم 

0 - القاسم ( إقليم ) 458٠.414‏ 

- فالانى : 7871١‏ 
عن 


- قاليقلا : 577 
- قالموشا ( نهر ) : 41٠‏ 5000 
- فاليا دوليد : 44 - قبانس : لامع 
- فاندالوسيا (الأندلس ): ١5‏ - تبان : +4 
- الفتل :461 قرة 2 4 16ل 1ل 4ك 
- فج بذره : 431 /ا"4 13764437 
- فج ابن لقيط : 44441440418 - قتندة : لاه 4 
- فج المائدة : 4 /اغ - فرصقة : 71١‏ 
- فج موسى : 41 - قرطاجنة : 014 470437018 .4560482:144ء 
- فحص البلوط : /459 448 04370 414 لوا اال الال ملقلا 
0 4 غ12 
- فحص شاطبة : 4608 25*05 


- فدك :لامع 
-قرطبة :14 لال 14 27ت تولك 
<القرات 51506077 الول سالا الا اتلك الملل مكف 


-فرنا : 717337 اقل لاق قق2 لاق 14ل ١5ل‏ ١آلء‏ 


لك فهرس الأماكن والبلدان والجبال 


لون و ا كور و و تلكا - قطليرة : 417 

لاحك همك كول لفل لفك كحلا مقن 0 - قطلونية (إمارة ) :741 914 41 
قلقلل للل لبل للا ردكا - تليرة :08 

اا ااا ا ا 00 

الالال اك للك وو للع ع ويل - قلسانة - شذونة 

مع جاع مسر ا اا - قلعة أيوب :240404450444270115048 
11١5 200‏ 

598ص دن لا 1 ع 154 2 5ك - قلعة حزم :137014051358 

حك 44# 4482 414444109445 414 - قلعة خو لان : .م 


ا ل 0 
ولاؤع”لاء 485242840525852 465724552 
6م5545 ددق أادق 85 دق لملفق 
04 كلاه 5ه لامع 54ه ”م2 
ضك تروك 


- قلعة رباح : الال لا ع 15# م.2556 
كع 

- قلعة بنى سعيل : 766 

- قلعة يخصب - قلعة بنى سعيد 

2759458442 5152١ا/841١١65‎ 00٠١١: -قلمرية‎ 
2 11# 241582 57/1١5 2 ”95١ 2 خخ"‎ 
5524448 


417 : قرطمة‎ - 
2194175١1415١50 351١ 151١ : قرقشونة‎ - 


ا 1 
- قلنيرية : 48566144٠‏ 
- قرمونة : 4 004 458.647 04 14175214130 
- كلنبيرة :2508 اا لاكه 
47 7 0ه 
- قلهرة: 591١58942586‏ 201:05 5”5غ ل 


4 


قمونية ( إقليم) : 47 47 
- قنبائش : 0444.116 444 


- القرن: ؟4 #كحدهلا لاما مهلا ةوه /لو١ا‏ 


- قسطائية : 41414 2 4048:1445 


1 


- قسطلة : ٠.556‏ 44425448 
- قسطلونة : /741 478475 

5٠95: قطليون‎ - 

- القسطنطينة : 97 14٠8‏ لاس رم 


- قنبائية : 444 ع ٠وغ‏ 


- قنتش : لاه 
- قنسرين: حخمك2 الوكلا اد 9ق 2015514 


- قسلطينة :4571 4 1715م وله 
- قثبالة : لال قم مق همف 5٠ل ١١١‏ ِ . ِِ 
2 - القواصم - القواسم ( إقليم ) :40/8 
ا 0 8غ ”3غ 

١‏ - قورية : الال هلال لالاأ خلال كك لاقل 
- القصب؛ 404 ححا لك ا اا ل لل وو 
- قصر أبى دانس :608 ل ا 
- قصر عباد : لاغ - قوئقه - كونكه : 741/745 41م 


- قصر مضى 5١١:‏ -القروان : 5# ٠2586.55‏ 46ةي.٠هم.١(هيلاةء‏ 


فهرس الأماكن والبلدان والجبال 09 





تاقلل - كنيسة شنت مرية غرائية : 4565 
لاملل كهل لامكل 4ه قئاسلل ات كل تل 


- كنيسة شنت يأقب 8٠41‏ 
ل ا ا اا ا ا ا ل ا 1 


- كنيسة القديس بجنت أوبزنت : 108 


دغ عه 
- قخاطة : 3١‏ - كنيسه لاترينيداد : ٠١4‏ 
(ك) - كنيسة الماء : .م70 
- كازتوار : 116 - كوفا دونجا ( وافعة )1 524 دلاكن الاكن الال 
نوار. 


لاا م ال ا 
- كاساس فيجاس ( قرية ) : ٠٠١‏ 


5 -الكوفه: 54”. 3١١.538‏ 
- كانجا دى أوفيس : 11/7 لكو 


ساك نكه 2 قا 
- كانجاس : 273.537 714 كك ولام كونكه - قونقه 
- كانيسكاس - كانجاس ( بليدة) ل 


َ - لاخانذا - الخندق ( بحيرة ) 
- كتلونيا - قطلونية 0 
- لاردة : 94 ١لا21.‏ 533ل ىال و5" ا لكلل 
- كرتاجونوفا - قرطاجنة 


.115014442413 7غ 


- كرتش : 409 - لافيلا : لالا 
- كردويا ‏ كردوفا - قرطبة - لاتجدوك : 59 
- كركى: 151١.6482١‏ -لانجر: 51 
-كش: 94”ع - ايه :مدع 
- الكلت : 51 - لبلة :كه خف كه لال لاللل ورور 
- كنانة ( إقليم ) : 404 0 
- كنتبرية ( جبال ) : 0948 589 2, 250801508 1 
ل ل الا ا ل ل لا - لبيرة : 58 


امل على" 2 ”دغ - لدسها ١/8:‏ .584 


-كيةأبيط :/ا٠غ‏ - لشيوتة : 457445 


- كنيسة جميع القديسين ان 


- لشدانية > لوزيتانيا - برتغال 


- كيه الذهب :45064551 - لشطانة : /51د 
- كنيسة سان أنطون : 1٠8‏ - لقنت اكلا 1# 110001 244416 5ه 


- كنيسه سان يلاس 1٠4:‏ - ابن تقيط ( مرج ) :4441 


- كئيسة سان خيل 4٠8:‏ - لك ( قلعة ) :ككل لاكا /51 0 نولل قو 
- كنيسة سان ماركوس 8٠8:‏ ا 
- كنيسة سان فيسلت 1٠4:‏ - لكة(وادى): 455.41١١53512594‏ 1576 


- كنيسة سانتا ماريا دلوس هويرتوس 1١8:‏ - لواتة : 44514144 


٠م04‏ فهرس الأماكن والبلدان والجبال 





- اللوار( غبر ) :7511 175770774777 - المجشر : 497 

- لودون :518 - علونة :م« 1 م 117 ول هلق 

1 8756037١7 : لورقة‎ - 

- لورة : 8 هع - المحيط الأطلسى : 1١‏ 

- ليبانا : 7576 4لا 31/4 5346م - محاضة الفتح : 0114 

- ليبية ( ليبيا ) : 8417/6171 - مدلين : 51١‏ 

- ليته ( وادى ) :59 -المدرّر:5١4‏ .44564804 

- ليدن : 419 - مربيطر : /49 

- شفله :5١؟‏ - مرج راهط : 175619, لام 

- ليموزين : 7١‏ - مرج ابن لقيط : 144 

- ليون : مق لاوا طلاك /71 151١‏ 11كء - المرج ( إقليم ) :441214144 
ل ا ل ل ل 5 داوس لزي 2 


27” 245 


(م) مزسق تون :275 
- مارتش : 4184148 .4050.445 وس القت 


- مرسى بجانة : 457077 


- ماردة : 7 4" امكف لامي قف كف 
د ون #لل الال ملارن لاروك كملا 
حك ل لمت لحك ارك كا لكك 
ساس اام 


- مرسى الدجاج : 477 


راض مواستتق :49:1 
- مرسيليا ( مرسيلية ) : 271/03715310165 ”> 


11٠255245842:‏ 5 أق - مرسية > تذمير 
كعع ل ل/اغ1حلمىةق اك كمق لاأكامه ”ه22 - مرشانة : /471 :478 
07 
- مرطانية الطنجية :05 
- ماسيليا - مرسيليا 
-مرية :448 
- ماكون- ١٠١5ع8١ا؟‏ 
كو - مسل :458 


- مالقة : “الال لان اريت ءوض د27 
ل ا لل لت 21:55 
5540044 -مصر :55 6490. 1792452041 يتقف "الا لاق 
ل ا ا ل 0 
اع لا 51815١‏ 15ت 511 154ل 


-المصارة : 21894 59475258/ا5اه 19١ه‏ 


- المائدة ( بليدة ) : دلا 715845 لم34 31و27 


148 
اال لض تل لومت لاا اوت 


لملا ا 1507355255155 دلق 
- مجانة ١65:‏ 2427 55 لاا لات الاق 
ص بط 531 الاق قثمة 2 555 دده مده أالامص 


- المنانية : 811 


فهرس الأماكن والبلدان والجبال امه 


0١ 

45821١1451: مصمودة‎ - 

- المعرض ( اسم مكان): 94٠‏ 

- مغارة القديسة مارية ( مغارة أونجا ) : 515 

-المغرب : 47047501490078 44244:1426ء 
48 همك 65 ١الل‏ ل :ل 201 
اع لل تل ةك ملدلا 1ل الا 
الف ا ل ا ل ال 0 


241 1*5 15# ليتتن[ الاق :لاز قمق 
اف ان 


- المغرب الأقصى :03747 794. 8ه .215401144 
15م 


- المغرب الأوسط : 215401598145014142171 
ل اللا 


- مقلونة - يجلونة 

- مكانسة : ١ه‏ 

- ملوية ( تبر ): ١54.166‏ 

- مليلة : لامع 

- نمس :408 

- متية :17804151 

- منعشة : لم84 45410455 444 0 0ه 


- متجيار : 4لا 





- المنيو ( نهر ): 571١1‏ 

- المهدية : 465 

- مواسياك :م؟؟ 

- مواله : لاغ 

- موالى موسى ( إقليم ) : 147٠141415‏ 

- مورئيا - مورجى - مرسية - تدمير 

- مورور : 21721948" لد كمد دلت 


خ4 75215 11ل ةا لامةة كلكقل 
525 


- مولة ١٠١*:‏ 
- ميرائدا : 011/4 584 
- ميلان :71901 
(ن) 
- ناجره : 444 
- تاريو ننس ١11‏ 
- النالون ( نمير ) :415 
- ثيرة نافار : 2151 207452035599 210705954 
248 
- نخرة : 5835 


-نربونة :247507045820157 4154 2 ة245 455 
17 

١38 : تفراوة‎ - 

-نفزة .117594 

- نقدورة > بقدورة 

- غير ايره : /01 4 

-خهر الأشقر: 508 

-غبر التاجه : 8١9‏ 

- غبر الدوراتون 4٠9:‏ 


جر دويره 1٠09:‏ 


- غر شلون : لاه 


4م60 فهرس الأماكن والبلدان والجبال 





- هر شليقه : لاه أ ا الل لهالل 
0 موسى ( فالوثا ) : 9٠٠‏ 5:ؤيلاء:غع 15١056٠١‏ 

1 : 
- النهروان : ١768‏ - وادى الردانه : 777 
- نوبه : /801غ - وادى الرمان: 444 
- النوبة : ١17‏ -وادى سليط : تلاك لال11 ع 87؟ 
- نوستراسيا : 77٠‏ - وادى شربنة : 0571 
-نومشو: 1707476 - وادى شوش ( شوس )781:0 2105 14لا4. 
00 1 
- نيس :511 | 

5( حم ) : لام - وادى عبد الله : 4592554 
- نيقية ( جمع ) : 

4م 5 -وادى لكة 0190611١4:‏ ددلل ممع 
5 - وادى المستعر بين : 755 
ا ا ا ا الل ل 1 ل وادى ا 

لف الشف لي ل كنا - الوادى الأبيض 7٠١:‏ 
0 1 - الوادى الكبر : ١0/5‏ لم19 99 (د”, 
غير ١أ.‏ 0 

(ه) كلا ممع كلم نغ ع لاكاةيمكه 
-الوادياتة : 5:9 
- هانيبال ( طريق) : ٠5‏ لوادي 
-واسط : 808 
-هدنة : ١582157‏ و 
-المزهاز: 1055 - وايه الشعراء : 405 
3-0 

- هسباليس (إ* ١1‏ - وايه الملاحة : 5ه 
م -وبذة :11م 

0 - ودان : 4١‏ 
- هنارس (قلعة ) : هلا وداد 


-وشقة(أشقة): 2١5294‏ 141:24"92494ف4 
ل 


- الهند : ك2 754 /امغ 


- هيطل : 489 :418 


411: -وقش‎ ( ١ 
75١9 الوليد ( بلد)‎ - 3 : 
وادى اش : ل ا ل الك اال ا ا‎ - 
١ -وهران:‎ 


الل ال ا 


(ى) 


145824 5ا07/.88.431١١‎ 1١ : -يايبرة‎ 


- وادى انه :كم 45290 


- وادى ابره الأوسط : لا 
4 - يابسة > باسة 
- وادى الأروكامبو : 4٠‏ بابسه يم 


- وادى البرباط : 11/7111 ١‏ لم -اليمن : 03185 37110/07504596 219575024025 


م8٠١5‎ 5751١49 
0 ١18.915 وادى الحجارة : هلا.‎ - 


؟مره 





1457 : قبل الميلاد‎ ٠١5- 
454 -/ا5ق.م:‎ 
43٠١ ءلام:‎ - 
حكم الا"‎ - 
1502455: -لام9كم‎ 
لبن اميا‎ 
-515م 1 الا”‎ 
-555م 1 1/ا؟‎ 

- م1591 

- 8946م :117 
-5090م:159 
-108م ١5:‏ 

لل ين 
-١11م:5١‏ 
-11م:؟١‏ 
-118م:؟١‏ 
-155م: ١4‏ 
-/151م :ه1١‏ 
-5ا1وم: دا 
-01مم ١11:‏ 
-624م:م١‏ 
-148هم :ما 
-1ا0م :54 
-45هم :ما 

- لامدم :14 


ب مم اللا ام 


فهرس التواريخ الميلادية 


-101م 541 
1م1١5‏ 
الف 
-551م1 50 
1719م كلا 
-111ام كمم 
ل ا لل 
-/1410م :5غ 
-148م:15 
-1494م:1 50 
-585م :لم5 
-184م:١غ‏ 
-515م:45 
-55كم 51 
-14ا1ام ١‏ 
-539م: 145.41 
ل رق 
- ااام 7٠‏ 
- 4لمكم :135 
- دلاكم :7ع 
-40كم :50 
- احكم: ا 1علم؟ 
-ككام: 44 
-15مكم:44ءلاة 
-584م: 44 

15 7: 


8: 


-1494م:1:0 

4١١ -594م:‎ 

-1986م: 10 

5١: لام‎ 

- الام لا 

-05لام :اهم 

- هدلام: 46 

دكدلام: 44 

وءلام :74015 

-04لام: 537 لام 

557 256: مالا١-‎ 

١ -‏ الام :14 لاك الا 1186 

- 5الام: 1/1484 

الام تا خالا 
- الام : لم4 ١150003561١163١‏ 


- والام :/ا3 ١11‏ 


فهرس التواريخ الميلادية 


-كالام: اال ع4 كء كا الا لضن ب/الاع 


- لا الام :3257لا 1 


-كالام: 27514235037 اك الا امه 


-؟الام 5521151١615:‏ "لاك 4 ال 


لالاع 


١15214161591: مالك١-‎ 


١كلام‏ :411552156 1521لث ات 


اي لالع 
-:كآلام:1 ١142159‏ 
- ةكلام كتاكت لا 
- كلام 45١1١15١159:‏ اك الا 
- لاكلام : 1١37‏ 
- كلام : 431 1351كء الام 


-94كلام : لال 





الام لكك لا 5ك الا 

- اكلام 515 ال 

- الام :44 631 515501552151153 كلاق 
لال ملا 

1١484 1 -#"الام‎ 

- 4 "الام :156144 لاك دك لاه كمه 

- هكلام :51717 

- لالالام 4 كال للا ا؟ 

-خ كلام :5117 

-ةالام :275414821417 كات مم1 

509441452144: كلام‎ ١ 

اللي ل ل ل ل ل ل ان لفل 
ل ف اال ا ا 0 
.6ه 

ا لد يكت 

-9؛لام 41154231541 هكس لتك 5152195 
5524 لضن ذلا 

١68: -؟كلام‎ 

- هؤلام :01929 10/4196 ع 4لا 

-5ؤلام 25591 4134ل 

- لا ؤلام : 106 قلاع 

- مكلام : الال 406 

-4لام: كلأ د٠كلأااه‏ 

١‏ هلام : 5594215 الاك الاكيماغ 

لفن الل ل ل لل ا اليا 

-5؟ هلام :555215162061 تلاك مخكت امع 

- هلام : 1046115 16م 

- 4 هلام : 347 

م5١64‎ 084 2050١0015 ؤهلام:‎ - 


-1 ولام : 


متاخل 25520585 


فهرس التواريخ الميلادية 286 





حلا حكن لاكم معام امم -409م ١17:‏ 
- لافلام :كلل تال تك لتك قا -460م: 430 
-خدلام :341 لم510 -4556م:184 
-9هلام: 5816549 -5460م: 106١0‏ 
-١الام‏ :540 ل ا ا 
- اكلام :117 -/لا١1م:‏ 144 
-6كلام ١146156:‏ -هلا١1م:‏ 794 
-كالام: 1 -قه١1م‏ :1575205442515 
١ -‏ الام ١14:‏ -54١٠1م:‏ 1755 
- الالام : ١14‏ -1118ام: 5117 
دءدهم: 1١14‏ -1128م7151 
-1عهم: ١16‏ -41١11م:‏ 545 
-44هم: 10١‏ -1541م:5؟5ء 


-148خم:١1:65‏ -4هدام:5اع] 


كمه 





فهرس التواريخ الهجرية 


-١51ه:‏ 585 1١‏ ث9 ه: قمءعكلاة 
1ه :5 -94 هكم ١١501١42‏ 
-8؟هم: 1524541 -همة ها :لاقل دحل ادل دلاوم 
#0 ه١4‏ 1/1 
م وه :لم15١‏ 
-غ4ه :25 لاا ها : اق شك ١1ل‏ 11ل 205 
الو ةل مااع 
-م4ه 452041١:‏ 
-94ه :2075 14؟ 
-م: ه 2١:‏ 
-49ه 5421715١38:‏ 
-494ه: 41 ”1 
:5 وبا خاو 
5م ه:”ة 
إلى لالضوق كىة 
ههه :15 
-1١1ه ١14١01١594:‏ 
-64ه6ه :45:1 
لاه 175 أ ه5155 لمات 
.0ه :#4 لبالا 
-15ه: 41 442 اا اش 12101 
-55 هالاه -م١٠ه:194١5::1:١‏ 
-59هئهة ا ا ل ل 2 200 
الوه :ه46 684١٠اه‏ :1585ل 98طا2 ١1#‏ 
-1لاه:6ة عه هاا 
عامه: 0410 18 1ه "1ل لالاء 
-6مه: 105 ا ا ا ل 10 
-85مه:مة # ااه :12م 
- امه : ١1م‏ - 4ه :41442142 كا ا 
-9مهانوده ااا و االو قالاء 
-.84ه:29584 ”47 -6١11ه:/ا؟251م8م؟؟‏ 
-41ه ١١6655:‏ 5ه 552144 اودكا ا الاق 


-9417ه الاك الا م51١‏ 5441لا م6 


فهرس التواريخ ال هجرية امه 





151١ -‏ ه:8ه756١0؟”‏ -/ا17ه:98١هم‏ 
-55١1ه:9اغ١.8 559421١‏ -هم”١‏ ه 21١١:‏ ٠6١ل‏ 0/7562 4ك كتلرلل 
خا :14ل دولا لمان هلال ةلا 1١4‏ املا ١الاد‏ لاد امل لاه امام 
احا ا 1 تماق 599 
6 :غ١1‏ ه: 6١52ل‏ 55ل 1” 
-85؟١‏ ه :1 امل لإاهكا2 آكالاكا2 الىت21 5755 -141ه:”0١‏ 
74 -155ه2:ه6م5” 
- ه56١1‏ ه: 220١59‏ 1:5اا متا ع٠‏ و9١م‏ الكل -غ48 ١0:1‏ 
كلاء, :لال ملا 
-548١1ه: ١5١‏ 
-1155ه:مهة١‏ 
-:1480ه:54١‏ 
-آاا1ه: 694١56521١111ئ.‏ 478 
-1486ه:54١‏ 
-21594ه:277994 5564ا لملا 
-76ه: 60 
-6اه:مءغة 
-75ه600:1غ8 
ا ل 0 
-591ه:9845 
5 اها ١ا١اه‏ 
-715ه:6خ8؟ 
ها 9884ل الكل لكا ل تا ككل 
-208 .155:3 
الاك الال امكل م م0 
- لامع ه :177 
#5 اه :خلا 75352 .6م” 
-154865ه :1775 
-16ه 1١57:‏ ه584( ١اهةغ‏ 
-4885ه:277 


5ه :خا 54507566 ه١اهءلااه‏ 


ره 





فهرس القبائل والطوائف والمذاهب 


للق 
- آل شهيد : ٠م‏ 
- آل غاتم : 7 
- الآريوسية : 71/7 الام 
- الآريون :201424015 ”7 
- الآلان :160141" 


- الإباضية : 2154 118 21573153 4للء 
ككل 5 


- الأثناسيوسية : 717/8 

- الأزارقة : ١8‏ 
- الأزد : 5994 

- أزد اليمن : ١85‏ 

- الأسالة : 1425144141" 0 


- الإسبان :14 ةل 9كل تك ا 
الال ها لاىل مركن /الاكن شلال لمملا 
1 لض ا ا 4 
7 443545445 


- الإسبان الرومان : ١6‏ 

- الإسبان اللاتين : 768 

- أسد( قبيلة ): 5171م 
- الأشعر 5١1١:‏ 

1١5: الإغريق‎ - 


-الأفارقة : 41 44 1عة72143ه ,ه21 وهل 
اكلل طفطفحا عله 


- أقصى بن مضر (١‏ قبيلة ) : 7" 804 
- الأقياط : لام 
- الألييون : 717 


- الألمان : 779 

-ألفاصة : 91* 

- الأمويون : /51 231١715003111‏ 595١15521اء:‏ 
ل ال ال ل ل ل 
ا ا ا ال ا ا ل 
/اامع١٠5هم‏ 2 :كاده كلهم 


- الأندلسيون :11/4 2941 ملام 

- الأنصار : 7251 09؟ 

- أهل ما وراء البحر: 77 

- الأورئوذكسية : 0٠2ل‏ 59م" 

- الأوروبيون : /01؟ 

-الأوس :0450م 

-إياد بن نزار ( قبيلة ) : ١١١‏ 

- الأيبيريون :15 4 4لا 1مك 


م5522 الكل ارال ارك تدكا ككل 
مدت وبل؟ 


- الإبزيدورية : وم 
(ب) 
- الباقاريون : 7٠١‏ 
- باهلة ( قبيلة )1 7975 
البئر #4641 ولام 
ام 
- البرانس :177641 71171 


-اللرير: 7”. 03758 :45245 48ءع5ق2 
لأكغمة ةشياعم أآاض هش بلاق لاك لاك 
الل الال ةلال كلضئيةة تق كد ثالاله. 
ل تال للا لوأ 
لا ال ال ل 0 


فهرس القبائل والطوائف والمذاهب 0484 





اا ا ا ا لك ال ا ا 0 1:4 .٠غ‏ 'اة1للىة4 ١١اه2”١ام‏ 6١ه6‏ 
انلك ال مع 2 1ن 5ن 5 لمكم 
لأا كال 1 كم اك رن 
4ك 1ك حكه كل مككل ااتكال مرك اورت - بنو أنجلين : 51451 
ات لل ال لل - بنو بارون : 7176 
04 ل ١لا‏ الاك 5لا1 رة ءمدقء 
6160146149445 ماف - بتو بوزال55 
050526١‏ كه - بنو يلال :7317 
- برير العدوة : ١/ا١‏ - بنو حجاج :59442754 
- برغواطة ( قبيلة ): 1735226 0145 ١54.347‏ - بنو حجر الجرز : 7944237574 
- برغنديون :15714237514 - بنو حدير :77940713747 
- البروتستحية : ١18‏ - بنو حزم البوابون 1٠57:‏ 
- البيزنطيون :14136141741 فلا - بنو الخليع 73351051537315 17م 
ضر - بنو خويلد بن عقيل : 146514 
- البشكنس :/7ا371ء 6ط 014205١‏ - بنودانس :5311 
- بكر بن وائل ( قبيلة ) : ١١١‏ - بنوذى النون 571١1١:‏ 
- البكريون : 4659 - بنورزين :511 
- البلجيون : ١844‏ -بنو رستم : 616 
- البلديون : 31١6٠١‏ ١03561ل141‏ 21448 46ل2 - بنو رسين 731١:‏ 


1594١/8٠11154٠‏ ١أ2755‏ "075 وك 
اال ا خلا تال الال ل ل 
ل 4 .244 441 ا 244 ”1ه 


- بنوزروال: 731١‏ 
- بو زهرة: ك4 25١١‏ 7" 


- بنو سال : 441101537533515 
- بلى ( قبيلة ) :791501501 


- بتواسعد: 5١17‏ 
- بنوالأخطل 51١:‏ 
١‏ - بنو سلييان : 146 
- بنو أذفنش : 5714. 7/8 
: - بنو سيد : 71784 
- ينو الأغلب : 174 4414:1784 
ٌ 1 - بنو شيريق :71453 


- ينو إلياس :711 
0 - بنوشهيد : 037174 5174 
-بنو أمية :11575011840898 157501158, 4 5ك 
ما 7 زا2 “5215ل لض لل 
4ل الل 3ك 


لالا لاا الالال ل -بنو عبد الدار : 491 


- بنو صيرون بن شبيب :717 


- بنو عامر ين كلاب : 7١37‏ 


الالو ا ل قا - بنو عبد الرؤوف : 7174 


04٠ 


قهرس القبائل والطوائف والمذاهب 





- بنو أبى عبلة :278/8 8154 

- بلو عبدوس 701١:‏ 

- بنو عدى بن عبد الدار: 5١١‏ 
- بنو عذرة : 717 

- بنوعزون: 751١7520511١‏ 
- بنو عقيل :6755 

- بنو عميرة : 751١‏ 

- بنو عوسجة ( المصموديون ) 71١7208:‏ 
- بو غتيل :108 4092 

- بنوغرسية : 7170 

- بنو غزلون 17070371١:‏ 

- بنو غومس :5350 

- بنو فطيس : 71794 

- بنو الفرج : 713031170351١‏ 
- بنوفرفرن: 51١‏ 

- بنو فطيس :7179 

- بنو قارله : 7720 

- بنو قاسم : 51١١‏ 

- بنو القاسم الداخل : 58 

- بنو القبطرنه : 7155 

- بنو قسى :240 506آلال 775943731 
- ينو لنق :715 

- بنو محزوم :517011 

- بنو مدرار: ١14‏ 

- بنو مرتين : 5156 

-بنومرة :1086468 

- بنو مسلمة :9879م 

- بنو مضى 51١١:‏ 

- بنو مغيث 77971 

- بنو منخل ( قبيلة ) : 703 


- بنو موسى :7178 
- بنوس نبيه : 7١1‏ 
- بنواتعان : 777 
- بتونمير: 5١7‏ 
- بنو هذيل : 557١‏ 
- بنو وانسوس :17 14 1 اام 
- يتوورمان: 456 
< بتو يفرن :157:55 ١142‏ 
- البوتشللارى :59 
(ت) 
جيب ادل الل 7514# 
- تيم 1 01949 7707م 
(ث) 
- ثقيف :5 7ه 
- ثوابة : 8001 
(ج) 
- جذام ( قبيلة ) : ١94‏ و#مقكل كوس لاقل 
مهال 3561595 لك الل له 


١914 : الجذاميون‎ 

- الجرمان : لا7#اا 559 95227569" 56ل 
ال ا ل ا 

- جراوة ( قبيلة ) :11 


- جزيلة :70158001 


جلالقة :23508 20,754 اع ىبا" 


- جهينة : 591 
(ج) 
- الحضارمة : 67 
- حير : /161 594371 
(خ) 


- الخارجية : 4 .ع لاقك "”همايال لهل ةكل2 


فهرس القبائل .والطوائف والمذاهب 64١‏ 





تا كل لولم - الزجالى ( بيت )559:6 

- خشعم ( قبيلة) : 5١7‏ - زناتة ( قبائل )51.45 5كاكل 421598 5ل 

- الخرسانيون : 118 الل لل ل لل 
امه 


-الخزرج : اللو ل 0 
- الزناتيون : كا كلل ةل لال تال ت كلض 
ككل لات 5م 


- خزيمة ( قبيلة ) : 505 
- شين :م 


-زناية : م8١5‏ 
- الخلقيدونية : 58٠‏ زناتية :م 


-زهرة :759052595 
- الخوارج :2174 1231014336 عتلء 


ا ال ا ل 5 (س) 
كن - الساليون: 15 58194.77 
- خولان ( قبيلة ) :17 5075 08م -سرتة 51١١:‏ 
- خويلد : 5١5‏ - سعد العشيرة : 0017* 
- الخيار بن مالك ( قبيلة ) : 5601 - اسكون: 55965541855١‏ 
(د) - سلول (قييلة )505:2 
- دوس :7037 - سليم( قيلة):505 
- الدونانية ( حركة ):615502176لا5١‏ - السود ( السودان) : الالالال 7118 
- الدوناتيون : ١551.172‏ - الويف : 512155255212142 
(د) (ش) 
- ربيعة : 19350189 ا م - الشاميون : #قك لكك كلكا لاقل حم 
- ذو رعين :507 ا 1 ل الالال ار ول 
- الروم 47504١:‏ 15.4421546 24 51ا. ا الال 0 
حكك 6 ك4 1400147 اال لل 204 ل 11# 1584 
- الرومان 1503163 .الل ل ل ل ليك 


لالت تل وتلل لو الكل تك 


- شوذر ( قبيلة ) : 8٠07‏ 
مك ١ل‏ لات ملاطل لول كول نلق 


1# 114 ل لل و11 قا - الشيعة: 4448 
اده (ص) 
- الرومان الإيبيريون : 7405455 آلا - الصفرية :152533154049 .14ل #ت ىوقل 
- ريكو نككيستا : 751 عمال 
(نز) - الصقالة :751 ١3.411١‏ 
- الزبارقة ( تميم) :5937 - صنهاجة :7 154. 508425084 


- الزبيريون : ١55‏ - الصنهاجيون :815 


0145 فهرس القبائل والطوائف والمذامب 





ر(ض) - غيارة ( قبيلة ) : 86 الا 51 

- ضريسة : ١514‏ - غنم ( قبيلة ) :7035 
(ط) - الغيطشيون : ”7 

- الطركونية ( ولاية ) : 57 ر(ف) 

- الطباح ( قييلة ) : 708 - الفرس : 756 8617 

- طىء ١‏ قبيلة ) :7037 8ه - الفرنجة :هك1150 11711117052 17ل 
(ع) ل ل ل ل 


اا اللا لا الملل 


- العامريون : 77١‏ 
خريو لا ااا ل 


- العباسيون 26١52861١١64761:‏ اهم 


م ل 
- عدنان ( قبائل © : 1١87‏ 145 ةلالدلل - الفرنسيون : 71 274 118 
الل ا 7 

57١ : الفريزيون‎ - 
760١15984223585 : العدتائية‎ - 

- فهر ( قبيلة ): 671655154 
- عذرة ( قبيلة ): 8017 508 

١557 : المهريون‎ - 


- العرب 71١11:‏ 5752 :6045:4426 ا لال 


- الفينيقيون : 7657377 041؟ 
26 للم الاك ارت الول الال كلل لالور 0 


ىس غلا لا 016ل 1١6ل‏ هل 6ط (3) 
شن يفن الل ل 2 ال هه - القبط : 766 
ار ل ا الا الف الل ل 0 - قحطان : ا ع 446ل العلل 7 للد 
ال ا رفرن 356 
- العرب اليمنية : ١44‏ - المقحطائية : +728 
- عرمرم 1 507 1 - فقريش : 47+ 
دعك :705 - الفرشيون: 6551 7؟6, اه 
- العلويون : 17"4 - القشتاليون : 547 
ل عنس 1 #297 - القشتلنين : 47* 
- عوف ( قبيلة ): 70240597 -قضاعة ( قبلة ): 141 . 944؟94259؟ يكوك 
(غ) الا الل تل 
-غافق ( قبيلة )174 1لا 1 494117 - القضاعيون : 546 
- الغاليون 0,75503؟1 - القوط : ١5 217١‏ الم ب ل 0 


ل ل ل ل ل 210 
كلل ا تخا ورم تل الت اك للا 
الا كلا لا ال لاض ارلا قلا "اال لال 
- غطفان : 1814 186ل 51155177 كل لللن لض كه لك تق كى أل »كلق 


- الغاليون الرومان : 54٠ ١50516‏ 
- غسان ( قبيلة ) : 90150725 


فهرس القبائل والطوائف والمذاهب 7ه 





اللخ لل لات ال هت هك كتدة تك ل 7 

ا ئها 06 الل لتك الا - كهلان ( قبيلة ) : ١78‏ 

2 2 خش بالل الال بل“ ابام" 

59771 : الكوريالس‎ - 0 ٠ 6 ٠ 41 م‎ 

68 كلل لتلا لا الولو ااا بعل 

اال اللا تدك أقكللل *اتكل لاقل ١11٠١‏ ل 

لل ين رف الخ ل ل 1 ” - بص( قييلة) 501١:‏ 

ه56 1455425552553900/اءهة - لخم( قيلة) :238 95:455141586.1944ك 
- قيس ( قيلة ): 2144 95لا لاقل 5ه ا ك5 

7 - اللخميون : 465٠41١55‏ 
- القيسية : 5ض 1٠‏ 5820157١5541١152:4ء‏ - لوامة ( قبيلة ) : الا 

ا ال ل ل ال ل - اللواتيون : 7٠08‏ 


الاك .2282م للاذفلا 5١‏ أملاقك 


- اللو مارد : 3744774 لمم 
م 4ك 1١و‏ او وك وول مكمق اللومبار 0 


م للم - الليونيون: 59415 
- القيسيون : 218681١61١61١57‏ 4هل١‏ 1لالا2, (م) 
00 - المالكية 6٠1:‏ 
حال ”7١م‏ ا لاادمء+ات,2 6ع 8كآه - محارب بن قهر ( قبيلة ) : 0175 617848 5946 
كك - مديونة ( قبيلة ) :81180810197 
- كاثوليك 21403177 7720500019 - مذحج ( قبيلة ): /19471191 
- الكاتوليكية 101840014 27411500130 - المرابطون : ١115‏ 
العا اا اعم ااا و1 


- مهراد ( قبيلة ): 5010311١‏ 
- الكارولنجيون 71١:‏ 
- الكارولتجية ( دولة ) : 785 
- كتامة ( قيلة ) : دقل اه 0 "٠١١‏ 


- هرة ( بن ذبيان ) 07217 7017721 
- المرواتيون : لال 7 القن 


- مزينة ( قبيلة ) :75 
- كلاب 5١1:5:‏ 


515046٠ 1١91٠144 : ) كلب ( قبيلة‎ - 


-المالمة 741 142556205415 اهل وه" 


- المسيحيون الآريون: ١١2‏ 


- الكلبيون : هاا 51 ١/157‏ 6 


00006 - المسيحيون الكاثوليك : ١2‏ 
- الكلية :2179 165 الاك ملاكن محل - المصامدة : 5١4‏ 

5470 - المصريون :7/4 4415 131/2 
- الكلت :528 


1042151١ : مصمودة‎ - 


- الكلونيون : 542 عفر : قحا لاح لأقكك للكرتقك لفل 
- كتانة : 144 2708807 434 3ه 1014 لله 


:غ1 فهرس القبائل والطوائف والمذاهب 





- المضريون : 6718595 

- المضرية : 2177 11/7 0م١ا‏ 

- مطروح : 705 

- مطغرة ( قبيلة ) : /41 71/61 50/8 

- المعتزلة : 71/5 

- معدل :١5م‏ 

1١5371124 : المغارية‎ - 

- مغالبة العرب 4١:‏ 

- مغيلة ( قبيلة ) :7 65١5820ل2‏ 2708 ١ل”ء‏ 
0206 

- مكنامسة :4١55لا‏ لاد 7ه 
9 واه 

- ملزوزة ( قبيلة ) :7508 

- ملكان ( قبيلة ) : 707 7١5‏ 

1١564 : المهالبة‎ - 

- الموالى : :لا 

- موالى موسى : 1/ 

١54 : الموحدون‎ - 

758465452248 "55 .”4١ : المولدون‎ - 
504255١ 


-المونوثيليون : 580 
- الموتوفيزيون : 747 
- المونوفيزية :31/8 8*0 
- الميروفنجيون : 77947570 
(ن) 
- الناربونية ( ولاية ) : 7” 
- النساطرة : 741 5/84 
- النسطورية : 584٠‏ 886 
-التصارى : ىا 6ك 5200155”ل/ 55ل 


مكل ةلت لكالا 0011 
م اللا اوت تا 


مك اا 5ل لوقت 
ا و ا ا ا ا 
ال ال ا ا 0 
م6 لادةءعؤءةيقة٠١٠:25‏ :اش اعككةثاما4 
5552186554 

4١ : نفزاوة‎ - 

-نفزة (قبيلة ) :704820507011 اللا واه 

- نمير بن مضر: 7١7‏ 

-نفوسة ( قبيلة ) :171501541 5520ل ادن 
م7 

- ند ( قبيلة )70017 

757١ : النورمندى‎ - 

(ه) 

- ال حهاشميون : 721 

- همدان ( قبيلة ) : 7١51‏ 

-هوارة( قبيلة ) : 15281١‏ 0,7154151 
4م711 

7١8: المواريون‎ - 

- هوازن (قبيلة) : ا ل ا 0 


- هوازن بن عكرمة ( قبيلة ) : 5791١‏ 


- المون : ١‏ 
(و) 
- الوثئيون : 87 
-ورفجومة ( قبيلة ) : مسلا اما 
/لا5 ١‏ 


- الوندال : 1185م 
- ال وهب بن عامر: 7817 


(ى) 


3142401١ 401١958951١*84 1١9٠85 : اليمنية‎ - 


فهرس القبائل والطوائف والمذاهب 6 





ال ا 01401 - اليهود : 27721517 23585 كا لاك 5ل لال 
حا 4ل لاوا ل حلا كح لال ل لحل ه756 كولكل 
م لكو عجو 48 حش" ل كه ل يه" لكالل" 2 2.43١‏ 

”21121 ه15 5ةأا تلقل 


- اليميون 3١98:‏ 152ل ١أدكن‏ كاقلا مفظطك/ 
هحكلا الال ىم ةل ككل تاقلاليقة ل نحل 
لان الا 8ل 1لا تلات الا20 
اللي ل ل نه - اليهود السفراديون : 5١6‏ 
واه ل الام لم - اليهود المتترون: 2١١‏ 


لا14 


- اليهود الأشكنازيون : 5١16‏ 


الل ا الت 5 الك © الك لون - اليونان : 75 . 1284.375 


0045 





التى ذكرت فى متن الكتاب 


)0 - تاربخ مسلمى إسبائيا : 148 
- الإحاطة ( فى أخبار غرتاطة ) : 4515 - التعليق المنتقى : 547 ٠‏ 851 
- الأحكام السلطانية : 867 - تقويم البلدان ( معجم البلدان ) : 217١‏ 447 
- أحسن التقاسيم :578 4148 - جغرافية الأندلس : 547 
-الأخبار المجموعة : 859 017١0 1١424441‏ - جممرة أنساب العرب : لاوأ لاه لل ملل 
ال ا لاا اا لوم 0 لض 
ل لل ا ل ف ةا (خ) 


ا ا ا لا ا ل 


- الخراج : 888*807 115 
االاكل “الا لال مع له قارق التق 


زعام - خطط المقريزى : 17١‏ 
نَ 
- أرجوزة تام بن علقمة : 7+4 ) ( 
له الرياض : 487 - ذيل مدوتة فريجيداريوس :2778 774 
-“ارشار ارد 2 
رر) 


- أصول الكليات : 75 


- الروهخ المعطار : 8577 
- إغاثة الأمة وكشف الغمة : 477 0 


-رياض التقوس : 60٠86‏ 
رياص سس 
- افتتاح الأندلس : 8370185 


(ص) 
- الإمامة والسياسة : 8م 4 5 
حص عشى : » 
- الأموال: 767 5 
- صقة الآندلس : 877 
- البغية : 865 : 
ٌ - فتح الأندلى :-01194: 7575لا الاك لال 
ر(ت) مكل وال لوا وال كرس وعم 
- تاريخ إسبانيا الإسلامية : /41 5 4 37*87 الل اول لول اماع 
- تاريخ العالم : 777 - فرحة الأنفس : 1598:1114 4516147041١.‏ 
- تاريخ علماء الأندلس : 7514 - فوكابيولستا ( قاأموس لاتينى عربى ) : 77٠‏ 
- تاريخ قضاة الأندلس : 4917 ٠‏ 895 ب(ق) 
- تاريخ قضاة قرطبة : 145 - قاموس بطرس القلعى : 8/٠‏ 


- تاريخ ابن مفرج :81/56 - القواعد: 84 


فهرس الكتب والمدونات التى ذكرت فى متن الكتاب ع6 
(ك) - مدينة الله : 78 
- الكامل : 45١‏ يرمق البلدان - تقويم البلدان 
- بجلة الأندلس : 54١‏ 
(م) 
- مجلة معهد اللخطوطات العربية : 44١‏ 


- مدونة البلدة ( رواية ) : 951:738441778075707؟ 


- المغرّب ( فى حل المغرب )1 197 
2 مفاتيح العلوم : ل 

- مقدمه ابن خلدون : 1119 

- هدوتة سحنون : 72820 3 منازل اليرير فى الأندلس 7١4:‏ 
- مدونة سيلوس : 7131775 - موطأ مالك : 788 03٠ه‏ 

- مدونة شرطانية : 515 (ن) 
- مدونة كمبستيلة : 515 - نفح الطيب :705275944 


- مدونة مواسياك : 57807582255١‏ - خهاية الأرب : 57١‏ 


6044 


املف 


١-الشرق‏ الإسلامى فى العصر الحديث . الطبعة الثانية » القاهرة ١91578‏ . 

؟-فتح العرب للمغرب . القاهرة ١951‏ : 

 *”‏ وع0912) ع[ .عنا0000) عل ع920لا2ملا غدكتلةت تنلل عغقطء 12 تناد لوووط 
.19248 


- صور من البطولة ( طبعتان » القاهرة 954١و9605١).‏ 
6 -مصر ورسالتها ( طبعتان» القاهرة ١9065‏ و9805١).‏ 


يآ طاانتا 1236022100[مء م() دعارمع8 لتتاكنط/ا عط 01 كقاغخ 1دع15011آ 
017 .(تاعط )0 لله علص 180011 


/ظ مصر من الفتح الإسلامى إلى نهاية الإخشيديين - فصل فى كتاب ١‏ تاريخ 
الحضارة المصرية » الذى تنشره وزارة الثقافة والإرشاد . 

6 - نور الدين محمود » الطيعة الثالثة . جدة .١9/6‏ 

ت-أدب: 

١‏ حكايات خيرستان. 

؟ أهلاً وسهلاً . 

أبتحاث : 

١‏ -عقد بيعة بولاية العهد لأبى عبد الله محمد المعروف بالخليفة الناصر الموحدى» 
نُشر فى الجزء الثانى من المجلد الثانى عشر من مجلة كلية الآداب بجامعة القاهرة . 


للمؤلف 31 

١‏ تطور العمارة الإسلامية فى الأندلس » نشر فى المجلد الأول من حوليات كلية 
الآداب يجامعة عين شمس . 

'' وثائق عن مهدى السودان » نشر فى العدد الثانى من المجلد الثانى من حوليات 
كلية الآداب بجامعة عين شمس . 

5 -غارات النورمانيين على الأندلس بين سنتى 4 71و45 ١ه‏ / 445و404مء 
نشر فى العدد الأول من المجلد الثانى من يجلة الجمعية المصرية للدراسات التاريحية . 

© السّيد القمبيطور وعلاقاته بالمسلمين . نشر بالعدد الأول من المجلد الثالث 

5 المسلمون فى حوض البحر الأبيض المتوسط إلى الحروب الصليبية » نشر فى 
العدد الأول من المجلد الرابع من مجلة الجمعية المصرية للدراسات التاريخية . 

المجتمع فى الدستور » بحث نشر فى كتاب ١‏ روح الدستور » وهو رقم ١0‏ من 
سلسلة « اخترنا لك ؟. 

4 لكى لا ننسى .. هذا صوت التاريخ » بحث نشر فى كتاب ١‏ قناة السويس - 
حقائق ووثائق ؛ وهو رقم 594 من سلسلة ١‏ اخترنا لك » . 
الإسلامية ف مدريد » مجلد ” سنة ١905‏ . 

5 00 لعل م2تمفكلط 12 عل وعغطهعة 5عأمعن] 25[ عرطم؟ة ملاعنام 126 

صحيفة المعهد المصرى للدراسات الإسلامية فى مدريد » مجلد 7 سنة .١9805‏ 

١‏ معمدمعاتلء24 اء لا مإماع8 فصل نشر بالإسبانية والفرنسية ىق 
كتاب عطوعة 000ن84 اعل 202هممة » الذى نشره معهد العلوم السياسية فى 
مدريد سنة ١94085‏ , 

1١7‏ تصوص سياسية عن فترة الانتقال من المرابطين إلى الموحدين . صحيفة 


5-56 للمؤلف 


للونشريشى . صحيفة معهد الدراسات الإسلامية ق مدريد » مجلد © سنة .١9601/‏ 





١4‏ - 93122 7أناكلاتة لمفمكظ 13 0 201112151121112 - 0116م لم 1كالائل 3آ 
1١6‏ الفولكلور » تاريخه ومدارسه ومناهجه . صحيفة ١‏ المجلة » العدد 7؟ سنة 


. ١164 


+8 مه|ا عة امه 


بسر وتحمفيىق : 

. ١85١ -رياض النفوس لأبى بكر المالكى » الجزء الأول» القاهرة‎ ١ 

ترجمة : 

١‏ الامبراطورية البيزنطية لنورمان بينز ( ترجمة عن الإنجليزية بالاشتراك مع 
الدكتور محمود يوسف زايد ) طبعتان بالقاهرة ٠965١و840801١.‏ 

١‏ الشعر الأندلسى لغرسيه غومس ( عن الإسبانية ) طبعتان بالقاهرة 
.١ 50‏ 

. ١9660 تاريخ الفكر الأندلسى لجونذالذ بالنثيا ( عن الإسبانية ) القاهرة‎ ٠ 

4 ثم غاب القمر - مسرحية فى ثانية مناظر مقتبسة من قصةو1 1 ع1 
8 للحون شتاينيك » القاهرة ١98605‏ . 


فهرس الموضوعات 


المشدهه :نه مدت تقس امع م اج 1 اي نوت حل لمن ا 3 جا ل تي 


الفصل الأول : إسيانيا قبيل الفتح الإسلامي ب .. . 22 سد 


القوط الغربيون فى أواخر أيامهم سس سا سب 2 .ل ساس سي 
ذولة القوط اق قافا م ا ل الج ار ص ا لحك د 


لداري حدس ا الما حي ل فار لح وا لت لزان فاح 7 لك اماه بش رن كوس 


نظرة فى أحوال إسبائيا تحت حكم القوط متسس ست لس سس سسا 
ام ا شت او ا ص شنط 


لتقي الانماق لاوا ا 


لاله النقافة ا ا اح او ا ال اي الت 


الفضل لاتق اقم امقر د ل ا ات ع تاك 


ورا وا سي امح ماده لعا و حون ا 1 
اخمطاط القرو تمده تدهم اندعة ماعو يس حور بن مه كدعو ديد 


اختطاط تونس .مس سا ست. 
تنظيم و لاية إفريقية سس يتس حا ذميه. دي جد سا سد يوي مدعت » امم دي دده عد 


موسى بن تصير يتولى أمور ا مغريه 2852-3 لاد لدت املس ااا تسسا 


الفصل الثالث : فح الأقااسن سس ست سم سس لا ل لل م 
مقدمات الفتح م جب اروصت ب انق اه ولعت جرع تار ارعاتبع» ا طاكة عمد نه . - 


يليان - 


ققخ الأبدلتق مت موسي االسعسون, ‏ مقدام ميمه مومه 
بدء الفتح مد نوف ننه دامر معي د ركام فس سم 2 5 عجر ككل لداع + م وش قحم 


أ وإزوع ل ورية حا لصفا افيه ماجو ده عع م اج عيدو 


حمله طارق بن زياد معبوه سم ع تايدنه 4 5 2 ا . عد ند “وني ميو ب 





١١ 
1 
16 
فا‎ 
م5‎ 
>39 


يذنا 
ا 
1 
ا 
2:4 
م4 
0 
ه٠6‏ 
مه 
احن 
0 
15 


11 


6 


احتلال طليطلة ..... 
فتح قرطبة ..... 
عبور موسى إلى الأندلس .. 


فتح إشبيلية ..- 


0 


لسير نحو الشهال 1 


فهرس الموضوعات 


أقعي ماد صلت إليه فتوح المسلمين فى إسبانيا 
عودة موسى وطارق إلى المشرق -- 


استكمال الفتح .. 


الفصل الرابع : عصر الولاة ... 


م تتكلف الخلافة جهداً خاصاً فى سبيل فتح الأندلس . 


ل تخنم المخلافة منه شيئاً ماديا ... - 
هجرة العرب إلى الأندلس ل-.. 


ولاية عبد العزيز بن موسى -..-- 
مقتل عبد العزيز بن موسى -. 


أيوب بن حبيب اللخمى سس 
نقل العاصمة من إشبيلية إلى قرطية .. 


عامل إفريقية يولى الحر بن عبد ال رحمن الثقفى على الأندس . 


ولاية السمح بن مالك الخولائى ..... 


عمر بن عبد العزيز يفكر فى إخلاء الأندلس من العرب. 


ضبط المال وتنظيم البلاد 
الفصل النامس :صراع العرب والبربر - 
خلافات العصبية .8 











الا 
:7 
كل 
هلا 
كم 


1م 


١ 


فهرس الموضوعات 
فترة سيادة الكلبيين اليمنيين فى المغرب والأندلس .. 
مسئولية الخلفاء عن أعمال عماهم فى المغرب -..- 
توت لفومن الننة زنايةة ب 2م ميف 
الأقارقة.س اناب د .. 
دعاة الخارجية فى المغرب ...2-2 2ت لاس مب سسب 
العصبية العربية فى الأندلس . 
مصاعب الحكم ف ال مغرب بعد موسى بن نصير .. 
المغرب أثناء خلافة هشام بن عبد الملك سب سمب .5 - 
ميسرة وبدء الثورة فى إقليم طئجة . ... ب 2 0 .. 
فزيية الأقراف :2 ع د جع عم سوه ات 
كلثوم بن عياض القشيرى . ٠‏ .2 
العرب الإفريقيون 
ولد لق ارق الالالي به 
الخلاف بين العرب الأفارقة وكلثوم بن عياضى ومن معه من القيسية 
هزيمة العرب عند بقدورة 
جيوش الخلافة تندخل 
ظهور أمر عبد الرحمن بن حبيب ..-. 
عبد الرحمن ين حبيب يحتل القيروان... .20 
ختام التزاع بين القيسية واليمتية فى إفريقية . 
الزير تلوت تو احيي :لج سساح دعي 1 
دولة يتى مدرار فى سسجلاسة .. 
رأى عوسه ق ثورات الزوو ىه قد ممستب بمو هن 
الدوناتية والخارجية 2-5 -.. 
أى فريق من البربر نمض بعبء ا حركة .. . 
الأخؤال 1[ الانة لج تت د للب مد 





١ 
شن‎ 
شرن‎ 
4 
1 
5 


1١: 
١ 
١ /لا‎ 
18 
16 


١6 


1١ه‎ 
١6 
١م‎ 
14 
14 
1-35 
154 
١6 


155 


1538 


16 


عبد الملك بن قطن الفهرى .... 

انتقال الثورة من إفريقية إلى الأندلس - 
مقدمات ثورة بربر الأندلس .. 

ثورة البرير فى الأتدلس سسا ل ل 





بلج بن بشر ومن معه محاصرون فى صبتة لس 


طالعة يلخ سس سس له تيب 
طالعة بلج تقضى على ثورة البربر فى الأندلس . 


معركة وادى سليط عازن اميادو رورجمو دم عا ا ا وي 


المجاعة وهجرة البرير إلى إفريقية ... 

زحف نصارى الإسبان نحو الخنوب ل .. 

العرب يخسرون ربع الجزيرة سسست. ‏ 

ا خصومة بين العرب والبرير ----- --. 
الفصل السادس : القيسية واليهنية ...هه 

مؤرخو الأندلس والعذاء بين القيسية واليمنية 

القيسية تستبد بأمور الأندلس --..- 

بلج بن بشر يلى أمور الأندلس ... 

موقعة أقوة برطورة سس سا لس 

مجىء أبى المقطار بن الخسام الكلبى ... 

إخراج الشاميين من قرطبة إلى الكور 

ظهور الصميل بن حاتم ...- 

هزيمة أبى الخنطار وولاية ثوابة بن سلامة العامل 

الصميل بن حاتم يمهد الطريق ليوسف الفهرى 

موقعة شقندة سنة 1ه / لاغ لام ست 

مأساة اسرى شقئلة تيم لب 

المجاعة تجتاح الأندلس ... 


ار ل ا 1 


فهرس الموضوعات 


١ 
1١ا/‎ 


١/١ 


ع1 


سس هلآ 
دده وق مدا اسان اساي 1 
ساد كلاو 


لال 


١48 
١ا/لم‎ 
١8١ 
١مم‎ 


كما 


مما 


14 
1١ 


١و9‎ 


164 
١60 


لمي م مي مه ولود عيو م ناد ويس بممماق "لتقام يها اام سويب + تسسوصيوم جمم سوير لمعيو جيه 17 ١‏ 


١954 


١98 


فهرس الموضوعات 
الحرب بين القيسية والكلبية فى سرقسطة 


الفصل السابع : قتوح المسلمين فى غاله -.. سا لس سم د ل ا 


بدء الغزوات فيها وراء جيال اليرت .سسا ل ا ل اس سس 
السمح بن مالك يصل إلى طرسونة . استشهاده عند طولوشة ------.- سس 
عتيسة بن صحيم وحملتة الكبري ع مس سس سس سي سس سل سس سس 
لماذا اتجه عئيسة تجو خوض الرون ؟ ب 2 ل ل ل ل ل سس 
الدوق أودو وعلاقتة مع المسلمين ب .سس سي ست ل ل لس ل 
وفاةعبسة 22 
عذرة بن عيد الله الفهرى يواضل الغزو .2س سس 
عيد الرحمن الغاققى .د ددا لس ص سس ل سس 
خروج عبد الرحمين للفزو» أوائل سنة 114 / ربيع سنة 7 الام لس سا سم 
تتح أرل اس لس م ل ل الل سس ل لل ل ل ل ل ل ل م 
الاستيلاء ء على يردال ( يوردو ) :0س سس م ا سس سم الم لي بل مس يت 
أودو يستنجد بشارل مارتل + :1 - --. 


المعسكر الإسلامى قبيل المعركة ا ل سس سس ل ل 2س سس 


مكأن المغركة مساس .ل باتستص س ت متس م 2 0 مانت سي سم 6 عن للم مسي سع معس 
معركة بلاط الشهداء ب ١‏ لاسا ب لس د لاسي سا ل الله الم لسك 
عبد الملك ين قطن الفهرى يسير إلى غَالَة ب 2 2د .ب . اس الاسم 
المسلمون يستعيدون ارل اا لس ست لاس ااا ل لس سا مه سس سيسات 
الاستيلاء على أينيون . .ب -.. 

إخضاع إمارات اليرت سس لنت .دلت .2 00ت سس 
عقبة بن الحجاج السلولى يجدد نشاط الفتوح فىغالة ...2-0 50 0200ل.ب.. 
إعادة فتح يورجونيا 

قارله يفشل ف الاستيلاء على أريونة 2 5د 220 0 ال 





ان 
568 
1" 
"1١‏ 


1 
>23» 
577 
"15 


"584 


7 
الوق 
كوف 
يضرف 
”1 
7 
594 
1 


11 فهرسس الموضوعات 


العرب وأهل غالة .. 


عبد ال حمن بن علقمة اللخمى ينصرف عن غالة بجنده 000 


بيبين الثانى يباجم أريونة ... 

سقوط أريونة .ل 

بقَايا المسلمين فى قغالة سس له ادا السب 

نتائج سقوط أريونة سسسب . 

أحوال جنوبى غالة تحت الحكم الإسلامى . 

لاذا لم يوفق المسلمون إلى البقاء فى غالة ؟ .. 

طبيعة الحكم الإسلامى فى غالة . 

المسلمون يعتبرون غالة إقليراً ثغرياً . 

نظام الحكم فى جتوب غالة بع مي ل ل سس 

موقف المسلمين من المسيحية فى غالة - 

مقارنة بين المسلمين والفرنجة فى غالة --. 
الفصل الثامن : قيام حركة المقاومة النصرانية . 


انصراف العرب إلى المنازعات عن صيانة دولتهم .. 


الإيييريون الرومان سس سن ست 


يي ا ا لي 0 
كوفادونجا ع اا مه و ممه وميصانة حارو صا عد عيب د عبر د ام 
أهمية كوفادونجا . 0 


أذفونش بن بطره ( ألفوتسو الأول ) .- 


المسلمون يخلون الركن الشهالى الغربى لشبه الحزيرة . 


هجرة أعداد كبيرة من البربر إلى إفريقية 
المجاعة تجتاح شبه الجزيرة 0 


يورم يوتسي 


ا سويد 


53" 
0 
54 
15 


57 
5226 


مال سا سس ل للا 


>53 


33> 
و5 
لكا 
١32948ظ2>‏ 
8 


اكم؟ 


فهرس الموضوعات 


إخراج المسلمين من جليقية وما يجاورها 


حدود دولة الإسلام تتراجع إلى نهر دويره 

ما بين نهرى المنهو والدويره منطقة فراغ 

أراء المؤرخين فى أذفونش 

الفصل التاسع : المجتمع الأندلسى - )١(‏ العرب والبرير والموالى - 

أ العَرب 

طالعة موسى . 

طالعة بلج 

البلديون 

الشاميون 

النزاع بين البلديين والشاميين 

سيادة الشاميين على الأندلس وأثرها .. 

تفريق الشامية فى النواحى 

خصومة القيسية واليمنية تعود 

تحوّل الصراع من القبلية إلى الحزبية 

تكاثر العرب فى الأندلس . 

مراجعنا عن منازل العرب بالأندلس 

القحطانيون 22205.05 

ملاحظات عن منازل العرب فى الأندلس . 

استقرار العرب على طول خطوط الفتح .. 

منازل العرب فى الأندلس . 
ب البربر 

تيار الهجرة البربرية إلى الأندلس 

جماعات البربر الأولى . 

البرير فى التغور 

هل اختص العرب أنفسهم بأحسن نواحى الأندلس ؟ 


؟م؟ 
اذك 
م 
ان 
لام 7 
31> 
5244 
304 
3040 
504١‏ 
504 
5047 
5 
50 
23> 
505 
144 
534 
0 


١ 
م‎ 
ا‎ 
ا‎ 
م‎ 
م‎ 


5 فهرس الموضوعات 





حول العويو إلى تلديين واثوة و م لا م مط نا 
غلبة الزناتيين على البربر الأو ل لش اشيم 
اروز بو مقرب تت ل شي اش ئس سم اسه سي نوم 
الير برو العر ب البلديو نت ل م مد له لم بلط را ا د يس لارام 
ماعاث السوقان ق الأندكن ا ا 
تأت الر ير يالة الله ل ا م اث 
ارا ام م ا تا ا الام 

موا فى اما ا لف ا ةمق م لي الم ع ام لهاسم 
تكوين كثلة الموال ل الأبولر ل ته و ع ةا 291 
اروف ل ا ل مشا ا 7ه 
لوال وقياء الدولة الات م ا امي وا 
موال من أصول إسياقية مس سيت .م مسيم سس سس سس فلاس 
طريعة ولاء الوا ل ل ا مز 
موالمى الاصطناع ا ا ع “لي 1 
أهمية الموالى فى تاريخ | لوك لصن صم مه مس سه سس سس سم سس م ل سس سس ا لاسو 
آراء حول أصل ولا الأضطظام ةل ا مر بعر ا ص ٠‏ 0 
ملاحظات أخيرة على الموالى فى الأتدلين ااا سس باس 
القصل العاشر : المجتمع الأندلسى - ()) المولدون والمستعريون 300000 مم 
إسبانيا فى النطاق الغريى قبل دخول العر ب - تس ب سس مس سمس سس س0 ع #وسه 
طبيعة نج ركة الامكذا3 العمل فى مسسسم سيت سسب تعس سس ع سس ل سس ياصع 
العرت وها الوه ل ص شي اعم 
التزاوج بين العرب وأهل اللا سس ات مس سس سس سس لس ل ساسم 
عجم الأندلس ديعي اح ممم ات اا ا ا و ع 


خطأ تسميتهم با مستعربين لظام مع مي ل بعت لي يط حش كامي ز بد سمي كال اوم 
المسالمة والمولدون ا ا ا ا 0 لله 





رأى بروفتسال قر «لمو انالك مابتيسويت شدي يم لم دجب 0 ال 


فهرس الموضوعات 
أراء فى أجتاس سكان الأتدلص .سس سس سس سس سس سم ل ل ل سي 
خطأ هذه الآراء والأحكام ‏ ل م 
هل كان العرب أرستقراطية مترفعة عن غيرها فى الأندلس ؟ - -. سس 
أهلاللعةا حا ا ا 
وضع الذميين فى المجتمع الأندلسى خلال هذه الفترة كه اي 
عهود المسلمين للتواحى ...سس .مسء.. يس سس سس ل سس م ء ساس 
تطوو لظ اللاستااة ل ا مت ع اماي 
المتلمون يدعو أهل الذّمة أخرار! -. مس سم م مب ل لل ايت سيت 
النصارى يتقاضون يقأتوتهم سح مس سس مت لمم لس متسس لاس ل سم لست 
الجماعات التصرانية تتظلم تقممها سسب سس سس سس سس .سس 
التشريع الإسلامى والقَاتون القوطى اب ا مم سس سس لس سس سس 
عمل ورطة ال ع ا ل ا كا 
اختلاف نظم القضاء 0 قن الغرفق عد حا ام يميد 
العرب جترمون نظم اليلدياات سم دس ...سمت تس مم ايلم مم سحت 
قوافتن الأنالين ندع حد ب حد واو مك ممما ترك بها وم مكمه 
العرب يتركون لأهل الذمة حرية اختيار رؤصائهم .سس سس مس مسا لد د 
الوظائف القوطية تدخل ف التظام العربى العام ...سس اس لس ا م 
قاطكئ العم ع + تدب جد جه عام جا يا شبد سم لقا دما اي دسه 


ضاضي فلدية بج مدي جد ب بمو هاشمم مدع م عقي 
الك ب حب بجي ع بي مد ديب ات سي ات 


ِ مستخرج الخراج ا [ [ |[ [ [ |[ 1111 1 1غ 
ضاضيي الفرظة مون . مسديهه يدي اديس وات 


الأمين السدله ١‏ لماش ع ا ا جا 154 وام معاد ار وي ر كوو + عا بس لمعته اش ا 5-00 
الزراع .- لس لأ م اع حي 
المسلمون والكنيسة ار 24 0 0 


34ت 





37 


كم 
اكضن 
يدوا 
74 
4 
6 
1 


لد م 14 


8 
0 
0# 
ا 


1 فهرس الموضوعات 


المسيحية فى إسبانيا القوطية ... ل لس ا لاسي 





رأى رايئهارت دوزى بل 0 22 ماي ل ملي لس لمم ل لمم ا لس ل او 
الخالة العامة بعد اتاد الكئيسة وَالْذَولَه سام سيف سب ميس سيا لاس لالم 
الخلافات الدينية والقتج الإسلامى ١‏ اس سس اد اب لاس ا ل لاس 
الإسلام يضع حداً للاضطهادات الدينية المسيحية فى الأندلس .2 0-2 #مبم 
أثر الإسلام فى نصرانية الأندلس .. ل ل سس لس ل ل رس 
المسلمون والكنيسة الإسبانية ... ..... اس لس ع ل ل ارس 
انتقال مركز المسيحية الأندلسية إلى قرطبة .. ل ل سل سي الس سوسس 
الكنيسة الأندلسية فى النطاق الشرقى 22220ب لدت 20 سوم 
الطقوس القوطية الكنسية .ب 2 . 00 سل لا اه سا ل ل سس 
البابوية والطقوس القوطية اسه سب لاسن سنا لس سي السسسم ا لت ع هسم 
وظائكف الكئسية ني ١‏ سس مب سسا اي الس ل ال سا سمل لل لم4 » 
المسلمون وأملاك الكئيسة ب .ات سن الات سس ان الس سا ال سس ع لهاس 
سياسة أمراء المسلمين تجاه أهل اللقة ميب ب 2 اس 0 ا سس سس 2 لهسم 
بيوت فيها مسلمون وتضارى ‏ ب .ا د ساس ساي 2 ص سس لس ال ل #4 
خلفاء عبد العزيز بن موسى وأهل الذمة .ا اسان سات ند دست اسداس هوم 
ثورة أكويلا واستسلاقة ب ات لان سد ا ساس ال سا لس سس لس مف 
نصارى الأندلس يحجون إلى بيت المقدس . ا ل سه لل سس ل 8ع 
عبد ال رحمن الغافقى وأهل الذمة با ناي ب انا سب لس ل يس سد 8ق 
موقف عبد الملك بن قطن من أهل اللمة ... .5 اباس ل سيد سسا زمغ 
المسلمون ونصارى قلمرية -..- .. لا ا الس سس سس ل عق 
عقبة بن الحجاج وأهل الذمة - 00000 ل لا سس الس ملاوع 


المطران ؛ يشيليا --. ع فس 0 يي 0 لامع 


فهرس الموضوعات 311 





التصارى يعمرون يعض اليلاد الخالية ...اميد 2020 امح 
ميلاد إمارات شيرب وأرغون وثيره .- 20200 6 
اليهود فى إسبائيا قبل الفح مسا امب سا ل ب ل د الا ل ال ل ولع 
اضطهاد القوط لليهود الاب 223 انما اب ام 
المسلمون واليهود ‏ ل الست الس اا عر عام مس السلا لل ل لس لس ##[و8 
تنظيم جماعات اليهود سن مالسا ل الع ل لي اس 9# 
حكومة الماعات اليهودية 2 . 0 ##لع 
الفصل الحادى عشر : الإدارة وامال ب 2.2 2-000 ال لاقع 
قلة المراجع عن شتئون الإدارة والمآل ناس ب 3 20 - لالس ه(ع 


التقسيم الإدارى لل لايم سس لاعس ا ل ا ل لاع 
كتاب الأتدلس وتقسيمه الإدارى . .2 . 1 . 5ع 
أصول التقسيم الإدارى الإسلامى فى الأندلس ١‏ 2 - ْ سا 
تقسيم دقلديانوس المعروف بقمة قسطنطين ‏ ... ا 
قسمة قسطنطين كما يعرضها البكرى - 1 د ْ لس اولع 
التقسيم الكنسى الإدارى مان ا 0 ل 8ع 
المدينة أساس للتقسيم الرومانى 000 ا ا 0 3 
القوط والتقسيم الرومانى . .... ...... لس سام 
اضمحلال المدن خلال العصر القوطى ل ل سق 


الكنيسة تحتفظ بالتقسيم الرومانى 2007 ا هطع 
الاتجاه العربى فى التقسيم الإذدارىق ...سس ا اشاننث. د . الع 
الأجناد ب اا ا ملسا ال لمم ِ ا 
المقدسى والتنظيم الإدارى للأندلس .20 : . ل لطاع 
نصوص جديدة 03 0 1 لل ممع 
ترجمة كاملة لجغرافية الرازى 2 ٠‏ ل سم ْ مقع 
تعليق منتقى من ١‏ فرحة الأنفس * لابن غالب .١ 2 ٠‏ . (4ع 


1 فهرس الموضوعات 





قطعة من جغرافية العذرى ...2 ا 0 


التقسيم إلى مدن وكور ا كرات الحم اك عي نس سم 

المدينة كقسم م ا 00 
ظهور مصطلح الكو يي اا 2 
التقسيات الفرعية : الإقليم ميس سي نو كم مام ا ل ا 


تُقَسِيم مخارى الأتهاز سس سس سمس ل ٠‏ 2 + سسسس ص سي سس مام 


الضياع د كسس ةنمازم ا م ا ا ا 


الفجفن ار اه اا ا اا 

انفصال العرب عن أهل البلاد أول الأفر سس سس سس ل سس ل سم 
اشتراك أهل البلاد فى اجكيوش :سس م سس سس سس سس سس مه 
اللقليق العا ا اف ا جع 
اللإذاوة المركوية ا ا ا ا ع ا 
نظام 110 0 
تفكير الخلافة فى إخلاء الأندلسس ل سس ل سس 
تنك يولاة الأندلين ب سسا 





211111111 1 


أسس النظام المالى فى الأندلس برواية محمد بن مزين سس سس سس م سس 


ر أى ابن حزم ساس ع ل عن ب ا م امو م ا ا ا 


وات ال ل اص اا ملا ل ا ف 0 
الخلافة بعتي الأيدلكن تقرا جد نس تع ماهم جمماتيتظه ترك ا سمه جك 


اعتبار أراضى الجنوب إقطاعات لمن استولوا عليها سس د ا 


فهرس الموضوعات 111 





بقية أرذ ض الأندلس أرض صلح ل ا ل 0 كلمع 
نزول العرب فى بعض نواحى الشمال ل سس ات الل 1.444 
التصرف فى أموال الجحباية 0 لس ا سس ل اك4مع 


ثروات العرب الأوّل فى الأندلس . . سس ل ل ل ل 449 
القبائل تملك إقطاعاتها ملكا جماعياً . ا سس الال ال ا ا#إوع 


يعض الوظائف العامة ... 2 ليب 2 نااداسد اش سمس سه امت سات هموع 
مسألة قضاة الأتدلس الأول لا بت ب الات مسي 2س اا لل جوع 
قاضى الجند وقافى الخجاعة - ا .2 لدم مسي سا سس د سسا مشا فوم 
عهد تولية القضاء لمهدى بن مسلم . 0 لمعم 
عنترة بن فلاح لس لمعا لس ممما لل لس لل سا م لال لم لل ا ال سس اه 6 
مهاجر بن نوفل القرشى 2 . ل ل لع لاس ا لا ل عه 
يحى بن يزيد التجيبى .20 ساي سا الل لا ع 4ه 
معاوية بن صالح الحضرمى . 00 ل لل لم ص ا الل لاه 1 ل امه 


اتجاه الأندلس نحو مذهب مالك ل ل ل لس اهعم 
نقطة البدء للالكية الأتدلسية .. . 002200 الممساس مم 00 اسمس هعم 
الفصل الثانى عشر : قيام الدولة الأموية . الل لل مه 
فرار عبد الرحمن إلى المغرب. .... .2 0. سسا لاسي ا سما 613 
المغرب ف فترة الانتقال من الأمويين إلى العباسيين ب امسا ل فدك 
عبد الر حمن بن معاوية ف المغربه ... . سا سسا شماه مسال لل ساس 6386م 
تفكير عبد الرحمن فى أمر الأتدلس 20 با اسم 2 اساسا ل الست 638 
وصول وفد موالى بنى أمية واليمنيين إلى عبد الرحمن ‏ . -- 2-2-2 - الكه 
دخول عبد الرحمن الأندلس . 2 سا سس سا للا ل سس الالاه© 
د صر عد لرحن يومف الور والصميل ل ل 0 سام 


موقعة المصارة ا ل ا لمم لس م سم مس مس م العا لل الس الس لس كي[ 6 
قيام الدولة الأموية الأندلسية ... الل م مي اعبرم 


10 فهرس الموضوعات 


مصير يوسف الفمهرى والصميل بن حاتم 0 0000 


نهاية عضر الو لاأة سسسب ..... حي عا سام م 


© المراجع ل ا ا 1 1 لا ال مو للطدية مخ ا ا 





ا مراجع عربية دز[ 1 1 1 1 111111111 
ا يي 


© الفهارس الْعلْمَيةٌ سخ سي سمي 2 سس يسم سمم مص مسي 
- فهرس الأماكن واليلذان واججيال ٠ت ١١.‏ سس سمس سم متسس 


7 فهرس التواريخ الميلادية موي وير و بعري ان لعو لان حم ١‏ له اهايا الو جردو سي الس يساما هوس ييحي يهم بدن يديد ...ل جيب بيني ةبه 


- فهر س العو ار بخ هجر لقا م سدسسه اده ل نايد حر مهو بو مس ا ا 
ع فهر س القبائل والطوائف والمذاهب أ ص ع ارات لالم ا ل با م 3 
د رس الك لكتب والمدونات التى ذكرت ف متن الكتاس و م ا 


© فهرس اللخوصاتت ‏ اش ل سئي 











حملة عنيسه بن سحمط. ال (7001ا) 


ع 


دصل سير ذوح مودق بن نصير 
فنوح عبد العزيز بن موسى 


الغزوات الاولى فى غاله (حوالى را ) 


11 
4 
0 
1 

ز 

2 
0 


حملة السمح بن مالكبف 


(6كا) 


لا جره © سنا لسن 
بره 
دجون م «أوتان 
شائون ه 


2 


ا ظ 0 - 3 


5 ا 2 





4 ام 


له 
اليد 





فتوح المغرب ال 


3 


ع 


والأند لس 


14171 1111 
012 
1415 فخ -. 41م 


عا صسروع؟ صستدم؟ مستاكك38 آه بصماكتط عط أن ولناك لم 
عطا أن عوك عط النا (آ.ة 711 مذاأععتتوصق طلوع4 
للخ 756 هأ 2020092) 01 عا معتصدظ 129720دنا 


ِ 58 
ك1 1105541 
كن 01 لإازواع اتنا عط ]2 #مكوع1ووط 


للخ 1[كذخ] .41 12414